1. التفسير الميسر
  2. تفسير الجلالين
  3. تفسير السعدي
  4. تفسير البغوي
  5. التفسير الوسيط
تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ البقرة: 7] .

  
   

﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾
[ سورة البقرة: 7]

القول في تفسير قوله تعالى : ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم ..


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

التفسير الميسر : ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم


طبع الله على قلوب هؤلاء وعلى سمعهم، وجعل على أبصارهم غطاء؛ بسبب كفرهم وعنادهم مِن بعد ما تبيَّن لهم الحق، فلم يوفقهم للهدى، ولهم عذاب شديد في نار جهنم.

المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار


لأن الله طبع على قلوبهم فأغلقها على ما فيها من باطل، وطبع على سمعهم فلا يسمعون الحق سماع قَبول وانقياد، وجعل على أبصارهم غطاء فلا يبصرون الحق مع وضوحه، ولهم في الآخرة عذاب عظيم.

تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 7


«ختم الله على قلوبهم» طبع عليها واستوثق فلا يدخلها خير «وعلى سمعهم» أي مواضعه فلا ينتفعون بما يسمعونه من الحق «وعلى أبصارهم غشاوة» غطاء فلا يبصرون الحق «ولهم عذاب عظيم» قوي دائم.

تفسير السعدي : ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم


ثم ذكر الموانع المانعة لهم من الإيمان فقال: { خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ }- أي: طبع عليها بطابع لا يدخلها الإيمان, ولا ينفذ فيها، فلا يعون ما ينفعهم, ولا يسمعون ما يفيدهم.
{ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ }- أي: غشاء وغطاء وأكنة تمنعها عن النظر الذي ينفعهم, وهذه طرق العلم والخير, قد سدت عليهم, فلا مطمع فيهم, ولا خير يرجى عندهم، وإنما منعوا ذلك, وسدت عنهم أبواب الإيمان بسبب كفرهم وجحودهم ومعاندتهم بعد ما تبين لهم الحق, كما قال تعالى: { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } وهذا عقاب عاجل.
ثم ذكر العقاب الآجل، فقال: { وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } وهو عذاب النار, وسخط الجبار المستمر الدائم.

تفسير البغوي : مضمون الآية 7 من سورة البقرة


فقال: ختم الله: طبع الله.
على قلوبهم فلا تعي خيراً ولا تفهمه.
وحقيقة الختم الاستيثاق من الشيء كيلا يدخله ما خرج منه ولا يخرج عنه ما فيه، ومنه الختم على الباب.
قال أهل السنة: أي حَكَمَ على قلوبهم بالكفر، لِمَا سبق من علمه الأزلي فيهم.
وقال المعتزلة: "جعل على قلوبهم علامة تعرفهم الملائكة بها".
وعلى سمعهم: أي على موضع سمعهم فلا يسمعون الحق ولا ينتفعون به.
وأراد على أسماعهم كما قال: على قلوبهم وإنما وحده لأنه مصدر، والمصدر لا يثنى ولا يجمع.
وعلى أبصارهم غشاوة: هذا ابتداء كلام.
غشاوة أي: غطاء، فلا يرون الحق.
وقرأ أبو عمرو والكسائي أبصارهم بالامالة وكذا كل ألف بعدها راء مجرورة في الأسماء كانت لام الفعل يميلانها ويميل حمزة منها ما يتكرر فيه الراء كالقرار ونحوه.
زاد الكسائي إمالة (جبارين) و(الجوار) و(الجار) و(بارئكم) و(من أنصاري) و(نسارع) و(بابه).
وكذلك يميل هؤلاء كل ألف بمنزلة لام الفعل أو كان علماً للتأنيث إذا كان قبلها راء؛ فعلم التأنيث مثل: الكبرى والأخرى، ولام الفعل مثل: ترى وافترى، يكسزون الراء فيها.
ولهم عذاب عظيم: أي في الآخرة، وقيل: القتل والأسر في الدنيا والعذاب الدائم في العقبى.
والعذاب كل ما يعني الإنسان ويشق عليه.
قال الخليل: "العذاب ما يمنع الإنسان عن مراده"ومنه: الماء العذب؛ لأنه يمنع العطش.

التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية


ثم بين - سبحانه - بعد ذلك الموانع التي حالت بينهم وبين الاهتداء إلى الحق في الماضي والمستقبل فقال تعالى :{ خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ وعلى سَمْعِهِمْ وعلى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ }والختم : الوسم بطابع ونحوه ، مأخوذ من وضع الخاتم على الشيء وطبعه فيه للاستيثاق ، لكي لا يخرج منه ما هو بداخله ، ولا يدخله ما هو خارج عنه .
قال القرطبي : " والختم مصدر ختمت الشيء ختماً فهو مختوم مختم ، شدد للمبالغة ، ومعناه التغطية على الشيء والاستيثاق منه ، وقد يكون محسوساً كما في ختم الكتاب والباب ، وقد يكون معنوياً كالختم على القلوب ... "والقلوب : جمع قلب ، وهو المضغة التي توجد بالجانب الأيسر من صدر الإنسان ، ويستعمل في القوة العاقلة التي هي محل الفهم والعلم .
والسمع : مصدر سمع .
ويطلق على الآلة التي يقع بها السمع .
ولما كان الختم يمنع من أن يدخل في المختوم عليه شيء ، استعير لإحداث هيئة في القلب والسمع تمنع من خلوص الحق إليهما .
الأبصار : جمع بصر ، وهو في الأصل الإدراك بالعين ، ويطلق على القوة التي يقع بها الإبصار ، وعلى العين نفسها .
وهذا المعنى أقرب ما تحمل عليه الأبصار في الآية .
وهو الأنسب لأن تجعل عليه غشاوة .
ومفاد الآية أن تصير أبصارهم بحيث لا تهتدي إلى النظر في حكمة المخلوقات وعجائب المصنوعات .
باعتبار وتدبر وحتى لكأنما جعلت عليها غشاوة .
والغشاوة : ما يغطي به الشيء ، من غشاه إذا غطاه .
يقال :غشية غشاوة - مثلثة - وغشاية : أي : ستره وغطاه .
فهذه الآية الكريمة تفيد عن طريق الاستعارة أو التمثيل أن هناك حواجز حصينة ، وأقفالاً متينة قد ضربت على قلوبهم وعلى أسماعهم ، وغشاوات مطبقة على أبصارهم حتى أصبحوا لا يخيفهم نذير ولا يرغبهم بشير .
وعبر في جانب القلب والسمع بالختم ، وفي جانب البصر بالغشاوة ، لمعنى سام ، وحكمة رائعة ، ذلك أن آفة البصر معروفة ، إذ غشاوة العين معروفة لنا ، فالتعبير في جانب العين بالغشاوة مما يحدد لنا مدى عجزهم عن إدراك آيات الله بتلك الجارحة ، وأما القلب والسمع فإنهما لما كانا لا تدرك آفتهما إلا بصعوبة ، فقد صور لنا موانعهما عن الاستجابة للحق بصورة الختم .
وعبر في جانب القلب والسمع بجملة فعلية تفيد التجدد والحدوث ، وفي جانب البصر بجملة اسمية تفيد الثبات والاستقرار ، لأنهم قبل الرسالة ما كانوا يسمعون صوت نذير ، ولا يواجهون بحجة ، وإنما كان صوت النذير وصياغة البراهين بعد ظهور النبي صلى الله عليه وسلم .
وأما ما يدرك بالبصر من دلائل وجود الله وآيات قدرته ، فقد كان قائماً في السماوات وفي الأرض وفي الأنفس ، ويصح أن يدرك قبل الرسالة النبوية ، وأن يستدل به المتبصرون والمتدبرون على وجود ربهم وحكمته ، فلم يكن عماهم عن آيات الله القائمة حادثاً متجدداً ، بل هم قد صحبهم العمى من بدء وجودهم ، فلما دعوا إلى التبصر والتدبر صمموا على ما كانوا عليه من عمى .
وجمع القلوب والأبصار وأفرد السمع ، لأن القلوب تختلف باختلاف مقدار ما تفهمه مما يلقى إليها من إنذار أو تبشير ، ومن حجة أو دليل ، فكان عن ذلك تعدد القلوب بتعدد الناس على حسب استعدادهم ، وكذلك شأن الناس فيما تنظره أبصارهم من آيات الله في كونه ، فإن أنظارهم تختلف في عمق تدبرها وضحولته ، فكان من ذلك تعدد المبصرين بتعدد مقادير ما يستطيعون تدبره من آيات الله في الآفاق .
وأما المسموع فهو بالنسبة للناس جميعاً شيء واحد هي الحجة يناديهم بها المرسلون ، والدليل يوضحه لهم النبيون .
لذلك كان الناس جميعاً كأنهم على سمع واحد ، فكان إفراد السمع إيذاناً من الله بأن حجته واحدة ، ودليله واحد لا يتعدد .
ونرى القرآن هنا قدم القلب في الذكر على السمع ، بينما في سورة الجاثية قدم السمع في الذكر على القلب فقال :{ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتخذ إلهه هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ الله على عِلْمٍ وَخَتَمَ على سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ على بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ الله أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } وذلك لأنه - سبحانه - في سورة الجاثية قد ذكر الختم معطوفا على قوله " اتخذ إله هواه ، ومن اتخذ إله هواه يكون أولما يبدو منه للناس ويعرف هو إعراضه عن النصح ، ولي رأسه عن استماع الحجة ، فكان مظهر عدم السماع منه أول ما يبدو للناظرين ، فلذلك قدم السمع على القلب .
وأما آيتنا هذه وهي قوله - تعالى - { خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ وعلى سَمْعِهِمْ } فقد جاءت إثر الآية المختومة بقوله { لاَ يُؤْمِنُونَ } .
والإيمان تصديق يقوم على الحجة والبراهين ، وإدراك الحجة والبرهان إنما هو بالقلب فكان التعليل المتصل الواضح لنفي الإيمان أن قلوبهم مغلقة لا تنفذ إليها الحجة ، أولا يتسرب إليها نور البرهان لذلك قدم القلب على السمع .
هذا وقوله - تعالى - { خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ } .. إلخ .
لا ينفي عنهم تبعة الكفر ، لأنهم هم الذين باشروا من فاسد الأعمال ، وذميم الخصال ، ومتابعة الهوى ، ما نسج على قلوبهم الأغلفة السميكة ، وأصم إلى جانب ذلك آذانهم وأعمى أبصارهم ، { وَمَا ظَلَمَهُمُ الله ولكن أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } ولعلماء الكلام كلام طويل حول هذه المسألة فليرجع إليه من شاء .
ثم بين - سبحانه - ما يستحقونه من عذاب بسبب إغراقهم في الكفرٍ .
واستحبابهم للمعاصي فقال :{ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ } .
أي : ولهم بسبب سوء أعمالهم عذاب موجع مؤلم لأبدانهم وأجسامهم .
وأصل العذاب : المنع ، يقال : عذب الفرس - كضرب - امتنع عن العلف .
وعذب الرجل إذا ترك المأكل والنوم ، فهو عاذب وعذوب .
ثم أطلق على الإيجاع الشديد لما فيه من المنع عن اقتراف الذنب .
والعظيم : الكبير ، من عظم الشيء ، وأصله كبر عظمه ، ثم استعير لكل كبير محسوساً كان أو معقولا .
ووصف العذاب بالعظيم على معنى أن سائر ما يجانسه من العذاب يكون بالنسبة إليه حقيراً هنيئاً .
قال أبو حيان في البحر : وقد ذكروا في هاتين الآيتين من ضروب الفصاحة أنواعاً .
الأول : الخطاب العام اللفظ ، الخاص المعنى .
الثاني : الاستفهام الذي يراد به تقرير المعنى في النفس .
أي : يتقرر أن الإنذار وعدمه سواء عندهم .
الثالث : المجاز ويسمى الاستعارة وهو في قوله - تعالى - { خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ وعلى سَمْعِهِمْ } وحقيقة الختم وضع محسوس يحدث بينهما رقم يكون علامة للخاتم ، والختم هنا معنوى؛ فإن القلب لما لم يقبل الحق مع ظهوره استعير اسم المختوم عليه ، فبين أنه من مجاز الاستعارة .
الرابع : الحذف وهو في مواضع منها { إِنَّ الذين كَفَرُواْ سَوَآءٌ .. } أي : القوم الذين كفروا بالله وبك وبما جئت به ، ومنها { لاَ يُؤْمِنُونَ } أي بالله وبما أخبرتهم به عنه .
وإلى هنا يكون القرآن قد حدثنا عن طائفتين من الناس : طائفة المتقين وما لها من جميل الصفات ، وجزيل الثواب ، وطائفة الكافرين وما لها من ذميم النعوت ، وشديد العقاب .
ثم ابتدأ القرآن بعد ذلك حديثه عن طائفة ثالثة ليس عندها إخلاص المتقين ، وليس لديها صراحة الكافرين ، وإنما هي طائفة قلقة مذبذبة لا إلى هؤلاء ولا إلى أولئك ، تلك الطائفة الثالثة هي طائفة المنافقين الذين فضحهم القرآن .
وأماط اللئام عن خفاياهم وخداعهم فقال :{ وَمِنَ الناس مَن يَقُولُ آمَنَّا بالله وباليوم الآخر ... }

ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم: تفسير ابن كثير


قال السدي : { ختم الله } أي: طبع الله ، وقال قتادة في هذه الآية : استحوذ عليهم الشيطان إذ أطاعوه ؛ فختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ، فهم لا يبصرون هدى ولا يسمعون ولا يفقهون ولا يعقلون .
وقال ابن جريج : قال مجاهد : { ختم الله على قلوبهم } قال : نبئت أن الذنوب على القلب تحف به من كل نواحيه حتى تلتقي عليه ، فالتقاؤها عليه الطبع ، والطبع : الختم ، قال ابن جريج : الختم على القلب والسمع .
قال ابن جريج : وحدثني عبد الله بن كثير ، أنه سمع مجاهدا يقول : الران أيسر من الطبع ، والطبع أيسر من الأقفال ، والأقفال أشد من ذلك كله .
وقال الأعمش : أرانا مجاهد بيده فقال : كانوا يرون أن القلب في مثل هذه - يعني : الكف - فإذا أذنب العبد ذنبا ضم منه ، وقال بأصبعه الخنصر هكذا ، فإذا أذنب ضم . وقال بأصبع أخرى ، فإذا أذنب ضم . وقال بأصبع أخرى وهكذا ، حتى ضم أصابعه كلها ، ثم قال : يطبع عليه بطابع .
وقال مجاهد : كانوا يرون أن ذلك : الرين .
ورواه ابن جرير : عن أبي كريب ، عن وكيع ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، بنحوه .
قال ابن جرير : وقال بعضهم : إنما معنى قوله : { ختم الله على قلوبهم } إخبار من الله عن تكبرهم ، وإعراضهم عن الاستماع لما دعوا إليه من الحق ، كما يقال : إن فلانا لأصم عن هذا الكلام ، إذا امتنع من سماعه ، ورفع نفسه عن تفهمه تكبرا .
قال : وهذا لا يصح ؛ لأن الله قد أخبر أنه هو الذي ختم على قلوبهم وأسماعهم .
{ قلت } : وقد أطنب الزمخشري في تقرير ما رده ابن جرير هاهنا وتأول الآية من خمسة أوجه وكلها ضعيفة جدا ، وما جرأه على ذلك إلا اعتزاله ؛ لأن الختم على قلوبهم ومنعها من وصول الحق إليها قبيح عنده - تعالى الله عنه في اعتقاده - ولو فهم قوله تعالى : { فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم } وقوله { ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون } وما أشبه ذلك من الآيات الدالة على أنه تعالى إنما ختم على قلوبهم وحال بينهم وبين الهدى جزاء وفاقا على تماديهم في الباطل وتركهم الحق ، وهذا عدل منه - تعالى - حسن وليس بقبيح ، فلو أحاط علما بهذا لما قال ما قال ، والله أعلم .
قال القرطبي : وأجمعت الأمة على أن الله عز وجل قد وصف نفسه بالختم والطبع على قلوب الكافرين مجازاة لكفرهم كما قال : { بل طبع الله عليها بكفرهم } وذكر حديث تقليب القلوب : ويا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك وذكر حديث حذيفة الذي في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء ، حتى تصير على قلبين : على أبيض مثل الصفاء فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض ، والآخر أسود مرباد كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا الحديث .
قال والحق عندي في ذلك ما صح بنظيره الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو ما حدثنا به محمد بن بشار ، حدثنا صفوان بن عيسى ، حدثنا ابن عجلان ، عن القعقاع ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن المؤمن إذا أذنب ذنبا كانت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب ونزع واستعتب صقل قلبه ، وإن زاد زادت حتى تعلو قلبه ، فذلك الران الذي قال الله تعالى : { كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } [ المطففين : 14 ] .
وهذا الحديث من هذا الوجه قد رواه الترمذي والنسائي ، عن قتيبة ، عن الليث بن سعد ، وابن ماجه عن هشام بن عمار عن حاتم بن إسماعيل والوليد بن مسلم ، ثلاثتهم عن محمد بن عجلان ، به .
وقال الترمذي : حسن صحيح .
ثم قال ابن جرير : فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الذنوب إذا تتابعت على القلوب أغلقتها ، وإذا أغلقتها أتاها حينئذ الختم من قبل الله تعالى والطبع ، فلا يكون للإيمان إليها مسلك ، ولا للكفر عنها مخلص ، فذلك هو الختم والطبع الذي ذكر في قوله تعالى : { ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم } نظير الطبع والختم على ما تدركه الأبصار من الأوعية والظروف التي لا يوصل إلى ما فيها إلا بفض ذلك عنها ثم حلها ، فكذلك لا يصل الإيمان إلى قلوب من وصف الله أنه ختم على قلوبهم وعلى سمعهم إلا بعد فض خاتمه وحله رباطه [ عنها ] .
واعلم أن الوقف التام على قوله تعالى : { ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم } ، وقوله { وعلى أبصارهم غشاوة } جملة تامة ، فإن الطبع يكون على القلب وعلى السمع ، والغشاوة - وهي الغطاء - تكون على البصر ، كما قال السدي في تفسيره عن أبي مالك ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود ، وعن أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : { ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم } يقول : فلا يعقلون ولا يسمعون ، ويقول : وجعل على أبصارهم غشاوة ، يقول : على أعينهم فلا يبصرون .
قال ابن جرير : حدثني محمد بن سعد حدثنا أبي ، حدثني عمي الحسين بن الحسن ، عن أبيه ، عن جده ، عن ابن عباس : { ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم } والغشاوة على أبصارهم .
وقال : حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، يعني ابن داود ، وهو سنيد ، حدثني حجاج ، وهو أبو محمد الأعور ، حدثني ابن جريج قال : الختم على القلب والسمع ، والغشاوة على البصر ، قال الله تعالى : { فإن يشأ الله يختم على قلبك } [ الشورى : 24 ] ، وقال { وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة } [ الجاثية : 23 ] .
قال ابن جرير : ومن نصب غشاوة من قوله تعالى : { وعلى أبصارهم غشاوة } يحتمل أنه نصبها بإضمار فعل تقديره : وجعل على أبصارهم غشاوة ، ويحتمل أن يكون نصبها على الإتباع ، على محل { وعلى سمعهم } كقوله تعالى : { وحور عين } [ الواقعة : 22 ] ، وقول الشاعر :
علفتها تبنا وماء باردا حتى شتت همالة عيناها
وقال الآخر :
ورأيت زوجك في الوغى متقلدا سيفا ورمحا
تقديره : وسقيتها ماء باردا ، ومعتقلا رمحا .
لما تقدم وصف المؤمنين في صدر السورة بأربع آيات ، ثم عرف حال الكافرين بهاتين الآيتين ، شرع تعالى في بيان حال المنافقين الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر ، ولما كان أمرهم يشتبه على كثير من الناس أطنب في ذكرهم بصفات متعددة ، كل منها نفاق ، كما أنزل سورة " براءة " فيهم ، وسورة " المنافقين " فيهم ، وذكرهم في سورة " النور " وغيرها من السور ، تعريفا لأحوالهم لتجتنب ، ويجتنب من تلبس بها.

تفسير القرطبي : معنى الآية 7 من سورة البقرة


قوله تعالى : ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيمفيها عشر مسائل :الأولى : قوله تعالى : ختم الله بين سبحانه في هذه الآية المانع لهم من الإيمان بقوله : ختم الله .
والختم مصدر ختمت الشيء ختما فهو مختوم ومختم ، شدد للمبالغة ، ومعناه التغطية على الشيء والاستيثاق منه حتى لا يدخله شيء ، ومنه : ختم الكتاب والباب وما يشبه ذلك ، حتى لا يوصل إلى ما فيه ، ولا يوضع فيه غير ما فيه .
وقال أهل المعاني : وصف الله تعالى قلوب الكفار بعشرة أوصاف : بالختم والطبع والضيق والمرض والرين والموت والقساوة والانصراف والحمية والإنكار .
فقال في الإنكار : قلوبهم منكرة وهم مستكبرون .
وقال في الحمية : إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية .
وقال في الانصراف : ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون .
وقال في القساوة : فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله .
وقال : ثم قست قلوبكم من بعد ذلك .
وقال في الموت : أومن كان ميتا فأحييناه .
وقال : إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله .
وقال في الرين : كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون .
وقال في المرض : في قلوبهم مرض .
وقال في الضيق : ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا .
.
وقال في الطبع : فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون .
وقال : بل طبع الله عليها بكفرهم .
وقال في الختم : ختم الله على قلوبهم .
.
وسيأتي بيانها كلها في مواضعها إن شاء الله تعالى .
الثانية : الختم يكون محسوسا كما بينا ، ومعنى كما في هذه الآية .
فالختم على القلوب : عدم الوعي عن الحق - سبحانه - مفهوم مخاطباته والفكر في آياته .
وعلى السمع : عدم فهمهم للقرآن إذا تلي عليهم أو دعوا إلى وحدانيته .
وعلى الأبصار : عدم هدايتها للنظر في مخلوقاته وعجائب مصنوعاته ، هذا معنى قول ابن عباس وابن مسعود وقتادة وغيرهم .
الثالثة : في هذه الآية أدل دليل وأوضح سبيل على أن الله سبحانه خالق الهدى والضلال ، والكفر والإيمان ، فاعتبروا أيها السامعون ، وتعجبوا أيها المفكرون من عقول القدرية القائلين بخلق إيمانهم وهداهم ، فإن الختم هو الطبع فمن أين لهم الإيمان ولو جهدوا ، وقد طبع على قلوبهم ، وعلى سمعهم وجعل على أبصارهم غشاوة ، فمتى يهتدون ، أو من يهديهم من بعد الله إذا أضلهم وأصمهم وأعمى أبصارهم ومن يضلل الله فما له من هاد وكان فعل الله ذلك عدلا فيمن أضله وخذله ، إذ لم يمنعه حقا وجب له فتزول صفة العدل ، وإنما منعهم ما كان له أن يتفضل به عليهم لا ما وجب لهم .
فإن قالوا : إن معنى الختم والطبع والغشاوة التسمية والحكم والإخبار بأنهم لا يؤمنون ، لا الفعل .
قلنا : هذا فاسد ; لأن حقيقة الختم والطبع إنما هو فعل ما يصير به القلب مطبوعا مختوما ، لا يجوز أن تكون حقيقته التسمية والحكم ، ألا ترى أنه إذا قيل : فلان طبع الكتاب وختمه ، كان حقيقة أنه فعل ما صار به الكتاب مطبوعا ومختوما ، لا التسمية والحكم .
هذا ما لا خلاف فيه بين أهل اللغة ، ولأن الأمة مجمعة على أن الله تعالى قد وصف نفسه بالختم والطبع على قلوب الكافرين مجازاة لكفرهم ، كما قال تعالى : بل طبع الله عليها بكفرهم .
وأجمعت الأمة على أن الطبع والختم على قلوبهم من جهة النبي عليه السلام والملائكة والمؤمنين ممتنع ، فلو كان الختم والطبع هو التسمية والحكم لما امتنع من ذلك الأنبياء والمؤمنون ; لأنهم كلهم يسمون الكفار بأنهم مطبوع على قلوبهم ، وأنهم مختوم عليها وأنهم في ضلال لا يؤمنون ، ويحكمون عليهم بذلك .
فثبت أن الختم والطبع هو معنى غير التسمية والحكم ، وإنما هو معنى يخلقه الله في القلب يمنع من الإيمان به ، دليله قوله تعالى : كذلك نسلكه في قلوب المجرمين .
لا يؤمنون به .
وقال : وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه .
أي لئلا يفقهوه ، وما كان مثله .
الرابعة : قوله : على قلوبهم فيه دليل على فضل القلب على جميع الجوارح .
والقلب للإنسان وغيره .
وخالص كل شيء وأشرفه قلبه ، فالقلب موضع الفكر .
وهو في الأصل مصدر قلبت الشيء أقلبه قلبا إذا رددته على بداءته .
وقلبت الإناء : رددته على وجهه .
ثم نقل هذا اللفظ فسمي به هذا العضو الذي هو أشرف الحيوان ، لسرعة الخواطر إليه ، ولترددها عليه ، كما قيل :ما سمي القلب إلا من تقلبه فاحذر على القلب من قلب وتحويلثم لما نقلت العرب هذا المصدر لهذا العضو الشريف التزمت فيه تفخيم قافه ، تفريقا بينه وبين أصله .
روى ابن ماجه عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : مثل القلب مثل ريشة تقلبها الرياح بفلاة .
ولهذا المعنى كان عليه الصلاة والسلام يقول : اللهم يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك .
فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوله مع عظيم قدره وجلال منصبه فنحن أولى بذلك اقتداء به ، قال الله تعالى : واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه .
وسيأتي .
الخامسة : الجوارح وإن كانت تابعة للقلب فقد يتأثر القلب - وإن كان رئيسها وملكها - بأعمالها للارتباط الذي بين الظاهر والباطن ، قال صلى الله عليه وسلم : إن الرجل ليصدق فتنكت في قلبه نكتة بيضاء وإن الرجل ليكذب الكذبة فيسود قلبه .
وروى الترمذي وصححه عن أبي هريرة : إن الرجل ليصيب الذنب فيسود قلبه فإن هو تاب صقل قلبه .
قال : وهو الرين الذي ذكره الله في القرآن في قوله : كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون .
وقال مجاهد : القلب كالكف يقبض منه بكل ذنب إصبع ، ثم يطبع .
قلت : وفي قول مجاهد هذا ، وقوله عليه السلام : إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب دليل على أن الختم يكون حقيقيا ، والله أعلم .
وقد قيل : إن القلب يشبه الصنوبرة ، وهو يعضد قول مجاهد ، والله أعلم .
وقد روى مسلم عن حذيفة قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين قد رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر : حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ثم نزل القرآن فعلموا من القرآن وعلموا من السنة .
ثم حدثنا عن رفع الأمانة قال : ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل الوكت ثم ينام النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل المجل كجمر دحرجته على رجلك فنفط فتراه منتبرا وليس فيه شيء - ثم أخذ حصى فدحرجه على رجله فيصبح الناس يتبايعون لا يكاد أحد يؤدي الأمانة حتى يقال إن في بني فلان رجلا أمينا حتى يقال للرجل ما أجلده ما أظرفه ما أعقله وما في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان ولقد أتى علي زمان وما أبالي أيكم بايعت لئن كان مسلما ، المرء على دينه ولئن كان نصرانيا أو يهوديا المرء على ساعيه وأما اليوم فما كنت لأبايع منكم إلا فلانا وفلانا .
ففي قوله : ( الوكت ) وهو الأثر اليسير .
ويقال للبسر إذا وقعت فيه نكتة من الإرطاب : قد وكت ، فهو موكت .
وقوله : ( المجل ) ، وهو أن يكون بين الجلد واللحم ماء ، وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( كجمر دحرجته ) أي دورته على رجلك فنفط .
( فتراه منتبرا ) أي مرتفعا - ما يدل على أن ذلك كله محسوس في القلب يفعل فيه ، وكذلك الختم والطبع ، والله أعلم .
وفي حديث حذيفة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى يصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض والآخر أسود مرباد كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه ... وذكر الحديث ( مجخيا ) : يعني مائلا .
السادسة : القلب قد يعبر عنه بالفؤاد والصدر ، قال الله تعالى : كذلك لنثبت به فؤادك وقال : ألم نشرح لك صدرك يعني في الموضعين قلبك .
وقد يعبر به عن العقل ، قال الله تعالى : إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أي عقل ; لأن القلب محل العقل في قول الأكثرين .
والفؤاد محل القلب ، والصدر محل الفؤاد ، والله أعلم .
السابعة : قوله تعالى : وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوةاستدل بها من فضل السمع على البصر لتقدمه عليه ، وقال تعالى : قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم .
وقال : وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة .
قال : والسمع يدرك به من الجهات الست ، وفي النور والظلمة ، ولا يدرك بالبصر إلا من الجهة المقابلة ، وبواسطة من ضياء وشعاع وقال أكثر المتكلمين بتفضيل البصر على السمع ; لأن السمع لا يدرك به إلا الأصوات والكلام ، والبصر يدرك به الأجسام والألوان والهيئات كلها .
قالوا : فلما كانت تعلقاته أكثر كان أفضل ، وأجازوا الإدراك بالبصر من الجهات الست .
الثامنة : إن قال قائل : لم جمع الأبصار ووحد السمع ؟ قيل له : إنما وحده لأنه مصدر يقع للقليل والكثير ، يقال : سمعت الشيء أسمعه سمعا وسماعا ، فالسمع مصدر سمعت ، والسمع أيضا اسم للجارحة المسموع بها سميت بالمصدر .
وقيل : إنه لما أضاف السمع إلى الجماعة دل على أنه يراد به أسماع الجماعة ، كما قال الشاعر :بها جيف الحسرى فأما عظامها فبيض وأما جلدها فصليبإنما يريد جلودها فوحد ; لأنه قد علم أنه لا يكون للجماعة جلد واحد .
وقال آخر في مثله :لا تنكر القتل وقد سبينا في حلقكم عظم وقد شجينايريد في حلوقكم ، ومثله قول الآخر :كأنه وجه تركيين قد غضبا مستهدف لطعان غير تذبيبوإنما يريد وجهين ، فقال وجه تركيين ; لأنه قد علم أنه لا يكون للاثنين وجه واحد ، ومثله كثير جدا .
وقرئ : ( وعلى أسماعهم ) ويحتمل أن يكون المعنى وعلى مواضع سمعهم ; لأن السمع لا يختم وإنما يختم موضع السمع ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه .
وقد يكون السمع بمعنى الاستماع ، يقال : سمعك حديثي - أي استماعك إلى حديثي - يعجبني ، ومنه قول ذي الرمة يصف ثورا تسمع إلى صوت صائد وكلاب :وقد توجس ركزا مقفر ندس بنبأة الصوت ما في سمعه كذبأي ما في استماعه كذب ، أي هو صادق الاستماع .
والندس : الحاذق .
والنبأة : الصوت الخفي ، وكذلك الركز .
والسمع ( بكسر السين وإسكان الميم ) : ذكر الإنسان بالجميل ، يقال : ذهب سمعه في الناس أي ذكره .
والسمع أيضا : ولد الذئب من الضبع .
والوقف هنا : وعلى سمعهم .
و ( غشاوة ) رفع على الابتداء وما قبله خبر .
والضمائر في ( قلوبهم ) وما عطف عليه لمن سبق في علم الله أنه لا يؤمن من كفار قريش ، وقيل من المنافقين ، وقيل من اليهود ، وقيل من الجميع ، وهو أصوب ; لأنه يعم .
فالختم على القلوب والأسماع .
والغشاوة على الأبصار .
والغشاء : الغطاء .
وهي :التاسعة : ومنه غاشية السرج ، وغشيت الشيء أغشيه .
قال النابغة :هلا سألت بني ذبيان ما حسبي إذا الدخان تغشى الأشمط البرماوقال آخر :صحبتك إذ عيني عليها غشاوة فلما انجلت قطعت نفسي ألومهاقال ابن كيسان : فإن جمعت غشاوة قلت : غشاء بحذف الهاء .
وحكى الفراء : غشاوي مثل أداوي .
وقرئ : " غشاوة " بالنصب على معنى وجعل ، فيكون من باب قوله :علفتها تبنا وماء بارداوقول الآخر :يا ليت زوجك قد غدا متقلدا سيفا ورمحاالمعنى وأسقيتها ماء ، وحاملا رمحا ; لأن الرمح لا يتقلد .
قال الفارسي : ولا تكاد تجد هذا الاستعمال في حال سعة واختيار ، فقراءة الرفع أحسن ، وتكون الواو عاطفة جملة على جملة .
قال : ولم أسمع من الغشاوة فعلا متصرفا بالواو .
وقال بعض المفسرين : الغشاوة على الأسماع والأبصار ، والوقف على قلوبهم .
وقال آخرون : الختم في الجميع ، والغشاوة هي الختم ، فالوقف على هذا على غشاوة .
وقرأ الحسن غشاوة بضم الغين ، وقرأ أبو جويبر بفتحها ، وروي عن أبي عمرو : غشوة ، رده إلى أصل المصدر .
قال ابن كيسان : ويجوز غشوة وغشوة وأجودها غشاوة ، كذلك تستعمل العرب في كل ما كان مشتملا على الشيء ، نحو عمامة وكنانة وقلادة وعصابة وغير ذلك .
العاشرة : قوله تعالى : ولهم أي للكافرين المكذبينعذاب عظيم نعته .
والعذاب مثل الضرب بالسوط والحرق بالنار والقطع بالحديد ، إلى غير ذلك مما يؤلم الإنسان .
وفي التنزيل : وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين وهو مشتق من الحبس والمنع ، يقال في اللغة : أعذبه عن كذا أي احبسه وامنعه ، ومنه سمي عذوبة الماء ; لأنها قد أعذبت .
واستعذب بالحبس في الوعاء ليصفو ويفارقه ما خالطه ، ومنه قول علي رضي الله عنه : أعذبوا نساءكم عن الخروج ، أي احبسوهن .
وعنه رضي الله عنه وقد شيع سرية فقال : أعذبوا عن ذكر النساء [ أنفسكم ] فإن ذلك يكسركم عن الغزو ، وكل من منعته شيئا فقد أعذبته ، وفي المثل : " لألجمنك لجاما معذبا " أي مانعا عن ركوب الناس .
ويقال : أعذب أي امتنع .
وأعذب غيره ، فهو لازم ومتعد ، فسمي العذاب عذابا لأن صاحبه يحبس ويمنع عنه جميع ما يلائم الجسد من الخير ويهال عليه أضدادها .

﴿ ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم ﴾ [ البقرة: 7]

سورة : البقرة - الأية : ( 7 )  - الجزء : ( 1 )  -  الصفحة: ( 3 )

English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنـزل إليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه قل إنما أمرت
  2. تفسير: اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون
  3. تفسير: وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان
  4. تفسير: ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد
  5. تفسير: إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك أصحاب النار
  6. تفسير: وإلى السماء كيف رفعت
  7. تفسير: ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا
  8. تفسير: قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين
  9. تفسير: لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم
  10. تفسير: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر

تحميل سورة البقرة mp3 :

سورة البقرة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة البقرة

سورة البقرة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة البقرة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة البقرة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة البقرة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة البقرة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة البقرة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة البقرة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة البقرة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة البقرة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة البقرة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

ختم+الله , قلوب , سمع , أبصار , غشاوة , عذاب , عظيم , على+أبصارهم+غشاوة , عذاب+عظيم ,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب