تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ يوسف: 110] .
﴿ حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾
﴿ حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾
[ سورة يوسف: 110]
القول في تفسير قوله تعالى : حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من ..
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | إعراب الآية |
التفسير الميسر : حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا
ولا تستعجل -أيها الرسول- النصر على مكذبيك، فإن الرسل قبلك ما كان يأتيهم النصر عاجلا لحكمة نعلمها، حتى إذا يئس الرسل من قومهم، وأيقنوا أن قومهم قد كذبوهم ولا أمل في إيمانهم، جاءهم نصرنا عند شدة الكرب، فننجي من نشاء من الرسل وأتباعهم، ولا يُرَدُّ عذابنا عمَّن أجرم وتجرَّأ على الله. وفي هذا تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم.
المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار
هؤلاء الرسل الذين نرسلهم نمهل أعداءهم، ولا نعاجلهم العقوبة استدراجًا لهم، حتى إذا تأخر إهلاكهم، ويئس الرسل من هلاكهم، وظن الكفار أن رسلهم قد كذبوهم فيما وعدوهم به من العقاب للمكذبين، وإنجاء المؤمنين؛ جاء نصرنا لرسلنا، ونجِّي الرسل والمؤمنون من الهلاك الواقع على المكذبين، ولا يرد عذابنا عن القوم المجرمين عندما ننزله بهم.
تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 110
«حتى» غاية لما دل عليه (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا) أي فتراخى نصرهم حتى «إذا استيئس» يئس «الرسل وظنوا» أيقن الرسل «أنهم قد كذِّبوا» بالتشديد تكذيبا لا إيمان بعده والتخفيف أي ظن الأمم أن الرسل أخلفوا ما وعدوا به من النصر «جاءهم نصرنا فَنُنَجِّي» بنونين مشددا ومخففا وبنون مشددا ماض «من نشاء ولا يرد بأسنا» عذابنا «عن القوم المجرمين» المشركين.
تفسير السعدي : حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا
يخبر تعالى: أنه يرسل الرسل الكرام، فيكذبهم القوم المجرمون اللئام، وأن الله تعالى يمهلهم ليرجعوا إلى الحق، ولا يزال الله يمهلهم حتى إنه تصل الحال إلى غاية الشدة منهم على الرسل.حتى إن الرسل - على كمال يقينهم، وشدة تصديقهم بوعد الله ووعيده - ربما أنه يخطر بقلوبهم نوع من الإياس، ونوع من ضعف العلم والتصديق، فإذا بلغ الأمر هذه الحال { جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ } وهم الرسل وأتباعهم، { وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ }- أي: ولا يرد عذابنا، عمن اجترم، وتجرأ على الله { فما لهم من قوة ولا ناصر }
تفسير البغوي : مضمون الآية 110 من سورة يوسف
( حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا ) اختلف القراء في قوله : ( كذبوا ) .فقرأ أهل الكوفة ، وأبو جعفر : ( كذبوا ) بالتخفيف وكانت عائشة تنكر هذه القراءة .وقرأ الآخرون بالتشديد .فمن شدد قال : معناه حتى استيأس الرسل من إيمان قومهم .[ روي عن مجاهد أنه قرأ : وقد كذبوا بفتح الكاف والذال مخففة ، ولها تأويلان : أحدهما معناه : أن القوم المشركين ظنوا أن الرسل قد كذبوا . والثاني : معناه : أن الرسل ظنوا - أي : علموا - أن قومهم قد افتروا على الله بكفرهم من إيمان قومهم ] .وظنوا : أي أيقنوا - يعني الرسل - أن الأمم قد كذبوهم تكذيبا لا يرجى بعد إيمانهم .والظن بمعنى اليقين : وهذا معنى قول قتادة .وقال بعضهم : معناه : حتى إذا استيأس الرسل ممن كذبهم من قومهم أن يصدقوهم وظنوا أن من آمن بهم من قومهم قد كذبوهم وارتدوا عن دينهم لشدة المحنة والبلاء عليهم واستبطاء النصر . ومن قرأ بالتخفيف قال : معناه : حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم وظنوا أي : ظن قومهم أن الرسل قد كذبتهم في وعيد العذاب .وروي عن ابن عباس : معناه ضعف قلوب الرسل يعني : وظنت الرسل أنهم كذبوا فيما وعدوا من النصر . وكانوا بشرا فضعفوا ويئسوا وظنوا أنهم أخلفوا ثم تلا ( حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ) ( البقرة - 214 ) أي : جاء الرسل نصرنا .( فنجي من نشاء ) [ قرأ العامة بنونين أي : نحن ننجي من نشاء ] . وقرأ ابن عامر ، وحمزة ، وعاصم ، ويعقوب بنون واحدة مضمومة وتشديد الجيم وفتح الياء على ما لم يسم فاعله لأنها مكتوبة في المصحف بنون واحدة فيكون محل ( من ) رفعا على هذه القراءة . وعلى القراءة الأولى يكون نصبا فنجي من نشاء عند نزول العذاب وهم المؤمنون المطيعون .( ولا يرد بأسنا ) عذابنا ( عن القوم المجرمين ) يعني : المشركين .
التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية
ثم حكى- سبحانه - سنة من سننه التي لا تتخلف ولا تتبدل فقال: حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا....وفي قوله قَدْ كُذِبُوا وردت قراءتان سبعيتان إحداهما بتشديد الذال والثانية بالتخفيف.وعلى القراءتين فالغاية في قوله-تبارك وتعالى- حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ غاية لكلام محذوف دل عليه السياق.والمعنى على القراءة التي بالتشديد. لقد أرسلنا رسلنا لهداية الناس، فأعرض الكثيرون منهم عن دعوتهم، ووقفوا منهم موقف المنكر والمعاند والمحارب لهدايتهم، وضاق الرسل ذرعا بموقف هؤلاء الجاحدين، حتى إذا استيأس الرسل الكرام من إيمان هؤلاء الجاحدين، وظنوا- أى الرسل- أن أقوامهم الجاحدين قد كذبوهم في كل ما جاءوهم به لكثرة إعراضهم عنهم، وإيذائهم لهم ... أى: حتى إذا ما وصل الرسل إلى هذا الحد من ضيقهم بأقوامهم الجاحدين جاءهم نصرنا الذي لا يتخلف.والمعنى على القراءة الثانية التي هي بالتخفيف: حتى إذا يئس الرسل من إيمان أقوامهم يأسا شديدا، وظن هؤلاء الأقوام أن الرسل قد كذبوا عليهم فيما جاءوهم به، وفيما هددوهم به من عذاب إذا ما استمروا على كفرهم..حتى إذا ما وصل الأمر بالرسل وبالأقوام إلى هذا الحد، جاء نصرنا الذي لا يتخلف إلى هؤلاء الرسل، فضلا منا وكرما..فالضمير في قوله كُذِبُوا بالتشديد يعود على الرسل، أما على قراءة التخفيف كُذِبُوا فيعود إلى الأقوام الجاحدين.ومنهم من جعل الضمير- أيضا- على قراءة كُذِبُوا بالتخفيف يعود على الرسل، فيكون المعنى: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظنوا- أى الرسل- أن نفوسهم قد كذبت عليهم في تحديد موعد انتصارهم على أعدائهم لأن البلاء قد طال. والنصر قد تأخر ... جاءهم- أى الرسل- نصرنا الذي لا يتخلف.قال الشيخ القاسمى في بيان هذا المعنى: قال الحكيم الترمذي: ووجهه- أى هذا القول السابق- أن الرسل كانت تخاف بعد أن وعدهم الله النصر، أن يتخلف النصر، لا عن تهمة بوعد الله، بل عن تهمة لنفوسهم أن تكون قد أحدثت حدثا ينقض ذلك الشرط، فكان النصر إذا طال انتظاره واشتد البلاء عليهم، دخلهم الظن من هذه الجهة» .وهذا يدل على شدة محاسبة الرسل- عليهم الصلاة والسلام- لنفوسهم، وحسن صلتهم بخالقهم- عز وجل -.وقوله- سبحانه - فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ معطوف على ما قبله، ومتفرع عليه.أى: جاءهم نصرنا الذي وعدناهم به، بأن أنزلنا العذاب على أعدائهم، فنجا من نشاء إنجاءه وهم المؤمنون بالرسل، ولا يرد بأسنا وعذابنا عن القوم المجرمين عند نزوله بهم.
حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا: تفسير ابن كثير
يخبر تعالى أن نصره ينزل على رسله ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، عند ضيق الحال وانتظار الفرج من الله تعالى في أحوج الأوقات إلى ذلك ، كما في قوله تعالى : { وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب } [ البقرة : 214 ] ، وفي قوله : { كذبوا } قراءتان ، إحداهما بالتشديد : " قد كذبوا " ، وكذلك كانت عائشة - رضي الله عنها - تقرؤها ، قال البخاري :
حدثنا عبد العزيز بن عبد الله ، حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح ، عن ابن شهاب قال : أخبرني عروة بن الزبير ، عن عائشة قالت له وهو يسألها عن قول الله : { حتى إذا استيئس الرسل } قال : قلت : أكذبوا أم كذبوا ؟ فقالت عائشة : كذبوا . فقلت : فقد استيقنوا أن قومهم قد كذبوهم فما هو بالظن ؟ قالت : أجل ، لعمري لقد استيقنوا بذلك . فقلت لها : وظنوا أنهم قد كذبوا ؟ قالت معاذ الله ، لم تكن الرسل تظن ذلك بربها . قلت : فما هذه الآية ؟ قالت : هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وصدقوهم ، فطال عليهم البلاء ، واستأخر عنهم النصر ، { حتى إذا استيئس الرسل } ممن كذبهم من قومهم ، وظنت الرسل أن أتباعهم قد كذبوهم ، جاءهم نصر الله عند ذلك .
حدثنا أبو اليمان ، أنبأنا شعيب ، عن الزهري قال : أخبرنا عروة ، فقلت : لعلها قد كذبوا مخففة ؟ قالت : معاذ الله . انتهى ما ذكره .
وقال ابن جريج أخبرني ابن أبى مليكة : أن ابن عباس قرأها : { وظنوا أنهم قد كذبوا } خفيفة ، قال عبد الله هو ابن مليكة : ثم قال لي ابن عباس : كانوا بشرا وتلا ابن عباس : { حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب } [ البقرة : 214 ] ، قال ابن جريج : وقال لي ابن أبي مليكة : وأخبرني عروة عن عائشة : أنها خالفت ذلك وأبته ، وقالت : ما وعد الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - من شيء إلا قد علم أنه سيكون حتى مات ، ولكنه لم يزل البلاء بالرسل حتى ظنوا أن من معهم من المؤمنين قد كذبوهم . قال ابن أبي مليكة في حديث عروة : كانت عائشة تقرؤها " وظنوا أنهم قد كذبوا " مثقلة ، للتكذيب .
وقال ابن أبي حاتم : أنا يونس بن عبد الأعلى قراءة ، أنا ابن وهب ، أخبرني سليمان بن بلال ، عن يحيى بن سعيد قال : جاء إنسان إلى القاسم بن محمد فقال : إن محمد بن كعب القرظي يقول هذه الآية : { حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا } فقال القاسم : أخبره عني أني سمعت عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول : { حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا } تقول : كذبتهم أتباعهم . إسناد صحيح أيضا .
والقراءة الثانية بالتخفيف ، واختلفوا في تفسيرها ، فقال ابن عباس ما تقدم ، وعن ابن مسعود ، فيما رواه سفيان الثوري ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله أنه قرأ : { حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا } مخففة ، قال عبد الله : هو الذي تكره .
وهذا عن ابن مسعود وابن عباس - رضي الله عنهما - مخالف لما رواه آخرون عنهما . أما ابن عباس فروى الأعمش ، عن مسلم ، عن ابن عباس في قوله : { حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا } قال : لما أيست الرسل أن يستجيب لهم قومهم ، وظن قومهم أن الرسل قد كذبوهم ، جاءهم النصر على ذلك ، { فنجي من نشاء }
وكذا روي عن سعيد بن جبير ، وعمران بن الحارث السلمي ، وعبد الرحمن بن معاوية وعلي بن أبي طلحة ، والعوفي عن ابن عباس بمثله .
وقال ابن جرير : حدثني المثنى ، حدثنا عارم أبو النعمان ، حدثنا حماد بن زيد ، حدثنا شعيب حدثنا إبراهيم بن أبي حرة الجزري قال : سأل فتى من قريش سعيد بن جبير فقال له : يا أبا عبد الله ، كيف هذا الحرف ، فإني إذا أتيت عليه تمنيت أني لا أقرأ هذه السورة : { حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا } قال : نعم ، حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يصدقوهم ، وظن المرسل إليهم أن الرسل كذبوا . فقال الضحاك بن مزاحم : ما رأيت كاليوم قط رجلا يدعى إلى علم فيتلكأ! لو رحلت في هذه إلى اليمن كان قليلا .
ثم روى ابن جرير أيضا من وجه آخر : أن مسلم بن يسار سأل سعيد بن جبير عن ذلك ، فأجابه بهذا الجواب ، فقام إلى سعيد فاعتنقه ، وقال : فرج الله عنك كما فرجت عني .
وهكذا روي من غير وجه عن سعيد بن جبير أنه فسرها كذلك ، وكذا فسرها مجاهد بن جبر ، وغير واحد من السلف ، حتى إن مجاهدا قرأها : " وظنوا أنهم قد كذبوا " ، بفتح الذال . رواه ابن جرير ، إلا أن بعض من فسرها كذلك يعيد الضمير في قوله : { وظنوا أنهم قد كذبوا } إلى أتباع الرسل من المؤمنين ، ومنهم من يعيده إلى الكافرين منهم ، أي: وظن الكفار أن الرسل قد كذبوا - مخففة - فيما وعدوا به من النصر .
وأما ابن مسعود فقال ابن جرير : حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثنا محمد بن فضيل ، عن جحش بن زياد الضبي ، عن تميم بن حذلم قال : سمعت عبد الله بن مسعود يقول في هذه الآية : { حتى إذا استيأس الرسل } من إيمان قومهم أن يؤمنوا بهم وظن قومهم حين أبطأ الأمر أنهم قد كذبوا ، بالتخفيف .
فهاتان الروايتان عن كل من ابن مسعود وابن عباس ، وقد أنكرت ذلك عائشة على من فسرها بذلك ، وانتصر لها ابن جرير ، ووجه المشهور عن الجمهور ، وزيف القول الآخر بالكلية ، ورده وأباه ، ولم يقبله ولا ارتضاه ، والله أعلم .
تفسير القرطبي : معنى الآية 110 من سورة يوسف
قوله تعالى : حتى إذا استيأس الرسل تقدم القراءة فيه ومعناه . وظنوا أنهم قد كذبوا هذه الآية فيها تنزيه الأنبياء وعصمتهم عما لا يليق بهم . وهذا الباب عظيم ، وخطره جسيم ، ينبغي الوقوف عليه لئلا يزل الإنسان فيكون في سواء الجحيم . المعنى : وما أرسلنا قبلك يا محمد إلا رجالا ثم لم نعاقب أممهم بالعذاب . حتى إذا استيأس الرسل أي يئسوا من إيمان قومهم . " وظنوا أنهم قد كذبوا " بالتشديد ; أي أيقنوا أن قومهم كذبوهم . وقيل المعنى : حسبوا أن من آمن بهم من قومهم كذبوهم ، لا أن القوم كذبوا ، ولكن الأنبياء ظنوا وحسبوا أنهم يكذبونهم ; أي خافوا أن يدخل قلوب أتباعهم شك ; فيكون وظنوا على بابه في هذا التأويل . وقرأ ابن عباس وابن مسعود وأبو عبد الرحمن السلمي وأبو جعفر بن القعقاع والحسن وقتادة وأبو رجاء العطاردي وعاصم وحمزة والكسائي ويحيى بن وثاب والأعمش وخلف " كذبوا " بالتخفيف ; أي ظن القوم أن الرسل كذبوهم فيما أخبروا به من العذاب ، ولم يصدقوا . وقيل : المعنى ظن الأمم أن الرسل قد كذبوا فيما وعدوا به من نصرهم . وفي رواية عن ابن عباس ; ظن الرسل أن الله أخلف ما وعدهم . وقيل : لم تصح هذه الرواية ; لأنه لا يظن بالرسل هذا الظن ، ومن ظن هذا الظن لا يستحق النصر ; فكيف قال : جاءهم نصرنا ؟ ! قال القشيري أبو نصر : ولا يبعد إن صحت الرواية أن المراد خطر بقلوب الرسل هذا من غير أن يتحققوه في نفوسهم ; وفي الخبر : إن الله تعالى تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم ينطق به لسان أو تعمل به . ويجوز أن يقال : قربوا من ذلك الظن ; كقولك : بلغت المنزل ، أي قربت منه . وذكر الثعلبي والنحاس عن ابن عباس قال : كانوا بشرا فضعفوا من طول البلاء ، ونسوا وظنوا أنهم أخلفوا ; ثم تلا : حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله . وقال الترمذي الحكيم : وجهه عندنا أن الرسل كانت تخاف بعد ما وعد الله النصر ، لا من تهمة لوعد الله ، ولكن لتهمة النفوس أن تكون قد أحدثت حدثا ينقض ذلك الشرط والعهد الذي عهد إليهم ; فكانت إذا طالت عليهم المدة دخلهم الإياس والظنون من هذا الوجه . وقال المهدوي عن ابن عباس : ظنت الرسل أنهم قد أخلفوا على ما يلحق البشر ; واستشهد بقول إبراهيم - عليه السلام - : رب أرني كيف تحي الموتى الآية . والقراءة الأولى أولى . وقرأ مجاهد وحميد - " قد كذبوا " بفتح الكاف والذال مخففا ; على معنى : وظن قوم الرسل أن الرسل قد كذبوا ، لما رأوا من تفضل الله - عز وجل - في تأخير العذاب . ويجوز أن يكون المعنى : ولما أيقن الرسل أن قومهم قد كذبوا على الله بكفرهم جاء الرسل نصرنا . وفي البخاري عن عروة عن عائشة قالت له وهو يسألها عن قول الله - عز وجل - : حتى إذا استيئس الرسل قال قلت : أكذبوا أم كذبوا ؟ قالت عائشة : كذبوا . قلت : فقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم فما هو بالظن ؟ قالت : أجل ! لعمري ! لقد استيقنوا بذلك ; فقلت لها : وظنوا أنهم قد كذبوا قالت : معاذ الله ! لم تكن الرسل تظن ذلك بربها . قلت : فما هذه الآية ؟ قالت : هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وصدقوهم ، فطال عليهم البلاء ، واستأخر عنهم النصر حتى إذا استيأس الرسل ممن كذبهم من قومهم ، وظنت الرسل أن أتباعهم قد كذبوهم جاءهم نصرنا عند ذلك . وفي قوله تعالى : جاءهم نصرنا قولان : أحدهما : جاء الرسل نصر الله ; قال مجاهد . الثاني : جاء قومهم عذاب الله ; قاله ابن عباس .فنجي من نشاء قيل : الأنبياء ومن آمن معهم . وروي عن عاصم فنجي من نشاء بنون واحدة مفتوحة الياء ، و " من " في موضع رفع ، اسم ما لم يسم فاعله ; واختار أبو عبيد هذه القراءة لأنها في مصحف عثمان ، وسائر مصاحف البلدان بنون واحدة . وقرأ ابن محيصن " فنجا " فعل ماض ، و " من " في موضع رفع لأنه الفاعل ، وعلى قراءة الباقين نصبا على المفعول .ولا يرد بأسنا أي عذابنا .عن القوم المجرمين أي الكافرين المشركين .
English | Türkçe | Indonesia |
Русский | Français | فارسی |
تفسير | انجليزي | اعراب |
تفسير آيات من القرآن الكريم
- تفسير: وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر
- تفسير: قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم
- تفسير: قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين
- تفسير: وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل
- تفسير: وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يابني اركب معنا
- تفسير: فقلنا ياآدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى
- تفسير: كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر
- تفسير: هو الذي يحيي ويميت فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون
- تفسير: إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنـزل الله بها من سلطان إن يتبعون
- تفسير: والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم
تحميل سورة يوسف mp3 :
سورة يوسف mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة يوسف
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب