تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 38 من سورةهود - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ۚ قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ﴾
[ سورة هود: 38]

معنى و تفسير الآية 38 من سورة هود : ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من


تفسير الآيتين 38 و 39 :فامتثل أمر ربه، وجعل يصنع الفلك وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ ورأوا ما يصنع سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا الآن فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ * فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ نحن أم أنتم.
وقد علموا ذلك، حين حل بهم العقاب.

تفسير البغوي : مضمون الآية 38 من سورة هود


قوله تعالى : ( ويصنع الفلك ) فلما أمره الله تعالى أن يصنع الفلك أقبل نوح عليه السلام على عمل الفلك ولها عن قومه ، وجعل يقطع الخشب ويضرب الحديد ، ويهيئ عدة الفلك من القار وغيره ، وجعل قومه يمرون به وهو في عمله ويسخرون منه ، ويقولون : يا نوح قد صرت نجارا بعد النبوة؟ وأعقم الله أرحام نسائهم فلا يولد لهم ولد .
وزعم أهل التوراة أن الله أمره أن يصنع الفلك من خشب الساج ، وأن يصنعه من أزور ، وأن يطليه بالقار من داخله وخارجه ، وأن يجعل طوله ثمانين ذراعا وعرضه خمسين ذراعا وطوله في السماء ثلاثين ذراعا ، والذراع إلى المنكب ، وأن يجعله ثلاثة أطباق : سفلى ووسطى وعليا ويجعل فيه كوى ، ففعله نوح كما أمره الله عز وجل .
وقال ابن عباس : اتخذ نوح السفينة في سنتين وكان طول السفينة ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسون ذراعا وطولها في السماء ثلاثون ذراعا ، وكانت من خشب الساج وجعل لها ثلاثة بطون ، فحمل في البطن الأسفل الوحوش والسباع والهوام ، وفي البطن الأوسط الدواب والأنعام ، وركب هو ومن معه في البطن الأعلى مع ما يحتاج إليه من الزاد .
وقال قتادة : كان بابها في عرضها .
وروي عن الحسن : كان طولها ألفا ومائتي ذراع وعرضها ستمائة ذراع .
والمعروف الأول : أن طولها ثلاثمائة ذراع .
وعن زيد بن أسلم قال : مكث نوح عليه السلام مائة سنة يغرس الأشجار ويقطعها ، ومائة سنة يعمل الفلك .
وقيل: غرس الشجر أربعين سنة وجففه أربعين سنة .
وعن كعب الأحبار أن نوحا عمل السفينة في ثلاثين سنة ، وروي أنها كانت ثلاث طبقات ، الطبقة السفلى للدواب والوحوش ، والطبقة الوسطى فيها الإنس ، والطبقة العليا فيها الطير ، فلما كثرت أرواث الدواب أوحى الله إلى نوح أن اغمز ذنب الفيل فغمزه فوقع منه خنزير وخنزيرة ، فأقبلا على الروث ، فلما وقع الفأر بجوف السفينة فجعل يقرضها ويقرض حبالها ، فأوحى الله تعالى إليه أن اضرب بين عيني الأسد فضرب فخرج من منخره سنور وسنورة ، فأقبلا على الفأر .
قوله تعالى : ( وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه ) كانوا يقولون : إن هذا الذي يزعم أنه نبي قد صار نجارا ، وروي أنهم كانوا يقولون له : يا نوح ماذا تصنع؟ فيقول أصنع بيتا يمشي على الماء ، فيضحكون منه ، ( قال : إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم ) إذا عاينتم عذاب الله ( كما تسخرون ) فإن قيل: كيف تجوز السخرية من النبي؟ قيل: هذا على ازدواج الكلام ، يعني إن تستجهلوني فإني أستجهلكم إذا نزل العذاب بكم .
وقيل: معناه إن تسخروا منا فسترون عاقبة سخريتكم .

التفسير الوسيط : ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من


وقوله-تبارك وتعالى- وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ بيان لامتثال نوح لأمر ربه.
وجاء التعبير بالفعل المضارع مع أن الصنع كان في الماضي: استحضارا لصورة الصنع، حتى لكأن نوحا- عليه السلام- يشاهد الآن وهو يصنعها.
ثم بين- سبحانه - موقف قومه منه وهو يصنعها وقال: وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ....والسخرية: الاستهزاء.
يقال: سخر فلان من فلان وسخر به، إذا استخف به وضحك منه.
أى: امتثل نوح لأمر ربه، فطفق يصنع الفلك، فكان الكافرون من قومه كلما مروا به وهو يصنعها استهزءوا به، وتعجبوا من حاله، وقالوا له على سبيل التهكم به، يا نوح صرت نجارا بعد أن كنت نبيا، كما جاء في بعض الآثار.
وهنا يرد عليهم نوح بقوله: إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ.
أى قال نوح لهم: إن تسخروا منى ومن أتباعى اليوم لصنعنا السفينة، وتستجهلوا منا هذا العمل، فإنا سنسخر منكم في الوقت القريب سخرية محققة في مقابل سخريتكم الباطلة.
قال الإمام الرازي: وقوله إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ فيه وجوه:الأول: التقدير: إن تسخروا منا في هذه الساعة فإنا نسخر منكم سخرية مثل سخريتكم إذا وقع عليكم الغرق في الدنيا والخزي في الآخرة.
الثاني: إن حكمتم علينا بالجهل فيما نصنع فإنا نحكم عليكم بالجهل فيما أنتم عليه من الكفر والتعرض لسخط الله وعذابه، فأنتم أولى بالسخرية منا.
الثالث: إن تستجهلونا فإنا نستجهلكم، واستجهالكم أقبح وأشد، لأنكم لا تستجهلون إلا لأجل الجهل بحقيقة الأمر، والاغترار بظاهر الحال، كما هو عادة الأطفال .

تفسير ابن كثير : شرح الآية 38 من سورة هود


وقوله : ( ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه ) أي : يطنزون به ويكذبون بما يتوعدهم به من الغرق ، ( قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون ) وعيد شديد ، وتهديد أكيد ،

تفسير الطبري : معنى الآية 38 من سورة هود


القول في تأويل قوله تعالى : وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَقال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ويصنع نوح السفينة، وكلما مرّ عليه جماعة من كبراء قومه (1) ، ( سَخِرُوا مِنْهُ ) ، يقول: هزئوا من نوح، ويقولون له: أتحوّلت نجارًا بعد النبوّة ، وتعمل السفينة في البر ؟ ، فيقول لهم نوح: ( إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا ) ، إن تهزءوا منا اليوم، فإنا نهزأ منكم في الآخرة ، كما تهزءون منا في الدنيا (2) ، (فسوف تعلمون) ، إذا عاينتم عذابَ الله، مَن الذي كان إلى نفسه مُسِيئًا منَّا .
* * *وكانت صنعة نوح السفينة ، كما:-18133- حدثني المثنى وصالح بن مسمار قالا حدثنا ابن أبي مريم قال، أخبرنا موسى بن يعقوب قال، حدثني فائد مولى عبيد الله بن علي بن أبي رافع: أنّ إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة، أخبره : أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو رحم الله أحدًا من قوم نوح لرحم أم الصبي ! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم إلى الله ، حتى كان آخر زمانه غَرس شجرةً، فعظمت وذهبت كلَّ مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعمل سفينة، ويمرُّون فيسألونه، فيقول: أعملها سفينة ! فيسخرون منه ويقولون: تعمل سفينةً في البر فكيف تجري ! فيقول: سوف تعلمون.
فلما فرغ منها ، وفارَ التنور ، وكثر الماء في السكك ، خشيت أمُّ الصبيِّ عليه، وكانت تحبّه حبًّا شديدًا، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثُلُثه .
فلما بلغها الماء خرجت حتى بلغت ثلثي الجبل .
فلما بلغها الماء خرجت ، حتى استوت على الجبل ، فلما بلغ الماء رقبتها رفعتْه بين يديها ، حتى ذهب بها الماء .
فلو رحم الله منهم أحدًا لرحم أمّ الصبيّ .
(3)18134- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أن طول السفينة ثلاث مائة ذراع، وعرضها خمسون ذراعًا، وطولها في السماء ثلاثون ذراعًا، وبابها في عرضها18135- حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا مبارك، عن الحسن، قال: كان طول سفينة نوح ألف ذراع ومائتي ذراع، وعرضها ست مائة ذراع.
18136- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن مفضل بن فضالة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس، قال: قال الحواريُّون لعيسى ابن مريم: لو بعثت لنا رجلا شهد السفينة فحدَّثنا عنها ! قال: فانطلق بهم حتى انتهى بهم إلى كثيب من تراب، فأخذ كفًّا من ذلك التراب بكفه، قال: أتدرون ما هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: هذا كعب حام بن نوح.
قال: فضرب الكثيب بعصاه، قال: قم بإذن الله ! فإذا هو قائمٌ ينفُض التراب عن رأسه قد شَابَ ، قال له عيسى: هكذا هلكت؟ قال: لا ولكن مِتُّ وأنا شابّ، ولكني ظننت أنها الساعة، فمن ثَمَّ شِبتُ.
قال: حدثنا عن سفينة نوح .
قال: كان طولها ألف ذرع ومائتي ذراع، وعرضها ست مائة ذراع، وكانت ثلاث طبقات، فطبقة فيها الدوابُّ والوحش، وطبقة فيها الإنس، وطبقة فيها الطير.
فلما كثر أرواث الدوابِّ، أوحى الله إلى نوح أن اغمز ذَنب الفيل ، فغمزه فوقع منه خنزير وخنزيرة، فأقبلا على الرَّوْث.
فلما وقع الفأر بجَرَز السفينة يقرضه، (4) أوحى الله إلى نوح أن اضرب بين عيني الأسد ، فخرج من منخره سِنَّور وسنّورة، فأقبلا على الفأر، فقال له عيسى: كيف علم نوح أنّ البلاد قد غرقت؟ قال: بعث الغرابَ يأتيه بالخبر، فوجد جيفةً فوقع عليها، فدعا عليه بالخوف، فلذلك لا يألف البيوت قال: ثم بعث الحمامة فجاءت بورق زيتون بمنقارها وطين برجليها، فعلم أن البلاد قد غرقت قال: فطوَّقَها الخضرة التي في عنقها، ودعا لها أن تكون في أنسٍ وأمان، فمن ثم تألف البيوت.
قال: فقلنا يا رسول الله ألا ننطلق به إلى أهلينا، فيجلس معنا، ويحدثنا؟ قال: كيف يتبعكم من لا رزق له؟ قال: فقال له: عُدْ بإذن الله، قال: فعاد ترابًا.
(5)18137- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق عمن لا يتَّهم عن عبيد بن عمير الليثي: أنه كان يحدّث أنه بلغه أنهم كانوا يبطشون به ، يعني قوم نوح ، فيخنقونه حتى يغشى عليه، فإذا أفاق قال: " اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " ، حتى إذا تمادوا في المعصية، وعظمت في الأرض منهم الخطيئة، وتطاول عليه وعليهم الشأن، واشتد عليه منهم البلاء، وانتظر النَّجْل بعد النَّجْل، فلا يأتي قرن إلا كان أخبث من القرن الذي قبله، حتى إن كان الآخر منهم ليقول: " قد كان هذا مع آبائنا ومع أجدادنا هكذا مجنونًا " ! لا يقبلون منه شيئًا .
حتى شكا ذلك من أمرهم نوح إلى الله تعالى، كما قص الله علينا في كتابه: رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلا وَنَهَارًا * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلا فِرَارًا ، إلى آخر القصة، حتى قال : رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا ، إلى آخر القصة [سورة نوح: 5 -27] فلما شكا ذلك منهم نوح إلى الله واستنصره عليهم، أوحى الله إليه أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا .
.
.
.
.
.
.
وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ، أي : بعد اليوم، إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ .
فأقبل نوح على عمل الفلك، ولَهِيَ عن قومه، وجعل يقطع الخشب، ويضرب الحديد ، ويهيئ عدة الفلك من القَار وغيره مما لا يصلحه إلا هو ، وجعل قومه يمرُّون به وهو في ذلك من عمله، فيسخرون منه ويستهزئون به، فيقول: إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ * فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ ، قال: ويقولون فيما بلغني: يا نوح قد صرت نجَّارًا بعد النبوّة ! قال: وأعقم الله أرحام النساء، فلا يولد لهم ولد.
قال: ويزعم أهل التوراة أن الله أمره أن يصنع الفلك من خشب السّاج، وأن يصنعه أزْوَر، (6) وأن يطليه بالقار من داخله وخارجه، وأن يجعل طوله ثمانين ذراعًا، وأن يجعله ثلاثة أطباق: سفلا ووسطًا وعلوًا، وأن يجعل فيه كُوًى.
ففعل نوح كما أمره الله، حتى إذا فرغ منه وقد عهد الله إليه إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلا قَلِيلٌ وقد جعل التَّنُّور آية فيما بينه وبينه ، فقال : ( إذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين ) ، واركب.
فلما فار التنور، حمل نوح في الفلك من أمره الله، وكانوا قليلا كما قال الله، وحمل فيها من كل زوجين اثنين مما فيه الروح والشجر ، ذكر وأنثى، فحمل فيه بنيه الثلاثة: سام وحام ويافث ونساءهم، وستة أناس ممن كان آمن به، فكانوا عشرة نفر: نوح وبنوه وأزواجهم، ثم أدخل ما أمره به من الدوابّ، وتخلف عنه ابنه يَام، وكان كافرًا.
(7)18138- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الحسن بن دينار، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس، قال: سمعته يقول: كان أوّل ما حمل نوح في الفلك من الدوابّ الذرّة، وآخر ما حمل الحمار ، فلما أدخل الحمار وأدخَل صدره ، تعلق إبليس بذنبه، (8) فلم تستقلّ رجلاه، فجعل نوح يقول: ويحك ادخل ! فينهض فلا يستطيع.
حتى قال نوح: ويحك ادخل وإن كان الشيطان معك ! قال: كلمة زلَّت عن لسانه، فلما قالها نوح خلَّي الشيطان سبيله، فدخل ودخل الشيطانُ معه، فقال له نوح: ما أدخلك عليّ يا عدوَّ الله؟ فقال: ألم تقل: " ادخل وإن كان الشيطان معك "؟ قال: اخرج عنّي يا عدوّ الله ! فقال: ما لك بدٌّ من أن تحملني ! فكان ، فيما يزعمون ، في ظهر الفلك ، فلما اطمأن نوح في الفلك، وأدخل فيه من آمن به، وكان ذلك في الشهر .
.
.
.
(9) من السنة التي دخل فيها نوح بعد ست مائة سنة من عمره ، لسبع عشرة ليلة مضت من الشهر ، فلما دخل وحمل معه من حمل، تحرك ينابيع الغوط الأكبر، (10) وفتح أبواب السماء، كما قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: إذا َتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ، [ سورة القمر: 11-12] .
فدخل نوح ومن معه الفلك ، وغطاه عليه وعلى من معه بطَبَقه، (11) فكان بين أن أرسل الله الماء وبين أن احتمل الماء الفلك أربعون يومًا وأربعون ليلة، ثم احتمل الماء كما تزعم أهل التوراة، وكثر الماء واشتد وارتفع ، يقول الله لمحمد: وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ ، [سورة القمر: 13] ، و " الدسر " ، المسامير، مسامير الحديد ، فجعلت الفلك تجري به ، وبمن معه في موج كالجبال ، ونادي نوح ابنه الذي هلك فيمن هلك، وكان في معزلٍ حين رأى نوحٌ من صدق موعد ربه ما رَأى ، فقال: يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ ، وكان شقيًّا قد أضمر كفرًا .
قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ، وكان عَهِد الجبال وهي حِرْزٌ من الأمطار إذا كانت، فظنّ أن ذلك كما كان يعهد.
قال نوح: لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ، وكثر الماء حتى طغى ، وارتفع فوق الجبال ، كما تزعم أهل التوراة ، بخمسة عشر ذراعًا، فباد ما على وجه الأرض من الخلق ، من كل شيء فيه الروح أو شجر، فلم يبق شيء من الخلائق إلا نوح ومن معه في الفلك، وإلا عُوج بن عُنُق فيما يزعم أهل الكتاب ، فكان بين أن أرسل الله الطوفان وبين أن غاض الماء ستة أشهر وعشر ليالٍ.
(12)18139- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الحسن بن دينار، عن علي بن زيد بن جدعان ، قال ابن حميد، قال سلمة ، وحدثني علي بن زيد عن يوسف بن مهران، قال: سمعته يقول: لما آذى نوحًا في الفلك عَذِرة الناس، أمر أن يمسح ذنب الفيل، فمسحه، فخرج منه خنزيران، وكفي ذلك عنه.
وإن الفأر توالدت في الفلك، فلما آذته، أمر أن يأمر الأسد يعطس، فعطس ، فخرج من منخريه هِرّان يأكلان عنه الفأر.
18140- حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا سفيان، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس، قال: لما كان نوح في السفينة، قرض الفأر حبالَ السفينة، فشكا نوح، فأوحى الله إليه ، فمسح ذنب الأسد ، فخرج سِنَّوران.
وكان في السفينة عذرة، فشكا ذلك إلى ربه، فأوحى الله إليه، فمسح ذنب الفيل، فخرج خنزيران18141- حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني قال ، حدثنا الأسود بن عامر قال، أخبرنا سفيان بن سعيد، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس، بنحوه.
(13)18142- حدثت عن المسيب بن أبي روق، عن الضحاك، قال: قال سليمان القراسي: عمل نوح السفينة في أربع مائة سنة، وأنبت الساج أربعين سنة ، حتى كان طوله أربع مائة ذراع، والذراع إلى المنكب.
(14)---------------------الهوامش :(1) انظر تفسير " الملأ " فيما سلف ص : 295 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(2) انظر تفسير " سخر " فيما سلف 14 : 382 ، تعليق : 2 .
(3) الأثر : 18133 - " ابن أبي مريم " ، هو : " سعيد بن أبي مريم " ، ثقة : روى له الجماعة ، سلف مرارًا ، آخرها : 12771 .
" وموسى بن يعقوب بن يعقوب الزمعي " ، ثقة ، متكلم فيه ، مضى توثيقه برقم : 9923 ، ورقم : 15756 ، 15822 ، وقال علي بن المديني : " ضعيف الحديث ، منكر الحديث " ، وقال الأثرم : سألت أحمد عنه ، فكأنه لم يعجبه .
" وفائد ، مولى عبيد الله بن بن علي بن أبي رافع ، عبادل " ، وهو " فائد ، مولى عبادل " ، ثقة لا باس به .
مترجم في التهذيب ، والكبير 4 / 1 / 131 ، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 84 .
" وإبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة المخزومي " ، هو " إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة " ، ثقة ، روى عن خالته عائشة ، مترجم في التهذيب ، والكبير 1 / 1 / 296 ، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 111 .
هذا إسناد " حسن " .
ورواه الطبري بهذا الإسناد نفسه في تاريخه 1 : 91 .
وقد رواه من هذه الطريق نفسها ، الحاكم في المستدرك 2 : 342 ، 547 ثم قال : " هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه " ، ولكن الذهبي قال : " إسناده مظلم .
وموسى ، ليس بذاك " ، وهذا شديد ، وأقرب منه ما قاله ابن كثير في تفسيره 4 : 367 ، 368 ، ورواه عن هذا الموضع من تفسير الطبري ، ومن تفسير الحبر أبي محمد بن أبي حاتم ، ثم قال : " وهذا حديث غريب من هذا الوجه .
وقد روى عن كعب الأحبار ، ومجاهد بن جبير ، قصة هذا الصبي وأمه بنحو هذا " .
وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 8 : 200 ، وقال : " رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه موسى بن يعقوب الزمعي ، وثقه ابن معين وغيره ، وضعفه ابن المديني ، وبقية رجاله ثقات " .
(4) في المطبوعة " بحبل السفينة " ، وفي المخطوطة : " يحرر " غير منقوطة ، ورأيت أن أقرأها كذلك ، و " الجرز " ( بفتح الجيم والزاي ) صدر الإنسان أو وسطه ، كما قالوا له : " الجؤجؤ " ، وهو صدر الطائر .
وفي تاريخ الطبري " بخرز " ، كأن جمع " خرزة " .
(5) الأثر 18136 - " المفضل بن فضالة بن أبي أمية القرشي " ليس بذاك ، وقيل : في حديثه نكارة .
مترجم في التهذيب ، والكبير 4 / 1 / 405 ، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 317 ، وميزان الاعتدال 3 : 195 .
" وعلي بن زيد بن جدعان " ، سلف مرارًا ، آخرها رقم : 17861 ، وقد ذكرت هناك توثيق أخي السيد أحمد رحمه الله ، له .
وذكرت تضعيف الأئمة لحديثه ، ورجحت أن يعتبر بحديثه .
وهذا خبر لا شك أنه من بقية أخبار بني إسرائيل وأشباههم ، لا يبلغ أن يكون شيئا .
ورواه الطبري في تاريخه 1 : 91 ، 92 .
(6) " أزور " ، من " الزور " ، (بفتح فسكون ) وهو الصدر ، و " الزور " ( بفتحتين ) ، وهو عوج الزور ، وهو أن يستدق جوشن الصدر ، ويخرج الكلكل ، كأنه عصر من جانبيه .
(7) الأثر : 18137 - رواه الطبري في تاريخه 1 : 92 ، 93 .
(8) في المطبوعة : " فلما دخل الحمار وأدخل رأسه مسك إبليس " ، وفي المخطوطة : " فلما أدخل الحمار ، وأدخل صدره إبليس بذنبه " ، الأولى " أدخل " ، وبين الكلامين بياض ، وأثبت الصواب من تاريخ الطبري .
(9) سقط من المخطوطة والمطبوعة عدد الشهر الذي ذكره ، وساق الكلام سياقًا واحدًا ، فوضعت النقط دلالة على هذا السقط ، ولكن هكذا جاء أيضًا في التاريخ .
(10) " الغوط " ( بفتح فسكون ) و" الغائط " ، المتسع من الأرض من طمأنينة ، وهو هنا : عمق الأرض الأبعد .
(11) " الطبق " ، غطاء كل شيء .
وكان في المطبوعة : " بطبقة " ، وهو خطأ .
(12) الأثر : 18138 - رواه الطبري في تاريخه 1 : 93 ، 94 .
(13) الأثر : 18141 - " إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق الجوزجاني ، السعدي ، شيخ الطبري ، كان من الحفاظ ، مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 148 " .
" والأسود بن عامر ، شاذان " ، ثقة ، مضى برقم : 13927 .
(14) الأثر : 18142 - " المسيب " ، هو " المسيب بن شريك التميمي " ، متروك سلف برقم : 16806 .
" وسليمان القراسي " ، لم أعرف من يكون .
وكان في المخطوطة والمطبوعة : " المسيب بن أبي روق " ، وهو خطأ صرف وسيأتي على الصواب برقم : 18173 .
قلت : وهذه الأخبار الآنفة ، كلها رجم من رجم أصحاب الكتب السالفة ، لا خير فيها ، إلا أنهم ربما أثبتوها في كتبهم ، لأنه كان هكذا يروى ، ولكن ما من أحد من أهل العلم يعدها حجة على شيء ، أو مظنة اعتقاد بصحتها .

ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون

سورة : هود - الأية : ( 38 )  - الجزء : ( 12 )  -  الصفحة: ( 226 ) - عدد الأيات : ( 123 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون
  2. تفسير: ناصية كاذبة خاطئة
  3. تفسير: الر تلك آيات الكتاب الحكيم
  4. تفسير: أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم
  5. تفسير: أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا
  6. تفسير: وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا
  7. تفسير: أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج
  8. تفسير: أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا
  9. تفسير: ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل
  10. تفسير: هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما

تحميل سورة هود mp3 :

سورة هود mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة هود

سورة هود بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة هود بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة هود بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة هود بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة هود بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة هود بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة هود بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة هود بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة هود بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة هود بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب