الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه غير مكفي ولا مودع ولا

حصن المسلم | الدعاء عند الفراغ من الطعام | الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه غير مكفي ولا مودع ولا

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، غَيْرَ [مَكْفِيٍّ وَلَا مُوَدَّعٍ]، وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا (1).

Alhamdu lillahi hamdan katheeran tayyiban mubarakan feeh, ghayra makfiyyin wala muwaddaAAin, wala mustaghnan AAanhu rabbuna.
‘Allah be praised with an abundant beautiful blessed praise, a never-ending praise, a praise which we will never bid farewell to and an indispensable praise, He is our Lord.’ There are other views as regards to the understanding of this supplication, from them: Allah be praised with an abundant beautiful blessed praise. He is The One Who is sufficient, feeds and is not fed. The One Who is longed for, along with that which is with Him and The One Who is needed, He is our Lord.


(1) البخاري، 6/ 214، برقم 5458، والترمذي بلفظه، 5/ 507، برقم 3456.

شرح معنى الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه غير مكفي ولا مودع ولا

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

614- لفظ أبي داود عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا رُفِعَتِ الْمَائِدَةُ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ غَيْرَ مَكْفِيٍّ، وَلاَ مُوَدَّعٍ، وَلاَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبُّنَا».
615- لفظ البخاري عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا» (1) .
616- وفي لفظ آخر للبخاري، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ - وَقَالَ مَرَّةً: إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ - قَالَ: «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانَا وَأَرْوَانَا، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلاَ مَكْفُورٍ»، وَقَالَ مَرَّةً: «الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّنَا، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلاَ مُوَدَّعٍ وَلاَ مُسْتَغْنًى، رَبَّنَا» (2) .
617- ولفظ الدارمي عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْداً كَثِيراً طَيِّباً مُبَارَكاً فِيهِ، غَيْرَ مَكْفُورٍ، وَلاَ مُوَدَّعٍ، وَلاَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا» (3) .
618- ورواية للحاكم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْهُ ، قَالَ: دَعَا رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ مِنْ أَهْلِ قُبَاءَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَانْطَلَقْنَا مَعَهُ، فَلَمَّا طَعِمَ وَغَسَلَ يَدَيْهِ - أَوْ قَالَ: يَدَهُ - قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ، مَنَّ عَلَيْنَا فَهَدَانَا، وَأَطْعَمْنَا، وَسَقَانَا، وَكُلَّ بَلاَءٍ حَسَنٍ أَبْلاَنَا، الْحَمْدُ لِلَّهِ غَيْرَ مُوَدَّعٍ، وَلاَ مُكَافَئٍ، وَلاَ مَكْفُورٍ، وَلاَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَ مِنَ الطَّعَامِ، وَسَقَى مِنَ الشَّرَابِ، وَكَسَا مِنَ الْعُرْيِ، وَهَدَى مِنَ الضَّلاَلَةِ، وَبَصَّرَ مِنَ الْعَمَايَةِ، وَفَضَّلَ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلاً، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» (4) .
619- عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ رَجُلٌ خَدَمَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَمَانِ سِنِينَ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِذَا قُرِّبَ إِلَيْهِ طَعَامُهُ يَقُولُ: «بِسْمِ اللَّهِ»، وَإِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ قَالَ: «اللهُمَّ أَطْعَمْتَ وَأَسْقَيْتَ، وَأَغْنَيْتَ وَأَقْنَيْتَ، وَهَدَيْتَ وَأَحْيَيْتَ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا أَعْطَيْتَ» (5) .
620- عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَ، وَسَقَى، وَسَوَّغَهُ، وَجَعَلَ لَهُ مَخْرَجًا» (6) .

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «الحمد للَّه»: الحمد هو الوصف بالجميل، واللَّه لفظ الجلالة علم على ذات الرب سبحانه وتعالى.
قال الإمام ابن القيم : «الحمد، هو: الإخبار بمحاسن المحمود على وجه المحبة له» (7) ، وقال الطيبي : «الحمد: الثناء على قدرته؛ ... فيشكر على ما أولى العباد بسبب الانتقال من النعم الدينية، والدنيوية ما لا يحصى» (8) .
2- قوله: «حمدًا كثيرًا»: المراد بالكثرة عدم النهاية لحمده، كما لا نهاية لنعمه، فله الحمد من قبل، ومن بعد.
قال الطيبي : «حمداً» نصب بفعل مضمر دل عليه الحمد، ويحتمل أن يكون بدلاً عنه جارياً على محله» (9) .
3- قوله: «طيبًا»: لأن اللَّه طيب في إنعامه وأفعاله وأسمائه وصفاته.
قال الطيبي : « و«طيباً» وصف له، أي خالصاً عن الرياء والشبهة» (9) ، وقال ابن علان : «(طيباً) أي منزهاً عن سائر ما ينقصه من رياء، أو سمعة أو إخلال بإجلال» (10) .
4- قوله: «مباركًا فيه» أي: لا ينقطع؛ لأن البركة زيادة ونماء على الدوام.
قال ابن علان : «مباركاً فيه» يقتضي بركة وخيراً كثيراً، تترادف أرفاده، وتتضاعف أمداده» (9) ، وقال الزبيدي: «... ولمّا كانَ الخَيرُ الإِلهي يَصْدُرُ من حيثُ لا يُحَسّ، وعلى وجهٍ لا يُحْصَى، ولا يُحْصَرُ، قِيل لكُلِّ ما يُشاهَدُ منه زيادَةٌ غيرُ مَحْسَوسة: هو مُبارَكٌ، وفيه بَرَكَةٌ» (11) .
5- قوله: «غير مكفي» أي: غير محتاج إلى الطعام فيُكفى لكنه يُطعم فيكفي (12) .
وقيل: غير مردود عليه إنعامه من كفأت الإناء إذا قلبته.
قال ابن الأثير : «قوله: غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا، مكفي: المكفي : المقلوب ، من قولك: كفأت القدر: إذا قلبتها ، والضمير راجع إلى الطعام، فالله سبحانه هو المطعم والكافي، وهو غير مطعم، ولا مكفي، فالمكفيّ: الإِناء المقلوب للاستغناء عنه، كما قال: «غير مستغنى عنه» أو لعدمه (13) .
معناه أن اللّه سبحانه هو المطعم والكافي وهو غير مطعَم ولا مكفي كما قال سبحانه : ﴿وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ﴾ سورة الأنعام، الآية: 14 » (14) .
6- قوله: «ولا مودَّع» أي: غير متروك الطلب منه، وبكسر الدال أي: أن الداعي غير تارك لدعائه والطلب منه، فقوله : «ولا مودع» أي : غير متروك الطلب إليه، والرغبة فيما عنده ، ومنه قوله تعالى: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ﴾ سورة الضحى، الآية: 3 ، أي: ما تركك ، ومعنى المتروك.
المستغنى عنه» (14) .
7- قوله: «غير مكفور»: قال الحربيّ: «وقوله غير مكفور: أي: غير مجحود نِعمَ اللّه عز وجل فيه، بل مشكورة، غير مستور الاعتراف بها، والحمد عليها أن الضمير يعود إليه، وأن معنى قوله غير مكفيّ: أنه يُطْعِمُ ولا يُطْعَمُ كأنه على هذا من الكفاية، وإلى هذا ذهب غيره في تفسير هذا الحديث: أي: إن اللّه تعالى مستغنٍ عن معين وظهير» (15) ، وقال القاضي عياض : «غَيْرَ مَكْفُورٍ: غير مجحود نعمة اللَّه فيه، بل مشكورة غير مستورة الاعتراف بها، والحمد والشكر عليها، وذهب الخطابي إلى أن المراد بهذا الدعاء كله: الباري سبحانه، وأن الضمير يعود إليه، وأن معنى قوله: «غَيْرَ مَكْفِيٍّ» أي: أنه يُطعِم ولا يُطعَم، كأنه هاهنا من الكفاية، وإلى هذا ذهب غيره في تفسير هذا الحرف، أي: أنه تعالى مستغن عن معين وظهير، أي: لا نكفر نعمتك علينا بهذا الطعام، فعلى هذا : التفسير الثاني يحتاج أن يكون قوله: «ربنا» مرفوعاً، أي: ربنا غير مكفي ولا مودع، ولا مستغنى عنه، وعلى التفسير الأول : يكون «ربنا» منصوباً على النداء المضاف، وحرف النداء محذوف، أي: يا ربنا، ويجوز أن يكون الكلام راجعاً إلى الحمد، كأنه قال: حمداً كثيراً مباركاً فيه غير مكفي ولا مودع، ولا مستغنى عنه، أي: عن الحمد، ويكون «ربنا» منصوباً أيضاً كما سبق (16) .
8- قوله: «ولا مستغنى عنه ربُّنا»: بالرفع أي: هو ربنا وبالنصب على المدح أو الاختصاص أو بالنصب على النداء مع حذف أداة النداء (17) ، قال النووي : « وقوله: «ولا مودّع»: أي غير متروك الطلب منه والرغبة إليه، وهو بمعنى المستغنى عنه، وينتصب ربنا على هذا بالاختصاص، أو المدح، أو بالنداء، كأنه قال: يا ربنا اسمع حمدنا، ودعاءنا، ومن رفعه قطعه وجعله خبراً، وكذا قيده الأصيلي، كأنه قال: ذلك ربّنا: أي أنت ربنا، ويصحّ فيه الكسر على البدل من الاسم في قوله الحمد للّه» (18) .
9- قوله: «كسا من العري »: قال ابن منظور : «يقال: كَسَوْت فلاناً أَكْسُوه كِسْوةً إِذا أَلبسته ثوباً، أَو ثياباً،... يقال كَسِيَ يَكْسَى ضدّ عَرِيَ يَعْرَى» (19) ، «والعُرْيُ: خلافُ اللُّبْسِ، عَرِيَ من ثَوْبه يَعْرَى عُرْياً وعُرْيَةً، فهو عارٍ، وتَعَرَّى، ... ورَجلٌ عُريانٌ، والجمع عُرْيانون» (20) .
10- قوله: «هدى من الضلالة»: قال ابن منظور : «من أَسماء اللَّه تعالى سبحانه: (الهادي) قال ابن الأَثير: هو الذي بَصَّرَ عِبادَه، وعرَّفَهم طَريقَ معرفته حتى أَقرُّوا برُبُوبيَّته، وهَدى كل مخلوق إِلى ما لا بُدَّ له منه في بَقائه، ودَوام وجُوده، الهُدى: ضدّ الضلال، وهو الرَّشادُ، ...الهُدَى، أَي: الصِّراط الذي دَعا إِليه هو طَرِيقُ الحقّ» (21) .
11- قوله: «بصَّر من العماية»: في اللسان أن التبصير التبيين، فناقة ثمود مبصرة أي: إِنها تُبَصِّرهم، أَي تَجْعَلُهُمْ بُصَراء... والبَصِيرَةُ: الحجةُ وَالِاسْتِبْصَارُ فِي الشَّيْءِ» (22) ، وقال ابن منظور : «الأَعْمَى عن الحَق: وهو الكافِر، والبَصِير وهو المؤمن الذي يُبْصِر رُشْدَهُ، ... عَمِيَ فلانٌ عن رُشْدِه، وعَمِيَ عليه طَريقُه إذا لم يَهْتَدِ لِطَرِيقه... والعماية: الجهالة بالشيء، وعَمايَة الجاهِلَّيةِ: جَهالَتها» (23) .
12- قوله: «وفضل على كثير ممن خلق تفضيلاً»: قال الطبري : في تفسير قوله تعالى: ﴿وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا﴾ سورة الإسراء، الآية: 70 : «ذكر لنا أن ذلك تمكنهم من العمل بأيديهم، وأخذ الأطعمة والأشربة بها ورفعها بها إلى أفواههم، وذلك غير متيسر لغيرهم من الخلق...﴿وَفَضَّلْنَاهُمْ﴾ في اليدين يأكل بهما، ويعمل بهما، وما سوى الإنس يأكل بغير ذلك...» (24) ، وقال الراغب الأصفهاني : «الفضل: الزيادة عن الاقتصاد، وذلك ضربان: محمود: كفضل العلم، والحلم، ومذموم: كفضل الغضب على ما يجب أن يكون عليه،.
والفضل في المحمود أكثر استعمالاً، والفضول في المذموم، والفضل إذا استعمل لزيادة أحد الشيئين على الآخر فعلى ثلاثة أضرب: فضل من حيث الجنس، كفضل جنس الحيوان على جنس النبات، وفضل من حيث النوع، كفضل الإنسان على غيره من الحيوان... وفضل من حيث الذات، كفضل رجل على آخر، فالأولان جوهريان، لا سبيل للناقص فيهما أن يزيل نقصه، وأن يستفيد الفضل، كالفرس والحمار لا يمكنهما أن يكتسبا الفضيلة التي خص بها الإنسان
» (25) .
13- قوله: «أقنيت»: قال ابن الأثير : «الْقَنَا: الرِّضَا، وَأَقْنَاهُ إِذَا أَرْضَاهُ» (26) ، ومعنى أقنيت أي: أرضيت وهذا امتثال لقوله عز وجل: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ سورة إبراهيم، الآية: 7 .

ما يستفاد من الحديث:

1- استحباب حمد اللَّه عز وجل بعد الطعام وهذا من شكر واهب النعم سبحانه وتعالى وعدم جحودها، قال ابن الملقن: «أهل العلم يستحبون حمد اللَّه تعالى عند تمام الأكل؛ أخذًا بحديث الباب وغيره، فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم في ذَلِكَ أنواع من الحمد والشكر» (27) .
2- على العبد أن يتأمل نعم اللَّه في الأكلة التي يأكلها والشربة التي يشربها وكيف أنها تمر بمراحل عديدة حتى ينتفع بها العبد وكيف يتخلص الجسم مما لا فائدة منه، أما حديث: «الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين»، وإن كان صحيح المعنى إلا أن أهل العلم ضعفوه (28) .
3- هذه الأنواع من الأدعية لا يتعين واحد منها بل يتخير المسلم أيها شاء والأفضل له أن ينوعها عملًا بالسنة جميعها وكذا يقولها المحدث والجنب والحائض؛ لأن هذا ذكر، وكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ (29) .
4- «الطيب»: من أسماء اللَّه تعالى.
قال صلى الله عليه وسلم: «إن اللَّه طيب لا يقبل إلا طيبًا...» الحديث (30) وله من الحمد أطيبه أي: أطهره فحري بالمؤمن أن يتحلى بصفة الطيبة في مأكله ومشربه وأعماله وأقواله ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ سورة فاطر، الآية: 10 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لاَ يَحُولَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ مِلْءُ كَفٍّ مِنْ دَمٍ يُهْرِيقُهُ كَأَنَّمَا يَذْبَحُ دَجَاجَةً ، كُلَّمَا تَقَدَّمَ لِبَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ لاَ يُدْخِلَ بَطْنَهُ إِلاَّ طَيِّبًا ، فَإِنَّ أَوَّلَ مَا يُنْتِنُ مِنَ الإِنْسَانِ بَطْنُهُ» (31) وقال: «والذي نفس محمد بيده إن المؤمن كمثل النخلة أكلت طيبًا ووضعت طيبًا» (32) .
5- الدعاء المشهور على ألسنة بعض الناس وهو قولهم: «الحمد لله حمدًا يوافي نعمه ويكافئ مزيده» (33) ، لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال الإمام ابن القيم : «هذا الحديث ليس في الصحيحين، ولا في أحدهما، ولا يعرف في شيء من كتب الحديث المعتمدة، ولا له إسناد معروف» (34) ، وقال أيضاً : «المخلوق إذا أنعم عليك بنعمة أمكنك أن تكافيه بالجزاء، أو بالثناء، واللَّه عز وجل لا يمكن أحداً من العباد أن يكافيه على إنعامه أبداً، فإن ذلك الشكر من نعمه أيضاً، أو نحو هذا من الكلام، فأين هذا من قوله في الحديث المروي عن آدم: «حمداً يوافي نعمه، ويكافيء مزيده» وقولهم: إن معناه يلاقي نعمه، فتحصل مع الحمد كأنهم أخذوه من قولهم: وافيت فلاناً بمكان كذا وكذا، إذا لاقيته فيه، ووافاني إذ لقيني، والمعنى على هذا: يلتقي حمده بنعمه، ويكون معها، وهذا ليس فيه كبير أمر، ولا فيه أن مسبب الحمد النعم وحالها، وإنما فيه اقترانه بها، وملاقاته لها اتفاقاً، ومعلوم أن النعم تلاقيها من الأمور الاتفاقية ما لا يكون سبباً في حصولها، فليس بين هذا الحديث، وبين النعم ارتباط يربط أحدهما بالآخر، بل فيه مجرد الموافاة والملاقاة التي هي أعم من الاتفاقية، والسببية معنى يكافي مزيده، وكذلك قولهم: يكافي مزيده أي: يكون كفواً لمزيده، ويقوم بشكر ما زاده اللَّه من النعم والإحسان، وهذا يحتمل معنى صحيحاً، ومعنى فاسداً، فإن أريد أن حمد اللَّه، والثناء عليه، وذكره أجلّ، وأفضل من النعم التي أنعم بها على العبد، من رزقه، وعافيته، وصحته، والتوسعة عليه في دنياه، فهذا حق يشهد له قوله: «ما أنعم اللَّه على عبد بنعمة، فقال: الحمد للَّه إلا كان ما أعطى أفضل مما أخذ» رواه ابن ماجه، فإن حمده لولي الحمد نعمة أخرى، هي أفضل، وأنفع له، وأجدى عائده من النعمة العاجلة؛ فإن أفضل النعم، وأجلّها على الإطلاق، نعمة معرفته تعالى، وحمده وطاعته، فإن أريد أن فعل العبد يكون كفو النعم، ومساوياً لها بحيث يكون مكافئا للنعم عليه، وما قام به من الحمد ثمناً لنعمه، وقياماً منه بشكر ما أنعم عليه به، وتوفية له؛ فهذا من أمحل المحال؛ فإن العبد لو أقدره اللَّه على عباده الثقلين، لم يقم بشكر أدنى نعمة عليه» (35) .

1 البخاري، برقم 5458
2 البخاري، برقم 5459
3 أبو داود، 3849
4 الحاكم، 1/ 546، وأخلاق النبي لأبي الشيخ، ص 236، برقم 680، وصححه محقق أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم
5 مسند أحمد، 27/ 140، برقم 16595، والنسائي في السنن الكبرى، كتاب الدعاء بعد الأكل، نوع آخر، برقم 6898، وابن السني في عمل اليوم والليلة، 416، برقم 465، وصححه محققو المسند، والألباني في صحيح الجامع، برقم 4768
6 أبو داود، كتاب الأطعمة، باب ما يقول الرجل إذا طعم، برقم 3851، والنسائي في الكبرى، كتاب الدعاء بعد الأكل، القول بعد الشرب، برقم 6894، وابن السني في عمل اليوم والليلة، ص 23، برقم 470، وصحيح ابن حبان، 12/ 24، برقم 5220، وصحح إسناده النووي في الأذكار، ص 295، ومحققو ابن حبان، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، 2/ 322، برقم 705
7 بدائع الفوائد، 2/537، وانظرها بتفصيل أكثر في شرح مفردات الحديث رقم 2 من أحاديث المتن، في المفردة رقم 4، ورقم 7
8 شرح المشكاة للطيبي: الكاشف عن حقائق السنن، 6/ 1909، وتقدم مستوفى في شرح المفردة الثانية من حديث المتن رقم 108
9 شرح المشكاة للطيبي: الكاشف عن حقائق السنن (3/ 991)
10 دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (6/ 21)
11 تاج العروس للزبيدي، 27/ 57، مادة (برك)
12 العلم الهيب صـ 466
13 انظر: جامع الأصول لابن الأثير، 4/ 307، معالم السنن، لأبي سليمان الخطابي، 3/ 103
14 جامع الأصول، 4/ 307
15 الأذكار النووية للإمام النووي، ص 293
16 مطالع الأنوار على صحاح الآثار، 3/ 379
17 تعليق الشيخ النجدي على الكلم الطيب ، ص 60
18 الأذكار للإمام النووي، ص 294
19 لسان العرب، 15/ 223، مادة (كسا)
20 لسان العرب، 15/ 44، مادة (عري)
21 لسان العرب، 15/ 353، مادة (هدي)
22 انظر: لسان العرب، 4/ 65، مادة (بصر).
23 لسان العرب، 15/ 95، مادة (عمي)
24 تفسير الطبري، 17/ 501
25 مفردات ألفاظ القرآن، للراغب الأصفهاني، 2/ 196
26 النهاية في غريب الحديث والأثر، 4/ 118، مادة (قنا)
27 التوضيح لشرح الجامع الصحيح، 26/ 246
28 أبو داود، كتاب الأطعمة، باب ما يقول الرجل إذا طعم، برقم 3850، وسنن الترمذي، كتاب الدعوات، باب ما ىقول إذا فرغ من طعامه، برقم 3457، والسنن الكبرى للنسائي، كتاب عمل اليوم والليلة، ما يقول إذا شرب اللبن وذكر الاختلاف على علي بن زيد بن جدعان في خبر بن عباس فيه، برقم 10120، ومسند أحمد، 17/ 375، برقم 11276، وضعفه محققو المسند، والألباني في ضعيف أبي داود ، برقن 3352، وضعيف ابن ماجه، برقم 3283
29 البخاري معلقاً، كتاب الأذان، باب هل يتتبع المؤذن فاه ههنا وههنا، وهل يلتفت في الأذان، قبل الحديث رقم، 634، ومسلم موصولاً، كتاب الحيض، باب ذكر اللَّه تعالى في حال الجنابة وغيرها، برقم 373
30 مسلم، كتاب الزكاة، باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها، برقم 1015
31 المعجم الكبير للطبراني، 2/ 160، برقم 1662، والبيهقي في شعب الإيمان، 7/ 260، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني، 4/ 293، برقم 2314، وصححه الألباني لغيره في صحيح الترغيب والترهيب، برقم 2444
32 مصنف عبد الرزاق، 11/ 404، برقم 20852، والبعث والنشور للبيهقي، ص 108، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم 2288
33 قال الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار، 3/ 289: «رجاله ثقات، لكن محمد بن النضر لم يكن صاحب حديث، ولم يجئ عنه شيء مسند»
34 صيغ الحمد، للإمام ابن القيم، طبعة دار العاصمة، ص 20، وقال : أيضاً في عدة الصابرين، ص 114: «فهذا ليس بحديث عن رسول اللَّه، ولا عن أحد من الصحابة، وانما هو إسرائيلي عن آدم، ... ولا يمكن حمد العبد وشكره أن يوافي نعمة من نعم اللَّه، فضلاً عن موافاته جميع نعمه، ولا يكون فعل العبد وحمده مكافئاً للمزيد، ولكن يحمل على وجه يصح، وهو أن الذي يستحقه اللَّه سبحانه من الحمد حمداً يكون موافياً لنعمه، ومكافئاً لمزيده، وإن لم يقدر العبد أن يأتي به، كما إذا قال: الحمد للَّه ملء السموات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد، وعدد الرمال والتراب والحصى والقطر، وعدد أنفاس الخلائق، وعدد ما خلق اللَّه، وما هو خالق، فهذا إخبار عما يستحقه من الحمد، لا عما يقع من العبد من الحمد» ا. هـ.
35 صيغ الحمد للإمام ابن القيم، ص 26، وانظر: فقه الأدعية والأذكار ص 243


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, August 28, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب