تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 7 من سورةالبقرة - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾
[ سورة البقرة: 7]

معنى و تفسير الآية 7 من سورة البقرة : ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى


ثم ذكر الموانع المانعة لهم من الإيمان فقال: خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ - أي: طبع عليها بطابع لا يدخلها الإيمان, ولا ينفذ فيها، فلا يعون ما ينفعهم, ولا يسمعون ما يفيدهم.
وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ - أي: غشاء وغطاء وأكنة تمنعها عن النظر الذي ينفعهم, وهذه طرق العلم والخير, قد سدت عليهم, فلا مطمع فيهم, ولا خير يرجى عندهم، وإنما منعوا ذلك, وسدت عنهم أبواب الإيمان بسبب كفرهم وجحودهم ومعاندتهم بعد ما تبين لهم الحق, كما قال تعالى: وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وهذا عقاب عاجل.
ثم ذكر العقاب الآجل، فقال: وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ وهو عذاب النار, وسخط الجبار المستمر الدائم.

تفسير البغوي : مضمون الآية 7 من سورة البقرة


فقال: ختم الله: طبع الله.
على قلوبهم فلا تعي خيراً ولا تفهمه.
وحقيقة الختم الاستيثاق من الشيء كيلا يدخله ما خرج منه ولا يخرج عنه ما فيه، ومنه الختم على الباب.
قال أهل السنة: أي حَكَمَ على قلوبهم بالكفر، لِمَا سبق من علمه الأزلي فيهم.
وقال المعتزلة: "جعل على قلوبهم علامة تعرفهم الملائكة بها".
وعلى سمعهم: أي على موضع سمعهم فلا يسمعون الحق ولا ينتفعون به.
وأراد على أسماعهم كما قال: على قلوبهم وإنما وحده لأنه مصدر، والمصدر لا يثنى ولا يجمع.
وعلى أبصارهم غشاوة: هذا ابتداء كلام.
غشاوة أي: غطاء، فلا يرون الحق.
وقرأ أبو عمرو والكسائي أبصارهم بالامالة وكذا كل ألف بعدها راء مجرورة في الأسماء كانت لام الفعل يميلانها ويميل حمزة منها ما يتكرر فيه الراء كالقرار ونحوه.
زاد الكسائي إمالة (جبارين) و(الجوار) و(الجار) و(بارئكم) و(من أنصاري) و(نسارع) و(بابه).
وكذلك يميل هؤلاء كل ألف بمنزلة لام الفعل أو كان علماً للتأنيث إذا كان قبلها راء؛ فعلم التأنيث مثل: الكبرى والأخرى، ولام الفعل مثل: ترى وافترى، يكسزون الراء فيها.
ولهم عذاب عظيم: أي في الآخرة، وقيل: القتل والأسر في الدنيا والعذاب الدائم في العقبى.
والعذاب كل ما يعني الإنسان ويشق عليه.
قال الخليل: "العذاب ما يمنع الإنسان عن مراده"ومنه: الماء العذب؛ لأنه يمنع العطش.

التفسير الوسيط : ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى


ثم بين - سبحانه - بعد ذلك الموانع التي حالت بينهم وبين الاهتداء إلى الحق في الماضي والمستقبل فقال تعالى :{ خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ وعلى سَمْعِهِمْ وعلى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ }والختم : الوسم بطابع ونحوه ، مأخوذ من وضع الخاتم على الشيء وطبعه فيه للاستيثاق ، لكي لا يخرج منه ما هو بداخله ، ولا يدخله ما هو خارج عنه .
قال القرطبي : " والختم مصدر ختمت الشيء ختماً فهو مختوم مختم ، شدد للمبالغة ، ومعناه التغطية على الشيء والاستيثاق منه ، وقد يكون محسوساً كما في ختم الكتاب والباب ، وقد يكون معنوياً كالختم على القلوب ... "والقلوب : جمع قلب ، وهو المضغة التي توجد بالجانب الأيسر من صدر الإنسان ، ويستعمل في القوة العاقلة التي هي محل الفهم والعلم .
والسمع : مصدر سمع .
ويطلق على الآلة التي يقع بها السمع .
ولما كان الختم يمنع من أن يدخل في المختوم عليه شيء ، استعير لإحداث هيئة في القلب والسمع تمنع من خلوص الحق إليهما .
الأبصار : جمع بصر ، وهو في الأصل الإدراك بالعين ، ويطلق على القوة التي يقع بها الإبصار ، وعلى العين نفسها .
وهذا المعنى أقرب ما تحمل عليه الأبصار في الآية .
وهو الأنسب لأن تجعل عليه غشاوة .
ومفاد الآية أن تصير أبصارهم بحيث لا تهتدي إلى النظر في حكمة المخلوقات وعجائب المصنوعات .
باعتبار وتدبر وحتى لكأنما جعلت عليها غشاوة .
والغشاوة : ما يغطي به الشيء ، من غشاه إذا غطاه .
يقال :غشية غشاوة - مثلثة - وغشاية : أي : ستره وغطاه .
فهذه الآية الكريمة تفيد عن طريق الاستعارة أو التمثيل أن هناك حواجز حصينة ، وأقفالاً متينة قد ضربت على قلوبهم وعلى أسماعهم ، وغشاوات مطبقة على أبصارهم حتى أصبحوا لا يخيفهم نذير ولا يرغبهم بشير .
وعبر في جانب القلب والسمع بالختم ، وفي جانب البصر بالغشاوة ، لمعنى سام ، وحكمة رائعة ، ذلك أن آفة البصر معروفة ، إذ غشاوة العين معروفة لنا ، فالتعبير في جانب العين بالغشاوة مما يحدد لنا مدى عجزهم عن إدراك آيات الله بتلك الجارحة ، وأما القلب والسمع فإنهما لما كانا لا تدرك آفتهما إلا بصعوبة ، فقد صور لنا موانعهما عن الاستجابة للحق بصورة الختم .
وعبر في جانب القلب والسمع بجملة فعلية تفيد التجدد والحدوث ، وفي جانب البصر بجملة اسمية تفيد الثبات والاستقرار ، لأنهم قبل الرسالة ما كانوا يسمعون صوت نذير ، ولا يواجهون بحجة ، وإنما كان صوت النذير وصياغة البراهين بعد ظهور النبي صلى الله عليه وسلم .
وأما ما يدرك بالبصر من دلائل وجود الله وآيات قدرته ، فقد كان قائماً في السماوات وفي الأرض وفي الأنفس ، ويصح أن يدرك قبل الرسالة النبوية ، وأن يستدل به المتبصرون والمتدبرون على وجود ربهم وحكمته ، فلم يكن عماهم عن آيات الله القائمة حادثاً متجدداً ، بل هم قد صحبهم العمى من بدء وجودهم ، فلما دعوا إلى التبصر والتدبر صمموا على ما كانوا عليه من عمى .
وجمع القلوب والأبصار وأفرد السمع ، لأن القلوب تختلف باختلاف مقدار ما تفهمه مما يلقى إليها من إنذار أو تبشير ، ومن حجة أو دليل ، فكان عن ذلك تعدد القلوب بتعدد الناس على حسب استعدادهم ، وكذلك شأن الناس فيما تنظره أبصارهم من آيات الله في كونه ، فإن أنظارهم تختلف في عمق تدبرها وضحولته ، فكان من ذلك تعدد المبصرين بتعدد مقادير ما يستطيعون تدبره من آيات الله في الآفاق .
وأما المسموع فهو بالنسبة للناس جميعاً شيء واحد هي الحجة يناديهم بها المرسلون ، والدليل يوضحه لهم النبيون .
لذلك كان الناس جميعاً كأنهم على سمع واحد ، فكان إفراد السمع إيذاناً من الله بأن حجته واحدة ، ودليله واحد لا يتعدد .
ونرى القرآن هنا قدم القلب في الذكر على السمع ، بينما في سورة الجاثية قدم السمع في الذكر على القلب فقال :{ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتخذ إلهه هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ الله على عِلْمٍ وَخَتَمَ على سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ على بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ الله أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } وذلك لأنه - سبحانه - في سورة الجاثية قد ذكر الختم معطوفا على قوله " اتخذ إله هواه ، ومن اتخذ إله هواه يكون أولما يبدو منه للناس ويعرف هو إعراضه عن النصح ، ولي رأسه عن استماع الحجة ، فكان مظهر عدم السماع منه أول ما يبدو للناظرين ، فلذلك قدم السمع على القلب .
وأما آيتنا هذه وهي قوله - تعالى - { خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ وعلى سَمْعِهِمْ } فقد جاءت إثر الآية المختومة بقوله { لاَ يُؤْمِنُونَ } .
والإيمان تصديق يقوم على الحجة والبراهين ، وإدراك الحجة والبرهان إنما هو بالقلب فكان التعليل المتصل الواضح لنفي الإيمان أن قلوبهم مغلقة لا تنفذ إليها الحجة ، أولا يتسرب إليها نور البرهان لذلك قدم القلب على السمع .
هذا وقوله - تعالى - { خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ } .. إلخ .
لا ينفي عنهم تبعة الكفر ، لأنهم هم الذين باشروا من فاسد الأعمال ، وذميم الخصال ، ومتابعة الهوى ، ما نسج على قلوبهم الأغلفة السميكة ، وأصم إلى جانب ذلك آذانهم وأعمى أبصارهم ، { وَمَا ظَلَمَهُمُ الله ولكن أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } ولعلماء الكلام كلام طويل حول هذه المسألة فليرجع إليه من شاء .
ثم بين - سبحانه - ما يستحقونه من عذاب بسبب إغراقهم في الكفرٍ .
واستحبابهم للمعاصي فقال :{ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ } .
أي : ولهم بسبب سوء أعمالهم عذاب موجع مؤلم لأبدانهم وأجسامهم .
وأصل العذاب : المنع ، يقال : عذب الفرس - كضرب - امتنع عن العلف .
وعذب الرجل إذا ترك المأكل والنوم ، فهو عاذب وعذوب .
ثم أطلق على الإيجاع الشديد لما فيه من المنع عن اقتراف الذنب .
والعظيم : الكبير ، من عظم الشيء ، وأصله كبر عظمه ، ثم استعير لكل كبير محسوساً كان أو معقولا .
ووصف العذاب بالعظيم على معنى أن سائر ما يجانسه من العذاب يكون بالنسبة إليه حقيراً هنيئاً .
قال أبو حيان في البحر : وقد ذكروا في هاتين الآيتين من ضروب الفصاحة أنواعاً .
الأول : الخطاب العام اللفظ ، الخاص المعنى .
الثاني : الاستفهام الذي يراد به تقرير المعنى في النفس .
أي : يتقرر أن الإنذار وعدمه سواء عندهم .
الثالث : المجاز ويسمى الاستعارة وهو في قوله - تعالى - { خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ وعلى سَمْعِهِمْ } وحقيقة الختم وضع محسوس يحدث بينهما رقم يكون علامة للخاتم ، والختم هنا معنوى؛ فإن القلب لما لم يقبل الحق مع ظهوره استعير اسم المختوم عليه ، فبين أنه من مجاز الاستعارة .
الرابع : الحذف وهو في مواضع منها { إِنَّ الذين كَفَرُواْ سَوَآءٌ .. } أي : القوم الذين كفروا بالله وبك وبما جئت به ، ومنها { لاَ يُؤْمِنُونَ } أي بالله وبما أخبرتهم به عنه .
وإلى هنا يكون القرآن قد حدثنا عن طائفتين من الناس : طائفة المتقين وما لها من جميل الصفات ، وجزيل الثواب ، وطائفة الكافرين وما لها من ذميم النعوت ، وشديد العقاب .
ثم ابتدأ القرآن بعد ذلك حديثه عن طائفة ثالثة ليس عندها إخلاص المتقين ، وليس لديها صراحة الكافرين ، وإنما هي طائفة قلقة مذبذبة لا إلى هؤلاء ولا إلى أولئك ، تلك الطائفة الثالثة هي طائفة المنافقين الذين فضحهم القرآن .
وأماط اللئام عن خفاياهم وخداعهم فقال :{ وَمِنَ الناس مَن يَقُولُ آمَنَّا بالله وباليوم الآخر ... }

تفسير ابن كثير : شرح الآية 7 من سورة البقرة


قال السدي : ( ختم الله ) أي : طبع الله ، وقال قتادة في هذه الآية : استحوذ عليهم الشيطان إذ أطاعوه ؛ فختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ، فهم لا يبصرون هدى ولا يسمعون ولا يفقهون ولا يعقلون .وقال ابن جريج : قال مجاهد : ( ختم الله على قلوبهم ) قال : نبئت أن الذنوب على القلب تحف به من كل نواحيه حتى تلتقي عليه ، فالتقاؤها عليه الطبع ، والطبع : الختم ، قال ابن جريج : الختم على القلب والسمع .قال ابن جريج : وحدثني عبد الله بن كثير ، أنه سمع مجاهدا يقول : الران أيسر من الطبع ، والطبع أيسر من الأقفال ، والأقفال أشد من ذلك كله .وقال الأعمش : أرانا مجاهد بيده فقال : كانوا يرون أن القلب في مثل هذه - يعني : الكف - فإذا أذنب العبد ذنبا ضم منه ، وقال بأصبعه الخنصر هكذا ، فإذا أذنب ضم . وقال بأصبع أخرى ، فإذا أذنب ضم . وقال بأصبع أخرى وهكذا ، حتى ضم أصابعه كلها ، ثم قال : يطبع عليه بطابع .وقال مجاهد : كانوا يرون أن ذلك : الرين .ورواه ابن جرير : عن أبي كريب ، عن وكيع ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، بنحوه .قال ابن جرير : وقال بعضهم : إنما معنى قوله : ( ختم الله على قلوبهم ) إخبار من الله عن تكبرهم ، وإعراضهم عن الاستماع لما دعوا إليه من الحق ، كما يقال : إن فلانا لأصم عن هذا الكلام ، إذا امتنع من سماعه ، ورفع نفسه عن تفهمه تكبرا .قال : وهذا لا يصح ؛ لأن الله قد أخبر أنه هو الذي ختم على قلوبهم وأسماعهم .( قلت ) : وقد أطنب الزمخشري في تقرير ما رده ابن جرير هاهنا وتأول الآية من خمسة أوجه وكلها ضعيفة جدا ، وما جرأه على ذلك إلا اعتزاله ؛ لأن الختم على قلوبهم ومنعها من وصول الحق إليها قبيح عنده - تعالى الله عنه في اعتقاده - ولو فهم قوله تعالى : ( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ) وقوله ( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون ) وما أشبه ذلك من الآيات الدالة على أنه تعالى إنما ختم على قلوبهم وحال بينهم وبين الهدى جزاء وفاقا على تماديهم في الباطل وتركهم الحق ، وهذا عدل منه - تعالى - حسن وليس بقبيح ، فلو أحاط علما بهذا لما قال ما قال ، والله أعلم .قال القرطبي : وأجمعت الأمة على أن الله عز وجل قد وصف نفسه بالختم والطبع على قلوب الكافرين مجازاة لكفرهم كما قال : ( بل طبع الله عليها بكفرهم ) وذكر حديث تقليب القلوب : ويا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك وذكر حديث حذيفة الذي في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء ، حتى تصير على قلبين : على أبيض مثل الصفاء فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض ، والآخر أسود مرباد كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا الحديث .قال والحق عندي في ذلك ما صح بنظيره الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو ما حدثنا به محمد بن بشار ، حدثنا صفوان بن عيسى ، حدثنا ابن عجلان ، عن القعقاع ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن المؤمن إذا أذنب ذنبا كانت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب ونزع واستعتب صقل قلبه ، وإن زاد زادت حتى تعلو قلبه ، فذلك الران الذي قال الله تعالى : ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ) [ المطففين : 14 ] .وهذا الحديث من هذا الوجه قد رواه الترمذي والنسائي ، عن قتيبة ، عن الليث بن سعد ، وابن ماجه عن هشام بن عمار عن حاتم بن إسماعيل والوليد بن مسلم ، ثلاثتهم عن محمد بن عجلان ، به .وقال الترمذي : حسن صحيح .ثم قال ابن جرير : فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الذنوب إذا تتابعت على القلوب أغلقتها ، وإذا أغلقتها أتاها حينئذ الختم من قبل الله تعالى والطبع ، فلا يكون للإيمان إليها مسلك ، ولا للكفر عنها مخلص ، فذلك هو الختم والطبع الذي ذكر في قوله تعالى : ( ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم ) نظير الطبع والختم على ما تدركه الأبصار من الأوعية والظروف التي لا يوصل إلى ما فيها إلا بفض ذلك عنها ثم حلها ، فكذلك لا يصل الإيمان إلى قلوب من وصف الله أنه ختم على قلوبهم وعلى سمعهم إلا بعد فض خاتمه وحله رباطه [ عنها ] .واعلم أن الوقف التام على قوله تعالى : ( ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم ) ، وقوله ( وعلى أبصارهم غشاوة ) جملة تامة ، فإن الطبع يكون على القلب وعلى السمع ، والغشاوة - وهي الغطاء - تكون على البصر ، كما قال السدي في تفسيره عن أبي مالك ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود ، وعن أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : ( ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم ) يقول : فلا يعقلون ولا يسمعون ، ويقول : وجعل على أبصارهم غشاوة ، يقول : على أعينهم فلا يبصرون .قال ابن جرير : حدثني محمد بن سعد حدثنا أبي ، حدثني عمي الحسين بن الحسن ، عن أبيه ، عن جده ، عن ابن عباس : ( ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم ) والغشاوة على أبصارهم .وقال : حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، يعني ابن داود ، وهو سنيد ، حدثني حجاج ، وهو أبو محمد الأعور ، حدثني ابن جريج قال : الختم على القلب والسمع ، والغشاوة على البصر ، قال الله تعالى : ( فإن يشأ الله يختم على قلبك ) [ الشورى : 24 ] ، وقال ( وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة ) [ الجاثية : 23 ] .قال ابن جرير : ومن نصب غشاوة من قوله تعالى : ( وعلى أبصارهم غشاوة ) يحتمل أنه نصبها بإضمار فعل تقديره : وجعل على أبصارهم غشاوة ، ويحتمل أن يكون نصبها على الإتباع ، على محل ( وعلى سمعهم ) كقوله تعالى : ( وحور عين ) [ الواقعة : 22 ] ، وقول الشاعر :علفتها تبنا وماء باردا حتى شتت همالة عيناهاوقال الآخر :ورأيت زوجك في الوغى متقلدا سيفا ورمحاتقديره : وسقيتها ماء باردا ، ومعتقلا رمحا .لما تقدم وصف المؤمنين في صدر السورة بأربع آيات ، ثم عرف حال الكافرين بهاتين الآيتين ، شرع تعالى في بيان حال المنافقين الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر ، ولما كان أمرهم يشتبه على كثير من الناس أطنب في ذكرهم بصفات متعددة ، كل منها نفاق ، كما أنزل سورة " براءة " فيهم ، وسورة " المنافقين " فيهم ، وذكرهم في سورة " النور " وغيرها من السور ، تعريفا لأحوالهم لتجتنب ، ويجتنب من تلبس بها.

تفسير الطبري : معنى الآية 7 من سورة البقرة


القول في تأويل قوله جل ثناؤه: خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْقال أبو جعفر: وأصلُ الختم: الطَّبْع.
والخاتَم هو الطَّابع.
يقال منه: ختمتُ الكتابَ, إذا طبَعْتَه.
فإن قال لنا قائل: وكيف يختِمُ على القلوبِ, وإنما الختمُ طبعٌ على الأوعية والظروف والغلف (17) ؟قيل: فإن قلوبَ العباد أوعيةٌ لما أُودِعت من العلوم، وظروفٌ لما جُعل فيها من المعارف بالأمور (18) .
فمعنى الختم عليها وعلى الأسماع - التي بها تُدرَك المسموعات, ومن قِبَلها يوصَل إلى معرفة حقائق الأنباء عن المُغَيَّبات - نظيرُ معنى الختم على سائر الأوعية والظروف.
فإن قال: فهل لذلك من صفةٍ تصفُها لنا فنفهمَها؟ أهي مثل الختم الذي يُعْرَف لما ظَهَر للأبصار, أم هي بخلاف ذلك؟قيل: قد اختلف أهل التأويل في صفة ذلك, وسنخبر بصفته بعد ذكرنا قولهم:300- فحدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرَّمْلي, قال: حدثنا يحيى بن عيسى, عن الأعمش, قال: أرانا مُجاهدٌ بيَدِه فقال: كانوا يُرَوْنَ أنّ القلبَ في مثل هذا - يعني الكفَّ - فإذا أذنبَ العبد ذنبًا ضُمّ منه - وقال بإصبعِه الخنصر هكذا (19) - فإذا أذنب ضُمَّ - وقال بإصبع أخرى - فإذا أذنب ضُمَّ - وقال بإصبع أخرى هكذا، حتى ضم أصابعَه كلَّها، قال: ثم يُطبع عليه بطابَعٍ.
قال مُجاهد: وكانوا يُرَوْن أنّ ذلك: الرَّيْنُ (20) .
301- حدثنا أبو كُريب, قال: حدثنا وكيع، عن الأعمش, عن مجاهد, قال: القلبُ مثلُ الكفّ, فإذا أذنب ذنبًا قبض أصبعًا حتى يقبض أصابعه كلها - وكان أصحابنا يُرون أنه الرَّان (21) .
302- حدثنا القاسم بن الحسن, قال: حدثنا الحسين بن داود, قال: حدثني حجاج, قال: حدثنا ابن جُريج, قال: قال مجاهد: نُبِّئت أنِّ الذنوبَ على القلب تحُفّ به من نواحيه حتى تلتقي عليه, فالتقاؤُها عليه الطَّبعُ, والطبعُ: الختم.
قال ابن جريج: الختْم، الخَتْم على القلب والسَّمع (22) .
303- حدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: حدثني حجاج, عن ابن جُريج, قال: حدثني عبد الله بن كَثير، أنه سمع مجاهدًا يقول: الرّانُ أيسَرُ من الطَّبْع, والطَّبع أيسر من الأقْفَال, والأقفال أشدُّ ذلك كله (23) .
وقال بعضهم: إنما معنى قوله " ختم الله على قُلوبهم " إخبارٌ من الله جل ثناؤه عن تكبرهم، وإعراضهم عن الاستماع لِمَا دُعُوا إليه من الحق, كما يقال: " إنّ فلانًا لأصَمُّ عن هذا الكلام ", إذا امتنع من سَمَاعه، ورفع نفسه عن تفهُّمه تكبرًا.
قال أبو جعفر: والحق في ذلك عندي ما صَحَّ بنظيره الخبرُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ما:-304- حدثنا به محمد بن بشار قال: حدثنا صفوان بن عيسى, قال: حدثنا ابن عَجْلان، عن القَعْقَاع, عن أبي صالح, عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّ المؤمنَ إذا أذنب ذنبًا كانت نُكْتهٌ سوداءُ في قلبه, فإن تاب وَنزع واستغفر، صَقَلت قلبه, فإن زاد زادت حتى تُغْلق قلبه، فذلك " الرَّانُ" الذي قال الله جل ثناؤه: كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (24) [سورة المطففين: 14].
فأخبر صلى الله عليه وسلم أنّ الذنوب إذا تتابعت على القلوب أغلقتها, وإذا أغلفتها أتاها حينئذ الخَتْم من قبل الله عز وجلّ والطبع (25) ، فلا يكون للإيمان إليها مَسْلك, ولا للكفر منها مَخْلَص، فذلك هو الطَّبع.
والختم الذي ذكره الله تبارك وتعالى في قوله: ( خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ )، نظيرُ الطبع والختم على ما تدركه الأبصار من الأوعية والظروف، التي لا يوصَل إلى ما فيها إلا بفضِّ ذلك عنها ثم حلّها.
فكذلك لا يصل الإيمان إلى قلوب من وَصَف الله أنه ختم على قلوبهم, إلا بعد فضِّه خَاتمَه وحلِّه رباطَه عنها.
ويقال لقائلي القول الثاني، الزاعمين أنّ معنى قوله جل ثناؤه " ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم "، هو وَصْفُهم بالاستكبار والإعراض عن الذي دُعوا إليه من الإقرار بالحق تكبُّرًا: أخبرونا عن استكبار الذين وَصَفهم الله جل ثناؤه بهذه الصفة، وإعراضِهم عن الإقرار بما دُعوا إليه من الإيمان وسائر المعاني اللَّواحق به - أفعلٌ منهم, أم فعلٌ من الله تعالى ذكرُه بهم؟فإن زعموا أنّ ذلك فعلٌ منهم -وذلك قولهم- قيل لهم: فإنّ الله تبارك وتعالى قد أخبر أنه هو الذي خَتم على قلوبهم وسمْعهم.
وكيف يجوز أن يكون إعراضُ الكافرِ عن الإيمان، وتكبُّره عن الإقرار به -وهو فعله عندكم- خَتمًا من الله على قلبه وسمعه , وختمهُ على قَلبه وسَمْعه، فعلُ الله عز وجل دُون الكافر؟فإن زعموا أن ذلك جائز أن يكون كذلك - لأن تكبُّرَه وإعراضه كانا عن ختم الله على قلبه وسمعه, فلما كان الختمُ سببًا لذلك، جاز أن يسمى مُسَبِّبه به - تركوا قولَهم, وأوجبوا أنّ الختمَ من الله على قلوب الكفار وأسماعهم، معنًى غيرُ كفْرِ الكافِر، وغيرُ تكبره وإعراضه عن قبول الإيمان والإقرار به.
وذلك دخولُ فيما أنكروه (26) .
وهذه الآية من أوْضحِ الدليل على فساد قول المنكرين تكليفَ ما لا يُطاق إلا بمعونة الله، لأن الله جل ثناؤه أخبرَ أنه ختم على قلوب صِنْف من كُفَّار عباده وأسماعهم, ثم لم يُسقط التكليف عنهم، ولم يَضَعْ عن أحدٍ منهم فرائضَه، ولم يعذِرْهُ في شيء مما كان منه من خلاف طاعته بسبب ما فعل به من الختم والطبع على قلبه وسمعه - بَلْ أخبر أن لجميعِهم منه عذابًا عظيما على تركِهم طاعتَه فيما أمرهم به ونهاهم عنه من حدوده وفرائضه، مع حَتْمه القضاءَ عليهم مع ذلك، بأنهم لا يؤمنون.
القول في تأويل قوله جل ثناؤه: وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌقال أبو جعفر: وقوله ( وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ) خبرٌ مبتدأ بعد تمام الخبر عمَّا ختم الله جلَّ ثناؤه عليه من جوارح الكفّار الذين مضت قِصَصهم.
وذلك أن " غِشاوةٌ" مرفوعة بقوله " وعلى أبصارهم "، فذلك دليل على أنه خَبرٌ مبتدأ, وأن قوله خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ، قد تناهى عند قوله وَعَلَى سَمْعِهِمْ .
وذلك هو القراءة الصحيحة عندنا لمعنيين:أحدهما: اتفاق الحجة من القُرَّاء والعلماء على الشهادة بتصحيحها, وانفرادُ المخالف لهم في ذلك، وشذوذه عمّا هم على تَخطئته مجمعون.
وكفى بإجماع الحجة على تخطئة قراءته شاهدًا على خطئها.
والثاني: أنّ الختمَ غيرُ موصوفةٍ به العيونُ في شيء من كتاب الله, ولا في خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولا موجودٍ في لغة أحد من العرب.
وقد قال تبارك وتعالى في سورة أخرى: وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ ، ثم قال: وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً [سورة الجاثية: 23]، فلم يدخل البصرَ في معنى الختم.
وذلك هو المعروف في كلام العرب، فلم يَجُزْ لنا، ولا لأحدٍ من الناس، القراءةُ بنصب الغِشاوة، لما وصفتُ من العلّتين اللتين ذكرت, وإن كان لنَصْبها مخرجٌ معروفٌ في العربية.
وبما قلنا في ذلك من القولِ والتأويلِ, رُوي الخبر عن ابن عباس:305- حدثني محمد بن سعد, قال: حدثني أبي, قال: حدثني عمي الحسين بن الحسن, عن أبيه, عن جده, عن ابن عباس: خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ ، والغشاوة على أبصارهم (27) .
فإن قال قائل: وما وجهُ مخرج النَّصْب فيها؟قيل له: أن تنصبها بإضمار " جعل " (28) ، كأنه قال: وجعل على أبصارهم غِشَاوةً، ثم أسقط" جعل "، إذْ كان في أول الكلام ما يدُلّ عليه.
وقد يحتمل نَصبُها على إتباعهِا موضعَ السمع، إذ كان موضعه نصبًا, وإن لم يكن حَسَنًا إعادةُ العامل فيه على " غشاوة "، ولكن على إتباع الكلام بعضِه بعضًا, كما قال تعالى ذكره: يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ ، ثم قال: وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ * وَحُورٌ عِينٌ ، [سورة الواقعة: 17-22]، فخفَضَ اللحمَ والحورَ على العطف به على الفاكهة، إتباعًا لآخر الكلام أوّلَه.
ومعلومٌ أن اللحمَ لا يطاف به ولا بالحور العين, ولكن كما قال الشاعر يصف فرسه:عَلَفْتُهَا تِبْنًا ومَاء بارِدًاحَتَّى شَتَتْ هَمَّالَةً عَيْنَاهَا (29)ومعلومٌ أن الماء يُشرَب ولا يعلف به, ولكنه نَصب ذلك على ما وصفتُ قبلُ، وكما قال الآخر:ورأَيْتُ زَوْجَكِ فِي الوَغَىمُتَقَلِّدًا سَيْفًا ورُمْحَا (30)وكان ابن جُريج يقول - في انتهاء الخبر عن الختم إلى قوله وَعَلَى سَمْعِهِمْ ، وابتداءِ الخبر بعده - بمثل الذي قلنا فيه, ويتأوّل فيه من كتاب الله فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ [سورة الشورى: 24].
306- حدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: حدثني حجاج, قال: حدثنا ابن جُريج، قال: الختمُ على القلب والسمع, والغشاوة على البَصَر, قال الله تعالى ذكره: فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ (31) ، وقال: وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً [سورة الجاثية: 23].
والغشاوة في كلام العرب: الغطاءُ، ومنه قول الحارث بن خالد بن العاص:تَبِعْتُكَ إذْ عَيْني عَلَيْهَا غِشَاوَةٌفَلَمَّا انْجَلَتْ قَطعْتُ نَفْسِي أَلُومُهَا (32)ومنه يقال: تغشَّاه الهم: إذا تجلَّله وركبه، ومنه قول نابغة بني ذبيان:هَلا سَأَلْتِ بَنِي ذُبيَان مَا حَسَبيإذَا الدُّخانُ تَغَشَّى الأشمَط البَرَمَا (33)يعني بذلك: تجلّله وَخالطه.
وإنما أخبر الله تعالى ذكره نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم عن الذين كفروا به من أحبار اليهود, أنه قد خَتَم على قلوبهم وطَبَع عليها - فلا يعقلون لله تبارك وتعالى موعظةً وعظهم بها، فيما آتاهم من علم ما عندهم من كُتبِه, وفيما حدَّد في كتابه الذي أوحاه وأنزله إلى نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم - وعلى سمعهم، فلا يسمَعُون من محمد صلى الله عليه وسلم نبيِّ الله تحذيرًا ولا تذكيرًا ولا حجةً أقامها عليهم بنبوَّته, فيتذكُروا ويحذروا عقاب الله عز وجلّ في تكذيبهم إياه, مع علمهم بصدقه وصحّة أمره.
وأعلمه مع ذلك أنّ على أبصارهم غشاوةً عن أن يُبصروا سبيل الهُدَى، فيعلموا قُبْحَ ما هم عليه من الضلالة والرَّدَى.
وبنحو ما قلنا في ذلك، رُوي الخبر عن جماعة من أهل التأويل:307- حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلمة, عن محمد بن إسحاق, عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت, عن عكرمة, أو عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس: ( خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ )، أيْ عن الهدى أن يُصيبوه أبدًا بغير ما كذبوك به من الحقّ الذي جاءك من ربِّك, حتى يؤمنوا به, وإن آمنوا بكل ما كان قبلك (34) .
308- حدثني موسى بن هارون الهمداني, قال: حدثنا عمرو بن حماد, قال: حدثنا أسباط, عن السُّدّيّ في خبر ذكره عن أبي مالك, وعن أبي صالح، عن ابن عباس - وعن مُرّة الهمداني, عن ابن مسعود, وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ يقول: فلا يعقلون ولا يَسْمعون.
ويقول: " وجَعل على أبصارهم غشاوة " يقول: على أعينهم فلا يُبصرون (35) .
وأما آخرون، فإنهم كانوا يتأولون أنّ الذين أخبر الله عنهم من الكفّار أنه فعل ذلك بهم، هم قادة الأحزاب الذين قتلوا يوم بدر.
309- حدثني المثنى بن إبراهيم, قال: حدثنا إسحاق بن الحجاج, قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع بن أنس, قال: هاتان الآيتان إلى وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ هم الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ [سورة إبراهيم: 28]، وهمُ الذين قُتلوا يوم بدر، فلم يدخل من القادة أحدٌ في الإسلام إلا رجلان: أبو سفيان بن حَرْب, والحَكَم بن أبي العاص (36) .
310- وحدثت عن عمار بن الحسن, قال: حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع بن أنس, عن الحسن, قال: أما القادةُ فليس فيهم مُجيبٌ ولا ناجٍ ولا مُهْتَدٍ.
وقد دللنا فيما مضى على أوْلى هذين التأويلين بالصواب، فكرهنا إعادته.
* * *القول في تأويل قوله جل ثناؤه: وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)وتأويلُ ذلك عندي، كما قاله ابن عباس وتأوّله:311- حدثنا ابنُ حميد, قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت, عن عكرمة, أو عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس: ولهم بما هُمْ عليه من خلافك عذابٌ عظيم.
قال: فهذا في الأحبار من يهود، فيما كذَّبوكِ به من الحق الذي جاءك من رّبك بعد معرفتهم (37) .
--------------------الهوامش :(17) الغلف جمع غلاف : وهو الصوان الذي يشتمل على ما أوعيت فيه .
(18) في المخطوطة : "من المعارف بالعلوم" .
(19) قال بإصبعه : أشار بإصبعه .
(20) الأثر 300- عيسى بن عثمان بن عيسى بن عبد الرحمن ، التميمي النهشلي : قال النسائي : "صالح" .
وهو من شيوخ الترمذي وابن مندة وغيرهما ، مات سنة 251 ، وروى عنه البخاري أيضًا في التاريخ الصغير : 224 في ترجمة عمه .
وعمه"يحيى بن عيسى" .
وثقه أحمد والعجلي وغيرهما ، وترجمه البخاري في الصغير ، قال : "حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى ، قال : مات يحيى بن عيسى أبو زكريا التميمي سنة 201 أو نحوها .
كوفي الأصل ، وإنما قيل : الرملي ، لأنه حدث بالرملة ومات فيها" ، وترجمه في الكبير أيضًا 4/2 : 296"يحيى بن عيسى بن عبد الرحمن الرملي ، سمع الأعمش ، وهو التميمي أبو زكريا الكوفي ، سكن الرملة .
.
.
" .
ولم يذكر فيه جرحًا .
وهذا الأثر ، سيأتي بهذا الإسناد في تفسير آية سورة المطففين : 14 (30 : 63 بولاق) .
وذكره ابن كثير 1 : 82 ، والسيوطي 6 : 326 .
(21) الأثر 301- سيأتي أيضًا (30 : 63 بولاق) .
وأشار إليه ابن كثير 1 : 83 دون أن يذكر لفظه .
وكذلك السيوطي 6 : 325 .
(22) الأثر 302- هذا من رواية ابن جريج عن مجاهد ، والظاهر أنه منقطع ، لأن ابن جريج يروي عن مجاهد بالواسطة ، كما سيأتي في الأثر بعده .
وهذا الأثر ذكره ابن كثير 1 : 83 ، ولكنه محرف فيه من الناسخ أو الطابع .
(23) الأثر 303- عبد الله بن كثير : هو الداري المكي ، أحد القراء السبعة المشهورين ، وهو ثقة .
وقد قرأ القرآن على مجاهد .
وقد خلط ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 2/2 : 144 بينه وبين"عبد الله بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة السهمي" .
ويظهر من كلام الحافظ في التهذيب 5 : 368 أن هذا الوهم كان من البخاري نفسه ، فلعل ابن أبي حاتم تبعه في وهمه دون تحقيق .
وهذا الأثر ذكره ابن كثير 1 : 83 ، وكذلك السيوطي 6 : 326 ، وزاد نسبته إلى البيهقي .
(24) الحديث 304- سيأتي في الطبري بهذا الإسناد 30 : 62 بولاق .
ورواه هناك بإسناد آخر قبله ، وبإسنادين آخرين بعده : كلها من طريق محمد بن عجلان عن القعقاع .
محمد بن بشار : هو الحافظ البصري ، عرف بلقب"بندار" بضم الباء وسكون النون .
روى عنه أصحاب الكتب الستة وغيرهم من الأئمة .
ووقع في المطبوعة هنا"محمد بن يسار" ، وهو خطأ .
ابن عجلان ، بفتح العين وسكون الجيم : هو محمد بن عجلان المدني ، أحد العلماء العاملين الثقات .
القعقاع بن حكيم الكناني المدني : تابعي ثقة .
أبو صالح : هو السمان ، واسمه"ذكوان" .
تابعي ثقة ، قال أحمد : "ثقة ثقة ، من أجل الناس وأوثقهم" .
والحديث رواه أحمد في المسند 7939 (2 : 297 حلبي) عن صفوان بن عيسى ، بهذا الإسناد .
ورواه الحاكم 2 : 517 من طريق بكار بن قتيبة القاضي عن صفوان .
وقال : "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه" ، ووافقه الذهبي .
ورواه الترمذي 4 : 210 ، وابن ماجه 2 : 291 ، من طريق محمد بن عجلان .
قال الترمذي : "هذا حديث حسن صحيح" .
وذكره ابن كثير 1 : 84 من رواية الطبري هذه ، ثم قال : هذا الحديث من هذا الوجه ، قد رواه الترمذي والنسائي عن قتيبة عن الليث بن سعد ، وابن ماجه عن هشام بن عمار عن حاتم بن إسماعيل والوليد ابن مسلم - ثلاثتهم عن محمد بن عجلان ، به .
وقال الترمذي : "حسن صحيح" ، ثم ذكره مرة أخرى 9 : 143 من رواية هؤلاء ومن رواية أحمد في المسند .
وذكره السيوطي 6 : 325 ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد ، وابن حبان ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، والبيهقي في شعب الإيمان .
وفي متن الحديث هنا ، في المطبوعة"كان نكتة .
.
.
صقل قلبه .
.
.
حتى يغلف قلبه" .
وهو في رواية الطبري الآتية ، كما في المخطوطة ، إلا قوله"حتى تغلق قلبه" ، فهي هناك"حتى تعلو قلبه" .
(25) في المطبوعة : "أغلفتها" في الموضعين ، والتصحيح من المخطوطة وابن كثير .
(26) في المطبوعة : "وذلك دخول فيما أنكروه" .
(27) الخبر 305- هذا الإسناد من أكثر الأسانيد دورانًا في تفسير الطبري ، وقد مضى أول مرة 118 ، ولم أكن قد اهتديت إلى شرحه .
وهو إسناد مسلسل بالضعفاء من أسرة واحدة ، إن صح هذا التعبير! وهو معروف عند العلماء ب "تفسير العوفي" ، لأن التابعي -في أعلاه- الذي يرويه عن ابن عباس ، هو"عطية العوفي" ، كما سنذكر .
قال السيوطي في الإتقان 2 : 224 : "وطريق العوفي عن ابن عباس ، أخرج منها ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، كثيرًا .
والعوفي ضعيف ، ليس بواه ، وربما حسن له الترمذي" .
وسنشرحه هنا مفصلا ، إن شاء الله :محمد بن سعد ، الذي يروى عنه الطبري : هو محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية بن سعد بن جنادة العوفي ، من"بني عوف بن سعد" فخذ من"بني عمرو بن عياذ بن يشكر بن بكر بن وائل" .
وهو لين في الحديث ، كما قال الخطيب .
وقال الدارقطني : "لا بأس به" .
مات في آخر ربيع الآخر سنة 276 .
ترجمه الخطيب في تاريخ بغداد 5 : 322 - 323 .
والحافظ في لسان الميزان 5 : 174 .
وهو غير"محمد بن سعد بن منيع" كاتب الواقدي ، وصاحب كتاب الطبقات الكبير ، فهذا أحد الحفاظ الكبار الثقات المتحرين ، قديم الوفاة ، مات في جمادي الآخرة سنة 230 .
أبوه"سعد بن محمد بن الحسن العوفي" : ضعيف جدًّا ، سئل عنه الإمام أحمد ، فقال : "ذاك جهمي" ، ثم لم يره موضعًا للرواية ولو لم يكن ، فقال : "لو لم يكن هذا أيضًا لم يكن ممن يستأهل أن يكتب عنه ، ولا كان موضعًا لذاك" .
وترجمته عند الخطيب 9 : 136 - 127 ، ولسان الميزان 3 : 18 - 19 .
عن عمه : أي عم سعد ، وهو"الحسين بن الحسن بن عطية العوفي" .
كان على قضاء بغداد ، قال ابن معين : "كان ضعيفًا في القضاء .
ضعيفًا في الحديث" .
وقال ابن سعد في الطبقات : "وقد سمع سماعًا كثيرًا ، وكان ضعيفًا في الحديث" .
وضعفه أيضًا أبو حاتم والنسائي .
وقال ابن حبان في المجروحين : "منكر الحديث .
.
ولا يجوز الاحتجاج بخبره" .
وكان طويل اللحية جدا ، روى الخطيب من أخبارها طرائف ، مات سنة 201 .
مترجم في الطبقات 7/2/ 74 ، والجرح والتعديل 1/2/ 48 ، وكتاب المجروحين لابن حبان ، رقم 228 ص 167 ، وتاريخ بغداد 8 : 29 - 32 ، ولسان الميزان 2 : 278 .
عن أبيه : وهو"الحسن بن عطية بن سعد العوفي" ، وهو ضعيف أيضًا ، قال البخاري في الكبير : "ليس بذاك" ، وقال أبو حاتم : " ضعيف الحديث" .
وقال ابن حبان : "يروى عن أبيه ، روى عنه ابنه محمد بن الحسن ، منكر الحديث ، فلا أدري : البلية في أحاديثه منه ، أو من أبيه ، أو منهما معًا؟ لأن أباه ليس بشيء في الحديث ، وأكثر روايته عن أبيه ، فمن هنا اشتبه أمره ، ووجب تركه" .
مترجم في التاريخ الكبير 1/2/ 299 ، وابن أبي حاتم 1/2/ 26 ، والمجروحين لابن حبان ، رقم 210 ص 158 ، والتهذيب .
عن جده : وهو"عطية بن سعد بن جنادة العوفي" ، وهو ضعيف أيضًا ، ولكنه مختلف فيه ، فقال ابن سعد : "كان ثقة إن شاء الله ، وله أحاديث صالحة .
ومن الناس من لا يحتج به" ، وقال أحمد : "هو ضعيف الحديث .
بلغني أن عطية كان يأتي الكلبي فيأخذ عنه التفسير .
وكان الثوري وهشيم يضعفان حديث عطية" .
قال : صالح" .
وقد رجحنا ضعفه في شرح حديث المسند : 3010 ، وشرح حديث الترمذي : 551 ، وإنما حسن الترمذي ذاك الحديث لمتابعات ، ليس من أجل عطية .
وقد ضعفه النسائي أيضًا في الضعفاء : 24 .
وضعفه ابن حبان جدًّا ، في كتاب المجروحين ، قال : " .
.
فلا يحل كتبة حديثه إلا على وجه التعجب" ، الورقة : 178 .
وانظر أيضًا : ابن سعد 6 : 212 - 213 والكبير البخاري 4/1/ 8 - 9 .
والصغير 126 .
وابن أبي حاتم 3/1/ 382 - 383 .
والتهذيب .
والخبر نقله ابن كثير 1 : 85 ، والسيوطي في الدر المنثور 1 : 29 ، وزاد نسبته لابن أبي حاتم .
وكذلك صنع الشوكاني 1 : 28 .
(28) في المطبوعة : "إن نصبها .
.
" .
(29) لا يعرف قائله ، وأنشده الفراء في معاني القرآن 1 : 14 وقال : "أنشدني بعض بني أسد يصف فرسه" ، وفي الخزانة 1 : 499 : "رأيت في حاشية صحيحة من الصحاح أنه لذي الرمة ، ففتشت ديوانه فلم أجده" .
وسيأتي في تفسير آية سورة المائدة : 109 (7 : 81 بولاق) .
وقوله"شتت" من شتا بالمكان : أقام فيه زمن الشتاء ، وهو زمن الجدب ، وهمالة : تهمل دمعها أي تسكبه وتصبه من شدة البرد .
(30) مضى تخريج هذا البيت في ص 140 .
(31) الأثر 306- ساقه ابن كثير في تفسيره 1 : 85 ، والشوكاني 1 : 28 .
(32) الشاعر هو الحارث بن خالد المخزومي ، ويأتي البيت في تفسير آية سورة الأعراف : 18 (8 : 103 بولاق) ، وروايته هناك : "صحبتك إذ عيني .
.
أذيمها" ، شاهدًا على"الذام" ، وهو أبلغ في العيب من الذم ، ثم قال أبو جعفر : "وأكثر الرواة على إنشاده : ألومها" ، وخبر البيت : أن عبد الملك بن مروان لما ولى الخلافة حج البيت ، فلما انصرف رحل معه الحارث إلى دمشق ، فظهرت له منه جفوة ، وأقام ببابه شهرًا لا يصل إليه ، فانصرف عنه وقال البيت الشاهد وبعده :وما بِيَ إن أقصَيتنِي من ضَرَاعةٍوَلاَ افْتَقَرَتْ نَفْسِي إلى مَنْ يَضِيمُها(انظر الأغاني 3 : 317) ، وبلغ عبد الملك شعره ، فأرسل إليه من رده إليه .
(33) ديوانه : 52 .
والأشمط : الذي شاب رأسه من الكبر ، والبرم : الذي لا يدخل مع القوم في الميسر .
قال ابن قتيبة في المعاني الكبير 410 ، 1238 : "وإنما خص الأشمط ، لأنه قد كبر وضعف ، فهو يأتي مواضع اللحم" .
(34) الخبر 307- ذكره السيوطي 1 : 29 متصلا بما مضى : 295 ، 299 وبما يأتي : 311 .
ساقها سياقًا واحدًا .
(35) الخبر 308- ساقه ابن كثير 1 : 85 .
وذكره السيوطي 1 : 29 ، والشوكاني 1 : 28 عن ابن مسعود فقط .
(36) الأثر 309- هو تتمة الأثر الماضي : 298 ، كما ساقه السيوطي 1 : 29 ، والشوكاني 1 : 28 .
وقد أشرنا إليه هناك .
(37) الخبر 311- هو تتمة الأخبار : 295 ، 299 ، 307 ، ساقها السيوطي 1 : 29 مساقًا واحدًا ، كما أشرنا من قبل .
ولكنه حذف من آخره ما بعد قوله"فهذا في الأحبار من يهود" .
لعله ظنه من كلام الطبري .
والسياق واضح أنه من تتمة الخبر .

ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم

سورة : البقرة - الأية : ( 7 )  - الجزء : ( 1 )  -  الصفحة: ( 3 ) - عدد الأيات : ( 286 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: وأخرجت الأرض أثقالها
  2. تفسير: ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون
  3. تفسير: وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن
  4. تفسير: وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون
  5. تفسير: ألم يعلم بأن الله يرى
  6. تفسير: بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون
  7. تفسير: وما هو على الغيب بضنين
  8. تفسير: وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن
  9. تفسير: فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما
  10. تفسير: فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون

تحميل سورة البقرة mp3 :

سورة البقرة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة البقرة

سورة البقرة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة البقرة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة البقرة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة البقرة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة البقرة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة البقرة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة البقرة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة البقرة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة البقرة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة البقرة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

عظيم , الله ,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب