حكم التسمية قبل الوضوء

حصن المسلم | الذكر قبل الوضوء | حكم التسمية قبل الوضوء

بِسْمِ اللَّهِ (1).

Bismil-lah ‘In the name of Allah.


(1) أبو داود، برقم 101، وابن ماجه، برقم 397، وأحمد، برقم 9418، وانظر إرواء الغليل 1/122 .

شرح معنى حكم التسمية قبل الوضوء

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

57- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ» (1) .
58- عن أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ» (2) .

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «بسم اللَّه» أي: أبتدئ وضوئي متبركًا باسم اللَّه راجيًا القبول والسداد، قال السعدي : «أي: أبتدئ بكل اسم لله تعالى، لأن لفظ «اسم» مفرد مضاف، فيعم جميع الأسماء الحسنى» (3) .
2- قوله: «لا صلاة لمن لا وضوء له»: قال المناوي: «لا صلاة صحيحة لمن لا وضوء له، وفي لفظ: «لا صلاة إلا بوضوء»،... هذه الصيغة حقيقة في نفي الشيء، ... لا صلاة إلا بطهور، أو كماله» (4) ، وبمثله قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «هُوَ لِنَفْيِ الْفِعْلِ، فَلَا يُجْزِئُ مَعَ هَذَا النَّفْيُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هُوَ لِنَفْيِ الْكَمَالِ، يُرِيدُونَ نَفْيَ الْكَمَالِ الْمَسْنُونِ، وَأَمَّا تَفْسِيرُهُ بِمَا كَمُلَ بِالْوَاجِبِ فَهُوَ فِي عُرْفِ الشَّارِعِ، لَكِنْ الْمَوْجُودُ فِيهِ كَثِيرًا لَفْظُ التَّمَامِ، هُوَ أَمْرٌ مُطْلَقٌ بِالْإِتْمَامِ وَاجِبُهُ وَمُسْتَحَبُّهُ، فَمَا كَانَ وَاجِبًا فَالْأَمْرُ بِهِ إيجَابٌ، وَمَا كَانَ مُسْتَحَبًّا فَالْأَمْرُ بِهِ اسْتِحْبَابٌ» (5) .
3- قوله: «ولا وضوء لمن لم يذكر اسم اللَّه عليه»: قال النووي: «إنه الذي يتوضأ ويغتسل، ولا ينوي وضوءًا للصلاة، ولا غسلاً للجنابة» (6) .

ما يستفاد من الحديث:

1- التسمية عند الوضوء مستحبة وهو مذهب الجمهور، وعند الإمام أحمد تجب مع الذكر، وتسقط مع النسيان قال ابن قدامة: « وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِهَا فَتَرَكَهَا عَمْدًا، لَمْ تَصِحَّ طَهَارَتُهُ; لِأَنَّهُ تَرَكَ وَاجِبًا فِي الطَّهَارَةِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ تَرَكَ النِّيَّةَ، وَإِنْ تَرَكَهَا سَهْوًا صَحَّتْ طَهَارَتُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد فَإِنَّهُ قَالَ: سَأَلْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ: إذَا نَسِيَ التَّسْمِيَةَ فِي الْوُضُوءِ ؟ قَالَ: أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَهَذَا قَوْلُ إِسْحَاقَ، فَعَلَى هَذَا إذَا ذَكَرِ فِي أَثْنَاءِ طَهَارَتِهِ أَتَى بِهَا حَيْثُ ذَكَرَهَا; لِأَنَّهُ لَمَّا عُفِيَ عَنْهَا مَعَ السَّهْوِ فِي جُمْلَةِ الْوُضُوءِ فَفِي بَعْضِهِ أَوْلَى، وَإِنْ تَرَكَهَا عَمْدًا حَتَّى غَسَلَ عُضْوًا لَمْ يَعْتَدَّ بِغَسْلِهِ; لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ مَعَ الْعَمْدِ» (7) .
وقال العلامة ابن عثيمين : «قوله: «وتجبُ التَّسميةُ في الوُضُوءِ مع الذِّكر»، أي يقول: بسم الله، ويكون عند ابتدائه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : «لا وُضُوء لِمَنْ لم يَذكرِ اسم الله عليه»، فدلَّ هذا على أنَّها واجبةٌ، وأنها في البداية، وهذا المشهور؛ لأن التَّسمية على الشيء تكون عند فعله... وهذا المشهور من المذهب؛ بناء على القاعدة المعروفة: «أن النَّفي يكون أولاً لنفي الوجود، ثم لنفي الصِّحة، ثم لنفي الكمال»، فإِذا جاء نصٌّ في الكتاب أو السُّنَّة فيه نفيٌ لشيء؛ فالأصل أن هذا النفيَ لنفي وجود ذلك الشيء، فإن كان موجوداً فهو نفي الصِّحَّة، ونفيُ الصِّحَّة نفيٌ للوجود الشَّرعي، فإنْ لم يمكن ذلك بأن صحَّت العبادة مع وجود ذلك الشيء، صار النَّفيُ لنفي الكمال لا لنفي الصِّحَّة: - مثالُ نفي الوجود: «لا خالق للكون إلا اللَّه».
- مثال نفي الصِّحة: «لا صلاة لمن لم يقرأ بأمِّ الكتاب» (8) .
- ومثال نفي الكمال: «لا يُؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه» (9) .
فإِذا نزَّلنا حديث التَّسمية في الوُضُوء على هذه القاعدة فإِنَّها تقتضي أن التسمية شرطٌ في صِحَّة الوُضُوء، لا أنَّها مجرَّد واجب؛ لأن نفيَ الوُضُوء لانتفاء التَّسمية معناه نفي الصِّحَّة، وإذا انتفت صحَّة العبادة بانتفاء شيء كان ذلك الشيء شرطاً فيها، ولكنَّ المذهب أنها واجبة فقط وليست شرطاً، وكأنهم عَدَلُوا عن كونها شرطاً لصحَّة الوُضُوء؛ لأنَّ الحديث فيه نظر؛ ولهذا ذهب الموفق : إِلى أنها ليست واجبة بل سُنَّة؛ لأن الإمام أحمد : قال: «لا يثبت في هذا الباب شيء»، وإِذا لم يثبت فيه شيء فلا يكون حُجَّة؛ ولأن كثيراً من الذين وصفوا وُضُوء النبيِّ صلى الله عليه وسلم لم يذكروا فيه التَّسمية، ومثل هذا لو كان من الأمور الواجبة التي لا يصحُّ الوُضُوء بدونها لذُكِرَت» (10) .
2- من نسي التسمية في أول الوضوء ثم ذكرها في أثنائه سمى ولا إعادة عليه.
3- ذهب بعض أهل العلم إلى القول بالوجوب إذا كان المتوضئ عالمًا بالحكم والذكر (11) ، فعلى هذا تستحب مع الذكر، وتسقط مع النسيان، واللَّه ﻷ أعلم.
4- من تمام الوضوء وكماله المحافظة على التسمية في أوله.
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : «لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم اللَّه عليه» (12) ، وهذا محمول على التمام والكمال وإلا فإن الوضوء صحيح لمن لم يأتِ بالتسمية.
5- الدعاء عند غسل أعضاء الوضوء لم يثبت فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة رضي الله عنهم، بل هو من البدع المنكرة مثل قولهم: أ – عند غسل الوجه: «اللَّهم بيض وجهي يوم تبيض وجوه وتسود وجوه».
ب – قولهم عند غسل اليدين: «اللَّهم أعطني كتابي بيميني».
جـ – قولهم عند غسل الرجلين: «اللَّهم ثبت قدمي على الصراط» ونحوه (13) .
6- قال بعض الفقهاء بالتسمية عند الغسل؛ لأنه طهارة كبرى والوضوء طهارة صغرى (14) .
7- التسمية في الشريعة تأتي على معان: أ – شرط لصحة الفعل كالتسمية عند الذبح لقوله: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ سورة الأنعام، الآية: 121.
.
ب – مستحبة: مثل التسمية عند الوضوء والطعام.
جـ - بدعة: مثل التسمية قبل قراءة التشهد في الصلاة.

1 أخرجه أحمد، 15/ 243، برقم 9418، وأبو داود، كتاب الطهارة، باب في التسمية على الوضوء، برقم 101، وابن ماجه، كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في التسمية في الوضوء، برقم 399، والحاكم، 1/245، برقم 518، وقال: «صحيح الإسناد»، وحسنه الألباني لغيره في صحيح الترغيب والترهيب، 1/ 48، برقم 203
2 ابن ماجه، أبواب الطهارة وسننها، باب ما جاء في التسمية في الوضوء، برقم 397، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، برقم 101، وإرواء الغليل 1/122
3 تفسير السعدي، ص 39
4 فيض القدير شرح الجامع الصغير، 6/ 429
5 مجموع الفتاوى، 19/ 292
6 الإيجاز في شرح سنن أبي داود للنووي، ص 392
7 المغني شرح مختصر الخرقي، 1/ 73.
8 البخاري، كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم 756، ومسلم، كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وإنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم 394
9 أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، برقم 13، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير، برقم 45
10 الشرح الممتع على زاد المستقنع، 1/ 158
11 انظر: مجموع فتاوى الشيخ: عبد العزيز بن باز /، 7/100
12 أخرجه أحمد، 15/ 243، برقم 9418، وأبو داود، كتاب الطهارة، باب في التسمية على الوضوء، برقم 101، وابن ماجه، أبواب الطهارة وسننها، باب ما جاء في التسمية في الوضوء، برقم 399، والحاكم، 1/245، وقال: «صحيح الإسناد»، وقد جاء الحديث عن ستة من الصحابة ش، لا يخلو شيء منها من ضعف، وليس في هذه الطرق متهم ولا متروك؛ ولذا فقد صححه ابن القيم، وابن الصلاح، وابن كثير، والعراقي، والألباني وغيرهم، وانظر: صحيح الجامع، برقم 7514
13 انظر: فقه الأدعية والأذكار، ص (114).
14 الشرح الممتع لابن عثيمين، 1/ 160


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, August 28, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب