He (Peace Be Upon Him) also said: ‘The nearest a servant is to his Lord is when he is prostrating, so supplicate much therein.
(1) مسلم، 1/350، برقم 482.
شرح معنى وقال صلى الله عليه وسلم أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد
لفظ الحديث الذي ورد فيه:
1028-
لفظ الحديث الذي ورد فيه:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ» (1).
شرح مفردات الحديث:
1- قوله: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وهو ساجد»: قال القاضي عياض : «القرب هاهنا من اللَّه معناه: من رحمة ربه وفضله، ولذلك حضه على السؤال والطلب» (2)، وقال الصنعاني : «هذا يدلك أنه ليس بقرب مكاني، بل قرب رضا، ومحبة؛ وذلك لأن هيئة الساجد أكمل هيئة في تواضعه لمولاه» (3)، وصفاه سبحانه وتعالى تليق بجلاله، وعظمته لا يشبه أحداً من خلقه ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾(4)، ولا منافاة بين قرب اللَّه تعالى من عبده وهو ساجد، وبين علوِّه على عرشه بجلاله، فهو قريب في علوِّه، عليٌّ في دنوه، وهو أقرب إلى أحدنا من عنق راحلته، ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾(4). 2- قوله: «فأكثروا الدعاء»: أي: استزيدوا منه، قال الصنعاني : «فأكثروا الدعاء: فإنه مع القرب مجاب» (3).
ما يستفاد من الحديث:
1- قال مجاهد : «أقرب ما يكون العبد من ربه إذا كان ساجدًا، ألم تر إلى قوله: ﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ﴾(5)» (6). 2- الحث على كثرة السجود مع الطمأنينة فيه ولذلك لما سأل ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من خدامه أن يرافقه في الجنة قال له: «فأعني على نفسك بكثرة السجود» (7). 3- السجود الذي يتضمن تعظيم اللَّه تعالى من الطرق الموصلة لنيل الدرجات العالية في الجنة ومغفرة الذنوب لقوله عليه الصلاة والسلام لمولاه ثوبان رضي الله عنه: «عليك بكثرة السجود، فإنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك اللَّه بها درجة، وحط عنك بها خطيئة» (8) وقد جاء تفسير أن هذه الدرجة في الجنة من قوله صلى الله عليه وسلم: «إلا رفعه اللَّه بها درجة في الجنة» (9). 4- الدعاء من أعظم العبادات لله تعالى، قال اللَّه تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾(10)، فسمى الدعاء عبادة، وقوله صلى الله عليه وسلم: «الدعاء هو العبادة» (11). 5- السجود للَّه تعالى من الأمور التي يتقرب بها العبد لمولاه، قال اللَّه تعالى: ﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ﴾(5)؛ ولذلك فإن المسلم وإن دخل النار ابتداءً ليمحص من ذنوبه فإن النار لا تأكل أثر السجود كما قال ذلك صلى الله عليه وسلم (12) وقوله: «إن قومًا يخرجون من النار يحترقون فيها، إلا دارات وجوههم حتى يدخلون الجنة» (13). 6- قال النووي : وفي هذا الحديث دليل لمن يقول أن السجود أفضل من القيام وسائر أركان الصلاة، وفي هذه المسألة ثلاثة مذاهب: الأول: أن تطويل السجود وتكثير الركوع والسجود أفضل وبه قال ابن عمر والترمذي وغيرهما. الثاني: أن تطويل القيام أفضل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصلاة طول القنوت» (14)، والمراد بالقنوت القيام، وبه قال الشافعي وجماعة. الثالث: أنهما سواء. وتوقف أحمد بن حنبل : في المسألة وقال إسحاق بن راهويه: أما في النهار فتكثير الركوع والسجود أفضل وأما في الليل فتطويل القيام أفضل إلا أن يكون للرجل جزء بالليل يأتي عليه واللَّه أعلم (15). 7- قال الصنعاني : «إن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد؛ فإنها حالة ذل، وانكسار، وخضوع، وإقبال، وكونه بين التراب أتم في الذل، والانكسار» (16). 8- قال العلامة ابن عثيمين : (17): لا منافاة بين قرب اللَّه من عبده وهو ساجد وبين علوه عز وجل، لأن الشيء قد يكون قريبًا بعيدًا، هذا بالنسبة للمخلوق فكيف بالخالق؟ فالرب عز وجل قريب مع علوه، أقرب إلى أحدنا من عنق راحلته كما قال ذلك صلى الله عليه وسلم (18).
11
أخرجه البخاري في الأدب المفرد، ص 249، برقم 714، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم 1479، والترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة البقرة، برقم 2969، وأحمد، 30/ 297، برقم 18352، وصححه محققو المسند، 30/ 298، والألباني في صحيح الجامع، برقم 3407.
تم تأسيس موقع سورة قرآن كبادرة متواضعة بهدف خدمة الكتاب العزيز و السنة المطهرة و الاهتمام بطلاب العلم و تيسير العلوم الشرعية على منهاج الكتاب و السنة , وإننا سعيدون بدعمكم لنا و نقدّر حرصكم على استمرارنا و نسأل الله تعالى أن يتقبل منا و يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم .