﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾
[ الفرقان: 1]

سورة : الفرقان - Al-Furqān  - الجزء : ( 18 )  -  الصفحة: ( 359 )

Blessed be He Who sent down the criterion (of right and wrong, i.e. this Quran) to His slave (Muhammad SAW) that he may be a warner to the 'Alamin (mankind and jinns).


تبارك الذي . . : تعالى و تمجّد . أو تكاثر خيره . .
نزل الفرقان : القرآن الفاصل بين الحقّ و الباطل

عَظُمَتْ بركات الله، وكثرت خيراته، وكملت أوصافه سبحانه وتعالى الذي نزَّل القرآن الفارق بين الحق والباطل على عبده محمد صلى الله عليه وسلم؛ ليكون رسولا للإنس والجن، مخوِّفًا لهم من عذاب الله.

تبارك الذي نـزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا - تفسير السعدي

هذا بيان لعظمته الكاملة وتفرده [بالوحدانية] من كل وجه وكثرة خيراته وإحسانه فقال: { تَبَارَكَ ْ}- أي: تعاظم وكملت أوصافه وكثرت خيراته الذي من أعظم خيراته ونعمه أن نزل هذا القرآن الفارق بين الحلال والحرام والهدى والضلال وأهل السعادة من أهل الشقاوة، { عَلَى عَبْدِهِ ْ} محمد صلى الله عليه وسلم الذي كمل مراتب العبودية وفاق جميع المرسلين، { لِيَكُونَ ْ} ذلك الإنزال للفرقان على عبده { لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ْ} ينذرهم بأس الله ونقمه ويبين لهم مواقع رضا الله من سخطه، حتى إن من قبل نذارته وعمل بها كان من الناجين في الدنيا والآخرة الذين حصلت لهم السعادة الأبدية والملك السرمدي، فهل فوق هذه النعمة وهذا الفضل والإحسان شيء؟ فتبارك الذي هذا من بعض إحسانه وبركاته.

تفسير الآية 1 - سورة الفرقان

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تبارك الذي نـزل الفرقان على عبده ليكون : الآية رقم 1 من سورة الفرقان

 سورة الفرقان الآية رقم 1

تبارك الذي نـزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا - مكتوبة

الآية 1 من سورة الفرقان بالرسم العثماني


﴿ تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلۡفُرۡقَانَ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ لِيَكُونَ لِلۡعَٰلَمِينَ نَذِيرًا  ﴾ [ الفرقان: 1]


﴿ تبارك الذي نـزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ﴾ [ الفرقان: 1]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة الفرقان Al-Furqān الآية رقم 1 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 1 من الفرقان صوت mp3


تدبر الآية: تبارك الذي نـزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا

ما أعظمَ بركاتِه سبحانه وتعالى، وما أوسعها وأكملَها وأكثرها! وما أسعدَ مَن يتدبَّر كتابه بها، وأقربه منها! إذا أردتَّ أن تعرفَ عظمة القرآن الكريم وبركته وقدْره وجلاله فاعرِف عظمةَ قائله ومُنزله وحافظه سبحانه وتعالى.
القرآن العزيز يفرِّق بين الحقِّ والباطل، والهدى والضلال، ومناهج البشر وعهودهم، فما أهدى مَن اتَّبع هذا الكتابَ العظيم، في هذا التميُّز القويم!

مقدمة وتمهيد 1- سورة الفرقان من السور المكية، وعدد آياتها سبع وسبعون آية، وكان نزولها بعد سورة «يس» .
أما ترتيبها في المصحف فهي السورة الخامسة والعشرون.
ومن المفسرين الذين لم يذكروا خلافا في كونها مكية، الإمام ابن كثير والإمام الرازي.
وقال القرطبي: هي مكية كلها في قول الجمهور.
وقال ابن عباس وقتادة: إلا ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة، وهي: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ إلى قوله-تبارك وتعالى-:وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً.
2- وقد افتتحت هذه السورة الكريمة بالثناء على الله-تبارك وتعالى- الذي نزل الفرقان على عبده محمد صلّى الله عليه وسلّم والذي له ملك السموات والأرض ...
والذي خلق كل شيء فقدره تقديرا.
قال-تبارك وتعالى-: تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً.
الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ.
وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً.
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ.
وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً.
3- ثم انتقلت السورة بعد ذلك إلى حكاية بعض أقوال المشركين الذين أثاروا الشبهات حول الرسول صلّى الله عليه وسلّم وحول دعوته، وردت عليهم بما يمحق باطلهم، وقارنت بين مصيرهم السيئ، وبين ما أعده الله-تبارك وتعالى- للمؤمنين من جنات.
قال-تبارك وتعالى-: وَقالُوا مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها، وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً.
4- وبعد أن يصور القرآن حسراتهم يوم الحشر، وعجزهم عن التناصر، يعود فيحكى جانبا من تطاولهم وعنادهم، ويرد عليهم بما يكبتهم، وبما يزيد المؤمنين ثباتا على ثباتهم.
قال-تبارك وتعالى-: وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا، لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا، لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا.
5- ثم تحكى السورة جانبا من قصص بعض الأنبياء مع أقوامهم.
فيقول: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ وَجَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً، وَأَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً ...
6- ثم تعود السورة مرة أخرى إلى الحديث عن تطاول هؤلاء الجاحدين على رسولهم صلى الله عليه وسلّم وتعقب على ذلك بتسليته صلّى الله عليه وسلّم عما أصابه منهم فتقول: وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً.
أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْلا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها، وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ؟ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا.
7- ثم تنتقل السورة الكريمة بعد ذلك إلى الحديث عن مظاهر قدرة الله-تبارك وتعالى- فتسوق لنا مظاهر قدرته في مد الظل، وفي تعاقب الليل والنهار، وفي الرياح التي يرسلها- سبحانه - لتكون بشارة لنزول المطر، وفي وجود برزخ بين البحرين، وفي خلق البشر من الماء ...
ثم يعقب على ذلك بالتعجب من حال الكافرين، الذين يعبدون من دونه- سبحانه - ما لا ينفعهم ولا يضرهم..قال-تبارك وتعالى-: أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً، ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً وَالنَّوْمَ سُباتاً وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً.
8- ثم تسوق السورة في أواخرها صورة مشرقة لعباد الرحمن، الذين من صفاتهم التواضع، والعفو عن الجاهل.
وكثرة العبادة لله-تبارك وتعالى- والتضرع إليه بأن يصرف عنهم عذاب جهنم، وسلوكهم المسلك الوسط في إنفاقهم، وإخلاصهم الطاعة لله-تبارك وتعالى- وحده.
واجتنابهم للرذائل التي نهى الله- عز وجل - عنها.
قال-تبارك وتعالى-: وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً، وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً.
9- ومن هذا العرض المختصر لأبرز القضايا التي اهتمت بالحديث عنها السورة الكريمة، نرى ما يأتى.
{أ} أن السورة الكريمة قد ساقت ألوانا من الأدلة على قدرة الله-تبارك وتعالى- وعلى وجوب إخلاص العبادة له، وعلى الثناء عليه- سبحانه - بما هو أهله.
نرى ذلك في مثل قوله-تبارك وتعالى-: تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ ...
تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً ...
تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ.... وفي مثل قوله-تبارك وتعالى-: وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ، وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ، وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ، وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً.
{ب} أن السورة الكريمة زاخرة بالآيات التي تدخل الأنس والتسرية والتسلية والتثبيت على قلب النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد أن اتهمه المشركون بما هو برىء منه، وسخروا منه ومن دعوته، ووصفوا القرآن بأنه أساطير الأولين، واستنكروا أن يكون النبي من البشر.
نرى هذه التهم الباطلة فيما حكاه الله عنهم في قوله-تبارك وتعالى-: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ، فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا.
وَقالُوا مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً.
وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً.
وترى التسلية والتسرية والتثبيت في قوله-تبارك وتعالى-: انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً.
وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً، أَتَصْبِرُونَ، وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً.
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً، كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً.
وهكذا نرى السورة الكريمة زاخرة بالحديث عن الشبهات التي أثارها المشركون حول النبي صلّى الله عليه وسلّم ودعوته، وزاخرة- أيضا- بالرد عليها ردا يبطلها.
ويزهقها.
ويسلى النبي صلى الله عليه وسلّم عما أصابه منهم، ويزيد المؤمنين إيمانا على إيمانهم.
{ج} أن السورة الكريمة مشتملة على آيات كثيرة، تبين ما سيكون عليه المشركون يوم القيامة من هم وغم وكرب وحسرة وندامة وسوء مصير، كما تبين ما أعده الله-تبارك وتعالى- لعباده المؤمنين من عاقبة حسنة، ومن جنات تجرى من تحتها الأنهار.
فبالنسبة لسوء عاقبة المشركين نرى قوله-تبارك وتعالى-: بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً.
ونرى قوله-تبارك وتعالى-: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي، وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا.
وبالنسبة للمؤمنين نرى قوله-تبارك وتعالى-: قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَمَصِيراً لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ خالِدِينَ كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلًا.
ونرى قوله- سبحانه -: وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً.
إلى قوله-تبارك وتعالى-: خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً.
وهكذا نرى السورة تسوق آيات كثيرة في المقارنة بين مصير الكافرين ومصير المؤمنين..وليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة ...
هذه بعض الموضوعات التي اهتمت السورة الكريمة بتفصيل الحديث عنها، وهناك موضوعات أخرى سنتحدث عنها- بإذن الله- عند تفسيرنا لآياتها.
وصلّى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
افتتحت السورة الكريمة بالثناء على الله - تعالى - ثناء يليق بجلاله وكماله .
ولفظ " تبارك " فعل ماض لا يتصرف .
أى : لم يجىء منه مضارع ولا أمر ولا اسم فاعل : وهو مأخوذ من البركة بمعنى الكثرة من كل خير .
وأصلها النماء والزيادة .
أى : كثرة خيره وإحسانه ، وتزايدت بركاته .
أو مأخوذ من البَرْكَة بمعنى الثبوت .
يقال : برك البعير ، إذا أناخ فى موضعه فلزمه وثبت فيه .
وكل شىء ثبت ودام فقد برك .
أى : ثبت ودام خيره على خلقه .
والفرقان : القرآن .
وسمى بذلك لأنه يفرق بين الحق والباطل .
ونذيرا : من الإنذار ، وهو الإعلام المقترن بتهديد وتخويف .
أى : جل شأن الله - تعالى - وتكاثرت ودامت خيراته وبركاته ، لأنه - سبحانه - هو الذى نزل القرآن الكريم على عبده محمد صلى الله عليه وسلم ليكون " للعالمين " أى : للإنس وللجن " نذيرا " أى : منذرا إياهم بسوء المصير إن هم استمروا على كفرهم وشركهم .
وفى التعبير بقوله - تعالى - { تَبَارَكَ } إشعار بكثرة ما يفيضه - سبحانه - من خيرات وبركات على عباده ، وأن هذا العطاء ثابت مستقر ، وذلك يستلزم عظمته وتقدسه عن كل ما لا يليق بجلاله - عز وجل - .
ولم يذكر - سبحانه - لفظ الجلالة ، واكتفى بالاسم الموصول الذى نزل الفرقان ، لإبراز صلته - سبحانه - وإظهارها فى هذا المقام ، الذى هو مقام إثبات صدق رسالته التى أوحاها إلى نبيه صلى الله عليه وسلم .
وعبر - سبحانه - ب { نَزَّلَ } بالتضعيف ، لنزول القرآن الكريم مفرقا فى أوقات متعددة ، لتثبيت فؤاد النبى صلى الله عليه وسلم .
ووصف الله - تعالى - رسوله صلى الله عليه وسلم بالعبودية ، وأضافها لذاته ، للتشريف والتكريم والتعظيم .
وأن هذه العبودية لله - تعالى - هى ما يتطلع إليه البشر .
واختير الإنذار على التبشير .
لأن المقام يقتضى ذلك ، إذ أن المشركين قد لجوا فى طغيانهم وتمادوا فى كفرهم وضلالهم ، فكان من المناسب تخويفهم من سوء عاقبة ما هم عليه من عناد .
وهذه الآية الكريمة تدل على عموم رسالته صلى الله عليه وسلم للناس جميعا .
حيث قال - سبحانه - : { لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً } أى : لعالم الإنس وعالم الجن ، وشيه بها قوله - تعالى - : { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } وقوله - سبحانه - : { قُلْ ياأيها الناس إِنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ جَمِيعاً .. }.
سورة الفرقانمكية كلها في قول الجمهور .
وقال ابن عباس وقتادة : إلا ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة ، وهي : والذين لا يدعون مع الله إلها آخر إلى قوله : وكان الله غفورا رحيما .
وقال الضحاك : هي مدنية ، وفيها آيات مكية : قوله : والذين لا يدعون مع الله إلها آخر الآيات .
ومقصود هذه السورة ذكر موضع عظم القرآن ، وذكر مطاعن الكفار في النبوة والرد على مقالاتهم وجهالاتهم ; فمن جملتها قولهم : إن القرآن افتراه محمد ، وإنه ليس من عند الله .
بسم الله الرحمن الرحيمتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا .
قوله تعالى : تبارك الذي نزل الفرقان تبارك اختلف في معناه ; فقال الفراء : هو في العربية و ( تقدس ) واحد ، وهما للعظمة .
وقال الزجاج : تبارك تفاعل من البركة .
قال : ومعنى البركة الكثرة من كل ذي خير .
وقيل : تبارك تعالى .
وقيل : تعالى عطاؤه ، أي زاد وكثر .
وقيل : المعنى دام وثبت إنعامه .
قال النحاس : وهذا أولاها في اللغة والاشتقاق ; من برك الشيء إذا ثبت ; ومنه برك الجمل والطير على الماء ، أي دام وثبت .
فأما القول الأول فمخلط ; لأن التقديس إنما هو من الطهارة وليس من ذا في شيء .
قال الثعلبي : ويقال : تبارك الله ، ولا يقال : متبارك ولا مبارك ; لأنه ينتهى في أسمائه وصفاته إلى حيث ورد التوقيف .
وقال الطرماح :تباركت لا معط لشيء منعته وليس لما أعطيت يا رب مانعوقال آخر :تباركت ما تقدر يقع ولك الشكرقلت : قد ذكر بعض العلماء في أسمائه الحسنى ( المبارك ) وذكرناه أيضا في كتابنا .
فإن كان وقع اتفاق على أنه لا يقال فيسلم للإجماع .
وإن كان وقع فيه اختلاف فكثير من الأسماء اختلف في عده ; كالدهر وغيره .
وقد نبهنا على ذلك هنالك ، والحمد لله .
و الفرقان القرآن .
وقيل : إنه اسم لكل منزل ; كما قال : ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان .
وفي تسميته فرقانا وجهان : أحدهما : لأنه فرق بين الحق والباطل ، والمؤمن والكافر .
الثاني : لأن فيه بيان ما شرع من حلال وحرام ; حكاه النقاش .
على عبده يريد محمدا صلى الله عليه وسلم .
ليكون للعالمين نذيرا اسم ( يكون ) فيها مضمر يعود على عبده وهو أولى لأنه أقرب إليه .
ويجوز أن يكون يعود على الفرقان .
وقرأ عبد الله بن الزبير : ( على عباده ) .
ويقال : أنذر : إذا خوف ; وقد تقدم في أول ( البقرة ) .
والنذير : المحذر من الهلاك .
الجوهري : والنذير المنذر ، والنذير الإنذار .
والمراد ب ( العالمين ) هنا الإنس والجن ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان رسولا إليهما ، ونذيرا لهما ، وأنه خاتم الأنبياء ، ولم يكن غيره عام الرسالة إلا نوح فإنه عم برسالته جميع الإنس بعد الطوفان ، لأنه بدأ به الخلق .


شرح المفردات و معاني الكلمات : تبارك , نزل , الفرقان , عبده , ليكون , للعالمين , نذيرا ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. الذي يوسوس في صدور الناس
  2. ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا وقلنا لهم لا تعدوا في السبت
  3. يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون
  4. وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من
  5. والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان
  6. فليس له اليوم هاهنا حميم
  7. بينهما برزخ لا يبغيان
  8. فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب
  9. لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان
  10. وهو يخشى

تحميل سورة الفرقان mp3 :

سورة الفرقان mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الفرقان

سورة الفرقان بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الفرقان بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الفرقان بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الفرقان بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الفرقان بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الفرقان بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة الفرقان بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الفرقان بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة الفرقان بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الفرقان بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Saturday, April 20, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب