أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق

حصن المسلم | أذكار المساء | أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق

أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (1).


(1) من قالها حين يمسي ثلاث مرات لم تضرّه حُمَة تلك الليلة، أخرجه أحمد، 2/ 290، برقم 7898، والنسائي في عمل اليوم والليلة، برقم 590، وابن السني، برقم 68، وانظر: صحيح الترمذي، 3/187، وصحيح ابن ماجه، 2/266، وتحفة الأخيار لابن باز، ص45 .

شرح معنى أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

13- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَالَ حِينَ يُمْسِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ حُمَةٌ تِلْكَ اللَّيْلَةَ».
قال سهيل(1): فكان أهلُنَا تَعلَّمُوها فكانوا يقولونها كل ليلة فلدغت جارية منهم، فلم تجد لها وجعًا(2) .
14- وجاء عند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول اللَّه ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة! فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: «أما لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات اللَّه التامات من شر ما خلق لم تضرك»(3) .
15- عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةِ(4) ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: «إِذَا نَزَلَ أَحَدُكُمْ مَنْزِلًا، فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْهُ»(5) .

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «أعوذ»: أي: ألتجئ، وأتحصَّنُ، وأعتصم، وأستجير، والعوذ: الالتجاء إلى الغير، والتعلق به، يقال: عاذ فلان بفلان، ... وأعذته باللَّه أعيذه، أي: ألتجئ إليه، وأستنصر به أن أفعل ذلك(6) ، وقال العلامة السعدي : «أعوذ: أي: ألجأ، وألوذ، وأعتصم»(7) مرقاة المفاتيح، 1/ 402 (8) مرقاة المفاتيح، 2/ 266 (9) سورة يس، الآية: 82 (10) انظر: صحيح البخاري، برقم 2311 (11) سورة هود، الآية: 57 (12) شرح رياض الصالحين، شرح الحديث رقم 983 (13) مرقاة المفاتيح، 2/ 266 (14) مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، ص 259 /55 .

1- مشروعية قول هذا الذكر والاجتهاد في إمراره على القلب، مع تحقق اليقين في صدق من جاء به، وأنه لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم.
2- الذكر مع العبد بمنزلة السلاح، والسلاح بضاربه، فقد يكون السلاح مع عبد، ولكنه لا يحسن استخدامه، فلا تتحقق من ذلك مصلحة.
3- ما كان عليه السلف الصالح من قوة اليقين، وصدق التوكل.
4- الاستعاذة بكلام اللَّه دليل على أنه صفة من صفاته، وأن كلام اللَّه ليس بمخلوق، وأنه منه بدأ، وإليه يعود، وهذا هو معتقد أهل السنة والجماعة.
5- دل الحديث على أن كلمات اللَّه تامة، وقد جاء في القرآن بيان ذلك في قوله تعالى: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾(15) ، فوصف اللَّه هذه الكلمات بوصفين: بالصدق في الأخبار، والعدل في الأحكام، فلا مغير لها بزيادة ولا نقصان، ولا تقديم ولا تأخير.
6- يقال هذا الدعاء عند نزول الإنسان منزلًا في سفر أو حضر؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ، حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ»(5) .
وسمعت شيخنا ابن باز : يذكر أنه يدخل في المنازل: الطائرات، والسيارات، والقطارات؛ لأنها منازل متحركة، يأكل فيها الإنسان، ويشرب، ويقضي حاجته.

1 وهو سهيل بن أبي صالح: ذكوان السمان: صدوق تغير حفظه بأخرة، أحد رواة الحديث، روى له البخاري مقروناً وتعليقاً، كما روى له الجماعة، من السادسة، مات في خلافة المنصور. انظر: تقريب التهذيب، 2/ 185
2 الترمذي، برقم 3604، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، 3/ 187
3 مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره، برقم 2709
4 خولة بنت حكيم السلمية: تكنى بأم شريك، وهي امرأة عثمان بن مظعون رضي الله عنه، وهي من اللائي وهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم البخاري، برقم 5113 وهي من السابقات إلى الإسلام، وقد روت عن النبي صلى الله عليه وسلم خمسة عشر حديثًا. انظر: أسد الغابة، 7/ 104، والاستيعاب، 4/ 1830
5 مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره، برقم 2708
6 انظر: مفردات ألفاظ القرآن، للراغب الأصفهاني، 2/ 136
7 تفسير السعدي، ص 937 / 55 . 2- قوله: «بكلمات اللَّه»: هي القرآن الكريم، وقيل: هي كلماته الكونية القدرية، الكاملة الشاملة الفاضلة، وهي أسماؤه وصفاته، وآيات كتبه
8 ، والكلمات ههنا محمولة على أسماء اللَّه الحسنى، وكتبه المنزلة؛ لأن الاستعاذة إنما تكون بها
9 ، وقال العلامة ابن عثيمين : «وكلمات اللَّه التامات تشمل كلماته الكونية والشرعية، فأما الكونية فهي التي ذكرها اللَّه في قوله: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْ‍ئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾
10 ، فيحميك اللَّه تعالى بكلماته الكونية، يدفع عنك ما يضرك إذا قلت هذا الكلام، كذلك الكلمات الشرعية، وهي الوحي، فيها وقاية من كل سوء، وشر: وقاية من الشر قبل نزوله، [وبعد نزوله]، أما قبل نزوله، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من قرأ آية الكرسي في ليلة لم يزل عليه من اللَّه حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح
11 ، وأما بعد نزول الأثر فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن الفاتحة إذا قرئ بها على المريض؛ فإنه يبرأ بها، حتى إن الصحابي رضي الله عنه لما قرأ الفاتحة على سيد القوم الذي لدغ، قام كأنما نشط من عقال، يعني: برأ حاله لأن القرآن شفاء ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾
12 ، فاحرص يا أخي المسلم إذا نزلت منزلاً في بر، أو بحر، أو منزلاً اشتهيته للنوم، وما أشبه ذلك، فقل: أعوذ بكلمات اللَّه التامات من شر ما خلق؛ فإنه لا يضرك شيء حتى ترتحل من منزلك ذلك، واللَّه الموفق»
13 . 3- قوله: «التامات»: صفة لكلام اللَّه، أي: الكاملات التي لا يطرأ عليها نقص، ولا عيب، ووصفها بالتامة لخلوها عن النواقص، والعوارض، بخلاف كلمات الناس؛ فإنهم متفاوتون في كلامهم على حسب تفاوتهم في العلم، واللهجة، وأساليب القول...، وكلمات اللَّه تعالى متعالية عن هذه القوادح، فهي لا يسعها نقص، ولا يعتريها اختلال، واحتجّ الإمام أحمد بها على القائلين بخلق القرآن، فقال: لو كانت كلمات اللَّه مخلوقة، لم يُعِذْ بِهَا اللَّهُ؛ إذ لا يجوز الاستعاذة بمخلوق
14 . 4- قوله: «من شر ما خلق» أي: من كل مخلوق يأتي بشرٍّ من: جن، أو إنس، أو دابة، أو ريح، أو بلاء، أو داء، أو غير ذلك، من مخلوقات اللَّه عز وجل، قال الشيخ البعلي: «فَأَمَرَهُ أَنْ يَسْتَعِيذَ بِهِ مِنَ الشَّرِّ الَّذِي فِي الْمَخْلُوقِ، فَهُوَ الَّذِي يُعِيذُ مِنْهُ، وَيُنْجِي مِنْهُ، وَإِذَا أَخْلَى الْعَبْدُ قَلْبَهُ مِنْ مَحَبَّتِهِ وَالْإِنَابَةِ إِلَيْهِ، وَطَلَبَ مَرْضَاتِهِ، وَأَخْلَى لِسَانَهُ مِنْ ذِكْرِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَجَوَارِحَهُ مِنْ شُكْرِهِ وَطَاعَتِهِ، فَلَمْ يُرِدْ مِنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ، وَنَسِيَ رَبَّهُ، لَمْ يُرِدِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يُعِيذَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَنَسِيَهُ كَمَا نَسِيَهُ، وَقَطَعَ الْإِمْدَادَ الْوَاصِلَ إِلَيْهِ مِنْهُ كَمَا قَطَعَ الْعَبْدُ الْعُبُودِيَّةَ وَالشُّكْرَ وَالتَّقْوَى الَّتِي تَنَالُهُ مِنْ عِبَادِهِ، ... فَالَّذِي إِلَى الرَّبِّ وَبِيَدَيْهِ، وَمِنْهُ، هُوَ الْخَيْرُ، وَالشَّرُّ كَانَ مِنْهُمْ مَصْدَرُهُ، وَإِلَيْهِمْ كَانَ مُنْتَهَاهُ، فَمِنْهُمُ ابْتَدَأَتْ أَسْبَابُهُ بِخِذْلَانِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ تَارَةً، وَبِعُقُوبَتِهِ لَهُمْ بِهِ تَارَةً، وَإِلَيْهِمُ انْتَهَتْ غَايَتُهُ وَوُقُوعُهُ، فَتَأَمَّلْ هَذَا الْمَوْضِعَ»
15 سورة الأنعام، الآية: 115

قم بقراءة المزيد من الأذكار والأدعية




قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Saturday, August 9, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب