اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك

حصن المسلم | الدعاء بعد التشهد الأخير قبل السلام | اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك

اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ (1).

Allahumma aAAinnee AAala thikrik, washukrik, wahusni AAibadatik.
‘O Allah, help me to remember You, to thank You, and to worship You in the best of manners.


(1) أبو داود، 2/ 86، برقم، 1522، والنسائي، 3/ 53، برقم، 2302، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 1/284 .

شرح معنى اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

219- عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ بِيَدِهِ، وَقَالَ: «يَا مُعَاذُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ»، فَقَالَ: أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ»، وَأَوْصَى بِذَلِكَ مُعَاذٌ الصُّنَابِحِيَّ، وَأَوْصَى بِهِ الصُّنَابِحِيُّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحبلي (1) ، وهذا لفظ أبي داود.
220- ولفظ النسائي: عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: أَخَذَ بِيَدِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «إِنِّي لأُحِبُّكَ يَا مُعَاذُ»، فَقُلْتُ: وَأَنَا أُحِبُّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَلاَ تَدَعْ أَنْ تَقُولَ فِي كُلِّ صَلاَةٍ رَبِّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ» (2) .
221- وفي لفظ ابن خزيمة عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا بِيَدِي، فَقَالَ لِي: «يَا مُعَاذُ! وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ»، فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، قَالَ: «يَا مُعَاذُ! إِنِّي أُوصِيكَ: لَا تَدَعَنَّ أَنْ تَقُولَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ»، وَأَوْصَى بِذَلِكَ مُعَاذٌ الصُّنَابِحِيَّ، وَأَوْصَى بِهِ الصُّنَابِحِيُّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ، وَأَوْصَى بِهِ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عُقْبَةَ بْنَ مُسْلِمٍ» (3) .

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «اللَّهم»: «اللَّهُمَّ بِمَعْنَى: يَا أَلله، ... الْمِيمَ فِي آخِرِ الْكَلِمَةِ بِمَنْزِلَةِ يَا فِي أَولها، وَالضَّمَّةُ الَّتِي هِيَ فِي الْهَاءِ هِيَ ضَمَّةُ الِاسْمِ الْمُنَادَى الْمُفْرَدِ» (4) .
2- قوله: «أعني»: أي: أطلب منك العون والقوة على فعل الطاعات فأنت المستعان الذي لا يطلب العون من أحد بل يُطلب منك وحدك، فكل إعانة وعون منك وبك، قال العلامة ابن عثيمين : «والاستعانة: طلب العون بلسان المقال; كقولك: «اللهم أعني»، أو: «لا حول ولا قوة إلا باللَّه» عند شروعك بالفعل، أو بلسان الحال، وهي أن تشعر بقلبك أنك محتاج إلى ربك عز وجل أن يعينك على هذا الفعل، وأنه إن وكلك إلى نفسك وكلك إلى ضعف، وعجز، وعورة، أو طلب العون بهما جميعاً، والغالب أن من استعان بلسان المقال; فقد استعان بلسان الحال، ولو احتاج الإنسان إلى الاستعانة بالمخلوق كحمل صندوق مثلاً; فهذا جائز، ولكن لا تشعر نفسك أنها كاستعانتك بالخالق، وإنما عليك أن تشعر أنها كمعونة بعض أعضائك لبعض، كما لو عجزت عن حمل شيء بيد واحدة; فإنك تستعين على حمله باليد الأخرى، وعلى هذا; فالاستعانة بالمخلوق فيما يقدر عليه كالاستعانة ببعض أعضائك» (5) .
3- قوله: «واللَّه إني أحبك»: قال شيخ الإسلام ابن تيمية : «وَصَفَ نَفْسَهُ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّهُ يُحِبُّ أَشْخَاصًا، كَمَا قَالَ لِمُعَاذِ : «وَاَللَّهِ إنِّي لَأُحِبُّكَ» ... فَوَصَفَ نَفْسَهُ بِمَحَبَّةِ أَشْخَاصٍ... حَتَّى يَكُونَ الْمَحْبُوبُ بِهَا مَحْبُوبًا لِذَاتِهِ، لَا لِشَيْءِ آخَرَ، إذْ الْمَحْبُوبُ لِشَيْءِ غَيْرِهِ هُوَ مُؤَخَّرٌ فِي الْحُبِّ عَنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ» (6) ، وفي عون المعبود: «وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ: لَامُهُ لِلِابْتِدَاءِ وَقِيلَ لِلْقَسَمِ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ أَحَبَّ أَحَدًا يُسْتَحَبُّ لَهُ إِظْهَارُ الْمَحَبَّةِ لَهُ» (7) .
4- قوله: «على ذكرك»: أي: بالقلب واللسان، ويدخل في ذلك جميع أنواع الثناء والمحامد التي وردت في القرآن وصحت بها السنة، والشكر يكون بالقلب إقرارًا بالنعم واعترافًا، وباللسان ذكرًا وثناءً، وبالجوارح طاعة لأمره واجتنابًا لنهيه، وهو من أسباب بقاء النعم ورفع النقم (8) .
5- قوله: «وشكرك»: قال السعدي : «والشكر يكون بالقلب، إقراراً بالنعم، واعترافاً، وباللسان، ذكراً وثناء، وبالجوارح، طاعة للَّه، وانقياداً لأمره، واجتناباً لنهيه، فالشكر فيه بقاء النعمة الموجودة، وزيادة في النعم المفقودة، ... وفي الإتيان بالأمر بالشكر بعد النعم الدينية، من العلم، وتزكية الأخلاق، والتوفيق للأعمال، بيان أنها أكبر النعم، بل هي النعم الحقيقية التي تدوم، إذا زال غيرها، وأنه ينبغي لمن وفقوا لعلم أو عمل، أن يشكروا اللَّه على ذلك، ليزيدهم من فضله، وليندفع عنهم الإعجاب، فيشتغلوا بالشكر» (9) .
6- قوله: «وحسن عبادتك»: وإنما تكون حسنة بالإخلاص واقتفاء السنة، أما غير ذلك فهي رد على صاحبها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد» (10) .
7- قوله: «أوصيك يا معاذ»: أي: أعهد إليك، قال في القاموس: «وأوصاه، ووصاه توصية: عهد إليه» (11) ، وقال في المجموع شرح المهذب: «الوصايا جمع وصية: كعطايا، وعطية مأخودة من قولهم: وصيت الشيء أصيه، من باب وعد، ووصيته، ووصيت إلى فلان توصية، وأوصيت إليه إيصاء ... وأوصيت إليه بمال: جعلته له، وأوصيته عليه» (12) .
8- قَوْله: «لا تدعن دُبُر كُلّ صَلَاة»: لا تدع: أي: لا تترك، قال ابن الأثير: «ودَعَ الشيءَ يدَعُه وَدْعاً، إذا تَركَه» (13) ، وقال الشوكاني : «لَا تَدَعَنَّ: هُوَ نَهْيٌ مِنْ وَدَعَهُ, إلَّا أَنَّهُ هُجِرَ مَاضِيهِ فِي الْأَكْثَرِ اسْتِغْنَاءً عَنْهُ بِتَرْكٍ» (14) ، وقال القاري: «فلا تدع: أي: إذا كنت تحبني، أو إذا كان بيني وبينك تحابب، أو إذا أردت ثبات هذه المحاببة، فلا تترك أن تقول في دبر كل صلاة، أي: عقبها، وخلفها، أو في آخرها» (15) .
و«دبر»: أي: بعد أداء الصلوات، قال ابن الأثير: «دِبارٌ: جمع دُبُر، وهو آخرُ أوقاتِ الشَّيء، ... ويقال: فلانٌ ما يَدْرِي قِبَالَ الأمرِ من دِبَارِه: أي ما أوّلُه من آخِره، والمراد أنه يأتي الصلاةَ حين أدْبَر وقتُها» (16) ، قال النووي: «هُوَ بِضَمِّ الدَّال، هَذَا هُوَ الْمَشْهُور فِي اللُّغَة، وَالْمَعْرُوف فِي الرِّوَايَات، وَ...دَبْر كُلّ شَيْء - بِفَتْحِ الدَّال-: آخِر أَوْقَاته، مِنْ الصَّلَاة وَغَيْرهَا، وَقَالَ: هَذَا هُوَ الْمَعْرُوف فِي اللُّغَة... دُبُر الشَّيْء، وَدَبُره بِالضَّمِّ وَالْفَتْح: آخِر أَوْقَاته، وَالصَّحِيح الضَّمّ» (17) ، وقال الحافظ ابن حجر : «دُبُر الأَمر يَعنِي بِضَمَّتَينِ، ودَبره يَعنِي بِفَتحٍ ثُمَّ سُكُون: آخِره،وادَّعَى أَبُو عَمرو الزّاهِد أَنَّهُ لا يُقال بِالضَّمِّ إِلاَّ لِلجارِحَةِ، ورَدَ بِمِثلِ قَولُهُم: أَعتَقَ غُلامه عَن دُبُر، ومُقتَضَى الحَدِيث أَنَّ الذِّكر المَذكُور يُقال عِند الفَراغ مِنَ الصَّلاة، فَلَو تَأَخَّرَ ذَلِكَ عَن الفِراع؛ فَإِن كانَ يَسِيرًا بِحَيثُ لا يُعَدّ مُعرِضًا، أَو كانَ ناسِيًا، أَو مُتَشاغِلاً بِما ورَدَ أَيضًا بَعد الصَّلاة كَآيَةِ الكُرسِيّ فَلا يَضُرّ، وظاهِر قَولُهُ: «كُلّ صَلاة» يَشمَلُ الفَرض والنَّفل ، لَكِن حَمَلَهُ أَكثَر العُلَماء عَلَى الفَرض» (18) .

ما يستفاد من الحديث:

1- بيان منزلة معاذ ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم له ولذلك أوصى الأمة في شخصه بهذا الدعاء الجامع.
2- جميل أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم وتلطفه مع أصحابه، حيث أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد معاذ، وناداه باسمه ليشعر بحبه له ثم أوصاه.
3- المؤمن إذا أحب أخاه أظهر ذلك له، وأخبره بذلك الحب الذي هو في اللَّه، قا ل العيني: فيه «استحباب قول الرجل لمن يُحبه: إني أحبك، وجواز الحلِف على ذلك، واستحباب الوصية بالخير، واستحباب المواظبة على الدعاء المذكور عقيب كل صلاة» (19) .
وفي عون المعبود: «وَفِيهِ أَنَّ مَنْ أَحَبَّ أَحَدًا يُسْتَحَبُّ لَهُ إِظْهَارُ الْمَحَبَّةِ لَهُ» (7) .
4- جواز الحلف من غير استحلاف، وذلك على سبيل التوكيد.
5- إثبات اسم «المستعان» لله عز وجل وهو من أشرف الأسماء لشرف متعلقه، وقد تضمنت الفاتحة معناه في قوله ﻷ: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ سورة الفاتحة، الآية: 5 .
6- هل يقال هذا الذكر قُبَيل السلام أم بعد السلام؟ وما هو المقصود بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «دبر كل صلاة»؟.
قال الشيخ عبد اللَّه البسام : أكثر العلماء على الثاني، وطائفة على الأول ومنهم شيخ الإسلام (20) : وهو قول الشيخ ابن عثيمين : حيث قال: «ما ورد مقيدًا بدبر الصلاة، فإن كان ذكرًا فهو بعد السلام وإن كان دعاءً فهو قبل السلام» (21) .
وسمعت شيخنا الإمام ابن باز : يختار أن الأفضل أن يقال هذا الذكر في التشهد قبل السلام.
7- جاء تقديم الذكر على الشكر في هذا الدعاء؛ لأن العبد ما لم يكن ذاكرًا لم يكن شاكرًا، كما تقدم في قوله سبحانه وتعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ (22) ، والشكر يكون بالقلب إقرارًا بالنعم واعترافًا، وباللسان ذكرًا وثناءً، وبالجوارح طاعة لأمره واجتنابًا لنهيه وهو من أسباب بقاء النعم ورفع النقم (8) .
8- الاستعانة لها تعلق عظيم بالعبادة.
قال ابن القيم: والاستعانة تجمع أصلين: الثقة باللَّه، والاعتماد عليه؛ فإن العبد قد يثق بالواحد من الناس ولا يعتمد عليه في أموره – مع ثقته به – لاستغنائه عنه وقد يعتمد عليه – مع عدم ثقته به – لحاجته إليه ولعدم من يقوم مقامه – فيحتاج إلى اعتماده عليه مع أنه غير واثق به (23) .

1 أبو داود، برقم، 1522
2 النسائي، برقم، 1303
3 صحيح ابن خزيمة، 1/ 391، برقم 751، وصحيح ابن حبان، 5/ 364، برقم 2020، والحاكم، 1/ 272، وصححه محقق ابن حبان، والألباني في التعليقات الحسان، 6/ 1457، برقم 2017، وفي صحيح الترغيب والترهيب، 1/ 127.
4 لسان العرب، 13/ 470، مادة (أله)
5 القول المفيد على كتاب التوحيد، 2/ 368
6 مجموع الفتاوى، 10/ 68
7 عون المعبود وحاشية ابن القيم، 4/ 269
8 انظر: تفسير السعدي، ص 87
9 تفسير السعدي، ص 74
10 مسلم، كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم 1718
11 القاموس المحيط، ص 1731، مادة (وصي)
12 المجموع شرح المهذب، 15/ 397
13 النهاية في غريب الحديث والأثر، 5/ 365، مادة (ودع)
14 نيل الأوطار (6/ 333)
15 مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، 1/ 35
16 النهاية في غريب الحديث والأثر، 2/ 206، مادة (دبر)
17 شرح النووي على صحيح مسلم، 5/ 95
18 فتح الباري، لابن حجر، 2/ 328
19 شرح أبي داود للعيني، 5/ 433
20 انظر: توضيح الأحكام في بلوغ المرام، 1/ 308
21 الشرح الممتع، 3/ 203
22 سورة البقرة، الآية: 152
23 انظر: بدائع الفوائد، ص 150

قم بقراءة المزيد من الأذكار والأدعية




قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Saturday, August 9, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب