تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 37 من سورةالتوبة - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ۖ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ ۚ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾
[ سورة التوبة: 37]

معنى و تفسير الآية 37 من سورة التوبة : إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به


النسيء‏:‏ هو ما كان أهل الجاهلية يستعملونه في الأشهر الحرم، وكان من جملة بدعهم الباطلة، أنهم لما رأوا احتياجهم للقتال، في بعض أوقات الأشهر الحرم، رأوا بآرائهم الفاسدة أن يحافظوا على عدة الأشهر الحرم، التي حرم اللّه القتال فيها، وأن يؤخروا بعض الأشهر الحرم، أو يقدموه، ويجعلوا مكانه من أشهر الحل ما أرادوا، فإذا جعلوه مكانه أحلوا القتال فيه، وجعلوا الشهر الحلال حرامًا، فهذا كما أخبر اللّه عنهم أنه زيادة في كفرهم وضلالهم، لما فيه من المحاذير‏.
‏منها‏:‏ أنهم ابتدعوه من تلقاء أنفسهم، وجعلوه بمنزلة شرع اللّه ودينه، واللّه ورسوله بريئان منه‏.
‏ومنها‏:‏ أنهم قلبوا الدين، فجعلوا الحلال حراما، والحرام حلالا‏.
‏ومنها‏:‏ أنهم مَوَّهوا على اللّه بزعمهم وعلى عباده، ولبسوا عليهم دينهم، واستعملوا الخداع والحيلة في دين اللّه‏.
‏ومنها‏:‏ أن العوائد المخالفة للشرع مع الاستمرار عليها، يزول قبحها عن النفوس، وربما ظن أنها عوائد حسنة، فحصل من الغلط والضلال ما حصل، ولهذا قال‏:‏ ‏‏يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ‏‏ أي‏:‏ ليوافقوها في العدد، فيحلوا ما حرم اللّه‏.
‏‏‏زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ‏‏ أي‏:‏ زينت لهم الشياطين الأعمال السيئة، فرأوها حسنة، بسبب العقيدة المزينة في قلوبهم‏.
‏‏‏وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ‏‏ أي‏:‏ الذين انصبغ الكفر والتكذيب في قلوبهم، فلو جاءتهم كل آية، لم يؤمنوا‏.

تفسير البغوي : مضمون الآية 37 من سورة التوبة


قوله تعالى : ( إنما النسيء زيادة في الكفر ) قيل: هو مصدر كالسعير والحريق .
وقيل: هو مفعول كالجريح والقتيل ، وهو من التأخير .
ومنه النسيئة في البيع ، يقال : أنسأ الله في أجله أي أخر ، وهو ممدود مهموز عند أكثر القراء ، وقرأ ورش عن نافع من طريق البخاري : بتشديد الياء من غير همز ، وقد قيل: أصله الهمزة فخفف .
وقيل: هو من النسيان على معنى المنسي أي : المتروك .
ومعنى النسيء : هو تأخير تحريم شهر إلى شهر آخر ، وذلك أن العرب كانت تعتقد تعظيم الأشهر الحرم ، وكان ذلك مما تمسكت به من ملة إبراهيم عليه السلام ، وكانت عامة معايشهم من الصيد والغارة ، فكان يشق عليهم الكف عن ذلك ثلاثة أشهر على التوالي ، وربما وقعت لهم حرب في بعض الأشهر الحرم فيكرهون تأخير حربهم ، فنسئوا أي : أخروا تحريم ذلك الشهر إلى شهر آخر ، وكانوا يؤخرون تحريم المحرم إلى صفر ، فيحرمون صفر ويستحلون المحرم ، فإذا احتاجوا إلى تأخير تحريم صفر أخروه إلى ربيع ، هكذا شهرا بعد شهر ، حتى استدار التحريم على السنة كلها .
فقام الإسلام وقد رجع المحرم إلى موضعه الذي وضعه الله عز وجل فيه ، وذلك بعد دهر طويل ، فخطب النبي صلى الله عليه وسلم في حجته .
كما أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف الفربري ، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري ، حدثنا محمد بن سلام ، حدثنا عبد الواحد حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أيوب عن محمد بن سيرين ، عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض ، السنة اثنا عشر شهرا ، منها أربعة حرم ، ثلاثة متواليات : ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان " .
وقال : " أي شهر هذا؟ قلنا الله ورسوله أعلم ، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، فقال : أليس ذو الحجة؟ قلنا : بلى ، قال : أي بلد هذا؟ قلنا الله ورسوله أعلم ، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، فقال : أليس البلد الحرام؟ قلنا : بلى ، قال : فأي يوم هذا؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، قال : أليس يوم النحر؟ قلنا : بلى ، قال : فإن دماءكم وأموالكم ، قال محمد : أحسبه قال : وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا ، في بلدكم هذا ، في شهركم هذا ، وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم ، ألا فلا ترجعوا بعدي ضلالا يضرب بعضكم رقاب بعض ، ألا ليبلغ الشاهد الغائب ، فلعل بعض من يبلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه ، ألا هل بلغت ألا هل بلغت " ؟قالوا : وكان قد استمر النسيء بهم ، فكانوا ربما يحجون في بعض السنين في شهر ويحجون من قابل في شهر آخر .
قال مجاهد : كانوا يحجون في كل شهر عامين ، فحجوا في شهر ذي الحجة عامين ، ثم حجوا في المحرم عامين ، ثم حجوا في صفر عامين ، وكذلك في الشهور ، فوافقت حجة أبي بكر رضي الله عنه قبل حجة الوداع السنة الثانية من ذي القعدة ، ثم حج النبي صلى الله عليه وسلم في العام القابل حجة الوداع ، فوافق حجه شهر الحج المشروع وهو ذو الحجة ، فوقف بعرفة يوم التاسع ، وخطب اليوم العاشر بمنى ، وأعلمهم أن أشهر النسيء قد تناسخت باستدارة الزمان ، وعاد الأمر إلى ما وضع الله عليه حساب الأشهر يوم خلق الله السموات والأرض ، وأمرهم بالمحافظة عليه لئلا يتبدل في مستأنف الأيام .
واختلفوا في أول من نسأ النسيء : فقال ابن عباس والضحاك وقتادة ومجاهد : أول من نسأ النسيء بنو مالك بن كنانة ، وكانوا ثلاثة .
أبو ثمامة جناد بن عوف بن أمية الكناني .
وقال الكلبي : أول من فعل ذلك رجل من بني كنانة يقال : له نعيم بن ثعلبة ، وكان يكون أميرا على الناس بالموسم ، فإذا هم الناس بالصدر ، قام فخطب الناس فقال : لا مرد لما قضيت ، أنا الذي لا أعاب ولا أجاب ، فيقول له المشركون : لبيك ، ثم يسألونه أن ينسأهم شهرا يغيرون فيه ، فيقول : فإن صفر العام حرام ، فإذا قال ذلك حلوا الأوتار ، ونزعوا الأسنة والأزجة ، وإن قال حلال عقدوا الأوتار وشدوا الأزجة ، وأغاروا .
وكان من بعد نعيم بن ثعلبة رجل يقال له : جنادة بن عوف ، وهو الذي أدركه النبي صلى الله عليه وسلم .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : هو رجل من بني كنانة يقال له : القلمس ، قال شاعرهم :وفينا ناسئ الشهر القلمسوكانوا لا يفعلون ذلك إلا في ذي الحجة إذا اجتمعت العرب للموسم .
وقال جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما : إن أول من سن النسيء عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف .
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أنبأنا عبد الغافر بن محمد ، أنبأنا محمد بن عيسى الجلودي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثني زهير بن حرب ، حدثنا جرير ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رأيت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف أبا بني كعب ، وهو يجر قصبه في النار " .
فهذا الذي ذكرنا هو النسيء الذي ذكره الله تعالى فقال : ( إنما النسيء زيادة في الكفر ) يريد زيادة كفر على كفرهم ، ( يضل به الذين كفروا ) قرأ حمزة والكسائي وحفص : ( يضل ) بضم الياء وفتح الضاد ، كقوله تعالى : " زين لهم سوء أعمالهم " ، وقرأ يعقوب بضم الياء وكسر الضاد ، وهي قراءة الحسن ومجاهد على معنى " يضل " به الذين كفروا الناس ، وقرأ الآخرون بفتح الياء وكسر الضاد ، لأنهم هم الضالون لقوله : ( يحلونه ) يعني النسيء ( عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا ) أي : ليوافقوا ، والمواطأة : الموافقة ، ( عدة ما حرم الله ) يريد أنهم لم يحلوا شهرا من الحرام إلا حرموا مكانه شهرا من الحلال ، ولم يحرموا شهرا من الحلال إلا أحلوا مكانه شهرا من الحرام ، لئلا يكون الحرام أكثر من أربعة أشهر ، كما حرم الله فيكون موافقة العدد ، ( فيحلوا ما حرم الله زين لهم سوء أعمالهم ) قال ابن عباس : زين لهم الشيطان ، ( والله لا يهدي القوم الكافرين )

التفسير الوسيط : إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به


ثم نعى- سبحانه - على ما كانوا يفعلون من تحليل وتحريم للشهور على حسب أهوائهم.. فقال تعالى: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ.. والنسيء: مصدر بزنة فعيل مأخوذ من نسأ الشيء إذا أخره.
ومنه نسأت الإبل عن الحوض إذا أخرتها عنه.
ومنه: أنسأ الله في أجل فلان، أى: أخره والمراد به: تأخير حرمة شهر إلى شهر آخر.
وقد أشار صاحب الكشاف إلى الأسباب التي جعلت المشركين يحلون الأشهر الحرم فقال:«كانوا أصحاب حروب وغارات، فإذا جاء الشهر الحرام وهم محاربون شق عليهم ترك المحاربة، فيحلونه ويحرمون مكانه شهرا آخر- وكان يشق عليهم أن يمكثوا ثلاثة أشهر لا يغيرون فيها- حتى رفضوا تخصيص الأشهر الحرم بالتحريم فكانوا يحرمون من شتى شهور العام أربعة أشهر، وذلك قوله لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ أى ليوافقو العدة التي هي الأربعة ولا يخالفوها وقد خالفوا التخصيص الذي هو أحد الواجبين.
والمعنى: إنما النسيء الذي يفعله المشركون، من تأخيرهم حرمة شهر إلى آخر، زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ أى: زيادة في كفرهم لأنهم قد ضموا إلى كفرهم بالله كفرا آخر، هو تحليلهم لما حرمه الله وتحريمهم لما أحله وبذلك يكونون قد جمعوا بين الكفر في العقيدة والكفر في التشريع.
قال القرطبي: وقوله: زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ بيان لما فعلته العرب من جمعها أنواعا من الكفر، فإنها أنكرت وجود الباري-تبارك وتعالى- فقالت: وَمَا الرَّحْمنُ في أصح الوجوه.
وأنكرت البعث فقالت مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ، وأنكرت بعثة الرسل فقالوا:أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ وزعمت أن التحليل والتحريم إليها، فابتدعته من ذاتها مقتفية لشهوانها فأحلت ما حرمه الله: ولا مبدل لكلماته ولو كره المشركون».
وقوله يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا قرأه الكوفيون بضم الياء وفتح الضاد بالبناء للمفعول.
أى: يوقع الذين كفروا بسبب ارتكابهم للنسيء في الضلال والموقع لهم في هذا الضلال كبراؤهم وشياطينهم.
وقرأه أهل الحرمين وأبو عمرو يضل بفتح الياء وكسر الضاد بالبناء للفاعل.
أى: يضل الله الذين كفروا، بأن يخلق فيهم الضلال بسبب مباشرتهم لما أدى إليه وهو ارتكابهم للنسيء.
ويصح أن يكون الفاعل هو الذين كفروا أى يضل الذين كفروا عن الحق بسبب استعمالهم للنسيء الذي هو لون من ألوان استحلال محارم الله.
وقوله: يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً بيان وتفسير لكيفية ضلالهم.
والضمير المنصوب في يُحِلُّونَهُ ويُحَرِّمُونَهُ يعود إلى النسيء، أى الشهر المؤخر عن موعده.
والمعنى أن هؤلاء الكافرين من مظاهر ضلالهم، أنهم يحلون الشهر المؤخر عن وقته عاما من الأعوام، ويحرمون مكانه شهرا آخر ليس من الأشهر الحرم، وأنهم يحرمونه أى: يحافظون على حرمة الشهر الحرام عاما آخر، إذا كانت مصلحتهم في ذلك.
والمواطأة: الموافقة.
يقال: واطأت فلانا على كذا إذا وافقته عليه بدون مخالفته.
والمعنى: فعل المشركون ما فعلوه من التحليل والتحريم للأشهر على حسب أهوائهم، ليوافقوا بما فعلوه عدة الأشهر الحرم، بحيث تكون أربعة في العدد وإن لم تكن عين الأشهر المحرمة في شريعة الله.
قال ابن عباس: ما أحل المشركون شهرا من الأشهر الحرم إلا حرموا مكانه شهرا من الأشهر الحلال.
وما حرموا شهرا من الحلال إلا أحلوا مكانه شهرا من الأشهر الحرام، لكي يكون عدد الأشهر الحرم أربعة..وقوله: فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللَّهُ تفريع على ما تقدم.
أى: فيحلوا بتغييرهم الشهور المحرمة، ما حرمه الله في شرعه.
فهم وإن كانوا وافقوا شريعة الله في عدد الشهور المحرمة، إلا أنهم خالفوه في تخصيصها فقد كانوا- مثلا- يستحلون شهر المحرم ويحرمون بدله شهر صفر.
وقوله: زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ ذم لهم على انتكاس بصائرهم، وسوء تفكيرهم.
أى: زين لهم الشيطان سوء أعمالهم، فجعلهم يرون العمل القبيح عملا حسنا.
وقوله:وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ تذييل قصد به التنفير والتوبيخ للكافرين.
أى: والله تعالى.
اقتضت حكمته أن لا يهدى القوم الكافرين إلى طريقه القويم، لأنهم بسبب سوء اختيارهم استحبوا العمى على الهدى، وآثروا طريق الغي على طريق الرشاد..فكان أمرهم فرطا.
هذا، ومن الأحكام والآداب التي أخذها العلماء من هاتين الآيتين ما يأتى.
1- أن السنة اثنا عشر شهرا، وأن شهور السنة القمرية هي المعول عليها في الأحكام لا شهور السنة الشمسية.
قال الفخر الرازي، اعلم أن السنة عند العرب عبارة عن اثنى عشر شهرا من الشهور القمرية، والدليل عليه هذه الآية إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ الآية، وقوله-تبارك وتعالى-: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ.. فجعل تقدير القمر بالمنازل علة للسنين والحساب وذلك إنما يصح إذا كانت السنة معلقة بسير القمر.
وأيضا قوله.
تعالى: {يسألونك عن الأهلة، قل هي مواقيت للناس والحج..} .
ثم قال، واعلم أن مذهب العرب من الزمان الأول أن تكون السنة قمرية لا شمسية، وهذا الحكم توارثوه عن إبراهيم وإسماعيل.
عليهما السلام.
فأما عند اليهود والنصارى، فليس الأمر كذلك..} .
وقال الجمل: قوله {اثنا عشر شهرا} هذه شهور السنة القمرية التي هي مبنية على سير القمر في المنازل، وهي شهور العرب التي يعتد بها المسلمون في صيامهم ومواقيت حجهم وأعيادهم وسائر أمورهم وأحكامهم.
وأيام هذه الشهور ثلاثمائة وخمسة وخمسون يوما.
والسنة الشمسية عبارة عن دوران الشمس في الفلك دورة تامة، وهي ثلاثمائة وخمسة وستون يوما.
وربع يوم.
فتنقص السنة الهلالية عن السنة الشمسية عشرة أيام، فبسبب هذا النقصان تدور السنة الهلالية فيقع الصوم والحج تارة في الشتاء وتارة في الصيف} .
هذا، وقد تكلم بعض المفسرين عن الشهور القمرية، وعن سبب تسميتها بما سميت به فارجع إليه إن شئت.
2- وجوب التقيد بما شرعه الله من أحكام بدون زيادة أو نقصان عليها.
قال القرطبي ما ملخصه: وضع- سبحانه - هذه الشهور وسماها بأسمائها على ما رتبها عليه يوم خلق السموات والأرض، وأنزل ذلك على أنبيائه في كتبه المنزلة، وهو معنى قوله:إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً.
وحكمها باق على ما كانت عليه لم يزلها عن ترتيبها تغيير المشركين لأسمائها، وتقديم المقدم في الاسم منها.
والمقصود من ذلك اتباع أمر الله فيها، ورفض ما كان عليه أهل الجاهلية من تأخير أسماء الشهور وتقديمها.
ولذا قال صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع: «إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات الأرض» .
ثم قال القرطبي كانوا يحرمون شهرا فشهرا حتى استدار التحريم على السنة كلها.
فقام الإسلام وقد رجع المحرم إلى موضعه الذي وضعه الله فيه.
فهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم «إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض».
3- أخذ بعضهم من قوله تعالى- فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ أن تحريم القتال في الأشهر الحرم ثابت لم ينسخ، وأنه لا يصح القتال فيها إلا أن يكون دفاعا.
قال ابن جريج: حلف بالله عطاء بن أبى رباح أنه ما يحل للناس أن يغزوا في الحرم ولا في الأشهر الحرم إلا أن يقاتلوا فيها.
وذهب جمهور العلماء إلى أن تحريم القتال في الأشهر الحرم قد نسخ، بدليل أن الله-تبارك وتعالى- بعد أن نهى المؤمنين عن أن يظلموا أنفسهم بالقتال فيها أمرهم بقتال المشركين من غير تقيد بزمن فقال وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً فدل ذلك على أن القتال في الأشهر الحرم مباح.
وبدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم حاصر أهل الطائف في شهر حرام وهو شهر ذي القعدة.
قال ابن كثير: ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى هوازن في شوال، فلما كسرهم.. لجئوا إلى الطائف، فعمد صلى الله عليه وسلم إلى الطائف فحاصرهم أربعين يوما، وانصرف ولم يفتتحها فثبت أنه حاصر في الشهر الحرام- أى.
في شهر ذي القعدة.
ثم قال ما ملخصه: وأما قوله-تبارك وتعالى- وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً فيحتمل أنه منقطع عما قبله وأنه حكم مستأنف، ويكون من باب التهييج للمؤمنين على قتال أعدائهم.. ويحتمل أنه أذن للمؤمنين بقتال أعدائهم في الشهر الحرام إذا كانت البداءة منهم-.
أى من الأعداء: كما قال: -تبارك وتعالى- الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ وكما قال-تبارك وتعالى- وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ.
وهكذا الجواب عن حصار رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف واستصحابه الحصار إلى أن دخل الشهر الحرام، فإنه من تتمة قتال هوازن وأحلافها، فإنهم الذين بدءوا القتال للمسلمين.. فعند ذلك قصدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما تحصنوا بالطائف ذهب إليهم لينزلهم من حصونهم فنالوا من المسلمين، وقتلوا جماعة منهم.. واستمر حصار المسلمين لهم أربعين يوما، وكان ابتداؤه في شهر حلال، ودخل الشهر الحرام فاستمر فيه أياما ثم قفل عنهم، لأنه يغتفر في الدوام مالا يغتفر في الابتداء، وهذا أمر مقرر.
ومن كلام ابن كثير.
رحمه الله- نستنتج أنه يميل إلى القول بأن المنهي عنه هو ابتداء القتال في الأشهر الحرم، لا إتمام القتال فيها متى بدأ الأعداء ذلك وهو قريب من قول القائل: لا يحل القتال فيها ولا في الحرم إلا أن يكون دفاعا.
وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، لأنه لم يثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم بدأ أعداءه القتال في الأشهر الحرم، وإنما الثابت أن الأعداء هم الذين ابتدءوا قتال المسلمين فيها، فكان موقف المسلمين هو الدفاع عن أنفسهم:4- ذكر المفسرون روايات في أول من أخر حرمة شهر إلى آخر، فعن مجاهد قال: كان رجل من بنى كنانة يأتى كل عام إلى الموسم على حمار له فيقول: أيها الناس: إنى لا أعاب ولا أخاب ولا مرد لما أقول.
إنا قد حرمنا المحرم وأخرنا صفر.
ثم يجيء العام المقبل بعده فيقول مثل مقالته ويقول: إنا قد حرمنا صفر وأخرنا المحرم.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: هذا رجل من بنى كنانة يقال له «القلمس» وكان في الجاهلية.
وكانوا في الجاهلية لا يغير بعضهم على بعض في الشهر الحرام.
يلقى الرجل قاتل أبيه فلا يمد إليه يده.
فلما كان هو قال لقوله: اخرجوا بنا- أى للقتال-.
فقالوا له:هذا المحرم.
قال: ننسئه العام، هما العام صفران.
فإذا كان العام القابل قضينا.. جعلناهما محرمين.
قال: ففعل ذلك.
فلما كان عام قابل قال: لا تغزوا في صفر.
حرموه مع المحرم.
هما محرمان» .
وقد كان بعض أهل الجاهلية يتفاخر بهذا النسيء، ومن ذلك قول شاعرهم:ومنا ناسئ الشهر القلمس قال آخر:ألسنا الناسئين على معد ...
شهور الحل نجعلها حراماوقد أبطل الإسلام كل ذلك، وأمر بترتيب الشهور على ما رتبها- سبحانه - عليه يوم خلق السموات والأرض.
وبعد: فهذه سبع وثلاثون آية من أول السورة إلى هنا، نراها- في مجموعها كما سبق أن بينا- قد حددت العلاقات النهائية بين المسلمين وبين أعدائهم من المشركين وأهل الكتاب، كما نراها قد أبرزت الأسباب التي دعت إلى هذا التحديد بأسلوب حكيم مؤثر، يقنع العقول، ويشبع العواطف.
ثم انتقلت السورة بعد ذلك إلى الحديث عن غزوة تبوك وما جرى فيها من أحداث متنوعة.. وقد استغرق هذا الحديث معظم آيات السورة، لا سيما فيما يتعلق بهتك أستار المنافقين، والتحذير منهم.
وقد بدأت السورة حديثها عن غزوة تبوك بتوجيه نداء إلى المؤمنين نعت فيها على المتثاقلين عن الجهاد، وحرضت عليه بشتى ألوان التحريض قال تعالى:

تفسير ابن كثير : شرح الآية 37 من سورة التوبة


هذا مما ذم الله تعالى به المشركين من تصرفهم في شرع الله بآرائهم الفاسدة ، وتغييرهم أحكام الله بأهوائهم الباردة ، وتحليلهم ما حرم الله وتحريمهم ما أحل الله ، فإنهم كان فيهم من القوة الغضبية والشهامة والحمية ما استطالوا به مدة الأشهر الثلاثة في التحريم المانع لهم من قضاء أوطارهم من قتال أعدائهم ، فكانوا قد أحدثوا قبل الإسلام بمدة تحليل المحرم وتأخيره إلى صفر ، فيحلون الشهر الحرام ، ويحرمون الشهر الحلال ، ليواطئوا عدة الأشهر الأربعة كما قال شاعرهم - وهو عمير بن قيس المعروف - بجذل الطعان :لقد علمت معد أن قومي كرام الناس أن لهم كراما ألسنا الناسئين على معدشهور الحل نجعلها حراما فأي الناس لم ندرك بوتروأي الناس لم نعلك لجاماقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : ( إنما النسيء زيادة في الكفر ) قال : النسيء أن جنادة بن عوف بن أمية الكناني كان يوافي الموسم في كل عام ، وكان يكنى " أبا ثمامة " ، فينادي : ألا إن أبا ثمامة لا يحاب ولا يعاب ، ألا وإن صفر العام الأول حلال . فيحله للناس ، فيحرم صفرا عاما ، ويحرم المحرم عاما ، فذلك قول الله : ( إنما النسيء زيادة في الكفر ) [ إلى قوله : ( الكافرين ) وقوله ( إنما النسيء زيادة في الكفر ) ] يقول : يتركون المحرم عاما ، وعاما يحرمونه .وروى العوفي عن ابن عباس نحوه .وقال ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد ، كان رجل من بني كنانة يأتي كل عام إلى الموسم على حمار له ، فيقول : يا أيها الناس ، إني لا أعاب ولا أحاب ، ولا مرد لما أقول ، إنا قد حرمنا المحرم ، وأخرنا صفرا . ثم يجيء العام المقبل بعده فيقول مثل مقالته ، ويقول : إنا قد حرمنا صفرا ، وأخرنا المحرم . فهو قوله : ( ليواطئوا عدة ما حرم الله ) قال : يعني الأربعة ( فيحلوا ما حرم الله ) لتأخير هذا الشهر الحرام .وروي عن أبي وائل ، والضحاك ، وقتادة نحو هذا .وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله : ( إنما النسيء زيادة في الكفر ) الآية ، قال : هذا رجل من بني كنانة يقال له : " القلمس " ، وكان في الجاهلية ، وكانوا في الجاهلية لا يغير بعضهم على بعض في الشهر الحرام ، يلقى الرجل قاتل أبيه ولا يمد إليه يده ، فلما كان هو قال : اخرجوا بنا ، قالوا له : هذا المحرم ! قال : ننسئه العام ، هما العام صفران ، فإذا كان العام القابل قضينا جعلناهما محرمين . قال : ففعل ذلك ، فلما كان عام قابل قال : لا تغزوا في صفر ، حرموه مع المحرم ، هما محرمان .فهذه صفة غريبة في النسيء ، وفيها نظر ؛ لأنهم في عام إنما يحرمون على هذا ثلاثة أشهر فقط ، وفي العام الذي يليه يحرمون خمسة أشهر ، فأين هذا من قوله تعالى : ( يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله ) .وقد روي عن مجاهد صفة أخرى غريبة أيضا ، فقال عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : ( إنما النسيء زيادة في الكفر ) الآية ، قال : فرض الله - عز وجل - الحج في ذي الحجة . قال : وكان المشركون يسمون الأشهر ذا الحجة ، والمحرم ، وصفرا ، وربيع ، وربيع ، وجمادى ، وجمادى ، ورجبا ، وشعبان ، ورمضان ، وشوالا وذا القعدة . وذا الحجة يحجون فيه مرة أخرى ثم يسكتون عن المحرم ولا يذكرونه ، ثم يعودون فيسمون صفرا صفرا ، ثم يسمون رجبا جمادى الآخرة ، ثم يسمون شعبان رمضان ، ثم يسمون شوالا رمضان ، ثم يسمون ذا القعدة شوالا ثم يسمون ذا الحجة ذا القعدة ، ثم يسمون المحرم ذا الحجة ، فيحجون فيه ، واسمه عندهم ذو الحجة ، ثم عادوا بمثل هذه القصة فكانوا يحجون في كل شهر عامين ، حتى وافق حجة أبي بكر الآخر من العامين في القعدة ثم حج النبي - صلى الله عليه وسلم - حجته التي حج ، فوافق ذا الحجة ، فذلك حين يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في خطبته : إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض .وهذا الذي قاله مجاهد فيه نظر أيضا ، وكيف تصح حجة أبي بكر وقد وقعت في ذي القعدة ، وأنى هذا ؟ وقد قال الله تعالى : ( وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله ) الآية [ التوبة : 3 ] ، وإنما نودي بذلك في حجة أبي بكر ، فلو لم تكن في ذي الحجة لما قال تعالى : ( يوم الحج الأكبر ) ولا يلزم من فعلهم النسيء هذا الذي ذكره - من دوران السنة عليهم وحجهم في كل شهر عامين - فإن النسيء حاصل بدون هذا ، فإنهم لما كانوا يحلون شهر المحرم عاما يحرمون عوضه صفر ، وبعده ربيع وربيع إلى آخر [ السنة والسنة بحالها على نظامها وعدتها وأسماء شهورها ثم في العام القابل يحرمون المحرم ويتركونه على تحريمه ، وبعده صفر ، وربيع وربيع إلى آخرها ] فيحلونه عاما ويحرمونه عاما ؛ ليواطئوا عدة ما حرم الله ، فيحلوا ما حرم الله ، أي : في تحريم أربعة أشهر من السنة ، إلا أنهم تارة يقدمون تحريم الشهر الثالث من الثلاثة المتوالية وهو المحرم ، وتارة ينسئونه إلى صفر ، أي : يؤخرونه . وقد قدمنا الكلام على قوله - صلى الله عليه وسلم - : إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض ، السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ، ثلاثة متوالية : ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، ورجب مضر ، أي أن الأمر في عدة الشهور وتحريم ما هو محرم منها ، على ما سبق في كتاب الله من العدد والتوالي ، لا كما يعتمده جهلة العرب ، من فصلهم تحريم بعضها بالنسيء عن بعض ، والله أعلم .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا صالح بن بشر بن سلمة الطبراني ، حدثنا مكي بن إبراهيم ، حدثنا موسى بن عبيدة ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر أنه قال : وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعقبة ، فاجتمع إليه من شاء الله من المسلمين ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو له أهل ثم قال : " وإنما النسيء من الشيطان ، زيادة في الكفر ، يضل به الذين كفروا ، يحلونه عاما ويحرمونه عاما " . فكانوا يحرمون المحرم عاما ، ويستحلون صفرا ويستحلون المحرم ، وهو النسيء .وقد تكلم الإمام محمد بن إسحاق على هذا في كتاب " السيرة " كلاما جيدا ومفيدا حسنا ، فقال : كان أول من نسأ الشهور على العرب ، فأحل منها ما حرم الله ، وحرم منها ما أحل الله - عز وجل - " القلمس " ، وهو : حذيفة بن عبد مدركة فقيم بن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، ثم قام بعده على ذلك ابنه عباد ثم من بعد عباد ابنه قلع بن عباد ، ثم ابنه أمية بن قلع ، ثم ابنه عوف بن أمية ، ثم ابنه أبو ثمامة جنادة بن عوف ، وكان آخرهم ، وعليه قام الإسلام . فكانت العرب إذا فرغت من حجها اجتمعت إليه ، فقام فيهم خطيبا ، فحرم رجبا ، وذا القعدة ، وذا الحجة ، ويحل المحرم عاما ، ويجعل مكانه صفرا ، ويحرمه عاما ليواطئ عدة ما حرم الله ، فيحل ما حرم الله ، يعني : ويحرم ما أحل الله .

تفسير الطبري : معنى الآية 37 من سورة التوبة


القول في تأويل قوله : إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (37)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ما النّسيء إلا زيادة في الكفر.
* * *و " النسيء " مصدر من قول القائل: " نسأت في أيامك، ونسأ الله في أجلك "، أي: زاد الله في أيام عمرك ومدة حياتك، حتى تبقى فيها حيًّا.
وكل زيادة حدثت في شيء, فالشيء الحادث فيه تلك الزيادة بسبب ما حدث فيه: " نسيء ".
ولذلك قيل للبن إذا كُثِّر بالماء: " نسيء ", وقيل للمرأة الحبلى: " نَسُوء ", و " نُسِئت المرأة ", لزيادة الولد فيها، وقيل: " نسأتُ الناقة وأنسأتها "، إذا زجرتها ليزداد سيرها.
وقد يحتمل أن: " النسيء "، " فعيل " صرف إليه من " مفعول ", كما قيل: " لعينٌ" و " قتيل ", بمعنى: ملعون ومقتول.
ويكون معناه: إنما الشهر المؤخَّر زيادة في الكفر.
وكأنّ القول الأوّل أشبه بمعنى الكلام, وهو أن يكون معناه: إنما التأخير الذي يؤخِّره أهل الشرك بالله من شهور الحرم الأربعة، وتصييرهم الحرام منهن حلالا والحلال منهن حرامًا, زيادة في كفرهم وجحودهم أحكامَ الله وآياته.
* * *وقد كان بعض القرأة يقرأ ذلك: (إِنَّمَا النَّسْيُ) بترك الهمز، وترك مدِّه: (يضل به الذين كفروا)،.
* * *واختلف القرأة في قراءة ذلك.
فقرأته عامة الكوفيين: (يَضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا) بمعنى: يضل الله بالنسيء الذي ابتدعوه وأحدثوه، الذين كفروا.
* * *وقرأ ذلك عامة قرأة المدينة والبصرة وبعض الكوفيين: ( يُضِلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفُرُوا)، بمعنى: يزول عن محجة الله التي جعلها لعباده طريقًا يسلكونه إلى مرضاته، الذين كفروا.
* * *وقد حكي عن الحسن البصري: (يُضِلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفُرُوا)، بمعنى: يضل بالنسيء الذي سنه الذين كفروا, الناسَ.
* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: هما قراءتان مشهورتان, قد قرأت بكل واحدةٍ القرأة أهل العلم بالقرآن والمعرفة به, وهما متقاربتا المعنى.
لأن من أضله الله فهو " ضال "، ومن ضل فبإضلال الله إياه وخذلانه له ضلّ.
فبأيتهما قرأ القارئ فهو للصواب في ذلك مصيبٌ.
* * *وأما الصواب من القراءة في " النسيء ", فالهمزة, وقراءته على تقدير " فعيل " لأنها القراءة المستفيضة في قرأة الأمصار التي لا يجوز خلافها فيما أجمعت عليه.
* * *وأما قوله: (يحلونه عامًا)، فإن معناه: يُحلُّ الذين كفروا النسيء = و " الهاء " في قوله: (يحلونه)، عائدة عليه.
ومعنى الكلام: يحلُّون الذي أخَّروا تحريمه من الأشهر الأربعة الحرم، عامًا =(ويحرمونه عامًا ليواطئوا عدة ما حرم الله)، يقول: ليوافقوا بتحليلهم ما حلَّلوا من الشهور، وتحريمهم ما حرموا منها, عدّة ما حرّم الله (1) =(فيحلوا ما حرّم الله زُيِّن لهم سوء أعمالهم)، يقول: حُسِّن لهم وحُبِّب إليهم سيئ أعمالهم وقبيحها، وما خولف به أمرُ الله وطاعته (2) =(والله لا يهدي القوم الكافرين)، يقول: والله لا يوفق لمحاسن الأفعال وجميلها، (3) وما لله فيه رضًى, القومَ الجاحدين توحيدَه، والمنكرين نبوة محمد صلى الله عليه وسلم, ولكنه يخذّلهم عن الهُدى، كما خذَّل هؤلاء الناس عن الأشهر الحرم.
(4)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:16706- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس قوله: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، قال: " النسيء "، هو أن " جُنَادة بن عوف بن أمية الكناني"، كان يوافي الموسم كلَّ عام, وكان يُكنى " أبا ثُمَامة ", (5) فينادي: " ألا إنّ أبا ثمامة لا يُحَابُ ولا يُعَابُ, (6) ألا وإن صَفَر العامِ الأوَّلِ العامَ حلالٌ"، (7) فيحله الناس, فيحرم صَفَر عامًا, ويحرِّم المحرم عامًا, فذلك قوله تعالى: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، إلى قوله: (الكافرين).
وقوله: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، يقول: يتركون المحرم عامًا, وعامًا يحرِّمونه.
* * *قال أبو جعفر: وهذا التأويلُ من تأويل ابن عباس، يدل على صحة قراءة من قرأ (النَّسْيُ)، بترك الهمزة وترك المدّ, وتوجيهه معنى الكلام إلى أنه " فَعْلٌ"، من قول القائل: " نسيت الشيء أنساه ", ومن قول الله: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ، [سورة التوبة: 67]، بمعنى: تركوا الله فتركهم.
16707- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، قال: فهو المحرَّم، كان يحرَّم عامًا، وصفرُ عامًا, وزيد صفرٌ آخر في الأشهر الحُرُم, وكانوا يحرمون صفرًا مرة، ويحلُّونه مرة, فعاب الله ذلك.
وكانت هوازن وغطفان وبنو سُلَيْم تفعله.
16708- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير, عن منصور, عن أبي وائل: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، قال: كان " النسيء " رجلا من بني كنانة, (8) وكان ذا رأي فيهم, وكان يجعل سنةً المحرمَ صفرًا, فيغزون فيه، فيغنمون فيه، ويصيبون, ويحرِّمه سنة.
16709-.
.
.
.
.
.
قال حدثنا أبي, عن سفيان, عن منصور, عن أبي وائل: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، الآية, وكان رجل من بني كنانة يُسَمَّى " النسيء ", فكان يجعل المحرَّم صفرًا، ويستحل فيه الغنائم, فنزلت هذه الآية.
16710- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا إدريس قال، سمعت ليثًا, عن مجاهد قال، كان رجل من بني كنانة يأتي كلَّ عام في الموسم على حمار له, فيقول: " أيها الناس، إني لا أعاب ولا أحَابُ, (9) ولا مَرَدَّ لما أقول، إنَّا قد حرمنا المحرَّم, وأخَّرنا صفر ".
ثم يجيء العام المقبل بعده فيقول مثل مقالته, ويقول: " إنا قد حرَّمنا صفر وأخَّرنا المحرَّم "، فهو قوله: (ليواطئوا عدة ما حرم الله)، قال: يعني الأربعة =(فيحلوا ما حرم الله)، لتأخير هذا الشهر الحرام.
16711- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، " النسيء "، المحرّم, وكان يحرم المحرَّم عامًا ويحرِّم صفر عامًا, فالزيادة " صفر ", وكانوا يؤخرون الشهور حتى يجعلون صفر المحرم, فيحلوا ما حرم الله.
وكانت هوازن وغطفان وبنو سليم يعظمونه, هم الذين كانوا يفعلون ذلك في الجاهلية.
16712- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، إلى قوله: (الكافرين)، عمد أناسٌ من أهل الضلالة فزادوا صفرًا في الأشهر الحرم, فكان يقوم قائمهم في الموسم فيقول: " ألا إن آلهتكم قد حرمت العام المحرَّم "، فيحرمونه ذلك العام.
ثم يقول في العام المقبل فيقول: " ألا إن آلهتكم قد حرمت صفر "، فيحرمونه ذلك العام.
وكان يقال لهما " الصفران ".
قال: فكان أول من نَسَأ النسيء: بنو مالك بن كنانة, وكانوا ثلاثة: أبو ثمامة صفوان بني أمية أحد بني فقيم بن الحارث, ثم أحد بني كنانة.
(10)16713- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، قال: فرض الله الحج في ذي الحجة.
قال: وكان المشركون يسمون الأشهر: ذو الحجة, والمحرم, وصفر, وربيع, وربيع, وجمادى, وجمادى, ورجب, وشعبان, ورمضان, وشوال, وذو القعدة, وذو الحجة, يحجون فيه مرة، ثم يسكتون عن المحرم فلا يذكرونه, ثم يعودون فيسمُّون صفر صفر.
ثم يسمون رجب جمادى الآخرة, ثم يسمون شعبان ورمضان, ثم يسمون رمضانَ شوالا ثم يسمُّون ذا القعدة شوالا ثم يسمون ذا الحجة ذا القعدة, ثم يسمون المحرم ذا الحجة، فيحجون فيه, واسمه عندهم ذو الحجة.
ثم عادوا بمثل هذه القصة, فكانوا يحجون في كل شهر عامين, حتى وافق حجةُ أبي بكر رضي الله عنه الآخرَ من العامين في ذي القعدة.
ثم حج النبي صلى الله عليه وسلم حجَّته التي حجَّ, فوافق ذا الحجة, فذلك حين يقول النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته: " إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض ".
16714- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، قال: حجوا في ذي الحجة عامين, ثم حجوا في المحرم عامين, ثم حجُّوا في صفر عامين, فكانوا يحجون في كل سنة في كل شهر عامين, حتى وافقت حجة أبي بكر الآخرَ من العامين في ذي القعدة، قبل حجة النبي صلى الله عليه وسلم بسنة.
ثم حج النبي صلى الله عليه وسلم من قابلٍ في ذي الحجة، فذلك حين يقول النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته: " إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض ".
16715- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمران بن عيينة, عن حصين, عن أبي مالك: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، قال: كانوا يجعلون السنة ثلاثةَ عشر شهرًا, فيجعلون المحرَّم صفرًا, فيستحلُّون فيه الحرمات.
فأنزل الله: (إنما النسيء زيادة في الكفر).
16716- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا)، الآية.
قال: هذا رجل من بني كنانة يقال له: " القَلَمَّس ", كان في الجاهلية.
وكانوا في الجاهلية لا يغير بعضهم على بعض في الشهر الحرام, يلقى الرجل قاتل أبيه فلا يمُدّ إليه يده.
فلما كان هو, قال: " اخرجوا بنا " اخرجوا له: " هذا المحرَّم "! فقال: " ننسئه العام, هما العام صفران, فإذا كان عام قابلٍ قضينا، فجعلناهما محرَّمَين ".
قال: ففعل ذلك.
فلما كان عام قابل قال: " لا تغزوا في صفر، حرِّموه مع المحرم, هما محرَّمان، المحرَّم أنسأناه عامًا أوَّلُ ونقضيه ".
ذلك " الإنساء "، وقال منافرهم: (11)وَمِنَّا مُنْسِي الشُّهُورِ القَلَمَّسُ (12)وأنزل الله: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، إلى آخر الآية.
* * *وأما قوله: (زيادة في الكفر)، فإن معناه زيادة كُفْر بالنسيء، إلى كفرهم بالله قبلَ ابتداعهم النسيء، (13) كما:-16717- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، يقول: ازدادوا به كفرًا إلى كفرهم.
* * *وأما قوله: (ليواطئوا)، فإنه من قول القائل: " واطأت فلانا على كذا أواطئه مُواطأة "، إذا وافقته عليه, معينًا له, غير مخالف عليه.
* * *وروي عن ابن عباس في ذلك ما:-16718- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس قوله: (ليواطئوا عدة ما حرم الله)، يقول: يشبهون.
* * *قال أبو جعفر: وذلك قريب المعنى مما بَيَّنَّا, وذلك أن ما شابه الشيء، فقد وافقه من الوجه الذي شابهه.
وإنما معنى الكلام: أنهم يوافقون بعدة الشهور التي يحرِّمونها، عدة الأشهر الأربعة التي حرَّمها الله, لا يزيدون عليها ولا ينقصون منها, وإن قدَّموا وأخَّروا.
فذلك مواطأة عِدتهم عدَّةَ ما حرّم الله.
-------------------------الهوامش :(1) انظر تفسير " عدة " فيما سلف 3 : 459 14 : 234 .
(2) انظر تفسير " زين " فيما سلف ص : 7 : تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(3) في المطبوعة : " لمحاسن الأفعال وحلها " ، لم يحسن قراءة المخطوطة ، وصوابه ما أثبت.
(4) انظر تفسير " هدى " فيما سلف من فهارس اللغة ( هدى ) .
(5) انظر أخبار " النسأة " ، وخبر " جنادة بن عوف بن أمية " في سيرة ابن هشام 1 : 44 - 47 ، والمحبر : 156 ، 157 ، وغيرهما .
و " جنادة بن عوف " ، هو الذي قام عليه الإسلام من النسأة.
(6) كان في المطبوعة : " لا يجاب " بالجيم ، ووردت بالجيم في كثير من الكتب ، منها لسان العرب ( نسأ ) ، ولكنه ورد في المحبر : 157 ، بالحاء المهملة ، وهو من " الحوب " ، أي : الإثم ، أي : لا ينسب إلى الإثم .
وانظر الخبر التالي رقم : 16710 .
(7) في المطبوعة : " صفر العام الأول حلال"، حذف " العام " الثانية ، وهي ثابتة في المخطوطة .
(8) قوله : " كان النسيء رجلا "، دال على صواب قوله هناك ص : 237 ، تعليق 1 : ، على أن " النسيء " في ذلك الموضع صواب أيضًا ، وانظر الأثر التالي ، قوله: "وكان رجل من بني كنانة يسمى النسيء" ، وهذا كله لم تذكره كتب اللغة التي بين يدي .
(9) " أحاب " مضى تفسيرها ص : 243 ، تعليق : 2 ، وكانت هنا في المطبوعة أيضًا "أجاب" بالجيم .
(10) هكذا جاء في المخطوطة : " وكانوا ثلاثة "، ثم لم يذكر غير واحد .
وقوله : " أبو ثمامة ، صفوان بن أمية "، مضى قبل في الأثر رقم: 16706 أن "أبا ثمامة" هو "جنادة بن عوف بن أمية"، أما صفوان هذا فقد ذكره أبو عبيد البكري في شرح الأمالي: 10، وقال: قال الليثي : كان الذي انبرى للنسئ ، القلمس ، وهو : صفوان بن محرث ، أحد بني مالك بن كنانة ، وكان له بذلك ملكة وأكل ، وتوارثه بنوه إلى الإسلام ".
ولكن الذي ذكره ابن حبيب في المحبر ، وابن هشام في سيرته 1 : 44 .
قال ابن إسحاق : " وكان أول من نسأ الشهور على العرب ، فأحلت ما أحل ، وحرمت منها ما حرم : القلمس ، وهو حذيفة بن عبد بن فقيم ابن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة .
ثم قام بعده على ذلك ، ابنه : عباد بن حذيفة .
ثم قام بعد عباد : قلع بن عباد .
ثم قام بعد قلع : أمية بن قلع .
ثم قلم بعد أمية : عوف بن أمية .
ثم قام بعد عوف : أبو ثمامة جنادة بن عوف ، وكان آخرهم ، وعليه قام الإسلام " .
وذلك ما قاله ابن حبيب ، وما قاله ابن حزم في الجمهرة : 178 ، والمصعب الزبيري في نسب قريش : 12 .
ولم أجد هذا الخبر في مكان آخر ، فأعرف مقالة قتادة في أمر النسئ والنسأة .
و " صفوان بن محرث " الذي ذكره البكري ، هو " صفوان بن أمية " المذكور في هذا الخبر ، وهو : " صفوان بن أمية بن محرث بن بن خمل بن شق بن رقبة بن مخدج بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة " ، وكان أحد حكام العرب في الجاهلية ، وأحد من حرم الخمر على نفسه في الجاهلية ( انظر المحبر : 133 ، 237 أمالي القالي 1 : 240 وذكر شعره في تحريم الخمر ) .
وبين من هذا كله أن " صفوان بن أمية " ، ليس من " بني فقيم بن الحارث بن مالك " .
بل من بني " مخدج بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك " .
ثم انظر ص : 250 ، تعليق : 1 ، وذكر " القلمس " للناسئ في شعر عبد الرحمن بن الحكم ، وأمه هي : " آمنة بنت علقمة بن صفوان بن أمية بن محرث " .
(11) في المطبوعة : " وقال شاعرهم " ، وأثبت ما في المخطوطة .
و " المنافر " ، هو المفاخر في المنافرة .
قال ابن سيده : " وكأنما جاءت المنافرة ، في أول ما استعملت ، أنهم كانوا يسألون الحاكم : أينا أعز نفرا ؟ " .
و " المنافرة " : هي أن يفتخر الرجلان كل واحد منهما على صاحبه ، ثم يحكما بينهما رجلا .
(12) هكذا جاء في المخطوطة مضطرب الميزان، وذكره القرطبي في تفسيره 8 : 138 .
ومنا ناسئ الشهر القلمسوهو أيضًا غير مستقيم ، والذي وجدته ، هو ما قاله عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص بن أمية ، قال :نمَانِي أبُو العَاصِي الأمِينُ وَهَاشِمٌوعُثْمانُ , والنَّاسِي الشُّهُورَ القَلَمَّسُوأم عبد الرحمن بن الحكم، ومروان بن الحكم، هي : " آمنة بنت علقمة بن صفوان بن أمية بن محرث بن خمل بن شق" ، و "صفوان" هذا هو الذي جاء ذكره في الخبر رقم : 16712 ، وأنه كان من " النسأة " ، وكل ناسئ كان يقال له : "القلمس" ، فهذا البيت يؤيد ما قاله قتادة بعض التأييد.
وانظر البيت الذي ذكرته في نسب قريش للمصعب الزبيري ص : 98 .
(13) في المطبوعة : " وقيل : ابتداعهم النسئ " ، غير ما في المخطوطة ، فأفسد الكلام كله .

إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدي القوم الكافرين

سورة : التوبة - الأية : ( 37 )  - الجزء : ( 10 )  -  الصفحة: ( 193 ) - عدد الأيات : ( 129 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون
  2. تفسير: وإذا السماء فرجت
  3. تفسير: ورفعنا لك ذكرك
  4. تفسير: وإلى ربك فارغب
  5. تفسير: أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون
  6. تفسير: إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون
  7. تفسير: ثم شققنا الأرض شقا
  8. تفسير: قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من
  9. تفسير: ياأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير
  10. تفسير: قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم

تحميل سورة التوبة mp3 :

سورة التوبة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة التوبة

سورة التوبة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة التوبة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة التوبة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة التوبة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة التوبة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة التوبة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة التوبة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة التوبة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة التوبة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة التوبة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب