﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾
[ الحجرات: 11]

سورة : الحجرات - Al-Hujuraat  - الجزء : ( 26 )  -  الصفحة: ( 516 )

O you who believe! Let not a group scoff at another group, it may be that the latter are better than the former; nor let (some) women scoff at other women, it may be that the latter are better than the former, nor defame one another, nor insult one another by nicknames. How bad is it, to insult one's brother after having Faith [i.e. to call your Muslim brother (a faithful believer) as: "O sinner", or "O wicked", etc.]. And whosoever does not repent, then such are indeed Zalimun (wrong-doers, etc.).


لا يسْخرْ : لا يهْـزأ و لا ينتقصْ
لا تلمزوا أنفسكم : لا يَعِبْ و لا يَطعَن بعضكم بعضا
لا تنابزوا بالألقاب : لا تداعوْا بالألقاب المستكرَهة

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشريعته لا يهزأ قوم مؤمنون من قوم مؤمنين؛ عسى أن يكون المهزوء به منهم خيرًا من الهازئين، ولا يهزأ نساء مؤمنات من نساء مؤمنات؛ عسى أن يكون المهزوء به منهنَّ خيرًا من الهازئات، ولا يَعِبْ بعضكم بعضًا، ولا يَدْعُ بعضكم بعضًا بما يكره من الألقاب، بئس الصفة والاسم الفسوق، وهو السخرية واللمز والتنابز بالألقاب، بعد ما دخلتم في الإسلام وعقلتموه، ومن لم يتب من هذه السخرية واللمز والتنابز والفسوق فأولئك هم الذين ظلموا أنفسهم بارتكاب هذه المناهي.

ياأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا - تفسير السعدي

وهذا أيضًا، من حقوق المؤمنين، بعضهم على بعض، أن { لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ } بكل كلام، وقول، وفعل دال على تحقير الأخ المسلم، فإن ذلك حرام، لا يجوز، وهو دال على إعجاب الساخر بنفسه، وعسى أن يكون المسخور به خيرًا من الساخر، كما هو الغالب والواقع، فإن السخرية، لا تقع إلا من قلب ممتلئ من مساوئ الأخلاق، متحل بكل خلق ذميم، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم "بحسب امرئ من الشر، أن يحقر أخاه المسلم"ثم قال: { وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ }- أي: لا يعب بعضكم على بعض، واللمز: بالقول، والهمز: بالفعل، وكلاهما منهي عنه حرام، متوعد عليه بالنار.كما قال تعالى: { وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ } الآية، وسمي الأخ المؤمن نفسًا لأخيه، لأن المؤمنين ينبغي أن يكون هكذا حالهم كالجسد الواحد، ولأنه إذا همز غيره، أوجب للغير أن يهمزه، فيكون هو المتسبب لذلك.{ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ }- أي: لا يعير أحدكم أخاه، ويلقبه بلقب ذم يكره أن يطلق عليه وهذا هو التنابز، وأما الألقاب غير المذمومة، فلا تدخل في هذا.{ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ }- أي: بئسما تبدلتم عن الإيمان والعمل بشرائعه، وما تقتضيه، بالإعراض عن أوامره ونواهيه، باسم الفسوق والعصيان، الذي هو التنابز بالألقاب.{ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } فهذا [هو] الواجب على العبد، أن يتوب إلى الله تعالى، ويخرج من حق أخيه المسلم، باستحلاله، والاستغفار، والمدح له مقابلة [على] ذمه.{ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } فالناس قسمان: ظالم لنفسه غير تائب، وتائب مفلح، ولا ثم قسم ثالث غيرهما.

تفسير الآية 11 - سورة الحجرات

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

ياأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من : الآية رقم 11 من سورة الحجرات

 سورة الحجرات الآية رقم 11

ياأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا - مكتوبة

الآية 11 من سورة الحجرات بالرسم العثماني


﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا يَسۡخَرۡ قَوۡمٞ مِّن قَوۡمٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُونُواْ خَيۡرٗا مِّنۡهُمۡ وَلَا نِسَآءٞ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُنَّ خَيۡرٗا مِّنۡهُنَّۖ وَلَا تَلۡمِزُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَلَا تَنَابَزُواْ بِٱلۡأَلۡقَٰبِۖ بِئۡسَ ٱلِٱسۡمُ ٱلۡفُسُوقُ بَعۡدَ ٱلۡإِيمَٰنِۚ وَمَن لَّمۡ يَتُبۡ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ  ﴾ [ الحجرات: 11]


﴿ ياأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ﴾ [ الحجرات: 11]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة الحجرات Al-Hujuraat الآية رقم 11 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 11 من الحجرات صوت mp3


تدبر الآية: ياأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا

السُّخريَّة داء يشوِّه وجه الأخوَّة الإيمانيَّة، ويكدِّر صفاءها، وصدقُ الإيمان يمنع ذلك.
لا يَحمِل المرءَ على السُّخريَّة إلا نقصٌ في الإيمان، وقلَّةٌ من رصيد الأخلاق الفاضلة، وعَوَز من صفات السموِّ الكريمة.
ألا لا يجترئنَّ مسلمٌ على احتقار مسلم؛ فلعلَّه أجمعُ منه لما نِيط به من الخيريَّة عند الله تعالى، فيظلِم نفسه بتحقير مَن وقَّره الله تعالى.
المؤمنون كجسدٍ واحد، وكلٌّ منهم يقوم مقام أخيه، فمَن لمَزَ أخاه فكأنما لمَز نفسه.
قال الإمام مالك: ( أدركتُ بهذه البلدة -يعني المدينةَ- أقوامًا لم يكن لهم عيوب، فعابوا الناسَ فصارت لهم عيوب، وأدركت بهذه البلدة أقوامًا كانت لهم عيوب، فسكتوا عن عيوب الناس، فنُسِيَت عيوبُهم ).

وقد ذكروا في سبب نزول هذه الآية روايات منها: أنها نزلت في قوم من بنى تميم، سخروا من بلال، وسلمان، وعمار، وخباب.. لما رأوا من رثاثة حالهم، وقلة ذات يدهم.
ومن المعروف بين العلماء، أن العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب.
وقوله: يَسْخَرْ من السخرية، وهي احتقار الشخص لغيره بالقول أو بالفعل، يقال: سخر فلان من فلان، إذا استهزأ به، وجعله مثار الضحك، ومنه قوله-تبارك وتعالى- حكاية عن نوح مع قومه:.. قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ .
قال صاحب الكشاف: والقوم: الرجال خاصة، لأنهم القوام بأمور النساء.. واختصاص القوم بالرجال صريح في الآية، وفي قول الشاعر: أقوم آل حصن أم نساء.
وأما قولهم في قوم فرعون وقوم عاد: هم الذكور والإناث، فليس لفظ القوم بمتعاطف للفريقين، ولكن قصد ذكر الذكور، وترك ذكر الإناث لأنهن توابع لرجالهن .
أى: يا من آمنتم بالله حق الإيمان، لا يحتقر بعضكم بعضا ولا يستهزئ بعضكم من بعض.
وقوله: عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ تعليل للنهى عن السخرية.
أى: عسى أن يكون المسخور منه خيرا عند الله-تبارك وتعالى- من الساخر، إذ أقدار الناس عنده-تبارك وتعالى- ليست على حسب المظاهر والأحساب.. وإنما هي على حسب قوة الإيمان، وحسن العمل.
وقوله: وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ.
معطوف على النهى السابق، وفي ذكر النساء بعد القوم قرينة على أن المراد بالقوم الرجال خاصة.
أى: عليكم يا معشر الرجال أن تبتعدوا عن احتقار غيركم من الرجال، وعليكن يا جماعة النساء أن تقلعن إقلاعا تاما عن السخرية من غيركن.
ونكر- سبحانه - لفظ قَوْمٌ ونِساءٌ، للإشعار بأن هذا النهى موجه إلى جميع الرجال والنساء، لأن هذه السخرية منهى عنها بالنسبة للجميع.
وقد جاء النهى عن السخرية موجها إلى جماعة الرجال والنساء، جريا على ما كان جاريا في الغالب، من أن السخرية كانت تقع في المجامع والمحافل، وكان الكثيرون يشتركون فيها على سبيل التلهي والتلذذ.
ثم قال-تبارك وتعالى- وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ أى: ولا يعب بعضكم بعضا بقول أو إشارة سواء أكان على وجه يضحك أم لا، وسواء كان بحضرة الملموز أم لا، فهو أعم من السخرية التي هي احتقار الغير بحضرته، فالجملة الكريمة من باب عطف العام على الخاص.
يقال: لمز فلان فلانا، إذا عابه وانتقصه، وفعله من باب ضرب ونصر.
ومنهم من يرى أن اللمز ما كان سخرية ولكن على وجه الخفية، وعليه يكون العطف من باب عطف الخاص على العام، مبالغة في النهى عنه حتى لكأنه جنس آخر.
أى: ولا يعب بعضكم بعضا بأى وجه من وجوه العيب.
سواء أكان ذلك في حضور الشخص أم في غير حضوره.
وقال- سبحانه - وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ مع أن اللامز يلمز غيره، للإشارة إلى أن من عاب أخاه المسلم، فكأنما عاب نفسه، كما قال- تعالى: ...
فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ، تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً .
وقوله: وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ أى: ولا يخاطب أحدكم غيره بالألفاظ التي يكرهها، بأن يقول له يا أحمق، أو يا أعرج، أو يا منافق.. أو ما يشبه ذلك من الألقاب السيئة التي يكرهها الشخص.
فالتنابز: التعاير والتداعي بالألقاب المكروهة، يقال: نبزه ينبزه- كضربه يضربه- إذا ناداه بلقب يكرهه، سواء أكان هذا اللقب للشخص أم لأبيه أم لأمه أم لغيرهما.
وقوله-تبارك وتعالى-: بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ تعليل للنهى عن هذه الرذائل والمراد بالاسم: ما سبق ذكره من السخرية واللمز والتنابز بالألقاب، والمخصوص بالذم محذوف.
أى: بئس الفعل فعلكم أن تذكروا إخوانكم في العقيدة بما يكرهونه وبما يخرجهم عن صفات المؤمنين الصادقين، بعد أن هداهم الله-تبارك وتعالى- وهداكم إلى الإيمان.
وعلى هذا فالمراد من الآية نهى المؤمنين أن ينسبوا إخوانهم في الدين إلى الفسوق بعد اتصافهم بالإيمان.
قال صاحب الكشاف: الاسم هاهنا بمعنى الذّكر، من قولهم: فلان طار اسمه في الناس بالكرم أو باللؤم، كما يقال: طار ثناؤه وصيته.. كأنه قيل: بئس الذكر المرتفع للمؤمنين.. أن يذكروا بالفسق .
ويصح أن يكون المراد من الآية الكريمة نهى المؤمنين عن ارتكابهم لهذه الرذائل، لأن ارتكابهم لهذه الرذائل، يؤدى بهم إلى الفسوق والخروج عن طاعة الله-تبارك وتعالى- بعد أن اتصفوا بصفة الإيمان.
وقد أشار إلى هذا المعنى الإمام ابن جرير فقال ما ملخصه: وقوله بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ.
يقول-تبارك وتعالى-: ومن فعل ما نهينا عنه، وتقدم على معصيتنا بعد إيمانه، فسخر من المؤمنين، ولمز أخاه المؤمن ونبزه بالألقاب، فهو فاسق، بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان، يقول: فلا تفعلوا فتستحقوا إن فعلتموه.
أن تسموا فساقا- بعد أن وصفتهم بصفة الإيمان .
وقال الإمام الفخر الرازي ما ملخصه: هذا أى قوله-تبارك وتعالى- بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ من تمام الزجر كأنه-تبارك وتعالى- يقول: يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم، ولا تلمزوا أنفسكم، ولا تنابزوا فإن من يفعل ذلك يفسق بعد إيمانه، والمؤمن يقبح منه أن يأتى بعد إيمانه بفسوق.. ويصير التقدير: بئس الفسوق بعد الإيمان .
ويبدو لنا أن هذا الرأى أنسب للسياق، إذ المقصود من الآية الكريمة نهى المؤمنين عن السخرية أو اللمز أو التنابز بالألقاب، لأن تعودهم على ذلك يؤدى بهم إلى الفسوق عن طاعة الله-تبارك وتعالى- والخروج عن آدابه، وبئس الوصف وصفهم بذلك أى: بالفسق بعد الإيمان.
ثم ختم- سبحانه - الآية بقوله: وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ أى: ومن لم يتب عن ارتكاب هذه الرذائل، فأولئك هم الظالمون لأنفسهم، حيث وضعوا العصيان موضع الطاعة، والفسوق في موضع الإيمان.
هذا، ومن الإحكام والآداب التي أخذها العلماء من هذه الآية: وجوب الابتعاد عن أن يعيب المسلم أخاه المسلم، أو يحتقره، أو يناديه بلقب سيئ.
قال الآلوسى: اتفق العلماء على تحريم تلقيب الإنسان بما يكره، سواء كان صفة له أم لأبيه أم لأمه أم لغيرهما.
ويستثنى من ذلك نداء الرجل بلقب قبيح في نفسه، لا على قصد الاستخفاف به، كما إذا دعت له الضرورة لتوقف معرفته، كقول المحدثين: سليمان الأعمش، وواصل الأحدب ثم وجه- سبحانه - إلى عباده المؤمنين نداء خامسا، نهاهم فيه عن أن يظن بعضهم ببعض ظنا سيئا بدون مبرر، كما نهاهم عن التجسس وعن الغيبة، حتى تبقى للمسلم حرمته وكرامته.. فقال-تبارك وتعالى-.
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون .
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن فيه أربع مسائل : الأولى : قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم قيل عند الله .
وقيل : خيرا منهم أي : معتقدا وأسلم باطنا .
والسخرية : الاستهزاء .
سخرت منه أسخر سخرا ( بالتحريك ) ومسخرا وسخرا ( بالضم ) .
وحكى أبو زيد سخرت به ، وهو أردأ اللغتين .
وقال الأخفش : سخرت منه وسخرت به ، وضحكت منه وضحكت به ، وهزئت منه وهزئت به ، كل يقال .
والاسم السخرية والسخري ، وقرئ بهما قوله تعالى : ليتخذ بعضهم بعضا سخريا وقد تقدم .
وفلان سخرة ، يتسخر في العمل .
يقال : خادم سخرة .
ورجل سخرة أيضا يسخر منه .
وسخرة ( بفتح الخاء ) يسخر من الناس .
الثانية : واختلف في سبب نزولها ، فقال ابن عباس : نزلت في ثابت بن قيس بن شماس كان في أذنه وقر ، فإذا سبقوه إلى مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - أوسعوا له إذا أتى حتى يجلس إلى جنبه ليسمع ما يقول ، فأقبل ذات يوم وقد فاتته من صلاة الفجر ركعة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فلما انصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ أصحابه مجالسهم منه ، فربض كل رجل منهم بمجلسه ، وعضوا فيه فلا يكاد يوسع أحد لأحد حتى يظل الرجل لا يجد مجلسا فيظل قائما ، فلما انصرف ثابت من الصلاة تخطى رقاب الناس ويقول : تفسحوا تفسحوا ، ففسحوا له حتى انتهى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وبينه وبينه رجل فقال له : تفسح .
فقال له الرجل : قد وجدت مجلسا فاجلس! فجلس ثابت من خلفه مغضبا ، ثم قال : من هذا ؟ قالوا فلان ، فقال ثابت : ابن فلانة! يعيره بها ، يعني أما له في الجاهلية ، فاستحيا الرجل ، فنزلت .
وقال الضحاك : نزلت في وفد بني تميم الذي تقدم ذكرهم في أول ( السورة ) استهزءوا بفقراء الصحابة ، مثل عمار وخباب وابن فهيرة وبلال وصهيب وسلمان وسالم مولى أبي حذيفة وغيرهم ، لما رأوا من رثاثة حالهم ، فنزلت في الذين آمنوا منهم .
وقال مجاهد : هو سخرية الغني من الفقير .
وقال ابن زيد : لا يسخر من ستر الله عليه ذنوبه ممن كشفه الله ، فلعل إظهار ذنوبه في الدنيا خير له في الآخرة .
وقيل : نزلت في عكرمة بن أبي جهل حين قدم المدينة مسلما ، وكان المسلمون إذا رأوه قالوا ابن فرعون هذه الأمة .
فشكا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنزلت .
وبالجملة فينبغي ألا يجترئ أحد على الاستهزاء بمن يقتحمه بعينه إذا رآه رث الحال أو ذا عاهة في بدنه أو غير لبيق في محادثته ، فلعله أخلص ضميرا وأنقى قلبا ممن هو على ضد صفته ، فيظلم نفسه بتحقير من وقره الله ، والاستهزاء بمن عظمه الله .
ولقد بلغ بالسلف إفراط توقيهم وتصونهم من ذلك أن قال عمرو بن شرحبيل : لو رأيت رجلا يرضع عنزا فضحكت منه لخشيت أن أصنع مثل الذي صنع .
وعن عبد الله بن مسعود : البلاء موكل بالقول ، لو سخرت من كلب لخشيت أن أحول كلبا .
وقوم في اللغة للمذكرين خاصة .
قال زهير :وما أدري وسوف إخال أدري أقوم آل حصن أم نساءوسموا قوما لأنهم يقومون مع داعيهم في الشدائد .
وقيل : إنه جمع قائم ، ثم استعمل في كل جماعة وإن لم يكونوا قائمين .
وقد يدخل في القوم النساء مجازا ، وقد مضى في ( البقرة ) بيانه .
الثالثة : قوله تعالى : ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا أفرد النساء بالذكر لأن السخرية منهن أكثر .
وقد قال الله تعالى : إنا أرسلنا نوحا إلى قومه فشمل الجميع .
قال المفسرون : نزلت في امرأتين من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - سخرتا من أم سلمة ، وذلك أنها ربطت خصريها بسبيبة - وهو ثوب أبيض ، ومثلها السب - وسدلت طرفيها خلفها فكانت تجرها ، فقالت عائشة لحفصة - رضي الله عنهما : انظري! ما تجر خلفها كأنه لسان كلب ، فهذه كانت سخريتهما .
وقال أنس وابن زيد : نزلت في نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - ، عيرن أم سلمة بالقصر .
وقيل : نزلت في عائشة ، أشارت بيدها إلى أم سلمة ، يا نبي الله إنها لقصيرة .
وقال عكرمة عن ابن عباس : إن صفية بنت حيي بن أخطب أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله ، إن النساء يعيرنني ، ويقلن لي يا يهودية بنت يهوديين! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هلا قلت إن أبي هارون وإن عمي موسى وإن زوجي محمد .
فأنزل الله هذه الآية .
الرابعة : في صحيح الترمذي عن عائشة قالت : حكيت للنبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا ، فقال : ما يسرني أني حكيت رجلا وأن لي كذا وكذا .
قالت فقلت : يا رسول الله ، إن صفية امرأة - وقالت بيدها - هكذا ، يعني أنها قصيرة .
فقال : ( لقد مزجت بكلمة لو مزج بها البحر لمزج ) .
وفي البخاري عن عبد الله بن زمعة قال : نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يضحك الرجل مما يخرج من الأنفس .
وقال : لم يضرب أحدكم امرأته ضرب الفحل ثم لعله يعانقها .
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم .
وهذا حديث عظيم يترتب عليه ألا يقطع بعيب أحد لما يرى عليه من صور أعمال الطاعة أو المخالفة ، فلعل من يحافظ على الأعمال الظاهرة يعلم الله من قلبه وصفا مذموما لا تصح معه تلك الأعمال .
ولعل من رأينا عليه تفريطا أو معصية يعلم الله من قلبه وصفا محمودا يغفر له بسببه .
فالأعمال أمارات ظنية لا أدلة قطعية .
ويترتب عليها عدم الغلو في تعظيم من رأينا عليه أفعالا صالحة ، وعدم الاحتقار لمسلم رأينا عليه أفعالا سيئة .
بل تحتقر وتذم تلك الحالة السيئة ، لا تلك الذات المسيئة .
فتدبر هذا ، فإنه نظر دقيق ، وبالله التوفيق .
قوله تعالى : ولا تلمزوا أنفسكم فيه ثلاث مسائل : الأولى : قوله تعالى : ولا تلمزوا أنفسكم اللمز : العيب ، وقد مضى في ( براءة ) عند قوله تعالى : ومنهم من يلمزك في الصدقات وقال الطبري : اللمز باليد والعين واللسان والإشارة .
والهمز لا يكون إلا باللسان .
وهذه الآية مثل قوله تعالى : ولا تقتلوا أنفسكم أي : لا يقتل بعضكم بعضا ; لأن المؤمنين كنفس واحدة ، فكأنه بقتل أخيه قاتل نفسه .
وكقوله تعالى : فسلموا على أنفسكم يعني يسلم بعضكم على بعض .
والمعنى : لا يعب بعضكم بعضا .
وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة وسعيد بن جبير : لا يطعن بعضكم على بعض .
وقال الضحاك : لا يلعن بعضكم بعضا .
وقرئ : ( ولا تلمزوا ) بالضم .
وفي قوله : أنفسكم تنبيه على أن العاقل لا يعيب نفسه ، فلا ينبغي أن يعيب غيره لأنه كنفسه ، قال - صلى الله عليه وسلم - : ( المؤمنون كجسد واحد إن اشتكى عضو منه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) .
وقال بكر بن عبد الله المزني : إذا أردت أن تنظر العيوب جمة فتأمل عيابا ، فإنه إنما يعيب الناس بفضل ما فيه من العيب .
وقال - صلى الله عليه وسلم - : يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه ويدع الجذع في عينه وقيل : من سعادة المرء أن يشتغل بعيوب نفسه عن عيوب غيره .
قال الشاعر :المرء إن كان عاقلا ورعا أشغله عن عيوبه ورعه كما السقيم المريض يشغلهعن وجع الناس كلهم وجعهوقال آخر :لا تكشفن مساوي الناس ما ستروا فيهتك الله سترا عن مساويكاواذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا ولا تعب أحدا منهم بما فيكاالثانية : قوله تعالى : ولا تنابزوا بالألقاب النبز ( بالتحريك ) اللقب ، والجمع : الأنباز .
والنبز ( بالتسكين ) المصدر ، تقول : نبزه ينبزه نبزا ، أي : لقبه .
وفلان ينبز بالصبيان أي : يلقبهم ، شدد للكثرة .
ويقال النبز والنزب لقب السوء .
وتنابزوا بالألقاب : أي : لقب بعضهم بعضا .
وفي الترمذي عن أبي جبيرة بن الضحاك قال : كان الرجل منا يكون له الاسمان والثلاثة فيدعى ببعضها فعسى أن يكره ، فنزلت هذه الآية : ولا تنابزوا بالألقاب قال هذا حديث حسن .
وأبو جبيرة هذا هو أخو ثابت بن الضحاك بن خليفة الأنصاري .
وأبو زيد سعيد بن الربيع صاحب الهروي ثقة .
وفي مصنف أبي داود عنه قال : فينا نزلت هذه الآية ، في بني سلمة ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان قال : قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس منا رجل إلا وله اسمان أو ثلاثة ، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول يا فلان فيقولون مه يا رسول الله ، إنه يغضب من هذا الاسم ، فنزلت هذه الآية : ولا تنابزوا بالألقاب فهذا قول .
وقول ثان - قال الحسن ومجاهد : كان الرجل يعير بعد إسلامه بكفره يا يهودي يا نصراني ، فنزلت .
وروي عن قتادة وأبي العالية وعكرمة .
وقال قتادة : هو قول الرجل للرجل يا فاسق يا منافق ، وقاله مجاهد والحسن أيضا .
وقد روي أن أبا ذر - رضي الله عنه - كان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فنازعه رجل فقال له أبو ذر : يا ابن اليهودية! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( ما ترى هاهنا أحمر وأسود ما أنت بأفضل منه ) يعني بالتقوى ، ونزلت : ولا تنابزوا بالألقاب وقال ابن عباس : التنابز بالألقاب أن يكون الرجل قد عمل السيئات ثم تاب ، فنهى الله أن يعير بما سلف .
يدل عليه ما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من عير مؤمنا بذنب تاب منه كان حقا على الله أن يبتليه به ويفضحه فيه في الدنيا والآخرة .
الثالثة : وقع من ذلك مستثنى من غلب عليه الاستعمال كالأعرج والأحدب ولم يكن له فيه كسب يجد في نفسه منه عليه ، فجوزته الأمة واتفق على قوله أهل الملة .
قال ابن العربي : وقد ورد لعمر الله من ذلك في كتبهم ما لا أرضاه في صالح حزرة ; لأنه صحف ( خرزة ) فلقب بها .
وكذلك قولهم في محمد بن سليمان الحضرمي : مطين ; لأنه وقع في طين ونحو ذلك مما غلب على المتأخرين ، ولا أراه سائغا في الدين .
وقد كان موسى بن علي بن رباح المصري يقول : لا أجعل أحدا صغر اسم أبي في حل ، وكان الغالب على اسمه التصغير بضم العين .
والذي يضبط هذا كله : أن كل ما يكره الإنسان إذا نودي به فلا يجوز لأجل الأذية .
والله أعلم .
قلت : وعلى هذا المعنى ترجم البخاري رحمه الله في ( كتاب الأدب ) من الجامع الصحيح .
في ( باب ما يجوز من ذكر الناس نحو قولهم الطويل والقصير لا يراد به شين الرجل ) قال : وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( ما يقول ذو اليدين ) قال أبو عبد الله بن خويز منداد : تضمنت الآية المنع من تلقيب الإنسان بما يكره ، ويجوز تلقيبه بما يحب ، ألا ترى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لقب عمر بالفاروق ، وأبا بكر بالصديق ، وعثمان بذي النورين ، وخزيمة بذي الشهادتين ، وأبا هريرة بذي الشمالين وبذي اليدين ، في أشباه ذلك .
الزمخشري : روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ( من حق المؤمن على المؤمن أن يسميه بأحب أسمائه إليه ) .
ولهذا كانت التكنية من السنة والأدب الحسن ، قال عمر - رضي الله عنه - : أشيعوا الكنى فإنها منبهة .
ولقد لقب أبو بكر بالعتيق والصديق ، وعمر بالفاروق ، وحمزة بأسد الله ، وخالد بسيف الله .
وقل من المشاهير في الجاهلية والإسلام من ليس له لقب .
ولم تزل هذه الألقاب الحسنة في الأمم كلها - من العرب والعجم - تجري في مخاطباتهم ومكاتباتهم من غير نكير .
قال الماوردي : فأما مستحب الألقاب ومستحسنها فلا يكره .
وقد وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عددا من أصحابه بأوصاف صارت لهم من أجل الألقاب .
قلت : فأما ما يكون ظاهرها الكراهة إذا أريد بها الصفة لا العيب فذلك كثير .
وقد سئل عبد الله بن المبارك عن الرجل يقول : حميد الطويل ، وسليمان الأعمش ، وحميد الأعرج ، ومروان الأصغر ، فقال : إذا أردت صفته ولم ترد عيبه فلا بأس به .
وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن سرجس قال : رأيت الأصلع - يعني عمر - يقبل الحجر .
في رواية الأصيلع .
قوله تعالى : ومن لم يتب أي عن هذه الألقاب التي يتأذى بها السامعون .
فأولئك هم الظالمون لأنفسهم بارتكاب هذه المناهي .


شرح المفردات و معاني الكلمات : آمنوا , يسخر , قوم , قوم , يكونوا , خيرا , نساء , نساء , خيرا , منهن , تلمزوا , أنفسكم , تنابزوا , بالألقاب , بئس , الاسم , الفسوق , الإيمان , يتب , الظالمون ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم
  2. فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم
  3. فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي
  4. ياأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا
  5. فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين
  6. ويسر لي أمري
  7. فأما من طغى
  8. انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون
  9. وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين
  10. وهل أتاك حديث موسى

تحميل سورة الحجرات mp3 :

سورة الحجرات mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الحجرات

سورة الحجرات بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الحجرات بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الحجرات بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الحجرات بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الحجرات بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الحجرات بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة الحجرات بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الحجرات بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة الحجرات بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الحجرات بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Tuesday, December 3, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب