تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 245 من سورة البقرة - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۚ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾
[ سورة البقرة: 245]

معنى و تفسير الآية 245 من سورة البقرة : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا


ولما كان القتال فى سبيل الله لا يتم إلا بالنفقة وبذل الأموال في ذلك، أمر تعالى بالإنفاق في سبيله ورغب فيه، وسماه قرضا فقال: { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا } فينفق ما تيسر من أمواله في طرق الخيرات، خصوصا في الجهاد، والحسن هو الحلال المقصود به وجه الله تعالى، { فيضاعفه له أضعافا كثيرة } الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبع مائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، بحسب حالة المنفق، ونيته ونفع نفقته والحاجة إليها، ولما كان الإنسان ربما توهم أنه إذا أنفق افتقر دفع تعالى هذا الوهم بقوله: { والله يقبض ويبسط }- أي: يوسع الرزق على من يشاء ويقبضه عمن يشاء، فالتصرف كله بيديه ومدار الأمور راجع إليه، فالإمساك لا يبسط الرزق، والإنفاق لا يقبضه، ومع ذلك فالإنفاق غير ضائع على أهله، بل لهم يوم يجدون ما قدموه كاملا موفرا مضاعفا، فلهذا قال: { وإليه ترجعون } فيجازيكم بأعمالكم.
ففي هذه الآيات دليل على أن الأسباب لا تنفع مع القضاء والقدر، وخصوصا الأسباب التي تترك بها أوامر الله.
وفيها: الآية العظيمة بإحياء الموتى أعيانا في هذه الدار.
وفيها: الأمر بالقتال والنفقة في سبيل الله، وذكر الأسباب الداعية لذلك الحاثة عليه، من تسميته قرضا، ومضاعفته، وأن الله يقبض ويبسط وإليه ترجعون.

تفسير البغوي : مضمون الآية 245 من سورة البقرة


قوله تعالى : ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا ) القرض اسم لكل ما يعطيه الإنسان ليجازى عليه فسمى الله تعالى عمل المؤمنين له على رجاء ما وعدهم من الثواب قرضا لأنهم يعملونه لطلب ثوابه قال الكسائي : القرض ما أسلفت من عمل صالح أو سيئ وأصل القرض في اللغة القطع سمي به القرض لأنه يقطع من ماله شيئا يعطيه ليرجع إليه مثله وقيل في الآية اختصار مجازه : من ذا الذي يقرض عباد الله والمحتاجين من خلقه كقوله تعالى : " إن الذين يؤذون الله ورسوله " ( 57 - الأحزاب ) أي يؤذون عباد الله كما جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله تعالى يقول يوم القيامة : يابن آدم استطعمتك فلم تطعمني قال : يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال : استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي " .
قوله تعالى : ( يقرض الله ) أي ينفق في طاعة الله ( قرضا حسنا ) قال الحسين بن علي الواقدي : يعني محتسبا طيبة بها نفسه وقال ابن المبارك : من مال حلال وقيل لا يمن به ولا يؤذي ( فيضاعفه له ) قرأ ابن كثير وأبو جعفر وابن عامر ويعقوب " فيضعفه " وبابه بالتشديد ووافق أبو عمرو في سورة الأحزاب وقرأ الآخرون " فيضاعفه " بالألف مخففا وهما لغتان ودليل التشديد قوله ( أضعافا كثيرة ) لأن التشديد للتكثير وقرأ ابن عامر وعاصم ويعقوب بنصب الفاء وكذلك في سورة الحديد على جواب الاستفهام وقيل بإضمار أن وقرأ الآخرون برفع الفاء نسقا على قوله : يقرض ( أضعافا كثيرة ) قال السدي هذا التضعيف لا يعلمه إلا الله عز وجل وقيل سبعمائة ضعف ( والله يقبض ويبسط ) قرأ أهل البصرة وحمزة يبسط هاهنا وفي الأعراف بسطة بالسين كنظائرهما وقرأهما الآخرون بالصاد قيل يقبض بإمساك الرزق والنفس والتقتير ويبسط بالتوسيع وقيل يقبض بقبول التوبة والصدقة ويبسط بالخلف والثواب وقيل هو الإحياء والإماتة فمن أماته فقد قبضه ومن مد له في عمره فقد بسط له وقيل هذا في القلوب لما أمرهم الله تعالى بالصدقة أخبر أنهم لا يمكنهم ذلك إلا بتوفيقه قال : يقبض بعض القلوب فلا ينشط بخير ويبسط بعضها فيقدم لنفسه خيرا كما جاء في الحديث " القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها الله كيف يشاء " الحديث .
( وإليه ترجعون ) أي إلى الله تعودون فيجزيكم بأعمالكم وقال قتادة : الهاء راجعة إلى التراب كناية عن غير مذكور أي من التراب خلقهم وإليه يعودون .

التفسير الوسيط : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا


ثم أمر الله-تبارك وتعالى- عباده بأن ينفقوا أموالهم في الأعمال الصالحة التي من أعظمها الجهاد في سبيله فقال-تبارك وتعالى-: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً.
قال القرطبي: «القرض: اسم لكل ما يلتمس عليه الجزاء.
وأقرض فلان فلانا أى أعطاه ما يتجازاه.
واستقرضت من فلان أى طلبت منه القرض فأقرضنى.
واقترضت منه أى أخذت القرض.
وأصل الكلمة القطع ومنه المقراض.
وأقرضته أى قطعت له من مالي قطعة يجازى عليها ...
ثم قال: والتعبير بالقرض في هذه الآية إنما هو تأنيس وتقريب للناس بما يفهمونه، والله هو الغنى الحميد، لكنه-تبارك وتعالى- شبه عطاء المؤمن في الدنيا بما يرجو به ثوابه في الآخرة بالقرض كما شبه إعطاء النفوس والأموال في أخذ الجنة بالبيع والشراء..
».
والمعنى: من هذا المؤمن القوى الإيمان الذي يقدم ماله في الجهاد من أجل إعلاء كلمة الله، وفي غير ذلك من وجوه الخير كمعاونة المحتاجين، وسد حاجة البائسين، ومساعدة الأمة الإسلامية بما يفيدها ويعلى من شأنها، فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً أى: فيرد الله-تبارك وتعالى- إلى هذا الباذل المعطى المقرض بدل ما أعطى وبذل وأقرض أمثالا كثيرة لا يعلم مقدارها إلا الله أكرم الأكرمين.
إذ المضاعفة معناها إعطاء الشخص أضعاف أى أمثال ما أعطى وبذل.
والاستفهام في قوله: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ.. للحض على البذل والعطاء، وللتهييج على الاتصاف بالصفات الكريمة، حتى لكأن المستفهم لا يدرى من هو الأهل لهذه الصفات ويريد أن يعرف من هو أهل لها.
ومَنْ اسم استفهام مبتدأ، وذَا اسم إشارة خبره، والذي وصلته صفة لاسم الإشارة أو بدل منه.
وقوله: قَرْضاً حَسَناً حث للناس على إخلاص النية، وتحرى الحلال فيما ينفقون، لأن الإنسان إذا تصدق بمال حرام، أو قصد بنفقته الرياء أو المباهاة لا يكون عمله متقبلا عند الله، وإنما يتقبل الله العمل ويضاعفه لمن قصد به وجهه، وكان المتصدق به مالا حلالا خالصا من الشبهات.
فالله-تبارك وتعالى- طيب لا يقبل إلا ما كان طيبا.
ثم ختم- سبحانه - الآية بقوله: وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.
القبض: ضد البسط.
يقال: قبضه بيده يقبضه أى تناوله.
وقبض عليه بيده أى أمسكه.
ويقال لإمساك اليد عن البذل قبض ومن ذلك قوله-تبارك وتعالى-: وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ أى يمتنعون عن الإنفاق.
والبسط معناه المد والتوسعة.
يقال بسط يده أى: مدها.
وبسط المكان القوم.
وسعهم.
والمعنى: والله-تبارك وتعالى- بيده الإعطاء والمنع فهو يسلب تارة ويعطى أخرى، أو يسلب قوما ويعطى آخرين، أو يضيق على بعض ويوسع على بعض حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكمة والمصلحة، وما دام الأمر كذلك فلا تبخلوا بما وسع عليكم كيلا تتبدل أحوالكم من الغنى إلى الفقر، ومن السعة إلى الضيق.
وأنتم جميعا سترجعون إليه وحده، وسيجازى- سبحانه - الأسخياء بما يستحقون من كريم الثواب والبخلاء بما هم أهله من شديد العقاب.
فأنت ترى أن في هذه الآية الكريمة ألوان من الحض على الإنفاق في وجوه الخير ومن ذلك التعبير بالاستفهام، لأنه للتنبيه وبعث النفوس إلى التدبر والاستجابة.
ومن ذلك- أيضا- التعبير بقوله: مَنْ ذَا الَّذِي.. فقد جمع هذا التعبير بين اسم الإشارة والاسم الموصول في الاستفهام، ولا يستفهم بتلك الطريقة إلا إذا كان المقام ذا شأن وخطر، وكان المخاطب لعظم قدره من شأنه أن يشار إليه وأن يتحدث عنه ومن ذلك تسميته ما يبذل الباذل قرضا، ولمن هذا القرض إنه لله الذي بيده خزائن السموات والأرض والذي سيرد للباذل أضعاف ما بذل، فكأنه- سبحانه - يقول لنا: إن ما تدفعونه لن يضيع عليكم بل هو قرض منكم لي، وسأرده لكم بأضعاف ما دفعتم وأعطيتم.
ومن ذلك إخفاء مرات المضاعفة ووصفها بالكثرة في قوله: فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً أى لا يعلم مقدارها إلا الله.
ومن ذلك التعبير بقوله وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ لأنه مادام العطاء والمنع من الله فلماذا يبخل البخلاء ويقتر المقترون؟ إن على الغنى أن يستشعر نعمة الله عليه وأن يتحدث بها بدون رياء وأن ينفق منها في وجوه الخير حتى يزيده الله من فضله، وإلا ففي قدرة الله أن يسليها منه، ويحاسبه على بخله حسابا عسيرا.
هذه بعض وجوه المبالغة التي اشتملت عليها الآية لحض الناس على الإنفاق في الجهاد وفي وجوه الخير، ولقد استجاب السلف الصالح لهذه التوجيهات، وحكى لنا التاريخ أمثلة كريمة من سخائهم وبذلهم.
ومن خير الأمثلة على ذلك ما جاء عن عبد الله بن مسعود قال: لما نزلت: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً قال أبو الدحداح: يا رسول الله أو إن الله-تبارك وتعالى- يريد منا القرض؟ «قال نعم يا أبا الدحداح» قال أرنى يدك.
فناوله النبي صلّى الله عليه وسلّم يده.
فقال أبو الدحداح: فإنى أقرضت الله-تبارك وتعالى- حائطا فيه ستمائة نخلة.
ثم جاء يمشى حتى أتى الحائط وأم الدحداح فيه وعياله، فناداها: يا أم الدحداح، قالت: لبيك قال: أخرجى قد أقرضت ربي حائطا فيه ستمائة نخلة» .
وفي رواية لزيد بن اسلم أن أبا الدحداح قال للنبي صلّى الله عليه وسلّم إن لي حديقتين إحداهما بالسافلة والأخرى بالعالية والله لا أملك غيرهما قد جعلتهما قرضا لله-تبارك وتعالى- فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «اجعل إحداهما والأخرى دعها معيشة لك ولعيالك» قال: فأشهدك يا رسول أنى قد جعلت خيرهما لله وهو حائط فيه ستمائة نخلة.
قال: «إذا يجزيك الله به الجنة، ثم انطلق أبو الدحداح إلى زوجته وهي مع صبيانها في الحديقة تدور تحت النخل فأخبرها بما فعل.
فأقبلت على صبيانها تخرج ما في أفواههم وتنفض ما في أكمامهم حتى أفضت إلى الحائط الآخر
» .
وبهذا نرى السلف الصالح قد امتثل ما أمره الله به من إنفاق في سبيله ومن جهاد لإعلاء كلمته فهل آن الأوان للمسلمين أن ينهجوا نهجهم لكي يسعدوا كما سعدوا، وينالوا أشرف حياة وأعزها؟ اللهم خذ بيدنا إلى ما يرضيك.

تفسير ابن كثير : شرح الآية 245 من سورة البقرة


وقوله : { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة } يحث تعالى عباده على الإنفاق في سبيله ، وقد كرر تعالى هذه الآية في كتابه العزيز في غير موضع . وفي حديث النزول [ أنه يقول تعالى ] " من يقرض غير عديم ولا ظلوم " وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا خلف بن خليفة عن حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن عبد الله بن مسعود قال :
لما نزلت : { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له } قال أبو الدحداح الأنصاري : يا رسول الله وإن الله ليريد منا القرض ؟ قال : " نعم يا أبا الدحداح " قال : أرني يدك يا رسول الله . قال : فناوله يده قال : فإني قد أقرضت ربي حائطي . قال : وحائط له فيه ستمائة نخلة وأم الدحداح فيه وعيالها . قال : فجاء أبو الدحداح فناداها : يا أم الدحداح . قالت : لبيك قال : اخرجي فقد أقرضته ربي عز وجل . وقد رواه ابن مردويه من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر مرفوعا بنحوه .
وقوله : { قرضا حسنا } روي عن عمر وغيره من السلف : هو النفقة في سبيل الله . وقيل : هو النفقة على العيال .
وقيل : هو التسبيح والتقديس وقوله : { فيضاعفه له أضعافا كثيرة } كما قال : { مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة } الآية [ البقرة : 261 ] . وسيأتي الكلام عليها .
وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد أخبرنا مبارك بن فضالة عن علي بن زيد عن أبي عثمان النهدي ، قال : أتيت أبا هريرة فقلت له : إنه بلغني أنك تقول : إن الحسنة تضاعف ألف ألف حسنة . فقال : وما أعجبك من ذلك ؟ لقد سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله يضاعف الحسنة ألفي ألف حسنة " .
هذا حديث غريب ، وعلي بن زيد بن جدعان عنده مناكير ، لكن رواه ابن أبي حاتم من وجه آخر فقال :
حدثنا أبو خلاد سليمان بن خلاد المؤدب ، حدثنا يونس بن محمد المؤدب ، حدثنا محمد بن عقبة الرباعي عن زياد الجصاص عن أبي عثمان النهدي ، قال : لم يكن أحد أكثر مجالسة لأبي هريرة مني فقدم قبلي حاجا قال : وقدمت بعده فإذا أهل البصرة يأثرون عنه أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله يضاعف الحسنة ألف ألف حسنة " فقلت : ويحكم ، والله ما كان أحد أكثر مجالسة لأبي هريرة مني ، فما سمعت هذا الحديث . قال : فتحملت أريد أن ألحقه فوجدته قد انطلق حاجا فانطلقت إلى الحج أن ألقاه في هذا الحديث ، فلقيته لهذا فقلت : يا أبا هريرة ما حديث سمعت أهل البصرة يأثرون عنك ؟ قال : ما هو ؟ قلت : زعموا أنك تقول : " إن الله يضاعف الحسنة ألف ألف حسنة " . قال : يا أبا عثمان وما تعجب من ذا والله يقول : { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة } ويقول : { فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل } [ التوبة : 38 ] والذي نفسي بيده لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله يضاعف الحسنة ألفي ألف حسنة " .
وفي معنى هذا الحديث ما رواه الترمذي وغيره من طريق عمرو بن دينار عن سالم عن عبد الله بن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من دخل سوقا من الأسواق فقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة " الحديث .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن بسام حدثنا أبو إسماعيل المؤدب ، عن عيسى بن المسيب عن نافع عن ابن عمر قال : لما نزلت { مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل } [ البقرة : 261 ] إلى آخرها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رب زد أمتي " فنزلت : { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة } قال : رب زد أمتي . فنزل : { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب } [ الزمر : 10 ] . .
وروى ابن أبي حاتم أيضا عن كعب الأحبار : أنه جاءه رجل فقال : إني سمعت رجلا يقول : من قرأ : { قل هو الله أحد } [ الإخلاص : 1 ] مرة واحدة بنى الله له عشرة آلاف ألف غرفة من در وياقوت في الجنة أفأصدق بذلك ؟ قال : نعم ، أوعجبت من ذلك ؟ قال : نعم وعشرين ألف ألف وثلاثين ألف ألف وما يحصي ذلك إلا الله ثم قرأ { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة } فالكثير من الله لا يحصى .
وقوله : { والله يقبض ويبسط } أي: أنفقوا ولا تبالوا فالله هو الرزاق يضيق على من يشاء من عباده في الرزق ويوسعه على آخرين ، له الحكمة البالغة في ذلك { وإليه ترجعون } أي: يوم القيامة .

تفسير الطبري : معنى الآية 245 من سورة البقرة


القول في تأويل قوله : مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةًقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: من هذا الذي ينفق في سبيل الله, فيعين مضعفا، ( 222 ) أو يقوي ذا فاقة أراد الجهاد في سبيل الله, ويعطي منهم مقترا؟ وذلك هو القرض الحسن الذي يقرض العبد ربه.
وإنما سماه الله تعالى ذكره " قرضا ", لأن معنى " القرض " إعطاء الرجل غيره ماله مملكا له، ليقضيه مثله إذا اقتضاه.
فلما كان إعطاء من أعطى أهل الحاجة والفاقة في سبيل الله، إنما يعطيهم ما يعطيهم من ذلك ابتغاء ما وعده الله عليه من جزيل الثواب عنده يوم القيامة, سماه " قرضا ", إذ كان معنى " القرض " في لغة العرب ما وصفنا.
وإنما جعله تعالى ذكره " حسنا ", لأن المعطي يعطي ذلك عن ندب الله إياه وحثه له عليه، احتسابا منه.
فهو لله طاعة، وللشياطين معصية.
( 223 ) وليس ذلك لحاجة بالله إلى أحد من خلقه, ولكن ذلك كقول العرب: " عندي لك قرض صدق، وقرض سوء "، للأمر يأتي فيه للرجل مسرته أو مساءته, ( 224 ) كما قال الشاعر: ( 225 )كل امرئ سوف يجزى قرضه حسناأو سيئا, ومدينا بالذي دانا ( 226 )* * *فقرض المرء: ما سلف من صالح عمله أو سيئه.
وهذه الآية نظيرة الآية التي قال الله فيها تعالى ذكره: ( 227 ) مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [ سورة البقرة: 261 ].
* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك كان ابن زيد يقول:5617- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا "، قال : هذا في سبيل الله=" فيضاعفه له أضعافا كثيرة "، قال: بالواحد سبعمئة ضعف.
5618- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر , عن زيد بن أسلم قال: لما نزلت: " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة "، جاء ابن الدحداح إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله, ألا أرى ربنا يستقرضنا؟ مما أعطانا لأنفسنا! وإن لي أرضين: إحداهما بالعالية, والأخرى بالسافلة, وإني قد جعلت خيرهما صدقة! قال: فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " كم من عذق مذلل لابن الدحداح في الجنة " ! ( 228 ) .
5619- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: أن رجلا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع بهذه الآية قال: " أنا أقرض الله "، فعمد إلى خير حائط له فتصدق به.
قال، وقال قتادة: يستقرضكم ربكم كما تسمعون، وهو الولي الحميد ويستقرض عباده.
( 229 )5620- حدثنا محمد بن معاوية الأنماطي النيسابوري قال، حدثنا خلف بن خليفة, عن حميد الأعرج, عن عبد الله بن الحارث, عن عبد الله بن مسعود قال: لما نزلت: " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا "، قال أبو الدحداح: يا رسول الله, أو إن الله يريد منا القرض؟! قال: نعم يا أبا الدحداح! قال: يدك! قال: ( 230 ) .
فناوله يده، قال: فإني قد أقرضت ربي حائطي، حائطا فيه ستمئة نخلة.
ثم جاء يمشي حتى أتى الحائط وأم الدحداح فيه في عيالها, فناداها: يا أم الدحداح! قالت: لبيك ! قال: اخرجي! قد أقرضت ربي حائطا فيه ستمئة نخلة.
( 231 )* * *وأما قوله: " فيضاعفه له أضعافا كثيرة "، فإنه عدة من الله تعالى ذكره مقرضه ومنفق ماله في سبيل الله من إضعاف الجزاء له على قرضه ونفقته، ما لا حد له ولا نهاية، كما: -5621- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة "، قال: هذا التضعيف لا يعلم أحد ما هو.
وقد: -5622- وقد حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك, عن ابن عيينة, عن صاحب له يذكر عن بعض العلماء قال: إن الله أعطاكم الدنيا قرضا، وسألكموها قرضا, فإن أعطيتموها طيبة بها أنفسكم، ضاعف لكم ما بين الحسنة إلى العشر إلى السبعمئة، إلى أكثر من ذلك.
وإن أخذها منكم وأنتم كارهون، فصبرتم وأحسنتم، كانت لكم الصلاة والرحمة، وأوجب لكم الهدى.
( 232 )* * *قال أبو جعفر: وقد اختلفت القرأة في قراءة قوله: ( فيضاعفه ) بالألف ورفعه، بمعنى: الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له= نسق " يضاعف " على قوله: " يقرض ".
* * *وقرأه آخرون بذلك المعنى: ( فيضعفه ), غير أنهم قرءوا بتشديد " العين " وإسقاط" الألف ".
* * *وقرأه آخرون: ( فيضاعفه له ) بإثبات " الألف " في" يضاعف " ونصبه، بمعنى الاستفهام.
فكأنهم تأولوا الكلام: من المقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له؟ فجعلوا قوله: " فيضاعفه " جوابا للاستفهام, وجعلوا: " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا " اسما.
لأن " الذي " وصلته، بمنزلة " عمرو " و " زيد ".
فكأنهم وجهوا تأويل الكلام إلى قول القائل: " من أخوك فتكرمه "، لأن الأفصح في جواب الاستفهام بالفاء= إذا لم يكن قبله ما يعطف به عليه من فعل مستقبل= نصبه.
* * *قال أبو جعفر: وأولى هذه القراءات عندنا بالصواب، قراءة من قرأ: ( فيضاعفه له ) بإثبات " الألف ".
ورفع " يضاعف ".
لأن في قوله: " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا " معنى الجزاء .
والجزاء إذا دخل في جوابه " الفاء "، لم يكن جوابه ب " الفاء " لا رفعا.
فلذلك كان الرفع في" يضاعفه " أولى بالصواب عندنا من النصب.
وإنما اخترنا " الألف " في" يضاعف " من حذفها وتشديد " العين ", لأن ذلك أفصح اللغتين وأكثرهما على ألسنة العرب.
* * *القول في تأويل قوله : وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: أنه الذي بيده قبض أرزاق العباد وبسطها، دون غيره ممن ادعى أهل الشرك به أنهم آلهة، واتخذوه ربا دونه يعبدونه.
وذلك نظير الخبر الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي: -5623- حدثنا به محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا حدثنا حجاج= وحدثني عبد الملك بن محمد الرقاشي قال، حدثنا حجاج وأبو ربيعة قالا= حدثنا حماد بن سلمة, عن ثابت وحميد وقتادة, عن أنس قال: غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فقالوا: يا رسول الله، غلا السعر فأسعر لنا! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله الباسط القابض الرازق, وإني لأرجو أن ألقى الله ليس أحد يطلبني بمظلمة في نفس ومال ".
( 233 ) .
* * *قال أبو جعفر: يعني بذلك صلى الله عليه وسلم: أن الغلاء والرخص والسعة والضيق بيد الله دون غيره.
فكذلك قوله تعالى ذكره:،" والله يقبض ويبسط "، يعني بقوله: " يقبض "، يقتر بقبضه الرزق عمن يشاء من خلقه= ويعني بقوله: و " يبسط " يوسع ببسطة الرزق على من يشاء منهم.
وإنما أراد تعالى ذكره بقيله ذلك، حث عباده المؤمنين- الذين قد بسط عليهم من فضله, فوسع عليهم من رزقه- على تقوية ذوي الإقتار منهم بماله, ومعونته بالإنفاق عليه وحمولته على النهوض لقتال عدوه من المشركين في سبيله, ( 234 ) فقال تعالى ذكره: من يقدم لنفسه ذخرا عندي بإعطائه ضعفاء المؤمنين وأهل الحاجة منهم ما يستعين به على القتال في سبيلي, فأضاعف له من ثوابي أضعافا كثيرة مما أعطاه وقواه به؟ فإني -أيها الموسع- ( 235 ) الذي قبضت الرزق عمن ندبتك إلى معونته وإعطائه, لأبتليه بالصبر على ما ابتليته به= والذي بسطت عليك لأمتحنك بعملك فيما بسطت عليك, فأنظر كيف طاعتك إياي فيه, فأجازي كل واحد منكما على قدر طاعتكما لي فيما ابتليتكما فيه وامتحنتكما به، من غنى وفاقة، وسعة وضيق, عند رجوعكما إلي في آخرتكما، ومصيركما إلي في معادكما.
* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال من بلغنا قوله من أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:5624- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا الآية، قال: علم أن فيمن يقاتل في سبيله من لا يجد قوة , وفيمن لا يقاتل في سبيله من يجد غنى, فندب هؤلاء فقال: " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط "؟ قال: بسط عليك وأنت ثقيل عن الخروج لا تريده, ( 236 ) وقبض عن هذا وهو يطيب نفسا بالخروج ويخف له, فقوه مما في يدك، يكن لك في ذلك حظ.
* * *القول في تأويل قوله : وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ( 245 )قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: وإلى الله معادكم، أيها الناس, فاتقوا الله في أنفسكم أن تضيعوا فرائضه وتتعدوا حدوده, وأن يعمل من بسط عليه منكم من رزقه بغير ما أذن له بالعمل فيه ربه, وأن يحمل المقتر منكم- إذ قبض عن رزقه- إقتاره على معصيته, والتقدم على ما نهاه، ( 237 ) فيستوجب بذلك عند مصيره إلى خالقه، ما لا قبل له به من أليم عقابه.
( 238 )* * *وكان قتادة يتأول قوله: " وإليه ترجعون "، وإلى التراب ترجعون.
( 239 )5625- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: " وإليه ترجعون "، من التراب خلقهم, وإلى التراب يعودون.
( 240 )* * *
الهوامش :( 222 ) أضعف الرجل فهو مضعف : ضعفت دابته ، يعينه بإبداله دابة غيرها .
( 223 ) في المطبوعة : " وللشياطين معصية " ، وفي المخطوطة : " وللسلطان " ، وهو سهو من الناسخ .
( 224 ) في المطبوعة" يأتي فيه الرجل . . .
"
، وفي المخطوطة : " يأتي فيه الرجل " غير منقوطة ، ونقل أبو حيان في تفسيره 2 : 248 هذا القول عن الأخفش ، ونصه : " لأمر تأتي مسرته أو مساءته " ، ولكني استظهرت قراءتها كما أثبت ، فجميع ما مضى تحريف .
( 225 ) هو أمية بن أبي الصلت .
( 226 ) ديوانه : 63 ، واللسان ( قرض ) ، وروايته" أو مدينا مثل ما دنا " ، وفي الديوان : " كالذي دانا " .
( 227 ) في المطبوعة : " قال الله فيها تعالى ذكره " ، وأثبت ما في المخطوطة .
( 228 ) الحديث : 5618 - هذا حديث مرسل ، فهو ضعيف الإسناد ، لأن زيد بن أسلم تابعي ، ولم يذكر من حدثه به من الصحابة .
والحديث ثابت في تفسير عبد الرزاق ، ص : 31 ( مخطوط مصور ) ، عن معمر ، به .
وهو عند السيوطي 1 : 312 ، ولم ينسبه لغير عبد الرزاق والطبري .
وقد ذكر ابن كثير 1 : 594 أن ابن مردويه روى نحو الحديث الآتي : 5620" من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر ، مرفوعا بنحوه " .
وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ضعيف جدا ، كما بينا في : 185 فلا قيمة لهذا الرواية .
وسيأتي عقب هذا حديث آخر مرسل بمعناه ، ثم : 5620 ، من حديث ابن مسعود .
ونرجئ بيان أصل القصة حتى نتحدث عنها هناك .
قوله" ابن الدحداح " و" لابن الدحاح " : هذا هو الثابت في تفسير عبد الرزاق ، وهو الذي أثبتناه هنا .
وفي المخطوطة -فيهما-" الدحداحة " .
وفي المطبعة" أبو الدحداح " ، و" لأبي الدحداح " .
وما في تفسير عبد الرزاق أرجح ، لأنه الأصل الذي روى عنه الطبري .
قوله : " إنما أعطانا لأنفسنا " : هو الثابت عند عبد الرزاق ، وهو أجود .
وكان في المطبوعة" مما " بدل" إنما " .
" العذق " ( بفتح فسكون ) : النخلة .
أما" العذق " -بكسر العين : فهو عرجون النخلة .
و" المذلل "- بفتح اللام الأولى مشددة : الذي قد دليت عناقيده ، حتى يسهل اجتناء ثمرته ، لدنوها من قاطفها .
( 229 ) الحديث : 5619- وهذا مرسل أيضًا ، فهو ضعيف الإسناد ، وآخره موقوف من كلام قتادة .
وذكره السيوطي 1 : 312 ، ونسبه لعبد بن حميد ، وابن جرير ، فقط .
ولم يذكر كلام قتادة في آخره .
في المخطوطة : " ويسعر عباده " ، هكذا غير معجمة ولا مبينة ، وتركت ما في المطبوعة على حاله ، فهو في سياقة المعنى .
والأثر في الدر المنثور 1 : 321 ، ولكنه أسقط هذه الجملة الأخيرة عن قتادة .
( 230 ) في المطبوعة : " قال : يدك قبل ، فناوله " ، وفي المخطوطة : " يدك قيل " ثم وضع ألفا على رأس الياء بعد القاف ، كأن أراد أن يجعلها" قال " كما أثبتها ورجحتها ، لنص مجمع الزوائد 9 : 324 : " قال : أرنا يدك .
قال : فناوله يده "
.
( 231 ) الحديث : 5620 - وهذا إسناد ضعيف جدا .
محمد بن معاوية بن يزيد الأنماطي - شيخ الطبري : ثقة مترجم في التهذيب ، وتاريخ بغداد 3 : 274- 275 .
خلف بن خليفة بن صاعد الأشجعي : ثقة ، تغير في آخر عمره ، مات نحو سنة 181 ، وهو ابن 101 سنة ، وقد فصلنا القول في ترجمته في المسند : 5885 .
حميد الأعرج الكوفي القاص : هو حميد بن علي ، على ما جزم به البخاري في +الكثير 1/ 2 / 351 ، والضعفاء ، ص : 9 .
ويقال : " حميد بن عطاء " وهو الذي جزم به ابن أبي حاتم 1 / 2 / 226 - 227 ، وابن حبان في كتاب المجروحين ، رقم : 265 .
وهو ضعيف جدا .
قال البخاري : " منكر الحديث " .
وقال أبو حاتم : " ضعيف الحديث ، منكر الحديث ، قد لزم عبد الله بن الحارث عن ابن مسعود ، ولا يعرف لعبد الله بن الحارث عن ابن مسعود شيء! " .
وقال ابن حبان : " يروى عن عبد الله بن الحرث عن ابن مسعود- نسخة كأنها موضوعة .
لا يحتج بخبره إذا انفرد "
.
عبد الله بن الحارث الزبيدي النجراني المكتب : ثقة .
سبق في ترجمة الراوي عنه قول أبي حاتم أنه لا يعرف له شيء عن ابن مسعود .
فالبلاء في هذه الرواية من حميد الأعرج .
وهذا الحديث رواه أيضًا ابن أبي حاتم ، عن الحسن بن عرفة ، عن خلف بن خليفة ، بهذا الإسناد .
على ما نقله عنه ابن كثير 1 : 593- 594 .
وذكره السيوطي 1 : 312 ، وزاد نسبته لسعيد بن منصور ، وابن سعد ، والبزار ، وابن المنذر ، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، والطبراني ، والبيهقي في شعب الإيمان .
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 6 : 320 ، بنحوه .
وقال : " رواه البزار ، ورجاله ثقات " .
ثم ذكره مرة أخرى 9 : 324 بلفظ آخر نحوه .
وقال : " رواه أبو يعلى ، والطبراني ، ورجالهما ثقات .
ورجال أبي يعلى رجال الصحيح "
.
هكذا قال الهيثمي في الموضعين .
وليس عندي إسناد من الأسانيد التي نسبه إليها ، ولا الكتب التي ذكرها السيوطي ، إلا ابن سعد .
ولم أجده فيه ، لأن النسخة المطبوعة من طبقات ابن سعد تنقص كثيرا من الكتاب ، كما هو معروف .
ولقصة أبي الدحداح أصل آخر صحيح .
من حديث أنس ، رواه أحمد في المسند : 12509 ( 3 : 146 حلبي ) ، بإسناد صحيح : " عن أنس : أن رجلا قال : يا رسول الله ، إن لفلان نخلة ، وأنا أقيم حائطي بها ، فأمره أن يعطيني حتى أقيم حائطي بها ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أعطها إياه بنخلة في الجنة ، فأبى ، فأتاه أبو الدحداح ، فقال : بعني نخلتك بحائطي! ففعل ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ، .
فقال : يا رسول الله ، إني قد ابتعت النخلة بحائطي ، قال : فاجعلها له ، فقد أعطيتكها .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كم من عذق راح ، لأبي الدحداح ، في الجنة .
قالها مرارا ، قال : فأتى امرأته فقال : يا أم الدحداح ، اخرجي من الحائط ، فإني قد بعته بنخلة في الجنة .
فقالت : ربح البيع ، أو كلمة تشبهها "
.
وحديث أنس هذا في مجمع الزوائد 9 : 323-324 .
وقال : " رواه أحمد ، والطبراني ، ورجالهما رجال الصحيح " .
ووقع في مطبوعة مجمع الزوائد سقط نحو سطر أثناء الحديث ، يصحح من هذا الموضع .
وله أصل ثان صحيح .
فروى مسلم في صحيحه 1 : 264 ، عن جابر بن سمرة ، قال : " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابن الدحداح ، ثم أتى بفرس عري ، فعقله رجل فركبه ، فجعل يتوقص به ، ونحن نتبعه نسعى خلفه ، قال : فقال رجل من القوم : إن لنبي صلى الله عليه وسلم قال : كم من عذق معلق أو مدلى في الجنة لابن الدحداح " .
" أو قال شعبة : لأبي الدحداح " .
و" أبو الدحداح " : هو ثابت بن الدحداح ، أو ابن الدحداحة .
ويكنى" أبا الدحداح " أو" أبا الدحداحة " ، مترجم في الإصابة 1 : 199 .
ثم ترجمه في الكنى 7 : 57 - 58 ، وذكر الخلاف في أنه واحد أو اثنان .
ثم زعم أن الحق أن الثاني غير الأول! واستدل بحديث نقله من رواية أبي نعيم ضعيف ، وأن في إسناده رجلا" واهى الحديث " !! فسقط الاستدلال به دون ريب .
الحائط : بستان النخيل إذا كان عليه جدار يحيط به ، فإن لم يكن عليه الحائط فهو" ضاحية " .
( 232 ) يريد قول الله تعالى في [ سورة البقرة : 156 ، 157 ] الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ( 233 ) الحديث : 5623 -عبد الملك بن محمد الرقاشي أبو قلابة- شيخ الطبري : مضت ترجمته في : 4331 .
الحجاج؛ هو ابن المنهال الأنماطي .
أبو ربيعة : هو زيد بن عوف القطعي ، ولقبه" فهد " .
تكلموا فيه كثيرا لأحاديث رواها عن حماد بن سلمة .
وأما البخاري فقال في الكبير 2/1/ 369 : " سكتوا عته " .
وهو مترجم أيضًا في ابن أبي حاتم 1/2/ 570 - 571 ، ولسان الميزان .
ومهما يكن من شأنه ، فإنه لم ينفرد بهذا الحديث ، فلا يؤثر فيه ضعفه إن كان ضعيفا .
والحديث صحيح بهذا الإسناد ، من جهة الحجاج بن المنهال ، ومن الروايات الأخر التي سنذكر .
فرواه أحمد في المسند : 12618 ( 3 : 156 حلبي ) ، عن سريج ويونس بن محمد ، عن حماد ابن سلمة ، عن قتادة وثابت البناني ، عن أنس .
ورواه أيضًا : 14102 ( 3 : 286 حلي ) ، عن عفان ، عن حماد بن سلمة ، عن قتادة وثابت وحميد ، عن أنس .
ورواه الترمذي 2 : 271- 272 ، وابن ماجه : 2200- كلاهما من طريق الحجاج بن النهال بهذا الإسناد .
قال الترمذي : " هذا حديث حسن صحيح " .
ورواه أبو دواد : 3451 ، من طريق عفان ، عن حماد ، به .
وذكره السيوطي 1 : 313 ، وزاد نسبته للبيهقي في السنن .
( 234 ) الحمولة ( بفتح الحاء ) : كل ما يحمل عليه الناس من إبل وحمير وغيرها .
والحمولة ( بضم الحاء ) الأحمال والأثقال .
هذا وأخشى أن يكون صواب العبارة في الأصل" بالأنفاق عليه وعلىحملته " وقوله : " علي النهوض " متعلق بقوله : " ومعونته " .
( 235 ) في المطبوعة : " فإني أنا الموسع الذى قبضت " ، وهو كلام لا يستقيم أبدا ، و الصواب ما في المخطوطة .
و" الموسع " : الغني الذى كثر ماله .
من قولهم : " أوسع الرجل " ، صار ذا سعة وغنى وكثر ماله .
وقال الله تعالى : " علي الموسع قدره وعلي المقتر قدره " .
وانظر ما سلف في تفسير" الوسع " في هذا الجزء : 45 .
وسياق العبارة" فانى . .. . الذي قبضت " .
( 236 ) في المطبوعة والمخطوطة : " يبسط عليك " مضارعا ، وهو لا يطابق قوله بعد : " وقبض " .
فجعلتها" بسط " ، وإن شئت جعلت الأخرى : " ويقبض " ، كما في الدر المنثور 1 : 313 ، وأنا أرجع الأولى .
( 237 ) في المطبوعة : " وأن يحل بالمقتر منكم فقبض عنه رزقه ، إقتاره . .. . " ، وهو كلام فاسد وفي المخطوطة : " وأن يحمل المقتر منكم فقبض عنه رزقه . . .
"
وهو لا يستقيم أيضًا ، ورجحت أن تكون الأولى" المقتر " كما في المخطوطة ، وأن تكون الأخرى" إذ قبض " ، أو" بقبضه عنه . ..
"
وسياق الجملة : " وأن يحمل المقتر منكم . ..
إقتاره علي معصيته) .
( 238 ) في المطبوعة : "
فيستوجب بذلك منه بمصيره . . .
وهو كلام شديد الخلل .
وفي المخطوطة : " عنه مصيره " ، وظاهر أن الهاء المرسلة من" عنه " ، دال" عند " .
( 239 ) في المخطوطة : " و إلى الثواب " ، و" من الثواب . ..
"
وهو ظاهر الفساد ، ولكنه دليل علي شدة سهو الناسخ في هذا الموضع من الكتاب ، كما رأيت من تصحيفه وتحريفه في المواضع السابقة من التعليق .
( 240 ) في المخطوطة : " و إلى الثواب " ، و" من الثواب. ..
"
وهو ظاهر الفساد ، ولكنه دليل علي شدة سهو الناسخ في هذا الموضع من الكتاب ، كما رأيت من تصحيفه وتحريفه في المواضع السابقة من التعليق .

من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون

سورة : البقرة - الأية : ( 245 )  - الجزء : ( 2 )  -  الصفحة: ( 39 ) - عدد الأيات : ( 286 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا
  2. تفسير: وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وجعلنا بعضكم لبعض
  3. تفسير: وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه
  4. تفسير: إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى
  5. تفسير: ولا تطيعوا أمر المسرفين
  6. تفسير: وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا
  7. تفسير: وكنا نكذب بيوم الدين
  8. تفسير: ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله إنه لا يحب الكافرين
  9. تفسير: إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب
  10. تفسير: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا

تحميل سورة البقرة mp3 :

سورة البقرة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة البقرة

سورة البقرة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة البقرة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة البقرة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة البقرة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة البقرة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة البقرة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة البقرة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة البقرة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة البقرة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة البقرة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب