تفسير الطبري تفسير الصفحة 292 من المصحف

 تفسير الطبري - صفحة القرآن رقم 292
293
291
 الآية : 97
القول فـي تأويـل قوله تعالـى {وَمَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَىَ وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مّأْوَاهُمْ جَهَنّمُ كُلّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً }.
يقول تعالـى ذكره: ومن يهد الله يا مـحمد للإيـمان به، ولتصديقك وتصديق ما جئت به من عند ربك، فوفّقه لذلك، فهو الـمهتد الرشيد الـمصيب الـحقّ، لا من هداه غيره، فإن الهداية بـيده. ومن يضلل يقول: ومن يضلله الله عن الـحقّ، فـيخذله عن إصابته، ولـم يوفّقه للإيـمان بـالله وتصديق رسوله، فلن تـجد لهم يا مـحمد أولـياء ينصرونهم من دون الله، إذا أراد الله عقوبتهم والاستنقاذ منهم. ونَـحْشُرُهُمْ يَوْمَ القِـيامَةِ عَلـى وُجُوهِهِمْ يقول: ونـجمعهم بـموقـف القـيامة من بعد تفرّقهم فـي القبور عند قـيام الساعة علـى وجوههم عُمْيا وَبُكْما وهو جمع أبكم، ويعنـي بـالبُكْم: الـخُرْس، كما:
17142ـ حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، فـي قوله: وَبُكْما قال: الـخرس وَصُمّا وهو جمع أصمّ.
فإن قال قائل: وكيف وصف الله هؤلاء بأنهم يحشرون عميا وبكما وصما، وقد قال ورأى الـمُـجْرِمون النّارَ فَظَنّوا أنّهُمْ مُوَاقِعُوها فأخبر أنهم يرون، وقال: إذَا رأتْهُمْ مِنْ مكانٍ بَعيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيّظا وزَفِـيرا وإذَا أُلْقُوا مِنْها مَكانا ضَيّقا مُقَرّنِـينَ دَعَوْا هُنالكَ ثُبُورا فأخبر أنهم يسمعون وينطقون؟ قـيـل: جائز أن يكون ما وصفهم الله به من العَمي والبكم والصمـم يكون صفتهم فـي حال حشرهم إلـى موقـف القـيامة، ثم يجعل لهم أسماع وأبصار ومنطق فـي أحوال أُخر غير حال الـحشر، ويجوز أن يكون ذلك، كما روي عن ابن عبـاس فـي الـخبر الذي:
17143ـ حدثنـيه علـيّ بن داود، قال: حدثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله ونَـحْشُرُهُمْ يَوْمَ القِـيامَةِ عَلـى وُجُوهِهِمْ عمْيا وَبْكْما وصُمّا ثم قال: ورأى الـمُـجْرِمُونَ النّارَ فَظَنّوا وقال: سَمِعُوا لَهَا تَغَيّظا وَزَفِـيرا وقال دَعَوْا هُنالكَ ثُبُورا. أما قوله: عُمْيا فلا يرون شيئا يسرّهم. وقوله: بُكْما لا ينطقون بحجة. وقوله: صُمّا لا يسمعون شيئا يسرّهم. وقوله: مَأْوَاهُمْ جَهَنّـمُ يقول جلّ ثناؤه: ومصيرهم إلـى جهنـم، وفـيها مساكنهم، وهم وَقُودها، كما:
17144ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: مَأءْوَاهُمْ جَهَنّـمُ يعنـي إنهم وقودها.
وقوله: كُلّـما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيرا يعنـي بقوله خبت: لانت وسكنت، كما قال عديّ بن زيد العبـادي فـي وصف مزنة:
وَسْطُهُ كالْـيَرَاعِ أوْ سُرُجِ الـمِـجْدَلِحِينا يَخْبُو وحِينا يُنِـيرُ
يعنـي بقوله: يخبو السرج: أنها تلـين وتضعف أحيانا، وتقوى وتنـير أخرى، ومنه قول القطامي:
فَـيَخْبو ساعَةً ويَهُبّ ساعا
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل علـى اختلاف منهم فـي العبـارة عن تأويـله. ذكر من قال ذلك:
17145ـ حدثنـي علـيّ بن داود، قال: حدثنا عبد الله، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، فـي قوله: كُلّـما خَبَتْ قال: سكنت.
17146ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، كُلّـما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيرا يقول: كلـما أحرقتهم تسعر بهم حطبـا، فإذا أحرقتهم فلـم تبق منهم شيئا صارت جمرا تتوهّج، فذلك خُبُوّها، فإذا بدّلوا خـلقا جديدا عاودتهم.
17147ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن مـجاهد حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد مثله.
حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عبـاس كُلّـما خَبَتْ قال: خبوّها أنها تَسَعّر بهم حطبـا، فإذا أحرقتهم، فلـم يبق منهم شيء صارت جمرا تتوهج، فإذا بُدّلوا خـلقا جديدا عاودتهم.
17148ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: كُلّـما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيرا يقول: كلـما احترقت جلودهم بُدّلوا جلودا غيرها، لـيذوقوا العذاب.
حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، فـي قوله: كُلّـما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيرا قال: كلـما لان منها شيء.
17149ـ حُدثت عن مروان، عن جويبر، عن الضحاك كُلّـما خَبَتْ قال: سكنت. وقوله: زِدْناهُمْ سَعيرا يقول: زدنا هؤلاء الكفـار سعيرا، وذلك إسعار النار علـيهم والتهابها فـيهم وتأججها بعد خبوّها، فـي أجسامهم.
الآية : 98
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {ذَلِكَ جَزَآؤُهُم بِأَنّهُمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا وَقَالُواْ أَإِذَا كُنّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً }.
يقول تعالـى ذكره: هذا الذي وصفنا من فعلنا يوم القـيامة بهؤلاء الـمشركين، ما ذكرت أن نفعل بهم من حشرهم علـى وجوههم عميا وبكما وصما، وإصلائنا إياهم النار علـى ما بـيّنا من حالتهم فـيها ثوابَهم بكفرهم فـي الدنـيا بآياتنا، يعنـي بأدلته وحججه، وهم رسله الذين دعوهم إلـى عبـادته، وإفرادهم إياه بـالألوهة دون الأوثان والأصنام، وبقولهم إذا أُمروا بـالإيـمان بـالـميعاد، وبثواب الله وعقابه فـي الاَخرة أئِذَا كُنّا عِظاما بـالـية وَرُفـاتا قد صرنا ترابـا أئِنّا لَـمَبْعُوثُونَ خَـلْقا جَدِيدا يقولون: نُبعث بعد ذلك خـلقا جديدا كما ابتدأناه أوّل مرّة فـي الدنـيا استنكارا منهم لذلك، واستعظاما وتعجبـا من أن يكون ذلك.
الآية : 99
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنّ اللّهَ الّذِي خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ قَادِرٌ عَلَىَ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاّ رَيْبَ فِيهِ فَأَبَىَ الظّالِمُونَ إَلاّ كُفُوراً }.
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: أو لـم ينظر هؤلاء القائلون من الـمشركين أئِذَا كُنّا عِظاما وَرُفـاتا أئِنّا لَـمَبْعُوثُونَ خَـلْقا جَدِيدا بعيون قلوبهم، فـيعلـمون أن الله الذي خـلق السموات والأرض، فـابتدعها من غير شيء، وأقامها بقُدرته، قادر بتلك القُدرة علـى أن يخـلق مثلهم أشكالهم، وأمثالهم من الـخـلق بعد فنائهم، وقبل ذلك، وأن من قدر علـى ذلك فلا يـمتنع علـيه إعادتهم خـلقا جديدا، بعد أن يصيروا عظاما ورُفـاتا. وقوله وَجَعَلَ لَهُمْ أجَلاً لا رَيْبَ فِـيهِ يقول تعالـى ذكره: وجعل الله لهؤلاء الـمشركين أجلاً لهلاكهم، ووقتا لعذابهم لا ريب فـيه. يقول: لا شك فـيه أنه آتـيهم ذلك الأجل. فَأَبَى الظّالِـمُونَ إلاّ كُفُورا يقول: فأبى الكافرون إلا جحودا بحقـيقة وعيده الذي أوعدهم وتكذيبـا به.

الآية : 100
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قُل لّوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبّي إِذاً لأمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنْفَاقِ وَكَانَ الإنْسَانُ قَتُوراً }.
يقول تعالـى ذكره لنبـيه: قل يا مـحمد لهؤلاء الـمشركين: لو أنتـم أيها الناس تـملكون خزائن أملاك ربـي من الأموال، وعنى بـالرحمة فـي هذا الـموضع: الـمال إذًا لأَمْسَكْتُـمْ خَشْيَةَ الإنْفـاقِ يقول: إذن لبَخِـلْتُـمْ بِهِ، فَلـم تـجودوا بها علـى غيركم، خشية من الإنفـاق والإقتار، كما:
17150ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عبـاس: إذًا لأَمْسَكْتُـمْ خَشْيَةَ الإنْفـاقِ قال: الفقر.
17151ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة خَشْيَةَ الإنْفـاقِ أي خشية الفـاقة.
حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله.
وقوله: وكانَ الإنْسانُ قَتُورا يقول: وكان الإنسان بخيلاً مـمسكا، كما:
17152ـ حدثنـي علـيّ، قال: حدثنا عبد الله، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، فـي قوله: وكاَن الإنْسانُ قَتُورا يقول: بخيلاً.
حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عبـاس، فـي قوله: وكانَ الإنْسانُ قَتُورا قال: بخيلاً.
17153ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة وكانَ الإنْسانُ قَتُورا قال: بخيلاً مـمكسا.
وفـي القتور فـي كلام العرب لغات أربع، يقال: قَتَر فلان يَقْتُرُ ويَقْتِر، وقتّر يُقَتّر، وأقتر يُقْتِر، ما قال أبو دُواد:
لا أعُدّ الإقْتارَ عُدْما وَلَكِن ْفَقْدُ مَنْ قد رُزِيْتُهُ الإعْدَامُ

الآية : 101
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىَ تِسْعَ آيَاتٍ بَيّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَآءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَونُ إِنّي لأظُنّكَ يَمُوسَىَ مَسْحُوراً }.
يقول تعالـى ذكره: ولقد آتـينا موسى بن عمران تسع آيات بـيّنات تُبـين لـمن رآها أنها حجج لـموسى شاهدة علـى صدقه وحقـيقة نبوّته.
وقد اختلف أهل التأويـل فـيهنّ وما هنّ. فقال بعضهم فـي ذلك ما:
17154ـ حدثنـي به مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: وَلَقَدْ آتَـيْنا مُوسَى تِسْعَ آياتٍ بَـيّناتٍ قال: التسع الاَيات البـينات: يده، وعصاه، ولسانه، والبحر، والطوفـان، والـجراد، والقمل، والضفـادع، والدم آيات مفصلات.
17155ـ حُدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: وَلَقَدْ آتَـيْنا مُوسَى تِسْعَ آياتٍ بَـيّناتٍ إلقاء العصا مرّتـين عند فرعون، ونزع يده، والعقدة التـي كانت بلسانه، وخمس آيات فـي الأعراف: الطوفـان، والـجراد، والقمل، والضفـادع، والدم.
وقال آخرون: نـحوا من هذا القول، غير أنهم جعلوا آيتـين منهنّ: إحداهما الطمسة، والأخرى الـحجر. ذكر من قال ذلك:
17156ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، عن برياة بن سفـيان، عن مـحمد بن كعب القرظي، قال: سألنـي عمر بن عبد العزيز، عن قوله: وَلَقَدْ آتَـيْنا مُوسَى تِسْعَ آياتٍ بَـيّناتٍ فقلت له: هي الطوفـان والـجراد، والقمل، والضفـادع، والدم، والبحر، وعصاه، والطمسة، والـحجر، فقال: وما الطمسة؟ فقلت: دعا موسى وأمّن هارون، فقال: قد أجيبت دعوتكما، وقال عمر: كيف يكون الفقه إلا هكذا. فدعا عمر بن عبد العزيز بخريطة كانت لعبد العزيز بن مروان أصيبت بـمصر، فإذا فـيها الـجوزة والبـيضة والعدسة ما تنكر، مسخت حجارة كانت من أموال فرعون أصيبت بـمصر.
وقال آخرون: نـحوا من ذلك إلا أنهم جعلوا اثنتـين منهنّ: إحداهما السنـين، والأخرى النقص من الثمرات. ذكر من قال ذلك:
17157ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيى بن واضح، قال: حدثنا الـحسين بن واقد، عن يزيد النـحوي، عن عكرمة ومطر الورّاق، فـي قوله: تِسْعَ آياتٍ قالا: الطوفـان، والـجراد، والقمل، والضفـادع، والدم، والعصا، والـيد، والسنون، ونقص من الثمرات.
17158ـ حدثنـي يعقوب، قال: حدثنا هشيـم، عن مغيرة، عن الشعبـي، فـي قوله: تِسْع آياتٍ بَـيّناتٍ قال: الطوفـان، والـجراد، والقمل، والضفـادع، والدم، والسنـين، ونقص من الثمرات، وعصاه، ويده.
17159ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: سُئل عطاء بن أبـي ربـاح عن قوله: وَلَقَدْ آتَـيْنا مُوسَى تِسْعَ آياتٍ بَـيّناتً ما هي؟ قال: الطوفـان، والـجراد، والقمل، والضفـادع، والدم، وعصى موسى، ويده.
17160ـ قال: ابن جريج: وقال مـجاهد مثل قول عطاء، وزاد: أخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بـالسّنِـينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثّمَرَاتِ قال: هما التاسعتان، ويقولون: التاسعتان: السنـين، وذهاب عجمة لسان موسى.
17161ـ حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، عن ابن عبـاس، فـي قوله: تِسْعَ آياتٍ بَـيّناتٍ وهي متتابعات، وهي فـي سورة الأعراف وَلَقَدْ أخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بـالسّنِـينَ وَنِقْصٍ مِنَ الثّمَرَاتِ قال: السنـين فـي أهل البوادي، ونقص من الثمرات لأهل القُرى، فهاتان آيتان، والطوافـان، والـجراد، والقمل، والضفـادع، والدم، هذه خمس، ويد موسى إذ أخرجها بـيضاء للناظرين من غير سوء: البرص، وعصاه إذ ألقاها، فإذا هي ثعبـان مبـين.
حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن ابن عبـاس، قوله: وَلَقَدْ آتَـيْنا مُوسَى تِسْعَ آياتٍ بَـيّناتٍ قال: يد موسى، وعصاه، والطوفـان، والـجراد، والقمل، والضفـادع، والدم والسنـين، ونقص من الثمرات.
وقال آخرون نـحوا من ذلك إلا أنهم جعلوا السنـين، والنقص من الثمرات آية واحدة، وجعلوا التاسعة: تلقـف العصا ما يأفكون. ذكر من قال ذلك:
17162ـ حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، قال: قال الـحسن، فـي قوله: تِسْعَ آياتٍ بَـيّناتٍ، وَلَقَدْ أخْذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بـالسّنِـينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثّمَرَاتِ قال: هذه آية واحدة، والطوفـان، والـجراد، والقمل، والضفـادع، والدم، ويد موسى، وعصاه إذ ألقاها فإذا هي ثعبـان مبـين، وإذ ألقاها فإذا هي تلقـف ما يأفكون. وقال آخرون فـي ذلك ما:
17163ـ حدثنـي مـحمد بن الـمثنى، قال: ثنـي مـحمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرّة، قال: سمعت عبد الله بن سلـمة يحدّث عن صفوان بن عسال، قال: قال يهوديّ لصاحبه: اذهب بنا إلـى النبـيّ حتـى نسأله عن هذه الاَية. ولَقَدْ آتَـيْنا مُوسَى تِسْعَ آياتٍ بَـيّناتٍ قال: لا تقل له نبـيّ، فإنه إن سمعك صارت له أربعة أعين، قال: فسألا، فقال النبـيّ صلى الله عليه وسلم: «لا تُشْركُوا بـالله شَيْئا، وَلا تَسْرقُوا، وَلا تَزْنُوا، وَلا تَقْتُلُوا النّفْسَ التـي حَرّمَ اللّهُ إلاّ بـالـحَقّ، وَلا تَسْحَرُوا، وَلا تَأْكُلُوا الرّبـا، وَلا تَـمْشُوا بَبريءٍ إلـى ذي سُلْطانٍ لِـيَقْتُلَهُ، وَلا تَقْذِفُوا مُـحْصَنَةً، أو قال: لا تَفرّوا مِنَ الزّحْف» شعبة الشاكّ «وأنْتُـمْ يا يَهُودُ عَلَـيْكُمْ خاصّةً لا تَعْدُوا فـي السّبْت» فقبّلا يده ورجله، وقالا: نشهد أنك نبـيّ، قال: «فما يـمنعكما أن تسلـما؟» قالا: إن داود دعا أن لا يزال من ذرّيته نبـيّ، وإنا نـخشى أن تقتلنا يهود.
حدثنا ابن الـمثنى، قال: حدثنا سهل بن يوسف وأبو داود وعبد الرحمن بن مهدي، عن سعيد، عن عمرو، قال: سمعت عبد الله بن سلـمة يحدّث عن صفوان بن عسال الـمرادي، عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم بنـحوه، إلا أن ابن مهديّ قال: «لا تَـمْشُوا إلـى ذي سُلْطانٍ» وقال ابن مهدي: أراه قال: «ببريء».
حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عبد الله بن إدريس وأبو أسامة بنـحوه، عن شعبة بن الـحجاج، عن عمرو بن مرّة، عن عبد الله بن سلـمة، عن صفوان بن عسال، قال: قال يهودي لصاحبه: اذهب بنا إلـى هذا النبـيّ، فقال صاحبه: لا تقل نبـيّ، إنه لو سمعك كان له أربع أعين، قال: فأتـيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يسألانه عن تسع آيات بـينات، فقال: «هنّ: وَلا تُشْرِكُوا بـاللّهِ شَيْئا، وَلا تَسْرِقُوا، وَلا تَزْنُوا، وَلا تَقْتُلُوا النّفْسَ التـي حَرّمَ اللّهُ إلاّ بـالـحَقّ، وَلا تَـمْشُوا بِبَرِيءٍ إلـى ذِي سُلْطانٍ لِـيَقْتُلَهُ، وَلا تَسْحَرُوا، وَلا تَأْكُلُوا الرّبـا، وَلا تَقْذِفُوا الـمُـحْصَنَةَ، وَلا تَوَلّوْا يَوْمَ الزّحْفِ وَعَلَـيْكُمْ خاصَةً يَهُودُ: أنْ لا تَعْدُوا فـي السّبْتِ» قال: فقبّلوا يديه ورجلـيه، وقالوا: نشهد أنك نبـيّ، قال: «فَمَا يَـمْنَعُكُمْ أنْ تَتّبِعُونِـي؟» قالوا: إن داود دعا أن لا يزال من ذرّيته نبـيّ، وإنا نـخاف إن اتبعناك أن تقتلنا يهود.
حدثنا مـجاهد بن موسى، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا شعبة بن الـحجاج، عن عمرو بن مرّة، عن عبد الله بن سلـمة، عن صفوان بن عسّال، عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم بنـحوه.
وأما قوله: فـاسأَلْ بَنِـي إسْرَائيـلَ إذْ جاءَهُمْ فإن عامّة قرّاء الإسلام علـى قراءته علـى وجه الأمر بـمعنى: فـاسأل يا مـحمد بنـي إسرائيـل إذ جاءهم موسى ورُوي عن الـحسن البصري فـي تأويـله ما:
17164ـ حدثنـي به الـحارث، قال: حدثنا القاسم، قال: حدثنا حجاج، عن هارون، عن إسماعيـل، عن الـحسن فأسأَلْ بَنِـي إسْرَائِيـلَ قال: سؤالك إياهم: نظرك فـي القرآن.
ورُوي عن ابن عبـاس أنه كان يقرأ ذلك: «فَسَأَلَ» بـمعنى: فسأل موسى فرعون بنـي إسرائيـل أن يرسلهم معه علـى وجه الـخبر. ذكر من قال ذلك:
17165ـ حدثنا أحمد بن يوسف، قال: حدثنا القاسم، قال: حدثنا حجاج، عن هارون، عن حنظلة السّدوسيّ، عن شهر بن حوشب، عن ابن عبـاس، أنه قرأ: «فَسأَلَ بَنِـي إسْرَائِيـلَ إذْ جاءَهُمْ» يعنـي أن موسى سأل فرعونَ بنـي إسرائيـل أن يرسلهم معه.
والقراءة التـي لا أستـجيز أن يُقرأ بغيرها، هي القراءة التـي علـيها قرّاء الأمصار، لإجماع الـحجة من القرّاء علـى تصويبها، ورغبتهم عما خالفهم.
وقوله: فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنَ إنّـي لأَطُنّكَ يا مُوسَى مَسْحُورا يقول: فقال لـموسى فرعونُ: إنـي لأظنك يا موسى تتعاطى علـم السحر، فهذه العجائب التـي تفعلها من سحرك وقد يجوز أن يكون مرادا به إنـي لأظنك يا موسى ساحرا، فوُضِع مفعول موضع فـاعل، كما قـيـل: إنك مشؤوم علـينا وميـمون، وإنـما هو شائم ويامن. وقد تأوّل بعضهم حجابـا مستورا، بـمعنى: حجابـا ساترا، والعرب قد تـخرج فـاعلاً بلفظ مفعول كثـيرا.
الآية : 102
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَآ أَنزَلَ هَـَؤُلآءِ إِلاّ رَبّ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ بَصَآئِرَ وَإِنّي لأظُنّكَ يَفِرْعَونُ مَثْبُوراً }.
اختلفت القرّاء فـي قراءة قوله لَقَدْ عَلِـمْتَ فقرأ عامة قرّاء الأمصار ذلك لَقَدْ عَلِـمْتَ بفتـح التاء، علـى وجه الـخطاب من موسى لفرعون. ورُوي عن علـيّ بن أبـي طالب رضوان الله علـيه فـي ذلك، أنه قرأ: «لَقَدْ عَلِـمْتُ» بضمّ التاء، علـى وجه الـخبر من موسى عن نفسه. ومن قرأ ذلك علـى هذه القراءة، فإنه ينبغي أن يكون علـى مذهبه تأويـل قوله إنّـي لأَظُنّكَ يا مُوسَى مَسْحُورا إنـي لأظنك قد سُحِرت، فترى أنك تتكلـم بصواب ولـيس بصواب. وهذا وجه من التأويـل. غير أن القراءة التـي علـيها قرّاء الأمصار خلافها، وغير جائز عندنا خلاف الـحجة فـيـما جاءت به من القراءة مـجمعة علـيه.
وبعد، فإن الله تعالـى ذكره قد أخبر عن فرعون وقومه أنهم جحدوا ما جاءهم به موسى من الاَيات التسع، مع علـمهم بأنها من عند الله بقوله وأدُخِـلْ يَدَكَ فِـي جَيْبِكَ تَـخْرُجْ بَـيْضَاءَ مِنْ غيرِ سُوءٍ فِـي تِسْعِ آياتٍ إلـى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ، إنّهُمْ كانُوا قَوْما فـاسِقِـينَ فَلَـمّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِـينٌ وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَـيْقَنَتْها أنْفُسُهُمْ ظُلْـما وَعُلُوّا فأخبر جلّ ثناؤه أنهم قالوا: هي سحر، مع علـمهم واستـيقان أنفسهم بأنها من عند الله، فكذلك قوله: لَقَدْ عَلِـمْتَ إنـما هو خبر من موسى لفرعون بأنه عالـم بأنها آيات من عند الله. وقد ذُكر عن ابن عبـاس أنه احتـجّ فـي ذلك بـمثل الذي ذكرنا من الـحجة. قال:
17166ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنا هشيـم، قال: أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس، أنه كان يقرأ: لَقَدْ عَلِـمْتَ يا فرعون بـالنصب ما أنْزَلَ هَؤُلاءِ إلاّ رَبّ السّمَواتِ والأرْضِ، ثم تلا وَجَحَدُوا بِها واسْتَـيْقَنَتْها أنْفُسُهُمْ ظُلْـما وعُلُوّا. فإذا كان ذلك كذلك، فتأويـل الكلام: قال موسى لفرعون: لقد علـمت يا فرعون ما أنزل هؤلاء الاَيات التسع البـينات التـي أريتكها حجة لـي علـى حقـيقة ما أدعوك إلـيه، وشاهدة لـي علـى صدق وصحة قولـي، إنـي لله رسول، ما بعثنـي إلـيك إلا ربّ السموات والأرض، لأن ذلك لا يقدر علـيه، ولا علـى أمثاله أحد سواه. بصائر يعنـي بـالبصائر: الاَيات، أنهنّ بصائر لـمن استبصر بهنّ، وهدى لـمن اهتدى بهنّ، يعرف بهنّ من رآهنْ أن من جاء بهنّ فمـحقّ، وأنهنّ من عند الله لا من عند غيره، إذ كنّ معجزات لا يقدر علـيهنّ، ولا علـى شيء منهنّ سوى ربّ السموات والأرض وهو جمع بصيرة.
وقوله: وإنّـي لأَظُنّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُورا يقول: إنـي لأظنك يا فرعون ملعونا مـمنوعا من الـخير. والعرب تقول: ما ثبرك عن هذا الأمر: أي ما منعك منه، وما صدّك عنه؟ وثبره الله فهو يُثْبره ويُثَبَره لغتان، ورجل مثبور: مـحبوس عن الـخيرات هالك ومنه قول الشاعر:
إذْ أُجارِي الشّيْطانَ فـي سَننِ الغَيّوَمنْ مالَ مَيْـلَهُ مَثْبُورُهُ
وبنـحو الذي قلنا فـي تأويـل ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
17167ـ حدثنا عبد الله بن عبد الله الكلابـي، قال: حدثنا أبو خالد الأحمر، قال: حدثنا عمر بن عبد الله، عن الـمنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس، فـي قوله: إنّـي لأَظُنّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُورا قال ملعونا.
حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا مروان بن معاوية، قال: أخبرنا عمر بن عبد الله الثقـفـي، عن الـمنهال، عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس، مثله.
حدثنـي علـيّ، قال: حدثنا عبد الله، قال: حدثنا معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: إنّـي لأَظُنّكَ يا فِرْعَوْنَ مَثْبُورا يقول: ملعونا.
وقال آخرون: بل معناه: إنـي لأظنك يا فرعون مغلوبـا. ذكر من قال ذلك:
17168ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: إنّـي لأَظُنّكَ يا فِرْعَوْنَ مَثْبُورا يعنـي: مغلوبـا.
17169ـ حُدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ يقول: حدثنا عبـيد، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله إنّـي لأَظُنّكَ يا فِرْعَوْنَ مَثْبُورا يقول: مغلوبـا.
وقال بعضهم: معنى ذلك: إنى لأظنك يا فرعون هالكا. ذكر من قال ذلك:
17170ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحرث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: مثبورا: أي هالكا.
حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.
17171ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة وإنّـي لأَظُنّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُورا: أي هالكا.
حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.
حدثنا الـحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، بنـحوه.
وقال آخرون: معناه: إنـي لأظنك مبدّلاً مغيرا. ذكر من قال ذلك:
17172ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عبد الله بن موسى، عن عيسى بن موسى، عن عطية إنّـي لأَظُنّكَ يا فِرْعَوْنَ مَثْبُورا قال: مبدّلاً.
وقال آخرون: معناه: مخبولاً لا عقل له. ذكر من قال ذلك:
17173ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: وَإنّـي لأَظُنّكَ يا فِرْعَوْنَ مَثْبُورا قال: الإنسان إذا لـم يكن له عقل فما ينفعه؟ يعنـي: إذا لـم يكن له عقل ينتفع به فـي دينه ومعاشه دعته العرب مثبورا. قال: أظنك لـيس لك عقل يا فرعون، قال: بـينا هو يخافه ولا ينطق لسانـي أن أقول هذا لفرعون، فلـما شرح الله صدره، اجترأ أن يقول له فوق ما أمره الله.
وقد بـيّنا الذي هو أولـى بـالصواب فـي ذلك قبل.
الآية : 103 و 104
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزّهُم مّنَ الأرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مّعَهُ جَمِيعاً * وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُواْ الأرْضَ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الاَخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً }.
يقول تعالـى ذكره: فأراد فرعون أن يستفزّ موسى وبنـي إسرائيـل من الأرض، فَأَغْرَقْناهُ فـي البحر، وَمَن مَعَهُ من جنده جَمِيعا، ونـجّينا موسى وبنـي إسرائيـل، وقلنا لهم مِنْ بَعْدِ هلاك فرعون اسْكُنُوا الأرْضَ أرض الشام فإذَا جاءَ وَعْدُ الاَخَرِةِ جئْنا بكُمْ لَفـيفـا يقول: فإذا جاءت الساعة، وهي وعد الاَخرة، جئنا بكم لفـيفـا: يقول: حشرناكم من قبوركم إلـى موقـف القـيامة لفـيفـا: أي مختلطين قد التفّ بعضكم علـى بعض، لا تتعارفون، ولا ينـحاز أحد منكم إلـى قبـيـلته وحيّه، من قولك: لففت الـجيوش: إذا ضربت بعضها ببعض، فـاختلط الـجميع، وكذلك كلّ شيء خُـلط بشيء فقد لُفّ به.
وقد اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك، فقال بعضهم نـحو الذي قلنا فـيه. ذكر من قال ذلك:
17174ـ حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفـيان، عن منصور، عن ابن أبـي رَزِين جِئْنا بِكُمْ لَفِـيفـا قال: من كلّ قوم.
وقال آخرون: بل معناه: جئنا بكم جميعا. ذكر من قال ذلك:
17175ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: جِئْنا بِكُمْ لَفِـيفـا قال: جميعا.
17176ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد جِئْنا بِكُمْ لَفِـيفـا جميعا.
حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.
17177ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله فإذَا جاءَ وَعْدُ الاَخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِـيفـا: أي جميعا، أولكم وآخركم.
حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، فـي قوله جِئْنا بِكُمْ لَفِـيفـا قال: جميعا.
17178ـ حُدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ يقول: حدثنا عبـيد، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله جِئْنا بِكُمْ لَفِـيفـا يعنـي جميعا. ووحّده اللفـيف، وهو خبر عن الـجميع، لأنه بـمعنى الـمصدر كقول القائل: لفقته لفّـا ولفـيفـا