كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين أعيذكما بكلمات الله

حصن المسلم | ما يعوذ به الأولاد | كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين أعيذكما بكلمات الله

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ: أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ (1).

Ibn AAabbas related that the Messenger of Allah (Peace Be Upon Him) used to commend Al-Hasan and Al-Husayn to Allah’s protection, saying: OAAeethukuma bikalimatil-lahit-tammah, min kulli shaytanin wahammah, wamin kulli AAaynin lammah.
‘I commend you two to the protection of Allah’s perfect words from every devil, vermin, and every evil eye.


(1) البخاري، 4/ 119، برقم 3371، من حديث ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.

شرح معنى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين أعيذكما بكلمات الله

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

496- لفظ البخاري: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَيَقُولُ: «إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ»(1) .
497- ولفظ أبي داود: عن ابنِ عباسِ ب، قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُعوِّذُ الحسنَ والحسينَ: «أُعيذُكُما بكلماتِ اللَّهِ التامَّةِ، من كلِّ شَيطان وهامَّةٍ، ومِنْ كُلِّ عَينٍ لامَّةٍ»، ثم يقول: «كان أبوكم يعوِّذُ بهما إسماعيلَ وإسحاق»(2) .
498- ولفظ الترمذي: عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ يَقُولُ: «أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ»، وَيَقُولُ: «هَكَذَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يُعَوِّذُ إِسْحَاقَ وَإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ»(3) .
499- ولفظ ابن ماجه: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، يَقُولُ: «أعوذ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ»، قَالَ: «وَكَانَ أَبُونَا إِبْرَاهِيمُ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ»، أَوْ قَالَ: «إِسْمَاعِيلَ وَيَعْقُوبَ»(4) .
500- ولفظ أحمد: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَانَ يُعَوِّذُ حَسَنًا وَحُسَيْنًا، يَقُولُ: «أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لامَّةٍ»، وَكَانَ يَقُولُ: «كَانَ إِبْرَاهِيمُ أَبِي يُعَوِّذُ بِهِمَا إِسْمَاعِيلَ، وَإِسْحَاقَ»(5) .
501- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ قَاعِدًا فِي أُنَاسٍ، فَمَرَّ بِهِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، فَقَالَ: «هَاتُوا ابْنَيَّ أُعَوِّذْهُمَا، بِمَا عَوَّذَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ ابْنَيْهِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ، أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لامَّةٍ»(6) .

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعوِّذُ»: التعويذ الدعاء إلى اللَّه بأن يجير ويحفظ، واللجوء إلى اللَّه، واللِّواذ به، والعَوْذ: الالتجاء، كالعياذ، والمعاذ، والاستعاذة، وقد عاذت عياذاً، وأعاذت، وهي معيذٌ، ومعوّذ، والمعوّذة: الرقية، كالمعاذة والتعويذ، والعَوَذ بالتحريك: الملجأ، كالمعاذ، والعياذ، ومعاذ اللَّه أي: أعوذ باللَّه معاذاً، وكذا: معاذة اللَّه(7) .
2- قوله: «الحسن والحسين»: هما سبطا النبي صلى الله عليه وسلم، وريحانتاه، وسيدا شباب أهل الجنة: الحسن بن علي بن أبي طالب، ولد في شوال سنة ثلاث، وكان أشبه الناس برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكان يحج ماشياً، ونجائبه تقاد إلى جانبه، توفي بالمدينة ودفن بالبقيع واختلف في وفاته فالأكثر أنه توفي سنة خمسين على الأرجح.
وأما أخوه الحسين بن علي بن أبي طالب أبو عبد اللَّه الهاشمي، سبط رسول اللَّه وريحانته، ولد بعد الحسن بعام سنة أربع للهجرة، وكان أشبههم برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فالحسن أشبه برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر والرأس، والحسين أشبه النبي صلى الله عليه وسلم ما كان أسفل من ذلك، ومناقبة كثيرة، والمشهور أنه قتل يوم عاشوراء من سنة إحدى وستين(8) .
3- قوله: «أعيذكما»: الاستعاذة هي طلب العوذ، يقال عذت به، واستعذت به، أي لجأت إليه، واستجرت به، واعتصمت به، والاستعاذة باللَّه من الشيطان هي الطلب منه سبحانه أن يعيذ العبد من الشيطان، ويحميه منه، ويقيه من شره(9) .
4- قوله: «بكلمات اللَّه التامة»: المراد بالتامة الكاملة، وقيل النافعة، وقيل الشافية، وقيل المباركة، وقيل القاضية التي تمضي وتستمر، ولا يردها شيء، ولا يدخلها نقص ولا عيب(10) .
وإنما وصَف كلامه بالتمام؛ لأنه لا يجوز أن يكون في شيء من كلامه نقص أو عيب كما يكون في كلام الناس، وقيل: معنى التمام ها هنا أنها تنفع المُتَعوّذ بها، وتحفَظُه من الآفات وتكفيه(11) ، وقال الخطابي: «فأما قول النبي صلى الله عليه وسلم أعوذ بكلمات اللَّه التامات؛ فإن كلمته القرآن، وصفه بالتمام تنزيهاً له عن أن يلحقه نقص أو عيب، كما يوجد ذلك في كلام الآدميين»(12) .
5- قوله: «من كل شيطان»: أي الجني منه، والإنسي، والشطن: البُعد، أي: بَعُدَ عن الخير، أو من الحبل الطويل؛ كأنه طال في الشر، ويقال: شاط يشيط إذا هلك، واستشاط غضباً إذا احتدّ في غضبه والتهب، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم؛ لأنه تسلط عليه، فيوسوس له(13) .
6- قوله: «وهامة»: واحدة الهوام ذوات السموم، وقيل كل ما له سم يقتل، فأما ما لا يقتل سمه فيقال له السوام، وقيل المراد كل نسمة تهم بسوء(14) .
وقال العيني: «والهامة كل ذات سم تقتل، والجمع الهوام، فأما ما يسم ولا يقتل فهو السامة، كالعقرب، والزنبور، وقد يقع الهوام على ما يدب من الحيوان، وإن لم يقتل كالحشرات»(15) .
7- قوله: «ومن كل عين لامة»: قال الخطابي: المراد به كل داء وآفة تُلم بالإنسان من جنون وخبل(14)، قال ابن الأثير: ذات لَمَم، ولذلك لم يقل مُلِمَّة، وأصْلُها من ألْمَمْتُ بالشيء؛ لِيُزَاوِجَ قوله: «من شَرِّ كُلِّ سَامَّة»، والأَلَمّ أي: يَقْرُب، ومنه الحديث: «ما يَقْتُل حَبَطاً، أو يُلمُّ» أي: يَقْرُب من القَتْل، وفي الحديث: «وإنْ كَنْتِ ألْمَمْتِ بِذَنْبٍ فاسْتَغْفِري اللّه»(16) أي: قارَبْتِ، وقيل: اللَّممُ: مُقَارَبة المَعْصِيَة من غير إيقاع فِعْل، وفي الحديث: «لابْن آدمَ لَمَّتَان: لَمَّةٌ من المَلك، وَلَمَةٌ من الشيطان»(17) اللَّمَّةُ: الْهِمَّة، والخَطْرَة تَقَع في القلب، فأراد إلْمَام المَلك، أو الشيطان به، والقُرْبَ منه، فَما كان من خَطَرَات الخَيْر فهو من المَلك، وما كان مِن خَطَرَات الشَّرِّ فهو من الشَّيطان(18) .

ما يستفاد من الحديث:

1- يشرع للمسلم أن يُعوِّذ أولاده، ومن يحب بهذه الكلمات التي تقي بفضل اللَّه من كل عائن وحاسد وكل شر.
2- بيان محبة النبي صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين رضي الله عنهما، وأنهما عنده بمنزلة الولد.
3- المكانة الخاصة لأبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذ كان يعوِّذ الحسن والحسين بويقول: «إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق» عليهما الصلاة والسلام، وإنما سمّاه أبًا لكونه جداً أعلى.
4- يشهد لهذه المكانة قول اللَّه عز وجل: ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ﴾(19) وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم شبيه الخلقة بإبراهيم عليه السلام لقول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «أما إبراهيم فانظروا إلى صاحبكم»(20) ، قال: ذلك وهو يحدث أصحابه رضي الله عنهم عن الأنبياء الذين رآهم ليلة الإسراء والمعراج.
5- استدل الإمام أحمد رحمه الله وغيره من أئمة أهل السنة والجماعة بهذا الحديث على أن كلام اللَّه غير مخلوق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يستعيذ بمخلوق، قال الحافظ في الفتح: قال ابن بطال: استدل البخاري بقوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾(21) ، على أن قول اللَّه قديم لذاته، قائم بصفاته، لم يزل موجودًا به، ولا يزال كلامه لا يشبه المخلوقين خلافًا للمعتزلة التي نفت كلام اللَّه تعالى، قال البيهقي في «الاعتقاد» القرآن كلام اللَّه والكلام صفة من صفات ذاته وليس شيء من صفات ذاته مخلوقًا ولا محدثًا ولا حادثًا، قال اللَّه تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾(22) ، فخص القرآن بالتعليم لأنه كلامه، وصفته، وخصّ الإنسان بالتخليق لأنه خلقه، ومصنوعه، ولولا ذلك لقال خلق القرآن والإنسان(23) .
6- وكل صفات اللَّه عز وجل الذاتية، والفعلية المختصة به غير مخلوقة، وهي كلها تليق بجلاله، لا يشبه فيها أحداً من خلقه: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾(24) .

1 البخاري، برقم 3371
2 أبو داود، كتاب السنة، باب في القرآن، برقم 4373، وصححه العلامة الألباني في صحيح سنن أبي داود، برقم 4737
3 الترمذي، كتاب الطب، باب ما جاء في الرقية من العين، برقم 2060، وصححه العلامة الألباني في صحيح الترمذي، برقم 2060
4 ابن ماجه، كتاب الطب، باب ما عوَّذ به النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 3525، وصححه العلامة الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، برقم 2841
5 مسند أحمد، 4/ 20، برقم 2112، وصحح إسناده محققو المسند
6 رواه البزار، 4/ 304، برقم 1483، وتاريخ دمشق، 13/ 223، ووثقه الهيثمي في مجمع الزوائد، 10/ 301، وروى عبد الرزاق، 4/ 336، برقم 7987: عن علي بن أبي طالب قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ حسناً وحسيناً، فيقول: «أعيذكما بكلمات اللَّه التامات من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة»، قال: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «عوِّذوا بها أبناءكم، فإن إبراهيم صلى الله عليه وسلم كان يعوذ بها ابنيه إسماعيل وإسحاق»، وهو عند أبي نعيم في حلية الأولياء، 5/ 44، والطبراني في الأوسط، 9/ 79، برقم 9183، ولم أجد من قوّاه، لكن يغني عنه ما تقدم
7 انظر: القاموس المحيط، ص: 428، مادة (عوذ)
8 انظر: طرح التثريب في شرح التقريب للحافظ الزين العراقي، 1/ 34
9 فقه الأدعية والأذكار، ص 24
10 فتح الباري، 6/510
11 النهاية في غريب الحديث والأثر، 1/ 197، ماتدة: (تمم)
12 غريب الحديث للخطابي، 1/ 252
13 انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، 2 / 474، مادة (شطن)
14 فتح الباري، 6/ 510
15 عمدة القاري شرح صحيح البخاري، 31/ 413
16 هذا جزء من حديث الإفك، رواه البخاري، كتاب المغازي، باب حديث الإفك، برقم 4141، ومسلم، كتاب التوبة، باب في حديث الإفك، وقبول توبة القاذف، برقم 2770
17 أخرجه الترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة البقرة، برقم 2988، وقال: «حسن غريب»، والنسائي في الكبرى، برقم 11051، والبيهقي في شعب الإيمان، 4/120، واستشهد به شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى، 4/ 33، وصححه الألباني في صحيح موارد الظمآن، برقم 38
18 النهاية في غريب الحديث والأثر، 4 / 227، مادة (لمم)
19 سورة آل عمران، الآية: 68
20 البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول اللَّه تعالى: ﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ النساء: 125، برقم 3355
21 سورة سبأ، الآية: 23
22 سورة الرحمن، الآيات: 1 - 4
23 انظر: عون المعبود شرح سنن أبي داود، 7/ 94
24 سورة الشورى، الآية: 11


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, August 10, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب