هل آية الكرسي من أذكار الصباح والمساء

حصن المسلم | أذكار المساء | هل آية الكرسي من أذكار الصباح والمساء

ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُۚ لَا تَأۡخُذُهُۥ سِنَةٞ وَلَا نَوۡمٞۚ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ مَن ذَا ٱلَّذِي يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيۡءٖ مِّنۡ عِلۡمِهِۦٓ إِلَّا بِمَا شَآءَۚ وَسِعَ كُرۡسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۖ وَلَا يَـُٔودُهُۥ حِفۡظُهُمَاۚ وَهُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡعَظِيمُ ٢٥٥ .


شرح معنى هل آية الكرسي من أذكار الصباح والمساء

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

31- عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه (1) ، أَنَّهُ كَانَ لَهُ جَرِينُ تَمْرٍ، فَكَانَ يَجِدُهُ يَنْقُصُ، فَحَرَسَهُ لَيْلَةً، فَإِذَا هُوَ بِمِثْلِ الْغُلاَمِ الْمُحْتَلِمِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ، فَقَالَ: أَجِنِّيٌّ، أَمْ إِنْسِيٌّ؟ فَقَالَ: بَلْ جِنِّيٌّ، فَقَالَ: أَرِنِي يَدَكَ فَأَرَاهُ، فَإِذَا يَدُ كَلْبٍ، وَشَعْرُ كَلْبٍ، فَقَالَ: هَكَذَا خَلْقُ الْجِنِّ، فَقَالَ: لَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنُّ إِنَّهُ لَيْسَ فِيهِمْ رَجُلٌ أَشَدَّ مِنِّي، قَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: أُنْبِئْنَا أَنَّكَ تُحِبُّ الصَّدَقَةَ، فَجِئْنَا نُصِيبُ مِنْ طَعَامِكَ، قَالَ: مَا يُجِيرُنَا مِنْكُمْ؟ قَالَ : تَقْرَأُ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ﴿اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: إِذَا قَرَأْتَهَا غُدْوَةً أُجِرْتَ مِنَّا حَتَّى تُمْسِيَ، وَإِذَا قَرَأْتَهَا حِينَ تُمْسِي أُجِرْتَ مِنَّا حَتَّى تُصْبِحَ، قَالَ أُبَيٌّ فَغَدَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: صَدَقَ الْخَبِيثُ» (2) .

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «جَرِينُ تَمْرٍ»: هو موضع تَجْفيف التَّمْرِ، وهُوَ له كالبَيْدَر للحِنْطة، ويُجْمع على جُرُن بضَمَّتَين (3) .
2- قوله: «الْغُلاَمِ الْمُحْتَلِمِ»: أي الغلام البالغ المُدْرِك (4) .
3- قوله: «لقد علمت الجن أنه ليس فيهم رجل أشدَّ مني»: الجن خلقوا من النار، قال اللَّه تعالى إخباراً عن قول إبليس: ﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ سورة الأعراف، الآية: 12 ، وهم مستترون لا يراهم الإنس، و«سُمَي الجِنّ لاسْتِتارهم واخْتِفَائِهم عن الأبصار» (5) ، وأشد مني: أي أقوى مني، وهو من الشدة أي القوة، قال في اللسان: «يُقَالُ: حَلَبْتَ بالساعِدِ الأَشَدِّ، أَي: استعَنْتَ بِمَنْ يقومُ بأَمرك، ويُعْنى بِحَاجَتِكَ،... أَي حِينَ لَمْ أَقْدِر عَلَى الرِّفْق أَخَذْتُه بالقُوَّةِ والشِّدَّةِ» (6) .
4- قوله: «أُجِرْت منا»: أي حُفظتَ ووُقيتَ وأجارك اللَّه من شرنا، «وَمَنْ أَجاره اللَّهُ لَمْ يُوصَلْ إِليه، وَهُوَ سبحانه وتعالى يُجِيرُ، وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ أَي يُعِيذُ... والجارُ والمُجِيرُ: هُوَ الَّذِي يَمْنَعُكَ، ويُجْيرُك، .
واستْجَارَهُ مِنْ فُلَانٍ فَأَجَارَهُ مِنْهُ.
وأَجارَهُ اللَّهُ مِنَ الْعَذَابِ: أَنقذه
» (7) .
5- قوله: «نُصِيبُ مِنْ طَعَامِكَ»: أصابَ الإنسانُ من المال وغيره: أي أخَذَ وتَناول، ومنه الحديث: (يُصيبون ما أصاب الناسُ) (8) أي ينالُون ما نالُوا (9) .
6- قوله: «مَا يُجِيرُنَا مِنْكُمْ»: أي يحول بيننا وبينكم، وينجينا منكم (10) .
7- قوله: «إِذَا قَرَأْتَهَا غُدْوَةً»: الغَدْوَةُ: المرّة من الغُدُوّ، وهو سير أوّل النهار نَقِيض الرَّواح، وقد غَدا يَغْدُو غُدُوّاً، والغُدْوة –بالضم-: ما بين صلاة الغَداة وطلوع الشمس، وقد تكرر في الحديث اسْماً وفعلاً، واسم فاعل، ومصدراً (11) .
8- قوله: «حتى تمسي»: أي: تدخل في وقت المساء،وفي اللسان: «أَتيتُه مَساء أَمْسِ... والمَساء: بَعْدَ الظُّهْرِ إِلى صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِلى نِصْفِ اللَّيْلِ، وَقَوْلُ النَّاسِ: كَيْفَ أَمْسَيتَ؟ أَي كَيْفَ أَنت فِي وَقْتِ المَساء... وأَمْسَيْنا نَحْنُ: صِرْنا فِي وَقْتِ المَساءِ» (12) .
9- قوله: «صَدَقَ الْخَبِيثُ»:الصدق من علامات الصلاح، وفي اللسان: «الصِّدْق: نَقِيضُ الْكَذِبِ، صَدَقَ يَصْدُقُ صَدْقاً وصِدْقاً وتَصْداقاً.
صَدَّقه: قَبِل قولَه، وصدَقَه الْحَدِيثَ: أَنبأَه بالصِّدْق... وَيُقَالُ: صَدَقْتُ القومَ أَيْ قُلْتُ لَهُمْ صِدْقاً
» (13) ، وهنا وصف للشيطان عنوان الفساد، ولذلك رأى الحافظ ابن حجر : أنه: «مِنَ التَّتمِيم البَلِيغ الغايَة فِي الحُسن؛ لأَنَّهُ أَثبَتَ لَهُ الصِّدق، فَأَوهَمَ لَهُ صِفَة المَدح، ...وأَنَّ الكافِر قَد يَصدُق بِبَعضِ ما يَصدُق بِهِ المُؤمِن، ولا يَكُون بِذَلِكَ مُؤمِنًا، وبِأَنَّ الكَذّاب قَد يَصدُق، وبِأَنَّ الشَّيطان مِن شَأنه أَن يَكذِب» (14) ، و«الخَبِيثُ: ضِدُّ الطَّيِّبِ مِنَ الرِّزْق، والولدِ، والناسِ، ...الخَبِيثُ: ذُو الخُبْثِ فِي نَفْسه؛ قَالَ: والمُخْبِثُ الَّذِي أَصحابُه وأَعوانه خُبَثاء، وَ...خَبِيثٍ مُخْبِثٍ: أَي: فاسدٍ مُفْسِدٍ لِمَا يَقَع فِيهِ؛ قَالَ: وأَما قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: (مِنَ الخُبْثِ والخَبائِثِ)؛ فإِنه أَراد بالخُبْثِ الشَّرَّ، وبالخَبائِثِ الشَّيَاطِينَ،... الخُبُث، بِضَمِّ الْبَاءِ، وَهُوَ جمعُ الخَبيث، وَهُوَ الشَّيْطَانُ الذَّكر، ويَجْعَلُ الخَبائِثَ جَمْعًا للخَبيثة مِن الشَّيَاطِينِ،... الخُبْثُ، بِسُكُونِ الْبَاءِ، وَهُوَ خلافُ طَيِّبِ الفِعْل مِنْ فُجُور وَغَيْرِهِ، والخَبائِثُ، يُريد بِهَا الأَفعالَ الْمَذْمُومَةَ والخِصالَ الرَّديئةَ.
وأَخْبَثَ الرجلُ أَي اتَّخَذَ أَصحاباً خُبَثاء، فَهُوَ خَبِيثٌ مُخْبِثٌ، ومَخْبَثانٌ؛ يُقَالُ: يَا مَخْبَثانُ
» (15) .

ما يستفاد من الحديث:

1- وقت أذكار الصباح هو من بعد طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس، وأذكار المساء من بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، على أن الأمر في ذلك واسع بفضل اللَّه فيما إذا نسي المسلم، أو حدث له عارض، فإنه يكمل أذكار الصباح بعد طلوع الشمس، ويكمل أذكار المساء بعد غروبها، وبعد صلاة المغرب، ولكن الأفضل أن تكون أذكار الصباح من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس، وأذكار المساء من بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، واللَّه عز وجل أعلم (16) .
2- ومن الأدلة على مشروعية هذه الأذكار قوله تعالى: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾ سورة غافر، الآية: 55 ، والإبكار هو أول النهار، والعشي آخره، وقوله: ﴿ فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ﴾ سورة الروم، الآية: 17 ، وقوله: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾ سورة ق، الآية: 39 ، وغير ذلك.
3- الشَّيطان قَد يَعلَم ما يَنتَفِع بِهِ المُؤمِن، وأَنَّ الحِكمَة قَد يَتَلَقّاها الفاجِر فَلا يَنتَفِع بِها، وتُؤخَذ عَنهُ فَيَنتَفِع بِها، وأَنَّ الشَّخص قَد يَعلَم الشَّيء، ولا يَعمَل بِهِ، وأَنَّ الكافِر قَد يَصدُق بِبَعضِ ما يَصدُق بِهِ المُؤمِن، ولا يَكُون بِذَلِكَ مُؤمِنًا، وبِأَنَّ الكَذّاب قَد يَصدُق، وبِأَنَّ الشَّيطان مِن شَأنه أَن يَكذِب (17) .

1 أبي بن كعب سيد القراء: أبو المنذر الأنصاري، شهد العقبة، وبدرًا، وجمع القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وعرضه عليه رواه الطبراني في الكبير، برقم 541، وصحح إسناده الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، برقم 662، من أعظم مناقبه أن اللَّه أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقرأ عليه سورة البينة، وأن اللَّه سماه باسمه للنبي صلى الله عليه وسلم البخاري، برقم 3809. كان رأسًا في العلم والعمل، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يجلّه، ويسميه بسيّد المسلمين، وقد مات في خلافة عثمان رضي الله عنه سنة ثلاثين من الهجرة.سير أعلام النبلاء، 1/ 389، ترجمة رقم (82)
2 أخرجه الحاكم، 1/ 562، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 273
3 النهاية في غريب الحديث والأثر، 1/ 237، مادة (جرن)
4 انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، 1/ 432، مادة (حلم)
5 انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، 1/ 306، مادة (جنن)
6 لسان العرب، 3/ 233، مادة (شدد)
7 لسان العرب، 4/ 155، مادة (جور)
8 روى أحمد في المسند، 44/ 148، برقم 26/ 725، عن أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قَالَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم «إِنَّ السُّوءَ إِذَا فَشَا فِي الْأَرْضِ فَلَمْ يُتَنَاهَ عَنْهُ، أَرْسَلَ اللَّهُ  بَأْسَهُ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ»، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَفِيهِمُ الصَّالِحُونَ؟ قَالَتْ: قَالَ: «نَعَمْ، وَفِيهِمُ الصَّالِحُونَ، يُصِيبُهُمْ مَا أَصَابَ النَّاسَ، ثُمَّ يَقْبِضُهُمُ اللَّهُ  إِلَى مَغْفِرَتِهِ وَرِضْوَانِهِ، أَوْ إِلَى رِضْوَانِهِ وَمَغْفِرَتِهِ»، وضعفه محققو المسند، وفي لفظ آخر في موضوع آخر لمسلم، برقم 1061 عن عبد اللَّه بن زيد: «فَبَلَغَهُ أَنَّ الأَنْصَارَ يُحِبُّونَ أَنْ يُصِيبُوا مَا أَصَابَ النَّاسُ»
9 انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، 3/ 56، مادة (صوب)
10 انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، 1/ 312، مادة (جور)
11 النهاية في غريب الحديث والأثر، 3/ 345، مادة (غدو)
12 لسان العرب، 15/ 281، مادة (مسو)
13 لسان العرب، 10/ 193، مادة (صدق)
14 فتح الباري، لابن حجر، 4/ 489
15 لسان العرب، 2/ 141، مادة (خبث)
16 انظر: المصباح المنير، 1/ 246، والوابل الصيب لابن القيم، ص 240
17 فتح الباري، 4/ 489

قم بقراءة المزيد من الأذكار والأدعية




قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Saturday, August 9, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب