اللهم اكفنيهم بما شئت

حصن المسلم | دعاء الخوف من شخص أو ناس | اللهم اكفنيهم بما شئت

اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ (1).

Allahummak-fineehim bima shi/t.
‘O Allah, protect me from them with what You choose.


(1) مسلم، 4/ 2300، برقم 3005.

شرح معنى اللهم اكفنيهم بما شئت

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

442- عَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كَانَ مَلِكٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ، فَلَمَّا كَبِرَ، قَالَ لِلْمَلِكِ: إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ، فَابْعَثْ إِلَيَّ غُلاَمًا أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ غُلاَمًا يُعَلِّمُهُ، فَكَانَ فِي طَرِيقِهِ، إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ فَقَعَدَ إِلَيْهِ، وَسَمِعَ كَلاَمَهُ، فَأَعْجَبَهُ، فَكَانَ إِذَا أَتَى السَّاحِرَ مَرَّ بِالرَّاهِبِ وَقَعَدَ إِلَيْهِ، فَإِذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى الرَّاهِبِ، فَقَالَ: إِذَا خَشِيتَ السَّاحِرَ، فَقُلْ: حَبَسَنِي أَهْلِي، وَإِذَا خَشِيتَ أَهْلَكَ فَقُلْ: حَبَسَنِي السَّاحِرُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتِ النَّاسَ، فَقَالَ: الْيَوْمَ أَعْلَمُ آلسَّاحِرُ أَفْضَلُ أَمِ الرَّاهِبُ أَفْضَلُ؟ فَأَخَذَ حَجَرًا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أَمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هَذِهِ الدَّابَّةَ، حَتَّى يَمْضِيَ النَّاسُ، فَرَمَاهَا فَقَتَلَهَا، وَمَضَى النَّاسُ، فَأَتَى الرَّاهِبَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ: أَيْ بُنَيَّ أَنْتَ الْيَوْمَ أَفْضَلُ مِنِّي، قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى، وَإِنَّكَ سَتُبْتَلَى، فَإِنِ ابْتُلِيتَ فَلاَ تَدُلَّ عَلَيَّ، وَكَانَ الْغُلاَمُ يُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ، وَيُدَاوِي النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الأَدْوَاءِ، فَسَمِعَ جَلِيسٌ لِلْمَلِكِ كَانَ قَدْ عَمِيَ، فَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ، فَقَالَ: مَا هَاهُنَا لَكَ أَجْمَعُ، إِنْ أَنْتَ شَفَيْتَنِي، فَقَالَ: إِنِّي لاَ أَشْفِي أَحَدًا إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُ، فَإِنْ أَنْتَ آمَنْتَ بِاللَّهِ دَعَوْتُ اللَّهَ فَشَفَاكَ، فَآمَنَ بِاللَّهِ فَشَفَاهُ اللَّهُ، فَأَتَى الْمَلِكَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ كَمَا كَانَ يَجْلِسُ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَنْ رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ؟ قَالَ: رَبِّي، قَالَ: وَلَكَ رَبٌّ غَيْرِي؟ قَالَ: رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ، فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الْغُلاَمِ، فَجِيءَ بِالْغُلاَمِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: أَيْ بُنَيَّ قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ، وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ، فَقَالَ: إِنِّي لاَ أَشْفِي أَحَدًا، إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُ، فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهِبِ، فَجِيءَ بِالرَّاهِبِ، فَقِيلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبَى، فَدَعَا بِالْمِئْشَارِ، فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ، فَشَقَّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بِجَلِيسِ الْمَلِكِ فَقِيلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبَى فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ، فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بِالْغُلاَمِ فَقِيلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبَى فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا، فَاصْعَدُوا بِهِ الْجَبَلَ، فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ، وَإِلاَّ فَاطْرَحُوهُ، فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الْجَبَلَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ، فَرَجَفَ بِهِمِ الْجَبَلُ فَسَقَطُوا، وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟ قَالَ: كَفَانِيهِمُ اللَّهُ، فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ فَاحْمِلُوهُ فِي قُرْقُورٍ، فَتَوَسَّطُوا بِهِ الْبَحْرَ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلاَّ فَاقْذِفُوهُ، فَذَهَبُوا بِهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ، فَانْكَفَأَتْ بِهِمِ السَّفِينَةُ فَغَرِقُوا، وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟ قَالَ: كَفَانِيهِمُ اللَّهُ، فَقَالَ لِلْمَلِكِ: إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ، قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: تَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَتَصْلُبُنِي عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي، ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ، ثُمَّ قُلْ: بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلاَمِ، ثُمَّ ارْمِنِي، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِي، فَجَمَعَ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ فِي كَبْدِ الْقَوْسِ، ثُمَّ قَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ، رَبِّ الْغُلاَمِ، ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ فِي صُدْغِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي صُدْغِهِ فِي مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ، فَقَالَ النَّاسُ: آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلاَمِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلاَمِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلاَمِ، فَأُتِيَ الْمَلِكُ فَقِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ؟ قَدْ وَاللَّهِ نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ، قَدْ آمَنَ النَّاسُ، فَأَمَرَ بِالأُخْدُودِ فِي أَفْوَاهِ السِّكَكِ، فَخُدَّتْ وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ، وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَحْمُوهُ فِيهَا، أَوْ قِيلَ لَهُ: اقْتَحِمْ، فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا، فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا، فَقَالَ لَهَا الْغُلاَمُ: يَا أُمَّهْ اصْبِرِي، فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ»(1) .
443- ولفظ الترمذي عَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى العَصْرَ هَمَسَ، وَالهَمْسُ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ تَحَرُّكُ شَفَتَيْهِ كَأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا صَلَّيْتَ العَصْرَ هَمَسْتَ؟ قَالَ: «إِنَّ نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ كَانَ أُعْجِبَ بِأُمَّتِهِ فَقَالَ: مَنْ يَقُومُ لِهَؤُلاَءِ؟ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ خَيِّرْهُمْ بَيْنَ أَنْ أَنْتَقِمَ مِنْهُمْ، وَبَيْنَ أَنْ أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ، فَاخْتَارُوا النِّقْمَةَ، فَسَلَّطَ عَلَيْهِمُ الْمَوْتَ، فَمَاتَ مِنْهُمْ فِي يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفًا»، قَالَ: وَكَانَ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الحَدِيثِ حَدَّثَ بِهَذَا الحَدِيثِ الآخَرِ، قَالَ: «كَانَ مَلِكٌ مِنَ الْمُلُوكِ، وَكَانَ لِذَلِكَ الْمَلِكِ كَاهِنٌ يَكْهَنُ لَهُ، فَقَالَ الكَاهِنُ: انْظُرُوا لِي غُلاَمًا فَهِمًا، أَوْ قَالَ: فَطِنًا، لَقِنًا، فَأُعَلِّمَهُ عِلْمِي هَذَا، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ أَمُوتَ فَيَنْقَطِعَ مِنْكُمْ هَذَا العِلْمُ، وَلاَ يَكُونَ فِيكُمْ مَنْ يَعْلَمُهُ»، قَالَ: «فَنَظَرُوا لَهُ عَلَى مَا وَصَفَ، فَأَمَرُوهُ أَنْ يَحْضُرَ ذَلِكَ الكَاهِنَ، وَأَنْ يَخْتَلِفَ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ يَخْتَلِفُ، إِلَيْهِ وَكَانَ عَلَى طَرِيقِ الغُلاَمِ رَاهِبٌ فِي صَوْمَعَةٍ»، قَالَ مَعْمَرٌ: أَحْسِبُ أَنَّ أَصْحَابَ الصَّوَامِعِ كَانُوا يَوْمَئِذٍ مُسْلِمِينَ ، قَالَ : «فَجَعَلَ الغُلاَمُ يَسْأَلُ ذَلِكَ الرَّاهِبَ كُلَّمَا مَرَّ بِهِ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَخْبَرَهُ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَعْبُدُ اللَّهَ، قَالَ: فَجَعَلَ الغُلاَمُ يَمْكُثُ عِنْدَ الرَّاهِبِ، وَيُبْطِئُ عَنِ الكَاهِنِ، فَأَرْسَلَ الكَاهِنُ إِلَى أَهْلِ الغُلاَمِ إِنَّهُ لاَ يَكَادُ يَحْضُرُنِي، فَأَخْبَرَ الغُلاَمُ الرَّاهِبَ بِذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ: إِذَا قَالَ لَكَ الكَاهِنُ: أَيْنَ كُنْتَ؟ فَقُلْ: عِنْدَ أَهْلِي، وَإِذَا قَالَ لَكَ أَهْلُكَ: أَيْنَ كُنْتَ؟ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّكَ كُنْتَ عِنْدَ الكَاهِنِ، قَالَ: فَبَيْنَمَا الغُلاَمُ عَلَى ذَلِكَ، إِذْ مَرَّ بِجَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ كَثِيرٍ قَدْ حَبَسَتْهُمْ دَابَّةٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ تِلْكَ الدَّابَّةَ كَانَتْ أَسَدًا، قَالَ: فَأَخَذَ الغُلاَمُ حَجَرًا فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مَا يَقُولُ الرَّاهِبُ حَقًّا فَأَسْأَلُكَ أَنْ أَقْتُلَهَا، قَالَ: ثُمَّ رَمَى فَقَتَلَ الدَّابَّةَ، فَقَالَ النَّاسُ: مَنْ قَتَلَهَا؟ قَالُوا: الغُلاَمُ، فَفَزِعَ النَّاسُ، وَقَالُوا: لَقَدْ عَلِمَ هَذَا الغُلاَمُ عِلْمًا لَمْ يَعْلَمْهُ أَحَدٌ، قَالَ: فَسَمِعَ بِهِ أَعْمَى، فَقَالَ لَهُ: إِنْ أَنْتَ رَدَدْتَ بَصَرِي فَلَكَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: لاَ أُرِيدُ مِنْكَ هَذَا، وَلَكِنْ أَرَأَيْتَ إِنْ رَجَعَ إِلَيْكَ بَصَرُكَ، أَتُؤْمِنُ بِالَّذِي رَدَّهُ عَلَيْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَدَعَا اللَّهَ فَرَدَّ عَلَيْهِ بَصَرَهُ، فَآمَنَ الأَعْمَى، فَبَلَغَ الْمَلِكَ أَمْرُهُمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ، فَأُتِيَ بِهِمْ، فَقَالَ: لأَقْتُلَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ قِتْلَةً لاَ أَقْتُلُ بِهَا صَاحِبَهُ، فَأَمَرَ بِالرَّاهِبِ وَالرَّجُلِ الَّذِي كَانَ أَعْمَى، فَوَضَعَ الْمِنْشَارَ عَلَى مَفْرِقِ أَحَدِهِمَا، فَقَتَلَهُ، وَقَتَلَ الآخَرَ بِقِتْلَةٍ أُخْرَى، ثُمَّ أَمَرَ بِالغُلاَمِ، فَقَالَ: انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا، فَأَلْقُوهُ مِنْ رَأْسِهِ، فَانْطَلَقُوا بِهِ إِلَى ذَلِكَ الجَبَلِ، فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي أَرَادُوا أَنْ يُلْقُوهُ مِنْهُ جَعَلُوا يَتَهَافَتُونَ مِنْ ذَلِكَ الجَبَلِ وَيَتَرَدَّوْنَ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلاَّ الغُلاَمُ، قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ، فَأَمَرَ بِهِ الْمَلِكُ أَنْ يَنْطَلِقُوا بِهِ إِلَى البَحْرِ، فَيُلْقُونَهُ فِيهِ، فَانْطُلِقَ بِهِ إِلَى البَحْرِ، فَغَرَّقَ اللَّهُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ وَأَنْجَاهُ، فَقَالَ الغُلاَمُ لِلْمَلِكِ: إِنَّكَ لاَ تَقْتُلُنِي حَتَّى تَصْلُبَنِي وَتَرْمِيَنِي، وَتَقُولَ إِذَا رَمَيْتَنِي: بِسْمِ اللهِ رَبِّ هَذَا الغُلاَمِ، قَالَ فَأَمَرَ بِهِ، فَصُلِبَ، ثُمَّ رَمَاهُ، فَقَالَ: بِسْمِ اللهِ رَبِّ هَذَا الغُلاَمِ، قَالَ: فَوَضَعَ الغُلاَمُ يَدَهُ عَلَى صُدْغِهِ حِينَ رُمِيَ، ثُمَّ مَاتَ، فَقَالَ أُنَاسٌ: لَقَدْ عَلِمَ هَذَا الغُلاَمُ عِلْمًا مَا عَلِمَهُ أَحَدٌ، فَإِنَّا نُؤْمِنُ بِرَبِّ هَذَا الغُلاَمِ، قَالَ: فَقِيلَ لِلْمَلِكِ: أَجَزِعْتَ أَنْ خَالَفَكَ ثَلاَثَةٌ، فَهَذَا العَالَمُ كُلُّهُمْ قَدْ خَالَفُوكَ، قَالَ: فَخَدَّ أُخْدُودًا، ثُمَّ أَلْقَى فِيهَا الحَطَبَ وَالنَّارَ، ثُمَّ جَمَعَ النَّاسَ، فَقَالَ: مَنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ تَرَكْنَاهُ، وَمَنْ لَمْ يَرْجِعْ أَلْقَيْنَاهُ فِي هَذِهِ النَّارِ، فَجَعَلَ يُلْقِيهِمْ فِي تِلْكَ الأُخْدُودِ، قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيهِ: ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الوَقُودِ﴾ حَتَّى بَلَغَ ﴿العَزِيزِ الحَمِيدِ﴾ قَالَ: فَأَمَّا الغُلاَمُ فَإِنَّهُ دُفِنَ، قَالَ: فَيُذْكَرُ أَنَّهُ أُخْرِجَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، وَإِصْبَعُهُ عَلَى صُدْغِهِ كَمَا وَضَعَهَا حِينَ قُتِلَ»(2) .

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «اللَّهم»: «بِمَعْنَى: يَا أَلله، ... الْمِيمَ فِي آخِرِ الْكَلِمَةِ بِمَنْزِلَةِ يَا فِي أَولها، وَالضَّمَّةُ الَّتِي هِيَ فِي الْهَاءِ هِيَ ضَمَّةُ الِاسْمِ الْمُنَادَى الْمُفْرَدِ»(3) .
2- قوله: «اكفنيهم» أي: ادفع عني مكرهم، وردَّ كيدهم في نحورهم، قال ابن منظور رحمه الله: «كَفَى، يَكْفِي كِفايةً، إِذا قَامَ بالأَمر، وَيُقَالُ: اسْتَكْفَيْته أَمْراً فكَفانِيه، وَيُقَالُ: كَفاك هَذَا الأَمرُ، أَي: حَسْبُك، وكَفَاكَ هَذَا الشَّيْءُ»(4) .
3- قوله: «بما شئت» أي: بما تشاء فأنت الذي تقول للشيء كن فيكون، قال ابن علان رحمه الله: «أي: بمشيئتك، فما مصدرية، أو موصولة، أي: بالذي شئت من أنواع الكفاية، إما بإهلاكهم، أو بغيره»(5) .
4- قوله: «بالمنشار»، أشرت الخشبة بالمنشار: إذا شققتها، ووشرتها بالميشار، غير مهموز لغة فيه، والميشار والمنشار سواء»(6) .
5- قوله: «قرقور»، القرقور: سفينة صغيرة/55.
6- قوله: «فانكفأت السفينة»: أي: انقلبت، ومنه: كفأت القدر: إذا كببتها»(6) .
7- قوله: «الصعيد»: وجه الأرض، وأراد: أنه جمعهم في أرض واحدة منبسطة ليشاهدوه»(6) .
8- قوله: «من كنانتي»، الكنانة: الجعبة التي يكون فيها النشاب»(6) .
9- قوله: «كبد القوس»: وسطها، والمراد به: موضع السهم من الوتر والقوس»(6) .
10- قوله: «بالأخدود»: الأخدود: الشق في الأرض، وجمعه الأخاديد.
11- قوله: «السكك»: جمع سكة، وهي الطريق»(6) .
12- قوله: «أضرمت النار»: إذا أوقدتها وأثرتها»(6) .
13- قوله: «اقتحم»، الاقتحام: الوقوع في الشيء من غير رؤية ولا تثبت»(6) .
14- قوله: «فتقاعست»، التقاعس: التأخر، والمشي إلى وراء»(6) .
15- قوله: «الهمس»: الكلام الخفي الذي لا يكاد يسمع»(6) .
16- قوله: «اللقن»: الرجل الفهم الذكي»(6) .
17- قوله: «التهافت»: الوقوع في الشيء مثل التساقط»(6) .
18- قوله: «فمن لم يرجع عن دينه فأحموه فيها»، أو قيل له: اقتحم، قال القاضي: كذا هو في جميع النسخ، وقال بعضهم: لعل صوابه: فأحموه فيها، أو قولوا له: اقتحم، ولا يبعد عندي صحة معنى: أحموه، على ماروي من أحميت الحديدة، والشيء في النار.
19- قوله: «فرجف بهم الجبل»، قال الإمام: أي تحرك حركة شديدة، ومنه قوله: ﴿يَوْمَ تَرْجفُ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ﴾/55 سورة المزمل، الآية: 14 (19) إكمال المعلم شرح صحيح مسلم، للقاضي عياض، 8/ 282 (20) تحفة الأحوذي، 9/ 185 (21) تحفة الأحوذي، 9/ 185 (22) تحفة الأحوذي، 9/ 185 (23) تحفة الأحوذي، 9/ 185 (24) تحفة الأحوذي، 9/ 185 (25) فتح الباري، 6/ 571 /55 .

ما يستفاد من الحديث:

1- «في هذا الحديث صبر الصالحين على الابتلاء في ذات اللَّه، وما يلزمهم من إظهار دينه، والدعاء لتوحيده، واستقتالهم أنفسهم في ذلك، وهو مراد الغلام بقوله للملك: «لست بقاتلي حتى تصلبني، وتجمع الناس، وتضع السهم في كبد القوس، وتقول: بسم اللَّه رب الغلام، ليرى الناس ذلك فيؤمنوا باللَّه كما كان»(26) .
2- وهذا الحديث «يدل على أنه ينبغي للإنسان أن يصبر، وأن يحتسب، ولكن هل يجب على الإنسان أن يصبر على القتل، أو يجوز أن يقول كلمة الكفر، ولا تضرّه إذا كان مكرهاً؟ هذا فيه تفصيل: إن كانت المسألة تتعلق به نفسه، فله الخيار إن شاء قال كلمة الكفر دفعاً للإكراه مع طمأنينة القلب بالإيمان، وإن شاء أصر وأبى، ولو قتل هذا إذا كان الأمر عائداً إلى الإنسان بنفسه.
3- إما إذا كان الأمر يتعلق بالدين بمعنى أنه لو كفر، ولو ظاهراً أمام الناس؛ لكفر الناس؛ فإنه لا يجوز له أن يقول كلمة الكفر، بل يجب أن يصبر، ولو قتل كالجهاد في سبيل اللَّه، المجاهد يقاتل ولو قُتل؛ لأنه يريد أن تكون كلمة اللَّه هي العليا؛ فإذا كان إماماً للناس، وأجبر على أن يقول كلمة الكفر؛ فإنه لا يجوز أن يقول كلمة الكفر لا سيما في زمن الفتنة، بل عليه أن يصبر ولو قتل .
4- ما يحفظه الشاب يبقى، وما يحفظه الكبير ينسى؛ ولهذا كان من الحكمة الشائعة بين الناس: إن العلم في الصغر كالنقش على الحجر لا يزول.
5- وفيه: أن الشاب إذا ثقف العلم من أول الأمر صار العلم كالسجية له، والطبيعة له، وصار كأنه غريزة قد شب عليه فيشيب عليه.
6- من نعمة اللَّه على العبد أن الإنسان إذا شك في الأمر، ثم طلب من اللَّه آية تبين له شأن هذا الأمر، فبينه اللَّه له؛ فإن هذا من نعمة اللَّه عليه.
7- ومن هنا شرعت الاستخارة للإنسان إذا هم بالأمر، وأشكل عليه هل في إقدامه خير، أم في إحجامه خير؛ فإنه يستخير اللَّه، وإذا استخار اللَّه بصدق وإيمان؛ فإن اللَّه يعطيه على ما يستدل به، على أن الخير في الإقدام أو الإحجام، إما بشيء يلقيه في قلبه ينشرح صدره لهذا، أو لهذا، وإما برؤيا يراها في المنام، وإما بمشورة أحد من الناس وإما بغيره
»(27) .
8- هذا الدعاء وإن كان من شرع من قبلنا، إلا أن إخبار النبي صلى الله عليه وسلم به جعله شرعًا لنا.
9- إذا علم العبد أن اللَّه هوالكافي، عظم رجاؤه فيه، ورغبته إليه، قال السعدي : (28) : الكافي عباده ما يحتاجون ويضطرون إليه، الكافي كفاية خاصة من آمن به، وتوكل عليه، واستمد منه حوائج دينه ودنياه ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾(29) .
10- «اللَّه عز وجل يجيب دعوة المضطر إذا دعاه؛ فإذا دعا الإنسان ربه في حال ضرورة، موقناً أن الله يجيبه؛ فإن اللَّه تعالى يجيبه، حتى الكفار إذا دعوا اللَّه في حال الضرورة، أجابهم اللَّه، مع أنه يعلم أنهم سيرجعون إلى الكفر إذا غشيهم موج كالظلل في البحر دعوا اللَّه مخلصين له الدين، فإذا نجاهم أشركوا، فينجيهم لأنهم صدقوا في الرجوع إلى اللَّه عند دعائهم، وهو سبحانه يجيب المضطر، ولو كان كافراً.
11- الإنسان يجوز أن يغرر بنفسه في مصلحة عامة للمسلمين؛ فإن هذا الغلام دل الملك على أمر يقتله به، ويهلك به نفسه، وهو أن يأخذ سهما من كنانته.
12- قال شيخ الإسلام: لأن هذا جهاد في سبيل اللَّه، آمنت أمة وهو لم يفتقد شيئاً لأنه مات، وسيموت آجلاً أو عاجلاً، فأما ما يفعله بعض الناس من الانتحار بحيث يحمل آلات متفجرة، ويتقدم بها إلى الكفار، ثم يفجرها إذا كان بينهم؛ فإن هذا من قتل النفس والعياذ باللَّه
»(27) .

1 مسلم، برقم 3005
2 الترمذي، برقم 3340، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير، برقم 4461
3 لسان العرب، 13/ 470، مادة (أله)
4 لسان العرب، 15/ 225، مادة (كفي).
5 دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين، 1/ 193
6 جامع الأصول، لابن الأثير، 10/ 304
7 . 6- قوله: «فانكفأت السفينة»: أي: انقلبت، ومنه: كفأت القدر: إذا كببتها»
8 . 7- قوله: «الصعيد»: وجه الأرض، وأراد: أنه جمعهم في أرض واحدة منبسطة ليشاهدوه»
9 . 8- قوله: «من كنانتي»، الكنانة: الجعبة التي يكون فيها النشاب»
10 . 9- قوله: «كبد القوس»: وسطها، والمراد به: موضع السهم من الوتر والقوس»
11 . 10- قوله: «بالأخدود»: الأخدود: الشق في الأرض، وجمعه الأخاديد. 11- قوله: «السكك»: جمع سكة، وهي الطريق»
12 . 12- قوله: «أضرمت النار»: إذا أوقدتها وأثرتها»
13 . 13- قوله: «اقتحم»، الاقتحام: الوقوع في الشيء من غير رؤية ولا تثبت»
14 . 14- قوله: «فتقاعست»، التقاعس: التأخر، والمشي إلى وراء»
15 . 15- قوله: «الهمس»: الكلام الخفي الذي لا يكاد يسمع»
16 . 16- قوله: «اللقن»: الرجل الفهم الذكي»
17 . 17- قوله: «التهافت»: الوقوع في الشيء مثل التساقط»
18 . 18- قوله: «فمن لم يرجع عن دينه فأحموه فيها»، أو قيل له: اقتحم، قال القاضي: كذا هو في جميع النسخ، وقال بعضهم: لعل صوابه: فأحموه فيها، أو قولوا له: اقتحم، ولا يبعد عندي صحة معنى: أحموه، على ماروي من أحميت الحديدة، والشيء في النار. 19- قوله: «فرجف بهم الجبل»، قال الإمام: أي تحرك حركة شديدة، ومنه قوله: ﴿يَوْمَ تَرْجفُ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ﴾
19 ، أي: تتزلزل. 20- قوله: «فإذا بلغتم ذروته»: قال الإمام: أي: أعلاه، وذروة كل شيء: أعلاه»
20 . 21- قوله: «حَتَّى تَصْلُبَنِي»: أَيْ: عَلَى جِذْعٍ كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، قَالَ فِي الْقَامُوسِ: صَلَبَهُ كَضَرَبَهُ جَعَلَهُ مَصْلُوبًا كَصَلَّبَهُ»
21 . 22- قوله: «فَوَضَعَ الْغُلَامُ يَدَهُ عَلَى صُدْغِهِ حِينَ رُمِيَ ثُمَّ مَاتَ»، وفي رواية مسلم: «ثم رماه فوضع السَّهْمُ فِي صُدْغِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي صُدْغِهِ فِي مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ»
22 . 23- قوله: «أَجَزِعْتَ» - بِكَسْرِ الزَّايِ - مِنَ الْجَزَعِ مُحَرَّكَةٌ: وَهُوَ نَقِيضُ الصَّبْرِ»
23 . 24- قوله: «فخدّ»: أَيْ: شَقَّ أُخْدُودًا - بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ-: الشَّقُّ الْعَظِيمُ، وَجَمْعُهُ أَخَادِيدُ»
24 . 25- قوله: «أصحاب الأخدود»: أَيِ: الْمَلِكُ الَّذِي خَدَّ الْأُخْدُودَ، وَأَصْحَابُهُ. النَّارِ بدل اشتمال من الأخدود، ذات الوقود: وَصْفٌ لَهَا بِأَنَّهَا عَظِيمَةٌ، لَهَا مَا يَرْتَفِعُ بِهِ لَهَبُهَا مِنَ الْحَطَبِ الْكَثِيرِ وَأَبْدَانِ النَّاسِ، وبعده إذ ظرف لقتل أَيْ: لُعِنُوا حِينَ أَحْرَقُوا بِالنَّارِ قَاعِدِينَ حَوْلَهَا»
25 . 26- قوله: «الصُّدغ» -بِضَمِّ المُهمَلَة، وإِسكان الدّال بَعدها مُعجَمَة-: ما بَين الأُذُن والعَين، ويُقال ذَلِكَ أَيضًا لِلشَّعرِ المُتَدَلِّي مِنَ الرَّأس فِي ذَلِكَ المَكان»
26 إكمال المعلم شرح صحيح مسلم، للقاضي عياض، 8/ 282
27 شرح رياض الصالحين للعلامة ابن عثيمين رحمه الله، شرح الحديث رقم 30
28 انظر تفسير السعدي سورة الزمر، ص 949
29 سورة الزمر، الآية: 36


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Saturday, August 9, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب