‘If you hear the barking of dogs or the braying of asses at night, seek refuge in Allah for they see what you do not.
(1) أبو داود، 4/ 327، برقم 5105، وأحمد، 3/ 306، برقم 14283، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 3/961 .
شرح معنى ماذا نقول عند سماع نباح الكلاب
لفظ الحديث الذي ورد فيه:
891- لفظ أبي داود عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سَمِعْتُمْ نُبَاحَ الْكِلَابِ، وَنَهِيقَ الْحُمُرِ بِاللَّيْلِ، فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ فَإِنَّهُنَّ يَرَيْنَ مَا لَا تَرَوْنَ» (1) . 892- وعَنْ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَغَيْرِهِ، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَقلُّوا الْخُرُوجَ بَعْدَ هَدْأَةِ الرِّجْلِ، فَإِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى دَوَابَّ يَبُثُّهُنَّ فِي الْأَرْضِ» قَالَ ابْنُ مَرْوَانَ: «فِي تِلْكَ السَّاعَةِ» وَقَالَ: «فَإِنَّ لِلَّهِ خَلْقًا» ثُمَّ ذَكَرَ نُبَاحَ الْكَلْبِ وَالْحَمِيرَ، نَحْوَهُ، وَزَادَ فِي حَدِيثِهِ قَالَ ابْنُ الْهَادِ، وَحَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ الْحَاجِبُ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ» (2) . 893- ولفظ أحمد عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ب، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سَمِعْتُمْ نُبَاحَ الْكِلَابِ، وَنُهَاقَ الْحَمِيرِ مِنَ اللَّيْلِ، فَتَعَوَّذُوا بِاللهِ، فَإِنَّهَا تَرَى مَا لَا تَرَوْنَ، وَأَقِلُّوا الْخُرُوجَ إِذَا هَدَأَتِ الرِّجْلُ، فَإِنَّ اللهَ يَبُثُّ فِي لَيْلِهِ مِنْ خَلْقِهِ مَا شَاءَ، وَأَجِيفُوا الْأَبْوَابَ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا أُجِيفَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ، وَأَوْكُوا الْأَسْقِيَةَ، وَغَطُّوا الْجِرَارَ، وَأَكْفِئُوا الْآنِيَةَ»، قَالَ يَزِيدُ: «وَأَوْكُوا الْقِرَبَ» (3) . 894- ولفظ البخاري في الأدب المفرد عن جابر بن عبد الله ب عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمْ نُبَاحَ الْكِلَابِ، أَوْ نُهَاقَ الْحَمِيرِ مِنَ اللَّيْلِ، فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ، فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ مَا لَا تَرَوْنَ، وَأَجِيفُوا الْأَبْوَابَ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا أُجِيفَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَغَطُّوا الْجِرَارَ، وَأَوْكِئُوا الْقِرَبَ، وأكفئوا الآنية» (4) . 895- ولفظ أبي يعلى عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سَمِعْتُمْ نُبَاحَ الْكِلَابِ، وَنَهِيقَ الْحُمُرِ، فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّهُنَّ يَرَوْنَ مَا لَا تَرَوْنَ، وَأَقِلُّوا الْخُرُوجَ إِذَا هَدَأَتِ الرِّجْلُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَبُثُّ فِي خَلْقِهِ فِي لَيْلِهِ مَا شَاءَ، وَأَجِيفُوا الْأَبْوَابَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا إِذَا أُجِيفَ، وَأَوْكُوا الْأَسْقِيَةَ، وَخَمِّرُوا الْآنِيَةَ، وَأَطْفِئُوا السُّرُجَ» (5) .
شرح مفردات الحديث:
1- قوله: «إذا سمعتم نباح الكلاب»: قال الفراهي : «السمع: قوة في الأذن، به يدرك الأصوات» (6) ، وقال ابن منظور : «النَّبْحُ صوت الكلب» (7) ، وقال المناوي : «نباح الكلاب: بضم النون وكسرها: صياحه» (7) . 2- قوله: «دوّاب يبثهن»: قال الصنعاني : «كالسباع ونحوها؛ فإن الليل وقت خروجها، فيخاف من شرها» (8) ، وقال المناوي : «فإن للَّه تعالى دواب ينبثهن: أي: يفرقهن وينشرهن» (9) . 3- قوله: «في الأرض تلك الساعة»: قال المناوي : «أي: بالليل، فإذا خرجتم تلك الساعة، فإما أن تؤذوهم أو يؤذوكم: أي: يؤذي بعضكم بعضهم، وبعضهم بعضكم، فالأحوط الأسلم الكف عن الانتشار ساعتئذ» (10) . 4- قوله: «ونهيق الحمار بالليل»: أي: صوته المنكر، قال اللَّه عز وجل: ﴿ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾سورة لقمان، الآية: 19 ، ويقال النهاق والنهق، قال ابن منظور : «نهق: نُهَاقُ الْحِمَارِ: صَوْتُهُ، والنَّهِيقُ: صَوْتُ الْحِمَارِ... نَهْقاً، ونَهِيقاً، ونُهَاقاً، وتَنْهاقاً: صوَّت ... والنّاهِقُ والنَّواهِقُ مِنَ الْحَمِيرِ: حَيْثُ يَخْرُجُ النُّهاق مِنْ حُلُوقِهَا، وَهِيَ مِنَ الْخَيْلِ الْعِظَامُ النَّاتِئَةُ فِي خُدُودِهَا» (11) ، وقال المناوي : «بالليل: خصه لأن انتشار الشياطين والجن فيه أكثر، وكثرة فسادهم فيه أظهر، فهو بذلك أجدر، وإن كان النهار كذلك في طلب التعوذ» (12) ، وقال ابن الملقن : «وأما التعوذ بعد نهيق الحمار؛ فلأن الشيطان إذا حضر يُخاف شرُّه، فيُتعوَّذ منه» (13) ، وقال الدميري : «وإنما أمرنا بالتعوذ من الشيطان عند نهيق الحمير؛ لأن الشيطان يُخاف من شره عند حضوره، فينبغي أن يتعوذ منه انتهى» (14) . 5- قوله: «فتعوذوا باللَّه من الشيطان»: أعذته باللَّه أعيذه، أي: ألتجئ إليه، وأستنصر به أن أفعل ذلك، فإن ذلك سوء أتحاشى من تعاطيه (15) ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : «فَإِنَّ الْمُسْتَعَاذَ مِنْهُ نَوْعَانِ: نَوْعٌ مَوْجُودٌ يُسْتَعَاذُ مِنْ ضَرَرِهِ الَّذِي لَمْ يُوجَدْ بَعْدُ، وَنَوْعٌ مَفْقُودٌ يُسْتَعَاذُ مِنْ وُجُودِهِ؛ فَإِنَّ نَفْسَ وُجُودِهِ ضَرَرٌ، مِثَالُ الْأَوَّلِ: «أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ»، وَمِثْلُ الثَّانِي: التعوذ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ» (16) ، وقال الإمام ابن قيم الجوزية : «ولما كان الشيطان على نوعين: نوع يُرى عِياناً، وهو شيطان الإنس، ونوع لا يرى، وهو شيطان الجن، أمر سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يكتفي من شر شيطان الإنس بالإعراض عنه، والعفو، والدفع بالتي هي أحسن، ومن شيطان الجن بالاستعاذة باللَّه منه،... والاستعاذة في القراءة والذكر أبلغ في دفع شر شياطين الجن» (17) . 6- قوله: «فإنهن يرين ما لا ترون»: يرين: أي: من الشياطين والجن، ما لا ترون أيها الناس، قال الصنعاني: «فتعوذوا باللَّه من الشيطان فإنهن يرين ما لا ترون: يحتمل أنه ما مضى في نهيق الحمير، وأنه يرى شيطانًا، ويحتمل غير ذلك، وأنه ذكر في الأول بعض ما يرين» (18) ، وقال القاري : «يَرَيْنَ: أَيْ: يُبْصِرْنَ مِنَ الشَّيَاطِينِ مَا لَا تَرَوْنَ: أَيْ مَا لَا تُبْصِرُونَ» (19) . 7- قوله: «وأقلوا الخروج»: قال الصنعاني : «من المنازل» (18) . 8- قوله: «إذا هدأت الأرجل»: قال الجوهري : «هَدَأَتِ الرِجْلُ، أي بعد ما سكن الناس بالليل، وأتانا وقد هَدَأَتِ العيونُ، وأتانا فلان هُدوءاً، إذا جاء بعد نَوْمَةٍ، وبعد هدء من الليل وبعد هدأة من الليل، أي: بعد هَزيع من الليل، وبعد ما هَدَأَ الناس، أي: ناموا» (20) ، وقال الطيبي : «الهداءة والهدوء: السكون عن الحركات، أي: بعد ما يسكن الناس عن المشي والاختلاف في الطرق» (21) ، وقال ابن الملقن : «هدأت الرِّجْلُ: إذا نام الناس إذا هدأت بالهمز من الهدوء، وهو السكون عن الحركات... الرِّجْل: أي بعد سكون الناس عن المشي والاختلاف» (18) . 9- قوله: «في ليلته ما يشاء»: قال الطيبي : «هو مفعول يبث، وهو عام في كل ذي شر من الشياطين، والسباع، والهوام، و«من خلقه» بيان «ما»» (21) ، وقال الصنعاني : «فإن اللَّه عز وجل يبث في ليله» بالضمير العائد إليه تعالى من خلقه ما يشاء» (18) . 