حديث: امرأة اختلعت من زوجها فأمرها أن تعتد بحيضة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب عدة المختلعة

عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت من زوجها على عهد رسول الله ﷺ فأمرها أن تعتد بحيضة.

حسن: رواه أبو داود (٢٢٢٩) والترمذي (١١٨٥ المكرر) والحاكم (٢/ ٢٠٦) كلهم من طريق هشام بن يوسف، عن معمر، عن عمرو بن مسلم، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.

عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت من زوجها على عهد رسول الله ﷺ فأمرها أن تعتد بحيضة.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث صحيح رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود، والترمذي، وغيرهم، عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وفيه قصة امرأة ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري رضي الله عنه.

أولاً. شرح المفردات:


● اخْتَلَعَتْ: الخلع هو فسخ النكاح بطلب من الزوجة، وتدفع فيه الزوجة عوضاً (مالاً أو نحوه) لزوجها مقابل طلاقها.
● تَعْتَدَّ: العدة هي المدة التي تتربصها المرأة بعد الطلاق أو الخلع، ولا تتزوج فيها، لمعرفة براءة الرحم، واحتراماً لحق الزوج.
● حَيْضَةً: الحيضة هي الدورة الشهرية للمرأة.

ثانياً. شرح الحديث:


كانت امرأة ثابت بن قيس -واسمها جميلة بنت عبد الله بن أبي بن سلول- تحت ثابت، وكان رجلاً دميماً، فأتت النبي ﷺ تشكو له كراهيتها لزوجها، وخشيتها أن لا تؤدي حق الله في طاعته، فسألها النبي: "أتردين عليه حديقته؟" (وكانت قد أخذت منها مهراً)، فقالت: نعم، بل أزيده. فأمرها النبي ﷺ أن ترد إليه الحديقة (وهي العوض في الخلع)، وأمرها أن تعتد بحيضة واحدة فقط، ثم تتحلل من عدتها.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- شرعية الخلع: الحديث أصل في مشروعية الخلع إذا كرهت المرأة زوجها وخشيت أن لا تقيم حدود الله، لقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229].
2- رحمة الإسلام بالمرأة: شرع الإسلام الخلع رحمة بالمرأة إذا أصبح العيش مع زوجها مستحيلاً، ووجدت في نفسها نفوراً شديداً.
3- عدة المختلعة: اختلف العلماء في عدة المختلعة، والراجح -والله أعلم- أن عدة المختلعة كعدة المطلقة (ثلاث حيضات) لعموم قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]، ولكن في هذه القصة الخاصة أمرها النبي ﷺ بحيضة واحدة لأنها كانت قبل نزول آية العدة، أو لأنها لم يدخل بها زوجها على قول بعض العلماء، أو لأن الخلع فسخ وليس طلاقاً، والراجح أن هذا الحكم منسوخ بآية العدة العامة.
4- العدل في الأحكام: النبي ﷺ لم يأمرها بالخلع مباشرة، بل استفسر أولاً عن العوض الذي ستردّه لزوجها حتى لا يظلم.

رابعاً. معلومات إضافية:


- الخلع حل شرعي عند الضرورة، لكنه ليس أمراً مستحباً إذا كان لأسباب تافهة، لأن الأسرة يجب أن تُصان.
- يجب على المرأة التي تريد الخلع أن تستشير أهل العلم والصلاح قبل الإقدام على هذه الخطوة.
- القصة تدل على حرص الإسلام على استقرار الأسرة، ولكن أيضاً على مراعاة الظروف الإنسانية والنفسية.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٢٢٩) والترمذي (١١٨٥ المكرر) والحاكم (٢/ ٢٠٦) كلهم من طريق هشام بن يوسف، عن معمر، عن عمرو بن مسلم، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
قال الترمذي: «حسن غريب».
وقال الحاكم: «صحيح الإسناد غير أن عبد الرزاق أرسله عن معمر».
وقال أبو داود: «هذا الحديث رواه عبد الرزاق عن معمر، عن عمرو بن مسلم، عن عكرمة، عن النبي ﷺ مرسلًا.
قال الأعظمي: هشام بن يوسف هو الصنعاني قاضي صنعاء كان ثقة متقنا، قدمه أبو زرعة على عبد الرزاق قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: «سمعت أبا زرعة وسألته عن هشام بن يوسف ومحمد بن نور وعبد الرزاق فقال: كان هشام أصحهم كتابا من اليمانيين.
وقال أبو زرعة مرة أخرى: كان هشام أكبرَهم وأحفظَهم وأتقن.
وقال أبو حاتم: «ثقة متقن».
فمثله لا تضر مخالفة عبد الرزاق له.
وحديث عبد الرزاق في مصنفه (١١٨٥٨) عن معمر، عن عمرو بن مسلم، عن عكرمة مولى ابن عباس قال: اختلعت امرأةُ ثابت بن قيس بن شماس من زوجها، فجعل رسولُ الله ﷺ عدتَها حيضة.
وفي الإسناد عمرو بن مسلم وهو الجندي اليماني روي له مسلم حديثا. وقال ابن معين في رواية: «لا بأس به» وقال ابن عدي: «ليس له حديث منكر جدًّا». ووثّقه ابن حبان فمثله يحسن حديثه.
وقع الخلاف في اسم زوجة ثابت بن قيس بن شماس فقيل: جميلة بنت سهل وهو الأشهر، وقيل: حبيبة بنت سهل، وقيل جميلة بنت سلول، وقيل زينب بنت عبد الرحمن بن أبيّ، وقيل مريم الغالية، وقيل غير ذلك ظاهره الاضطراب ولكن يمكن حمله على التعدد بأزواج ثابت بن قيس، والاختلاف في اسم المختلعة لا يضر في صحة الحديث.
وأما ما روي عن ابن عباس أن النبي ﷺ جعل الخلع تطليقة بائنة فهو ضعيف جدا. رواه الدارقطني (٤/ ٤٥ - ٤٦) والبيهقي (٧/ ٣١٦) كلاهما من حديث رواد بن الجراح، عن عباد بن كثير، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
وعباد بن كثير وهو الثقفي البصري قال أحمد: روى أحاديث كذب، وقال ابن معين: ضعيف الحديث، وقال النسائي: «متروك» وضعّفه البخاري وأبو زرعة والدارقطني والعجلي وغيرهم والخلاصة أنه ضعيف جدًّا، بل و«متروك» كما في «التقريب». وفيه أيضا روّاد بن الجراح ضعَّفه النسائي وقال الدارقطني: «متروك». وقال البيهقي بعد أن تكلم في عباد بن كثير البصري: «وكيف يصح، ومذهب ابن عباس وعكرمة بخلافه» وبمعناه أحاديث لا تصح.
اختلف أهل العلم في عدة المختلعة فقال أكثر أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ وغيرهم: إن عدة المختلعة ثلاث حيض، فإن ظاهر الكتاب في عدة المطلقات يتناول المختلعة وغيرها. وبه قال أحمد وإسحاق وأهل الكوفة.
وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ وغيرهم إن عدة المختلعة حيضة واحدة مستدلين بحديث الربيع بن معوذ.
قال إسحاق بن راهويه: «وإن ذهب ذاهب إلى هذا فهو مذهب قوي» ذكره الترمذي.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: من نظر هذا القول وجده مقتضى قواعد الشريعة؛ فإن العدة إنما جعلت ثلاث حيض ليطول زمن الرجعة، ويتروى الزوج، ويتمكن من الرجعة في مدة العدة. فإذا لم تكن عليها رجعة فالمقصود براءة رحمها من الحمل، وذلك يكفي فيه حيضة كالاستبراء.
ويستفاد من أحاديث الباب أن الخلع فسخ، وليس بطلاق، وذلك أن الله تعالى قال: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨].
فلو كانت مطلقة لم يقتصر لها على قرء واحد. ولأن الله ذكر الطلاق في أول الآية وآخرها، وذكر الخلع فيما بين ذلك فقال تعالى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٢٩) فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة: ٢٢٩ - ٢٣٠] فلو جعل الخلع طلاقا لكان الطلاق أربعا. وإلى هذا ذهب ابن عباس وعثمان وابن عمر وأحمد في رواية، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم ﵏ لأن الزوج أحق بالرجعة في الطلاق بخلاف الخلعة؛ فإنه لا رجعة فيها، وإنما يتزوجها بمهر جديد ونكاح جديد.
وتظهر ثمرة الخلاف فيما لو طلق رجل امرأته تطليقتين ثم اختلعت فيه أيتزوجها أم لا؟ سئل ابن عباس عن هذا فقال:
ذكر الله عز وجل الطلاق في أول الآية وآخرها، والخلع بين ذلك، فليس الخلع بطلاق ينكحها.
رواه البيهقي (٧/ ٣١٦) بإسناد صحيح، ونقل عن الإمام أحمد أنه ليس في الباب أصح من حديث ابن عباس هذا.
ويظهر الخلاف أيضا لو خالع رجل امرأته مرارًا لجاز له أن ينكحها بنكاح جديد، وبصداق جديد بغير أن تتزوج بزوج آخر.

معلومات عن حديث: امرأة اختلعت من زوجها فأمرها أن تعتد بحيضة

  • 📜 حديث: امرأة اختلعت من زوجها فأمرها أن تعتد بحيضة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: امرأة اختلعت من زوجها فأمرها أن تعتد بحيضة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: امرأة اختلعت من زوجها فأمرها أن تعتد بحيضة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: امرأة اختلعت من زوجها فأمرها أن تعتد بحيضة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, December 18, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب