الفقه يمان والحكمة يمانية

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم ورد في فضل أهل اليمن، رواه الإمام البخاري في صحيحه، والإمام مسلم، وأحمد، وغيرهم من أئمة الحديث.

---

شرح الحديث:

1. شرح المفردات:
● «أتاكم أهل اليمن»: أي قدموا إليكم من اليمن، والمراد أنهم جاءوا إلى النبي ﷺ في المدينة، أو أن صفاتهم ستظهر فيمن يأتي منهم.
● «هم أضعف قلوبا»: أي قلوبهم لينة رقيقة، سريعة الاستجابة للإيمان والخير، ليست قاسية ولا غليظة.
● «وأرق أفئدة»: الفؤاد هو القلب أيضًا، والرقة هنا تعني الرأفة والرحمة والحساسية تجاه الخير والهدى.
● «الفقه يمان»: أي الفقه في الدين، والفهم العميق للقرآن والسنة، موجود بكثرة في أهل اليمن.
● «والحكمة يمانية»: الحكمة هي وضع الشيء في موضعه، وهي العلم النافع والعمل الصالح، وهي من صفات أهل اليمن.
2. شرح الحديث:
هذا الحديث يبين فضل أهل اليمن وتميزهم بصفات إيمانية وعلمية رفيعة. فقد مدحهم النبي ﷺ بأن قلوبهم رقيقة سهلة الانقياد للإيمان، سريعة الاستجابة لدعوة الحق، وهذا عكس القلوب القاسية التي لا تتأثر بالموعظة. وقد شهد التاريخ الإسلامي أن أهل اليمن كانوا من أوائل من استجابوا للإسلام، وكان لهم دور عظيم في نصرته ونشر دعوته.
وقوله ﷺ: «الفقه يمان، والحكمة يمانية» إشارة إلى أن الفقه والحكمة سيكونان موجودين في أهل اليمن بكثرة، وقد تحقق هذا، فمن اليمن خرج كثير من الفقهاء والعلماء والحكماء على مر العصور.
3. الدروس المستفادة:
- فضل أهل اليمن وعلو مكانتهم في الإسلام.
- أن الرقة في القلب واللين في الطبع من صفات المؤمنين، وهي تعين على قبول الخير والفقه في الدين.
- الحث على طلب الفقه والحكمة، وهما من أعلى المراتب في الإسلام.
- أن الأمة الإسلامية متنوعة الخيرات، فكل بلد فيه خير وبركة، واليمن من البلدان المباركة.
4. معلومات إضافية:
- هذا الحديث من الأحاديث التي تدل على علم النبي ﷺ بالغيب، فقد أخبر عن صفات أهل اليمن قبل أن يظهر منهم الكثير، وقد تحقق ذلك.
- ينبغي للمسلم أن يعرف فضائل البلدان والأمصار، دون أن يفضي ذلك إلى عصبية أو تعصب، فالمعيار هو التقوى والعمل الصالح.
- من أهل اليمن الصحابة الكرام مثل: أبي موسى الأشعري، ومعاذ بن جبل، وغيرهم من كبار الصحابة والفقهاء.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.