تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 13 من سورةالرعد - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾
[ سورة الرعد: 13]

معنى و تفسير الآية 13 من سورة الرعد : ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل


وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وهو الصوت الذي يسمع من السحاب المزعج للعباد، فهو خاضع لربه مسبح بحمده، و تسبح الْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ أي: خشعا لربهم خائفين من سطوته، وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ وهي هذه النار التي تخرج من السحاب، فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ من عباده بحسب ما شاءه وأراده وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ أي: شديد الحول والقوة فلا يريد شيئا إلا فعله، ولا يتعاصى عليه شيء ولا يفوته هارب.
فإذا كان هو وحده الذي يسوق للعباد الأمطار والسحب التي فيها مادة أرزاقهم، وهو الذي يدبر الأمور، وتخضع له المخلوقات العظام التي يخاف منها، وتزعج العباد وهو شديد القوة - فهو الذي يستحق أن يعبد وحده لا شريك له.

تفسير البغوي : مضمون الآية 13 من سورة الرعد


( ويسبح الرعد بحمده ) أكثر المفسرين على أن الرعد اسم ملك يسوق السحاب ، والصوت المسموع منه تسبيحه .
قال ابن عباس : من سمع صوت الرعد فقال : سبحان الذي يسبح الرعد بحمده ، والملائكة من خيفته وهو على كل شيء قدير ، فإن أصابته صاعقة فعلي ديته .
وعن عبد الله بن الزبير : أنه كان إذا سمع صوت الرعد ترك الحديث : وقال : " سبحان من يسبح الرعد بحمده ، والملائكة من خيفته ، ويقول : إن هذا الوعيد لأهل الأرض شديد .
وفي بعض الأخبار يقول الله تعالى : " لو أن عبادي أطاعوني لسقيتهم المطر بالليل ، ولأطلعت عليهم الشمس بالنهار ، ولم أسمعهم صوت الرعد "وقال جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : الرعد ملك موكل بالسحاب يصرفه إلى حيث يؤمر ، وأن بحور الماء في نقرة إبهامه ، وأنه يسبح الله تعالى ، فإذا سبح لا يبقى ملك في السماء إلا رفع صوته بالتسبيح فعندها ينزل القطر .
( والملائكة من خيفته ) أي : تسبح الملائكة من خيفة الله عز وجل وخشيته .
وقيل: أراد بهؤلاء الملائكة أعوان الرعد ، جعل الله تعالى له أعوانا ، فهم خائفون خاضعون طائعون .
قوله تعالى : ( ويرسل الصواعق ) جمع صاعقة ، وهي : العذاب المهلك ، ينزل من البرق فيحرق من يصيبه ( فيصيب بها من يشاء ) كما أصاب أربد بن ربيعة .
وقال محمد بن علي الباقر : الصاعقة تصيب المسلم وغير المسلم ولا تصيب الذاكر .
( وهم يجادلون ) يخاصمون ( في الله ) نزلت في شأن أربد بن ربيعة حيث قال للنبي صلى الله عليه وسلم : مم ربك أمن در أم من ياقوت أم من ذهب ؟ فنزلت صاعقة من السماء فأحرقته .
وسئل الحسن عن قوله عز وجل : ( ويرسل الصواعق ) الآية ، قال : كان رجل من طواغيت العرب بعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم نفرا يدعونه إلى الله ورسوله .
فقال لهم : أخبروني عن رب محمد هذا الذي تدعونني إليه مم هو ؟ من ذهب أو فضة أو حديد أو نحاس ؟ فاستعظم القوم مقالته فانصرفوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ، ما رأينا رجلا أكفر قلبا ولا أعتى على الله منه ؟ فقال : ارجعوا إليه ، فرجعوا إليه فجعل لا يزيدهم على مثل مقالته الأولى ، وقال : أجيب محمدا إلى رب لا أراه ولا أعرفه .
فانصرفوا وقالوا : يا رسول الله ما زادنا على مقالته الأولى وأخبث .
فقال : ارجعوا إليه ، فرجعوا ، فبينما هم عنده ينازعونه ويدعونه ، وهو يقول هذه المقالة إذ ارتفعت سحابة ، فكانت فوق رءوسهم ، فرعدت وبرقت ، ورمت بصاعقة ، فاحترق الكافر ، وهم جلوس ، فجاءوا يسعون ليخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستقبلهم قوم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا لهم : احترق صاحبكم .
فقالوا : من أين علمتم فقالوا : أوحى الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم : ( ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله ) .
( وهو شديد المحال ) قال علي رضي الله عنه : شديد الأخذ .
وقال ابن عباس : شديد الحول .
وقال الحسن : شديد الحقد .
وقال مجاهد : شديد القوة .
وقال أبو عبيدة : شديد العقوبة .
وقيل: شديد المكر .
والمحال والمماحلة : المماكرة والمغالبة .

التفسير الوسيط : ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل


وقوله- سبحانه - وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ بيان لمظهر ثالث من مظاهر قدرته.
والرعد: اسم للصوت الهائل الذي يسمع إثر تفجير شحنة كهربية في طبقات الجو.
وعطف- سبحانه - الرعد على البرق والسحاب، لأنه مقارن لهما في كثير من الأحوال.
والتسبيح: مشتق من السبح وهو المرور السريع في الماء أو في الهواء وسمى الذاكر لله-تبارك وتعالى- مسبحا، لأنه مسرع في تنزيهه سبحانه عن كل نقص.
وتسبيح الرعد- وهو هذا الصوت الهائل- بحمد الله، يجب أن نؤمن به، ونفوض كيفيته إلى الله-تبارك وتعالى- لأنه من الغيب الذي لا يعلمه إلا هو- سبحانه - وقد بين لنا- سبحانه - في كتابه أن كل شيء يسبح بحمده فقال: تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً .
وقد فصل القول في معنى هذه الجملة الكريمة الإمام الآلوسى فقال- رحمه الله- ما ملخصه:وقوله: «ويسبح الرعد» قيل هو اسم للصوت المعلوم، والكلام على حذف مضاف أى:ويسبح سامعو الرعد بحمده- سبحانه - رجاء للمطر.
ثم قال: والذي اختاره أكثر المحدثين كون الإسناد حقيقيا بناء على أن الرعد اسم للملك الذي يسوق السحاب، فقد أخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي وآخرون عن ابن عباس أن اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أخبرنا ما هذا الرعد؟ فقال: «ملك من ملائكة الله-تبارك وتعالى- موكّل بالسحاب، بيديه مخراق من نار يزجر به السحاب يسوقه حيث أمره الله-تبارك وتعالى- قالوا.
فما هذا الصوت الذي نسمع؟ قال صوته- قالوا:صدقت» .
ثم قال: واستشكل بأنه لو كان علما للملك لما ساغ تنكيره، وقد نكر في سورة البقرة في قوله-تبارك وتعالى- أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ.
وأجيب بأن له إطلاقين: ثانيهما إطلاقه على نفس الصوت، والتنكير على هذا الإطلاق ...
» .
والذي نراه أن تسبيح الرعد بحمد الله يجب الإيمان به، سواء أكان الرعد اسما لذلك الصوت المخصوص أم اسما لملك من الملائكة، أما كيفية هذا التسبيح فمردها إلى الله.
قال الإمام الشوكانى: «ويسبح الرعد بحمده» أى يسبح الرعد نفسه بحمد الله.
أى:متلبسا بحمده، وليس هذا بمستبعد، ولا مانع من أن ينطقه الله بذلك.
وأما على تفسير الرعد بملك من الملائكة فلا استبعاد في ذلك، ويكون ذكره على الإفراد مع ذكر الملائكة بعده لمزيد خصوصية له.
وعناية به» .
وقال الإمام ابن كثير: قال الإمام أحمد: حدثنا عفان ...
عن سالم عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع الرعد والصواعق قال: «اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك» .
وقال أبو جعفر بن جرير: حدثنا أحمد بن إسحاق ...
عن أبى هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع صوت الرعد قال: «سبحان من يسبح الرعد بحمده» .
وقوله- سبحانه - وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ نوع رابع من الأدلة الدالة على وحدانية الله وقدرته.
أى ويسبح الرعد بحمد الله، ويسبح الملائكة- أيضا- بحمد الله، خوفا منه-تبارك وتعالى- وإجلالا لمقامه وذاته.
ومِنْ في قوله-تبارك وتعالى- مِنْ خِيفَتِهِ للتعليل، أى: يسبحون لأجل الخوف منه.
وقوله وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ نوع خامس من الظواهر الكونية الدالة على كمال قدرته- سبحانه -.
والصواعق جمع صاعقة، وهي- كما يقول ابن جرير- كل أمر هائل رآه الرائي أو أصابه، حتى يصير من هوله وعظيم شأنه إلى هلاك وعطب وذهاب عقل ...
» .
والمراد بها هنا: النار النازلة من السماء.
أى ويرسل- سبحانه - الصواعق المهلكة فيصيب بها من يشاء إصابته من خلقه.
وقد ذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآية روايات منها: أنها نزلت في رجل من طواغيت العرب، بعث النبي صلى الله عليه وسلم نفرا يدعونه إلى الإسلام، فقال لهم: أخبرونى عن رب محمد ما هو، أمن فضة أم من حديد؟.
فبينا النفر ينازعونه ويدعونه إذا ارتفعت سحابة فكانت فوق رءوسهم فرعدت وأبرقت ورمت بصاعقة فأهلكت الكافر وهم جلوس.
فرجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستقبلهم بعض الصحابة فقالوا لهم: احترق صاحبكم؟فقالوا: من أين علمتم؟ قالوا: أوحى الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ .
وضمير الجماعة في قوله وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ يعود إلى أولئك الكافرين الذين سبق أن ساق القرآن بعض أقوالهم الباطلة، والتي منها قولهم: أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ.
والمجادلة: المخاصمة والمراجعة بالقول.
والمراد بمجادلتهم في الله: تكذيبهم للنبي صلى الله عليه وسلم فيما أمرهم به من وجوب إخلاص عبادتهم لله-تبارك وتعالى- وإيمانهم بيوم القيامة وما فيه من ثواب وعقاب.
والمحال: الكيد والمكر، والتدبير والقوة، والعقاب ...
يقال: محل فلان بفلان- بتثليث الحاء- محلا ومحالا، إذا كاده وعرضه للهلاك.
قال القرطبي: قال ابن الأعرابى: المحال المكر وهو من الله-تبارك وتعالى- التدبير بالحق أو إيصال المكروه إلى من يستحقه من حيث لا يشعر.
وقال الأزهرى: المحال: أى القوة والشدة.
وقال أبو عبيد: المحال: العقوبة والمكروه» .
أى: أن هؤلاء الكافرين يجادلونك- أيها الرسول في ذات الله وفي صفاته، وفي وحدانيته، وفي شأن البعث، وينكرون ما جئتهم به من بينات والحال أن الله-تبارك وتعالى- شديد المماحلة والمكايدة والمعاقبة لأعدائه.
قال-تبارك وتعالى-: وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ .

تفسير ابن كثير : شرح الآية 13 من سورة الرعد


( ويسبح الرعد بحمده ) كما قال تعالى : ( وإن من شيء إلا يسبح بحمده ) [ الإسراء : 44 ] .وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، أخبرني أبي قال : كنت جالسا إلى جنب حميد بن عبد الرحمن في المسجد ، فمر شيخ من بني غفار ، فأرسل إليه حميد ، فلما أقبل قال : يا ابن أخي ، وسع له فيما بيني وبينك ، فإنه قد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم . فجاء حتى جلس فيما بيني وبينه ، فقال له حميد : ما الحديث الذي حدثتني عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ؟ فقال الشيخ : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن الله ينشئ السحاب ، فينطق أحسن النطق ، ويضحك أحسن الضحك " .والمراد - والله أعلم - أن نطقها الرعد ، وضحكها البرق .وقال موسى بن عبيدة ، عن سعد بن إبراهيم قال : يبعث الله الغيث ، فلا أحسن منه مضحكا ، ولا آنس منه منطقا ، فضحكه البرق ، ومنطقه الرعد .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عبيد الله الرازي ، عن محمد بن مسلم قال : بلغنا أن البرق ملك له أربعة وجوه : وجه إنسان ، ووجه ثور ، ووجه نسر ، ووجه أسد ، فإذا مصع بذنبه فذاك البرق .وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا عبد الواحد بن زياد ، حدثنا الحجاج ، حدثني أبو مطر ، عن سالم ، عن أبيه قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سمع الرعد والصواعق قال : " اللهم ، لا تقتلنا بغضبك ، ولا تهلكنا بعذابك ، وعافنا قبل ذلك " .ورواه الترمذي ، والبخاري في كتاب الأدب ، والنسائي في اليوم والليلة ، والحاكم في مستدركه ، من حديث الحجاج بن أرطاة ، عن أبي مطر ، ولم يسم به .وقال [ الإمام ] أبو جعفر بن جرير : حدثنا أحمد بن إسحاق ، حدثنا أبو أحمد ، حدثنا إسرائيل ، عن أبيه عن رجل ، عن أبي هريرة ، رفع الحديث قال : إنه كان إذا سمع الرعد قال : " سبحان من يسبح الرعد بحمده " .وروي عن علي - رضي الله عنه - أنه كان إذا سمع صوت الرعد قال : سبحان من سبحت له .وكذا روي عن ابن عباس ، والأسود بن يزيد ، وطاوس : أنهم كانوا يقولون كذلك .وقال الأوزاعي : كان ابن أبي زكريا يقول : من قال حين يسمع الرعد : سبحان الله وبحمده ، لم تصبه صاعقة .وعن عبد الله بن الزبير أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال : سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ، ويقول : إن هذا لوعيد شديد لأهل الأرض . رواه مالك في الموطأ ، والبخاري في كتاب الأدب .وقال الإمام أحمد : حدثنا سليمان بن داود الطيالسي ، حدثنا صدقة بن موسى ، حدثنا محمد بن واسع ، عن شتير بن نهار ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " قال ربكم عز وجل : لو أن عبيدي أطاعوني لأسقيتهم المطر بالليل ، وأطلعت عليهم الشمس بالنهار ، ولما أسمعتهم صوت الرعد " .وقال الطبراني : حدثنا زكريا بن يحيى الساجي ، حدثنا أبو كامل الجحدري ، حدثنا يحيى بن كثير أبو النضر ، حدثنا عبد الكريم ، حدثنا عطاء ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " إذا سمعتم الرعد فاذكروا الله ، فإنه لا يصيب ذاكرا " .وقوله : ( ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء ) أي : يرسلها نقمة ينتقم بها ممن يشاء ، ولهذا تكثر في آخر الزمان ، كما قال الإمام أحمد :حدثنا محمد بن مصعب ، حدثنا عمارة عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه; أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " تكثر الصواعق عند اقتراب الساعة ، حتى يأتي الرجل القوم فيقول : من صعق تلكم الغداة ؟ فيقولون صعق فلان وفلان وفلان " .وقد روي في سبب نزولها ما رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي :حدثنا إسحاق ، حدثنا علي بن أبي سارة الشيباني ، حدثنا ثابت ، عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا مرة إلى رجل من فراعنة العرب فقال : " اذهب فادعه لي " . قال : فذهب إليه فقال : يدعوك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له : من رسول الله ؟ وما الله ؟ أمن ذهب هو ؟ أم من فضة هو ؟ أم من نحاس هو ؟ قال : فرجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره ، فقال : يا رسول الله ، قد أخبرتك أنه أعتى من ذلك ، قال لي كذا وكذا . فقال : " ارجع إليه الثانية " . أراه ، فذهب فقال له مثلها . فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، قد أخبرتك أنه أعتى من ذلك . قال : " ارجع إليه فادعه " . فرجع إليه الثالثة . قال : فأعاد عليه ذلك الكلام . فبينا هو يكلمه ، إذ بعث الله ، عز وجل ، سحابة حيال رأسه ، فرعدت ، فوقعت منها صاعقة ، فذهب بقحف رأسه فأنزل الله : ( ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال )ورواه ابن جرير ، من حديث علي بن أبي سارة ، به ورواه الحافظ أبو بكر البزار ، عن عبدة بن عبد الله ، عن يزيد بن هارون ، عن ديلم بن غزوان ، عن ثابت ، عن أنس ، فذكر نحوه .وقال : حدثنا الحسن بن محمد ، حدثنا عفان ، حدثنا أبان بن يزيد ، حدثنا أبو عمران الجوني ، عن عبد الرحمن بن صحار العبدي : أنه بلغه أن نبي الله بعثه إلى جبار يدعوه ، فقال : أرأيتم ربكم ، أذهب هو ؟ أو فضة هو ؟ ألؤلؤ هو ؟ قال : فبينا هو يجادلهم ، إذ بعث الله سحابة فرعدت فأرسل عليه صاعقة فذهبت بقحف رأسه ، ونزلت هذه الآية .وقال أبو بكر بن عياش ، عن ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد قال : جاء يهودي فقال : يا محمد ، أخبرني عن ربك ، [ من أي شيء هو ] من نحاس هو ؟ من لؤلؤ ؟ أو ياقوت ؟ قال : فجاءت صاعقة فأخذته ، وأنزل الله : ( ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء )وقال قتادة : ذكر لنا أن رجلا أنكر القرآن ، وكذب النبي - صلى الله عليه وسلم - فأرسل الله صاعقة فأهلكته وأنزل : ( ويرسل الصواعق ) الآية .وذكروا في سبب نزولها قصة عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة لما قدما على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ، فسألاه أن يجعل لهما نصف الأمر فأبى عليهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له عامر بن الطفيل ، لعنه الله : أما والله لأملأنها عليك خيلا جردا ورجالا مردا . فقال له رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : يأبى الله عليك ذلك وأبناء قيلة . يعني : الأنصار ، ثم إنهما هما بالفتك بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وجعل أحدهما يخاطبه ، والآخر يستل سيفه ليقتله من ورائه ، فحماه الله منهما وعصمه ، فخرجا من المدينة فانطلقا في أحياء العرب ، يجمعان الناس لحربه ، عليه السلام فأرسل الله على أربد سحابة فيها صاعقة فأحرقته . وأما عامر بن الطفيل فأرسل الله عليه الطاعون ، فخرجت فيه غدة عظيمة ، فجعل يقول : يا آل عامر ، غدة كغدة البكر ، وموت في بيت سلولية ؟ حتى ماتا لعنهما الله ، وأنزل الله في مثل ذلك :( ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء ) وفي ذلك يقول لبيد بن ربيعة ، أخو أربد يرثيه :أخشى على أربد الحتوف ولا أرهب نوء السماك والأسد فجعني الرعد والصواعق بالفارس يوم الكريهة النجدوقال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا مسعدة بن سعد العطار ، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ، حدثني عبد العزيز بن عمران ، حدثني عبد الرحمن وعبد الله ابنا زيد بن أسلم ، عن أبيهما ، عن عطاء بن يسار ، عن ابن عباس ، أن أربد بن قيس بن جزء بن جليد بن جعفر بن كلاب ، وعامر بن الطفيل بن مالك ، قدما المدينة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، فانتهيا إليه وهو جالس ، فجلسا بين يديه ، فقال عامر بن الطفيل : يا محمد ، ما تجعل لي إن أسلمت ؟ فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " لك ما للمسلمين ، وعليك ما عليهم " . قال عامر بن الطفيل : أتجعل لي الأمر إن أسلمت من بعدك ؟ قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " ليس ذلك لك ولا لقومك ، ولكن لك أعنة الخيل " . قال : أنا الآن في أعنة خيل نجد ، اجعل لي الوبر ولك المدر . قال رسول الله : " لا " . فلما قفلا من عنده قال عامر : أما والله لأملأنها عليك خيلا ورجالا فقال له رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " يمنعك الله " . فلما خرج أربد وعامر ، قال عامر : يا أربد ، أنا أشغل عنك محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالحديث ، فاضربه بالسيف ، فإن الناس إذا قتلت محمدا لم يزيدوا على أن يرضوا بالدية ، ويكرهوا الحرب ، فنعطيهم الدية . قال أربد : أفعل . فأقبلا راجعين إليه ، فقال عامر : يا محمد ، قم معي أكلمك . فقام معه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجلسا إلى الجدار ، ووقف معه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكلمه ، وسل أربد السيف ، فلما وضع يده على السيف يبست يده على قائم السيف ، فلم يستطع سل السيف ، فأبطأ أربد على عامر بالضرب ، فالتفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأى أربد ، وما يصنع ، فانصرف عنهما . فلما خرج عامر وأربد من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا كانا بالحرة ، حرة واقم نزلا فخرج إليهما سعد بن معاذ وأسيد بن حضير فقالا اشخصا يا عدوي الله ، لعنكما الله . فقال عامر : من هذا يا سعد ؟ قال : هذا أسيد بن حضير الكتائب فخرجا حتى إذا كانا بالرقم ، أرسل الله على أربد صاعقة فقتلته ، وخرج عامر حتى إذا كان بالخريم ، أرسل الله قرحة فأخذته فأدركه الليل في بيت امرأة من بني سلول ، فجعل يمس قرحته في حلقه ويقول : غدة كغدة الجمل في بيت سلولية ترغب أن يموت في بيتها! ثم ركب فرسه فأحضره حتى مات عليه راجعا ، فأنزل الله فيهما : ( الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام ) إلى قوله : ( وما لهم من دونه من وال ) [ الرعد : 8 - 11 ] - قال : المعقبات من أمر الله يحفظون محمدا - صلى الله عليه وسلم - ثم ذكر أربد وما قتله به ، فقال : ( ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء ) الآية .وقوله : ( وهم يجادلون في الله ) أي : يشكون في عظمته ، وأنه لا إله إلا هو ، ( وهو شديد المحال )قال ابن جرير : شديدة مماحلته في عقوبة من طغى عليه وعتا وتمادى في كفره .وهذه الآية شبيهة بقوله : ( ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين ) [ النمل : 50 ، 51 ] .وعن علي ، رضي الله عنه : ( وهو شديد المحال ) أي : شديد الأخذ . وقال مجاهد : شديد القوة .

تفسير الطبري : معنى الآية 13 من سورة الرعد


وقوله: (ويسبح الرعد بحمده) .
* * *قال أبو جعفر: وقد بينا معنى الرعد فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .
(73)* * *وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع صوت الرعد قال كما:20259- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا كثير بن هشام قال: حدثنا جعفر قال: بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع صوت الرعد الشديد قال: " اللهم لا تقتلنا بغضبك, ولا تهلكنا بعذابك, وعافنا قبل ذلك " .
(74)20260- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا إسرائيل, عن أبيه, عن رجل, عن أبي هريرة رفع الحديث: أنه كان إذا سمع الرعد قال: " سبحان من يسبح الرعد بحمده " .
20261- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا مسعدة بن اليسع الباهلي, عن جعفر بن محمد, عن أبيه, عن علي رضي الله عنه, كان إذا سمع صوت الرعد قال: " سبحان من سَبَّحتَ له " .
(75)20262- .
.
.
قال: حدثنا إسماعيل بن علية, عن الحكم بن أبان, عن عكرمة, عن ابن عباس, أنه كان إذا سمع الرعد قال: " سبحان الذي سَبَّحتَ له .
(76)20263- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا يعلى بن الحارث قال: سمعت أبا صخرة يحدث عن الأسود بن يزيد, أنه كان إذا سمع الرعد قال: " سبحان من سبَّحتَ له أو " سبحان الذي يسبح الرعد بحمده, والملائكة من خيفته " .
(77)20264- .
.
.
قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا ابن علية, عن ابن طاوس, عن أبيه وعبد الكريم, عن طاوس أنه كان إذا سمع الرعد قال: " سبحان من سبحتَ له .
20265- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثنا حجاج, عن ميسرة, عن الأوزاعي قال: كان ابن أبي زكريا يقول: من قال حين يسمع الرعد: " سبحان الله وبحمده, لم تصبه صاعقةٌ.
(78)* * *ومعنى قوله: (ويسبح الرعد بحمده) ، ويعظم اللهَ الرعدُ ويمجِّده, فيثنى عليه بصفاته, وينزهه مما أضاف إليه أهل الشرك به ومما وصفوه به من اتخاذ الصاحبة والولد, تعالى ربنا وتقدّس .
(79)* * *وقوله: (من خيفته) يقول: وتسبح الملائكة من خيفة الله ورَهْبته.
(80)* * *وأما قوله: (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء) .
* * *فقد بينا معنى الصاعقة، فيما مضى، بما أغنى عن إعادته، بما فيه الكفاية من الشواهد, وذكرنا ما فيها من الرواية .
(81)* * *وقد اختلف فيمن أنزلت هذه الآية.
فقال بعضهم: نزلت في كافر من الكفّار ذكر الله تعالى وتقدَّس بغير ما ينبغي ذكره به, فأرسل عليه صاعقة أهلكته .
*ذكر من قال ذلك:20266- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا عفان قال: حدثنا أبان بن يزيد قال: حدثنا أبو عمران الجوني, عن عبد الرحمن بن صُحار العبدي: أنه بلغه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى جَبَّار يدعوه, فقال: " أرأيتم ربكم, أذهبٌ هو أم فضةٌ هو أم لؤلؤٌ هو؟" قال: فبينما هو يجادلهم, إذ بعث الله سحابة فرعدت, فأرسل الله عليه صاعقة فذهبت بقِحْف رأسه فأنزل الله هذه الآية: (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال) .
(82)20267- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق بن سليمان, عن أبي بكر بن عياش, عن ليث, عن مجاهد قال: جاء يهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم, فقال: أخبرني عن ربّك من أيّ شيء هو, من لؤلؤ أو من ياقوت؟ فجاءت صاعقة فأخذته, فأنزل الله: (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال) .
20268- حدثني المثنى قال: حدثنا الحماني قال: حدثنا أبو بكر بن عياش, عن ليث, عن مجاهد, مثله .
20269- .
.
.
قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله بن هاشم قال: حدثنا سيف, عن أبي روق, عن أبي أيوب, عن علي قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد حدثني من هذا الذي تدعو إليه؟ أياقوت هو, أذهب هو, أم ما هو؟ قال: فنزلت على السائل الصاعقة فأحرقته, فأنزل الله: (ويرسل الصواعق)الآية .
(83)20270- حدثنا محمد بن مرزوق قال: حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب قال: حدثني علي بن أبي سارة الشيباني قال: حدثنا ثابت البناني, عن أنس بن مالك قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم مرةً رجلا إلى رجل من فراعنة العرب, أن ادْعُه لي, فقال: يا رسول الله, إنه أعتى من ذلك! قال: اذهب إليه فادعه.
قال: فأتاه فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك! فقال: مَنْ رسول الله؟ وما الله؟ أمن ذهب هو, أم من فضة, أم من نحاس؟ قال: فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره, فقال: ارجع إليه فادعه " قال: فأتاه فأعاد عليه وردَّ عليه مثل الجواب الأوّل.
فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره, فقال: ارجع إليه فادعه ! قال: فرجع إليه .
فبينما هما يتراجعان الكلام بينهما, إذ بعث الله سحابة بحيالِ رأسه فرَعَدت, فوقعت منها صاعقة فذهبت بقِحْفِ رأسه, فأنزل الله: (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال) .
(84)* * *وقال آخرون: نزلت في رجل من الكفار أنكر القرآن وكذب النبيّ صلى الله عليه وسلم .
*ذكر من قال ذلك:20271- حدثنا بشر بن معاذ قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد, عن قتادة قال: ذكر لنا أن رجلا أنكر القرآن وكذّب النبيَّ صلى الله عليه وسلم, فأرسل الله عليه صاعقة فأهلكته, فأنزل الله عز وجل فيه: (وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال) .
* * *وقال آخرون: نزلت في أربد أخي لبيد بن ربيعة, وكان همّ بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وعامر بن الطفيل .
*ذكر من قال ذلك:20272- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال: نزلت يعني قوله: (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء) في أربد أخي لبيد بن ربيعة, لأنه قدم أربدُ وعامرُ بن الطفيل بن مالك بن جعفر على النبي صلى الله عليه وسلم, فقال عامر: يا محمد أأسلم وأكون الخليفة من بعدك؟ قال: لا! قال: فأكون على أهل الوَبَر وأنتَ على أهل المدَرِ؟ قال: لا! قال: فما ذاك؟ قال: " أعطيك أعنة الخيل تقاتل عليها, فإنك رجل فارس.
قال: أوليست أعِنّة الخيل بيدي؟ أما والله لأملأنها عليك خيلا ورجالا من بني عامر ! قال لأربد: إمّا أن تكفينيه وأضربه بالسيف, وإما أن أكفيكه وتضربه بالسيف.
قال أربد: اكفنيه وأضربه.
(85) فقال ابن الطفيل: يا محمد إن لي إليك حاجة.
قال: ادْنُ! فلم يزل يدنو ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ادن " حتى وضع يديه على ركبتيه وحَنَى عليه, واستلّ أربد السيف, فاستلَّ منه قليلا فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم بَريقه تعوّذ بآية كان يتعوّذ بها, فيبِسَت يدُ أربد على السيف, فبعث الله عليه صاعقة فأحرقته, فذلك قول أخيه:أَخْشَى عَلَى أَرْبَدَ الحُتُوف وَلاأَرْهَبُ نَوْءَ السِّمَاك وَالأسَدِفَجَّعنِي الْبَرْقُ والصّوَاعِقُ بالفَارِس يَوْمَ الكَرِيهَةِ النَّجُدِ (86)* * *وقد ذكرت قبل خبر عبد الرحمن بن زيد بنحو هذه القصة .
(87)* * *وقوله: (وهم يجادلون في الله) ، يقول: وهؤلاء الذين أصابهم الله بالصواعق أصابهم في حال خُصومتهم في الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم .
(88)* * *وقوله: (وهو شديد المحال) يقول تعالى ذكره: والله شديدةٌ مماحلته في عقوبة من طغى عليه وعَتَا وتمادى في كفره .
* * *و " المحال ": مصدر من قول القائل: ماحلت فلانًا فأنا أماحله مماحلةً ومِحَالا و " فعلت " منه: " مَحَلت أمحَلُ محْلا إذا عرّض رجلٌ رجلا لما يهلكه ; ومنه قوله: " وَمَاحِلٌ مُصَدَّقٌ" ، (89) ومنه قول أعشى بني ثعلبة:فَرْعُ نَبْعِ يَهْتَزُّ فِي غُصُنِ المَجْدِ غَزِيرُ النّدَى شَديدُ المِحَالِ (90)هكذا كان ينشده معمر بن المثنى فيما حُدِّثت عن علي بن المغيرة عنه .
وأما الرواة بعدُ فإنهم ينشدونه:فَرْعُ فَرْعٍ يَهْتَزُّ فِي غُصُنِ المَجْدِ كِثيرُ النَّدَى عَظِيمُ المِحَال (91)وفسّر ذلك معمر بن المثنى, وزعم أنه عنى به العقوبة والمكر والنَّكال ; ومنه قول الآخر: (92)وَلَبْسٍ بَيْنَ أَقْوَاٍم فَكُلٌأَعَدَّ لَهُ الشَّغَازِبَ وَالمِحَالا (93)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
*ذكر من قال ذلك:20273- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله بن هاشم قال: حدثنا سيف, عن أبي روق, عن أبي أيوب, عن علي رضي الله عنه: (وهو شديد المحال) قال: شديد الأخذ .
(94)20274- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا إسرائيل, عن أبي يحيى, عن مجاهد: (وهو شديد المحال) قال: شديد القوة .
20275- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: (وهو شديد المحال) أي القوة والحيلة .
20276- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن الحسن: (شديد المحال) يعني: الهلاك قال: إذا محل فهو شديد وقال قتادة: شديد الحيلة.
20277- حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا رجل, عن عكرمة: (وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال) ، قال: جدال أربد (95) (وهو شديد المحال) قال: ما أصاب أربد من الصاعقة .
20278- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج, عن ابن جريج: (وهو شديد المحال) قال: قال ابن عباس: شديد الحَوْل .
20279- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد, في قوله: (وهو شديد المحال) قال: شديد القوة،" المحال ": القوة .
* * *قال أبو جعفر: والقول الذي ذكرناه عن قتادة في تأويل " المحال " أنه الحيلة, والقول الذي ذكره ابن جريج عن ابن عباس يدلان على أنهما كانا يقرآن &; 16-397 &; : "( وهُوَ شَدِيدُ المَحَالِ ) بفتح الميم, لأن الحيلة لا يأتي مصدرها " مِحَالا " بكسر الميم, ولكن قد يأتي على تقدير " المفعلة " منها, فيكون محالة, ومن ذلك قولهم: " المرء يعجزُ لا مَحالة، (96) و " المحالة " في هذا الموضع،" المفعلة " من الحيلة، فأما بكسر الميم, فلا تكون إلا مصدرًا, من " ماحلت فلانًا أماحله محالا "، و " المماحلة " بعيدة المعنى من " الحيلة ".
* * *قال أبو جعفر: ولا أعلم أحدًا قرأه بفتح الميم.
(97) فإذا كان ذلك كذلك, فالذي هو أولى بتأويل ذلك ما قلنا من القول .
-----------------------------------الهوامش :(73) انظر تفسير" الرعد" فيما سلف 1 : 338 - 342 .
(74) الأثر : 20259 - رواه أحمد بهذا اللفظ في المسند رقم : 5763 من حديث ابن عمر ، ورواه البخاري في الأدب المفرد برقم : 721 ، وخرجه أخي السيد أحمد رحمه الله في المسند .
(75) الأثر : 20261 -" مسعدة بن اليسع بن قيس اليشكري الباهلي" قال ابن أبي حاتم :" هو ذاهب الحديث ، منكر الحديث ، لا يشتغل به ، يكذب على جعفر بن محمد عندي ، والله أعلم" .
وقال أحمد :" مسعدة بن اليسع ، ليس بشيء ، خرقنا حديثه ، وتركنا حديثه منذ دهر" .
مترجم في الكبير 4 / 2 / 26 ، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 370 ، وميزان الاعتدال 3 : 163 ، ولسان الميزان 6 : 23 .
(76) الأثر : 20262 - رواه البخاري في الأدب المفرد رقم : 722 ، مطولا ، و" الحكم بن أبان العدني" تكلم أهل المعرفة بالحديث في الاحتجاج بخيره ، كذلك قال ابن خزيمة في صحيحه ، وهو ثقة إن شاء الله ، قال ابن حبان : ربما أخطأ ، مترجم في التهذيب ، والكبير 1 / 2 / 334 ، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 113 .
(77) الأثر : 20263 -" يعلى بن الحارث بن حرب المحاربي" ثقة ، مترجم في التهذيب ، والكبير 4 / 2/ 418 ، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 304 .
" أبو صخرة" ، هو" جامع بن شداد المحاربي" ثقة مضى برقم : 17982 ، وظني أنه لم يسمع" الأسود بن يزيد النخعي" ، بل سمع ذلك من أخيه" عبد الرحمن بن يزيد النخعي" ، و" عبد الرحمن" سمع من أخيه .
(78) الأثر : 20265 -" ابن أبي زكريا" ، هو :" عبد الله بن أبي زكريا الخزاعي الشامي" ،" أبو يحيى" ، كان من فقهاء أهل دمشق ، من أقران مكحول ، تابعي ثقة قليل الحديث ، صاحب غزو .
مترجم في التهذيب ، وابن سعد 7/2/163 ، وابن أبي حاتم 2 / 2 / 62 .
(79) انظر تفسير" التسبيح" فيما سلف 1 : 472 - 474 ، وفهارس اللغة ( سبح ) .
(80) انظر تفسير" الخفية" فيما سلف 13 : 353 / 15 : 389 .
(81) انظر تفسير" الصاعقة" فيما سلف 2 : 82 ، 83 / 9 : 359 / 13 : 97 .
(82) الأثر : 20266 - عفان هو " عفان بن مسلم الصفار" ، ثقة ، روى له الجماعة ، مضى مرارًا آخرها رقم : 20091 .
و" أبان بن يزيد العطار" ، ثقة إن شاء الله ، مضى مرارًا .
و" أبو عمران الجوني" هو "عبد الملك بن حبيب الأزدي" ، ثقة ، روى له الجماعة ، مضى برقم : 80 ، 13042 ، 17413 .
و" عبد الرحمن بن صحار بن صخر العبدي" ، لأبيه صحبة ، تابعي ثقة ، روى عن أبيه ، مترجم في ابن أبي حاتم 2 / 2 / 244 .
وهذا خبر مرسل صحيح الإسناد .
(83) الأثر : 20269 -" إسحاق" ، هو" إسحاق بن سليمان العبدي الرازي" ، نزل الري ، ثقة روى له الجماعة ، سلف مرارًا ، آخرها : 16940 .
وأما" عبد الله بن هاشم" ، فقد سلف في مثل هذا الإسناد برقم : 7329 ، 7938 ، 12128 ، وقلت في آخرها ،" لم أعرف من يكون" ، ولكني أستظهر الآن أنه :" عبد الله بن هاشم الكوفي" ، نزيل الري .
مترجم في ابن أبي حاتم 2 / 2 / 196 .
وأما" سيف" ، فهو" سيف بن عمر الضبي" ، الأخباري ، صاحب الفتوح ، وهو ضعيف ساقط الحديث ، ليس بشيء .
مضى مرارًا ، آخرها 12203 ، ومضى في مثل هذا الإسناد نفسه برقم 7329 ، 7938 ، 12128 .
وسيأتي مثله برقم : 20273 ، 20282 ، 20286 .
وهذا إسناد منكر .
(84) الأثر : 20270 -" محمد بن مرزوق" ، هو" محمد بن محمد بن مرزوق الباهلي" ، شيخ الطبري ، ثقة ، مضى برقم : 28 ، 8224 ، 17249 .
و" عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي" ، ثقة صدوق ، مضى برقم : 7911 .
و" علي بن أبي سارة الشيباني" ، ويقال له :" علي بن محمد بن سارة" ، شيخ ضعيف الحديث .
قال البخاري : في حديثه نظر .
وقال أبو داود : ترك الناس حديثه .
وقال ابن حبان : غلب على روايته المناكير فاستحق الترك .
وقال العقيلي :" علي بن أبي سارة عن ثابت البناني ، لا يتابع عليه ، ثم روى له عن ثابت عن أنس في قوله تعالى : ويرسل الصواعق ، ثم قال : ولا يتابعه عليه إلا من هو مثله أو قريب منه" .
مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 3 / 1 / 189 ، وميزان الاعتدال 2 : 226 ، وذكر الحديث بإسناده هذا وبتمام لفظه ، وعده من الأحاديث التي أنكرت عليه .
فهذا إسناد ضعيف جدًا .
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 7 : 42 :" رواه أبو يعلى البزار ، ورجال البزار رجال الصحيح ، غير ديلم بن غزوان ، وهو ثقة" .
(85) في المخطوطة والمطبوعة :" أكفيكه" ، والصواب ما أثبت .
(86) مضى الشعر وتفسيره وتخريجه فيما سلف ص : 381 ، تعليق : 3 .
(87) هو الأثر رقم : 20250 .
(88) انظر تفسير" المجادلة" فيما سلف 15 : 402 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(89) هذا حديث جابر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" القرآن شافع مشفع ، وما حل مصدق ، من جعله أمامه قاده إلى الجنة ، ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار"رواه ابن حبان في صحيحه 1 : 287 رقم : 124 ، وخرجه أخي السيد أحمد هناك .
وهو في مجمع الزوائد 1 : 17 / 7 / : 164 ، ورواه أيضًا عن ابن مسعود ، ولكنه ضعف إسناده .
وانظر أمالي القالي 2 : 269 ، بغير هذا اللفظ .
هذا الخبر مشهور عن ابن مسعود ، وإن كان صحيحه عند جابر .
(90) ديوانه : 10 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 325 ، واللسان ( محل ) ، وغيرها .
و" النبع" ، شجر ينبت في قلة الجبل ، وهو أصفر العود رزينة ، ثقيله في اليد ، وإذا تقادم أحمر ، وتتخذ منه القسي ، فهي أجودها وأجمعها للأرز واللين معًا ، و" الأرز" الشدة .
(91) قوله" فرع فرع" من قولهم :" هو فرع قومه" ، للشريف منهم الذي فرعهم أي علاهم بالشرف .
يقول : هو سيد لسادات .
وهذه عندي أجود روايات البيت .
(92) هو ذو الرمة .
(93) ديوانه : 445 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 326 ، وأمالي القالي 2 : 268 ، واللسان ( شغزب ) ، ( محل ) ، وغيرها .
وهو من قصيدته في مدح بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري ، وهذا البيت من صميم مدحه ، يقول بعده :وكُلُّهُمُ ألدُّ أخُو كِظاَظٍأَعَدَّ لِكُلِّ حالِ القومِ حَالاأبرَّ على الخُصُوم فليسَ خَصْمٌولا خَصْمَانِ يغْلبُهُ جِدالاقَضْيتَ بِمرَّةٍ فأَصَبْتَ منهُفُصُوصَ الحقِّ فانفصلَ انفصاَلاو" اللبس" اختلاط الأمر ، وهو مشكله ، و" الشغازب" ، جمع" شغزبة" ، وهي الكيد والغرة والحيلة ، وأصله اعتقال المصارع رجل آخر برجله ليلقيه ويصرعه .
و" أبر" علا ، وغلب .
و" قضى بمرة" ، أي بقوة وإحكام ، و" فصوص الحق" ، لبه ومعقده .
وهذا كلام بارع في الخصومة والقضاء .
(94) الأثر : 20273 - انظر التعليق على الأثر السالف رقم : 20269 .
(95) في المطبوعة :" قال : المحال جدال أربد" ، وهو كلام فاسد ، والمخطوطة هي الصواب .
(96) هذا مثل ذكره الميداني 2 : 221 ، وأبو هلال في الجمهرة : 193 ، وسمط الآلي : 888 ، وخرجه ، ومنه قول الشاعر :حاولْتُ حين صَرَمْتَنِيوالمرْءُ يَعجِزُ لا المحَالهْوالدَّهْرُ يلعبُ بالفتىوالدّهْرُ أرْوَغُ من ثُعالهْوالمرءُ يَكْسِبُ مالهُبالشُّحِّ يورِثه كَلالهْوالعبدُ يُقْرعُ بالعَصَاوالحرُّ تكفيهِ المَقالهْ(97) بل قرأها الأعرج والضحاك كذلك ، انظر تفسير أبي حيان 5 : 376 ، وشواذ القراءات لابن خالويه : 66 .

ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال

سورة : الرعد - الأية : ( 13 )  - الجزء : ( 13 )  -  الصفحة: ( 250 ) - عدد الأيات : ( 43 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين
  2. تفسير: فكذبوه فأهلكناهم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين
  3. تفسير: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون
  4. تفسير: سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب
  5. تفسير: ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقاءنا
  6. تفسير: ياأيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا
  7. تفسير: أو لم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل
  8. تفسير: واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من
  9. تفسير: يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما
  10. تفسير: والنجم والشجر يسجدان

تحميل سورة الرعد mp3 :

سورة الرعد mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الرعد

سورة الرعد بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الرعد بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الرعد بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الرعد بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الرعد بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الرعد بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة الرعد بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الرعد بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة الرعد بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الرعد بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب