﴿ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ۚ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۖ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ ۖ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ﴾
[ الطلاق: 6]

سورة : الطلاق - Aṭ-Ṭalāq  - الجزء : ( 28 )  -  الصفحة: ( 559 )

Lodge them (the divorced women) where you dwell, according to your means, and do not treat them in such a harmful way that they be obliged to leave. And if they are pregnant, then spend on them till they deliver. Then if they give suck to the children for you, give them their due payment, and let each of you accept the advice of the other in a just way. But if you make difficulties for one another, then some other woman may give suck for him (the father of the child).


وُجْدِكم : وُسْعِكم و طاقـَـتِكم
ائتمِروا بيْنكم : تشاوَروا في الأجرة و الإرضاع
تـَـعاسَرتم : تضايَـقـْـتم و تشاحنتم فيهما

أسكنوا المطلقات من نسائكم في أثناء عدتهن مثل سكناكم على قدر سَعَتكم وطاقتكم، ولا تلحقوا بهن ضررًا؛ لتضيِّقوا عليهن في المسكن، إن كان نساؤكم المطلقات ذوات حَمْل، فأنفقوا عليهن في عدتهن حتى يضعن حَمْلهن، فإن أرضعن لكم أولادهن منكم بأجرة، فوفوهن أجورهن، وليأمر بعضكم بعضًا بما عرف من سماحة وطيب نفس، وإن لم تتفقوا على إرضاع الأم، فستُرضع للأب مرضعة أخرى غير الأم المطلقة.

أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن - تفسير السعدي

تقدم أن الله نهى عن إخراج المطلقات عن البيوت وهنا أمر بإسكانهن وقدر الإسكان بالمعررف، وهو البيت الذي يسكنه مثله ومثلها، بحسب وجد الزوج وعسره، { وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ }- أي: لا تضاروهن، عند سكناهن بالقول أو الفعل، لأجل أن يمللن، فيخرجن من البيوت، قبل تمام العدة، فتكونوا، أنتم المخرجين لهن، وحاصل هذا أنه نهى عن إخراجهن، ونهاهن عن الخروج، وأمر بسكناهن، على وجه لا يحصل به عليهن، ضرر ولا مشقة، وذلك راجع إلى العرف، { وَإِنْ كُنَّ }- أي: المطلقات { أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } وذلك لأجل الحمل الذي في بطنها، إن كانت بائنًا، ولها ولحملها إن كانت رجعية، ومنتهى النفقة حتى يضعن حملهن فإذا وضعن حملهن، فإما أن يرضعن أولادهن أو لا، { فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } المسماة لهن، إن كان مسمى، وإلا فأجر المثل، { وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ }- أي: وليأمر كل واحد من الزوجين ومن غيرهما، الآخر بالمعروف، وهو كل ما فيه منفعة ومصلحة في الدنيا والآخرة، فإن الغفلة عن الائتمار بالمعروف، يحصل فيه من الشر والضرر، ما لا يعلمه إلا الله، وفي الائتمار، تعاون على البر والتقوى، ومما يناسب هذا المقام، أن الزوجين عند الفراق وقت العدة، خصوصًا إذا ولد لهما ولد في الغالب يحصل من التنازع والتشاجر لأجل النفقة عليها وعلى الولد مع الفراق، الذي في الغالب ما يصدر إلا عن بغض، ويتأثر منه البغض شيء كثيرفكل منهما يؤمر بالمعروف، والمعاشرة الحسنة، وعدم المشاقة والمخاصمة وينصح على ذلك.{ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ } بأن لم يتفقوا على إرضاعها لولدها، فلترضع له أخرى غيرها { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ } وهذا حيث كان الولد يقبل ثدي غير أمه، فإن لم يقبل إلا ثدي أمه، تعينت لإرضاعه، ووجب عليها، وأجبرت إن امتنعت، وكان لها أجرة المثل إن لم يتفقا على مسمى، وهذا مأخوذ من الآية الكريمة من حيث المعنى، فإن الولد لما كان في بطن أمه مدة الحمل، ليس له خروج منه عين تعالى على وليه النفقة، فلما ولد، وكان يمكن أن يتقوت من أمه، ومن غيرها، أباح تعالى، الأمرين، فإذا، كان بحالة لا يمكن أن يتقوت إلا من أمه، كان بمنزلة الحمل، وتعينت أمه طريقًا لقوته

تفسير الآية 6 - سورة الطلاق

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا : الآية رقم 6 من سورة الطلاق

 سورة الطلاق الآية رقم 6

أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن - مكتوبة

الآية 6 من سورة الطلاق بالرسم العثماني


﴿ أَسۡكِنُوهُنَّ مِنۡ حَيۡثُ سَكَنتُم مِّن وُجۡدِكُمۡ وَلَا تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيۡهِنَّۚ وَإِن كُنَّ أُوْلَٰتِ حَمۡلٖ فَأَنفِقُواْ عَلَيۡهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّۚ فَإِنۡ أَرۡضَعۡنَ لَكُمۡ فَـَٔاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأۡتَمِرُواْ بَيۡنَكُم بِمَعۡرُوفٖۖ وَإِن تَعَاسَرۡتُمۡ فَسَتُرۡضِعُ لَهُۥٓ أُخۡرَىٰ  ﴾ [ الطلاق: 6]


﴿ أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى ﴾ [ الطلاق: 6]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة الطلاق Aṭ-Ṭalāq الآية رقم 6 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 6 من الطلاق صوت mp3


تدبر الآية: أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن

قال ﷺ: «color: blue">الرَّاحمونَ يرحمُهم الرَّحمن» فمَن طمع برحمة الله تعالى فليرحَم غيرَه، وأولى الناس برحمته وصَفحه مَن كانت قبلُ زوجَه وسكنَه.
من صفات المنافق أنه إذا خاصم فَجَر، فما بالكم بمَن يفجُر في الخصومة مع مَن كانت يومًا دِفئًا لقلبه، وأُنسًا لروحه، وموضعًا لسرِّه، وأمًّا لفِلذات كبِده؟! العلاقات الزوجيَّة تتوثَّق أواصرُها بالمعروف، وينبغي أن يُحلَّ عَقدُها بالمعروف أيضًا؛ استبقاءً لمودَّات القلوب، وتقديرًا لذكريات الأيام الخوالي.
شُرع الطلاقُ رحمةً بالناس حين يستحيل دوامُ الزواج، فإيَّاكم أن تجعلوه شرًّا؛ بالظلم والتجنِّي، والنكاية والتشفِّي.
لا تشتطَّ أيها الأبُ في الشحِّ والبخل، ولا تشتطِّي أيتها الأمُّ في الحرص والطَّمَع، واتفقوا بالمعروف على ما فيه مصلحةُ أولادكما.

ثم أمر- سبحانه - الرجال بأن يحسنوا معاملة النساء المطلقات، ونهاهم عن الإساءة إليهن بأى لون من ألوان الإساءة فقال: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ...
والخطاب للرجال الذين يريدون فراق أزواجهن، والضمير المنصوب في قوله أَسْكِنُوهُنَّ يعود إلى النساء المطلقات.
ومِنْ للتبعيض، والوجد: السعة والقدرة.
أى: أسكنوا المطلقات في بعض البيوت التي تسكنونها والتي في وسعكم وطاقتكم إسكانهن فيها.
قال صاحب الكشاف: قوله: أَسْكِنُوهُنَّ وما بعده: بيان لما شرط من التقوى في قوله: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ ...
كأنه قيل: كيف نعمل بالتقوى في شأن المعتدات؟ فقيل: أَسْكِنُوهُنَّ.
فإن قلت: فقوله: مِنْ وُجْدِكُمْ ما موقعه؟ قلت: هو عطف بيان لقوله مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ، وتفسير له، كأنه قيل: أسكنوهن مكانا من مسكنكم مما تطيقونه.
والسكنى والنفقة: واجبتان لكل مطلقة.
وعند مالك والشافعى: ليس للمبتونة إلا السكن ولا نفقة لها، وعن الحسن وحماد: لا نفقة لها ولا سكنى، لحديث فاطمة بنت قيس: أن زوجها أبتّ طلاقها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا سكنى لك ولا نفقة ...
» .
ثم أتبع- سبحانه - الأمر بالإحسان إلى المطلقات، بالنهى عن إلحاق الأذى بهن فقال:وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ أى: ولا تستعملوا معهن ما يؤذيهن ويضرهن، لكي تضيقوا عليهن ما منحه الله-تبارك وتعالى- لهن من حقوق، بأن تطيلوا عليهن مدة العدة، فتصبح الواحدة منهن كالمعلقة، أو بأن تضيقوا عليهن في السكنى، حتى يلجأن إلى الخروج، والتنازل عن حقوقهن.
وقوله-تبارك وتعالى-: وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ.. أى:وإن كان المطلقات أصحاب حمل- فعليكم يا معشر الأزواج- أن تقدموا لهن النفقة المناسبة، حتى يضعن حملهن.
قال الإمام ابن كثير: قال كثير من العلماء منهم ابن عباس، وطائفة من السلف.
هذه هي البائن، إن كانت حاملا أنفق عليها حتى تضع حملها، قالوا: بدليل أن الرجعية تجب نفقتها سواء أكانت حاملا أم غير حامل.
وقال آخرون: بل السياق كله في الرجعيات، وإنما نص على الإنفاق على الحامل- وإن كانت رجعية- لأن الحمل تطول مدته غالبا.
فاحتيج إلى النص على وجوب الإنفاق إلى الوضع، لئلا يتوهم أنه إنما تجب النفقة بمقدار مدة العدة.. .
ولما كان الحمل ينتهى بالوضع، انتقلت السورة الكريمة إلى بيان ما يجب للمطلقات بعد الوضع، فقال-تبارك وتعالى-: فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ.
أى: عليكم- أيها المؤمنون- أن تقدموا لنسائكم ذوات الحمل اللائي طلقتموهن طلاقا بائنا، عليكم أن تقدموا لهن النفقة حتى يضعن حملهن، فإذا ما وضعن حملهن وأرادوا أن يرضعن لكم أولادكم منهن، فعليكم- أيضا- أن تعطوهن أجورهن على هذا الإرضاع، وأن تلتزموا بذلك لهن.
وقد أخذ العلماء من هذه الآية أن الأم المطلقة طلاقا بائنا، إذا أرادت أن ترضع ولدها بأجر المثل، فليس لأحد أن يمنعها من ذلك، لأنها أحق به من غيرها، لشدة شفقتها عليه ...
وليس للأب أن يسترضع غيرها حينئذ.
كما أخذوا منها- أيضا- أن نفقة الولد الصغير على أبيه، لأنه إذا لزمته أجرة الرضاع، فبقية النفقات الخاصة بالصغير تقاس على ذلك.
وقوله- سبحانه -: وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ حض منه- سبحانه - للآباء والأمهات على التعاون والتناصح في وجوه الخير والبر.
والائتمار معناه: التشاور وتبادل الرأى، وسمى التشاور بذلك لأن المتشاورين في مسألة، يأمر أحدهما الآخر بشيء فيستجيب لأمره، ويقال: أئتمر القوم وتآمروا بمعنى واحد.
أى: عليكم- أيها الآباء والأمهات- أن تتشاوروا فيما ينفع أولادكم، وليأمر بعضكم بعضا بما هو حسن، فيما يتعلق بالإرضاع والأجر وغيرهما.
وقوله-تبارك وتعالى-: وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى إرشاد إلى ما يجب عليهما في حالة عدم التراضي على الإرضاع أو الأجر.
والتعاسر مأخوذ من العسر الذي هو ضد اليسر والسماحة، يقال تعاسر المتبايعان، إذا تمسك كل واحد منهما برأيه، دون أن يتفقا على شيء.
أى: وإن اشتد الخلاف بينكم، ولم تصلوا إلى حل، بأن امتنع الأب عن دفع الأجرة للأم، أو امتنعت الأم عن الإرضاع إلا بأجر معين.
فليس معنى ذلك أن يبقى المولود جائعا بدون رضاعة، بل على الأب أن يبحث عن مرضعة أخرى، لكي ترضع له ولده، فالضمير في قوله لَهُ يعود على الأب.
قال صاحب الكشاف قوله: وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى أى: فستوجد مرضعة غير الأم ترضعه، وفيه طرف من معاتبة الأم على المعاسرة، كما تقول لمن تستقضيه حاجة فيتوانى: سيقضيها غيرك.
تريد لن تبقى غير مقضية وأنت ملوم.
وقد علق المحشى على الكشاف بقوله: وخص الأم بالمعاتبة، لأن المبذول من جهتها هو لبنها وهو غير متمول ولا مضنون به في العرف، وخصوصا في الأم على الولد، ولا كذلك المبذول من جهة الأب، فإنه المال المضنون به عادة فالأم إذا أجدى باللوم، وأحق بالعتب.. .
قالوا: وفي هذه الجملة- أيضا- طرف من معاتبة الأب، لأنه كان من الواجب عليه أن يسترضى الأم، ولا يكون مصدر عسر بالنسبة لها، حرصا على مصلحة الولد.
قوله تعالى : أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرىفيه أربع مسائل :الأولى : قوله تعالى : أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم قال أشهب عن مالك : يخرج عنها إذا طلقها ويتركها في المنزل ; لقوله تعالى : أسكنوهن .
فلو كان معها ما قال أسكنوهن .
وقال ابن نافع : قال مالك في قول الله تعالى : أسكنوهن من حيث سكنتم يعني المطلقات اللائي بن من أزواجهن فلا رجعة لهم عليهن وليست حاملا ، فلها السكنى ولا نفقة لها ولا كسوة ، لأنها بائن منه ، لا يتوارثان ولا رجعة له عليها .
وإن كانت حاملا فلها النفقة والكسوة والمسكن حتى تنقضي عدتها .
أما من لم تبن منهن فإنهن نساؤهم يتوارثون ، ولا يخرجن إلا أن يأذن لهن أزواجهن ما كن في عدتهن ، ولم يؤمروا بالسكنى لهن لأن ذلك لازم لأزواجهن مع نفقتهن وكسوتهن ، حوامل كن أو غير حوامل .
وإنما أمر الله بالسكنى للائي بن من أزواجهن مع نفقتهن ، قال الله تعالى : وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فجعل عز وجل للحوامل اللائي قد بن من أزواجهن السكنى والنفقة .
قال ابن العربي : وبسط ذلك وتحقيقه أن الله سبحانه لما ذكر السكنى أطلقها لكل مطلقة ، فلما ذكر النفقة قيدها بالحمل ، فدل على أن المطلقة البائن لا نفقة لها .
وهي مسألة عظيمة قد مهدنا سبلها قرآنا وسنة ومعنى في مسائل الخلاف .
وهذا مأخذها من القرآن .
قلت : اختلف العلماء في المطلقة ثلاثا على ثلاثة أقوالفمذهب مالك والشافعي : أن لها السكنى ولا نفقة لها .
ومذهب أبي حنيفة وأصحابه : أن لها السكنى والنفقة .
ومذهب أحمد وإسحاق وأبي ثور : أن لا نفقة لها ولا سكنى ، على حديث فاطمة بنت قيس ، قالت : دخلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعي أخو زوجي ، فقلت : إن زوجي طلقني وإن هذا يزعم أن ليس لي سكنى ولا نفقة ؟ قال : " بل لك السكنى ولك النفقة " .
قال : إن زوجها طلقها ثلاثا .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما السكنى والنفقة على من له عليها الرجعة " .
فلما قدمت الكوفة طلبني الأسود بن يزيد ليسألني عن ذلك ، وإن أصحاب عبد الله يقولون : إن لها السكنى والنفقة .
خرجه الدارقطني .
ولفظ مسلم عنها : أنه طلقها زوجها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان أنفق عليها نفقة دون ، فلما رأت ذلك قالت : والله لأعلمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن كان لي نفقة أخذت الذي يصلحني ، وإن لم تكن لي نفقة لم آخذ شيئا .
قالت : فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " لا نفقة لك ولا سكنى " .
وذكر الدارقطني عن الأسود قال : قال عمر لما بلغه قول فاطمة بنت قيس : لا نجيز في المسلمين قول امرأة .
وكان يجعل للمطلقة ثلاثا السكنى والنفقة .
وعن الشعبي قال : لقيني الأسود بن يزيد فقال .
يا شعبي ، اتق الله وارجع عن حديث فاطمة بنت قيس ; فإن عمر كان يجعل لها السكنى والنفقة .
قلت : لا أرجع عن شيء حدثتني به فاطمة بنت قيس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قلت : ما أحسن هذا .
وقد قال قتادة وابن أبي ليلى : لا سكنى إلا للرجعية ; لقوله تعالى : لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ، وقوله تعالى : " أسكنوهن " راجع إلى ما قبله ، وهي المطلقة الرجعية .
والله أعلم .
ولأن السكنى تابعة للنفقة وجارية مجراها ; فلما لم تجب للمبتوتة نفقة لم يجب لها سكنى .
وحجة أبي حنيفة أن للمبتوتة النفقة قوله تعالى : ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وترك النفقة من أكبر الأضرار .
وفي إنكار عمر على فاطمة قولها ما يبين هذا ، ولأنها معتدة تستحق السكنى عن طلاق فكانت لها النفقة كالرجعية ، ولأنها محبوسة عليه لحقه فاستحقت النفقة كالزوجة .
ودليل مالك قوله تعالى : وإن كن أولات حمل الآية .
على ما تقدم بيانه .
وقد قيل : إن الله تعالى ذكر المطلقة الرجعية وأحكامها أول الآية إلى قوله : ذوي عدل منكم ثم ذكر بعد ذلك حكما يعم المطلقات كلهن من تعديد الأشهر وغير ذلك .
وهو عام في كل مطلقة ; فرجع ما بعد ذلك من الأحكام إلى كل مطلقة .
الثانية : قوله تعالى : " من وجدكم " أي من سعتكم ; يقال : وجدت في المال أجد وجدا ووجدا ووجدا وجدة .
والوجد : الغنى والمقدرة .
وقراءة العامة بضم الواو .
وقرأ الأعرج والزهري بفتحها ، ويعقوب بكسرها .
وكلها لغات فيها .
الثالثة : قوله تعالى : ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن قال مجاهد : في المسكن .
مقاتل : في النفقة ; وهو قول أبي حنيفة .
وعن أبي الضحى : هو أن يطلقها فإذا بقي يومان من عدتها راجعها ثم طلقها .
الرابعة : قوله تعالى : وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن لا خلاف بين العلماء في وجوب النفقة والسكنى للحامل المطلقة ثلاثا أو أقل منهن حتى تضع حملها .
فأما الحامل المتوفى عنها زوجها فقال علي وابن عمر وابن مسعود وشريح والنخعي والشعبي وحماد وابن أبي ليلى وسفيان والضحاك : ينفق عليها من جميع المال حتى تضع .
وقال ابن عباس وابن الزبير وجابر بن عبد الله ومالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم : لا ينفق عليها إلا من نصيبها .
وقد مضى في " البقرة " بيانه .
قوله تعالى : فإن أرضعن لكم الأولى : قوله تعالى : فإن أرضعن لكم - يعني المطلقات - أولادكم منهن فعلى الآباء أن يعطوهن أجرة إرضاعهن .
وللرجل أن يستأجر امرأته للرضاع كما يستأجر أجنبية ولا يجوز عند أبي حنيفة وأصحابه الاستئجار إذا كان الولد منهن ما لم يبن .
ويجوز عند الشافعي .
وتقدم القول في الرضاع في " البقرة " و " النساء " مستوفى ولله الحمد .
الثانية : قوله تعالى : وأتمروا بينكم بمعروف هو خطاب للأزواج والزوجات ; أي وليقبل بعضكم من بعض ما أمره به من المعروف الجميل .
والجميل منها إرضاع الولد من غير أجرة .
والجميل منه توفير الأجرة عليها للإرضاع .
وقيل : ائتمروا في رضاع الولد فيما بينكم بمعروف حتى لا يلحق الولد إضرار .
وقيل : هو الكسوة والدثار .
وقيل : معناه لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده .
الثالثة : قوله تعالى : وإن تعاسرتم أي في أجرة الرضاع فأبى الزوج أن يعطي الأم رضاعها وأبت الأم أن ترضعه فليس له إكراهها ; وليستأجر مرضعة غير أمه .
وقيل : معناه وإن تضايقتم وتشاكستم فليسترضع لولده غيرها ; وهو خبر في معنى الأمر .
وقال الضحاك : إن أبت الأم أن ترضع استأجر لولده أخرى ، فإن لم يقبل أجبرت أمه على الرضاع بالأجر .
وقد اختلف العلماء فيمن يجب عليه رضاع الولد على ثلاثة أقوال : قال علماؤنا : رضاع الولد على الزوجة ما دامت الزوجية ; إلا لشرفها وموضعها فعلى الأب رضاعه يومئذ في ماله .
الثاني : قال أبو حنيفة : لا يجب على الأم بحال .
الثالث : يجب عليها في كل حال .
الرابعة : فإن طلقها فلا يلزمها رضاعه إلا أن يكون غير قابل ثدي غيرها فيلزمها حينئذ الإرضاع .
فإن اختلفا في الأجر فإن دعت إلى أجر مثلها وامتنع الأب إلا تبرعا فالأم أولى بأجر المثل إذا لم يجد الأب متبرعا .
وإن دعا الأب إلى أجر المثل وامتنعت الأم لتطلب شططا فالأب أولى به .
فإن أعسر الأب بأجرتها أخذت جبرا برضاع ولدها .


شرح المفردات و معاني الكلمات : أسكنوهن , سكنتم , وجدكم , تضاروهن , لتضيقوا , أولات , حمل , فأنفقوا , يضعن , حملهن , أرضعن , فآتوهن , أجورهن , أتمروا , معروف , تعاسرتم , فسترضع , أخرى ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. وما أرسلوا عليهم حافظين
  2. ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون
  3. إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور
  4. لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نـزلا من عند
  5. تالله إن كنا لفي ضلال مبين
  6. ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون
  7. يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين
  8. وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينـزل به عليكم سلطانا
  9. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر
  10. ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما

تحميل سورة الطلاق mp3 :

سورة الطلاق mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الطلاق

سورة الطلاق بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الطلاق بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الطلاق بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الطلاق بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الطلاق بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الطلاق بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة الطلاق بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الطلاق بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة الطلاق بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الطلاق بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, April 26, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب