أهل اليمن مني وأنا منهم

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث النابع من سُنة نبينا محمد ﷺ، مع بيان دروسه وفوائده:

---

نص الحديث:

عن عتبة بن عبد أن رجلًا قال: يا رسول الله! العن أهل اليمن، فإنهم شديد بأسهم، كثير عددهم، حصينة حصونهم، فقال: «لا» ثمّ لعن رسول الله ﷺ الأعجميين فارس والروم، وقال رسول الله ﷺ: «إذا مر بكم أهل اليمن يسوقون نساءهم ويحملون أبناءهم على عواتقهم فإنهم مني وأنا منهم».

---

1. شرح المفردات:

● العن: الدعاء عليهم بالإبعاد من رحمة الله.
● أهل اليمن: سكان منطقة اليمن في جنوب الجزيرة العربية.
● شديد بأسهم: أي شديد قوتهم وشجاعتهم في القتال.
● كثير عددهم: أي عددهم كبير.
● حصينة حصونهم: حصونهم منيعة وقوية.
● الأعجميين: غير العرب، وهم هنا فارس والروم.
● يسوقون نساءهم: يقودون نساءهم في السفر أو الانتقال.
● يحملون أبناءهم على عواتقهم: يحملون أولادهم على أكتافهم.

---

2. شرح الحديث:

جاء رجل إلى النبي ﷺ يطلب منه أن يدعو على أهل اليمن باللعنة بسبب قوتهم وكثرة عددهم ومنعة حصونهم، خوفًا من شرهم أو منافستهم.
فأجابه النبي ﷺ بـ «لا»، أي رفض هذا الطلب، ولم يستجب له.
بل على العكس، فإن النبي ﷺ قد لعن الأعجميين (فارس والروم) وهم غير العرب، لأنهم كانوا أعداء للإسلام وحاربوه.
ثم بين النبي ﷺ فضل أهل اليمن ومكانتهم عنده، فقال: «إذا مر بكم أهل اليمن يسوقون نساءهم ويحملون أبناءهم على عواتقهم فإنهم مني وأنا منهم».
أي أنهم على وفاق معه وهم جزء من أمته، بل هم أقرب الناس إليه وناصروه، ووصفهم بالرحمة والعطف على أهليهم.

---

3. الدروس المستفادة:

● عدم جواز الدعاء على المسلمين بعمومهم: فالنبي ﷺ رفض أن يدعو على أهل اليمن رغم صفات القوة التي ذكرها الرجل.
● العدل والإنصاف: لا يجوز تحميل جماعة ذنب أفرادها، فليس كل أهل اليمن مقصودين بالذم.
● فضل أهل اليمن: وقد وردت أحاديث أخرى تمدحهم، مثل قوله ﷺ: «أتاكم أهل اليمن، هم أرق قلوبًا وألين أفئدة» (رواه البخاري).
● الحكمة في التعامل مع الأقوام: النبي ﷺ ميز بين من يقاتل الإسلام (كفارس والروم) ومن هم dentro دائرة الإسلام (كأهل اليمن).
● التأكيد على الرحمة والرعاية الأسرية: وصف أهل اليمن بحمل أبنائهم وسوق نسائهم يدل على رحمتهم وعطفهم، وهي صفة محمودة.

---

4. معلومات إضافية:

- هذا الحديث يدل على عاطفة النبي ﷺ towards أهل اليمن، وهم الذين جاء منهم الكثير من الصحابة الأبرار مثل: أبو موسى الأشعري، ومعاذ بن جبل، وغيرهم.
- كما يبين الحديث أن القوة والكثرة ليست مذمة في ذاتها، بل الذم فيمن يستخدمها في الشر والعدوان.
- الرواية في مصادر أهل السنة مثل مسند الإمام أحمد وغيره.

أسأل الله أن يفقهنا في السنة، ويجعلنا من أهل اليمن في حسن الخلق والإيمان، إنه سميع مجيب.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.