﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾
[ البقرة: 256]

سورة : البقرة - Al-Baqarah  - الجزء : ( 3 )  -  الصفحة: ( 42 )

There is no compulsion in religion. Verily, the Right Path has become distinct from the wrong path. Whoever disbelieves in Taghut and believes in Allah, then he has grasped the most trustworthy handhold that will never break. And Allah is All-Hearer, All-Knower.


تبين الرّشد : تميّز الهدى و الإيمان
من الغيّ : من الضّلالة و الكفر
بالطّاغوت : ما يُطغي من صنم و شيطان و نحوهما
بالعروة الوُثقى : بالعقيدة المُحكة الوثيقة
لا انفصام لها : لا انقطاع و لا زوال لها

لكمال هذا الدين واتضاح آياته لا يُحتاج إلى الإكراه عليه لمن تُقبل منهم الجزية، فالدلائل بينة يتضح بها الحق من الباطل، والهدى من الضلال. فَمَن يكفر بكل ما عُبِد من دون الله ويؤمن بالله، فقد ثبت واستقام على الطريقة المثلى، واستمسك من الدين بأقوى سبب لا انقطاع له. والله سميع لأقوال عباده، عليم بأفعالهم ونياتهم، وسيجازيهم على ذلك.

لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت - تفسير السعدي

يخبر تعالى أنه لا إكراه في الدين لعدم الحاجة إلى الإكراه عليه، لأن الإكراه لا يكون إلا على أمر خفية أعلامه، غامضة أثاره، أو أمر في غاية الكراهة للنفوس، وأما هذا الدين القويم والصراط المستقيم فقد تبينت أعلامه للعقول، وظهرت طرقه، وتبين أمره، وعرف الرشد من الغي، فالموفق إذا نظر أدنى نظر إليه آثره واختاره، وأما من كان سيئ القصد فاسد الإرادة، خبيث النفس يرى الحق فيختار عليه الباطل، ويبصر الحسن فيميل إلى القبيح، فهذا ليس لله حاجة في إكراهه على الدين، لعدم النتيجة والفائدة فيه، والمكره ليس إيمانه صحيحا، ولا تدل الآية الكريمة على ترك قتال الكفار المحاربين، وإنما فيها أن حقيقة الدين من حيث هو موجب لقبوله لكل منصف قصده اتباع الحق، وأما القتال وعدمه فلم تتعرض له، وإنما يؤخذ فرض القتال من نصوص أخر، ولكن يستدل في الآية الكريمة على قبول الجزية من غير أهل الكتاب، كما هو قول كثير من العلماء، فمن يكفر بالطاغوت فيترك عبادة ما سوى الله وطاعة الشيطان، ويؤمن بالله إيمانا تاما أوجب له عبادة ربه وطاعته { فقد استمسك بالعروة الوثقى }- أي: بالدين القويم الذي ثبتت قواعده ورسخت أركانه، وكان المتمسك به على ثقة من أمره، لكونه استمسك بالعروة الوثقى التي { لا انفصام لها } وأما من عكس القضية فكفر بالله وآمن بالطاغوت، فقد أطلق هذه العروة الوثقى التي بها العصمة والنجاة، واستمسك بكل باطل مآله إلى الجحيم { والله سميع عليم } فيجازي كلا منهما بحسب ما علمه منهم من الخير والشر، وهذا هو الغاية لمن استمسك بالعروة الوثقى ولمن لم يستمسك بها.

تفسير الآية 256 - سورة البقرة

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

لا إكراه في الدين قد تبين الرشد : الآية رقم 256 من سورة البقرة

 سورة البقرة الآية رقم 256

لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت - مكتوبة

الآية 256 من سورة البقرة بالرسم العثماني


﴿ لَآ إِكۡرَاهَ فِي ٱلدِّينِۖ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشۡدُ مِنَ ٱلۡغَيِّۚ فَمَن يَكۡفُرۡ بِٱلطَّٰغُوتِ وَيُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَاۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ  ﴾ [ البقرة: 256]


﴿ لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم ﴾ [ البقرة: 256]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة البقرة Al-Baqarah الآية رقم 256 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 256 من البقرة صوت mp3


تدبر الآية: لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت

دين الإسلام غنيٌّ عن أن يُكرهَ أحدًا على الدخول فيه.
لا بدَّ للعقيدة من اقتناعٍ واعتناق؛ لتورقَ في النفوس أوراقُها، وتجودَ على الحياة بثمَراتها، إنها شجرةٌ لا تنبُت في صحراء الغَصْب والإكراه.
لو تدبَّر المرء نعمةَ الإيمان، لوجد فيها رشدًا لا يرفضه إلا سفيهٌ يؤثر الضلالةَ والهوان، على الهُدى وكرامة الإنسان.
الدنيا بحرٌ مضطربٌ بالمذاهب والآراء، فاشدُد يديك بالإيمان بالله، فإنه العُروة التي لا تنفصِم.
الإسلام يَنبوعٌ صافٍ لا يجري إلا في قلبٍ نقيٍّ، لم يكدِّره إيمانٌ بغير الله، ولم يُزاحمه حبٌّ لمخلوق، ولم يرضَ بالتحاكم إلى غير شريعة الله.
حريٌّ بمَن دخل في هذا الدِّين غيرَ مُكرَهٍ عليه أن يوافقَ مظهرُه مخبرَه.

الإكراه معناه: حمل الغير على قول أو فعل لا يريده عن طريق التخويف أو التعذيب أو ما يشبه ذلك.
والمراد بالدين دين الإسلام والألف واللام فيه للعهد.
والرشد: الاستقامة على طريق الحق مع تصلب فيه، مصدر رشد يرشد ويرشد أى اهتدى.
والمراد هنا: الحق والهدى.
والغي ضد الرشد.
مصدر من غوى يغوى إذا ضل في معتقد أو رأى، ويرى بعض العلماء أن نفى الإكراه هنا خبر في معنى النهى، أى: لا تكرهوا أحدا على الدخول في دين الإسلام فإنه بين واضح في دلائله وبراهينه، فمن هداه الله له ونور بصيرته دخل فيه على بصيرة، ومن أضله وأعمى قلبه لا يفيده الإكراه على الدخول فيه.
وقال بعض العلماء إن الجملة هنا على حالها من الخبرية والمعنى: ليس في الدين- الذي هو تصديق بالقلب، وإذعان في النفس- إكراه وإجبار من الله-تبارك وتعالى- لأحد، لأن مبنى هذا الدين على التمكين والاختيار، وهو مناط الثواب والعقاب، لولا ذلك لما حصل الابتلاء والاختبار، ولبطل الامتحان.
أو المعنى: كما يرى بعضهم- إن من الواجب على العاقل بعد ظهور الآيات البينات على أن الإيمان بدين الإسلام حق ورشد.
وعلى أن الكفر به غي وضلال، أن يدخل عن طواعية واختيار في دين الإسلام الذي ارتضاه الله وألا يكره على ذلك بل يختاره بدون قسر أو تردد.
فالجملة الأولى وهي قوله-تبارك وتعالى-: لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ: تنفى الإجبار على الدخول في الدين، لأن هذا الإجبار لا فائدة من ورائه، إذ التدين إذعان قلبي، واتجاه بالنفس والجوارح إلى الله رب العالمين بإرادة حرة مختارة فإذا أكره عليه الإنسان إزداد كرها له ونفورا منه.
فالإكراه والتدين نقيضان لا يجتمعان، ولا يمكن أن يكون أحدهما ثمرة للآخر.
والجملة الثانية وهي قوله-تبارك وتعالى-: قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ بمثابة العلة لنفى هذا الإكراه على الدخول في الدين، أى قد ظهر الصبح لذي عينين، وانكشف الحق من الباطل، والهدى من الضلال وقامت الأدلة الساطعة على أن دين الإسلام هو الدين الحق وغيره من الأديان ضلال وكفران ومادام الأمر كذلك فقد توافرت الأسباب التي تدعو إلى الدخول في دين الإسلام، ومن كفر به بعد ذلك فليحتمل نتيجة كفره، وسوء عاقبة أمره.
ثم قال-تبارك وتعالى-: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها.
الطاغوت: اسم لكل ما يطغى الإنسان، كالأصنام والأوثان والشيطان وكل رأس في الضلال وكل ما عبد من دون الله.
وهو مأخوذ من طغا يطغى- كسعى يسعى- طغيا وطغيانا، أو من يطغو طغوا طغوانا، إذا جاوز الحد وغلا في الكفر وأسرف في المعاصي والفجور.
والعروة: في أصل معناها تطلق على ما يتعلق بالشيء من عراه أى من الجهة التي يجب تعليقه منها، وتجمع على عرى.
والعروة من الدلو والكوز مقبضه، ومن الثوب مدخل زره.
والوثقى: مؤنث الأوثق، وهو الشيء المحكم الموثق.
يقال وثق- بالضم - وثاقة أى: قوى وثبت فهو وثيق أى ثابت محكم.
والانفصام.
الانكسار، والفصم كسر الشيء وقطعة.
والمعنى: فمن خلع الأنداد والأوثان وما يدعو إليه الشيطان من عبادة غير الله، وآمن بالله-تبارك وتعالى- إيمانا خالصا صادقا فقد ثبت أمره واستقام على الطريقة المثلى التي لا انقطاع لها وأمسك من الدين بأقوى سبب وأحكم رباط.
والفاء في قوله: فَمَنْ يَكْفُرْ للتفريع.
والسين والتاء في استمسك للتأكيد والطلب، وقوله: فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى فيه- كما يقول الزمخشري- تمثيل للمعلوم بالمنظور والاستدلال بالمشاهد المحسوس حتى يتصوره السامع كأنما ينظر إليه بعينه فيحكم اعتقاده والتيقن به، وجملة «لا انفصام لها» استئناف مقرر لما قبله أو حال من «العروة» والعامل «استمسك» .
ثم ختم- سبحانه الآية بقوله: وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ أى سميع للأقوال، وهمسات القلوب، وخلجات النفوس، عليم بما يسره الناس وما يعلنونه، وسيجازيهم بما يستحقون من ثواب أو عقاب.
قال القرطبي ما ملخصه: قيل إن هذه الآية منسوخة بقوله-تبارك وتعالى-: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد أكره العرب على دين الإسلام وقاتلهم ولم يرض منهم إلا الإسلام.
وقيل إنها ليست بمنسوخة وإنما نزلت في أهل الكتاب خاصة، وأنهم لا يكرهون على الإسلام إذا أدوا الجزية.. والحجة لهذا القول ما رواه زيد بن أسلّم عن أبيه قال: سمعت عمر ابن الخطاب يقول لعجوز نصرانية: أسلمي أيتها العجوز تسلمي، إن الله بعث محمدا بالحق.
قالت أنا عجوز كبيرة والموت إلى قريب.
فقال عمر: اللهم اشهد وتلا: لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ .
والذي تسكن إليه النفس أن هذه الآية محكمة غير منسوخة، لأن التدين لا يكون مع الإكراه- كما أشرنا من قبل- ولأن الجهاد ما شرع في الإسلام لإجبار الناس على الدخول في الإسلام إذ لا إسلام مع إجبار، وإنما شرع الجهاد لدفع الظلم ورد العدوان وإعلاء كلمة الله، والرسول صلّى الله عليه وسلّم ما قاتل العرب ليكرههم على الدخول في الإسلام وإنما قاتلهم لأنهم بدءوه بالعداوة.
ولأن الروايات في سبب نزول هذه الآية تؤيد أنه لا إكراه في الدين، ومن هذه الروايات ما جاء عن ابن عباس أنه قال: نزلت في رجل من الأنجر من بنى سالم بن عوف يقال له الحصين كان له ابنان نصرانيان وكان هو مسلما، فقال للنبي صلّى الله عليه وسلّم ألا استكرههما فإنهما قد أبيا إلا النصرانية فأنزل الله هذه الآية وفي رواية أخرى أنه حاول إكراههما على الدخول في الإسلام فاختصموا إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال الأنصارى: يا رسول الله أيدخل بعضى النار وأنا أنظر إليه فنزلت الآية.
ولأن النسخ لا يصار إليه إلا إذا لم يمكن التوفيق بين الآيتين وهنا يمكن التوفيق بأن نقول:إن الآية التي معنا تنفى إكراه الناس على اعتقاد ما لا يريدون وآية يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ جاءت لحض النبي صلّى الله عليه وسلّم وحض أصحابه على قتال الكفار الذين وقفوا في طريق دعوته، حتى يكفوا عن عدوانهم وتكون كلمة الله هي العليا.
ثم بين- سبحانه - حسن عاقبة المؤمنين، وسوء عاقبة الكافرين فقال-تبارك وتعالى-:
قوله تعالى : لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليمقوله تعالى : لا إكراه في الدين فيه مسألتان : الأولى : قوله تعالى : لا إكراه في الدين الدين في هذه الآية المعتقد والملة بقرينة قوله : قد تبين الرشد من الغي .
والإكراه الذي في الأحكام من الإيمان والبيوع والهبات وغيرها ليس هذا موضعه ، وإنما يجيء في تفسير قوله : إلا من أكره .
وقرأ أبو عبد الرحمن " قد تبين الرشد من الغي " وكذا روي عن الحسن والشعبي ، يقال : رشد يرشد رشدا ، ورشد يرشد رشدا : إذا بلغ ما يحب .
وغوى ضده ، عن النحاس .
وحكى ابن عطية عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قرأ " الرشاد " بالألف .
وروي عن الحسن أيضا " الرشد " بضم الراء والشين .
" الغي " مصدر من غوى يغوي إذا ضل في معتقد أو رأي ، ولا يقال الغي في الضلال على الإطلاق .
الثانية : اختلف العلماء في معنى هذه الآية على ستة أقوال :( الأول ) قيل إنها منسوخة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أكره العرب على دين الإسلام وقاتلهم ولم يرض منهم إلا بالإسلام ، قاله سليمان بن موسى ، قال : نسختها يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين .
وروي هذا عن ابن مسعود وكثير من المفسرين .
( الثاني ) ليست بمنسوخة وإنما نزلت في أهل الكتاب خاصة ، وأنهم لا يكرهون على الإسلام إذا أدوا الجزية ، والذين يكرهون أهل الأوثان فلا يقبل منهم إلا الإسلام فهم الذين نزل فيهم يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين .
هذا قول الشعبي وقتادة والحسن والضحاك .
والحجة لهذا القول ما رواه زيد بن أسلم عن أبيه قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول لعجوز نصرانية : أسلمي أيتها العجوز تسلمي ، إن الله بعث محمدا بالحق .
قالت : أنا عجوز كبيرة والموت إلي قريب! فقال عمر : اللهم اشهد ، وتلا لا إكراه في الدين .
( الثالث ) ما رواه أبو داود عن ابن عباس قال : نزلت هذه في الأنصار ، كانت تكون المرأة مقلاتا فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده ، فلما أجليت بنو النضير كان فيهم كثير من أبناء الأنصار فقالوا : لا ندع أبناءنا فأنزل الله تعالى : لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي .
قال أبو داود : والمقلات التي لا يعيش لها ولد .
في رواية : إنما فعلنا ما فعلنا ونحن نرى أن دينهم أفضل مما نحن عليه ، وأما إذا جاء الله بالإسلام فنكرههم عليه فنزلت : لا إكراه في الدين من شاء التحق بهم ومن شاء دخل في الإسلام .
وهذا قول سعيد بن جبير والشعبي ومجاهد إلا أنه قال : كان سبب كونهم في بني النضير الاسترضاع .
قال النحاس : قول ابن عباس في هذه الآية أولى الأقوال لصحة إسناده ، وأن مثله لا يؤخذ بالرأي .
( الرابع ) قال السدي : نزلت الآية في رجل من الأنصار يقال له أبو حصين كان له ابنان ، فقدم تجار من الشام إلى المدينة يحملون الزيت ، فلما أرادوا الخروج أتاهم ابنا الحصين فدعوهما إلى النصرانية فتنصرا ومضيا معهم إلى الشام ، فأتى أبوهما رسول الله صلى الله عليه وسلم مشتكيا أمرهما ، ورغب في أن يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم من يردهما فنزلت : لا إكراه في الدين ولم يؤمر يومئذ بقتال أهل الكتاب ، وقال : ( أبعدهما الله هما أول من كفر ) فوجد أبو الحصين في نفسه على النبي صلى الله عليه وسلم حين لم يبعث في طلبهما فأنزل الله جل ثناؤه فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم الآية ثم إنه نسخ لا إكراه في الدين فأمر بقتال أهل الكتاب في سورة ( براءة ) .
والصحيح في سبب قوله تعالى : فلا وربك لا يؤمنون حديث الزبير مع جاره الأنصاري في السقي ، على ما يأتي في ( النساء ) بيانه إن شاء الله تعالى .
( وقيل ) معناها لا تقولوا لمن أسلم تحت السيف مجبرا مكرها ، وهو القول الخامس .
( وقول سادس ) وهو أنها وردت في السبي متى كانوا من أهل الكتاب لم يجبروا إذا كانوا كبارا ، وإن كانوا مجوسا صغارا أو كبارا أو وثنيين فإنهم يجبرون على الإسلام ؛ لأن من سباهم لا ينتفع بهم مع كونهم وثنيين ، ألا ترى أنه لا تؤكل ذبائحهم ولا توطأ نساؤهم ، ويدينون بأكل الميتة والنجاسات وغيرهما ، ويستقذرهم المالك لهم ويتعذر عليه الانتفاع بهم من جهة الملك فجاز له الإجبار .
ونحو هذا روى ابن القاسم عن مالك .
وأما أشهب فإنه قال : هم على دين من سباهم ، فإذا امتنعوا أجبروا على الإسلام ، والصغار لا دين لهم فلذلك أجبروا على الدخول في دين الإسلام لئلا يذهبوا إلى دين باطل .
فأما سائر أنواع الكفر متى بذلوا الجزية لم نكرههم على الإسلام سواء كانوا عربا أم عجما قريشا أو غيرهم .
وسيأتي بيان هذا وما للعلماء في الجزية ومن تقبل منه في ( براءة ) إن شاء الله تعالى .
قوله تعالى : فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله جزم بالشرط .
والطاغوت مؤنثة من طغى يطغى .
- وحكى الطبري يطغو - إذا جاوز الحد بزيادة عليه .
ووزنه فعلوت ، ومذهب سيبويه أنه اسم مذكر مفرد كأنه اسم جنس يقع للقليل والكثير .
ومذهب أبي علي أنه مصدر كرهبوت وجبروت ، وهو يوصف به الواحد والجمع ، وقلبت لامه إلى موضع العين وعينه موضع اللام كجبذ وجذب ، فقلبت الواو ألفا لتحركها وتحرك ما قبلها فقيل طاغوت ، واختار هذا القول النحاس .
وقيل : أصل طاغوت في اللغة مأخوذة من الطغيان يؤدي معناه من غير اشتقاق ، كما قيل : لآل من اللؤلؤ .
وقال المبرد : هو جمع .
وقال ابن عطية : وذلك مردود .
قال الجوهري : والطاغوت الكاهن والشيطان ، وكله رأس في الضلال ، وقد يكون واحدا ، قال الله تعالى : يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به .
وقد يكون جمعا ، قال الله تعالى : أولياؤهم الطاغوت والجمع الطواغيت .
( ويؤمن بالله ) عطف .
فقد استمسك بالعروة الوثقى جواب الشرط ، وجمع الوثقى الوثق مثل الفضلى والفضل ، فالوثقى فعلى من الوثاقة ، وهذه الآية تشبيه .
واختلفت عبارة المفسرين في الشيء المشبه به ، فقال مجاهد : العروة الإيمان .
وقال السدي : الإسلام .
وقال ابن عباس وسعيد بن جبير والضحاك ، لا إله إلا الله ، وهذه عبارات ترجع إلى معنى واحد .
ثم قال : لا انفصام لها قال مجاهد : أي لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، أي لا يزيل عنهم اسم الإيمان حتى يكفروا .
والانفصام : الانكسار من غير بينونة .
والقصم : كسر ببينونة ، وفي صحيح الحديث فيفصم عنه الوحي وإن جبينه ليتفصد عرقا أي يقلع .
قال الجوهري : فصم الشيء كسره من غير أن يبين ، تقول : فصمته فانفصم ، قال الله تعالى : لا انفصام لها وتفصم مثله ، قاله ذو الرمة يذكر غزالا يشبهه بدملج فضة :كأنه دملج من فضة نبه في ملعب من جواري الحي مفصوموإنما جعله مفصوما لتثنيه وانحنائه إذا نام .
ولم يقل " مقصوم " بالقاف فيكون بائنا باثنين .
وأفصم المطر : أقلع .
وأفصمت عنه الحمى ولما كان الكفر بالطاغوت والإيمان بالله مما ينطق به اللسان ويعتقده القلب حسن في الصفات " سميع " من أجل النطق " عليم " من أجل المعتقد .


شرح المفردات و معاني الكلمات : إكراه , الدين , تبين , الرشد , الغي , يكفر , الطاغوت , بالطاغوت , يؤمن , الله , استمسك , العروة , الوثقى , انفصام , الله , سميع , عليم , فمن+يكفر+بالطاغوت+ويؤمن+بالله+فقد+استمسك+بالعروة+الوثقى+لا+انفصام+لها , العروة+الوثقى , الله+سميع+عليم ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم


تحميل سورة البقرة mp3 :

سورة البقرة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة البقرة

سورة البقرة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة البقرة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة البقرة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة البقرة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة البقرة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة البقرة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة البقرة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة البقرة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة البقرة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة البقرة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 21, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب