الآية 4 من سورة محمد مكتوبة بالتشكيل

﴿ فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ۚ ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ ۗ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾
[ محمد: 4]

سورة : محمد - Muhammad  - الجزء : ( 26 )  -  الصفحة: ( 507 )

So, when you meet (in fight Jihad in Allah's Cause), those who disbelieve smite at their necks till when you have killed and wounded many of them, then bind a bond firmly (on them, i.e. take them as captives). Thereafter (is the time) either for generosity (i.e. free them without ransom), or ransom (according to what benefits Islam), until the war lays down its burden. Thus [you are ordered by Allah to continue in carrying out Jihad against the disbelievers till they embrace Islam (i.e. are saved from the punishment in the Hell-fire) or at least come under your protection], but if it had been Allah's Will, He Himself could certainly have punished them (without you). But (He lets you fight), in order to test you, some with others. But those who are killed in the Way of Allah, He will never let their deeds be lost,


فضرْبَ الرقاب : فاضْربوا الرقاب ضَرْبـًـا
أثخنتموهمْ : أوْسعتموهمْ قتلا و جراحا و أسرا
فشدّوا الوَثاق : فأحكموا قـيْد الأسارى منهم
مَنّــًا : بإطلاق الأسرى بغير عِـوَض
فِدَاءً : بالمال أو بأسارى المسلمين
حتى تضعَ الحَرْب أوزارها : آلاتها و أثقالها ، و المراد حتى تنقضي الحرب
لـِـيَبْـلـُــوَ. . : لِـيَخْـتبر . . فيمحّص المؤمنين و يمحق الكافرين
فلن يضلّ أعمالهمْ : فلن يبطلها بل يوفّـيهم ثوابها

فإذا لقيتم-أيها المؤمنون- الذين كفروا في ساحات الحرب فاصدقوهم القتال، واضربوا منهم الأعناق، حتى إذا أضعفتموهم بكثرة القتل، وكسرتم شوكتهم، فأحكموا قيد الأسرى: فإما أن تَمُنُّوا عليهم بفك أسرهم بغير عوض، وإما أن يفادوا أنفسهم بالمال أو غيره، وإما أن يُسْتَرَقُّوا أو يُقْتَلوا، واستمِرُّوا على ذلك حتى تنتهي الحرب. ذلك الحكم المذكور في ابتلاء المؤمنين بالكافرين ومداولة الأيام بينهم، ولو يشاء الله لانتصر للمؤمنين من الكافرين بغير قتال، ولكن جعل عقوبتهم على أيديكم، فشرع الجهاد؛ ليختبركم بهم، ولينصر بكم دينه. والذين قُتلوا في سبيل الله من المؤمنين فلن يُبْطِل الله ثواب أعمالهم، سيوفقهم أيام حياتهم في الدنيا إلى طاعته ومرضاته، ويُصْلح حالهم وأمورهم وثوابهم في الدنيا والآخرة، ويدخلهم الجنة، عرَّفهم بها ونعتها لهم، ووفقهم للقيام بما أمرهم به -ومن جملته الشهادة في سبيله-، ثم عرَّفهم إذا دخلوا الجنة منازلهم بها.

فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما - تفسير السعدي

يقول تعالى -مرشدا عباده إلى ما فيه صلاحهم، ونصرهم على أعدائهم-: { فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا } في الحرب والقتال، فاصدقوهم القتال، واضربوا منهم الأعناق، حَتَّى تثخنوهم وتكسروا شوكتهم وتبطلوا شرتهم، فإذا فعلتم ذلك، ورأيتم الأسر أولى وأصلح، { فَشُدُّوا الْوَثَاقَ }- أي: الرباط، وهذا احتياط لأسرهم لئلا يهربوا، فإذا شد منهم الوثاق اطمأن المسلمون من هربهم ومن شرهم، فإذا كانوا تحت أسركم، فأنتم بالخيار بين المن عليهم، وإطلاقهم بلا مال ولا فداء، وإما أن تفدوهم بأن لا تطلقوهم حتى يشتروا أنفسهم، أو يشتريهم أصحابهم بمال، أو بأسير مسلم عندهم.وهذا الأمر مستمر { حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا }- أي: حتى لا يبقى حرب، وتبقون في المسألة والمهادنة، فإن لكل مقام مقالا، ولكل حال حكما، فالحال المتقدمة، إنما هي إذا كان قتال وحرب.فإذا كان في بعض الأوقات، لا حرب فيه لسبب من الأسباب، فلا قتل ولا أسر.{ ذَلِكَ } الحكم المذكور في ابتلاء المؤمنين بالكافرين، ومداولة الأيام بينهم، وانتصار بعضهم على بعض { وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ } فإنه تعالى على كل شيء قدير، وقادر على أن لا ينتصر الكفار في موضع واحد أبدا، حتى يبيد المسلمون خضراءهم.{ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ } ليقوم سوق الجهاد، ويتبين بذلك أحوال العباد، الصادق من الكاذب، وليؤمن من آمن إيمانا صحيحا عن بصيرة، لا إيمانا مبنيا على متابعة أهل الغلبة، فإنه إيمان ضعيف جدا، لا يكاد يستمر لصاحبه عند المحن والبلايا.{ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ } لهم ثواب جزيل، وأجر جميل، وهم الذين قاتلوا من أمروا بقتالهم، لتكون كلمة الله هي العليا.فهؤلاء لن يضل الله أعمالهم،- أي: لن يحبطها ويبطلها، بل يتقبلها وينميها لهم، ويظهر من أعمالهم نتائجها، في الدنيا والآخرة.

تفسير الآية 4 - سورة محمد

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى : الآية رقم 4 من سورة محمد

 سورة محمد الآية رقم 4

فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما - مكتوبة

الآية 4 من سورة محمد بالرسم العثماني


﴿ فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرۡبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَثۡخَنتُمُوهُمۡ فَشُدُّواْ ٱلۡوَثَاقَ فَإِمَّا مَنَّۢا بَعۡدُ وَإِمَّا فِدَآءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلۡحَرۡبُ أَوۡزَارَهَاۚ ذَٰلِكَۖ وَلَوۡ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَٱنتَصَرَ مِنۡهُمۡ وَلَٰكِن لِّيَبۡلُوَاْ بَعۡضَكُم بِبَعۡضٖۗ وَٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ  ﴾ [ محمد: 4]


﴿ فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم ﴾ [ محمد: 4]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة محمد Muhammad الآية رقم 4 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 4 من محمد صوت mp3


تدبر الآية: فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما

المؤمن مع أعداء الدين الذين لم يرعَوا حُرمةً ولا ذمَّةً قويٌّ شديد، ومع المؤمنين رؤوفٌ رحيم.
إن الله قادرٌ على الانتقام من أعدائه، ولكنَّه شرَعَ قتالَ المؤمنين لهم؛ ليختبرَ إيمانهم، ويَشفيَ صدورهم، ويرفعَ درجاتهم عنده.
هنيئًا للمجاهد في سبيل ربِّه؛ فإن عمله موصولٌ غير مقطوع، فالله يُنمِّي له أعماله، ويَزيد حسناته ويضاعفها له سبحانه وتعالى.

والفاء في قوله-تبارك وتعالى-: فَإِذا لَقِيتُمُ لترتيب ما بعدها من إرشاد المؤمنين إلى ما يجب عليهم فعله عند قتل أعدائهم، على ما قبلها وهو بيان حال الكفار.
فالمراد باللقاء هنا: القتال لا مجرد اللقاء والرؤية.
كما أن المراد بالذين كفروا هنا المشركون وكل من كان على شاكلتهم ممن ليس بيننا وبينهم عهد بل بيننا وبينهم حرب وقتال.
وقوله- سبحانه -: فَضَرْبَ الرِّقابِ أمر للمؤمنين بما يجب فعله عند لقائهم لأعدائهم.
وقوله: فَضَرْبَ منصوب على أنه مصدر لفعل محذوف.
أى: فإذا كان حال الذين كفروا كما ذكرت لكم من إحباط أعمالهم بسبب اتباعهم الباطل وإعراضهم عن الحق، فإذا لقيتموهم للقتال، فلا تأخذكم بهم رأفة، بل اضربوا رقابهم ضربا شديدا.
والتعبير عن القتل بقوله: فَضَرْبَ الرِّقابِ، لتصويره في أفظع صوره.
ولتهويل أمر هذا القتال، ولإرشاد المؤمنين إلى ما يجب عليهم فعله.
قال صاحب الكشاف: قوله: لَقِيتُمُ من اللقاء وهو الحرب فَضَرْبَ الرِّقابِ أصله: فاضربوا الرقاب ضربا، فحذف الفعل وقدم المصدر، فأنيب منابه مضافا إلى المفعول، وفيه اختصار مع إعطاء معنى التوكيد، لأنك تذكر المصدر، وتدل على الفعل بالنصبة التي فيه.
وضرب الرقاب: عبارة عن القتل.. وذلك أن قتل الإنسان أكثر ما يكون بضرب رقبته، فوقع عبارة عن القتل، وإن ضرب بغير رقبته من المقاتل.
على أن في هذه العبارة من الغلظة والشدة، ما ليس في لفظ القتل، لما فيها من تصوير القتل بأشنع صورة، وهو حز العنق، وإطارة العضو الذي هو رأس البدن .
وقوله- سبحانه -: حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ بيان لما يكون من المؤمنين بعد مثل حركة أعدائهم، وإنزال الهزيمة بهم.
وقوله: أَثْخَنْتُمُوهُمْ من الإثخان بمعنى كثرة الجراح، مأخوذ من الشيء الثخين، أى: الغليظ.
يقال: أثخن الجيش في عدوه، إذا بالغ في إنزال الجراحة الشديدة به، حتى أضعفه وأزال قوته.
والوثاق- بفتح الواو وكسرها- اسم للشيء الذي يوثق به الأسير كالرباط أى: عند لقائكم- أيها المؤمنون- لأعدائكم، فاضربوا أعناقهم، فإذا ما تغلبتم عليهم وقهرتموهم، وأنزلتم بهم الجراح التي تجعلهم عاجزين عن مقاومتكم، فأحكموا قيد من أسرتموه منهم، حتى لا يستطيع التفلت أو الهرب منكم.
وقوله- سبحانه - فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً إرشاد لما يفعلونه بعد ذلك.
والمن: الإطلاق بغير عوض، يقال: منّ فلان على فلان إذا أنعم عليه بدون مقابل.
والفداء: ما يقدمه الأسير من أموال أو غيرها لكي يفتدى بها نفسه من الأسر.
وقوله: مَنًّا وفِداءً منصوبان على المصدرية بفعل محذوف: أى: فإما تمنون عليهم بعد الأسر منا بأن تطلقوا سراحهم بدون مقابل، وإما أن تفدوا فداء بأن تأخذوا منهم فدية في مقابل إطلاق سراحهم.
وقوله- سبحانه - حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها غاية لهذه الأوامر والإرشادات.
وأوزار الحرب: آلاتها وأثقالها التي لا تقوم إلا بها، كالسلاح وما يشبه.
قال الشاعر:وأعددت للحرب أوزارها ...
رماحا طوالا وخيلا ذكوراأى: افعلوا بهم ما أمرناكم بفعله، واستمروا على ذلك حتى تنتهي الحرب التي بينكم وبين أعدائكم بهزيمتهم وانتصاركم عليهم.
وسميت آلات الحرب وأحمالها بالأوزار، لأن الحرب لما كانت لا تقوم إلا بها، فكأنها تحملها وتستقل بها، فإذا انقضت الحرب فكأنها وضعت أحمالها وانفصلت عنها.
ثم بين- سبحانه - الحكمة من مشروعية قتال الأعداء، مع أنه- سبحانه - قادر على إهلاك هؤلاء الأعداء، فقال: ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ، وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ.
واسم الإشارة: خبر لمبتدأ محذوف، أى: الأمر ذلك، أو في محل نصب على المفعولية بفعل محذوف، أى: افعلوا ذلك الذي أمرناكم به وأرشدناكم إليه واعلموا أنه- سبحانه - لو يشاء الانتصار من هؤلاء الكافرين والانتقام منهم لفعل، أى: لو يشاء إهلاكهم لأهلكهم، ولكنه- سبحانه - لم يفعل ذلك بل أمركم بمحاربتهم ليختبر بعضكم ببعض، فيتميز عن طريق هذا الاختبار والامتحان، قوى الإيمان من ضعيفه.
كما قال-تبارك وتعالى-: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ.
ثم بين- سبحانه - بعد ذلك ما أعده للمجاهدين من ثواب عظيم فقال: وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أى: والذين استشهدوا وهم يقاتلون من أجل إعلاء كلمة الله.
فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ أى: فلن يضيع أعمالهم ولن يبطلها.
فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوالما ميز بين الفريقين أمر بجهاد الكفار .
قال ابن عباس : الكفار المشركون عبدة الأوثان .
وقيل : كل من خالف دين الإسلام من مشرك أو كتابي إذا لم يكن صاحب عهد ولا ذمة , ذكره الماوردي .
واختاره ابن العربي وقال : وهو الصحيح لعموم الآية فيه .
فَضَرْبَ الرِّقَابِمصدر .
قال الزجاج : أي فاضربوا الرقاب ضربا .
وخص الرقاب بالذكر لأن القتل أكثر ما يكون بها .
وقيل : نصب على الإغراء .
قال أبو عبيدة : هو كقولك يا نفس صبرا .
وقيل : التقدير اقصدوا ضرب الرقاب .
وقال : " فضرب الرقاب " ولم يقل فاقتلوهم ; لأن في العبارة بضرب الرقاب من الغلظة والشدة ما ليس في لفظ القتل , لما فيه من تصوير القتل بأشنع صوره , وهو حز العنق وإطارة العضو الذي هو رأس البدن وعلوه وأوجه أعضائه .
حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْأي أكثرتم القتل .
وقد مضى في " الأنفال " عند قوله تعالى : " حتى يثخن في الأرض " [ الأنفال : 67 ] .
فَشُدُّوا الْوَثَاقَأي إذا أسرتموهم .
والوثاق اسم من الإيثاق , وقد يكون مصدرا , يقال : أوثقته إيثاقا ووثاقا .
وأما الوثاق ( بالكسر ) فهو اسم الشيء الذي يوثق به كالرباط ; قاله القشيري .
وقال الجوهري : وأوثقه في الوثاق أي شده , وقال تعالى : " فشدوا الوثاق " .
والوثاق ( بكسر الواو ) لغة فيه .
وإنما أمر بشد الوثاق لئلا يفلتوا .
فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً" فإما منا " عليهم بالإطلاق من غير فدية " وإما فداء " .
ولم يذكر القتل هاهنا اكتفاء بما تقدم من القتل في صدر الكلام , و " منا " و " فداء " نصب بإضمار فعل .
وقرئ " فدى " بالقصر مع فتح الفاء , أي فإما أن تمنوا عليهم منا , وإما أن تفادوهم فداء .
روي عن بعضهم أنه قال : كنت واقفا على رأس الحجاج حين أتي بالأسرى من أصحاب عبد الرحمن بن الأشعث وهم أربعة آلاف وثمانمائة فقتل منهم نحو من ثلاثة آلاف حتى قدم إليه رجل من كندة فقال : يا حجاج , لا جازاك الله عن السنة والكرم خيرا قال : ولم ذلك ؟ قال : لأن الله تعالى قال : " فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء " في حق الذين كفروا , فوالله ما مننت ولا فديت ؟ وقد قال شاعركم فيما وصف به قومه من مكارم الأخلاق : ولا نقتل الأسرى ولكن نفكهم إذا أثقل الأعناق حمل المغارم فقال الحجاج : أف لهذه الجيف أما كان فيهم من يحسن مثل هذا الكلام ؟ خلوا سبيل من بقي .
فخلي يومئذ عن بقية الأسرى , وهم زهاء ألفين , بقول ذلك الرجل .
واختلف العلماء في تأويل هذه الآية على خمسة أقوال :الأول : أنها منسوخة , وهي في أهل الأوثان , لا يجوز أن يفادوا ولا يمن عليهم .
والناسخ لها عندهم قوله تعالى : " فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " [ التوبة : 5 ] وقوله : " فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم " [ الأنفال : 57 ] وقوله : " وقاتلوا المشركين كافة " [ التوبة : 36 ] الآية , قال قتادة والضحاك والسدي وابن جريج والعوفي عن ابن عباس , وقاله كثير من الكوفيين .
وقال عبد الكريم الجوزي : كتب إلى أبي بكر في أسير أسر , فذكروا أنهم التمسوه بفداء كذا وكذا , فقال اقتلوه , لقتل رجل من المشركين أحب إلي من كذا وكذا .
الثاني : أنها في الكفار جميعا .
وهي منسوخة على قول جماعة من العلماء وأهل النظر , منهم قتادة ومجاهد .
قالوا : إذا أسر المشرك لم يجز أن يمن عليه , ولا أن يفادى به فيرد إلى المشركين , ولا يجوز أن يفادى عندهم إلا بالمرأة ; لأنها لا تقتل .
والناسخ لها : " فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " [ التوبة : 5 ] إذ كانت براءة آخر ما نزلت بالتوقيف , فوجب أن يقتل كل مشرك إلا من قامت الدلالة على تركه من النساء والصبيان ومن يؤخذ منه الجزية .
وهو المشهور من مذهب أبي حنيفة , خيفة أن يعودوا حربا للمسلمين .
ذكر عبد الرزاق أخبرنا معمر عن قتادة " فإما منا بعد وإما فداء " قال : نسخها " فشرد بهم من خلفهم " .
وقال مجاهد : نسخها " فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " [ التوبة : 5 ] .
وهو قول الحكم .
الثالث : أنها ناسخة , قال الضحاك وغيره روى الثوري عن جويبر عن الضحاك : " فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " [ التوبة : 5 ] قال : نسخها " فإما منا بعد وإما فداء " .
وقال ابن المبارك عن ابن جريج عن عطاء : " فإما منا بعد وإما فداء " فلا يقتل المشرك ولكن يمن عليه ويفادى , كما قال الله عز وجل .
وقال أشعث : كان الحسن يكره أن يقتل الأسير , ويتلو " فإما منا بعد وإما فداء " .
وقال الحسن أيضا : في الآية تقديم وتأخير , فكأنه قال : فضرب الرقاب حتى تضع الحرب أوزارها .
ثم قال : " حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق " .
وزعم أنه ليس للإمام إذا حصل الأسير في يديه أن يقتله ; لكنه بالخيار في ثلاثة منازل : إما أن يمن , أو يفادي , أو يسترق .
الرابع : قول سعيد بن جبير : لا يكون فداء ولا أسر إلا بعد الإثخان والقتل بالسيف , لقوله تعالى : " ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض " [ الأنفال : 67 ] .
فإذا أسر بعد ذلك فللإمام أن يحكم بما رآه من قتل أو غيره .
الخامس : أن الآية محكمة , والإمام مخير في كل حال , رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس , وقاله كثير من العلماء منهم ابن عمر والحسن وعطاء , وهو مذهب مالك والشافعي والثوري والأوزاعي وأبي عبيد وغيرهم .
وهو الاختيار ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين فعلوا كل ذلك , قتل النبي صلى الله عليه وسلم عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث يوم بدر صبرا , وفادى سائر أسارى بدر , ومن على ثمامة بن أثال الحنفي وهو أسير في يده , وأخذ من سلمة بن الأكوع جارية ففدى بها أناسا من المسلمين , وهبط عليه عليه السلام قوم من أهل مكة فأخذهم النبي صلى الله عليه وسلم ومن عليهم , وقد من على سبي هوازن .
وهذا كله ثابت في الصحيح , وقد مضى جميعه في ( الأنفال ) وغيرها .
قال النحاس : وهذا على أن الآيتين محكمتان معمول بهما , وهو قول حسن ; لأن النسخ إنما يكون لشيء قاطع , فإذا أمكن العمل بالآيتين فلا معنى للقول بالنسخ , إذا كان يجوز أن يقع التعبد إذا لقينا الذين كفروا قتلناهم , فإذا كان الأسر جاز القتل والاسترقاق والمفاداة والمن , على ما فيه الصلاح للمسلمين .
وهذا القول يروى عن أهل المدينة والشافعي وأبي عبيد , وحكاه الطحاوي مذهبا عن أبي حنيفة , والمشهور عنه ما قدمناه , وبالله عز وجل التوفيق .
حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَاقال مجاهد وابن جبير : هو خروج عيسى عليه السلام .
وعن مجاهد أيضا : أن المعنى حتى لا يكون دين إلا دين الإسلام , فيسلم كل يهودي ونصراني وصاحب ملة , وتأمن الشاة من الذئب .
ونحوه عن الحسن والكلبي والفراء والكسائي .
قال الكسائي : حتى يسلم الخلق .
وقال الفراء : حتى يؤمنوا ويذهب الكفر .
وقال الكلبي : حتى يظهر الإسلام على الدين كله .
وقال الحسن : حتى لا يعبدوا إلا الله .
وقيل : معنى الأوزار السلاح , فالمعنى شدوا الوثاق حتى تأمنوا وتضعوا السلاح .
وقيل : معناه حتى تضع الحرب , أي الأعداء المحاربون أوزارهم , وهو سلاحهم بالهزيمة أو الموادعة .
ويقال للكراع أوزار .
قال الأعشى : وأعددت للحرب أوزارها رماحا طوالا وخيلا ذكورا ومن نسج داود يحدى بها على أثر الحي عيرا فعيرا وقيل : " حتى تضع الحرب أوزارها " أي أثقالها .
والوزر الثقل , ومنه وزير الملك لأنه يتحمل عنه الأثقال .
وأثقالها السلاح لثقل حملها .
قال ابن العربي : قال الحسن وعطاء : في الآية تقديم وتأخير , المعنى فضرب الرقاب حتى تضع الحرب أوزارها فإذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق , وليس للإمام أن يقتل الأسير .
وقد روي عن الحجاج أنه دفع أسيرا إلى عبد الله بن عمر ليقتله فأبى وقال : ليس بهذا أمرنا الله , وقرأ " حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق " .
قلنا : قد قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله , وليس في تفسير الله للمن والفداء منع من غيره , فقد بين الله في الزنى حكم الجلد , وبين النبي صلى الله عليه وسلم حكم الرجم , ولعل ابن عمر كره ذلك من يد الحجاج فاعتذر بما قال , وربك أعلم .
ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ" ذلك " في موضع رفع على ما تقدم , أي الأمر ذلك الذي ذكرت وبينت .
وقيل : هو منصوب على معنى افعلوا ذلك .
ويجوز أن يكون مبتدأ , المعنى ذلك حكم الكفار .
وهي كلمة يستعملها الفصيح عند الخروج من كلام إلى كلام , وهو كما قال تعالى : " هذا وإن للطاغين لشر مآب " .
أي هذا حق وأنا أعرفكم أن للظالمين كذا .
ومعنى : " لانتصر منهم " أي أهلكهم بغير قتال .
وقال ابن عباس : لأهلكهم بجند من الملائكة .
وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍأي أمركم بالحرب ليبلو ويختبر بعضكم ببعض فيعلم المجاهدين والصابرين , كما في السورة نفسها .
وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْيريد قتلى أحد من المؤمنينقراءة العامة " قاتلوا " وهي اختيار أبي عبيد .
وقرأ أبو عمرو وحفص " قتلوا " بضم القاف وكسر التاء , وكذلك قرأ الحسن إلا أنه شدد التاء على التكثير .
وقرأ الجحدري وعيسى بن عمر وأبو حيوة " قتلوا " بفتح القاف والتاء من غير ألف , يعني الذين قتلوا المشركين .
قال قتادة : ذكر لنا أن هذه الآية نزلت يوم أحد ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب , وقد فشت فيهم الجراحات والقتل , وقد نادى المشركون : اعل هبل .
ونادى المسلمون : الله أعلى وأجل .
وقال المشركون : يوم بيوم بدر والحرب سجال .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( قولوا لا سواء .
قتلانا أحياء عند ربهم يرزقون وقتلاكم في النار يعذبون ) .
فقال المشركون : إن لنا العزى ولا عزى لكم .
فقال المسلمون : الله مولانا ولا مولى لكم .
وقد تقدم ذكر ذلك في ( آل عمران ) .


شرح المفردات و معاني الكلمات : لقيتم , كفروا , فضرب , الرقاب , أثخنتموهم , فشدوا , الوثاق , فداء , تضع , الحرب , أوزارها , يشاء , الله , لانتصر , ليبلو , بعضكم , قتلوا , سبيل , الله , يضل , أعمالهم ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. قالوا أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون
  2. أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا
  3. إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك أصحاب النار
  4. وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين
  5. لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما
  6. ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم
  7. لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد
  8. قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا
  9. فأخذتهم الصيحة مشرقين
  10. وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا

تحميل سورة محمد mp3 :

سورة محمد mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة محمد

سورة محمد بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة محمد بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة محمد بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة محمد بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة محمد بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة محمد بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة محمد بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة محمد بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة محمد بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة محمد بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 21, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب