سورة إبراهيم | للقراءة من المصحف بخط كبير واضح
استماع mp3 | الجلالين&الميسر | تفسير الشوكاني |
إعراب الصفحة | تفسير ابن كثير | تفسير القرطبي |
التفسير المختصر | تفسير الطبري | تفسير السعدي |
تفسير الطبري تفسير الصفحة 256 من المصحف
تفسير الطبري - صفحة القرآن رقم 256
257
255
الآية : 6
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَىَ لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ وَيُذَبّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلآءٌ مّن رّبّكُمْ عَظِيمٌ }.
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: واذكر يا مـحمد إذ قال موسى بن عمران لقومه من بنـي إسرائيـل: اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَـيْكُمْ التـي أنعم بها علـيكم إذْ أنـجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يقول: حين أنـجاكم من أهل دين فرعون وطاعته. يَسُومُونَكُمْ سُوءَ العَذَابِ: أي يذيقونكم شديد العذاب. ويُذَبّحُونَ أبْناءَكُمْ وأدخـلت الواو فـي هذا الـموضع لأنه أريد بقوله: وَيُذَبّحُونَ أبْناءَكُمْ الـخبر عن أنّ آل فرعون كانوا يعذّبون بنـي إسرائيـل بأنواع من العذاب غير التذبـيح وبـالتذبـيح. وأما فـي موضع آخر من القرآن, فآنه جاء بغير الواو: يَسُومُونُكُمْ سُوءَ العَذَابِ يُذَبّحُونَ أبْناءَكُمْ فـي موضع وفـي موضع: يُقَتّلُونَ أبْناءَكُمْ, ولـم تدخـل الواو فـي الـمواضع التـي لـم تدخـل فـيها لأنه أريد بقوله: يُذَبّحُونَ وبقوله: يُقَتلُونَ تبـيـينه صفـات العذاب الذي كانوا يسومونهم, وكذلك العمل فـي كل جملة أريد تفصيـلها فبغير الواو تفصيـلها, وإذا أريد العطف علـيها بغيرها وغير تفصيـلها فـالواو.
15647ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله بن الزبـير, عن ابن عيـينة, فـي قوله: وَإذْ قالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَـيْكُمْ: أيادي الله عندكم وأيامه.
وقوله: وَيَسْتَـحْيُونَ نِساءَكُمْ يقول: ويبقون نساءكم فـيتركون قتلهنّ وذلك استـحياؤهم كان إياهنّ. وقد بـيّنا ذلك فـيـما مضى بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع, ومعناه: يتركونهم, والـحياة: هي الترك. ومنه الـخبر الذي رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اقْتُلُوا شُيُوخَ الـمُشْرِكِينَ وَاسْتَـحْيُوا شَرْخَهُمْ» بـمعنى: استبقوهم فلا تقتلوهم. وفِـي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبّكُمْ عَظِيـمٌ يقول تعالـى: وفـيـما يصنع بكم آل فرعون من أنواع العذاب بلاء لكم من ربكم عظيـم: أي ابتلاء واختبـار لكم من ربكم عظيـم. وقد يكون البلاء فـي هذا الـموضع نعماء, وقد يكون معناه: من البلاء الذي قد يصيب الناس فـي الشدائد وغيرها.
الآية : 7
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَإِذْ تَأَذّنَ رَبّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأزِيدَنّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }.
يقول جلّ ثناؤه: واذكروا أيضا حين آذنكم ربكم. وتأذّن: تفعّل من أذن, والعرب ربـما وضعت «تفعّل» موضع «أفعل», كما قالوا: أوعدته وتوعدته بـمعنى واحد, وآذن: أعلـم, كما قال الـحارث بن حِلّزة:
آذَنَتْنا بِبَـيْنِها أسمْاءُرُبّ ثاوٍ يُـمَلّ مِنْهُ الثّوَاءُ
يعنـي بقوله: آذنتنا: أعلـمتنا.
وذُكر عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرأ وَإذْ تَأذّنَ رَبّكُمْ «وإذ قال ربكم».
15648ـ حدثنـي بذلك الـحارث, قال: ثنـي عبد العزيز, قال: حدثنا سفـيان, عن الأعمش عنه حدثنـي يونس قال: أخبرنا ابن وبه, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: وَإذْ تَأذّنَ رَبّكُمْ: وإذ قال ربكم ذلك التأذّن.
وقوله: لَئِنْ شَكَرْتُـمْ لأَزِيدَنّكُمْ يقول: لئن شكرتـم ربكم بطاعتكم إياه فـيـما أمركم ونهاكم لأزيدنكم فـي أياديه عندكم ونعمه علـيكم علـى ما قد أعطاكم من النـجاة من آل فرعون والـخلاص من عذابهم. وقـيـل فـي ذلك قول غيره, وهو ما:
15649ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا الـحسن بن الـحسن, قال: أخبرنا ابن الـمبـارك, قال: سمعت علـيّ بن صالـح, يقول فـي قول الله عزّ وجلّ: لَئِنْ شَكَرْتُـمْ لأَزِيدَنّكم قال: أي من طاعتـي.
حدثنا الـمثنى, قال: حدثنا يزيد, قال: أخبرنا ابن الـمبـارك قال: سمعت علـيّ بن صالـح, فذكر نـحوه.
15650ـ حدثنـي أحمد بن إسحاق, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا سفـيان: لئنْ شَكَرْتُـمْ لأَزِيدَنّكُمْ قال: من طاعتـي.
15651ـ حدثنـي الـحارث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا مالك بن مغول, عن أبـان بن أبـي عياش, عن الـحسن, فـي قوله: لَئِنْ شَكَرْتُـمْ لأَزيدَنّكُمْ قال: من طاعتـي.
ولا وجه لهذا القول يفهم, لأنه لـم يجر للطاعة فـي هذا الـموضع ذكر, فـيقال: إن شكرتـمونـي علـيها زدتكم منها, وإنـما جرى ذكر الـخبر عن إنعام الله علـى قوم موسى بقوله: وَإذْ قالَ مُوسَى لقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَـيْكُمْ ثم أخبرهم أن الله أعلـمهم إن شكروه علـى هذه النعمة زادهم, فـالواجب فـي الـمفهوم أن يكون معنى الكلام: زادهم من نعمه, لا مـما لـم يجر له ذكر من الطاعة, إلا أن يكون أريد به: لئن شكرتـم فأطعتـمونـي بـالشكر لأزيدنكم من أسبـاب الشكر ما يعينكم علـيه, فـيكون ذلك وجها.
وقوله: وَلَئِنْ كَفَرْتُـمْ إنّ عَذَابِـي لَشَدِيدٌ يقول: ولئن كفرتـم أيها القوم نعمة الله, فجحدتـموها, بترك شكره علـيها, وخلافه فـي أمره ونهيه وركوبكم معاصيَه إنّ عَذَابِـي لَشَدِيدٌ: أعذّبكم كما أعذّب من كفر بـي من خـلقـي. وكان بعض البصريـين يقول فـي معنى قوله: وَإذْ تَأذّنَ رَبّكُمْ وتأذّن ربكم. ويقول: «إذ» من حروف الزوائد. وقد دللنا علـى فساد ذلك فـيـما مضى قبل.
الآية : 8
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَقَالَ مُوسَىَ إِن تَكْفُرُوَاْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأرْضِ جَمِيعاً فَإِنّ اللّهَ لَغَنِيّ حَمِيدٌ }.
يقول تعالـى ذكره: وَقالَ مُوسَى لقومه: إنْ تَكْفُرُوا أيها القوم, فتـجحدوا نعمة الله التـي أنعمها علـيكم أنتـم, ويفعل فـي ذلك مثل فعلكم مَنْ فِـي الأرْضِ جَمِيعا فإنّ اللّهَ لَغَنِـيّ عنكم وعنهم من جميع خـلقه, لا حاجة به إلـى شكركم إياه علـى نعمه عند جميعكم, حَمِيدٌ ذو حمد إلـى خـلقه بـما أنعم به علـيهم. كما:
15652ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله بن هاشم, قال: أخبرنا سيف, عن أبـي رَوق عن أبـي أيوب, عن علـيّ: فإنّ اللّهَ لَغَنِـيّ قال: غنـيّ عن خـلقه, حَمِيدٌ قال: مستـحمِد إلـيهم.
الآية : 9
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاّ اللّهُ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيّنَاتِ فَرَدّوَاْ أَيْدِيَهُمْ فِيَ أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوَاْ إِنّا كَفَرْنَا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنّا لَفِي شَكّ مّمّا تَدْعُونَنَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ }.
يقول تعالـى ذكره مخبرا عن قـيـل موسى لقومه: يا قوم ألَـمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ يقول: خبر الذين من قبلكم من الأمـم التـي مضت قبلكم, قَوْمِ نُوحِ وعادٍ وَثُمودَ وقوم عاد فبـين بهم عن «الذين», وعاد معطوف بها علـى قوم نوح. وَالّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ يعنـي: من بعد قوم نوح وعاد وثمود. لا يَعْلَـمُهُمْ إلاّ اللّهُ يقول: لا يحصي عددهم ولا يعلـم مبلغهم إلا الله. كما:
15653ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا سفـيان, عن أبـي إسحاق, عن عمرو بن ابن ميـمون: وَعادٍ وَثمُودَ وَالّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَـمُهُمْ إلاّ اللّهُ قال: كذب النسابون.
15654ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا إسرائيـل, عن أبـي إسحاق, عن عمرو بن ميـمون, عن عبد الله بن مسعود بـمثل ذلك.
15655ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا شبـابة, قال: أخبرنا إسرائيـل, عن أبـي إسحاق, عن عمرو بن ميـمون, قال: حدثنا ابن مسعود, أنه كان يقرؤها: «وعادا وثَمُودَ وَالّذِينَ مِنْ بَعْدَهِمْ لا يَعْلَـمُهُم إلاّ اللّهُ» ثم يقول: كذب النسابون.
حدثنـي ابن الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عيسى بن جعفر, عن سفـيان, عن أبـي إسحاق, عن عمرو بن ميـمون, عن عبد الله, مثله.
وقوله: جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بـالبَـيّناتِ يقول: جاءت هؤلاء الأمـم رسلهم الذين أرسلهم الله إلـيهم بدعائهم إلـى إخلاص العبـادة له بـالبـينات, يعنـي بـالـحجج الواضحات والدلالات البـينات الظاهرات علـى حقـيقة ما دعوهم إلـيه من معجزات.
وقوله: فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِـي أفْوَاهِهِمْ اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك, فقال بعضهم: معنى ذلك: فعضوا علـى أصابعهم تغيظا علـيهم فـي دعائهم إياهم ما دعوهم إلـيه. ذكر من قال ذلك:
15656ـ حدثنا مـحمد بن بشار ومـحمد بن الـمثنى, قالا: حدثنا عبد الرحمن, قال حدثنا سفـيان, عن أبـي إسحاق, عن أبـي الأحوص, عن عبد الله: فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فـي أفْوَاهِهِمْ قال: عضوا علـيها تغيظا.
حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا الثوريّ, عن أبـي إسحاق, عن أبـي الأحوص, عن عبد الله, فـي قوله: فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِـي أفْوَاهِهِمْ قال: غيظا هكذا. وعض يده.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو نعيـم, قال: حدثنا سفـيان, عن أبـي إسحاق, عن أبـي الأحوص, عن عبد الله: فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِـي أفْوَاهِهِمْ قال: عضوها,
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله بن رجاء البصري, قال: حدثنا إسرائيـل, عن أبـي إسحاق, عن أبـي الأحوص, عن عبد الله فـي قول الله عزّ وجلّ: فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِـي أفْوَاهِهِمْ قال: عضوا علـى أصابعهم.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا الـحمانـي, قال: حدثنا شريك, عن أبـي إسحاق, عن أبـي الأحوص, عن عبد الله: فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِـي أفْوَاهِهِمْ قال: عضوا علـى أطراف أصابعهم.
حدثنا مـحمد بن الـمثنى, قال: حدثنا مـحمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن أبـي إسحاق, عن هبـيرة عن عبد الله أنه قال فـي هذه الاَية: فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِـي أفْوَاهِهِمْ قال: أن يجعل إصبعه فـي فـيه.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا أبو قطن, قال: حدثنا شعبة, عن أبـي إسحاق, عن هبـيرة, عن عبد الله فـي قول الله عزّ وجلّ: فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِـي أفْوَاهِهِمْ ووضع شعبة أطراف أنامله الـيسرى علـى فـيه.
حدثنا الـحسن, قال: حدثنا يحيى بن عبّـاد, قال: حدثنا شعبة, قال: أخبرنا أبو إسحاق, عن هبـيرة, قال: قال عبد الله: فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِـي أفْوَاهِهِمْ قال: هكذا, وأدخـل أصابعه فـي فـيه.
حدثنا الـحسن, قال: حدثنا عفـان, قال: حدثنا شعبة, قال أبو إسحاق: أنبأنا عن هبـيرة, عن عبد الله أنه قال فـي هذه الاَية: فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِـي أفْواهِهِمْ قال أبو علـيّ: وأرانا عفـان, وأدخـل أطراف أصابع كفه مبسوطة فـي فـيه, وذكر أن شعبة أراه كذلك.
حدثنا أحمد, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا سفـيان وإسرائيـل, عن أبـي إسحاق, عن أبـي الأحوص, عن عبد الله: فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِـي أفْوَاهِهِمْ قال: عضوا علـى أناملهم. وقال سفـيان: عضوا غيضا.
15657ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فـي أفْوَاهِهِمْ فقرأ: عَضّوا عَلَـيْكُمْ الأنامِلَ مِنَ الغَيْظِ قال: ومعنى: رَدّوا أيْدِيَهُمْ فِـي أفْوَاهِهِمْ فقرأ: عَضّوا عَلَـيْكُمْ الأنامِلَ مِنَ الغَيْظِ قال: ومعنى: رَدّوا أيْدِيَهُمْ فِـي أفْوَاهِهِمْ قال: أدخـلوا أصابعهم فـي أفواههم, وقال: إذا اغتاظ الإنسان عضّ يده.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنهم لـما سمعوا كتاب الله عجبوا منه, ووضعوا أيديهم علـى أفواههم. ذكر من قال ذلك:
15658ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس: فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِـي أفْوَاهِهِمْ قال: لـما سمعوا كتاب الله عجبوا ورجعوا بأيديهم إلـى أفواههم.
وقال آخرون: بل معنى ذلك أنهم كذّبوهم بأفواههم. ذكر من قال ذلك:
15659ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد «ح» وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله: فَرَدّوا أيْدِيِهُمْ فِـي أفْوَاهِهِمْ قال: ردّوا علـيهم قولهم وكذبوهم.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا شبـابة, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, مثله.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, مثله.
الآية : 10
تأويل قولة تعالى {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللّهِ شَكّ فَاطِرِ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخّرَكُمْ إِلَىَ أَجَلٍ مّسَـمّـى قَالُوَاْ إِنْ أَنتُمْ إِلاّ بَشَرٌ مّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدّونَا عَمّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مّبِينٍ }.
يقول تعالـى ذكره: قالت رسل الأمـم التـي أتتها رسلها: أفـي الله أنه الـمستـحقّ علـيكم أيها الناس الألوهة والعبـادة دون جميع خـلقه, شكّ؟ وقوله: فـاطِرِ السّمَوَاتِ والأرْضِ يقول: خالق السموات والأرض. يَدْعُوكُمْ لِـيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ يقول: يدعوكم إلـى توحيده وطاعته. لِـيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ يقول: فـيستر علـيكم بعض ذنوبكم بـالعفو عنها, فلا يعاقبكم علـيها. وَيُؤَخّرَكُمْ يقول: وينسىء فـي آجالكم, فلا يعاقبكم فـي العاجل فـيهلككم, ولكن يؤخركم إلـى الوقت الذي كتب فـي أمّ الكتاب أنه يقبضكم فـيه, وهو الأجل الذي سمى لكم. فقالت الأمـم لهم: إنْ أنْتُـمْ أيها القوم إلاّ بَشَرٌ مِثْلُنا فـي الصورة والهيئة, ولستـم ملائكة, وإنـما تريدون بقولكم هذا الذي تقولون لنا أنْ تَصُدُونا عَمّا كانَ يَعْبُدُ آبـاؤُنا يقول: إنـما تريدون أن تصرفونا بقولك4ع0عبـادة ما ك.4يذبده من الأو5ن آبـاؤنا: فَأَتُونا بسُلْطانٍ مُبِـينٍ يقول: فأتو.ا بح. ذءى ما تقولون تبـين لنا حقـيقته ثصحته, فنعلـم أنكم فـيـما تقولون مـحقّون
257
255
الآية : 6
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَىَ لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ وَيُذَبّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلآءٌ مّن رّبّكُمْ عَظِيمٌ }.
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: واذكر يا مـحمد إذ قال موسى بن عمران لقومه من بنـي إسرائيـل: اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَـيْكُمْ التـي أنعم بها علـيكم إذْ أنـجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يقول: حين أنـجاكم من أهل دين فرعون وطاعته. يَسُومُونَكُمْ سُوءَ العَذَابِ: أي يذيقونكم شديد العذاب. ويُذَبّحُونَ أبْناءَكُمْ وأدخـلت الواو فـي هذا الـموضع لأنه أريد بقوله: وَيُذَبّحُونَ أبْناءَكُمْ الـخبر عن أنّ آل فرعون كانوا يعذّبون بنـي إسرائيـل بأنواع من العذاب غير التذبـيح وبـالتذبـيح. وأما فـي موضع آخر من القرآن, فآنه جاء بغير الواو: يَسُومُونُكُمْ سُوءَ العَذَابِ يُذَبّحُونَ أبْناءَكُمْ فـي موضع وفـي موضع: يُقَتّلُونَ أبْناءَكُمْ, ولـم تدخـل الواو فـي الـمواضع التـي لـم تدخـل فـيها لأنه أريد بقوله: يُذَبّحُونَ وبقوله: يُقَتلُونَ تبـيـينه صفـات العذاب الذي كانوا يسومونهم, وكذلك العمل فـي كل جملة أريد تفصيـلها فبغير الواو تفصيـلها, وإذا أريد العطف علـيها بغيرها وغير تفصيـلها فـالواو.
15647ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله بن الزبـير, عن ابن عيـينة, فـي قوله: وَإذْ قالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَـيْكُمْ: أيادي الله عندكم وأيامه.
وقوله: وَيَسْتَـحْيُونَ نِساءَكُمْ يقول: ويبقون نساءكم فـيتركون قتلهنّ وذلك استـحياؤهم كان إياهنّ. وقد بـيّنا ذلك فـيـما مضى بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع, ومعناه: يتركونهم, والـحياة: هي الترك. ومنه الـخبر الذي رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اقْتُلُوا شُيُوخَ الـمُشْرِكِينَ وَاسْتَـحْيُوا شَرْخَهُمْ» بـمعنى: استبقوهم فلا تقتلوهم. وفِـي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبّكُمْ عَظِيـمٌ يقول تعالـى: وفـيـما يصنع بكم آل فرعون من أنواع العذاب بلاء لكم من ربكم عظيـم: أي ابتلاء واختبـار لكم من ربكم عظيـم. وقد يكون البلاء فـي هذا الـموضع نعماء, وقد يكون معناه: من البلاء الذي قد يصيب الناس فـي الشدائد وغيرها.
الآية : 7
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَإِذْ تَأَذّنَ رَبّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأزِيدَنّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }.
يقول جلّ ثناؤه: واذكروا أيضا حين آذنكم ربكم. وتأذّن: تفعّل من أذن, والعرب ربـما وضعت «تفعّل» موضع «أفعل», كما قالوا: أوعدته وتوعدته بـمعنى واحد, وآذن: أعلـم, كما قال الـحارث بن حِلّزة:
آذَنَتْنا بِبَـيْنِها أسمْاءُرُبّ ثاوٍ يُـمَلّ مِنْهُ الثّوَاءُ
يعنـي بقوله: آذنتنا: أعلـمتنا.
وذُكر عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرأ وَإذْ تَأذّنَ رَبّكُمْ «وإذ قال ربكم».
15648ـ حدثنـي بذلك الـحارث, قال: ثنـي عبد العزيز, قال: حدثنا سفـيان, عن الأعمش عنه حدثنـي يونس قال: أخبرنا ابن وبه, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: وَإذْ تَأذّنَ رَبّكُمْ: وإذ قال ربكم ذلك التأذّن.
وقوله: لَئِنْ شَكَرْتُـمْ لأَزِيدَنّكُمْ يقول: لئن شكرتـم ربكم بطاعتكم إياه فـيـما أمركم ونهاكم لأزيدنكم فـي أياديه عندكم ونعمه علـيكم علـى ما قد أعطاكم من النـجاة من آل فرعون والـخلاص من عذابهم. وقـيـل فـي ذلك قول غيره, وهو ما:
15649ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا الـحسن بن الـحسن, قال: أخبرنا ابن الـمبـارك, قال: سمعت علـيّ بن صالـح, يقول فـي قول الله عزّ وجلّ: لَئِنْ شَكَرْتُـمْ لأَزِيدَنّكم قال: أي من طاعتـي.
حدثنا الـمثنى, قال: حدثنا يزيد, قال: أخبرنا ابن الـمبـارك قال: سمعت علـيّ بن صالـح, فذكر نـحوه.
15650ـ حدثنـي أحمد بن إسحاق, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا سفـيان: لئنْ شَكَرْتُـمْ لأَزِيدَنّكُمْ قال: من طاعتـي.
15651ـ حدثنـي الـحارث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا مالك بن مغول, عن أبـان بن أبـي عياش, عن الـحسن, فـي قوله: لَئِنْ شَكَرْتُـمْ لأَزيدَنّكُمْ قال: من طاعتـي.
ولا وجه لهذا القول يفهم, لأنه لـم يجر للطاعة فـي هذا الـموضع ذكر, فـيقال: إن شكرتـمونـي علـيها زدتكم منها, وإنـما جرى ذكر الـخبر عن إنعام الله علـى قوم موسى بقوله: وَإذْ قالَ مُوسَى لقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَـيْكُمْ ثم أخبرهم أن الله أعلـمهم إن شكروه علـى هذه النعمة زادهم, فـالواجب فـي الـمفهوم أن يكون معنى الكلام: زادهم من نعمه, لا مـما لـم يجر له ذكر من الطاعة, إلا أن يكون أريد به: لئن شكرتـم فأطعتـمونـي بـالشكر لأزيدنكم من أسبـاب الشكر ما يعينكم علـيه, فـيكون ذلك وجها.
وقوله: وَلَئِنْ كَفَرْتُـمْ إنّ عَذَابِـي لَشَدِيدٌ يقول: ولئن كفرتـم أيها القوم نعمة الله, فجحدتـموها, بترك شكره علـيها, وخلافه فـي أمره ونهيه وركوبكم معاصيَه إنّ عَذَابِـي لَشَدِيدٌ: أعذّبكم كما أعذّب من كفر بـي من خـلقـي. وكان بعض البصريـين يقول فـي معنى قوله: وَإذْ تَأذّنَ رَبّكُمْ وتأذّن ربكم. ويقول: «إذ» من حروف الزوائد. وقد دللنا علـى فساد ذلك فـيـما مضى قبل.
الآية : 8
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَقَالَ مُوسَىَ إِن تَكْفُرُوَاْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأرْضِ جَمِيعاً فَإِنّ اللّهَ لَغَنِيّ حَمِيدٌ }.
يقول تعالـى ذكره: وَقالَ مُوسَى لقومه: إنْ تَكْفُرُوا أيها القوم, فتـجحدوا نعمة الله التـي أنعمها علـيكم أنتـم, ويفعل فـي ذلك مثل فعلكم مَنْ فِـي الأرْضِ جَمِيعا فإنّ اللّهَ لَغَنِـيّ عنكم وعنهم من جميع خـلقه, لا حاجة به إلـى شكركم إياه علـى نعمه عند جميعكم, حَمِيدٌ ذو حمد إلـى خـلقه بـما أنعم به علـيهم. كما:
15652ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله بن هاشم, قال: أخبرنا سيف, عن أبـي رَوق عن أبـي أيوب, عن علـيّ: فإنّ اللّهَ لَغَنِـيّ قال: غنـيّ عن خـلقه, حَمِيدٌ قال: مستـحمِد إلـيهم.
الآية : 9
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاّ اللّهُ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيّنَاتِ فَرَدّوَاْ أَيْدِيَهُمْ فِيَ أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوَاْ إِنّا كَفَرْنَا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنّا لَفِي شَكّ مّمّا تَدْعُونَنَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ }.
يقول تعالـى ذكره مخبرا عن قـيـل موسى لقومه: يا قوم ألَـمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ يقول: خبر الذين من قبلكم من الأمـم التـي مضت قبلكم, قَوْمِ نُوحِ وعادٍ وَثُمودَ وقوم عاد فبـين بهم عن «الذين», وعاد معطوف بها علـى قوم نوح. وَالّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ يعنـي: من بعد قوم نوح وعاد وثمود. لا يَعْلَـمُهُمْ إلاّ اللّهُ يقول: لا يحصي عددهم ولا يعلـم مبلغهم إلا الله. كما:
15653ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا سفـيان, عن أبـي إسحاق, عن عمرو بن ابن ميـمون: وَعادٍ وَثمُودَ وَالّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَـمُهُمْ إلاّ اللّهُ قال: كذب النسابون.
15654ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا إسرائيـل, عن أبـي إسحاق, عن عمرو بن ميـمون, عن عبد الله بن مسعود بـمثل ذلك.
15655ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا شبـابة, قال: أخبرنا إسرائيـل, عن أبـي إسحاق, عن عمرو بن ميـمون, قال: حدثنا ابن مسعود, أنه كان يقرؤها: «وعادا وثَمُودَ وَالّذِينَ مِنْ بَعْدَهِمْ لا يَعْلَـمُهُم إلاّ اللّهُ» ثم يقول: كذب النسابون.
حدثنـي ابن الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عيسى بن جعفر, عن سفـيان, عن أبـي إسحاق, عن عمرو بن ميـمون, عن عبد الله, مثله.
وقوله: جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بـالبَـيّناتِ يقول: جاءت هؤلاء الأمـم رسلهم الذين أرسلهم الله إلـيهم بدعائهم إلـى إخلاص العبـادة له بـالبـينات, يعنـي بـالـحجج الواضحات والدلالات البـينات الظاهرات علـى حقـيقة ما دعوهم إلـيه من معجزات.
وقوله: فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِـي أفْوَاهِهِمْ اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك, فقال بعضهم: معنى ذلك: فعضوا علـى أصابعهم تغيظا علـيهم فـي دعائهم إياهم ما دعوهم إلـيه. ذكر من قال ذلك:
15656ـ حدثنا مـحمد بن بشار ومـحمد بن الـمثنى, قالا: حدثنا عبد الرحمن, قال حدثنا سفـيان, عن أبـي إسحاق, عن أبـي الأحوص, عن عبد الله: فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فـي أفْوَاهِهِمْ قال: عضوا علـيها تغيظا.
حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا الثوريّ, عن أبـي إسحاق, عن أبـي الأحوص, عن عبد الله, فـي قوله: فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِـي أفْوَاهِهِمْ قال: غيظا هكذا. وعض يده.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو نعيـم, قال: حدثنا سفـيان, عن أبـي إسحاق, عن أبـي الأحوص, عن عبد الله: فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِـي أفْوَاهِهِمْ قال: عضوها,
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله بن رجاء البصري, قال: حدثنا إسرائيـل, عن أبـي إسحاق, عن أبـي الأحوص, عن عبد الله فـي قول الله عزّ وجلّ: فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِـي أفْوَاهِهِمْ قال: عضوا علـى أصابعهم.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا الـحمانـي, قال: حدثنا شريك, عن أبـي إسحاق, عن أبـي الأحوص, عن عبد الله: فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِـي أفْوَاهِهِمْ قال: عضوا علـى أطراف أصابعهم.
حدثنا مـحمد بن الـمثنى, قال: حدثنا مـحمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن أبـي إسحاق, عن هبـيرة عن عبد الله أنه قال فـي هذه الاَية: فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِـي أفْوَاهِهِمْ قال: أن يجعل إصبعه فـي فـيه.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا أبو قطن, قال: حدثنا شعبة, عن أبـي إسحاق, عن هبـيرة, عن عبد الله فـي قول الله عزّ وجلّ: فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِـي أفْوَاهِهِمْ ووضع شعبة أطراف أنامله الـيسرى علـى فـيه.
حدثنا الـحسن, قال: حدثنا يحيى بن عبّـاد, قال: حدثنا شعبة, قال: أخبرنا أبو إسحاق, عن هبـيرة, قال: قال عبد الله: فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِـي أفْوَاهِهِمْ قال: هكذا, وأدخـل أصابعه فـي فـيه.
حدثنا الـحسن, قال: حدثنا عفـان, قال: حدثنا شعبة, قال أبو إسحاق: أنبأنا عن هبـيرة, عن عبد الله أنه قال فـي هذه الاَية: فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِـي أفْواهِهِمْ قال أبو علـيّ: وأرانا عفـان, وأدخـل أطراف أصابع كفه مبسوطة فـي فـيه, وذكر أن شعبة أراه كذلك.
حدثنا أحمد, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا سفـيان وإسرائيـل, عن أبـي إسحاق, عن أبـي الأحوص, عن عبد الله: فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِـي أفْوَاهِهِمْ قال: عضوا علـى أناملهم. وقال سفـيان: عضوا غيضا.
15657ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فـي أفْوَاهِهِمْ فقرأ: عَضّوا عَلَـيْكُمْ الأنامِلَ مِنَ الغَيْظِ قال: ومعنى: رَدّوا أيْدِيَهُمْ فِـي أفْوَاهِهِمْ فقرأ: عَضّوا عَلَـيْكُمْ الأنامِلَ مِنَ الغَيْظِ قال: ومعنى: رَدّوا أيْدِيَهُمْ فِـي أفْوَاهِهِمْ قال: أدخـلوا أصابعهم فـي أفواههم, وقال: إذا اغتاظ الإنسان عضّ يده.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنهم لـما سمعوا كتاب الله عجبوا منه, ووضعوا أيديهم علـى أفواههم. ذكر من قال ذلك:
15658ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس: فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِـي أفْوَاهِهِمْ قال: لـما سمعوا كتاب الله عجبوا ورجعوا بأيديهم إلـى أفواههم.
وقال آخرون: بل معنى ذلك أنهم كذّبوهم بأفواههم. ذكر من قال ذلك:
15659ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد «ح» وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله: فَرَدّوا أيْدِيِهُمْ فِـي أفْوَاهِهِمْ قال: ردّوا علـيهم قولهم وكذبوهم.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا شبـابة, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, مثله.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, مثله.
الآية : 10
تأويل قولة تعالى {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللّهِ شَكّ فَاطِرِ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخّرَكُمْ إِلَىَ أَجَلٍ مّسَـمّـى قَالُوَاْ إِنْ أَنتُمْ إِلاّ بَشَرٌ مّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدّونَا عَمّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مّبِينٍ }.
يقول تعالـى ذكره: قالت رسل الأمـم التـي أتتها رسلها: أفـي الله أنه الـمستـحقّ علـيكم أيها الناس الألوهة والعبـادة دون جميع خـلقه, شكّ؟ وقوله: فـاطِرِ السّمَوَاتِ والأرْضِ يقول: خالق السموات والأرض. يَدْعُوكُمْ لِـيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ يقول: يدعوكم إلـى توحيده وطاعته. لِـيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ يقول: فـيستر علـيكم بعض ذنوبكم بـالعفو عنها, فلا يعاقبكم علـيها. وَيُؤَخّرَكُمْ يقول: وينسىء فـي آجالكم, فلا يعاقبكم فـي العاجل فـيهلككم, ولكن يؤخركم إلـى الوقت الذي كتب فـي أمّ الكتاب أنه يقبضكم فـيه, وهو الأجل الذي سمى لكم. فقالت الأمـم لهم: إنْ أنْتُـمْ أيها القوم إلاّ بَشَرٌ مِثْلُنا فـي الصورة والهيئة, ولستـم ملائكة, وإنـما تريدون بقولكم هذا الذي تقولون لنا أنْ تَصُدُونا عَمّا كانَ يَعْبُدُ آبـاؤُنا يقول: إنـما تريدون أن تصرفونا بقولك4ع0عبـادة ما ك.4يذبده من الأو5ن آبـاؤنا: فَأَتُونا بسُلْطانٍ مُبِـينٍ يقول: فأتو.ا بح. ذءى ما تقولون تبـين لنا حقـيقته ثصحته, فنعلـم أنكم فـيـما تقولون مـحقّون
الصفحة رقم 256 من المصحف تحميل و استماع mp3