اللَّهم ارزقنا من ثمرات الأرض وبارك لنا في مدنا وصاعنا

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم رواه الإمام أحمد في مسنده عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وفيه دعوات نبوية كريمة تتعلق بأمة الإسلام وأرزاقها. وإليك الشرح الوافي للحديث على النحو التالي:

---

1. شرح المفردات:

● أقبل بقلوبهم: أي اجعل قلوبهم مقبلة على الحق والإيمان، موحدة على الخير والهداية.
● نظر إلى الشام: الشام هي بلاد تضم اليوم سوريا ولبنان والأردن وفلسطين، وكانت معبرًا للفتوحات الإسلامية.
● نظر إلى العراق: العراق بلد عريق، ومركز حضاري مهم في التاريخ الإسلامي.
● قبل كل أفق: الأفق هو الجهة أو الناحية، أي نظر إلى جميع الجهات.
● ثمرات الأرض: خيراتها من فواكه وحبوب وزرع وغيرها.
● مدنا وصاعنا: المَدُّ والصاعُ مكيالان كانا يستعملان في البيع والشراء والزكاة، وهنا كناية عن الرزق والبركة في الأقوات والأموال.

---

2. شرح الحديث:

في هذا الحديث يصف جابر بن عبد الله رضي الله عنه مشهدًا نبويًّا مؤثرًا، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إلى جهات مختلفة من الدنيا، ويدعو لأهلها. فبدأ بالشام ثم العراق ثم جميع الآفاق، داعيًا الله تعالى أن يُقبل قلوب أهل هذه البلاد على الإسلام والهداية والتوحيد. ثم دعا صلى الله عليه وسلم أن يرزق أمته من خيرات الأرض، ويبارك لهم في أرزاقهم ومعايشهم.
وهذا يدل على شمولية دعوة النبي صلى الله عليه وسلم ورحمته بجميع الناس، حيث لم يقتصر دعاؤه على أهل بلده أو قومه، بل شمل جميع الأمصار والجهات. كما يجمع الدعاء بين الأمور الدينية والدنيوية، فيدعو للقلوب بالإيمان، وللأبدان بالرزق والبركة.

---

3. الدروس المستفادة منه:

● شمولية الرحمة النبوية: النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن داعيةً لقومه فحسب، بل للعالم أجمع.
● الدعاء للأمة الإسلامية: ينبغي للمسلم أن يدعو لإخوانه في جميع البلاد بالهداية والرزق والبركة.
● الجمع بين الدين والدنيا: الإسلام يهتم بصلاح القلب والروح، كما يهتم بتحسين المعيشة والرزق.
● التوسل إلى الله بدعاء النبي: ينبغي للمسلم أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء بما فيه خير الدنيا والآخرة.
● البركة في الرزق: الدعاء بالبركة في المكاييل والموازين يدل على أهمية الاستقامة في المعاملات وطلب البركة في الأموال.

---

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث يدل على حرص النبي صلى الله عليه وسلم على وحدة الأمة وجمع كلمتها، حيث دعا بأن تقبل قلوب أهل الشام والعراق وغيرهم على الخير والإيمان.
- الدعاء بالبركة في "المد والصاع" يشمل البركة في المال والطعام والثمار، ويدل على أهمية القناعة والاستغناء عما في أيدي الناس.
- ينبغي للمسلم أن يتعلم من هذا الحديث كيفية الدعاء الشامل الذي يجمع بين مصالح الدين والدنيا.
- يُستحب للمسلم أن يدعو لإخوانه في جميع أصقاع الأرض بالهداية والرزق، خاصة في أوقات الأزمات والفتن.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.