الاستغفار بعد الصلاة ثلاث مرات: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ (1).
Astaghfirul-lah (three times) Allahumma antas-salam waminkas-salam, tabarakta ya thal-jalali wal-ikram. ‘I ask Allah for forgiveness.’ (three times) ‘O Allah, You are As-Salam and from You is all peace, blessed are You, O Possessor of majesty and honour.’ AS-Salam: The One Who is free from all defects and deficiencies.
(1) مسلم، 1/ 414، رقم 591.
شرح معنى الاستغفار بعد الصلاة ثلاث مرات أستغفر الله
1- قوله: «أستغفر اللَّه»: أي: أطلب من اللَّه المغفرة على التقصير في عبادته، وذلك لما يعرض للعبد في صلاته من الهواجس والشواغل، قال ابن رجب الحنبلي : «معناه: أطلبُ مغفرتَهُ، فهو كقولِهِ اللَهُمَّ اغفرْ لِي، فالاستغفارُ التامُ الموجبُ للمغفرةِ: هو ما قارنَ عدمَ الإصرارِ، كما مدحَ اللَّهُ أهلَهُ، ووعدَهُم المغفرةَ...فأفضلُ الاستغفارِ ما اقترَنَ به ترْكُ الإصرارِ، وهو حينئذٍ توبة نصوح، وإن قالَ بلسانِهِ: أستغفرُ اللَّهَ، وهو غيرُ مقلع بقلبِهِ، فهو داع للَّه بالمغفرةِ، كما يقولُ: اللَّهُمَّ اغفر لي، وهو حسن، وقد يُرجَى له الإجابةُ» (3) . 2- قوله: «اللهمّ»: أي: أدعو وأطلب من اللَّه ربي، وقال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله: «لا خلاف أن لفظة: (اللهمّ) معناها: يا اللَّه؛ ولهذا لا تستعمل إلا في الطلب» (4) . ويرى القاري : «أن المفعول مقدر: أي: أدعوك، فيكون ألطف سؤال إلى أشرف نوال» (5) . 3- قوله: «أنت السلام»: هو اسم من أسماء اللَّه الحسنى، ومعناه: السالم من صفات النقص، وأفعال النقص، وأسماء النقص، فهو السلام الحق بكل اعتبار. قال ابن القيم : وهو السلام على الحقيقة سالم من كل تمثيل ومن نقصان (6) 4- قوله: «ومنك السلام»: أي: مبدؤه منك، فكل سلام ورحمة فله ومنه، وهو مالكها، ومسديها، قال العلامة ابن عثيمين : «يعني منك السلامة، لولا اللَّه عز وجل ما سلمنا، ولا عملنا، ولا قمنا، ولا قاتلنا» (7) . 5- قوله: «تباركت»: أي: تعاليت، وتعاظمت، فهو الذي كمل في بركاته «تبارك اسمه، وتباركت أوصافه، وتباركت أفعاله، وتباركت ذاته» (8) ، وهذه اللفظة تبارك لا يوصف بها إلا رب العالمين. 6- قوله: «يا ذا الجلال والإكرام»: أي: المستحق أن يهاب لسلطانه فلا يجحد، ولا يكفر، بل: يجلُّ ويكرم من قبل عباده. ويدخل في معنى الإكرام أنه عز وجل مُكرم لأهل طاعته، وولايته، ويدخل في هذا المعنى إجلاله تعالى بقبول أعمالهم، ورفع درجاتهم في الآخرة، وقد جاء في الحديث: «ألِظُّوا بياذا الجلال والإكرام» (9) ، قال المناوي: «ومعنى ألظوا: أي الزموا هذه الدعوة، وأكثروا منها في دعائكم... فالمراد: دوموا على قولكم ذلك في دعائكم، واجعلوه هجيراً لكم؛ لئلا تركنوا، أو تطمئنوا لغيره، قال الزمخشري: ألظَّ، وألبَّ، وألجَّ أخوات في معنى اللزوم والدوام، ويقال: ألظ المطر بمكان كذا، أو أتتني ملظتك، أي: رسالتك التي ألححت فيها» (10) .
ما يستفاد من الحديث:
1- إظهار الافتقار إلى اللَّه، وأن العبد لم يقم بالصلاة على الوجه الذي يليق بعظمة من فرضها عليه من فوق سبع سموات ليلة المعراج. 2- الاستغفار يكون لجبر ما في الصلاة من خلل، أو تقصير. 3- مشروعية البدء بهذا الذكر بعد الانتهاء من السلام من الصلاة المفروضة. 4- يدخل في الاستغفار التقصير في الخشوع في الصلاة، وهذا أمر باطن، والتقصير في هيئة الصلاة، وهذا أمر ظاهر. 5- مشروعية ختم الأعمال العظيمة بالاستغفار كما قال عز وجل في آيات الحج: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾سورة البقرة، الآية: 199 . 6- قيل لأحد رواة هذا الحديث، وهو الإمام الأوزاعي : كيف الاستغفار؟ فقال يقول: أستغفر اللَّه، أستغفر اللَّه، أستغفر اللَّه، قال العلامة ابن عثيمين : «وكذلك حديث ثوبان، لكنه ذكر مقيد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا انصرف من صلاته قال: أستغفر الله يعني استغفر ثلاثا قال: أستغفر اللَّه، أستغفر اللَّه، أستغفر اللَّه، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام» (11) . 7- قال العلامة الحبر ابن عثيمين : والمناسبة في قول هذا الذكر بعد الصلاة ظاهرة، كأنك تقول: اللَّهم أنت السلام، فسلِّم لي صلاتي من الرد والنقصان؛ لأن الصلاة قد تقبل، وقد لا تقبل (12) . 8- يستحب في حق الإمام أن يبقى بعد السلام متجهًا إلى القبلة حتى ينتهي من هذا الذكر؛ لقول عائشة ل كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول... ثم ذكرت هذا الدعاء (13) . 9- الحكمة من الاستغفار، والذكر بعد الصلاة أن هذه أوقات إجابة، وشهود للملائكة هذه الصلوات، فحريٌّ بالعبد أن يحرص على ذلك. 10- قال القرطبي: وأما الإكرام، ففيه معنى الإنعام إلا أن الإكرام أخص من الإنعام؛ لأن الإنعام قد يكون على العاصي، أما الإكرام فهو لأحبابه؛ لذلك: يقال كرامات الأولياء (14) .
1
ثوبان بن بُجدد القرشي الهاشمي: مولى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، أصابه سباء، فاشتراه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأعتقه، فلزم النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يزل معه في الحضر والسفر، وحفظ عنه علمًا كثيرًا، وطال عمره، واشتهر ذكره، حتى عرف بثوبان النبوي، وبعد موت النبي صلى الله عليه وسلم نزل الرملة، ثم انتقل إلى حمص، وابتنى بها دارًا، ومات بها عام 54 هـ ، روى له الجماعة إلا البخاري. انظر: الاستيعاب، 1/286، أسد الغابة، 1/ 366 ترجمة رقم 623، والإصابة، 1/968
11
شرح رياض الصالحين، شرح الحديث رقم 1415، وهكذا ذكره بعض مخرجي الحديث وشراحه، انظر: تخريج أحاديث إحياء علوم الدين للزين العراقي، 2/ 818، وتبعه الزبيدي في إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين للزبيدي، 5/ 97، ذكروه بلفظ: «قال الوليد: فقلت للاوزعى كيف الاستغفار قال تقول: أستغفر اللَّه، أستغفر اللَّه، أستغفر اللَّه»
تم تأسيس موقع سورة قرآن كبادرة متواضعة بهدف خدمة الكتاب العزيز و السنة المطهرة و الاهتمام بطلاب العلم و تيسير العلوم الشرعية على منهاج الكتاب و السنة , وإننا سعيدون بدعمكم لنا و نقدّر حرصكم على استمرارنا و نسأل الله تعالى أن يتقبل منا و يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم .