لا أنا ولا ثابت بن قيس لزوجها

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي رواه الإمام مالك في الموطأ وأبو داود في سننه:
الحديث:
عن حبيبة بنت سهل الأنصاري، أنها كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس. وأن رسول الله ﷺ خرج إلى الصبح. فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغَلَس، فقال لها رسول الله ﷺ: «من هذه؟» فقالت: أنا حبيبة بنت سهل يا رسول الله. قال: «ما شأنك؟» قالت: لا أنا ولا ثابت بن قيس لزوجها، فلما جاء زوجُها ثابت بن قيس، قال له رسول الله ﷺ: «هذه حبيبة بنت سهل، قد ذكرت ما شاء الله أن تذكر» فقالت حبيبة: يا رسول الله، كل ما أعطاني عندي. فقال رسول الله ﷺ لثابت بن قيس: «خذ منها» فأخذ منها وجلست في بيت أهلها.

---

1. شرح المفردات:

● تحت ثابت بن قيس: أي زوجة له.
● في الغَلَس: وقت الظلمة قبل طلوع الفجر، وهو وقت صلاة الصبح.
● لا أنا ولا ثابت بن قيس: تعني أنها لا تريد البقاء مع زوجها ولا تريده زوجًا لها.
● كل ما أعطاني عندي: أي أن المهر والعطايا التي أعطاها إياها هي محفوظة لديها مستعدة لردها.
● خذ منها: أي اقبل منها ما أعطيتها من مهر ونحوه وطلقها.

---

2. شرح الحديث:

تذكر الرواية أن حبيبة بنت سهل الأنصارية كانت زوجة لثابت بن قيس بن شماس، وهو من خيار الصحابة وخطباء النبي ﷺ. وقد وقع بينهما نفور وعدم استمرار في العشرة، فجاءت حبيبة إلى باب النبي ﷺ في وقت صلاة الصبح (الغلس) تشكو حالها وتطلب الفراق.
فلما خرج النبي ﷺ للصلاة ورآها، عرفها وسألها عن شأنها، فأخبرته أنها لا تريد البقاء مع زوجها ولا تريده زوجًا لها. ثم لما حضر زوجها ثابت، أخبره النبي ﷺ بقولها، فأكدت حبيبة أنها مستعدة لرد كل ما أعطاها إياه من مهر ونحوه. فأمر النبي ﷺ ثابتًا أن يأخذ ما أعطاها ويطلقها، ففعل ذلك.

---

3. الدروس المستفادة منه:

● جواز الخلع: الحديث أصل في مشروعية الخلع، وهو حق للمرأة إذا كرهت زوجها وخافت ألا تقيم حدود الله، أن تفتدي نفسها منه برد ما أخذته منه أو جزء منه.
● العدل بين الزوجين: النبي ﷺ لم يجبر حبيبة على البقاء مع زوجها مع كراهتها له، حفظًا لها ولحقوقها.
● الحكمة في حل المشكلات الزوجية: تصرف النبي ﷺ كان حكيمًا؛ استمع للطرفين وأمر بالحل المناسب.
● إرجاع الحقوق: يشترط في الخلع أن ترد المرأة ما أخذته من مهر أو هدايا إلا أن يتسامح الزوج.
● لا حرج في طلب الفراق للكراهة: إذا كرهت المرأة زوجها ولم تستطع العيش معه، فلا إثم عليها في طلب الطلاق.

---

4. معلومات إضافية:

- ثابت بن قيس بن شماس من أصحاب النبي ﷺ المعدودين في الخطباء والشجعان، واستشهد في حرب اليمامة.
- هذا الحديث يدل على أن الخلع جائز بالإرجاع فقط دون اشتراط عوض زائد إلا بالتراضي.
- الخلع حل شرعي لمشكلة النفور بين الزوجين حين لا يجدي الإصلاح.

أسأل الله أن يفقهنا في الدين، ويشرح صدورنا للحق، ويجعلنا من المتقين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.