10- قوله: «وأجيفوا الأبواب»: قال ابن الأثير : «وأَجَافَ البَابَ: أَيْ: رَدَّه عَلَيْهِ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «أَجِيفُوا أبْوَابكم» أَيْ رُدُّوهَا» (22) . 11- قوله: «واذكروا اسم اللَّه»: عند إجافتها عليها، فإن الشيطان لا يفتح بابًا أجيف، وذكر اسم اللَّه عليه» (18) . 12- قوله: «وغطوا الجرار»: قال الفيومي : «الغِطَاءُ: الستر، وهو ما يُغطَّى به، وجمعه: أَغْطِيَةٌ: مأخوذ من قولهم: غَطَا الليل، يَغْطُو: إذا سترت ظلمته كلّ شيء» (23) ، وقال الصنعاني : «وغطوا - بالغين المعجمة - من التغطية، الجرار - بكسر الجيم -: جمع جرة، وبفتحها، وهي الإناء المعروف من الفخار» (18) . 13- قوله: «وأوكئوا القرب»: قال ابن الأثير :؛ «الْوِكَاءُ: الخَيْط الَّذِي تُشَدُّ بِهِ الصُّرَّة والكِيسُ، وَغَيْرُهُمَا... كَمَا أَنَّ الوِكاء يَمْنعُ مَا فِي القِرْبة أَنْ يَخْرُج، ...أَوْكُوا الأسْقِيَة: أَيْ: شُدُّوا رُؤوسَها بالوِكاء، لِئلا يَدْخُلَها حيوانٌ يَسْقُطَ فِيهَا شَيء، يُقَالُ: أَوْكَيْتُ السِّقاء أُوكِيهِ إِيكَاءً فَهُوَ مُوكًى» (24) ، وقال الصنعاني : « شدوا على أفواهها ما توكأ به» (18) . 14- قوله: «وأكفئوا الآنية»: قال ابن الأثير : «كَفَأْتُ القِدْر: إِذَا كَبَبْتَها لِتُفْرِغ مَا فِيهَا، يُقَالُ: كَفأت الْإِنَاءَ وأَكْفَأْتُه إِذَا كَبَبْتَه، وَإِذَا أمَلْته...يُكْفِئ لَهَا الْإِنَاءَ: أَيْ: يُميله لتَشْربَ منْه بِسُهولة» (25) ، وقال الطيبي : يقال: كفأت الإناء إذا كببته، وأكفأته، وكفأته أيضاً إذا أملته ليفرغ ما فيها، وفي الغريبين: المراد بإكفاء الآنية هاهنا قلبها كيلا يدبّ عليها شيء ينجسها، الآنية: جمع» (21) ، وقال الصنعاني : «تعميم بعد التخصيص كأنه أريد بالجرار ما فيها من الماء» (18) .
ما يستفاد من الحديث:
1- الحث على التعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم عند سماع نباح الكلاب، ونهيق الحمير، وبيان الحكمة من هذا، وهي أنها ترى ما لا نرى من الأمور التي حجبها اللَّه عن بني آدم، وإنما جاء ذكر «الليل» تغليبًا، وإلا فمتى سُمعت بالنهار شرع التعوذ. 2- الليل وقت انتشار دواب يعلمها اللَّه وحده؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أقلوا الخروج بعد هدأة الليل، فإن لله تعالى دواب يبثهن في الأرض» (2) ، والمعنى لا تخرجوا من البيوت بعد انقطاع الأرجل عن المشي في الطريق ليلًا إلا لعارض، ومعنى يبثهن أي: ينشرهن ويفرقهن. 3- إثبات رؤية الحمير والكلاب للشياطين وهذا دليل على أن اللَّه عز وجل يتصرف في خلقه كما يريد؛ لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى، وقد أخبر صلى الله عليه وسلم بسماع البهائم لعذاب القبر (26) . 4- قال ابن الجوزي : «وَفِي الحَدِيث تَنْبِيه على خطأ جهلة المتزهدين فِي سياحاتهم بِاللَّيْلِ، ومشيهم فِي الظُّلُمَات على الْوحدَة» (27) . 5- من الآداب المستحبة ردّ الأبواب بالليل، وتغطية الآنية، أو كبِّها على أفواهها، وإيكاء القرب.
1
أبو داود، برقم 5105، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 3/961
2
أبو داود، برقم 5106، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم 620
3
أحمد، برقم 14283، الأدب المفرد، ص 423، برقم 1234، والحاكم، 4/ 284، وصححه، وحسن إسناده محققو المسند، 22/ 188، والألباني في صحيح الجامع، حديث رقم 620
4
الأدب المفرد، برقم 1234، والحاكم، 4/ 284، وصححه، وصححه الألباني لغيره في صحيح الأدب المفرد، برقم 1233
5
مسند أبي يعلى الموصلي، 4/ 155، وصححه محقق أبي يعلى 4/ 155
6
مفردات ألفاظ القرآن، لعبد الحميد الفراهي، 1/ 499، مادة (سمع)
تم تأسيس موقع سورة قرآن كبادرة متواضعة بهدف خدمة الكتاب العزيز و السنة المطهرة و الاهتمام بطلاب العلم و تيسير العلوم الشرعية على منهاج الكتاب و السنة , وإننا سعيدون بدعمكم لنا و نقدّر حرصكم على استمرارنا و نسأل الله تعالى أن يتقبل منا و يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم .