التشهد بعد الوضوء أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له

حصن المسلم | الذكر بعد الفراغ من الوضوء | التشهد بعد الوضوء أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له

التشهد بعد الوضوء: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ (1).

Ashhadu an la ilaha illal-lahu wahdahu la shareeka lah, wa-ashhadu anna Muhammadan AAabduhu warasooluh.
‘I bear witness that none has the right to be worshipped except Allah, alone without partner, and I bear witness that Muhammad is His slave and Messenger.


(1) مسلم، 1/ 209، برقم 234.

شرح معنى التشهد بعد الوضوء أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

59- عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: كَانَتْ عَلَيْنَا رِعَايَةُ الْإِبِلِ، فَجَاءَتْ نَوْبَتِي، فَرَوَّحْتُهَا بِعَشِيٍّ، فَأَدْرَكْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمًا يُحَدِّثُ النَّاسَ، فَأَدْرَكْتُ مِنْ قَوْلِهِ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، مُقْبِلٌ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ، إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» قَالَ فَقُلْتُ: مَا أَجْوَدَ هَذِهِ! فَإِذَا قَائِلٌ بَيْنَ يَدَيَّ يَقُولُ: الَّتِي قَبْلَهَا أَجْوَدُ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا عُمَرُ، قَالَ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُكَ جِئْتَ آنِفًا، قَالَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ - أَوْ فَيُسْبِغُ - الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ» (1) .
60- وفي لفظ لمسلم: عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَذَكَرَ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» (2) .

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «أشهد» أي: أقر وأعترف قولًا باللسان واعتقادًا بالجنان - وهو القلب – وعملًا بالجوارح والأركان، وقال الإمام ابن القيم : «مَعْنَاهُ، أَعْلَمُ وَأُبَيِّنُ،...وَإِنَّمَا حَقِيقَةُ الشَّهَادَةِ هُوَ تَيَقُّنُ الشَّيْءِ وَتَحَقُّقُهُ مِنْ شَهَادَةِ الشَّيْءِ أَيْ: حُضُورِهِ (3) .
2- قوله: «أن لا إله إلا اللَّه
»: نفي الألوهية عن غيره ثم أثبتها له وحده، فلا معبود بحق إلا هو، قال المناوي : «من مات معتقداً لها، فهو الذي مات لا يشرك باللَّه شيئاً» (4) ، وقال العلامة ابن عثيمين : «ألوهية اللَّه فرع عن ربوبيته؛ لأن من تأله للَّه فقد أقر بالربوبية؛ إذ إن المعبود لابد أن يكون رباً، ولا بد أن يكون كامل الصفات...، حتى يعبد بمقتضى هذه الصفات» (5) .
3- قوله: «وحده لا شريك له»، قال المناوي: «وحده: نصب على الحال، أي لا إله منفرد إلا هو وحده، لا شريك له عقلاً ونقلاً، وأما الأول: فلأن وجود إلهين محال، كما تقرر في الأصول، وأما الثاني: فلقوله تعالى: ﴿أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ سورة الكهف، الاية: 110 ، وذلك يقتضي أن لا شريك له، وهو تأكيد لقوله: «وحده»؛ لأن المتصف بالوحدانية لا شريك له» (6) .
4- قوله: «وأشهد أن محمداً»: قال العيني : «أي: وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله، وهو اسم مأخوذ من الحمد، يقال: حمدت الرجل فأنا أحمده إذا أثنيت عليه بجلائل خصاله، وأحمدته، وحمدته محموداً، ويقال: رجل محمود، فإذا بلغ النهاية في ذلك وتكامل فيه المناقب والمحاسن فهو محمد، وهذا البناء أبداً يدل على الكثرة، وبلوغ النهاية، فتقول في المدح: محمد، وفي الذم: مذمم، وفعلك المحمود منك غير المذموم أن تفعل كذا، والفرق بين محمد وأحمد: أن الأول مفعول، والثاني اسم تفضيل، والمعنى: إذا حمدتُ أحداً فأنت محمدٌ، وإذا حمدني أحدٌ فأنت أحمدُ» (7) .
5- قوله: «عبده»: أي الذي حقق العبودية على أكمل الوجوه وجاهد في دعوة الناس إليها، وقال العيني : «العبدُ: الإنسان حراً كان أو رقيقاً... وجعل بعضهم العبادَ للَّه، وغيره من الجَمع للّه والمخلوقين... ليْس شيء أشرف من العبودية، ولا اسم أتم للمؤمن من الوصف بالعبودية» (8) .
6- قوله: «رسوله»: أي الذي أرسله اللَّه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وهو رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم للجن والإنس، لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم، وقال العيني : «الرسول الذي أرسل لتبليغ رسالات اللّه» (9) ، وقال الزين العراقي : «الذي دعانا إلى الملة الزهراء الحنفية وتركنا على محجة بيضاء نقية صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه ذوي المقادر العلية والمآثر الجلية» (10) .
7- قوله: «كانت علينا رعاية الإبل، فجاءت نوبتي»: قال النووي : «كَانُوا يَتَنَاوَبُونَ رَعْي إِبِلِهِمْ، فَيَجْتَمِع الْجَمَاعَة، وَيَضُمُّونَ إِبِلهمْ بَعْضهَا إِلَى بَعْض، فَيَرْعَاهَا كُلّ يَوْم وَاحِد مِنْهُمْ لِيَكُونَ أَرْفَق بِهِمْ، وَيَنْصَرِف الْبَاقُونَ فِي مَصَالِحهمْ، وَالرِّعَايَة بِكَسْرِ الرَّاء وَهِيَ: الرَّعْي (11) .
8- قوله: «روّحتها بعشي
»: أَيْ: رَدَدْتُهَا إِلَى مَرَاحهَا فِي آخِر النَّهَار، وَتَفَرَّغْتُ مِنْ أَمْرهَا، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى مَجْلِس رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم (11) .
9- قوله: «مُقْبِل عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهه»: هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُول (مُقْبِل) أَيْ: وَهُوَ مُقْبِل، وَقَدْ جَمَعَ صلى الله عليه وسلم بِهَاتَيْنِ اللَّفْظَتَيْنِ أَنْوَاع الْخُضُوع وَالْخُشُوع؛ لِأَنَّ الْخُضُوع فِي الْأَعْضَاء، وَالْخُشُوع بِالْقَلْبِ عَلَى مَا قَالَهُ جَمَاعَة مِنْ الْعُلَمَاء (11) .
10- قوله: «وجبت له الجنة»: أي لزمت، وصارت له حقاً بناء على عمله، قال ابن الأثير: «وجَب الشَّيء يَجِبُ وُجُوبا إذا ثَبَت ولَزِم ، ... يقال : أوْجَب الرجلُ إذا فَعل فِعْلاً وجَبَت له به الجنَّة أو النَّار» (12) ، وقال القرطبي صاحب المفهم: «أي: من مات على ذلك، فلا بدَّ له من دخول الجنَّة قطعًا، ولو أُدخل النار في كبائر عليه، فمآله إلى الجنة على كل حال» (13) .
11- قوله: «ما أجود هذه»: يَعْنِي: هَذِهِ الْكَلِمَة، أَوْ الْفَائِدَة، أَوْ الْبِشَارَة، أَوْ الْعِبَادَة، وَجَوْدَتهَا مِنْ جِهَات، مِنْهَا: أَنَّهَا سَهْلَة مُتَيَسِّرَة، يَقْدِر عَلَيْهَا كُلّ أَحَد بِلَا مَشَقَّة، وَمِنْهَا: أَنَّ أَجْرهَا عَظِيم (11) .
12- قوله: «جئت آنفاً»: أَيْ قَرِيبًا ، وَهُوَ بِالْمَدِّ عَلَى اللُّغَة الْمَشْهُورَة وَبِالْقَصْرِ عَلَى لُغَة صَحِيحَة قُرِئَ بِهَا فِي السَّبْع (11) .
13- قوله: «فيبلغ أو فيسبغ الوضوء»: هُمَا بِمَعْنًى وَاحِد أَيْ : يُتِمّهُ وَيُكْمِلهُ فَيُوَصِّلهُ مَوَاضِعه عَلَى الْوَجْه الْمَسْنُون (11) .
14- قوله: «فتحت له أبواب الجنة»: أي أن الجنة لها أبواب تفتح لطالبيها إكراماً لهم، قال الإمام ابن القيم : فتحها اللَّه لهم «وهذا أبلغ وأعظم في تمام النعمة، وحصول الفرح والسرور، مما يقدر بخلاف ذلك؛ لئلا يتوهم الجاهل أنها بمنزلة الخان الذي يدخله من شاء، فجنة اللَّه غالية، بين الناس وبينها من العقبات والمفاوز والأخطار ما لا تنال إلا به» (14) .
15- قوله: «أبواب الجنة»: وَدُخُوله مِنْ أَيّ أَبْوَاب الْجَنَّة شَاءَ يَكُون خُصُوصًا لِمَنْ قَالَ مَا ذَكَرَهُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَقَرَنَ بِالشَّهَادَتَيْنِ حَقِيقَة الْإِيمَان وَالتَّوْحِيد الَّذِي وَرَدَ فِي حَدِيثه، فَيَكُون لَهُ مِنْ الْأَجْر مَا يَرْجَح عَلَى سَيِّئَاته، وَيُوجِب لَهُ الْمَغْفِرَة وَالرَّحْمَة، وَدُخُول الْجَنَّة لِأَوَّلِ وَهْلَة، إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى (15) .

ما يستفاد من الحديث:

1- حرص الصحابة على ملازمة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وتفريغ الوقت لذلك.
2- إسباغ الوضوء ثم صلاة ركعتين بخشوع القلب وخضوع الأعضاء من موجبات الجنة فضلًا من اللَّه ومنَّة.
3- فرح عقبة رضي الله عنه بهذه البشرى وعبر عن ذلك بقوله: «ما أجود هذه»، وهي كلمة محمودة.
4- كلمة التوحيد هي مجموع الشهادتين شهادة أن لا إله إلا اللَّه، ومعناها: لا معبود بحق إلا اللَّه، وشهادة أن محمداً رسول اللَّه، ومعناها: الاعتقاد الجازم أن محمد بن عبد اللَّه الهاشمي القرشي، هو رسول اللَّه حقاً للجن والإنس لا نبي بعده، فلا تغني واحدة عن الأخرى.
5- فضل هذا الذكر بعد الوضوء الكامل وأنه سبب لدخول الجنة من أي باب من أبوابها الثمانية.
6- الصواب والمسنون قول هذا الذكر مرة واحدة خلافًا لمن قال بقوله ثلاث مرات؛ لأن الحديث الوارد في الثلاث ضعيف جدًّا (16) .
7- هل من المسنون أن يرفع المسلم نظره إلى السماء بعد وضوئه ويقول هذا الذكر يحتاج إلى تأمل (17) .

1 مسلم، برقم 234
2 مسلم، برقم (...) -234
3 عون المعبود مع حاشية ابن القيم، 2/ 120
4 فيض القدير، 1/ 136
5 شرح رياض الصالحين، شرح الحديث رقم 60
6 فيض القدير، 5/ 200
7 شرح سنن أبي داود للعيني، 1/ 394
8 شرح سنن أبي داود للعيني، 4/ 239
9 شرح سنن أبي داود للعيني، 1/ 395
10 طرح التثريب في شرح التقريب، 1/ 17
11 شرح النووي على صحيح مسلم، 1/ 385
12 النهاية في غريب الحديث والأثر، 5/ 331، مادة (وجب)
13 المفهم ، لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، 12/ 28.
14 حادي الأرواح إلأى دار الأفراح، لابن القيم، ص 38
15 شرح النووي على صحيح مسلم، 1/ 100
16 ابن ماجه، أبواب الطهارة وسننها، باب ما يقال بعد الوضوء، برقم 469، وقد ضعفه النووي والألباني وغيرهما.
17 أخرج الإمام أحمد، 1/ 274، برقم 121: عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا يُحَدِّثُ أَصْحَابَهُ ، فَقَالَ: مَنْ قَامَ إِذَا اسْتَقَلَّتِ الشَّمْسُ فَتَوَضَّأَ، فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، غُفِرَ لَهُ خَطَايَاهُ فَكَانَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ رضي الله عنه: فَقُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَزَقَنِي أَنْ أَسْمَعَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، وَكَانَ تُجَاهِي جَالِسًا: أَتَعْجَبُ مِنْ هَذَا ؟ فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْجَبَ مِنْ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَ، فَقُلْتُ: وَمَا ذَاكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ؟ فَقَالَ عُمَرُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ رَفَعَ نَظَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ، وصححه لغيره محققو المسند، 1/ 274.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, August 10, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب