أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك

حصن المسلم | دعاء التعزية | أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك

أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ، وَأَحْسَنَ عَزَاءَكَ، وَغَفَرَ لِمَيِّتِكَ (1).


(1) الأذكار للنووي، ص126.

شرح معنى أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

552- عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه(1) .
قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ رَسُولُ إِحْدَى بَنَاتِهِ يَدْعُوهُ إِلَى ابْنِهَا فِي الْمَوْتِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «ارْجِعْ إِلَيْهَا فَأَخْبِرْهَا أَنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَمُرْهَا فَلْتَصْبِرْ، وَلْتَحْتَسِبْ»، فَأَعَادَتْ الرَّسُولَ أَنَّهَا قَدْ أَقْسَمَتْ لَتَأْتِيَنَّهَا، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَقَامَ مَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَدُفِعَ الصَّبِيُّ إِلَيْهِ، وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ كَأَنَّهَا فِي شَنٍّ، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا؟ قَالَ: «هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ»(2) .
553- وفي لفظ آخر للبخاري: عن أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: أَرْسَلَتْ ابْنَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ إِنَّ ابْنًا لِي قُبِضَ فَأْتِنَا، فَأَرْسَلَ يُقْرِئُ السَّلَامَ وَيَقُولُ: «إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ، وَلْتَحْتَسِبْ»، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيْهِ: لَيَأْتِيَنَّهَا، فَقَامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَمَعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَرِجَالٌ، فَرُفِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّبِيُّ، وَنَفْسُهُ تَتَقَعْقَعُ، قَالَ: حَسِبْتُهُ أَنَّهُ قَالَ: كَأَنَّهَا شَنٌّ، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا؟ فَقَالَ: «هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ»(3) .

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «إن للَّه ما أخذ » أي: أن ما أعطاه لنا وديعة مصيرها أن ترد إلى صاحبها، قال النووي رحمه الله: «مَعْنَاهُ: الْحَثّ عَلَى الصَّبْر وَالتَّسْلِيم لِقَضَاءِ اللَّه، وَتَقْدِيره أنَّ هَذَا الَّذِي أَخَذَ مِنْكُمْ كَانَ لَهُ لَا لَكُمْ، فَلَمْ يَأْخُذ إِلَّا مَا هُوَ لَهُ، فَيَنْبَغِي أَلَّا تَجْزَعُوا، كَمَا لَا يَجْزَع مَنْ اُسْتُرِدَّتْ مِنْهُ وَدِيعَة أَوْ عَارِيَة»(4) .
2- قَوْله صلى الله عليه وسلم: «وَلَهُ مَا أَعْطَى»: معَنَاهُ أَنَّ مَا وَهَبَهُ لَكُمْ لَيْسَ خَارِجًا عَنْ مِلْكه؛ بَلْ هُوَ سبحانه وتعالى يَفْعَل فِيهِ مَا يَشَاء»(4) .
قال العلامة ابن عثيمين : «قوله: «فإن للَّه ما أخذ، وله ما أعطى» هذه جملة عظيمة، إذا كان الشيء كله للَّه إن أخذ منك شيئاً فهو ملكه، وإن أعطاك شيئاً فهو ملكه، فكيف تسخط إذا أخذ منك ما يملكه هو، عليك إذا أخذ اللَّه منك شيئاً محبوباً، لك أن تقول هذا للَّه أن يأخذ ما شاء، وله أن يعطي ما شاء»(5) .
3- قوله: «وكل شيء عنده بأجلٍ مسمَّى» أي: من الأنفس، والأموال، وغير ذلك، فالكل من عنده عز وجل.
4- قوله: «بأجل مسمى» أي: توقيت محدد ومعين، قال اللَّه: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾(6) .
قال الإمام النووي رحمه الله: وَقَوْله صلى الله عليه وسلم: «وَكُلّ شَيْء عِنْده بِأَجَلٍ مُسَمَّى» مَعْنَاهُ: اِصْبِرُوا، وَلَا تَجْزَعُوا؛ فَإِنَّ كُلّ مَنْ يَأْتِ قَدْ اِنْقَضَى أَجَله الْمُسَمَّى، فَمُحَال تَقَدُّمه، أَوْ تَأَخُّره عَنْهُ، فَإِذَا عَلِمْتُمْ هَذَا كُلّه، فَاصْبِرُوا، وَاحْتَسِبُوا مَا نَزَلَ بِكُمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ»(4) .
5- قوله: «فلتصبر» أي: يا أسامة، مُرها بالصبر على هذه المصيبة، وحقيقة الصبر حبس النفس عن فعل ما يغضب اللَّه، قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: «فلتصبر أي: فلتحبس نفسها عن السخط وتتحمل المصيبة»(7) .
6- قوله: «ولتحتسب» أي: تحتسب أجر هذه المصيبة عند اللَّه عز وجل، قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: وقوله ولتحتسب أي: تحتسب الأجر على اللَّه بصبرها؛ لأن الناس من يصبر، ولا يحتسب، يصبر على المصيبة، ولا يتضجر؛ لكنه ما يؤمل أجرها على اللَّه، فيفوته بذلك خير كثير، لكن إذا صبر، واحتسب الأجر على اللَّه، فهذا هو الاحتساب(7) .
7- «أعظم اللَّه أجرك»: أعظم: فتعظيم الأجور زيادتها وإضعافها أضعافاً، «ومعنى أجره اللَّه: أعطاه أجره، وجزاء صبره، وهمه في مصيبته»(8) .
8- «وأحسن عزاءك»: أي جعلك اللَّه من أهل الإحسان بأن تصبر، وتتقي، قال الزبيدي: «أي رزقك الصبر الحسن، والعَزاء كسَحاب: اسم من ذلك، كالكلام من كلمه تكليماً، وتعزَّى هو تصبَّر وشعاره أن يقول: إنا للًّه» مع الحاضرين فإنه مرحوم»(9) .
9- قوله: «وغفر لميتك»: قال الشيخ العباد: «تعزية المصاب بالميت، وذلك بأن يدعى له، وللميت، فيدعى للميت بالمغفرة، ويدعى له بعِظَم الأجر، وبحصول الصبر والاحتساب»(10) .
10- قوله: «أرسلت بنت النبي»: هِيَ زَينَبُ(11) كَما وقَعَ فِي رِوايَة أَبِي مُعاوِيَة عَن عاصِم المَذكُور فِي مُصَنَّف ابن أَبِي شَيبَة، وكذا ذكره ابن بشكوال»(12) .
11- قوله: «إن ابناً لها» أي: لبنت النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كتب الدمياطي بخطه في الحاشية إن اسمه علي بن أبي العاص بن الربيع(13) .
12- قوله: «قد قبض» أي: قارب أن يقبض.
أي يتوفاه اللَّه بقبض روحه، وقبض: في أسماء اللّه تعالى (القابض الباسط)، وهو الذي يُمسك الرزق وغيرَه من الأشياء عن العباد بلُطْفه وحِكْمَتَه، ويَقْبِض الأرْواح عند المَمات، وقُبض المريضُ إذا تُوُفَّيَ وإذا أشْرَف على المَوتْ، وقُبض: أي هو في حال القَبْض، ومُعالَجة النَّزع(14) ، والباسط هو الذي يبسط الرزق للعباده، سواء كان ذلك من أرزاق القلوب، أو الأبدان، بل وأرزاق كل شيء بيده عز وجل.
13- قوله: «تتقعقع» أي: تتحرك، وتضطرب(15) .
14- قوله: «كأنها شن» أي: كان صوته ضعيفًا كضعف القربة البالية اليابسة(15) .
والشن:القربة البالية، وتقعقعها: حركتها وصوتها(15) .
قال النووي رحمه الله: «وَنَفْسه تَقَعْقَعُ كَأَنَّهَا فِي شَنَّة»: هُوَ بِفَتْحِ التَّاء، وَالْقَافَيْنِ، وَالشَّنَّة: الْقِرْبَة الْبَالِيَة، وَمَعْنَاهُ لَهَا صَوْت وَحَشْرَجَة، كَصَوْتِ الْمَاء إِذَا أُلْقِيَ فِي الْقِرْبَة الْبَالِيَة(4) .
وقال البغوي رحمه الله: «تَقَعْقَعُ» أَيْ: لَا يَثْبُتُ عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، كُلَّمَا صَارَتْ إِلَى حَالٍ لَمْ تَلْبَثْ أَنْ صَارَتْ إِلَى أُخْرَى، يُقَالُ: تَقَعْقَعَ الشَّيْءُ: إِذَا اضْطَرَبَ وَتَحَرَّكَ(16) .
15- قوله: «ما هذا؟» أي: ما هذا البكاء يا رسول اللَّه؟ وإنما قال هذا لظنه أن جميع أنواع البكاء لا تجوز، فبين له الرسول صلى الله عليه وسلم أن هذا من الرحمة.
16- قوله: «هذه رحمة جعلها اللَّه في قلوب عباده»: أي: أن اللَّه  فطر قلوب عباده على الرحمة، وأنه أمر طبعي في الإنسان، ولذلك قال العلامة ابن مفلح : معلقاً على هذا الحديث: «الْبُكَاءَ عَلَى الْمَيِّتِ عَلَى وَجْهِ الرَّحْمَةِ مُسْتَحَبٌّ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي الرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ بِخِلَافِ الْبُكَاءِ عَلَيْهِ لِفَوَاتِ حَظِّهِ مِنْهُ»(17) .
17- قوله: «وإنما يرحم اللَّه من عباده الرحماء»: قال العلامة ابن قيم الجوزية : «يَكُونُ الْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ وَمِثَالِهِ، وَلِذَلِكَ كَانَ الْجَزَاءُ مُمَاثِلًا لِلْعَمَلِ مِنْ جِنْسِهِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، فَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ أَقَالَ نَادِمًا أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ ضَارَّ مُسْلِمًا ضَارَّ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ شَاقَّ شَاقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَمَنْ خَذَلَ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يَجِبُ نُصْرَتُهُ فِيهِ خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْضِعٍ يَجِبُ نُصْرَتُهُ فِيهِ، وَمَنْ سَمَحَ سَمَحَ اللَّهُ لَهُ، وَالرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ، وَمَنْ أَنْفَقَ أُنْفِقَ عَلَيْهِ، وَمَنْ أَوْعَى أَوْعَى عَلَيْهِ، وَمَنْ عَفَا عَنْ حَقِّهِ عَفَا اللَّهُ لَهُ عَنْ حَقِّهِ، وَمَنْ تَجَاوَزَ تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ اسْتَقْصَى اسْتَقْصَى اللَّهُ عَلَيْهِ؛ فَهَذَا شَرْعُ اللَّهِ وَقَدَرُهُ وَوَحْيُهُ وَثَوَابُهُ وَعِقَابُهُ كُلُّهُ قَائِمٌ بِهَذَا الْأَصْلِ، وَهُوَ إلْحَاقُ النَّظِيرِ بِالنَّظِيرِ، وَاعْتِبَارُ الْمِثْلِ بِالْمِثْلِ»(18) .
18- «فحسن»: أي: مقبول وجيد، فـ«الإ حسان: ضد الإساءة، وهو محسن ... واستحسنه: عده حسناً»(19) .

ما يستفاد من الحديث:

1- قال الإمام النووي رحمه الله: «فهذا الحديث من أعظم قواعد الإِسلام، المشتملة على مهمات كثيرة من أصول الدين وفروعه، والآداب، والصبر على النوازل كلِّها، والهموم والأسقام وغير ذلك من الأعراض .
ومعنى: «أن للّه تعالى ما أخذ
» أن العالم كله ملك للّه تعالى، فلم يأخذ ما هو لكم، بل أخذ ما هو له عندكم في معنى العارية؛ ومعنى: «وله ما أعطى» أن ما وهبه لكم ليس خارجاً عن ملكه، بل هو له سبحانه يفعل فيه مايشاء، «وكل شيء عنده بأجلٍ مسمّى» فلا تجزعوا، فإن من قبضه قد انقضى أجَله المسمى، فمُحال تأخره أو تقدّمه عنه، فإذا علمتم هذا كله فاصبروا واحتسبوا ما نزل بكم، واللّه أعلم»(20) .
2- تمام تسليم النبي صلى الله عليه وسلم لأمر اللَّه، والرضا بالقضاء؛ لعدم ذهابه إليها في أول مرة.
3- جواز المشي إلى التعزية بغير إذن، بخلاف الوليمة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أخذ معه رجالًا.
4- استحباب إبرار المقسم، وأمر صاحب المصيبة بالصبر قبل وقوع الموت ليقع وهو مستشعر بالرضا مقاومًا للحزن بالصبر.
5- تقديم النبي صلى الله عليه وسلم الأخذ على الإعطاء، في قوله: «إن للَّه ما أخذ، وله ما أعطى»، وإن كان الأخذ متأخرًا على الإعطاء؛ لبيان أن الذي أراد أن يأخذ هو الذي أعطى ابتداءً.
6- استحباب تقديم السلام على الكلام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«السلام قبل الكلام»(21) .
، وعيادة المريض ولو كان مفضولًا أو صبيًّا صغيرًا.
7- جواز البكاء من غير نوح لأن النياحة تسخطٌ على القدر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللَّهَ لاَ يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ ، وَلاَ بِحُزْنِ الْقَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا»، وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ، «أَوْ يَرْحَمُ»(22) .
8- قال الإمام النووي رحمه الله: «قَوْله: «فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ لَهُ سَعْد: مَا هَذَا يَا رَسُول اللَّه؟ قَالَ: «هَذِهِ رَحْمَة جَعَلَهَا اللَّه فِي قُلُوب عِبَاده، وَإِنَّمَا يَرْحَم اللَّه مِنْ عِبَاده الرُّحَمَاء»(3) مَعْنَاهُ أَنَّ سَعْدًا ظَنَّ أَنَّ جَمِيع أَنْوَاع الْبُكَاء حَرَام، وَأَنَّ دَمْع الْعَيْن حَرَام، وَظَنَّ أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نَسِيَ فَذَكَرَهُ، فَأَعْلَمَهُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مُجَرَّد الْبُكَاء، وَدَمَعَ بِعَيْنٍ لَيْسَ بِحَرَامٍ، وَلَا مَكْرُوه، بَلْ هُوَ رَحْمَة، وَفَضِيلَة، وَإِنَّمَا الْمُحَرَّم النَّوْح، وَالنَّدْب، وَالْبُكَاء الْمَقْرُون بِهِمَا، أَوْ بِأَحَدِهِمَا، كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَحَادِيث «أَنَّ اللَّه لَا يُعَذِّب بِدَمْعِ الْعَيْن، وَلَا بِحُزْنِ الْقَلْب، وَلَكِنْ يُعَذِّب بِهَذَا أَوْ يَرْحَم، وَأَشَارَ إِلَى لِسَانه»(23) ، وَفِي الْحَدِيث الْآخَر: «الْعَيْن تَدْمَع، وَالْقَلْب يَحْزَن، وَلَا نَقُول مَا يُسْخِط اللَّه»(24) ، وَفِي الْحَدِيث الْآخَر: «مَا لَمْ يَكُنْ نقْع أَوْ لَقْلَقَة»(25) (4) .
9- قال الإمام ابن مفلح: «يُعْرَفُ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَكَى عَلَى الْمَيِّتِ وَقَالَ «هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ» وَإِنَّ هَذَا لَيْسَ كَبُكَاءِ مَنْ يَبْكِي لِحَظِّهِ لَا لِرَحْمَةِ الْمَيِّتِ، وَإِنَّ الْفُضَيْلَ لَمَّا مَاتَ ابْنُهُ ضَحِكَ وَقَالَ: رَأَيْتُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ قَضَى فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَرْضَى بِمَا قَضَى اللَّهُ بِهِ حَالُهُ حَالٌ حَسَنٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَهْلِ الْجَزَعِ، فَأَمَّا رَحْمَةُ الْمَيِّتِ وَالرِّضَاءُ بِالْقَضَاءِ وَحَمْدُ اللَّهِ كَحَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَهَذَا أَكْمَلُ، وَقَالَ فِي الْفُرْقَانِ: وَالصَّبْرُ وَاجِبٌ بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ، ثُمَّ ذَكَرَ فِي الرِّضَا قَوْلَيْنِ ثُمَّ قَالَ: وَأَعْلَى مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَشْكُرَ اللَّهَ عَلَى الْمُصِيبَةِ لِمَا يَرَى مِنْ إنْعَامِ اللَّهِ عَلَيْهِ بِهَا، وَلَا يَلْزَمُ الْعَاصِيَ الرِّضَا بِلَعْنِهِ، وَلَا الْمُعَاقَبَ الرِّضَا بِعِقَابِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُؤْمِنُ يَصْبِرُ عَلَى الْبَلَاءِ، وَلَا يَصْبِرُ عَلَى الْعَافِيَةِ إلَّا صِدِّيقٌ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ : اُبْتُلِينَا بِالضَّرَّاءِ فَصَبَرْنَا، وَابْتُلِينَا بِالسَّرَّاءِ فَلَمْ نَصْبِرْ»(17) .
10- «وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ : الرَّجُلُ كُلُّ الرَّجُلِ مَنْ يَصْبِرُ عَلَى الْعَافِيَةِ، وَهَذَا الصَّبْرُ مُتَّصِلٌ بِالشُّكْرِ، فَلَا يَتِمُّ إلَّا بِالْقِيَامِ بِحَقِّ الشُّكْرِ، وَإِنَّمَا كَانَ الصَّبْرُ عَلَى السَّرَّاءِ شَدِيدًا؛ لِأَنَّهُ مَقْرُونٌ بِالْقُدْرَةِ، وَالْجَائِعُ عِنْدَ غَيْبَةِ الطَّعَامِ أَقْدَرُ عَلَى الصَّبْرِ مِنْه»(17) .
11- حسن أدب الصحابة مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لقول سعدرضي الله عنه: يا رسول اللَّه، قبل الاستفهام.
12- الترهيب من قسوة القلب وجمود العين(26) .
13- فضيلة التعزية وأنها من الأمور التي يترتب عليها فضل عظيم لقوله صلى الله عليه وسلم: «ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه اللَّه عز وجل من حلل الكرامة يوم القيامة»(27) ، وقد روي: «من عزى مصابًا فله مثل أجره»(28) .
14- فِيهِ اِسْتِحْبَاب عِيَادَة الْمَرِيض، وَعِيَادَة الْفَاضِل الْمَفْضُول، وَعِيَادَة الْإِمَام، وَالْقَاضِي، وَالْعَالِم، وَأَتْبَاعه(4) .
15- فضيلة الاحتساب لمن أصيب بمصيبة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه: «يقول اللَّه تعالى: ما لعبدي المؤمن جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة»(29) .
16- تجوز التعزية وإن كان الفقيد عاصيًا بانتحار أو غيره، وكذلك لمن قتل قصاصًا، أو حدًّا، كالزاني المحصن، وكذا شارب المسكر حتى مات، ولا مانع من الدعاء لهم بالرحمة، ولكن لا يصلي عليهم أعيان المسلمين، مثل: السلطان، والقاضي، ونحو ذلك من باب الزجر عن عملهم السيئ(30) .
17- قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: «قال صلى الله عليه وسلم: «إنما يرحم اللَّه من عباده الرحماء» في هذا دليل على جواز البكاء رحمة بالمصاب، إذا رأيت مصاباً في عقله، أو بدنه، فبكيت رحمة به، فهذا دليل على أن اللَّه جعل في قلبك رحمة، وإذا جعل اللَّه في قلب الإنسان رحمة، كان من الرحماء الذين يرحمهم اللَّه عز وجل، نسأل اللَّه أن يرحمنا وإياكم برحمته.
18- في هذا الحديث دليل على وجوب الصبر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «مرها فلتصبر ولتحتسب»، وفيه دليل على أن هذه الصيغة من العزاء أفضل صيغة، أفضل من قول بعض الناس: أعظم اللَّه أجرك، وأحسن عزاءك، وغفر لميتك، هذه صيغة اختارها بعض العلماء(31) ، لكن الصيغة التي اختارها الرسول صلى الله عليه وسلم أفضل؛ لأن المصاب إذا سمعها اقتنع أكثر.
19- والتعزية في الحقيقة ليست تهنئة، كما ظنها بعض العوام، يحتفل بها، ويوضع لها الكراسي، وتوضع لها الشموع، ويحضر لها القراء، والأطعمة، لا، التعزية تسلية، وتقوية للمصاب أن يصبر؛ ولهذا لو أن أحداً لم يصب بالمصيبة، كما لو مات له ابن عم، ولم يهتم به؛ فإنه لا يعزى؛ ولهذا قال العلماء: تسن تعزية المصاب، ولم يقولوا تسن تعزية القريب؛ لأن القريب ربما لا يصاب بموت قريبه، والبعيد يصاب لقوة صداقة بينهما مثلاً، أما الآن مع الأسف انقلبت الموازين، وصارت التعزية للقريب، حتى وإن فرح، وضرب الطبول لموت قريبه، فإنه يعزى.
20- ربما يكون بعض الناس فقيراً، وبينه وبين ابن عمه مشكلات كثيرة، ومات ابن عمه، وله ملايين الدراهم، هل يفرح إذا مات ابن عمه في هذه الحال، أو يصاب غالباً بفرح، ويقول: الحمد للَّه الذي فكّني من مشاكله، وورثّني ماله، هذا لا يعزى، هذا يهنأ، لو أردنا أن نقول شيئاً، واللَّه الموفق»(32) .
21- لا يشترط في التعزية أن يحد لها ثلاثة أيام لا يتجاوزها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم عزى بعد الثلاثة في حديث عبد اللَّه بن جعفر رضي الله عنه، وهذا مبني على الفائدة منها، أما حديث: «لا عزاء بعد ثلاث» فلا أصل له(33) .
22- قال النووي رحمه الله: وأما لفظ التعزية، فبأي لفظ عزاه حصلت(34) ، وإلى هذا المعنى أشار الألباني رحمه الله(35) ، أما قول بعض الناس: «البقية في حياتك»، فلا يجوز؛ لأن الميت ما ترك شيئًا من حياته لقول اللَّه عز وجل: ﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾(36) .
23- قال العلامة ابن عثيمين : «إن للَّه ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمرها فلتصبر، ولتحتسب، فينبغي للإنسان في تعزية أخيه أن يقول له هذه الكلمات، فهي أحسن ما يعزى به، إن للَّه ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، اصبر، واحتسب، واللَّه الموفق»(36) .

1 أسامة بن زيد رضي الله عنه: الحب ابن الحب، يكنى بأبي محمد، وقيل: بأبي زيد، أمه أم أيمن حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم ول، وأبوه زيد بن حارثة من كبار الصحابة، وكان شديد السواد بخلاف أبيه، وكان خفيف الروح، أحبه الرسول صلى الله عليه وسلم كثيرًا ومن ذلك قوله: «لو كان أسامة جارية لكسوته وحليته حتى أنفقه» رواه أحمد، 43/ 50، برقم 25861، وابن سعد، 4/ 62، وصححه محققو المسند، 43/ 51، والألباني في السلسلة الصحيحة، 3/ 93، برقم 1019، وذلك لما عثر وهو صغير بباب عتبة النبي صلى الله عليه وسلم فشج في وجهه، فجعل يمص عنه الدم ويمجه في وجهه، وقوله: «إن هذا لمن أحب الناس إلي» مسلم، برقم 2426، وقد مات رضي الله عنه في خلافة معاوية. انظر: الاستيعاب، 1/ 75، وسير أعلام النبلاء ترجمة، 2/ 496، رقم الترجمة (104)، والإصابة، 1/ 49
2 البخاري، برقم 6733
3 البخاري، برقم 1284، ومسلم، برقم 923
4 شرح النووي على صحيح مسلم، 6/ 225
5 شرح رياض الصالحين، شرح الحديث 29
6 سورة الأعراف، الآية: 34
7 شرح رياض الصالحين، شرح الحديث رقم 29
8 شرح النووي على صحيح مسلم، 6/ 220
9 إتحاف السادة المتقين للزبيدي، 6/ 301
10 شرح سنن أبي داود لعبد المحسن العباد، 6/ 364/ 6
11 قال العلامة الألباني في أحكام الجنائز، 163: «وفي رواية: أميمة بنت زينب»، ثم علق عليها في الحاشية: «ثم عاشت أميمة هذه، (ويقال: أمامة) حتى تزوجها علي بعد فاطمة» رضي الله عنها.
12 انظر: عمدة القاري شرح صحيح البخاري، 12/ 284، وانظر: فتح الباري لابن حجر، 3/ 156
13 انظر: عمدة القاري شرح صحيح البخاري، 12/ 284
14 انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، 4/ 9، مادة (قبض)
15 جامع الأصول، لابن الأثير، 11/ 91
16 شرح السنة للبغوي، 5/ 428
17 الآداب الشرعية لابن مفلح، 1/ 30
18 أعلام الموقعين، 1/ 265
19 القاموس المحيط، للفيروزآبادي، ص 1535، مادة (حسن)
20 الأذكار النووية للإمام النووي، ص 206
21 الترمذي، كتاب الاستئذان والآداب، برقم 2699، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم 816، بلفظ: «السلام قبل السؤال»
22 البخاري، كتاب الجنائز، باب البكاء عند المريض، برقم 1304، ومسلم، كتاب الجنائز، باب البكاء على الميت، برقم 924
23 البخاري، برقم 1304، ومسلم، برقم 924
24 لفظ البخاري قريب من هذا اللفظ، وليس بنصه، ولم أجد هذا النص، وأما لفظ البخاري، كتاب الجنائز، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنا بك لمحزونون»: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَبِي سَيْفٍ الْقَيْنِ وَكَانَ ظِئْرًا لِإِبْرَاهِيمَ رضي الله عنه فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِبْرَاهِيمَ فَقَبَّلَهُ، وَشَمَّهُ، ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَذْرِفَانِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: يَا ابْنَ عَوْفٍ، إِنَّهَا رَحْمَةٌ، ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ، وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ»
25 البخاري، موقوفاً على عمر رضي الله عنه، كتاب الجنائز، باب ما يكره من النياحة على الميت، قبل الحديث رقم 1291، والبيهقي، 4/ 71، وقال في تخريج أحاديث الكشاف، 4/ 265: «وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه، قَالَ النَّوَوِيّ فِي الْخُلَاصَة بِسَنَد صَحِيح».
26 انظر: فتح الباري، 3/ 193، 194
27 أخرجه ابن ماجه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في ثواب من عزّى مصاباً، برقم 1601، والديلمي، 4/27، برقم 6081، قال المناوي في فيض القدير، 5/495: قال النووي في الأذكار: «إسناده حسن» وحسنه لغيره العلامة الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، برقم 3508
28 الترمذي، كتاب الجنائز، باب ما جاء في أجر من عزى مصاباً، برقم 1301، وابن ماجه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في ثواب من عزّى مصاباً، برقم 1602، والبيهقي، 4/ 59، وضعفه الألباني في المشكاة، برقم 1737، وغيره، ولكن قال ابن التركماني في تعليقه على سنن البيهقي في الجوهر النقي لابن التركماني، 4/ 59: «قلت: آخر هذا الكلام يناقض أوله، إذ روي عن غيره أيضاً، فلم ينفرد به، وفي الكمال لعبد الغني: قيل لوكيع: غلط علي بن عاصم في حديث ابن مسعود؟ فقال وكيع أنا إسرائيل، عن محمد بن سوقة، عن إبراهيم، عن الأسود، عن ابن مسعود، عن النبي :صلى الله عليه وسلم «من عزى مصاباً فله مثل أجره»، وذكر المزي في أطرافه أن الثوري رواه عن ابن سوقة مثله، فهذان اثنان تابعا ابن عاصم، فروياه عن ابن سوقة كذلك»، وقال العلامة ابن الملقن : في تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج، 1/ 164 بعد أن ذكر كلام من ضعفه كالبيهقي وغيره: «قلت: قد قال هو بعد هذا، وروى أيضاً عن غيره، فكيف ينفرد به إذاً، وقد تابعه ثمانية أنفس عليه، وقال الحاكم في مستدركه في كتاب الفرائض علي بن عاصم: صدوق»، وقد استشهد شيخ الإسلام ابن تيمية : بهذا الحديث في الفتاوى الكبرى، 3/ 71، ومجموع الفتاوى، 24/ 180: «التَّعْزِيَةُ مُسْتَحَبَّةٌ، فَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ»
29 البخاري، برقم 6424
30 أحكام الجنائز لابن عثيمين، ص 94
31 انظر: الأذكار للإمام النووي، ص 126
32 /شرح رياض الصالحين، شرح الحديث رقم 29
33 انظر: أحكام الجنائز للألباني، ص 209
34 الأذكار للنووي، ص 304
35 أحكام الجنائز، ص 206، وانظر: بدع التعزية، ص 320 في الكتاب نفسه
36 شرح رياض الصالحين، شرحة الحديث رقم 924


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Saturday, August 9, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب