﴿ ۞ تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاءُ ۖ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا﴾
[ الأحزاب: 51]

سورة : الأحزاب - Al-Aḥzāb  - الجزء : ( 22 )  -  الصفحة: ( 425 )

You (O Muhammad SAW) can postpone (the turn of) whom you will of them (your wives), and you may receive whom you will. And whomsoever you desire of those whom you have set aside (her turn temporarily), it is no sin on you (to receive her again), that is better; that they may be comforted and not grieved, and may all be pleased with what you give them. Allah knows what is in your hearts. And Allah is Ever AllKnowing, Most Forbearing.


تُرجي : تُأخّر و لا تضاجع
تُـؤوي إليك : تَضمّ إليك و تضاجع
إبتغَيْتَ : طلبت
عَزَلـتَ : اجتنبت بالإرجاء
ذلك أدنى أن تقرّ أعينهنّ : التفويض إلى مشيئتك أقرب إلى سرورهنّ لعلمهنّ أنّه بحُكم الله

تؤخر مَن تشاء مِن نسائك في القَسْم في المبيت، وتضم إليك مَن تشاء منهن، ومَن طَلَبْتَ ممن أخَّرت قَسْمها، فلا إثم عليك في هذا، ذلك التخيير أقرب إلى أن يفرحن ولا يحزنَّ، ويرضين كلهن بما قسمت لهنَّ، والله يعلم ما في قلوب الرجال مِن مَيْلها إلى بعض النساء دون بعض. وكان الله عليمًا بما في القلوب، حليمًا لا يعجل بالعقوبة على من عصاه.

ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت - تفسير السعدي

وهذا أيضًا من توسعة اللّه على رسوله ورحمته به، أن أباح له ترك القسم بين زوجاته، على وجه الوجوب، وأنه إن فعل ذلك، فهو تبرع منه، ومع ذلك، فقد كان صلى اللّه عليه وسلم يجتهد في القسم بينهن في كل شيء، ويقول "اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما لا أملك" .فقال هنا: { تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ } [أي: تؤخر من أردت من زوجاتك فلا تؤويها إليك، ولا تبيت عندها] { وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ }- أي: تضمها وتبيت عندها.{ و } مع ذلك لا يتعين هذا الأمر { مَنِ ابْتَغَيْتَ }- أي: أن تؤويها { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ } والمعنى أن الخيرة بيدك في ذلك كله [وقال كثير من المفسرين: إن هذا خاص بالواهبات، له أن يرجي من يشاء، ويؤوي من يشاء،- أي: إن شاء قبل من وهبت نفسها له، وإن شاء لم يقبلها، واللّه أعلم]ثم بين الحكمة في ذلك فقال: { ذَلِكَ }- أي: التوسعة عليك، وكون الأمر راجعًا إليك وبيدك، وكون ما جاء منك إليهن تبرعًا منك { أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ } لعلمهن أنك لم تترك واجبًا، ولم تفرط في حق لازم.{ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ }- أي: ما يعرض لها عند أداء الحقوق الواجبة والمستحبة، وعند المزاحمة في الحقوق، فلذلك شرع لك التوسعة يا رسول اللّه، لتطمئن قلوب زوجاتك.{ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا }- أي: واسع العلم، كثير الحلم.
ومن علمه، أن شرع لكم ما هو أصلح لأموركم، وأكثر لأجوركم.
ومن حلمه، أن لم يعاقبكم بما صدر منكم، وما أصرت عليه قلوبكم من الشر.

تفسير الآية 51 - سورة الأحزاب

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من : الآية رقم 51 من سورة الأحزاب

 سورة الأحزاب الآية رقم 51

ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت - مكتوبة

الآية 51 من سورة الأحزاب بالرسم العثماني


﴿ ۞ تُرۡجِي مَن تَشَآءُ مِنۡهُنَّ وَتُـٔۡوِيٓ إِلَيۡكَ مَن تَشَآءُۖ وَمَنِ ٱبۡتَغَيۡتَ مِمَّنۡ عَزَلۡتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكَۚ ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَن تَقَرَّ أَعۡيُنُهُنَّ وَلَا يَحۡزَنَّ وَيَرۡضَيۡنَ بِمَآ ءَاتَيۡتَهُنَّ كُلُّهُنَّۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمٗا  ﴾ [ الأحزاب: 51]


﴿ ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما ﴾ [ الأحزاب: 51]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة الأحزاب Al-Aḥzāb الآية رقم 51 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 51 من الأحزاب صوت mp3


تدبر الآية: ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت

من توسعة الله على رسوله ورحمته به أن أباح له ترك القَسْم بين زوجاته ولم يوجبه عليه، وما قسمَ بعد ذلك فهو تبرُّع منه، ومع هذا فقد كان عليه الصلاة والسلام يجتهد في القَسْم بينهنَّ في كلِّ شيء.
المرأة المؤمنة إذا علمت أن تشريعَ حكم من الأحكام هو من الله تعالى قبلت به ورضيته، وطابت نفسُها وقرَّت عينها، مهما نفَرت الطبيعة الأنثوية من ذلك.
اعمُر قلبك بالإيمان بالله والرضا بشرائعه والمحبَّة لأوامره، فإن قلبك محَطُّ نظر الله منك، فإيَّاك أن يرى فيه ما يكره.
عِلم الله بأفعال عباده يوجب على الإنسان اتِّقاءه خشيةَ عقابه، وحِلمُه تعالى مع ما يجترحون من الخطايا يوجب عليه الحياء من مخالفته.

وقوله- عز وجل - تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ شروع في بيان جانب آخر من التوسعة التي وسعها- سبحانه - لنبيه صلّى الله عليه وسلّم في معاشرته لنسائه، بعد بيان ما أحله له من النساء.
وقوله: تُرْجِي من الإرجاء بمعنى التأخير والتنحية، وقرئ مهموزا وغير مهموز.
تقول: أرجيت الأمر وأرجأته، إذا أخرته، ونحيته جانبا حتى يحين موعده المناسب.
وقوله: وَتُؤْوِي من الإيواء بمعنى الضم والتقريب، ومنه قوله-تبارك وتعالى-: وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَخاهُ.. أى: ضمه إليه وقربه منه.
والضمير في قوله مِنْهُنَّ يعود إلى زوجاته صلى الله عليه وسلم اللائي كن في عصمته.
قال القرطبي ما ملخصه: واختلف العلماء في تأويل هذه الآية، وأصح ما قيل فيها:التوسعة على النبي صلى الله عليه وسلم في ترك القسم، فكان لا يجب عليه القسم بين زوجاته.
وهذا القول هو الذي يناسب ما مضى، وهو الذي ثبت معناه في الصحيح، عن عائشة- رضى الله عنها- قالت: كنت أغار على اللائي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأقول: أو تهب المرأة نفسها لرجل؟ فلما أنزل الله-تبارك وتعالى-: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ....قالت: قلت: والله ما أرى ربك إلا يسارع في هواك.
قال ابن العربي: هذا الذي ثبت في الصحيح هو الذي ينبغي أن يعول عليه.
والمعنى المراد: هو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مخيرا في أزواجه، إن شاء أن يقسم قسم، وإن شاء أن يترك القسم ترك.
لكنه كان يقسم من جهة نفسه، تطييبا لنفوس أزواجه.
وقيل كان القسم واجبا عليه ثم نسخ الوجوب بهذه الآية.
وقيل: الآية في الطلاق.
أى: تطلق من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء.
وقيل: المراد بالآية: الواهبات أنفسهن له صلى الله عليه وسلم.
ثم قال القرطبي: وعلى كل معنى، فالآية معناها التوسعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والإباحة، وما اخترناه أصح والله أعلم.
أى: لقد وسعنا عليك- أيها الرسول الكريم- في معاشرة نسائك، فأبحنا لك أن تؤخر المبيت عند من شئت منهن، وأن تضم إليك من شئت منهن، بدون التقيد بوجوب القسم بينهن، كما هو الشأن بالنسبة لأتباعك حيث أوجبنا عليهم العدل بين الأزواج في البيتوتة وما يشبهها.
ومع هذا التكريم من الله-تبارك وتعالى- لنبيه، إلا أنه صلى الله عليه وسلّم كان يقسم بينهن إلى أن لحق بربه؟ عدا السيدة سودة، فإنها قد وهبت ليلتها لعائشة..أخرج البخاري عن عائشة رضى الله عنها- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلّم كان يستأذن في يوم المرأة منا بعد أن نزلت هذه الآية ترجى من تشاء منهن..فقيل لها: ما كنت تقولين؟ فقالت: كنت أقول: إن كان ذاك إلىّ فإنى لا أريد يا رسول الله أن أوثر عليك أحدا.
وقوله-تبارك وتعالى-: وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ.
زيادة في التوسعة عليه صلى الله عليه وسلّم وفي ترك الأمر لإرادته واختياره.
أى: أبحنا لك- أيها الرسول الكريم- أن تقسم بين نسائك، وأن تترك القسمة بينهن، وأبحنا لك- أيضا- أن تعود إلى طلب من اجتنبت مضاجعتها إذ لا حرج عليك في كل ذلك.
بعد أن فوضنا الأمر إلى مشيئتك واختيارك.
فالابتغاء بمعنى الطلب، وعزلت بمعنى اجتنبت واعتزلت وابتعدت، ومن شرطية، وجوابها: فَلا جُناحَ عَلَيْكَ أى: فلا حرج ولا إثم عليك في عدم القسمة بين أزواجك، وفي طلب إيواء من سبق لك أن اجتنبتها.
قال الشوكانى: والحاصل أن الله- سبحانه - فوض الأمر إلى رسوله صلّى الله عليه وسلّم كي يصنع مع زوجاته ما شاء، من تقديم وتأخير، وعزل وإمساك، وضم من أرجأ، وإرجاء من ضم إليه، وما شاء في أمرهن فعل توسعة عليه، ونفيا للحرج عنه «2» .
واسم الإشارة في قوله: ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ، وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ.. يعود إلى ما تضمنه الكلام السابق من تفويض أمر الإرجاء والإيواء إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وأدنى بمعنى أقرب.
وتَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ كناية عن تقبل ما يفعله معهن برضا وارتياح نفس.
يقال قرت عين فلان، إذا رأت ما ترتاح لرؤيته، مأخوذ من القرار بمعنى الاستقرار والسكون..وقوله: وَلا يَحْزَنَّ معطوف على أَنْ تَقَرَّ وقوله وَيَرْضَيْنَ معطوف عليه- أيضا-.
والمعنى، ذلك الذي شرعناه لك من تفويض الأمر إليك في شأن أزواجك، أقرب إلى رضا نفوسهن لما تصنعه معهن، وأقرب إلى عدم حزنهن وإلى قبولهن لما تفعله معهن، لأنهن يعلمن أن ما تفعله معهن إنما هو بوحي من الله-تبارك وتعالى- وليس باجتهاد منك، ومتى علمن ذلك طابت نفوسهن سواء سويت بينهن في القسم والبيتوتة والمجامعة ...
أم لم تسو.
قال القرطبي: قال قتادة وغيره: أى: ذلك التخيير الذي خيرناك في صحبتهن أدنى إلى رضاهن، إذ كان من عندنا- لا من عندك-، لأنهن إذا علمن أن الفعل من الله قرت أعينهن بذلك ورضين..وكان- عليه الصلاة والسلام- مع هذا يشدد على نفسه في رعاية التسوية بينهن، تطييبا لقلوبهن ويقول: «اللهم هذه قدرتي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك» .
وقوله- سبحانه -: وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ خطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم ولأزواجه، ويندرج فيه جميع المؤمنين والمؤمنات وجمع بجمع الذكور للتغليب.
أى: والله-تبارك وتعالى- يعلم ما في قلوبكم من حب وبغض، ومن ميل إلى شيء، ومن عدم الميل إلى شيء آخر.
قال صاحب الكشاف: وفي هذه الجملة وعيد لمن لم ترض منهن بما دبر الله-تبارك وتعالى- من ذلك، وبعث على تواطؤ قلوبهن والتصافي بينهن، والتوافق على طلب رضا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وما فيه طيب نفسه.
وَكانَ اللَّهُ-تبارك وتعالى- عَلِيماً بكل ما تظهره القلوب وما تسره حَلِيماً حيث لم يعاجل عباده بالعقوبة قبل الإرشاد والتعليم.
قوله تعالى : ترجي من تشاء منهن وتئوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما .
فيه إحدى عشرة مسألة :الأولى : قوله تعالى : ترجي من تشاء قرئ مهموزا وغير مهموز ، وهما لغتان ، يقال : أرجيت الأمر وأرجأته إذا أخرته .
وتئوي تضم ، يقال : آوى إليه .
( ممدودة الألف ) ضم إليه .
وأوى ( مقصورة الألف ) انضم إليه .
الثانية : واختلف العلماء في تأويل هذه الآية ، وأصح ما قيل فيها .
التوسعة على النبي صلى الله عليه وسلم في ترك القسم ، فكان لا يجب عليه القسم بين زوجاته .
وهذا القول هو الذي يناسب ما مضى ، وهو الذي ثبت معناه في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : كنت أغار على اللائي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأقول : أوتهب المرأة نفسها لرجل ؟ فلما أنزل الله عز وجل ترجي من تشاء منهن وتئوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت قالت : قلت والله ما أرى ربك إلا يسارع في هواك .
قال ابن العربي : هذا الذي ثبت في الصحيح هو الذي ينبغي أن يعول عليه .
والمعنى المراد : هو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مخيرا في أزواجه ، إن شاء أن يقسم قسم ، وإن شاء أن يترك القسم ترك .
فخص النبي صلى الله عليه وسلم بأن جعل الأمر إليه فيه ، لكنه كان يقسم من قبل نفسه دون أن يفرض ذلك عليه ، تطييبا لنفوسهن ، وصونا لهن عن أقوال الغيرة التي تؤدي إلى ما لا ينبغي .
وقيل : كان القسم واجبا على النبي صلى الله عليه وسلم ثم نسخ الوجوب عنه بهذه الآية .
قال أبو رزين : كان رسول الله قد هم بطلاق بعض نسائه فقلن له : اقسم لنا ما شئت .
فكان ممن آوى عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب ، فكان قسمتهن من نفسه وماله سواء بينهن .
وكان ممن أرجى سودة وجويرية وأم حبيبة وميمونة وصفية ، فكان يقسم لهن ما شاء .
وقيل : المراد الواهبات .
روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قوله : ترجي من تشاء منهن قالت : هذا في الواهبات أنفسهن .
قال الشعبي : هن الواهبات أنفسهن ، تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم منهن وترك منهن .
وقال الزهري : ما علمنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرجأ أحدا من أزواجه ، بل آواهن كلهن .
وقال ابن عباس وغيره : المعنى في طلاق من شاء ممن حصل في عصمته ، وإمساك من شاء .
وقيل غير هذا .
وعلى كل معنى فالآية معناها التوسعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والإباحة .
وما اخترناه أصح والله أعلم .
الثالثة : ذهب هبة الله في الناسخ والمنسوخ إلى أن قوله : ترجي من تشاء الآية ، ناسخ لقوله : لا يحل لك النساء من بعد الآية .
وقال : ليس في كتاب الله ناسخ تقدم المنسوخ سوى هذا .
وكلامه يضعف من جهات .
وفي ( البقرة ) عدة المتوفى عنها أربعة أشهر وعشر ، وهو ناسخ للحول وقد تقدم عليه .
الرابعة : قوله تعالى : ومن ابتغيت ممن عزلت ( ابتغيت ) طلبت ، والابتغاء الطلب .
و ( عزلت ) أزلت ، والعزلة الإزالة ، أي إن أردت أن تئوي إليك امرأة ممن عزلتهن من القسمة وتضمها إليك فلا بأس عليك في ذلك .
كذلك حكم الإرجاء ، فدل أحد الطرفين على الثاني .
الخامسة : قوله تعالى : فلا جناح عليك أي لا ميل ، يقال : جنحت السفينة أي مالت إلى الأرض .
أي لا ميل عليك باللوم والتوبيخ .
السادسة : قوله تعالى : ذلك أدنى أن تقر أعينهن قال قتادة وغيره : أي ذلك التخيير الذي خيرناك في صحبتهن أدنى إلى رضاهن إذ كان من عندنا ، لأنهن إذا علمن أن الفعل من الله قرت أعينهن بذلك ورضين ؛ لأن المرء إذا علم أنه لا حق له في شيء كان راضيا بما أوتي منه وإن قل .
وإن علم أن له حقا لم يقنعه ما أوتي منه ، واشتدت غيرته عليه وعظم حرصه فيه .
فكان ما فعل الله لرسوله من تفويض الأمر إليه في أحوال أزواجه أقرب إلى رضاهن معه ، وإلى استقرار أعينهن بما يسمح به لهن ، دون أن تتعلق قلوبهن بأكثر منه وقرئ : ( تقر أعينهن ) بضم التاء ونصب الأعين .
و ( تقر أعينهن ) على البناء للمفعول .
وكان عليه السلام مع هذا يشدد على نفسه في رعاية التسوية بينهن ، تطييبا لقلوبهن كما قدمناه ويقول : اللهم هذه قدرتي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك يعني قلبه ، لإيثاره عائشة رضي الله عنها دون أن يكون يظهر ذلك في شيء من فعله .
وكان في مرضه الذي توفي فيه يطاف به محمولا على بيوت أزواجه ، إلى أن استأذنهن أن يقيم في بيت عائشة .
قالت عائشة : أول ما اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت ميمونة ، فاستأذن أزواجه أن يمرض في بيتها - يعني في بيت عائشة - فأذن له .
.
الحديث ، خرجه الصحيح .
وفي الصحيح أيضا عن عائشة رضي الله عنها قالت : إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتفقد ، يقول : أين أنا اليوم أين أنا غدا استبطاء ليوم عائشة رضي الله عنها .
قالت : فلما كان يومي قبضه الله تعالى بين سحري ونحري ، صلى الله عليه وسلم .
السابعة : على الرجل أن يعدل بين نسائه لكل واحدة منهن يوما وليلة ، هذا قول عامة العلماء .
وذهب بعضهم إلى وجوب ذلك في الليل دون النهار .
ولا يسقط حق الزوجة مرضها ولا حيضها ، ويلزمه المقام عندها في يومها وليلتها وعليه أن يعدل بينهن في مرضه كما يفعل في صحته ، إلا أن يعجز عن الحركة فيقيم حيث غلب عليه المرض ، فإذا صح استأنف القسم .
والإماء والحرائر والكتابيات والمسلمات في ذلك سواء .
قال عبد الملك : للحرة ليلتان وللأمة ليلة .
وأما السراري فلا قسم بينهن وبين الحرائر ، ولا حظ لهن فيه .
الثامنة : ولا يجمع بينهن في منزل واحد إلا برضاهن ، ولا يدخل لإحداهن في يوم الأخرى وليلتها لغير حاجة .
واختلف في دخوله لحاجة وضرورة ، فالأكثرون على جوازه ، مالك وغيره .
وفي كتاب ابن حبيب منعه .
وروى ابن بكير عن مالك عن يحيى بن سعيد أن معاذ بن جبل كانت له امرأتان ، فإذا كان يوم هذه لم يشرب من بيت الأخرى الماء .
قال ابن بكير : وحدثنا مالك عن يحيى بن سعيد أن معاذ بن جبل كانت له امرأتان ماتتا في الطاعون .
فأسهم بينهما أيهما تدلى أولا .
التاسعة : قال مالك : ويعدل بينهن في النفقة والكسوة إذا كن معتدلات الحال ، ولا يلزم ذلك في المختلفات المناصب .
وأجاز مالك أن يفضل إحداهما في الكسوة على غير وجه الميل .
فأما الحب والبغض فخارجان عن الكسب فلا يتأتى العدل فيهما ، وهو المعني بقوله صلى الله عليه وسلم في قسمه اللهم هذا فعلي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك .
أخرجه النسائي وأبو داود عن عائشة رضي الله عنها .
وفي كتاب أبي داود ( يعني القلب ) ، وإليه الإشارة بقوله تعالى : ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم وقوله تعالى : والله يعلم ما في قلوبكم .
وهذا هو وجه تخصيصه بالذكر هنا ، تنبيها منه لنا على أنه يعلم ما في قلوبنا من ميل بعضنا إلى بعض من عندنا من النساء دون بعض ، وهو العالم بكل شيء لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء يعلم السر وأخفى لكنه سمح في ذلك ، إذ لا يستطيع العبد أن يصرف قلبه عن ذلك الميل ، وإلى ذلك يعود قوله : وكان الله غفورا رحيما .
وقد قيل في قوله : ذلك أدنى أن تقر أعينهن وهي :العاشرة : أي ذلك أقرب ألا يحزن إذا لم يجمع إحداهن مع الأخرى ويعاين الأثرة والميل .
وروى أبو داود عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل ويرضين بما آتيتهن كلهن توكيد للضمير ، أي ويرضين كلهن .
وأجاز أبو حاتم والزجاج ويرضين بما آتيتهن كلهن على التوكيد للمضمر الذي في ( آتيتهن ) .
والفراء لا يجيزه ؛ لأن المعنى ليس عليه ، إذ كان المعنى وترضى كل واحدة منهن ، وليس المعنى بما أعطيتهن كلهن .
النحاس : والذي قاله حسن .
الحادية عشرة : قوله تعالى : والله يعلم ما في قلوبكم خبر عام ، والإشارة إلى ما في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم من محبة شخص دون شخص .
وكذلك يدخل في المعنى أيضا المؤمنون .
وفي البخاري عن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل ، فأتيته فقلت : أي الناس أحب إليك ؟ فقال : ( عائشة ) فقلت : من الرجال ؟ قال : ( أبوها ) قلت : ثم من ؟ قال : ( عمر بن الخطاب .
.
) فعد رجالا .
وقد تقدم القول في القلب بما فيه كفاية في أول ( البقرة ) ، وفي أول هذه السورة .
يروى أن لقمان الحكيم كان عبدا نجارا قال له سيده : اذبح شاة وائتني بأطيبها بضعتين ، فأتاه باللسان والقلب .
ثم أمره بذبح شاة أخرى فقال له : ألق أخبثها بضعتين ، فألقى اللسان والقلب .
فقال : أمرتك أن تأتيني بأطيبها بضعتين فأتيتني باللسان والقلب ، وأمرتك أن تلقي بأخبثها بضعتين فألقيت اللسان والقلب ؟ فقال : ليس شيء أطيب منهما إذا طابا ، ولا أخبث منهما إذا خبثا .


شرح المفردات و معاني الكلمات : ترجي , تشاء , منهن , وتؤوي , تشاء , ابتغيت , عزلت , جناح , أدنى , تقر , أعينهن , يحزن , ويرضين , آتيتهن , كلهن , الله , يعلم , قلوبكم , الله , عليما , حليما ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم
  2. ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين
  3. لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون بالله لو استطعنا
  4. هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم
  5. إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور
  6. والذين في أموالهم حق معلوم
  7. وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون
  8. وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا
  9. وقل رب أنـزلني منـزلا مباركا وأنت خير المنـزلين
  10. فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين

تحميل سورة الأحزاب mp3 :

سورة الأحزاب mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الأحزاب

سورة الأحزاب بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الأحزاب بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الأحزاب بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الأحزاب بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الأحزاب بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الأحزاب بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة الأحزاب بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الأحزاب بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة الأحزاب بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الأحزاب بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, March 29, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب