الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة

حصن المسلم | الدعاء عند الفراغ من الطعام | الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ (1).

Alhamdu lillahil-lathee atAAamanee hatha warazaqaneehi min ghayri hawlin minnee wala quwwah.
‘All praise is for Allah who fed me this and provided it for me without any might nor power from myself.


(1) أخرجه أصحاب السنن إلا النسائي: أبو داود، برقم 4025، والترمذي، برقم 3458، وابن ماجه، برقم 3285، وانظر صحيح الترمذي، 3/159 .

شرح معنى الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

612- لفظ أبي داود عَنْ معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَكَلَ طَعَامًا ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا الطَّعَامَ، وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلاَ قُوَّةٍ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَا تَأَخَّرَ، وَمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي هَذَا الثَّوْبَ، وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلاَ قُوَّةٍ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ» (1) .
613- ولفظ الترمذي وغيره: عن مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَكَلَ طَعَامًا فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا، وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلاَ قُوَّةٍ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (2) .

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «من أكل طعاماً»: قال ابن علان : «ظاهر عمومه، ولو على وجه التداوي، لشمول الطعام له لغة وشرعاً، كما ذكره الفقهاء في باب الربا، وعدم حنث من حلف لا يأكل طعاماً، يتناوله من حيث إن مدار الأيمان على العرف، وهو لا يعدّه طعاماً» (3) .
2- قوله: «الحمد للَّه»: قال الإمام ابن القيم : «الحمد، هو: الإخبار بمحاسن المحمود على وجه المحبة له» (4) ، وقال الطيبي : «الحمد: الثناء على قدرته؛ ... فيشكر على ما أولى العباد بسبب الانتقال من النعم الدينية، والدنيوية ما لا يحصى» (5) .
3- قوله: «الذي أطعمني هذا»: أي: جعلني آكله وأشعر بلذة طعمه فإن هذا من النعم.
قال ابن منظور : «الطَّعامُ: اسمٌ جامعٌ لِكُلِّ مَا يُؤكَلُ» (6) 4- قوله: «ورزقنيه»: أي: يسره لي، فهو صاحب الفضل والنعمة.
قال العلامة ابن عثيمين : «ارزقني: يعني الرزق الذي يقوم به البدن: من الطعام، والشراب، واللباس، والمسكن، وغير ذلك، والرزق الذي يقوم به القلب، وهو العلم النافع، والعمل الصالح، وهذا يشمل هذا وهذا، فالرزق نوعان: رزق يقوم به البدن، ورزق يقوم به القلب، والدين، والإنسان إذا قال: ارزقني، فهو يسأل اللَّه هذا وهذا» (7) .
5- قوله: «من غير حول مني ولا قوة»: أي: من غير قوة مني، تشق عليَّ ولا حيلة، بل بفضلك وحدك ورزقك، وتوفيقك، وإعانتك (8) .
قال العلامة ابن عثيمين :«ومعنى ذلك أنه لولا أن اللَّه تعالى يسّر لك هذا الطعام، ما حصل لك، كما قال تعالى: (أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ * إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) سورة الواقعة، الآيات: 63- 67 ، فالإنسان لولا أن اللَّه ييسّر له الطعام من حين أن يبذر، ثم ينبت، ثم يحصد، ثم يحضر إليه، ثم يطحن، ثم يعجن، ثم يطبخ، ثم ييسّر اللَّه له الأكل ما تيسَّر له ذلك؛ ولهذا قال بعض العلماء إن الطعام لا يصل إلى الإنسان ويقدم إليه إلا وقد سبق ذلك نحو مائة نعمة من اللَّه لهذا الطعام، ولكننا أكثر الأحيان في غفلة عن هذا، نسأل اللَّه أن يطعمنا وجميع المسلمين الطعام الحلال، وأن يرزقنا شكر نعمته، إنه على كل شيء قدير» (9) .
6- قوله: «غُفر له ما تقدم من ذنبه»: قال ابن منظور: «الغَفْر: التَّغْطِيَةُ، وَالسَّتْرُ،... غَفَرَ اللَّهُ ذُنُوبَهُ أَي: سَتَرَهَا... والغَفْرُ، والمَغْفِرةُ: التَّغْطِيَةُ عَلَى الذُّنُوبِ، والعفوُ عَنْهَا» (10) ، قال الحافظ ابن حجر : «بِمَعنَى أَنَّ اللَّه أَخبَرَ أَنَّهُ لا يُؤاخِذهُ بِذَنبٍ لَو وقَعَ مِنهُ» (11) .

ما يستفاد من الحديث:

1- حمد اللَّه وشكره على نعمه من أسباب رضا اللَّه على العبد، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا» (12) .
2- الأرزاق التي يسوقها اللَّه لعباده هي إنعام منه عليهم وكل ما يبذله العبد من سبب شرعي إنما هو بتوفيق اللَّه وتذليله لهذه الأسباب.
3- إظهار افتقار المسلم لربه يقوي في قلبه عبوديته لله تعالى.
4- البشارة النبوية الكريمة لقائل هذا الذكر بالمغفرة لقوله صلى الله عليه وسلم في نهاية الحديث: «غفر له ما تقدم من ذنبه».
5- من جملة الآداب النبوية إضافة إلى ما مضى: الأدب الأول: الأكل باليمين والأكل مما يلي الآكل لقوله صلى الله عليه وسلم: «سم اللَّه وكل بيمينك وكل مما يليك» (13) ، إلا إذا كان الآكل يأكل وحده فلا حرج عليه أن يأكل من الطرف الآخر لأنه لا يؤذي أحدًا بذلك ولكنه لا يأكل من الوسط لأن البركة تنزل فيها.
ولكن يجوز للإنسان إذا كان الطعام أنواعًا كلحم أو غيره أن تتخطى يده ما يليها لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتتبع الدباء من الصحفة ويأكلها (14) .
الأدب الثاني: عدم الأكل إلا إذا أتى كبير القوم، أو أذن لهم في ذلك؛ لقول حذيفة رضي الله عنه: كنا إذا حضرنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم طعامًا لم نضع أيدينا حتى يضع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يده (15) .
الأدب الثالث: عدم عيب الطعام لقول أبي هريرة رضي الله عنه: «ما عاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم طعامًا قط.
إن اشتهاه أكله وإن كرهه تركه
» (16) .
الأدب الرابع: عدم النفخ في الطعام والشراب لقول ابن عباس ب: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتنفس في الإناء أو ينفخ فيه»( ).
وفي لفظ: «نهى عن النفخ في الطعام والشراب» (17) .
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: «لا يؤكل طعام حتى يذهب بخاره» (18) .
الأدب الخامس: غسل اليد بعد الطعام لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَامَ وَفِي يَدِهِ غَمَرٌ وَلَمْ يَغْسِلْهُ، فَأَصَابَهُ شَيْءٌ، فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَه » (19) ، ومعنى غمر أي: الدسم، والوسخ، والعلة من هذا أن الهوام، أو الجان، وذوات السموم ربما تقصده لرائحته فتؤذيه.
أما حديث: «بركة الطعام في الوضوء قبله والوضوء بعده» ففي ثبوته نظر (20) .
6- تضمن هذا الذكر إثبات أن الرزاق من أسماء اللَّه الحسنى، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ سورة الذاريات، الآية: 58 .
ومعناه المتكفل بالرزق لجميع خلقه.
قال اللَّه عز وجل: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾ سورة هود، الآية: 6 ، قال العلامة السعدي : ورزقه لعباده نوعان: النوع الأول: رزق عام، شمل البر والفاجر، والأولين والآخرين، وهو رزق الأبدان.
النوع الثاني: ورزق خاص، وهو رزق القلوب، وتغذيتها بالعلم والإيمان (21) .
7- قال المناوي : «وفي الحديث دليل على جواز الشبع، وردٌّ على من كرهه من الصوفية، والمكروه منه ما يزيد على الاعتدال، وهو الأكل بكل البطن، حتى لا يترك للماء، ولا للنفس مساغاً، وحينئذ قد ينتهي إلى التحريم» (22) .

1 أبو داود، برقم 4025، وحسنه الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار، 1/ 123
2 الترمذي، برقم 3458، وابن ماجه، برقم 3285، وحسنه الألباني صحيح الترمذي، 3/159، وصحيح ابن ماجه، برقم 2656
3 دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين، 6/ 22
4 بدائع الفوائد، 2/537
5 شرح المشكاة للطيبي: الكاشف عن حقائق السنن، 6/ 1909
6 لسان العرب، 12/ 363، مادة (طعم)
7 شرح رياض الصالحين، شرح الحديث رقم 1469
8 الكلم الطيب، تعليق الشيخ: محمد النجدي، 59
9 شرح رياض الصالحين، لابن عثيمين، شرح الحديث رقم 735
10 لسان العرب، 5/ 25، مادة (غفر)
11 فتح الباري، 11/ 436
12 مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب حمد اللَّه تعالى بعد الأكل والشرب، برقم 2734
13 البخاري، كتاب الأطعمة، باب الأكل مما يليه، برقم 5378
14 البخاري، كتاب الأطعمة، باب من تتبع حوالي القصعة مع صاحبه إذا لم يعرف منه كراهية، برقم 5379
15 مسلم، كتاب الأشربة، باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما، برقم 2017
16 البخاري، كتاب الأطعمة، باب ما عاب النبي صلى الله عليه وسلم طعاماً قط، برقم 5409
17 أحمد، 5/ 26، برقم 2817، وابن أبي شيبة، 5/ 107، برقم 24179، وصحح إسناده محققو المسند، 5/ 27، والألباني، في إرواء الغليل، 7/ 36
18 أالبيهقي في السنن الكبرى، 7/ 280، وفي شعب الإيمان له، 5/ 93، وحسن إسناده محققو مسند الإمام أحمد، 28/ 639، والألباني في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، 7/ 37
19 أخرجه أحمد، 13/ 16، برقم 7569، وأبو داود، كتاب الأطعمة، باب في غسل اليد من الطعام، برقم 3852، والبيهقي في السنن الكبرى 7/276، وصححه محققو المسند، والألباني في صحيح سنن أبي داود، برقم 3852
20 أبو داود، كتاب الأطعمة، باب في كراهية ذم الطعام، برقم 3763، الترمذي، كتاب الأطعمة، باب ما جاء في الوضوء قبل الطعام وبعده، برقم 1846، مسند أحمد، برقم 23733، وضعفه محققو المسند، والمستدرك للحاكم، 4/ 107، والألباني في ضعيف سنن الترمذي، برقم 312، والسلسلة الضعيفة، برقم 168، وقواه ابن التركماني في الجوهر النقي على سنن البيهقي، لابن التركماني، 7/ 276، وقال المنذري في الترغيب والترهيب، 3/ 109، برقم 3274: «قيس بن الربيع صدوق وفيه كلام لسوء حفظه لا يخرج الإسناد عن حد الحسن»
21 تفسير السعدي، ص 947
22 فيض القدير، 6/ 110


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, August 10, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب