﴿ ۞ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾
[ البقرة: 44]

سورة : البقرة - Al-Baqarah  - الجزء : ( 1 )  -  الصفحة: ( 7 )

Enjoin you Al-Birr (piety and righteousness and each and every act of obedience to Allah) on the people and you forget (to practise it) yourselves, while you recite the Scripture [the Taurat (Torah)]! Have you then no sense?


بالبرّ : بالتوسع في الخير والطاعات

ما أقبح حالَكم وحالَ علمائكم حين تأمرون الناس بعمل الخيرات، وتتركون أنفسكم، فلا تأمرونها بالخير العظيم، وهو الإسلام، وأنتم تقرءون التوراة، التي فيها صفات محمد صلى الله عليه وسلم، ووجوب الإيمان به!! أفلا تستعملون عقولكم استعمالا صحيحًا؟

أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون - تفسير السعدي

{ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ }- أي: بالإيمان والخير { وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ }- أي: تتركونها عن أمرها بذلك، والحال: { وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ } وأسمى العقل عقلا لأنه يعقل به ما ينفعه من الخير, وينعقل به عما يضره، وذلك أن العقل يحث صاحبه أن يكون أول فاعل لما يأمر به, وأول تارك لما ينهى عنه، فمن أمر غيره بالخير ولم يفعله, أو نهاه عن الشر فلم يتركه, دل على عدم عقله وجهله, خصوصا إذا كان عالما بذلك, قد قامت عليه الحجة.
وهذه الآية, وإن كانت نزلت في سبب بني إسرائيل, فهي عامة لكل أحد لقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ } وليس في الآية أن الإنسان إذا لم يقم بما أمر به أنه يترك الأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, لأنها دلت على التوبيخ بالنسبة إلى الواجبين، وإلا فمن المعلوم أن على الإنسان واجبين: أمر غيره ونهيه, وأمر نفسه ونهيها، فترك أحدهما, لا يكون رخصة في ترك الآخر، فإن الكمال أن يقوم الإنسان بالواجبين, والنقص الكامل أن يتركهما، وأما قيامه بأحدهما دون الآخر, فليس في رتبة الأول, وهو دون الأخير، وأيضا فإن النفوس مجبولة على عدم الانقياد لمن يخالف قوله فعله، فاقتداؤهم بالأفعال أبلغ من اقتدائهم بالأقوال المجردة.

تفسير الآية 44 - سورة البقرة

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون : الآية رقم 44 من سورة البقرة

 سورة البقرة الآية رقم 44

أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون - مكتوبة

الآية 44 من سورة البقرة بالرسم العثماني


﴿ ۞ أَتَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبِرِّ وَتَنسَوۡنَ أَنفُسَكُمۡ وَأَنتُمۡ تَتۡلُونَ ٱلۡكِتَٰبَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ  ﴾ [ البقرة: 44]


﴿ أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ﴾ [ البقرة: 44]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة البقرة Al-Baqarah الآية رقم 44 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 44 من البقرة صوت mp3


تدبر الآية: أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون

كما أن تلاوتك سببٌ لزيادة علمك، فليكن علمُك سببًا لتزكيتك، وليكونا زادكَ في الدعوة إلى سبيل ربِّك، وقد أفلح من زكَّى نفسَه بالعلم والعمل.
أمرُك بالمعروف ونهيُك عن المنكر إرشادٌ لغيرك إلى المصلحة وتحذيرٌ له من المفسدة، وهو إحسانٌ مطلوب، لكن لا تنسَ نفسك التي بين جنبَيك فهي أَولى بالإحسان.

الأمر : طلب إيجاد الفعل .
والبر : اسم يتناول كل عمل من أعمال الخير .
والنسيان : ضد الذكر ، وهو السهو الحادث بعد حصول العلم .
والعقل : يطلق على قوة في النفس ، تستعد بها لقبول العلم .
وإدراك الشيء .
والمعنى : كيف يليق بكم يا معشر اليهود ، وأنتم تأمرون الناس بأمهات الفضائل ، وألوان الخيرات ، أن تنسوا أنفسكم ، فلا تأمروا بما تأمرون به غيركم ، وأنتم مع ذلك تقرأون توراتكم ، وتدركون أي عقوبة أليمة لمن يأمر الناس بالخير وينسى نفسه ، أفلا عقل لكم يحبسكم عن هذا السفه الذي تردتيم فيه ، ويذحركم من سوء عاقبته .
قال ابن عباس - رضي الله عنهما - كان يهود المدينة يقول الرجل منهم لصهره ، ولذي قرابته ، ولمن بينه وبينه صلة من المسلمين أثبت على الذي أنت عليه ، وما يأمرك به هذا الرجل يريدون محمداً صلى الله عليه وسلم - فإن أمره حق ، فكانوا يأمرون بالناس بذلك ولا يفعلونه .
والمراد بالنسيان في الآية الكريمة ، تركهم العمل بما يأمرون به غيرهم ، لأن الناسي حقيقة ليس مؤاخذا على ما نسيه ، فلا يستحق هذا التوبيخ الشديد الوارد في الآية الكريمة ، وليس التوبيخ متوجها إلى كونهم كانوا يأمرون الناس بالبر ، لأنهن فعل محمود ، وإنما التوبيخ متوجه إلى كونهم تركوا العمل بما يرشدون إليه سواهم ، فهم يداوون الناس ، وقلوبهم مليئة بالأمراض والعلل .
وقوله تعالى : { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } أسمى أنواع الهداية وآلإرشاد السليم ، فإن من ألطف الأساليب في الخطاب والتوجيه ، أن يكون للموجه إليه النصح صفة من شأنها أن تسوقه إلى خير ، ولكنه ينساق إلى غيره من أنواع الشرور فيقع فعله من الناس موقع الدهشة والغرابة ، فيذكر له مسدى النصح تلك الصفة في معرض الاستفهام بغية تذكيره بأن ما صدر منه لا يلتقى مع ما عرف عنه .
وتطبيقاً لهذا المبدأ نقول : إن المخاطبين بقوله تعالى : { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } يعقلون ويدركون الأشياء ، وبهذا الإِدراك توجه إليهم التكليف بالعقائد والشرائع ، ولكنهم لم يسيروا على مقتضى ما لديهم من عقول ، حيث كانوا يأمرون الناس بالخير ، ويصرفون أنفسهم عنه ، فكأنه - سبحانه - يقول لهم : إن ما أتيتم من أفعال سقيمة .
يجعل الناظر إليكم يحكم عليكم بلا أدنى تردد بأنكم لا عقول لكم ، ولا فضيلة لديكم ، وفي هذا الأسلوب ما فيه من الترغيب في فعل الخير؛ والترهيب من فعل الشر .
ولما كانت الأمور التي كلفهم الله بها قبل ذلك فيها مشقة لا يتحملها كل أحد بسهولة .
فقد أرشدهم إلى الوسائل التي تقوى عزائمهم ، وتطهر قلوبهم ، وتعالج أمراض نفوسهم فقال تعالى :{ واستعينوا بالصبر والصلاة ... }
قوله تعالى : أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلونفيه تسع مسائل : الأولى : قوله تعالى : أتأمرون الناس بالبر هذا استفهام التوبيخ ، والمراد في قول أهل التأويل علماء اليهود .
قال ابن عباس ( كان يهود المدينة يقول الرجل منهم لصهره ولذي قرابته ولمن بينه وبينه رضاع من المسلمين : اثبت على الذي أنت عليه ، وما يأمرك به هذا الرجل يريدون محمدا صلى الله عليه وسلم فإن أمره حق فكانوا يأمرون الناس بذلك ، ولا يفعلونه ) وعن ابن عباس أيضا ( كان الأحبار يأمرون مقلديهم وأتباعهم باتباع التوراة ، وكانوا يخالفونها في جحدهم صفة محمد صلى الله عليه وسلم ) وقال ابن جريج كان الأحبار يحضون على طاعة الله ، وكانوا هم يواقعون المعاصي ، وقالت فرقة كانوا يحضون على الصدقة ويبخلون ، والمعنى متقارب .
وقال بعض أهل الإشارات المعنى أتطالبون الناس بحقائق المعاني وأنتم تخالفون عن ظواهر رسومها ! .
الثانية : في شدة عذاب من هذه صفته روى حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري بي مررت على ناس تقرض شفاههم بمقاريض من نار فقلت يا جبريل من هؤلاء ؟ قال هؤلاء الخطباء من أهل الدنيا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون وروى أبو أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم يجرون قصبهم في نار جهنم فيقال لهم من أنتم ؟ فيقولون نحن الذين كنا نأمر الناس بالخير وننسى أنفسنا .
قلت : وهذا الحديث وإن كان فيه لين ; لأن في سنده الخصيب بن جحدر كان الإمام أحمد يستضعفه وكذلك ابن معين يرويه عن أبي غالب عن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي وأبو غالب هو فيما حكى يحيى بن معين حزور القرشي مولى خالد بن عبد الله بن أسيد وقيل مولى باهلة وقيل مولى عبد الرحمن الحضرمي كان يختلف إلى الشام في تجارته قال يحيى بن معين : هو صالح الحديث فقد رواه مسلم في صحيحه بمعناه عن أسامة بن زيد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى فيجتمع إليه أهل النار فيقولون يا فلان ما لك ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فيقول بلى قد كنت آمر بالمعروف ، ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه .
القصب ( بضم القاف ) المعى وجمعه أقصاب والأقتاب الأمعاء واحدها قتب ومعنى " فتندلق " : فتخرج بسرعة .
وروينا " فتنفلق " .
قلت : فقد دل الحديث الصحيح وألفاظ الآية على أن عقوبة من كان عالما بالمعروف وبالمنكر وبوجوب القيام بوظيفة كل واحد منهما أشد ممن لم يعلمه وإنما ذلك ؛ لأنه كالمستهين بحرمات الله تعالى ومستخف بأحكامه وهو ممن لا ينتفع بعلمه ; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه أخرجه ابن ماجه في سننه .
الثالثة : اعلم وفقك الله تعالى أن التوبيخ في الآية بسبب ترك فعل البر لا بسبب الأمر بالبر ولهذا ذم الله تعالى في كتابه قوما كانوا يأمرون بأعمال البر ولا يعملون بها وبخهم به توبيخا يتلى على طول الدهر إلى يوم القيامة فقال أتأمرون الناس بالبر الآية .
وقال منصور الفقيه فأحسن :إن قوما يأمرونا بالذي لا يفعلونا لمجانين وإن هملم يكونوا يصرعوناوقال أبو العتاهية :وصفت التقى حتى كأنك ذو تقى وريح الخطايا من ثيابك تسطعوقال أبو الأسود الدؤلي :لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيموابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإن انتهت عنه فأنت حكيمفهناك يقبل إن وعظت ويقتدى بالقول منك وينفع التعليموقال أبو عمرو بن مطر : حضرت مجلس أبي عثمان الحيري الزاهد فخرج وقعد على موضعه الذي كان يقعد عليه للتذكير ، فسكت حتى طال سكوته ، فناداه رجل كان يعرف بأبي العباس : ترى أن تقول في سكوتك شيئا ؟ فأنشأ يقول :وغير تقي يأمر الناس بالتقى طبيب يداوي والطبيب مريضقال : فارتفعت الأصوات بالبكاء والضجيج .
الرابعة : قال إبراهيم النخعي : إني لأكره القصص لثلاث آيات ، قوله تعالى : أتأمرون الناس بالبر الآية ، وقوله : لم تقولون ما لا تفعلون ، وقوله : وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه .
وقال سلم بن عمرو :ما أقبح التزهيد من واعظ يزهد الناس ولا يزهد لو كان في تزهيده صادقاأضحى وأمسى بيته المسجد إن رفض الدنيا فما بالهيستمنح الناس ويسترفد والرزق مقسوم على من ترىيناله الأبيض والأسودوقال الحسن لمطرف بن عبد الله : عظ أصحابك ، فقال إني أخاف أن أقول ما لا أفعل ، قال : يرحمك الله ، وأينا يفعل ما يقول ويود الشيطان أنه قد ظفر بهذا ، فلم يأمر أحد بمعروف ولم ينه عن منكر .
وقال مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن سمعت سعيد بن جبير يقول : لو كان المرء لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء ، ما أمر أحد بمعروف ، ولا نهى عن منكر .
قال مالك : وصدق ، من ذا الذي ليس فيه شيء ! .
الخامسة : قوله تعالى : بالبر البر هنا الطاعة والعمل الصالح .
والبر : الصدق .
والبر : ولد الثعلب .
والبر : سوق الغنم ، ومنه قولهم : " لا يعرف هرا من بر " أي لا يعرف دعاء الغنم من سوقها .
فهو مشترك ، وقال الشاعر :لا هم رب إن بكرا دونكا يبرك الناس ويفجرونكاأراد بقوله " يبرك الناس " : أي يطيعونك .
ويقال : إن البر الفؤاد في قوله :أكون مكان البر منه ودونه وأجعل مالي دونه وأوامرهوالبر ( بضم الباء ) معروف ، و ( بفتحها ) الإجلال والتعظيم ، ومنه ولد بر وبار ، أي يعظم والديه ويكرمهما .
السادسة قوله تعالى : وتنسون أنفسكم أي تتركون .
والنسيان ( بكسر النون ) يكون بمعنى الترك ، وهو المراد هنا ، وفي قوله تعالى : نسوا الله فنسيهم ، وقوله : فلما نسوا ما ذكروا به ، وقوله : ولا تنسوا الفضل بينكم .
ويكون خلاف الذكر والحفظ ، ومنه الحديث : نسي آدم فنسيت ذريته .
وسيأتي .
يقال : رجل نسيان ( بفتح النون ) : كثير النسيان للشيء .
وقد نسيت الشيء نسيانا ، ولا تقل نسيانا ( بالتحريك ) ; لأن النسيان إنما هو تثنية نسا العرق .
وأنفس : جمع نفس ، جمع قلة .
والنفس : الروح ، يقال : خرجت نفسه ، قال أبو خراش :نجا سالم والنفس منه بشدقه ولم ينج إلا جفن سيف ومئزراأي بجفن سيف ومئزر .
ومن الدليل على أن النفس الروح قوله تعالى : الله يتوفى الأنفس حين موتها يريد الأرواح في قول جماعة من أهل التأويل على ما يأتي ، وذلك بين في قول بلال للنبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن شهاب أخذ بنفسي يا رسول الله الذي أخذ بنفسك ، وقوله عليه السلام في حديث زيد بن أسلم إن الله قبض أرواحنا ولو شاء لردها إلينا في حين غير هذا رواهما مالك ، وهو أولى ما يقال به ، والنفس أيضا الدم يقال سالت نفسه قال الشاعرتسيل على حد الظبات نفوسنا وليست على غير الظبات تسيلوقال إبراهيم النخعي ما ليس له نفس سائلة فإنه لا ينجس الماء إذا مات فيه والنفس أيضا الجسد قال الشاعرنبئت أن بني سحيم أدخلوا أبياتهم تامور نفس المنذروالتامور أيضا : الدم .
السابعة : قوله تعالى : وأنتم تتلون الكتاب توبيخ عظيم لمن فهم .
وتتلون : تقرءون الكتاب التوراة وكذا من فعل فعلهم كان مثلهم وأصل التلاوة الاتباع ; ولذلك استعمل في القراءة ; لأنه يتبع بعض الكلام ببعض في حروفه حتى يأتي على نسقه يقال تلوته إذا تبعته تلوا وتلوت القرآن تلاوة وتلوت الرجل تلوا إذا خذلته والتلية والتلاوة ( بضم التاء ) البقية يقال تليت لي من حقي تلاوة وتلية أي بقيت وأتليت : أبقيت وتتليت حقي إذا تتبعته حتى تستوفيه قال أبو زيد تلى الرجل إذا كان بآخر رمقالثامنة : أفلا تعقلون أي أفلا تمنعون أنفسكم من مواقعة هذه الحال المردية لكم والعقل المنع ومنه عقال البعير ; لأنه يمنع عن الحركة ، ومنه العقل للدية ؛ لأنه يمنع ولي المقتول عن قتل الجاني ، ومنه اعتقال البطن واللسان ، ومنه يقال للحصن : معقل ، والعقل نقيض الجهل ، والعقل ثوب أحمر تتخذه نساء العرب تغشي به الهوادج قال علقمة :عقلا ورقما تكاد الطير تخطفه كأنه من دم الأجواف مدمومالمدموم ( بالدال المهملة ) الأحمر وهو المراد هنا والمدموم الممتلئ شحما من البعير وغيره ويقال هما ضربان من البرود قال ابن فارس والعقل من شيات الثياب ما كان نقشه طولا وما كان نقشه مستديرا فهو الرقم ، وقال الزجاج : العاقل من عمل بما أوجب الله عليه فمن لم يعمل فهو جاهل .
التاسعة : اتفق أهل الحق على أن العقل كائن موجود ليس بقديم ولا معدوم ; لأنه لو كان معدوما لما اختص بالاتصاف به بعض الذوات دون بعض وإذا ثبت وجوده فيستحيل القول بقدمه ; إذ الدليل قد قام على أن لا قديم إلا الله تعالى على ما يأتي بيانه في هذه السورة وغيرها إن شاء الله تعالى .
وقد صارت الفلاسفة إلى أن العقل قديم ثم منهم من صار إلى أنه جوهر لطيف في البدن ينبث شعاعه منه بمنزلة السراج في البيت يفصل به بين حقائق المعلومات ومنهم من قال إنه جوهر بسيط أي غير مركب ثم اختلفوا في محله فقالت طائفة منهم محله الدماغ ; لأن الدماغ محل الحس وقالت طائفة أخرى محله القلب ؛ لأن القلب معدن الحياة ومادة الحواس ، وهذا القول في العقل بأنه جوهر فاسد من حيث إن الجواهر متماثلة فلو كان جوهر عقلا لكان كل جوهر عقلا وقيل إن العقل هو المدرك للأشياء على ما هي عليه من حقائق المعاني ، وهذا القول وإن كان أقرب مما قبله فيبعد عن الصواب من جهة أن الإدراك من صفات الحي والعقل عرض يستحيل ذلك منه كما يستحيل أن يكون ملتذا ومشتهيا ، وقال الشيخ أبو الحسن الأشعري والأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني وغيرهما من المحققين : العقل هو العلم بدليل أنه لا يقال عقلت وما علمت أو علمت وما عقلت وقال القاضي أبو بكر : العقل علوم ضرورية بوجوب الواجبات وجواز الجائزات واستحالة المستحيلات وهو اختيار أبي المعالي في الإرشاد واختار في البرهان أنه صفة يتأتى بها درك العلوم واعترض على مذهب القاضي واستدل على فساد مذهبه وحكي في البرهان عن المحاسبي أنه قال : العقل غريزة وحكى الأستاذ أبو بكر عن الشافعي وأبي عبد الله بن مجاهد أنهما قالا العقل آلة التمييز وحكي عن أبي العباس القلانسي أنه قال العقل قوة التمييز وحكي عن المحاسبي أنه قال العقل أنوار وبصائر ثم رتب هذه الأقوال وحملها على محامل فقال والأولى ألا يصح هذا النقل عن الشافعي ولا عن ابن مجاهد فإن الآلة إنما تستعمل في الآلة المثبتة واستعمالها في الأعراض مجاز وكذلك قول من قال إنه قوة فإنه لا يعقل من القوة إلا القدرة والقلانسي أطلق ما أطلقه توسعا في العبارات وكذلك المحاسبي والعقل ليس بصورة ولا نور ولكن تستفاد به الأنوار والبصائر وسيأتي في هذه السورة بيان فائدته في آية التوحيد إن شاء الله تعالى


شرح المفردات و معاني الكلمات : أتأمرون , الناس , بالبر , البر , تنسون , أنفسكم , تتلون , الكتاب , تعقلون , تتلون+الكتاب , أفلا+تعقلون ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين
  2. قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين
  3. وطعاما ذا غصة وعذابا أليما
  4. ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما
  5. قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين
  6. فذكر إنما أنت مذكر
  7. لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ومن يتول فإن
  8. اقتربت الساعة وانشق القمر
  9. قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن
  10. أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم

تحميل سورة البقرة mp3 :

سورة البقرة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة البقرة

سورة البقرة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة البقرة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة البقرة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة البقرة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة البقرة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة البقرة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة البقرة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة البقرة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة البقرة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة البقرة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Tuesday, December 17, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب