تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 92 من سورةالنساء - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ۚ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا ۚ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾
[ سورة النساء: 92]

معنى و تفسير الآية 92 من سورة النساء : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا


هذه الصيغة من صيغ الامتناع، أي: يمتنع ويستحيل أن يصدر من مؤمن قتل مؤمن، أي: متعمدا، وفي هذا الإخبارُ بشدة تحريمه وأنه مناف للإيمان أشد منافاة، وإنما يصدر ذلك إما من كافر، أو من فاسق قد نقص إيمانه نقصا عظيما، ويخشى عليه ما هو أكبر من ذلك، فإن الإيمان الصحيح يمنع المؤمن من قتل أخيه الذي قد عقد الله بينه وبينه الأخوة الإيمانية التي من مقتضاها محبته وموالاته، وإزالة ما يعرض لأخيه من الأذى، وأي أذى أشد من القتل؟ وهذا يصدقه قوله صلى الله عليه وسلم: "لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض" فعلم أن القتل من الكفر العملي وأكبر الكبائر بعد الشرك بالله.
ولما كان قوله: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا لفظا عاما لجميع الأحوال، وأنه لا يصدر منه قتل أخيه بوجه من الوجوه، استثنى تعالى قتل الخطأ فقال: إِلَّا خَطَأً فإن المخطئ الذي لا يقصد القتل غير آثم، ولا مجترئ على محارم الله، ولكنه لما كان قد فعل فعلاً شنيعًا وصورته كافية في قبحه وإن لم يقصده أمر تعالى بالكفارة والدية فقال: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً سواء كان القاتل ذكرًا أو أنثى حرًّا أو عبدًا، صغيرًا أو كبيرًا، عاقلاً أو مجنونًا، مسلمًا أو كافرًا، كما يفيده لفظ "مَنْ" الدالة على العموم وهذا من أسرار الإتيان ب "مَنْ" في هذا الموضع، فإن سياق الكلام يقتضي أن يقول: فإن قتله، ولكن هذا لفظ لا يشمل ما تشمله "مَنْ" وسواء كان المقتول ذكرًا أو أنثى، صغيرًا أو كبيرًا، كما يفيده التنكير في سياق الشرط، فإن على القاتل تحرير رقبة مؤمنة كفارة لذلك، تكون في ماله، ويشمل ذلك الصغير والكبير، والذكر والأنثى، والصحيح والمعيب، في قول بعض العلماء.
ولكن الحكمة تقتضي أن لا يجزئ عتق المعيب في الكفارة؛ لأن المقصود بالعتق نفع العتيق، وملكه منافع نفسه، فإذا كان يضيع بعتقه، وبقاؤه في الرق أنفع له فإنه لا يجزئ عتقه، مع أن في قوله: تحرير رقبة ما يدل على ذلك؛ فإن التحرير: تخليص من استحقت منافعه لغيره أن تكون له، فإذا لم يكن فيه منافع لم يتصور وجود التحرير.
فتأمل ذلك فإنه واضح.
وأما الدية فإنها تجب على عاقلة القاتل في الخطأ وشبه العمد.
مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ جبرًا لقلوبهم، والمراد بأهله هنا هم ورثته، فإن الورثة يرثون ما ترك، الميت، فالدية داخلة فيما ترك وللدية تفاصيل كثيرة مذكورة في كتب الفقه.
وقوله: إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا أي: يتصدق ورثة القتيل بالعفو عن الدية، فإنها تسقط، وفي ذلك حث لهم على العفو لأن الله سماها صدقة، والصدقة مطلوبة في كل وقت.
فَإِنْ كَانَ المقتول مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ أي: من كفار حربيين وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ أي: وليس عليكم لأهله دية، لعدم احترامهم في دمائهم وأموالهم.
وَإِنْ كَانَ المقتول مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وذلك لاحترام أهله بما لهم من العهد والميثاق.
فَمَنْ لَمْ يَجِدْ الرقبة ولا ثمنها، بأن كان معسرا بذلك، ليس عنده ما يفضل عن مؤنته وحوائجه الأصلية شيء يفي بالرقبة، فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ أي: لا يفطر بينهما من غير عذر، فإن أفطر لعذر فإن العذر لا يقطع التتابع، كالمرض والحيض ونحوهما.
وإن كان لغير عذر انقطع التتابع ووجب عليه استئناف الصوم.
تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ أي: هذه الكفارات التي أوجبها الله على القاتل توبة من الله على عباده ورحمة بهم، وتكفير لما عساه أن يحصل منهم من تقصير وعدم احتراز، كما هو واقع كثيرًا للقاتل خطأ.
وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا أي: كامل العلم كامل الحكمة، لا يخفى عليه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، في أي وقت كان وأي محل كان.
ولا يخرج عن حكمته من المخلوقات والشرائع شيء، بل كل ما خلقه وشرعه فهو متضمن لغاية الحكمة، ومن علمه وحكمته أن أوجب على القاتل كفارة مناسبة لما صدر منه، فإنه تسبب لإعدام نفس محترمة، وأخرجها من الوجود إلى العدم، فناسب أن يعتق رقبة ويخرجها من رق العبودية للخلق إلى الحرية التامة، فإن لم يجد هذه الرقبة صام شهرين متتابعين، فأخرج نفسه من رق الشهوات واللذات الحسية القاطعة للعبد عن سعادته الأبدية إلى التعبد لله تعالى بتركها تقربا إلى الله.
ومدها تعالى بهذه المدة الكثيرة الشاقة في عددها ووجوب التتابع فيها، ولم يشرع الإطعام في هذا الموضع لعدم المناسبة.
بخلاف الظهار، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
ومن حكمته أن أوجب في القتل الدية ولو كان خطأ، لتكون رادعة وكافة عن كثير من القتل باستعمال الأسباب العاصمة عن ذلك.
ومن حكمته أن وجبت على العاقلة في قتل الخطأ، بإجماع العلماء، لكون القاتل لم يذنب فيشق عليه أن يحمل هذه الدية الباهظة، فناسب أن يقوم بذلك من بينه وبينهم المعاونة والمناصرة والمساعدة على تحصيل المصالح وكف المفاسد [ولعل ذلك من أسباب منعهم لمن يعقلون عنه من القتل حذرًا من تحميلهم] ويخف عنهم بسبب توزيعه عليهم بقدر أحوالهم وطاقتهم، وخففت أيضا بتأجيلها عليهم ثلاث سنين.
ومن حكمته وعلمه أن جبر أهل القتيل عن مصيبتهم، بالدية التي أوجبها على أولياء القاتل.

تفسير البغوي : مضمون الآية 92 من سورة النساء


قوله تعالى : ( وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا ) الآية ، نزلت في عياش ( بن أبي ربيعة ) المخزومي ، وذلك أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة فأسلم ثم خاف أن يظهر إسلامه لأهله فخرج هاربا إلى المدينة ، وتحصن في أطم من آطامها ، فجزعت أمه لذلك جزعا شديدا وقالت لابنيها الحارث وأبي جهل بن هشام وهما أخواه لأمه : والله لا يظلني سقف ولا أذوق طعاما ولا شرابا حتى تأتوني به ، فخرجا في طلبه ، وخرج معهما الحارث بن زيد بن أبي أنيسة حتى أتوا المدينة ، فأتوا عياشا وهو في الأطم ، قالا له : انزل فإن أمك لم يئوها سقف بيت بعدك ، وقد حلفت ألا تأكل طعاما ولا تشرب شرابا حتى ترجع إليها ( ولك عهد الله ) علينا أن لا نكرهك على شيء ولا نحول بينك وبين دينك ، فلما ذكروا له جزع أمه وأوثقوا له بالله نزل إليهم فأخرجوه من المدينة ثم أوثقوه بنسعة ، فجلده كل واحد منهم مائة جلدة ، ثم قدموا به على أمه فلما أتاها قالت : والله لا أحلك من وثاقك حتى تكفر بالذي آمنت به ، ثم تركوه موثقا مطروحا في الشمس ما شاء الله ، فأعطاهم الذي أرادوا فأتاه الحارث بن زيد فقال : يا عياش أهذا الذي كنت عليه فوالله لئن كان هدى لقد تركت الهدى ، ولئن كانت ضلالة لقد كنت عليها ، فغضب عياش من مقالته ، وقال : والله لا ألقاك خاليا أبدا إلا قتلتك ، ثم إن عياشا أسلم بعد ذلك وهاجر ثم أسلم الحارث بن زيد بعده وهاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس عياش حاضرا يومئذ ولم يشعر بإسلامه ، فبينا عياش يسير بظهر قباء إذ لقي الحارث فقتله ، فقال الناس : ويحك أي شيء صنعت؟ إنه قد أسلم ، فرجع عياش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : يا رسول الله قد كان من أمري وأمر الحارث ما قد علمت ، وإني لم أشعر بإسلامه حتى قتلته ، فنزل : ( وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ) .
وهذا نهي عن قتل المؤمن كقوله تعالى : وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ( الأحزاب - 53 ) .
( إلا خطأ ) استثناء منقطع معناه : لكن إن وقع خطأ ، ( ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ) أي : فعليه إعتاق رقبة مؤمنة كفارة ، ( ودية مسلمة ) كاملة ، ( إلى أهله ) أي : إلى أهل القتيل الذي يرثونه ، ( إلا أن يصدقوا ) أي : يتصدقوا بالدية فيعفوا ويتركوا الدية ، ( فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة ) أراد به إذا كان الرجل مسلما في دار الحرب منفردا مع الكفار فقتله من لم يعلم بإسلامه فلا دية فيه ، وعليه الكفارة ، وقيل: المراد منه إذا كان المقتول مسلما في دار الإسلام وهو من نسب قوم كفار ، وقرابته في دار الحرب حرب للمسلمين ففيه الكفارة ولا دية لأهله ، وكان الحارث بن زيد من قوم كفار حرب للمسلمين وكان فيه تحرير رقبة ولم يكن فيه دية لأنه لم يكن بين قومه وبين المسلمين عهد .
قوله تعالى : ( وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة ) أراد به إذا كان المقتول كافرا ذميا أو معاهدا فيجب فيه الدية والكفارة ، والكفارة تكون بإعتاق رقبة مؤمنة سواء كان المقتول مسلما أو معاهدا ، رجلا كان أو امرأة ، حرا كان أو عبدا ، وتكون في مال القاتل ، ( فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ) والقاتل إن كان واجدا للرقبة أو قادرا على تحصيلها بوجود ثمنها فاضلا عن نفقته ونفقة عياله وحاجته من مسكن ونحوه فعليه الإعتاق ، ولا يجوز أن ينتقل إلى الصوم فإن عجز عن تحصيلها فعليه صوم شهرين متتابعين ، فإن أفطر يوما متعمدا في خلال الشهرين أو نسي النية ونوى صوما آخر وجب عليه استئناف الشهرين .
وإن أفطر يوما بعذر مرض أو سفر فهل ينقطع التتابع؟ اختلف أهل العلم فيه ، فمنهم من قال : ينقطع وعليه استئناف الشهرين ، وهو قول النخعي وأظهر قولي الشافعي رضي الله عنه لأنه أفطر مختارا ، ومنهم من قال : لا ينقطع وعليه أن يبني ، وهو قول سعيد بن المسيب والحسن والشعبي .
ولو حاضت المرأة في خلال الشهرين أفطرت أيام الحيض ولا ينقطع التتابع ، فإذا طهرت بنت على ما صامت ، لأنه أمر مكتوب على النساء لا يمكنهن الاحتراز عنه .
فإن عجز عن الصوم فهل يخرج عنه بإطعام ستين مسكينا؟ فيه قولان ، أحدهما : يخرج كما في كفارة الظهار ، والثاني : لا يخرج لأن الشرع لم يذكر له بدلا فقال : ( فصيام شهرين متتابعين )( توبة من الله ) أي : جعل الله ذلك توبة لقاتل الخطإ ( وكان الله عليما ) بمن قتل خطأ ( حكيما ) فيما حكم به عليكم .
أما الكلام في بيان الدية ، فاعلم أن القتل على ثلاثة أنواع : عمد محض ، وشبه عمد ، وخطأ محض .
أما العمد المحض فهو : أن يقصد قتل إنسان بما يقصد به القتل غالبا فقتله ففيه القصاص عند وجود التكافؤ ، أو دية مغلظة في مال القاتل حالة .
وشبه العمد : أن يقصد ضربه بما لا يموت مثله من مثل ذلك الضرب غالبا ، بأن ضربه بعصا خفيفة ، أو حجر صغير ضربة أو ضربتين ، فمات فلا قصاص فيه ، بل يجب فيه دية مغلظة على عاقلته مؤجلة إلى ثلاث سنين .
والخطأ المحض هو : أن لا يقصد ضربه بل قصد شيئا آخر فأصابه فمات منه فلا قصاص فيه ، بل تجب دية مخففة على عاقلته مؤجلة إلى ثلاث سنين .
وتجب الكفارة في ماله في الأنواع كلها ، وعند أبي حنيفة رضي الله عنه : قتل العمد لا يوجب الكفارة ، لأنه كبيرة كسائر الكبائر .
ودية الحر المسلم مائة من الإبل فإذا عدمت الإبل وجبت قيمتها من الدراهم أو الدنانير في قول ، وفي قول يجب بدل مقدر منها وهو ألف دينار ، أو اثنا عشر ألف درهم ، لما روي عن عمر رضي الله عنه : فرض الدية على أهل الذهب ألف دينار ، وعلى أهل الورق اثنى عشر ألف درهم " .
وذهب قوم إلى أن الواجب في الدية مائة من الإبل ، أو ألف دينار أو اثنا عشر ألف درهم ، وهو قول عروة بن الزبير والحسن البصري رضي الله عنهما ، وبه قال مالك .
وذهب قوم إلى أنها مائة من الإبل أو ألف دينار ، أو عشرة آلاف درهم ، وهو قول سفيان الثوري وأصحاب الرأي .
ودية المرأة نصف دية الرجل ، ودية أهل الذمة والعهد ثلث دية المسلم ، إن كان كتابيا ، وإن كان مجوسيا فخمس الدية ، روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال : دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف درهم ، ودية المجوسي ثمانمائة ، وهو قول سعيد بن المسيب والحسن وإليه ذهب الشافعي رضي الله عنه .
وذهب قوم إلى أن دية الذمي والمعاهد مثل دية المسلم ، روي ذلك عن ابن مسعود رضي الله عنه وهو قول سفيان الثوري وأصحاب الرأي .
وقال قوم : دية الذمي نصف دية المسلم وهو قول عمر بن عبد العزيز ، وبه قال مالك وأحمد رحمهما الله .
والدية في العمد المحض وشبه العمد مغلظة بالسن فيجب ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة في بطونها أولادها ، وهو قول عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت رضي الله عنهما ، وبه قال عطاء ، وإليه ذهب الشافعي رضي الله عنه ، لما أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب ، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، أنا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، أنا الشافعي رضي الله عنه ، أنا ابن عيينة ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن القاسم بن ربيعة ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ألا إن في قتل العمد الخطإ بالسوط أو العصا مائة من الإبل مغلظة ، منها أربعون خلفة في بطونها أولادها " .
وذهب قوم إلى أن الدية المغلظة أرباع : خمس وعشرون بنت مخاض ، وخمس وعشرون بنت لبون ، وخمس وعشرون حقة ، وخمس وعشرون جذعة ، وهو قول الزهري وربيعة وبه قال مالك وأحمد وأصحاب الرأي .
وأما دية الخطإ فمخففة ، وهي أخماس بالاتفاق ، غير أنهم اختلفوا في تقسيمها ، فذهب قوم إلى أنها عشرون بنت مخاض ، وعشرون بنت لبون ، وعشرون ابن لبون ، وعشرون حقة ، وعشرون جذعة ، وهو قول عمر بن عبد العزيز وسليمان بن يسار والزهري وربيعة ، وبه قال مالك والشافعي رحمهم الله ، وأبدل قوم بني اللبون ببنات المخاض ، يروى ذلك عن ابن مسعود رضي الله عنه ، وبه قال أحمد وأصحاب الرأي .
ودية الأطراف على هذا التقدير ، ودية المرأة فيها على النصف من دية الرجل ، والدية في قتل الخطإ وشبه العمد على العاقلة ، وهم عصبات القاتل من الذكور ، ولا يجب على الجاني منها شيء لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوجبها على العاقلة .

التفسير الوسيط : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا


روى المفسرون روايات في سبب نزول قوله-تبارك وتعالى- وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً.. الآية ومن أشهر هذه الروايات ما جاء عن مجاهد وغيره أنها نزلت في عياش بن أبى ربيعه، وذلك أنه قتل رجلا كان يعذبه لكي يترك الإسلام، فأضمر عياش قتل ذلك الرجل.
ثم أسلم هذا الرجل دون أن يعلم عياش بإسلامه.
فلما لقيه في يوم من الأيام ظن عياش أن الرجل لم يزل مشركا فقتله.
فلما علم بإسلامه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، قتلته ولم أشعر بإسلامه فأنزل الله الآية .
والآية الكريمة وإن كانت قد نزلت في حادثة معينة إلا أن حكمها يتناول كل من قتل غيره خطأ، لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
والنفي في قوله-تبارك وتعالى- وَما كانَ ليس لنفى الوقوع، لأنه لو كان كذلك ما وقع قتل على سبيل الخطأ أبدا، وإنما النفي بمعنى النهى وعدم الجواز.
وقد أشار القرطبي إلى ذلك بقوله: قوله-تبارك وتعالى- وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً هذه آية من أمهات الأحكام.
والمعنى ما ينبغي لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ، فقوله: وَما كانَ ليس على النفي وإنما هو على التحريم والنهى كقوله: وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ ولو كانت على النفي لما وجد مؤمن قتل مؤمنا قط، لأن ما نفاه الله فلا يجوز وجوده فهو كقوله-تبارك وتعالى- ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها فلا يقدر العباد أن ينبتوا شجرها أبدا.
ثم استثنى استثناء منقطعا ليس من الأول وهو الذي يكون فيه «إلا» بمعنى لكن.
والتقدير: ما كان له أن يقتله ألبتة لكن إن قتله خطأ فعليه كذا.
والخطأ: اسم من أخطأ خطأ وإخطاء إذا لم يصنع عن تعمد، فالخطأ الاسم يقوم مقام الإخطاء.
ويقال لمن أراد شيئا ففعل غيره: أخطأ.
ولمن فعل غير الصواب: أخطأ» .
وقال صاحب الكشاف: فإن قلت.
بم انتصب خطأ؟ قلت: بأنه مفعول له.
أى:ما ينبغي له أن يقتله لعلة من العلل إلا للخطأ وحده.
ويجوز أن يكون حالا بمعنى: لا يقتله في حال من الأحوال إلا في حال الخطأ.
وأن يكون صفة للمصدر أى: إلا قتلا خطأ.
والمعنى، أن من شأن المؤمن أن ينتفى عنه وجود قتل المؤمن ابتداء البتة، إلا إذا وجد منه خطأ من غير قصد، بأن يرمى كافرا فيصيب مسلما.
أو يرمى شخصا على أنه كافر فإذا هو مسلم .
ثم بين- سبحانه - حكم القتل الخطأ فقال: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا.
قوله فَتَحْرِيرُ، التحرير: الإعتاق وهو تفعيل من الحرية.
أى جعل الرقبة حرة.
وهو مبتدأ محذوف الخبر أى: فعليه تحرير رقبة مؤمنة.
وقوله: وَدِيَةٌ الدية ما يعطى عوضا من دم القتيل إلى وليه.
وهي مأخوذة من الودي كالعدة من الوعد.
يقال: ودى القاتل القتيل يديه دية إذا أعطى وليه المال الذي هو بدل النفس.
وسمى المال دية تسمية بالمصدر.
والمعنى: أن المؤمن لا يسوغ له ولا يليق به أن يقتل أخاه المؤمن، لأن ذلك محرم تحريما قاطعا، لكن إن وقع منه القتل له على سبيل الخطأ فإن دم القتيل لا يذهب هدرا، بل على من قتل أخاه المؤمن خطأ «تحرير رقبة مؤمنة» أى: إعتاق نفس مؤمنة، وعليه كذلك دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ أى: مؤداة إلى ورثة القتيل عوضا لهم عما فاتهم من قتيلهم.
وقوله إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا أى إلا أن يتصدق أهل القتيل بهذه الدية على القاتل، بأن يتنازلوا عنها له على سبيل العفو والصفح.
وعبر- سبحانه - عن العتق بالتحرير في قوله فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ للاشعار بأن الحرية للعبيد مقصد من مقاصد الإسلام، وأن شريعته قد أوجبت على أتباعها أن يعتقوا الأرقاء إذا ما وقعوا في بعض الأخطاء حتى يتحرر أكبر عدد من الرقاب.
والتعبير عن النفس بالرقبة من باب التعبير عن الكل بالجزء.
وكان التعبير بذلك للاشارة إلى أن الرق غل معنوي في الرقاب، وأن المؤمن الصادق في إيمانه هو الذي يبذل قصارى جهده في فك الرقاب من قيدها.
وقيد الرقبة المحررة بأن تكون مؤمنة لتخرج الكافرة، إذ الإسلام يحرص على تحرير الأرقاء المؤمنين دون الكافرين.
قال ابن كثير: وجمهور الفقهاء على أن الرقبة المؤمنة تجزئ سواء أكانت صغيرة أم كبيرة فقد أخرج الإمام أحمد عن رجل من الأنصار أنه جاء بأمة سوداء فقال: يا رسول الله، إن على عتق رقبة مؤمنة.
فإن كنت ترى هذه مؤمنة أعتقها.
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتشهدين أن لا إله إلا الله؟ قالت: نعم.
قال: أتشهدين أنى رسول الله؟ قالت: نعم قال: أتؤمنين بالبعث بعد الموت؟ قالت: نعم.
قال: أعتقها» .
ويرى بعضهم أنه لا تجزئ إلا الرقبة المؤمنة التي صلت وعقلت الإيمان، أما الصغيرة فإنها لا تجزئ.
وقوله وَدِيَةٌ معطوف على «فتحرير» وقوله مُسَلَّمَةٌ صفة لدية.
وقوله إِلى أَهْلِهِ متعلقة بمسلمة.
قال القرطبي ما ملخصه: ولم يعين الله في كتابه ما يعطى في الدية، وإنما في الآية إيجاب الدية مطلقا، وليس فيها إيجابها على العاقلة أو على القاتل، وإنما أخذ ذلك من السنة.
والعاقلة: قرابات الرجل من جهة أبيه وهم عصبته..وقد ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الدية مائة من الإبل.
ووداها صلى الله عليه وسلم في عبد الله بن سهل المقتول بخيبر فكان ذلك بيانا على لسان النبي صلى الله عليه وسلم لمجمل الكتاب واختلفوا فيما يجب على غير أهل الإبل، فقالت طائفة: على أهل الذهب ألف دينار.
وعلى أهل الورق اثنا عشر ألف درهم.
وقد ثبتت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى بدية الخطأ على العاقلة.
وأجمع أهل العلم على القول به .
ففي الصحيحين عن أبى هريرة قال: اقتتلت امرأتان من هذيل.
فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها، وما في بطنها.
فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى أن دية جنينها غرة: عبد وأمة.
وقضى بدية المرأة على عاقلتها .
قالوا: وإنما كانت دية القتل الخطأ على العاقلة، لأن القاتل لو دفعها لأوشكت أن تأتى على جميع ماله، وليكون ذلك دليلا على تضافر الأسرة وتعاونها.
وإذا كان القاتل فقيرا وأسرته فقيرة، فإن دية المقتول تكون على بيت مال المسلمين، حتى لا يهدر دم القتيل.
قال القاسمى: تجب الدية على كل عاقلة القاتل.
وهم عصبته غير الأصول والفروع .
لأنه لما عفى عن القاتل فلا وجه للأخذ منه.
وأصوله وفروعه أجزاؤه فالأخذ منهم أخذ منه.
ولا وجه لإهدار دم المؤمن.
فيؤخذ من عاقلته الذين يرثونه بأقوى الجهات وهي العصبية، لأن الغرم بالغنم.
فإن لم يكن له عاقلة أو كانوا فقراء فعلى بيت المال .
والتعبير عن أداء الدين بقوله مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ يومئ إلى وجوب حسن الأداء بأن تسلم هذه الدية إلى أسرة القتيل بكل سماحة ولطف جبرا لخاطرها عما أصابها.
والمراد بقوله إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا أى: إلا أن يتبرع بها أولياء المقتول على سبيل العفو والصفح.
وعبر عن ذلك بقوله يَصَّدَّقُوا للإشارة إلى أن تبرعهم هذا مرغوب فيه وأنه بمنزلة الصدقة التي لهم ثوابها الجزيل عند الله-تبارك وتعالى- لا سيما إذا كان أولياء القاتل وعصبته يشق عليهم أداؤها فيتركها أولياء القتيل رأفة بأولياء القاتل وشفقة عليهم، وفي الحديث الشريف كل معروف صدقة.
ثم بين- سبحانه - حكم القتل الخطأ لمؤمن ينتمى إلى الأعداء فقال فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ.
أى: فإن كان المقتول خطأ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ أى محاربين لكم، وَهُوَ مُؤْمِنٌ أى وكان المقتول مؤمنا ولم يعلم به القاتل، لكونه بين أظهر قومه الكفار ولم يفارقهم، أو أتاهم بعد أن فارقهم لأمر من الأمور، فعلى القاتل في هذه الحالة تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ كفارة عن هذا القتل الخطأ، وليس عليه دية، لأن أولياء القتيل من الكفار ولا توارث بين المؤمن والكفار، ولأن دفع الدية إليهم يؤدى إلى تقويتهم علينا ومن غير المعقول أن ندفع لأعدائنا ما يتقوون به علينا.
روى الحاكم وغيره عن ابن عباس قال: كان الرجل يأتى النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع إلى قومه وهم مشركون.
فيصيبه المسلمون في سرية أو غزوة.
فيعتق الذي يصيبه رقبة.
ثم بين- سبحانه - حكم القتل الخطأ إذا كان المقتول من قوم بينهم وبين المسلمين عهد وميثاق فقال-تبارك وتعالى-: وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ.
أى: وإن كان المقتول خطأ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أى: من قوم بينكم وبينهم- أيها المؤمنون- عهد من هدنة أو أمان وهم على دينهم وأنتم على دينكم، فعلى القاتل في هذه الحالة دية تدفعها عاقلته إلى أهل القتيل، لأن حكمهم كحكم المسلمين، وعليه كذلك تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ لتكون كفارة له عند الله، وقدم الدية هنا على تحرير الرقبة على العكس مما جاء في صدر الآية، للإشعار بوجوب المسارعة إلى تسليم الدية حتى لا يتردد القاتل في دفعها إلى غير المسلمين الذين بينهم وبين المسلمين عهد يمنع عدم الاعتداء.
فأنت ترى أن الله-تبارك وتعالى- قد جعل الحكم في قتل المعاهد كالحكم في قتل المسلم من الدية وتحرير الرقبة، وبعضهم يرى أن المراد بالمقتول خطأ هنا المسلم الذي هو في قوم معاهدين وأن الدية لا تدفع لهؤلاء القوم فيكون معنى الآية: وإن كان أى المقتول المؤمن مِنْ قَوْمٍ كفاربينكم وبينهم ميثاق، فعلى قاتله دية مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ من أهل الإسلام إن وجدوا، ولا تدفع إلى ذوى قرابته من الكفار وإن كانوا معاهدين، إذ لا يرث الكافر المؤمن.
ويبدو لنا أن الرأى الأول أقرب إلى الصواب، لأنه لو كان المراد بالمقتول خطأ هنا القتيل المسلم لكان مكررا ولما كان هناك معنى لإفراده إذ حكمه يكون داخلا في قوله-تبارك وتعالى- في صدر الآية «ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله» .
فلما أفرده- سبحانه - بالذكر علمنا أن المقصود بالقتيل هنا من قتل خطأ من قوم كفار بيننا وبينهم ميثاق سواء أكان المقتول على ديننا أم على دينهم.
وقد ذكر صاحب الكشاف هذا الوجه ولم يذكر سواه فقال: وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ- أى:وإن كان المقتول من قوم- كفرة لهم ذمة كالمشركين الذين عاهدوا المسلمين وأهل الذمة من الكتابيين فحكمه حكم مسلم من مسلمين» .
ومن العلماء أيضا من يرى أن دية المسلم والكافر سواء ومنهم من يرى غير ذلك.
وقد أشار الإمام ابن كثير إلى هذين الرأيين بقوله: قوله-تبارك وتعالى- وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ.
الآية، أى: فإن كان القتيل أولياؤه أهل ذمة أو هدنة فلهم دية قتيلهم.
فإن كان مؤمنا فدية كاملة وكذا إن كان كافرا أيضا عند طائفة من العلماء.
وقيل يجب في الكافر نصف دية المسلم وقيل ثلثها كما هو مفصل في كتب الأحكام .
ثم يبين- سبحانه - الحكم عند عدم استطاعة إعتاق الرقبة فقال: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ، وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً.
أى: فمن لم يجد رقبه مؤمنة يعتقها فعليه في هذه الحالة صيام شهرين متواصلين في أيامهما، لا يفرق بينهم فطر، بحيث لو أفطر يوما فيها استأنف من جديد ابتداء الشهرين، إلا أن يكون الفطر بسبب حيض أو نفاس أو مرض يتعذر معه الصوم.
وقوله- تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ مفعول لأجله والتقدير: أى شرع الله لكم ذلك توبة منه أى قبولا لها ورحمة بكم.
من: تاب الله على فلان إذا قبل توبته.
وهذه التوبة ليست من إثم القتل الخطأ، لأن الإثم مرفوع عن المخطئ كما في الحديث الشريف «رفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» .
وإنما التوبة هنا من التقصير وقلة التثبت والتحقق، ولكي يكون المسلم يعد ذلك متذكرا فلا يقع منه في المستقبل ما وقع منه في الماضي، ولهذا قال الإمام الزيلعى:«وبهذا النوع من القتل أى القتل الخطأ- لا يأثم إثم القتل، وإنما يأثم إثم ترك التحرز والمبالغة في التثبت، لأن الأفعال المباحة لا تجوز مباشرتها إلا بشرط ألا تؤذى أحدا.
فإذا آذى أحدا فقد تحقق ترك الحرز» .
وقوله وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً تذييل قصد به زجر الناس عن اتباع الهوى وعن مخالفة شريعته.
أى: وكان الله وما زال عليما بالنفوس وخباياها وحركاتها وبكل شيء في هذا الكون: حكيما في كل ما شرع وقضى.
وسيحاسب الناس على أقوالهم.
وأعمالهم يوم القيامة.
وسيجازيهم بما يستحقون من خير أو من شر.
وبهذا نرى أن الآية الكريمة قد بينت أن المؤمن إذا قتل على سبيل الخطأ أخاه المؤمن أو قتل رجلا من قوم كافرين ولكن بيننا وبينهم ميثاق أمان فعليه في كل حالة من هاتين الحالتين عتق رقبة ودية.
أما إذا قتل المؤمن رجلا مؤمنا ولكن كان من قوم كافرين محاربين لنا وليس بيننا وبينهم عهد ولا ميثاق فعلى القاتل تحرير رقبة فقط.
فإن لم يستطع تحرير رقبة فعليه صيام شهرين متتابعين توبة من الله.
وبهذه الأحكام الحكيمة تربى النفوس على الاحتراس والاحتياط وأخذ الحذر، وتصان الدماء عن أن تذهب هدرا، وتعوض أسرة القتيل عن فقيدها بما يخفف آلامها، ويجبر خاطرها، وتعوض الجماعة الإسلامية بتحرير رقبة مؤمنة تعمل لصالح الجماعة بحرية وانطلاق بعد أن كانت تعمل لخدمة سيدها فحسب.

تفسير ابن كثير : شرح الآية 92 من سورة النساء


يقول تعالى : ليس لمؤمن أن يقتل أخاه المؤمن بوجه من الوجوه ، كما ثبت في الصحيحين ، عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس ، والثيب الزاني ، والتارك لدينه المفارق للجماعة " .ثم إذا وقع شيء من هذه الثلاث ، فليس لأحد من آحاد الرعية أن يقتله ، وإنما ذلك إلى الإمام أو نائبه .وقوله : ( إلا خطأ ) قالوا : هو استثناء منقطع ، كقول الشاعرمن البيض لم تظعن بعيدا ولم تطأ على الأرض إلا ريط برد مرحل.ولهذا شواهد كثيرة .واختلف في سبب نزول هذه [ الآية ] فقال مجاهد وغير واحد : نزلت في عياش بن أبي ربيعة أخي أبي جهل لأمه - وهي أسماء بنت مخربة - وذلك أنه قتل رجلا كان يعذبه مع أخيه على الإسلام ، وهو الحارث بن يزيد العامري ، فأضمر له عياش السوء ، فأسلم ذلك الرجل وهاجر ، وعياش لا يشعر ، فلما كان يوم الفتح رآه ، فظن أنه على دينه ، فحمل عليه فقتله . فأنزل الله هذه الآية .وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : نزلت في أبي الدرداء ; لأنه قتل رجلا وقد قال كلمة الإسلام حين رفع السيف ، فأهوى به إليه ، فقال كلمته ، فلما ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم قال : إنما قالها متعوذا . فقال له : " هل شققت عن قلبه " [ وهذه القصة في الصحيح لغير أبي الدرداء ] .وقوله : ( ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله [ إلا أن يصدقوا ] ) هذان واجبان في قتل الخطأ ، أحدهما : الكفارة لما ارتكبه من الذنب العظيم ، وإن كان خطأ ، ومن شرطها أن تكون عتق رقبة مؤمنة فلا تجزئ الكفارة .وحكى ابن جرير ، عن ابن عباس والشعبي وإبراهيم النخعي والحسن البصري أنهم قالوا : لا يجزئ الصغير حتى يكون قاصدا للإيمان . وروي من طريق عبد الرزاق عن معمر ، عن قتادة قال : في : ( فتحرير رقبة مؤمنة ) لا يجزئ فيها صبي .واختار ابن جرير إن كان مولودا بين أبوين مسلمين أجزأ ، وإلا فلا . والذي عليه الجمهور : أنه متى كان مسلما صح عتقه عن الكفارة ، سواء كان صغيرا أو كبيرا .وقال الإمام أحمد : أنبأنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن عبد الله بن عبد الله ، عن رجل من الأنصار ; أنه جاء بأمة سوداء ، فقال : يا رسول الله ، إن علي رقبة مؤمنة ، فإن كنت ترى هذه مؤمنة أعتقتها . فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أن لا إله إلا الله ؟ " قالت : نعم . قال : " أني رسول الله ؟ " قالت نعم . قال : " بالبعث بعد الموت ؟ " قالت : نعم ، قال : " أعتقها " .وهذا إسناد صحيح ، وجهالة الصحابي لا تضر .وفي موطأ [ الإمام ] مالك ومسندي الشافعي وأحمد ، وصحيح مسلم ، وسنن أبي داود والنسائي ، من طريق هلال بن أبي ميمونة ، عن عطاء بن يسار ، عن معاوية بن الحكم أنه لما جاء بتلك الجارية السوداء قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أين الله ؟ " قالت : في السماء . قال : " من أنا " قالت : أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أعتقها فإنها مؤمنة " .وقوله : ( ودية مسلمة إلى أهله ) هو الواجب الثاني فيما بين القاتل وأهل القتيل ، عوضا لهم عما فاتهم من قريبهم . وهذه الدية إنما تجب أخماسا ، كما رواه الإمام أحمد وأهل السنن ، من حديث الحجاج بن أرطأة ، عن زيد بن جبير ، عن خشف بن مالك ، عن ابن مسعود قال : قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في دية الخطأ عشرين بنت مخاض ، وعشرين بني مخاض ذكورا ، وعشرين بنت لبون ، وعشرين جذعة وعشرين حقة .لفظ النسائي ، وقال الترمذي : لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه ، وقد روي عن عبد الله موقوفا .وكذا روي عن [ علي و ] طائفة .وقيل : تجب أرباعا . وهذه الدية إنما تجب على عاقلة القاتل ، لا في ماله ، قال الشافعي ، رحمه الله : لم أعلم مخالفا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدية على العاقلة ، وهو أكثر من حديث الخاصة وهذا الذي أشار إليه ، رحمه الله ، قد ثبت في غير ما حديث ، فمن ذلك ما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة قال : اقتتلت امرأتان من هذيل ، فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها ، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقضى أن دية جنينها غرة عبد أو أمة ، وقضى بدية المرأة على عاقلتها .وهذا يقتضي أن حكم عمد الخطأ حكم الخطأ المحض في وجوب الدية ، لكن هذا تجب فيه الدية أثلاثا كالعمد ، لشبهه به .وفي صحيح البخاري ، عن عبد الله بن عمر قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة ، فدعاهم إلى الإسلام ، فلم يحسنوا أن يقولوا : أسلمنا . فجعلوا يقولون : صبأنا صبأنا . فجعل خالد يقتلهم ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرفع يديه وقال : " اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد " . وبعث عليا فودى قتلاهم وما أتلف من أموالهم ، حتى ميلغة الكلب .وهذا [ الحديث ] يؤخذ منه أن خطأ الإمام أو نائبه يكون في بيت المال .وقوله : ( إلا أن يصدقوا ) أي : فتجب فيه الدية مسلمة إلى أهله إلا أن يتصدقوا بها فلا تجب .وقوله : ( فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة ) أي : إذا كان القتيل مؤمنا ، ولكن أولياؤه من الكفار أهل حرب ، فلا دية لهم ، وعلى القاتل تحرير رقبة مؤمنة لا غير .وقوله : ( وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق [ فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة ] ) الآية ، أي : فإن كان القتيل أولياؤه أهل ذمة أو هدنة ، فلهم دية قتيلهم ، فإن كان مؤمنا فدية كاملة ، وكذا إن كان كافرا أيضا عند طائفة من العلماء . وقيل : يجب في الكافر نصف دية المسلم ، وقيل : ثلثها ، كما هو مفصل في [ كتاب الأحكام ] ويجب أيضا على القاتل تحرير رقبة مؤمنة .( فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ) أي : لا إفطار بينهما ، بل يسرد صومهما إلى آخرهما ، فإن أفطر من غير عذر ، من مرض أو حيض أو نفاس ، استأنف . واختلفوا في السفر : هل يقطع أم لا ؟ على قولين .وقوله : ( توبة من الله وكان الله عليما حكيما ) أي : هذه توبة القاتل خطأ إذا لم يجد العتق صام شهرين متتابعين .واختلفوا فيمن لا يستطيع الصيام : هل يجب عليه إطعام ستين مسكينا ، كما في كفارة الظهار ؟ على قولين ; أحدهما : نعم . كما هو منصوص عليه في كفارة الظهار ، وإنما لم يذكر هاهنا ; لأن هذا مقام تهديد وتخويف وتحذير ، فلا يناسب أن يذكر فيه الإطعام لما فيه من التسهيل والترخيص . القول الثاني : لا يعدل إلى الإطعام ; لأنه لو كان واجبا لما أخر بيانه عن وقت الحاجة .( وكان الله عليما حكيما ) قد تقدم تفسيره غير مرة .

تفسير الطبري : معنى الآية 92 من سورة النساء


وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأالقول في تأويل قوله تعالى : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ يعني جل ثناؤه بقوله : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ وما أذن الله لمؤمن ولا أباح له أن يقتل مؤمنا .
يقول : ما كان ذلك له فيما جعل له ربه وأذن له فيه من الأشياء البتة .
كما : 7982 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , قوله : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ يقول : ما كان له ذلك فيما أتاه من ربه من عهد الله الذي عهد إليه .
وأما قوله : إلا خطأ فإنه يقول : إلا أن المؤمن قد يقتل المؤمن خطأ , وليس له مما جعل له ربه فأباحه له .
وهذا من الاستثناء الذي تسميه أهل العربية : الاستثناء المنقطع , كما قال جرير بن عطية : من البيض لم تظعن بعيدا ولم تطأ على الأرض إلا ريط برد مرحل يعني : لم تطأ على الأرض إلا أن تطأ ذيل البرد , وليس ذيلا لبرد من الأرض .
وذكر أن هذه الآية نزلت في عياش بن أبي ربيعة المخزومي , وكان قد قتل رجلا مسلما بعد إسلامه وهو لا يعلم بإسلامه .
ذكر الآثار بذلك : 7983 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قول الله : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ قال : عياش بن أبي ربيعة قتل رجلا مؤمنا كان يعذبه مع أبي جهل , وهو أخوه لأمه , فاتبع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحسب أن ذلك الرجل كان كما هو وكان عياش هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا , فجاء أبو جهل وهو أخوه لأمه , فقال : إن أمك تناشدك رحمها وحقها أن ترجع إليها ! وهي أسماء ابنة مخرمة .
فأقبل معه , فربطه أبو جهل حتى قدم مكة ; فلما رآه الكفار زادهم ذلك كفرا وافتتانا , وقالوا : إن أبا جهل ليقدر من محمد على ما يشاء ويأخذ أصحابه .
* - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد بنحوه , إلا أنه قال في حديثه : فاتبع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل وعياش يحسبه أنه كافر كما هو , وكان عياش هاجر إلى المدينة مؤمنا , فجاءه أبو جهل وهو أخوه لأمه , فقال : إن أمك تنشدك برحمها وحقها إلا رجعت إليها ! وقال أيضا : فيأخذ أصحابه فيربطهم .
7984 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد بنحوه .
قال ابن جريج , عن عكرمة , قال : كان الحارث بن يزيد بن نبيشة من بني عامر بن لؤي يعذب عياش بن أبي ربيعة مع أبي جهل .
ثم خرج الحارث بن يزيد مهاجرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فلقيه عياش بالحرة فعلاه بالسيف حتى سكت , وهو يحسب أنه كافر.
ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره , ونزلت : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ .
.
.
الآية , فقرأها عليه , ثم قال له : " قم فحرر " .
7985 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن مفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ قال : نزلت في عياش بن أبي ربيعة المخزومي , فكان أخا لأبي جهل بن هشام لأمه.
وإنه أسلم وهاجر في المهاجرين الأولين قبل قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم , فطلبه أبو جهل والحارث بن هشام ومعهما رجل من بني عامر بن لؤي , فأتوه بالمدينة , وكان عياش أحب إخوته إلى أمه , فكلموه وقالوا : إن أمك قد حلفت أن لا يظلها بيت حتى تراك وهي مضطجعة في الشمس , فأتها لتنظر إليك ثم ارجع ! وأعطوه موثقا من الله لا يحجزونه حتى يرجع إلى المدينة .
فأعطاه بعض أصحابه بعيرا له نجيبا , وقال : إن خفت منهم شيئا فاقعد على النجيب.
فلما أخرجوه من المدينة أخذوه فأوثقوه , وجلده العامري , فحلف ليقتلن العامري .
فلم يزل محبوسا بمكة حتى خرج يوم الفتح , فاستقبله العامري وقد أسلم ولا يعلم عياش بإسلامه , فضربه فقتله , فأنزل الله : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ يقول : وهو لا يعلم أنه مؤمن , ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فيتركوا الدية.
وقال آخرون : نزلت هذه الآية في أبي الدرداء .
ذكر من قال ذلك : 7986 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ .
.
.
الآية .
قال : نزل هذا في رجل قتله أبو الدرداء كانوا في سرية , فعدل أبو الدرداء إلى شعب يريد حاجة له , فوجد رجلا من القوم في غنم له , فحمل عليه بالسيف , فقال : لا إله إلا الله , قال : فضربه ثم جاء بغنمه إلى القوم .
ثم وجد في نفسه شيئا , فأتى النبي صلى الله عليه وسلم , فذكر ذلك له , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا شققت عن قلبه ؟ " فقال : ما عسيت أجد ! هل هو يا رسول الله إلا دم أو ماء ؟ قال : " فقد أخبرك بلسانه فلم تصدقه " , قال : كيف بي يا رسول الله ؟ قال : " فكيف بلا إله إلا الله ؟ " قال : فكيف بي يا رسول الله ؟ قال : " فكيف بلا إله إلا الله " .
حتى تمنيت أن يكون ذلك مبتدأ إسلامي.
قال : ونزل القرآن : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ .
.
.
حتى بلغ : إلا أن يصدقوا قال : إلا أن يضعوها .
قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن الله عرف عباده بهذه الآية ما على من قتل مؤمنا خطأ من كفارة ودية .
وجائز أن تكون الآية نزلت في عياش بن أبي ربيعة وقتيله , وفي أبي الدرداء وصاحبه .
وأي ذلك كان فالذي عنى الله تعالى بالآية تعريف عباده ما ذكرنا , وقد عرف ذلك من عقل عنه من عباده تنزيله , وغير ضائرهم جهلهم بمن نزلت فيه.
ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنةثم أخبر جل ثناؤه عباده بحكم من قتل من المؤمنين خطأ , فقال : ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة يقول : فعليه تحرير رقبة مؤمنة من ماله ودية مسلمة يؤديها عاقلته إلى أهله : إلا أن يصدقوا يقول : إلا أن يصدق أهل القتيل خطأ على من لزمته دية قتيلهم , فيعفوا عنه ويتجاوزوا عن ذنبه , فيسقط عنه .
وموضع " أن " من قوله : إلا أن يصدقوا نصب , لأن معناه : فعليه ذلك إلا أن يصدقوا.
وأما الرقبة المؤمنة فإن أهل العلم مختلفون في صفتها , فقال بعضهم : لا تكون الرقبة مؤمنة حتى تكون قد اختارت الإيمان بعد بلوغها وصلت وصامت , ولا يستحق الطفل هذه الصفة .
ذكر من قال ذلك : 7987 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا ابن علية , عن أبي حيان , قال : سألت الشعبي عن قوله : فتحرير رقبة مؤمنة قال : قد صلت وعرفت الإيمان .
7988 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس , قوله : فتحرير رقبة مؤمنة يعني بالمؤمنة : من عقل الإيمان وصام وصلى .
7989 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا وكيع , عن الأعمش , عن إبراهيم , قال : ما كان في القرآن من رقبة مؤمنة فلا يجزي إلا من صام وصلى , وما كان في القرآن من رقبة ليست مؤمنة , فالصبي يجزئ.
7990 - حدثت عن يزيد بن هارون , عن هشام بن حسان , عن الحسن , قال : كل شيء في كتاب الله فتحرير رقبة مؤمنة فمن صام وصلى وعقل , وإذا قال : " فتحرير رقبة " : فما شاء .
7991 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا الثوري , عن الأعمش , عن إبراهيم قال : كل شيء في القرآن فتحرير رقبة مؤمنة فالذي قد صلى , وما لم تكن " مؤمنة " , فتحرير من لم يصل .
7992 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : فتحرير رقبة مؤمنة والرقبة المؤمنة عند قتادة : من قد صلى .
وكان يكره أن يعتق في هذا الطفل الذي لم يصل ولم يبلغ ذلك.
7993 - حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي , قال : ثنا فضيل بن عياض , عن مغيرة , عن إبراهيم في قوله : فتحرير رقبة مؤمنة قال : إذا عقل دينه .
7994 - حدثنا المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا عبد الرزاق , عن معمر , عن قتادة , قال في : فتحرير رقبة مؤمنة لا يجزئ فيها صبي.
7995 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : فتحرير رقبة مؤمنة يعنى بالمؤمنة : من قد عقل الإيمان وصام وصلى , فإن لم يجد رقبة فصيام شهرين متتابعين , وعليه دية مسلمة إلى أهله , إلا أن يصدقوا بها عليه.
وقال آخرون : إذا كان مولودا بين أبوين مسلمين فهو مؤمن وإن كان طفلا .
ذكر من قال ذلك : 7996 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا وكيع , عن سفيان , عن ابن جريج , عن عطاء , قال : كل رقبة ولدت في الإسلام فهي تجزي .
قال أبو جعفر : وأولى القولين بالصواب في ذلك , قول من قال : لا يجزئ في قتل الخطأ من الرقاب إلا من قد آمن وهو يعقل الإيمان من الرجال والنساء إذا كان ممن كان أبواه على ملة من الملل سوى الإسلام وولد يتيما وهو كذلك , ثم لم يسلما ولا واحد منهما حتى أعتق في كفارة الخطأ .
وأما من ولد بين أبوين مسلمين فقد أجمع الجميع من أهل العلم أنه وإن لم يبلغ حد الاختيار والتمييز ولم يدرك الحلم فمحكوم له بحكم أهل الإيمان في الموارثة والصلاة عليه إن مات , وما يجب عليه إن جنى , ويجب له إن جني عليه , وفي المناكحة .
فإذا كان ذلك من جميعهم إجماعا , فواجب أن يكون له من الحكم فيما يجزئ فيه من كفارة الخطأ إن أعتق فيها من حكم أهل الإيمان مثل الذي له من حكم الإيمان في سائر المعاني التي ذكرناها وغيرها.
ومن أبى ذلك عكس عليه الأمر فيه , ثم سئل الفرق بين ذلك من أصل أو قياس , فلن يقول في شيء من ذلك قولا إلا ألزم في غيره مثله .
ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقواوأما الدية المسلمة إلى أهل القتيل فهي المدفوعة إليهم على ما وجب لهم موفرة غير منتقصة حقوق أهلهم منها .
وذكر عن ابن عباس أنه كان يقول : هي الموفرة .
7997 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج , عن ابن جريج , قال : قال ابن عباس , قوله : ودية مسلمة إلى أهله قال : موفرة.
وأما قوله : إلا أن يصدقوا فإنه يعني به : إلا أن يتصدقوا بالدية على القاتل أو على عاقلته ; فأدغمت التاء من قوله : " يتصدقوا " في الصاد فصارتا صادا .
وقد ذكر أن ذلك في قراءة أبي : " إلا أن يتصدقوا " .
7998 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا بكر بن الشرود : في حرف أبي : إلا أن يتصدقوا .
فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنةالقول في تأويل قوله : فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة يعني جل ثناؤه بقوله : فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فإن كان هذا القتيل الذي قتله المؤمن خطأ من قوم عدو لكم , يعني : من عداد قوم أعداء لكم في الدين مشركين , لم يأمنوكم الحرب على خلافكم على الإسلام , وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة يقول : فإذا قتل المسلم خطأ رجلا من عداد المشركين والمقتول مؤمن والقاتل يحسب أنه على كفره , فعليه تحرير رقبة مؤمنة .
واختلف أهل التأويل في معنى ذلك , فقال بعضهم : معناه : وإن كان المقتول من قوم هم عدو لكم وهو مؤمن ; أي بين أظهركم لم يهاجر , فقتله مؤمن , فلا دية عليه وعليه تحرير رقبة مؤمنة .
ذكر من قال ذلك : 7999 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا يحيى بن سعيد , عن سفيان , عن سماك , عن عكرمة والمغيرة , عن إبراهيم في قوله : فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن قال : هو الرجل يسلم في دار الحرب , فيقتل .
قال : ليس فيه دية , وفيه الكفارة .
8000 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن إسرائيل , عن سماك , عن عكرمة في قوله : فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن قال : يعني : المقتول يكون مؤمنا وقومه كفار , قال : فليس له دية , ولكن تحرير رقبة مؤمنة .
8001 - حدثنا المثنى , قال : ثنا أبو غسان , قال : ثنا إسرائيل , عن سماك , عن عكرمة , عن ابن عباس في قوله : فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن قال : يكون الرجل مؤمنا وقومه كفار , فلا دية له , ولكن تحرير رقبة مؤمنة .
8002 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن مفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن في دار الكفر , يقول : فتحرير رقبة مؤمنة وليس له دية .
8003 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة ولا دية لأهله من أجل أنهم كفار , وليس بينهم وبين الله عهد ولا ذمة .
* - حدثني المثنى , قال : ثنا الحجاج , قال : ثنا حماد , قال : أخبرنا عطاء بن السائب , عن ابن عباس أنه قال في قول الله : وإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن .
.
.
إلى آخر الآية , قال : كان الرجل يسلم , ثم يأتي قومه فيقيم فيهم وهم مشركون , فيمر بهم الجيش لرسول الله صلى الله عليه وسلم , فيقتل فيمن يقتل , فيعتق قاتله رقبة ولا دية له .
8004 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن مغيرة , عن إبراهيم : فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة قال : هذا إذا كان الرجل المسلم من قوم عدو لكم : أي ليس لهم عهد يقتل خطأ , فإن على من قتله تحرير رقبة مؤمنة .
* - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس : فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فإن كان في أهل الحرب وهو مؤمن , فقتله خطأ , فعلى قاتله أن يكفر بتحرير رقبة مؤمنة , أو صيام شهرين متتابعين , ولا دية عليه .
8005 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن القتيل مسلم وقومه كفار , فتحرير رقبة مؤمنة ولا يؤدي إليهم الدية فيتقوون بها عليكم.
وقال آخرون : بل عنى به الرجل من أهل الحرب يقدم دار الإسلام فيسلم ثم يرجع إلى دار الحرب , فإذا مر بهم الجيش من أهل الإسلام هرب قومه , وأقام ذلك المسلم منهم فيها , فقتله المسلمون وهم يحسبونه كافرا .
ذكر من قال ذلك : 8006 - حدثني محمد بن سعد , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس : فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة فهو المؤمن يكون في العدو من المشركين يسمعون بالسرية من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم , فيفرون ويثبت المؤمن فيقتل , ففيه تحرير رقبة مؤمنة .
وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنةالقول في تأويل قوله تعالى : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة يعني جل ثناؤه بقوله : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق وإن كان القتيل الذي قتله المؤمن خطأ من قوم بينكم أيها المؤمنون وبينهم ميثاق : أي عهد وذمة , وليسوا أهل حرب لكم , فدية مسلمة إلى أهله يقول : فعلى قاتله دية مسلمة إلى أهله يتحملها عاقلته , وتحرير رقبة مؤمنة كفارة لقتله .
ثم اختلف أهل التأويل في صفة هذا القتيل الذي هو من قوم بيننا وبينهم ميثاق أهو مؤمن أو كافر ؟ فقال بعضهم : هو كافر , إلا أنه لزمت قاتله ديته ; لأن له ولقومه عهدا , فواجب أداء ديته إلى قومه للعهد الذي بينهم وبين المؤمنين , وأنها مال من أموالهم , ولا يحل للمؤمنين شيء من أموالهم بغير طيب أنفسهم .
ذكر من قال ذلك : 8007 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق يقول : إذا كان كافرا في ذمتكم فقتل , فعلى قاتله الدية مسلمة إلى أهله , وتحرير رقبة مؤمنة , أو صيام شهرين متتابعين .
8008 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا ابن علية , عن أيوب , قال : سمعت الزهري يقول : دية الذمي دية المسلم .
قال : وكان يتأول : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله .
8009 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا عبد الله بن إدريس , عن عيسى بن أبي المغيرة , عن الشعبي في قوله : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله قال : من أهل العهد , وليس بمؤمن .
8010 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا ابن مهدي , عن هشيم , عن مغيرة , عن إبراهيم : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق وليس بمؤمن .
8011 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة بقتله : أي بالذي أصاب من أهل ذمته وعهده ; فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله .
.
.
الآية 8012 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله يقول : فأدوا إليهم الدية بالميثاق .
قال : وأهل الذمة يدخلون في هذا , وتحرير رقبة مؤمنة , فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين .
وقال آخرون : بل هو مؤمن , فعلى قاتله دية يؤديها إلى قومه من المشركين , لأنهم أهل ذمة .
ذكر من قال ذلك : 8013 - حدثني ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن مغيرة , عن إبراهيم : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة قال : هذا الرجل المسلم وقومه مشركون لهم عقد , فتكون ديته لقومه وميراثه للمسلمين , ويعقل عنه قومه ولهم ديته .
8014 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن هشيم , عن أبي إسحاق الكوفي , عن جابر بن زيد في قوله : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق قال : وهو مؤمن .
8015 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا ابن مهدي , عن حماد بن سلمة , عن يونس , عن الحسن , في قوله : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق قال : هو كافر .
قال أبو جعفر : وأولى القولين في ذلك بتأويل الآية قول من قال : عنى بذلك المقتول من أهل العهد , لأن الله أبهم ذلك , فقال : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ولم يقل : " وهو مؤمن " كما قال في القتيل من المؤمنين وأهل الحرب ; أو عنى المؤمن منهم وهو مؤمن .
فكان في تركه وصفه بالإيمان الذي وصف به القتيلين الماضي ذكرهما قبل , الدليل الواضح على صحة ما قلنا في ذلك.
فإن ظن ظان أن في قوله تبارك وتعالى : فدية مسلمة إلى أهله دليلا على أنه من أهل الإيمان , لأن الدية عنده لا تكون إلا لمؤمن , فقد ظن خطأ ; وذلك أن دية الذمي وأهل الإسلام سواء , لإجماع جميعهم على أن ديات عبيدهم الكفار وعبيد المؤمنين من أهل الإيمان سواء , فكذلك حكم ديات أحرارهم سواء , مع أن دياتهم لو كانت على ما قال من خالفنا في ذلك , فجعلها على النصف من ديات أهل الإيمان أو على الثلث , لم يكن في ذلك دليل على أن المعني بقوله : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق من أهل الإيمان , لأن دية المؤمنة لا خلاف بين الجميع , إلا من لا يعد خلافا أنها على النصف من دية المؤمن , وذلك غير مخرجها من أن تكون دية , فكذلك حكم ديات أهل الذمة لو كانت مقصرة عن ديات أهل الإيمان لم يخرجها ذلك من أن تكون ديات , فكيف والأمر في ذلك بخلافه ودياتهم وديات المؤمنين سواء ؟ .
وأما الميثاق : فإنه العهد والذمة , وقد بينا في غير هذا الموضع أن ذلك كذلك والأصل الذي منه أخذ بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .
ذكر من قال ذلك : 8016 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن مفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي في قوله : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق يقول : عهد.
8017 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن الزهري في قوله : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق قال : هو المعاهدة .
8018 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو غسان , قال : ثنا إسرائيل , عن سماك , عن عكرمة , عن ابن عباس : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق عهد .
8019 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن إسرائيل , عن سماك , عن عكرمة , مثله .
فإن قال قائل : وما صفة الخطأ الذي إذا قتل المؤمن المؤمن أو المعاهد لزمته ديته والكفارة ؟ قيل : هو ما قال النخعي في ذلك.
وذلك ما : 8020 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن بن مهدي , قال : ثنا سفيان , عن المغيرة , عن إبراهيم قال : الخطأ أن يريد الشيء فيصيب غيره .
8021 - حدثنا أبو كريب ويعقوب بن إبراهيم , قالا : ثنا هشيم , عن مغيرة , عن إبراهيم , قال : الخطأ أن يرمي الشيء فيصيب إنسانا وهو لا يريده , فهو خطأ , وهو على العاقلة .
فإن قال : فما الدية الواجبة في ذلك ؟ قيل : أما في قتل المؤمن فمائة من الإبل إن كان من أهل الإبل على عاقلة قاتله , لا خلاف بين الجميع في ذلك , وإن كان في مبلغ أسنانها اختلاف بين أهل العلم , فمنهم من يقول : هي أرباع : خمس وعشرون منها حقة , وخمس وعشرون جذعة , وخمس وعشرون بنت مخاض , وخمس وعشرون بنت لبون .
ذكر من قال ذلك : 8022 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن منصور , عن إبراهيم , عن علي رضي الله عنه : في الخطأ شبه العمد ثلاث وثلاثون حقة , وثلاث وثلاثون جذعة , وأربع وثلاثون ثنية إلى بازل عامها ; وفي الخطأ : خمس وعشرون حقة , وخمس وعشرون جذعة , وخمس وعشرون بنت مخاض , وخمس وعشرون بنت لبون .
* - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن فراس والشيباني , عن الشعبي , عن علي بن أبي طالب , بمثله .
* - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن أبي إسحاق , عن عاصم بن ضمرة , عن علي رضي الله عنه , بنحوه .
* - حدثني واصل بن عبد الأعلى , قال : ثنا ابن فضيل , عن أشعث بن سوار , عن الشعبي , عن علي رضي الله عنه أنه قال : في قتل الخطأ الدية مائة أرباعا , ثم ذكر مثله .
وقال آخرون : هي أخماس : عشرون حقة , وعشرون جذعة , وعشرون بنت لبون , وعشرون ابن لبون , وعشرون بنت مخاض .
ذكر من قال ذلك : 8023 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا ابن أبي عدي , عن سعيد , عن قتادة عن أبي مجلز , عن أبي عبيدة عن أبيه , عن عبد الله بن مسعود قال : في الخطأ عشرون حقة , وعشرون جذعة , وعشرون بنت لبون , وعشرون ابن لبون , وعشرون بنت مخاض .
* - حدثنا واصل بن عبد الأعلى , قال : ثنا ابن فضيل , عن أشعث , عن عامر , عن عبد الله بن مسعود : في قتل الخطأ مائة من الإبل أخماسا : خمس جذاع , وخمس حقاق , وخمس بنات لبون , وخمس بنات مخاض , وخمس بني مخاض .
* - حدثنا مجاهد بن موسى , قال : ثنا يزيد , قال : أخبرنا سليمان التيمي , عن أبي مجلز , عن أبي عبيدة عن عبد الله , قال : الدية أخماس دية الخطأ : خمس بنات مخاض , وخمس بنات لبون , وخمس حقاق , وخمس جذاع , وخمس بني مخاض .
واعتل قائل هذه المقالة بحديث : 8024 - حدثنا به أبو هشام الرفاعي , قال : ثنا يحيى بن أبي زائدة وأبو خالد الأحمر , عن حجاج , عن زيد بن جبير , عن الخشف بن مالك , عن عبد الله بن مسعود : أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في الدية في الخطأ أخماسا .
قال أبو هشام : قال ابن أبي زائدة : عشرون حقة , وعشرون جذعة , وعشرون ابنة لبون , وعشرون ابنة مخاض , وعشرون ابن مخاض .
* - حدثنا أبو هشام , قال : ثنا يحيى , عن أبيه , عن أبي إسحاق , عن علقمة , عن عبد الله أنه قضى بذلك .
وقال آخرون : هي أرباع , غير أنها ثلاثون حقة , وثلاثون بنت لبون , وعشرون بنت مخاض , وعشرون ابن لبون ذكور .
ذكر من قال ذلك : 8025 - حدثنا ابن بشار , قال : ثني محمد بن بكر , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , عن عبد ربه , عن أبي عياض , عن عثمان وزيد بن ثابت قالا : في الخطأ شبه العمد : أربعون جذعة خلفة , وثلاثون حقة , وثلاثون بنت مخاض ; وفي الخطأ : ثلاثون حقة , وثلاثون جذعة , وعشرون بنت مخاض , وعشرون ابن لبون ذكور.
8026 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا ابن أبي عدي , عن سعيد , عن قتادة , عن سعيد بن المسيب , عن زيد بن ثابت في دية الخطأ : ثلاثون حقة , وثلاثون بنت لبون , وعشرون بنت مخاض , وعشرون ابن لبون ذكور .
* - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا ابن عثمة , قال : ثنا سعيد بن بشير , عن قتادة , عن عبد ربه , عن أبي عياض , عن عثمان بن عفان رضي الله عنه , قال : وحدثنا سعيد , عن قتادة , عن سعيد بن المسيب عن زيد بن ثابت , مثله .
قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك أن الجميع مجمعون أن في الخطأ المحض على أهل الإبل مائة من الإبل .
ثم اختلفوا في مبالغ أسنانها , وأجمعوا على أنه لا يقصر بها في الذي وجبت له الأسنان عن أقل ما ذكرنا من أسنانها التي حدها الذين ذكرنا اختلافهم فيها , وأنه لا يجاوز بها الذي وجبت عن أعلاها .
وإن كان ذلك من جميعهم إجماعا , فالواجب أن يكون مجزيا من لزمته دية قتل خطأ : أي هذه الأسنان التي اختلف المختلفون فيها أداها إلى من وجبت له , لأن الله تعالى لم يحد ذلك بحد لا يجاوز به ولا يقصر عنه ولا رسوله إلا ما ذكرت من إجماعهم فيما أجمعوا عليه , فإنه ليس للإمام مجاوزة ذلك في الحكم بتقصير ولا زيادة , وله التخيير فيما بين ذلك بما رأى الصلاح فيه للفريقين , وإن كانت عاقلة القاتل من أهل الذهب فإن لورثة القتيل عليهم عندنا ألف دينار , وعليه علماء الأمصار .
وقال بعضهم : ذلك تقويم من عمر رضي الله عنه لإبل على أهل الذهب في عصره , والواجب أن يقوم في كل زمان قيمتها إذا عدم الإبل عاقلة القاتل .
واعتلوا بما : 8027 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن أيوب بن موسى , عن مكحول , قال : كانت الدية ترتفع وتنخفض , فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي ثمانمائة دينار , فخشي عمر من بعده , فجعلها اثني عشر ألف درهم أو ألف دينار.
وأما الذين أوجبوها في كل زمان على أهل الذهب ذهبا ألف دينار , فقالوا : ذلك فريضة فرضها الله على لسان رسوله , كما فرض الإبل على أهل الإبل .
قالوا : وفي إجماع علماء الأمصار في كل عصر وزمان إلا من شذ عنهم , على أنها لا تزاد على ألف دينار ولا تنقص عنها , أوضح الدليل على أنها الواجبة على أهل الذهب وجوب الإبل على أهل الإبل , لأنها لو كانت قيمة لمائة من الإبل لاختلف ذلك بالزيادة والنقصان لتغير أسعار الإبل.
وهذا القول هو الحق في ذلك لما ذكرنا من إجماع الحجة عليه .
وأما من الورق على أهل الورق عندنا , فاثنا عشر ألف درهم , وقد بينا العلل في ذلك في كتابنا " كتاب لطيف القول في أحكام شرائع الإسلام " .
وقال آخرون : إنما على أهل الورق من الورق عشرة آلاف درهم .
وأما دية المعاهد الذي بيننا وبين قومه ميثاق , فإن أهل العلم اختلفوا في مبلغها , فقال بعضهم : ديته ودية الحر المسلم سواء .
ذكر من قال ذلك : 8028 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا بشر بن السري , عن إبراهيم بن سعد , عن الزهري : أن أبا بكر وعثمان رضوان الله عليهما كانا يجعلان دية اليهودي والنصراني إذا كانا معاهدين كدية المسلم .
8029 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا بشر بن السري , عن الدستوائي , عن يحيى بن أبي كثير , عن الحكم بن عيينة : أن ابن مسعود كان يجعل دية أهل الكتاب إذا كانوا أهل ذمة كدية المسلمين .
8030 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن حماد , قال : سألني عبد الحميد عن دية أهل الكتاب , فأخبرته أن إبراهيم قال : إن ديتهم وديتنا سواء .
8031 - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا أبو الوليد , قال : ثنا حماد , عن إبراهيم وداود عن الشعبي أنهما قالا : دية اليهودي والنصراني والمجوسي مثل دية الحر المسلم.
8032 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا هشيم , عن مغيرة , عن إبراهيم , قال : كان يقال : دية اليهودي والنصراني والمجوسي كدية المسلم إذا كانت له ذمة .
8033 - حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , قال : ثنا ابن أبي نجيح , عن مجاهد وعطاء أنهما قالا : دية المعاهد دية المسلم.
* - حدثنا سوار بن عبد الله , قال : ثنا بشر بن المفضل , قال : ثنا المسعودي , عن حماد , عن إبراهيم , أنه قال : دية المسلم والمعاهد سواء .
8034 - حدثني يعقوب , قال : حدثنا ابن علية , عن أيوب , قال : سمعت الزهري يقول : دية الذمي دية المسلم .
8035 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن أبي زائدة , عن أشعث , عن عامر قال : دية الذمي مثل دية المسلم .
* - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن أبي زائدة , عن سعيد بن أبي عروبة , عن أبي معشر , عن إبراهيم مثله .
* - حدثني أبو السائب , قال : ثنا أبو معاوية , عن الأعمش , عن إبراهيم مثله .
8036 - ثنا عبد الحميد بن بيان , قال : أخبرنا محمد بن يزيد , عن إسماعيل , عن عامر , وبلغه أن الحسن كان يقول : دية المجوسي ثمانمائة ودية اليهودي والنصراني أربعة آلاف , فقال : ديتهم واحدة .
* - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن قيس بن مسلم , عن الشعبي , قال : دية المعاهد والمسلم في كفارتهما سواء .
* - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن منصور , عن إبراهيم , قال : دية المعاهد والمسلم سواء .
وقال آخرون : بل ديته على النصف من دية المسلم .
ذكر من قال ذلك : 8037 - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا عبد الأعلى , قال : ثنا داود , عن عمرو بن شعيب في دية اليهودي والنصراني قال : جعلها عمر بن الخطاب رضي الله عنه نصف دية المسلم , ودية المجوسي ثمانمائة .
فقلت لعمرو بن شعيب : إن الحسن يقول : أربعة آلاف , قال : لعله كان ذلك قبل , وقال : إنما جعل دية المجوسي بمنزلة العبد .
8038 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا عبد الله الأشجعي , عن سفيان , عن أبي الزناد , عن عمر بن عبد العزيز قال : دية المعاهد على النصف من دية المسلم.
وقال آخرون : بل ديته على الثلث من دية المسلم .
ذكر من قال ذلك : 8039 - حدثني واصل بن عبد الأعلى , قال : ثنا ابن فضيل , عن مطرف , عن أبي عثمان - قال : كان قاضيا لأهل مرو - قال : جعل عمر رضي الله عنه دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف أربعة آلاف .
8040 - حدثنا عمار بن خالد الواسطي , قال : ثنا يحيى بن سعيد , عن الأعمش , عن ثابت , عن سعيد بن المسيب , قال : قال عمر : دية النصراني أربعة آلاف , والمجوسي ثمانمائة .
* - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا عبد الصمد , قال : ثنا شعبة , عن ثابت , قال : سمعت سعيد بن المسيب يقول : قال عمر : دية أهل الكتاب أربعة آلاف , ودية المجوسي ثمانمائة .
* - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن ثابت , عن سعيد بن المسيب , أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال , فذكر مثله .
8041 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا ابن أبي عدي , عن سعيد , عن قتادة , عن أبي المليح : أن رجلا من قومه رمى يهوديا أو نصرانيا بسهم فقتله , فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب , فأغرمه ديته أربعة آلاف.
* - وبه عن قتادة , عن سعيد بن المسيب , قال : قال عمر : دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف , أربعة آلاف .
* - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا أصحابنا , عن سعيد بن المسيب , عن عمر مثله .
8042 - قال : ثنا هشيم , عن ابن أبي ليلى , عن عطاء , عن عمر مثله .
8043 - قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا يحيى بن سعيد , عن سليمان بن يسار , أنه قال : دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف , والمجوسي ثمانمائة .
8044 - حدثنا سوار بن عبد الله , قال : ثنا خالد بن الحارث , قال : ثنا عبد الملك , عن عطاء , مثله .
8045 - حدثت عن الحسين بن الفرج , قال : سمعت أبا معاذ , قال : ثنا عبيد , قال : سمعت الضحاك في قوله : فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين الصيام لمن لا يجد رقبة , وأما الدية فواجبة لا يبطلها شيء .
فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من اللهالقول في تأويل قوله تعالى : فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله يعني تعالى ذكره بقوله : فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فمن لم يجد رقبة مؤمنة يحررها كفارة لخطئه في قتله من قتل من مؤمن أو معاهد لعسرته بثمنها , فصيام شهرين متتابعين يقول : فعليه صيام شهرين متتابعين .
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم فيه بنحو ما قلنا .
ذكر من قال ذلك : 8046 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قول الله : فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين قال : من لم يجد عتقا - أو عتاقة , شك أبو عصام - في قتل مؤمن خطأ , قال : وأنزلت في عياش بن أبي ربيعة قتل مؤمنا خطأ .
وقال آخرون : صوم الشهرين عن الدية والرقبة.
قالوا : وتأويل الآية : فمن لم يجد رقبة مؤمنة ولا دية يسلمها إلى أهلها فعليه صوم شهرين متتابعين .
ذكر من قال ذلك : 8047 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد بن نصر , قال : ثنا ابن المبارك , عن زكريا , عن الشعبي , عن مسروق : أنه سئل عن الآية التي في سورة النساء : فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين صيام الشهرين عن الرقبة وحدها , أو عن الدية والرقبة ؟ فقال : من لم يجد فهو عن الدية والرقبة .
* - حدثنا بن وكيع , قال : ثنا أبي , عن زكريا , عن عامر , عن مسروق بنحوه .
قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك أن الصوم عن الرقبة دون الدية , لأن دية الخطأ على عاقلة القاتل , والكفارة على القاتل بإجماع الحجة على ذلك , نقلا عن نبينا صلى الله عليه وسلم , فلا يقضي صوم صائم عما لزم غيره في ماله .
والمتابعة صوم الشهرين , ولا يقطعه بإفطار بعض أيامه لغير علة حائلة بينه وبين صومه .
ثم قال جل ثناؤه : توبة من الله وكان الله عليما حكيما يعني : تجاوزا من الله لكم إلى التيسير عليه بتخفيفه عنكم ما خفف عنكم من فرض تحرير الرقبة المؤمنة إذا أعسرتم بها بإيجابه عليكم صوم شهرين متتابعين.
وكان الله عليما حكيما وكان الله عليما حكيما يقول : ولم يزل الله عليما بما يصلح عباده فيما يكلفهم من فرائضه وغير ذلك , حكيما بما يقضي فيهم ويريد .

وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما

سورة : النساء - الأية : ( 92 )  - الجزء : ( 5 )  -  الصفحة: ( 93 ) - عدد الأيات : ( 176 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: فتول عنهم حتى حين
  2. تفسير: وحملناه على ذات ألواح ودسر
  3. تفسير: وما أرسلوا عليهم حافظين
  4. تفسير: فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا
  5. تفسير: قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين
  6. تفسير: الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا
  7. تفسير: إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر
  8. تفسير: ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء
  9. تفسير: قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين
  10. تفسير: فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف

تحميل سورة النساء mp3 :

سورة النساء mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة النساء

سورة النساء بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة النساء بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة النساء بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة النساء بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة النساء بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة النساء بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة النساء بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة النساء بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة النساء بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة النساء بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب