زودك الله التقوى وغفر ذنبك ويسر لك الخير حيث ما كنت

حصن المسلم | دعاء المقيم للمسافر | زودك الله التقوى وغفر ذنبك ويسر لك الخير حيث ما كنت

زَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى، وَغَفَرَ ذَنْبَكَ، وَيَسَّرَ لَكَ الْخَيْرَ حَيْثُ مَا كُنْتَ (1).

Zawwadakal-lahut-taqwa, waghafara thanbak, wayassara lakal-khayra haythuma kunt.
‘May Allah endow you with taqwa, forgive your sins and facilitate all good for you, wherever you be.’ taqwa: a comprehensive term which refers to all good actions and obedience i.e. performing the commanded actions and avoiding the prohibited actions.


(1) الترمذي، برقم 3444، وانظر: صحيح الترمذي، 3/155 .

شرح معنى زودك الله التقوى وغفر ذنبك ويسر لك الخير حيث ما كنت

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

743- عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ سَفَرًا فَزَوِّدْنِي، قَالَ: «زَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى»، قَالَ: زِدْنِي، قَالَ: «وَغَفَرَ ذَنْبَكَ»، قَالَ زِدْنِي بِأَبي أَنْتَ وَأُمّي، قَالَ: «وَيَسَّرَ لَكَ الْخَيْرَ حَيْثُمَا كُنْتَ» (1).
744- ورواية ابن السني عَنْ عبد اللّه بن عمر، قَالَ: جَاءَ غُلَامٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنّي أُرِيدُ هَذَا الْوَجْهَ الْحَجَّ فَمَشَى مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «يَا غُلَامُ، زَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى، وَوَجَّهَكَ فِي الْخَيْرِ، وَكَفَاكَ الْمُهِمَّ»، فَلَمَّا رَجَعَ الْغُلَامُ سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: «يَا غُلَامُ، قَبِلَ اللَّهُ حَجَّكَ، وَغَفَرَ ذَنْبَكَ، وَأَخْلَفَ نَفَقَتَكَ» (2).

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «فزوِّدني»: أي: بالدعاء والوصية والنصيحة، قال الطيبي : «فزودني»: الزاد المدَّخر الزايد عما يحتاج إليه في الوقت، والتزود أخذ الزاد، قال تعالى: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ (3)، أقول [القائل الطيبي]: يحتمل أن الرجل طلب الزاد المتعارف، فأجابه صلوات اللَّه عليه بما أجاب على الأسلوب الحكيم، أي: زادُكَ أن تتّقيَ محارمَ اللَّه، وتتجنَّب معاصيه» (4)، قال ابن علان : «إني أريد سفراً فزوِّدني: يحتمل أن تكون عاطفة على مقدر: أي: فائذن لي، وزوّدني، كما تقدم من فعل عمر في استئذان النبي صلى الله عليه وسلم، ويحتمل تقدم الإذن له في ذلك، وإنما جاء لطلب الدعاء» (5).
2- قوله: «زودك اللَّه التقوى»: هذا دعاء في صورة الإخبار، وكذلك ما بعده، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : في التقوى: «التَّقْوَى: إذَا أُفْرِدَ دَخَلَ فِيهِ فِعْلُ كُلِّ مَأْمُورٍ بِهِ، وَتَرْكُ كُلِّ مَحْظُورٍ، قَالَ طَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ: التَّقْوَى: أَنْ تَعْمَلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ، عَلَى نُورٍ مِنَ اللَّهِ، تَرْجُو رَحْمَةَ اللَّهِ، وَأَنْ تَتْرُكَ مَعْصِيَةَ اللَّهِ، عَلَى نُورٍ مِنَ اللَّهِ، تَخَافَ عَذَابَ اللَّه» (6)، وقال أيضاً: «هِيَ الِاحْتِمَاءُ عَمَّا يَضُرُّهُ، بِفِعْلِ مَا يَنْفَعُهُ؛ فَإِنَّ الِاحْتِمَاءَ عَنِ الضَّارِّ يَسْتَلْزِمُ اسْتِعْمَالَ النَّافِعِ، وَأَمَّا اسْتِعْمَالُ النَّافِعِ فَقَدْ يَكُونُ مَعَهُ أَيْضًا اسْتِعْمَالٌ لِضَارِّ، فَلَا يَكُونُ صَاحِبُهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ، وَأَمَّا تَرْكُ اسْتِعْمَالِ الضَّارِّ وَالنَّافِعِ، فَهَذَا لَا يَكُونُ؛ فَإِنَّ الْعَبْدَ إذَا عَجَزَ عَنْ تَنَاوُلِ الْغِذَاءِ، كَانَ مُغْتَذِيًا بِمَا مَعَهُ مِنَ الْمَوَادِّ الَّتِي تَضُرُّهُ حَتَّى يَهْلَكَ؛ وَلِهَذَا كَانَتْ الْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى وَلِلْمُتَّقِينَ؛ لِأَنَّهُمْ الْمُحْتَمُونَ عَمَّا يَضُرُّهُمْ، فَعَاقِبَتُهُمْ الْإِسْلَامُ وَالْكَرَامَةُ، وَإِنْ وَجَدُوا أَلَمًا فِي الِابْتِدَاءِ لِتَنَاوُلِ الدَّوَاءِ، وَالِاحْتِمَاءِ كَفِعْلِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الْمَكْرُوهَةِ» (7)، وقال المناوي : «يا من جاءنا يريد سفراً ويلتمس أن نزوده» (8)، وقال ابن علان : «وإنما كانت كذلك؛ لأنها الزاد الذي يقطع به العقبة الكؤود، وينجي بها برحمة اللّه تعالى المرء في اليوم المشهود» (5)، وقال القاري : زودك الله التقوى، أي: الاستغناء عن المخلوق، أو امتثال الأوامر، واجتناب النواهي» (9).
3- قوله: «قال: زدني»: قال ابن علان : «لا يخفى ما بين زوِّدْني وزِدْني من الجناس: أي: من هذا الزاد» (5)، وقال القاري : «قال زدني: أي: من الزاد، أو من الدعاء، قال وغفر ذنبك» (9).
4- قوله: «بأبي أنت وأمي»: قال القاري : «أي: أفديك بهما، وأجعلهما فداءك، فضلاً عن غيرهما» (10).
5- قوله: «وغفر ذنبك»: قال الطيبي : «لما طلب الزيادة قيل: «وغفر ذنبك» فإن الزيادة إنما تكون من جنس المزيد عليه، وربما زعم الرجل أنه يتقي اللَّه، وفي الحقيقة لا تكون تقوى يترتب عليها المغفرة، فأشار بقوله: «وغفر ذنبك» أن يكون ذلك الاتقاء بحيث يترتب عليه المغفرة» (4)، وقال ابن علان «أي: ما أسلفته من المخالفة» (5).
6- قوله: «ويسّر لك الخير»: قال الطيبي : «ثم ترقى منه إلى قوله: «ويسر لك الخير» فإن التعريف في «الخير» للجنس، فيتناول خير الدنيا والآخرة» (4)، وقال القاري : «ويسر لك الخير: أي: سهّل لك خير الدارين» (9).
7- قوله: «حيثما كنت»: أي: في الحل والترحال، قال القاري : «حيثما كنت: أي: في أي مكان حللت، ومِن لازمه: في أي زمان نزلت» (9).

ما يستفاد من الحديث:

1- استحباب إعلام المسافر بسفره كبير القوم، وعالمهم، وكذلك صالحي المؤمنين، وطلب الدعاء، والنصح منهم.
2- أهم زاد يتزود به المسلم في الدنيا هو زاد التقوى، وهذا كقوله: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾ (3)؛ ولذلك بدأ بها النبي صلى الله عليه وسلم.
3- قال ابن مفلح : «وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي كِتَابِ بَهْجَةِ الْمَجَالِسِ: إذَا خَرَجَ أَحَدُكُمْ إلَى سَفَرٍ فَلْيُوَدِّعْ إخْوَانَهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ فِي دُعَائِهِمْ بَرَكَةً، قَالَ: وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: السُّنَّةُ إذَا قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ سَفَرٍ أَنْ يَأْتِيَهُ إخْوَانُهُ فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، وَإِذَا خَرَجَ إلَى سَفَرٍ أَنْ يَأْتِيَهُمْ فَيُوَدِّعُهُمْ، وَيَغْنَمُ دُعَاءَهُمْ» (11).
4- قال الشوكاني : «في الحديث دليل على مشروعية الدعاء للمسافر بهذه الدعوات جعل الله التقوى زادك وغفر ذنبك ووجه لك الخير حيثما توجهت» (12).
5- قال المناوي : «فيندب لكل من ودَّع مسافراً أن يقوله له، ويحصّل أصل السنة بقوله: «زوّدك اللَّه التقوى»، والأكمل الإتيان بما ذكر كله» (8).
6- قال العلامة ابن عثيمين ب: «يطلب الدعاء من الرجل الصالح من أجل أن ينتفع الرجل بهذا الدعاء، ولا يهمه هو أن ينتفع، لكن يحب من هذا الرجل الذي طلب منه الدعاء، أن يلجأ إلى اللَّه، وأن يسأل اللَّه عز وجل، وأن يعلق قلبه باللَّه، وأن يعلم أن اللَّه سبحانه وتعالى سميع الدعاء، المهم أن يكون قصده مصلحة هذا الرجل؛ فهذا لا بأس به أيضاً؛ لأنك لم تسأله لمحض نفعك، ولكن لنفعه هو، فأنت تريد أن يزداد هذا الرجل الصالح خيراً بدعاء اللَّه عز وجل، وأن يتقرب إلى اللَّه بالدعاء، وأن يحصل على الأجر والثواب» (13).
7- وقال ابن عثيمين : أيضاً: «يطلب الدعاء من الغير لمصلحة نفسه هو؛ فهذا أجازه بعض العلماء، وقال: لا بأس أن تطلب من الرجل الصالح أن يدعو لك؛ لكن شيخ الإسلام ابن تيمية : قال: لا ينبغي إذا كان قصدك مصلحة نفسك فقط؛ لأن هذا قد يدخل في المسألة المذمومة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بايع أصحابه ألاَّ يسألوا الناس شيئاً، وكذلك لأنه ربما يعتمد هذا السائل الذي سأل غيره أن يدعو له ربما يعتمد على دعاء هذا الغير، وينسى أن يدعو هو لنفسه، فيقول: أنا قلت لفلان، وهو رجل صالح: ادْعُ الله لي، وإذا استجاب اللَّه هذا الدعاء، فهو كاف، فيعتمد على غيره، وكذلك لأنه ربما يلحق المسؤول غرور في نفسه، وأنه رجل صالح يطمع الناس إلى دعائه، فيحصل في هذا شر على المسؤول، وعلى كل حال، فإن هذا القسم الثالث مختلف فيه، فمن العلماء من قال: لا بأس أن تقول للرجل الصالح: يا فلان ادع اللِّه لي، ومنهم من قال: لا ينبغي، والأحسن ألا تقول ذلك؛ لأنه ربما يمنّ عليك بهذا، وربما تذلّ أمامه بسؤالك، ثم إنه من الذي يحول بينك وبين ربك؟ ادع اللَّه بنفسك، لا أحد يحول بينك وبين اللَّه، لماذا تذهب تفتقر إلى غيرك، وتقول: ادع اللَّه لي، وأنت ليس بينك وبين ربك واسطة ؟» (13).

1 الترمذي، برقم 3444، وابن خزيمة، وحسنه الضياء المقدسي، 4/ 421، والألباني في صحيح الترمذي، 3/155، وصحيح الجامع، برقم 3579
2 عمل اليوم والليلة لابن السني، ص 454، والمعجم الكبير للطبراني، 12/ 292، برقم 13151، وحسنه الشيخ سليم الهلالي صاحب عجالة الراغب المتمني في تخريج كتاب عمل اليوم والليلة لابن السني، 2/ 581
3 سورة البقرة، الآية: 197.
4 شرح المشكاة للطيبي: الكاشف عن حقائق السنن، 6/ 1902.
5 دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين، 5/ 231.
6 مجموع الفتاوى، لابن تيمية، 7/ 163.
7 مجموع الفتاوى، لابن تيمية، 10/ 144.
8 فيض القدير، 4/ 88.
9 مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، 8/ 327.
10 مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، 8/ 327
11 الآداب الشرعية لابن مفلح، 1/ 450.
12 تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين للشوكاني، ص 229.
13 شرح رياض الصالحين، ص 717.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, August 28, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب