حديث: أتردين عليه حديقته
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب لا يجوز للزوج أن يأخذ أكثر مما أعطاها
ﷺ: «أتردين عليه حديقتَه؟» قالت: نعم. فأمره النبي ﷺ أن يأخذ منها حديقته ولا يزداد.
حسن: رواه ابن ماجه (٢٠٥٦) عن أزهر بن مروان، قال: حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فهذا حديث شريف ورد في صحيح البخاري، وفيه دروس وعبر عظيمة تتعلق بالعلاقات الزوجية والعدل بين الناس. وإليك الشرح الوافي للحديث:
1. شرح المفردات:
● جميلة بنت سلول: هي امرأة من الصحابة، وزوجة ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنهما.
● ما أعتبُ ثابتا: أي لا ألومه أو أعاتبه.
● في دين ولا خلق: أي لا أجد فيه نقصًا في دينه أو أخلاقه.
● أكره الكفر في الإسلام: المقصود هنا كفران النعمة أو الجحود، وليس الكفر بالله، لأنها وصفت زوجها بالصلاح في الدين.
● لا أطيقه بغضًا: أي لا أستطيع الاستمرار معه بسبب كراهيتي له.
● حديقته: الحديقة التي أصدقها إياها عند الزواج.
2. شرح الحديث:
جاءت جميلة بنت سلول إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشكو له حالة النفور التي تعانيها تجاه زوجها ثابت بن قيس، معترفةً بأنه رجل صالح في دينه وخلقه، ولكنها لا تستطيع أن تستمر في الحياة معه بسبب كراهيتها له، وخشيتها من أن تقصر في حقه أو تأتي ما لا يليق وهي غير راضية عنه. فسألها النبي صلى الله عليه وسلم إن كانت مستعدة لرد الحديقة التي أصدقها إياها (أي المهر الذي أعطاها إياه)، فأجابت بالإيجاب. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم ثابتًا أن يأخذ حديقته ولا يطلب زيادة عليها.
3. الدروس المستفادة منه:
● مراعاة المشاعر في العلاقة الزوجية: الإسلام يراعي الجانب العاطفي والنفسي في العلاقة بين الزوجين، فليس المطلوب فقط الاستمرار في العلاقة بشكل شكلي، بل لابد من وجود المودة والرحمة.
● حق المرأة في طلب الطلاق للكراهية: إذا كرهت المرأة زوجها وخشيت أن لا تقيم حدود الله في حقّه، فلابد من فسخ النكاح؛ وهذا ما يعرف بالخلع.
● العدل في فسخ النكاح: لا يجوز للرجل أن يأخذ أكثر مما أعطى في حالة الخلع، بل يأخذ فقط ما دفعه من مهر، كما قال تعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229].
● الصراحة والوضوح في العلاقات: جاءت المرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم صريحة في قولها، معترفة بفضل زوجها، ولكنها صادقة في مشاعرها، وهذا من الأمور المحمودة.
● رفع الحرج عن الناس: النبي صلى الله عليه وسلم لم يلزمها بالبقاء مع زوجها رغم صلاحه، لأن الإكراه في العلاقة الزوجية قد يؤدي إلى مفاسد أكبر.
4. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث أصل في باب "الخلع" في الفقه الإسلامي، وهو حق للمرأة إذا كرهت زوجها وخشيت ألا تؤدي حقه.
- ثابت بن قيس بن شماس هو من خيار الصحابة، وكان خطيب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد شهد بدرًا والمشاهد كلها، واستشهد في وقعة اليمامة.
- جاء في روايات أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لثابت: "اقبل الحديقة وطلقها تطليقة"، ففعل.
- هذا الحديث يدل على سماحة الإسلام وعدله، حيث لم يجعل المرأة سجينة العلاقة إذا كانت تعاني من كراهية لا تستطيع معها الاستمرار.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا، وأن يوفقنا للعمل بما يرضيه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
ورواه البيهقي (٧/ ٣١٣) من وجه آخر عن همام، عن قتادة مختصرا فإنه لم يذكر فيه: ولا يزداد.
وإسناده حسن من أجل أزهر بن مروان فإنه حسن الحديث، وصحّحه ابن حجر في الدراية (ص ٧٥) ورواه البيهقي (٧/ ٣١٣) من طريق همام، نا قتادة مختصرا، ومن طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى مفسرًا. وقال: كذا رواه عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن سعيد بن أبي عروبة موصولًا، وأرسله غيره منه.
وفي الباب ما روي عن أبي الزبير أن ثابت بن قيس بن شماس كانت عنده زينب بنت عبد الله بن سلول، وكان أصدقّها حديقه. فكرهته، فقال النبي ﷺ: «أتردين عليه حديقته التي أعطاك؟» قالت: نعم وزيادة. فقال النبي ﷺ: «أما الزيادة فلا، ولكن حديقته»، قالت: نعم، فأخذها له، وخلا سبيلها، فلما بلغ ذلك ثابت بن قيس قال: قد قبلتُ قضاءَ رسولِ الله ﷺ.
رواه الدارقطني (٣/ ٢٥٥) من حديث حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير فذكره. قال الدارقطني: سمعه أبو الزبير من غير واحد.
وقال ابن الجوزي في التحقيق (٤/ ٣٩٤): إسناده صحيح، وأقرّه ابن عبد الهادي. وحجاج هو: ابن محمد المصيصي. إلا أن البيهقي قال: (٧/ ٣١٤): «وهذا أيضا مرسل». وقال ابن حجر في الفتح (٩/ ٤٠٢): «رجال إسناده ثقات، وقد وقع في بعض طرقه: سمعه أبو الزبير من غير واحد، فإن كان فيهم صحابي فهو صحيح، وإلا فيعتضد بما سبق».
يعني حديث ابن عباس عند ابن ماجه، ومرسل عطاء.
قال الأعظمي: ومرسل عطاء رواه أبو داود في مراسيله (٢٢٧) وعبد الرزاق (٦/ ٥٠٢) كلاهما من طريق ابن جريج، قال: أخبرني عطاء قال: جاءت امرأة إلى النبي ﷺ تشكو زوجها قال: «أتردين عليه حديقته؟» قالت: نعم، وزيادة. قال: «أما الزيادة فلا، قال الدارقطني (٣/ ٣٢١): وخالفه الوليد، عن ابن جريج فأسنده عن عطاء، عن ابن عباس. والمرسل أصح. وكذا صحّح المرسل أبو حاتم. في: العلل (١/ ٤٢٩).
فقه الحديث:
يستفاد من أحاديث الباب أن طلب الزيادة على المهر غير جائز، وبه قال جمهور أهل العلم منهم أبو حنيفة، وأحمد، وإسحاق، وسعيد بن المسيب، وغيرهم قالوا: لا يأخذ أكثر من الصداق، فإذا أخذ أكثر مما أعطاها لم يُسَرِّح بالإحسان الذي أمر الله به.
وقال مالك، والشافعي، وجماعة من التابعين: لا بأس بأخذ الزيادة. إلا أن مالكا يقول: أخذ
الزيادة ليس من مكارم الأخلاق.
وأما ما رُوي عن أبي سعيد الخدري قال: كانت أُختي تحت رجل من الأنصار. تزوجها على حديقة، فكان بينهما كلام، فارتفعا إلى النبي ﷺ فقال: «تردين عليه حديقته، ويطلقك؟» قالت: نعم، قال: «ردي عليه حديقته وزيديه» فهو ضعيف.
رواه الدارقطني (٣/ ٢٥٤) من طريق الحسن بن عمارة، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري فذكره.
والحسن بن عمارة كذاب كما قال شعبة. وقال يحيي: يكذب. وشيخه عطية العوفي ضعّفه الثوري، وهشيم، وأحمد، ويحيى وغيرهم.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب
- 1 امرأة ثابت بن قيس أتت النبي ﷺ فقالت أكره الكفر...
- 2 لا أنا ولا ثابت بن قيس لزوجها
- 3 خذ بعض مالها وفارقها
- 4 أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس
- 5 أتردين عليه حديقته
- 6 اختلعت على عهد النبي فأمرها أن تعتد بحيضة
- 7 اختلعت من زوجي فسألت عثمان عن العدة
- 8 أخذ الذي لها عليك وخل سبيلها
- 9 امرأة اختلعت من زوجها فأمرها أن تعتد بحيضة
معلومات عن حديث: أتردين عليه حديقته
📜 حديث: أتردين عليه حديقته
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أتردين عليه حديقته
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أتردين عليه حديقته
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أتردين عليه حديقته
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








