شرح مفردات الحديث:
1- قوله: «
اللهم»: قال ابن منظور : «
اللهم: بِمَعْنَى: يَا أَلله، وَالْمِيمُ الْمُشَدَّدَةُ عِوَضٌ مِنْ يَا ... » .
2- قوله: «
لك الحمد»: قال ابن الأثير : «
في أسماء اللّه تعالى: الحميد، أي: المحمود على كل حال، والحمد والشكر مُتَقاربان، والحمد أعَمُّها، لأنَّك تحمَد الإنسان على صِفاته الذَّاتيَّة، وعلى عطائه، ولا تَشْكُره على صِفاته، والشُّكر فيه إظهار النّعْمة، والإشادة بها؛ ولأنه أعم منه، فهو شُكْر وزيادة» .
3- قوله: «
أنت نور السموات والأرض»: أي بنوره يهتدي أهل السموات والأرض مع كونه عز وجل هو نور السموات والأرض ومن فيهن، قال ابن الملقن : «
أي: بنورك يهتدي من في السموات والأرض، قاله ابن بطال، وقال ابن التين: يحتمل أن يكون من قوله تعالى: ﴿اللهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ سورة النور، الآية: 35 ، قيل: معناه: ذو نور السموات والأرض، وروي عن ابن عباس معناه: هادي أهلهما» ، قال العلامة السعدي : في تفسير: «
نور السموات والأرض» [
أي: النور]: «
الحسي، والمعنوي، وذلك أنه تعالى بذاته نور، وحجابه -الذي لولا لطفه، لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه- نور، وبه استنار العرش، والكرسي، والشمس، والقمر، والنور، وبه استنارت الجنة، وكذلك النور المعنوي يرجع إلى اللَّه، فكتابه نور، وشرعه نور، والإيمان والمعرفة في قلوب رسله وعباده المؤمنين نور، فلولا نوره تعالى، لتراكمت الظلمات؛ ولهذا: كل مَحلٍّ، يفقد نوره، فثَمَّ الظلمة، والحصر» .
4- قوله: «
قيم السموات والأرض»: أي القائم بتدبير الكون كله: العلوي منه، والسفلي، مع قيامه على كل نفس بما كسبت، والقيوم: هو القائم الدائم بلا زوال، وقال ابن الملقن :«
أي: أنت القائم على كل نفسٍ بما كسبت، وخالقها، ورازقها، ومميتها، ومحييها، وقيل في معنى: ﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾ سورة الرعد، الآية: 33 ، أفمن هو حافظ على كل نفس لا يغفل ولا يمل، فالمعنى: الحافظ لهما ومن فيهن» .
5- قوله: «
رب السموات والأرض»: قال العيني : «
خصهما بالذكر لأنهما من أعظم المشاهدات، ومعنى الرب في اللغة يطلق على: المالك، والسيد، والمدبر، والمربي، والمتمم، والمنعم، ولا يطلق غير مضاف إلا على اللَّه تعالى» .
6- قوله: «
أنت مَلِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ»: أي: أن اللَّه هو الملك، والمالك على الحقيقة، وهذا يقتضي تصرفه كما يشاء
﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ سورة الأنبياء، الآية: 23 ، أما غيره فيسُأل لجهله، وعجزه، وكونه مربوبًا، قال ابن الملقن : «
أي: مالكهما، ومالك من فيهما، وخالقهما وما فيهما» .
7- قوله: «
أنت الحق»: قال الإمام النووي : الحق في أسمائه معناه: المتحقق وجوده، وكل شيء صح وجوده، وتحقق فهو حق ، قال تعالى:
﴿فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ﴾ سورة يونس، الآية: 32 ، قال ابن بطال : «
أنت الحق: فالحق اسم من أسمائه، وصفة من صفاته» .
8- قوله: «
وقولك الحق»: أي لا عبث فيه، ولا مرية في صدقه:
﴿وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ سورة الأحزاب، الآية: 4 ، قال ابن الملقن : «
وَقَوْلُكَ حَقٌّ: أي: صدق وعدل، وقال ابن التين: يقول: ووعدك صدق» ، وقال ابن بطال : «
يعني قولك الصدق والعدل» .
9- قوله: «
ووعدك الحق»: أي أن ما وعدت به في كتابك، وعلى ألسنة رسلك، واقع لاشك في ذلك، ولا مرية فيه، قال اللَّه:
﴿أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾ سورة يونس، الآية: 55 ، وقال ابن بطال : «
يعني لا تخلف الميعاد، وتجزي الذين أساؤوا بما عملوا، إلا ما تجاوز عنه، وتجزي الذين أحسنوا بالحسنى» .
10- قوله: «
ولقاؤك الحق»: أي على الوجه اللائق به عز وجل، فنثبت اللقاء ونفوض كيفيته إلى اللَّه وحده، قال شيخ الإسلام ابن تيمية /: «
أما اللقاء، فقد فسره طائفة من السلف والخلف بما يتضمن المعاينة، والمشاهدة بعد السلوك والمسير، وهو متضمن رؤيته كقول اللَّه ﻷ: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ﴾ سورة الانشقاق، الآية: 6 .
11- قوله: «والجنة حق والنار حق»: هذا دليل على أنهما موجودتان، مخلوقتان، باقيتان بإبقاء اللَّه لهما، لا تفنيان أبدًا، قال العيني : «
قوله: «والجنة حق والنار حق»: فيه الإقرار بهما، وبالأنبياء، وقال ابن التين: فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن خبره بذلك لا يدخله كذب، ولا تغيير، ثانيها: أن خبر من أخبر عنه بذلك، وبلَّغه حق، ثالثها: أنهما قد خلقتا» ، وقال ابن بطال : «
وقوله [والجنة حق، والنار حق]: «فيه الإقرار بالبعث بعد الموت، والإقرار بالجنة والنار، والإقرار بالأنبياء عليهم السلام» .
12- قوله «
والنبيون حق»: لأنهم جميعًا صادقون، وبالوحي مؤيدون، وأنهم بلَّغوا أمر اللَّه وشرعه على أكمل وجه، فلم يكتموا، أو يغيروا، وأنهم اتفقوا جميعًا على الدعوة إلى التوحيد:
﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ سورة النحل، الآية: 36 ، قال العيني : «
بأنهم من عند الله» ، وقال ابن الملقن : «
إنهم رسل اللَّه» .
13- قوله: «
ومحمد حق»: خصه بالذكر تعظيمًا له، وعطفه على النبيين إيذانًا بالتغاير بأنه فائق عليهم بأوصاف مختصة، وجردته عن ذاته مبالغة في إثبات نبوته، كما في التشهد ، وقال العيني : «
ومحمد حق: إنما خصّ محمداً من النبيين، وإن كان داخلاً فيهم، وعطفه عليهم، إيذاناً بالتغاير، وأنه فائق عليهم بأوصاف مختصة به؛ فإن تغير الوصف ينزل منزلة تغيير الذات، ثم جرده عن ذاته كأنه غيره، فوجب عليه الإيمان به، وتصديقه، وهذا مبالغة في إثبات نبوته» .
14- قوله: «
والساعة حق»: أي يوم القيامة، وأصل الساعة القطعة من الزمان، وإطلاق اسم الحق على ما ذكر معناه أنه متحقق لا محالة .
15- قوله: «
لك أسلمت»: أي استسلمت، وانقدت لحكمك، قال ابن الملقن : «
أي: استسلمت، وانقدت لأمرك، ونهيك، وسلمت، ورضيت، وأطعت، من قولهم: أسلم فلان لفلان: إذا انقاد، وعطف عليه» .
16- قوله: «
وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ»: قال ابن بطال : «
تبرأ إليه من الحول، والقوة، وصرف أموره إليه، قال الفراء: الوكيل: الكافي» ، وقال الزرقاني : «
أَيْ: فَوَّضْتُ أُمُورِي تَارِكًا النَّظَرَ فِي الْأَسْبَابِ الْعَادِيَّةِ» .
17- قوله: «
وبك آمنت»: أي آمنت بك، وبكل ما أخبرت به على ألسنة رسلك الكرام، قال البيضاوي : «
وبك آمنت: أي: صدقت, أو بك آمنت نفسي من عذابك» ، ولا شك أن الإيمان: اعتقاد بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالجوارح، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.
18- قوله: «
وإليك أنبت»: أي رجعت إليك في تدبير أمري مع تفويض الأمر إليك، قال ابن الأثير : «
أنبت: الإنابة: الرجوع إلى اللَّه تعالى بالتوبة» .
19- قوله: «
وبك خاصمت»: أي بما أعطيتني من البرهان والحجة، قال ابن الملقن : «
وَبِكَ خَاصَمْتُ: أي: بما آتيتني من البراهين، احتججت على من عاند فيك، وكفر، وجمعته بالحجة، وسواء خاصم فيه بلسان، أو سيف» .
20- قوله: «
وإليك حاكمت»: أي كل من جحد الحق جعلتك حكمًا بيننا خلافًا لأهل الجاهلية الذين كانوا يتحاكمون إلى الأصنام والكهنة والشياطين، قال القاري : «
وإليك حاكمت: أي: كل من جحد الحق حاكمته إليك، وجعلتك الحاكم بيني وبينه، لا غيرك، مما كانت تحاكم إليه الجاهلية، من: صنم، وكاهن، ونار، ونحو ذلك، والمحاكمة: رفع القضية إلى الحاكم، وقيل: ظاهره أن لا يحاكمهم إلا اللَّه، ولا يرضى إلا بحكمه» .
21- قوله: «
فَاغْفِر لي»: قال ابن منظور : «
َالْمَغْفِرَة: تَغْطِيَة الذَّنب وكل مَا غطى فقد غفر وَمِنْه: المغفر.
«الغَفُورُ الغَفّارُ، جَلَّ ثَنَاؤُهُ، ... وَمَعْنَاهُمَا: السَّاتِرُ لِذُنُوبِ عِبَادِهِ، الْمُتَجَاوِزُ عَنْ خَطَايَاهُمْ وَذُنُوبِهِمْ... غَفَرَه يَغْفِرُه غَفراً: سَتَرَهُ.
وَكُلُّ شَيْءٍ سَتَرْتَهُ، فَقَدْ غَفَرْته؛ ... وَمِنْهُ: غَفَرَ اللَّهُ ذُنُوبَهُ أَي سَتَرَهَا» ، وقال العيني : «
إِنَّمَا قَالَ ذَلِك صلى الله عليه وسلم مَعَ أَنه مغْفُور لَهُ لوَجْهَيْنِ: أَحدهمَا: للتواضع، وهضم النَّفس، والإجلال للَّه تَعَالَى، والتعظيم لَهُ عز وجل، الثَّانِي: للتعليم لأمته؛ ليقتدوا بِهِ فِي أصل الدُّعَاء، والخضوع، وَحسن التضرع، وَالرَّغْبَة والرهبة» .
22- قوله: «
ما قدمت، وما أخرت»: قال ابن هبيرة : «
أي من ذنوبي، أو ما قدمت من شهواتي على حقوقك، وما أخرت من الحقوق التي تجب لك» ، وقال القاري : «
وَمَا أخرت عَنهُ أَمر الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، بالإشفاق، وَالدُّعَاء إِلَى اللَّه تَعَالَى، وَالرَّغْبَة إِلَيْهِ أَن يغْفر مَا يكون من غَفلَة تعتري الْبشر، وَمَا قدم: مَا مضى، وَمَا أخر: مَا يسْتَقْبل» .
23- قوله: «
وَمَا أسررت، وَمَا أعلنت»: أَي: وَمَا أخفيت، وما أعلنت: أَي: وَمَا أظهرت، أَو الْمَعْنى: مَا حدثت بِهِ نَفسِي وَمَا تحرّك بِهِ لساني» .
24- قوله: «
وما أنت أعلم به مني»: قال ابن الملقن : «
قيل: إنه قاله تواضعًا وعد على نفسه فوات الكمال ذنبًا، وقيل: أراد ما كان عن سهو، وقيل: ما كان قبل النبوة، وعلى كل حال فهو مغفور له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر، فدعا بهذا وغيره؛ تواضعًا؛ لأن الدعاء عبادة» ، وقال العلامة ابن القيم : «
هَذَا التَّعْمِيمُ وَهَذَا الشُّمُولُ لِتَأْتِيَ التَّوْبَةُ عَلَى مَا عَلِمَهُ الْعَبْدُ مِنْ ذُنُوبِهِ وَمَا لَمْ يَعْلَمْهُ» .
25- قوله: «
أنت المقدم وأنت المؤخر»: أي: أن اللَّه قدم بعضًا من مخلوقاته على بعض في الخلق، والإيجاد ومن ذلك: أ – تقديم خلق القلم .
ب – تقديم خلق الملائكة على خلق الجن والإنس .
جـ - تقديم خلق الجن على خلق الإنس
﴿ وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ﴾ سورة الحجر، الآية: 27 .
قال الشوكاني : «
أي: المقدم لما شئت تقديمه، والمؤخر لما شئت تأخيره» .
26- والتقديم والتأخير صفتان بين صفات الأفعال التابعة لمشيئة اللَّه عز وجل، وحكمته هما أيضًا صفتان للذات؛ إذ قيامهما بالذات لا بغيرهما، ولا يجوز إفراد أحدهما عن الآخر ، وقال الطيبي : «
وقوله: «أنت المقدم»: أي: تقدم من تشاء من خلقك، بتوفيقك إلي رحمتك، وتؤخر من تشاء عن ذلك» .
27- قوله: «
لا إله إلا أنت»: أي: لا معبود بحقٍّ غيرك، ولا معروف بهذه المعرفة سواك ، قال الطيبي : «
إثبات للإلهية المطلقة للَّه تعالى على سبيل الحصر، بعد إثبات الملك له» .
28- قوله: «
أنت إلهي»: قال العلامة ابن عثيمين : «
وألوهية اللَّه فرع عن ربوبيته؛ لأن من تأله للَّه فقد أقر بالربوبية؛ إذ إن المعبود لابد أن يكون رباً، ولا بد أن يكون كامل الصفات؛ ولهذا تجد الذين ينكرون صفات اللَّه عز وجل عندهم نقص عظيم في العبودية؛ لأنهم يعبدون لا شيء، فالرب لابد أن يكون كامل الصفات، حتى يعبد بمقتضى هذه الصفات؛ ولهذا قال اللَّه تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ سورة الأعراف، الاية: 180 ، أي: تعبّدوا له، وتوسّلوا بأسمائه إلى مطلوبكم» .
29- قوله: «
إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ»: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو اللَّه عز وجل في أوقات ليله، ونهاره، وعند نومه، ويقظته بنوع من الدعاء يصلح لحاله تلك ولوقته .
30- قوله: «
أنت قيّام السموات والأرض»: قال النووي : «
وفي الرواية الثانية: «قيِّم» قال العلماء من صفاته القيّام، والقيَّم كما صرح به هذا الحديث، والقيّوم بنص القرآن، وقائم، ومنه قوله تعالى:
﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ﴾ سورة الرعد، الآية: 33 ، قال الهروي ويقال قوام قال ابن عباس: القيوم الذي لايزول، وقال غيره: هو القائم على كل شيء، ومعناه مدبر أمر خلقه، وهما سائغان في تفسير الآية والحديث...» ، وقال ابن الأثير : «
القيام: القيم، والقيوم، والقيام والقائم: بمعنى واحد، أي: حافظ السموات والأرض» .
31- قوله: «
ولا حول ولا قوة إلا باللَّه»: إشارة إلى أنه لا توجد قابضة حركة، ولا قابضة سكون في خير وشر إلا بأمر اللَّه التابع لمشيئته عز وجل:
﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ سورة يس، الآية 82 » .
ما يستفاد من الحديث:
1- استحباب تقديم الحمد والثناء قبل المسألة اقتداءً بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
2- عظيم معرفة النبي صلى الله عليه وسلم بربه وتحقيقه لأعلى درجات العبودية والتسليم.
3- وجوب الإيمان بالأنبياء والرسل جميعًا، فمن كذَّب بواحد منهم فقد كفر بالجميع.
قال اللَّه عز وجل:
﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ﴾ سورة الشعراء، الآية: 105 ، ونوح هو أول رسول، فلما كذبوا حكم اللَّه عليهم بأنهم كذبوا الجميع.
4- اشتمل هذا الحديث على صفات الربوبية، والقيومية، والنور، وهي صفات قائمة له لا تفارقه، وآثارها منفصلة عنه وهي مخلوقة أي آثار هذه الصفات.
5- واشتمل على توحيد الألوهية، والإقرار به، لقوله: «
وأنت إلهي، لا إله إلا أنت».
6- النور: صفة لله عز وجل وهذا النور على نوعين: أ – نور حسي.
ب – نور معنوي.
أما الحسي فهو ما اتصف به من النور العظيم الذي لا يفارق ذات الرب عز وجل وهو على ثلاثة أنواع: 1- يضاف إليه كما قال:
﴿وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا﴾ سورة الزمر، الآية: 69 .
فإن إشراق الأرض يوم القيامة لا يكون بشمس ولا بقمر؛ لأن الشمس تكور والقمر يخسف ويذهب نورهما .
2 – إضافة نوره إلى السموات والأرض:
﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ سورة النور، الآية: 35 .
قال ابن القيم: «
وَمَنْ تَعَدَّى أَنْ يَقُولَ: اللَّهُ نُورٌ، فَقَدْ تَعَدَّى إِلَى غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ; لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ يُسَمِّي نَفْسَهُ لِعِبَادِهِ بِمَا لَيْسَ هُوَ بِهِ» .
3 – قول النبي صلى الله عليه وسلم: «
حجابه النور» .
وهذا النور لا يعبر عنه إلا بمثل هذه العبارة؛ لأن جميع المخلوقات لا تثبت أمام نوره في الدنيا، أما أهل الجنة فيعطيهم اللَّه حياة كاملة حتى يتمكنوا من رؤيته، ويقوِّي أبصارهم لذلك.
وأما النوع الثاني من النور - وهو المعنوي - فهو نور معرفته ومحبته الذي أكرم اللَّه به رسله وأولياءه وأصفياءه.
7- من الأدلة على أن الجنة والنار موجودات الآن قوله تعالى في شأن الجنة:
﴿أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ سورة آل عمران، الآية: 133 .
وقوله في شأن النار:
﴿أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ سورة آل عمران، الآية: 131 .
ومن الأدلة العامة قول النبي صلى الله عليه وسلم: «
اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء» .
والأدلة على ذلك كثيرة جدًّا، تراجع في مظانها من كتب عقيدة أهل السنة والجماعة وهي الفرقة الناجية والطائفة المنصورة بإذن اللَّه تعالى.