1. التفسير الميسر
  2. تفسير الجلالين
  3. تفسير السعدي
  4. تفسير البغوي
  5. التفسير الوسيط
تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ الشعراء: 214] .

  
   

﴿ وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾
[ سورة الشعراء: 214]

القول في تفسير قوله تعالى : وأنذر عشيرتك الأقربين ..


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

التفسير الميسر : وأنذر عشيرتك الأقربين


وحذِّر -أيها الرسول- الأقرب فالأقرب مِن قومك، مِن عذابنا، أن ينزل بهم.

المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار


وأنذر - أيها الرسول - الأقرب فالأقرب من قومك حتى لا يصيبهم عذاب الله إن بقوا على الشرك.

تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 214


(وأنذر عشيرتك الأقربين) وهم بنو هاشم وبنو عبد المطلب "" وقد أنذرهم جهارا "" رواه البخاري ومسلم.

تفسير السعدي : وأنذر عشيرتك الأقربين


ولما أمره بما فيه كمال نفسه, أمره بتكميل غيره فقال: ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ ).الذين هم أقرب الناس إليك, وأحقهم بإحسانك الديني والدنيوي, وهذا لا ينافي أمره بإنذار جميع الناس، كما إذا أمر الإنسان بعموم الإحسان, ثم قيل له " أحسن إلى قرابتك "فيكون هذا خصوصا دالا على التأكيد, وزيادة الحق، فامتثل صلى الله عليه وسلم, هذا الأمر الإلهي, فدعا سائر بطون قريش, فعمم وخصص, وذكرهم ووعظهم, ولم يُبْق صلى الله عليه وسلم من مقدوره شيئا, من نصحهم, وهدايتهم, إلا فعله, فاهتدى من اهتدى, وأعرض من أعرض.

تفسير البغوي : مضمون الآية 214 من سورة الشعراء


( وأنذر عشيرتك الأقربين ) روى محمد بن إسحاق ، عن عبد الغفار بن القاسم ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، عن عبد الله بن عباس ، عن علي بن أبي طالب .
قال : لما نزلت هذه الآية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) دعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " يا علي إن الله يأمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين فضقت بذلك ذرعا وعرفت أني متى أباديهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره ، فصمت عليها جاءني جبريل ، فقال لي : يا محمد إلا تفعل ما تؤمر يعذبك ربك ، فاصنع لنا صاعا من طعام واجعل عليه رجل شاة ، واملأ لنا عسا من لبن ، ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أبلغهم ما أمرت به " .
قال علي رضي الله عنه : ففعلت ما أمرني به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم دعوتهم له ، وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه ، فيهم أعمامه أبو طالب ، وحمزة ، والعباس ، وأبو لهب ، فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعته فجئت به ، فلما وضعته تناول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جذبة من اللحم ، فشقها بأسنانه ثم ألقاها في نواحي الصحفة ، ثم قال : " خذوا باسم الله " فأكل القوم حتى ما لهم بشيء حاجة ، وايم الله إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل مثل ما قدمت لجميعهم ، ثم قال : " اسق القوم " فجئتهم بذلك العس ، فشربوا حتى رووا جميعا ، وايم الله إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله .
فلما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكلمهم بدره أبو لهب فقال : سحركم صاحبكم ، فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال الغد : " يا علي إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القوم فتفرق القوم قبل أن أكلمهم ، فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت ثم اجمعهم " ، ففعلت ثم جمعتهم فدعاني بالطعام فقربته ، ففعل كما فعل بالأمس ، فأكلوا وشربوا ثم تكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " يا بني عبد المطلب إني قد جئتكم بخيري الدنيا والآخرة .
وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه ، فأيكم يوازرني على أمري هذا ؟ ويكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فأحجم القوم عنها جميعا ، فقلت - وأنا أحدثهم سنا - أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه .
قال : فأخذ برقبتي ثم قال : إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا " ، فقام القوم يضحكون ، ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لعلي وتطيع .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا يوسف بن موسى ، حدثنا أبو أسامة ، حدثنا الأعمش ، حدثنا عمرو بن مرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - : لما نزلت : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) " ورهطك منهم المخلصين " خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى صعد الصفا ، فهتف يا صاحباه ، فقالوا : من هذا ؟ فاجتمعوا إليه فقال : " أرأيتكم إن أخبرتكم أن خيلا تخرج من صفح هذا الجبل أكنتم مصدقي " ؟ قالوا : ما جربنا عليك كذبا قال : " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " فقال أبو لهب : تبا لك ما جمعتنا إلا لهذا ، ثم قام : فنزلت " تبت يدا أبي لهب وقد تب " هكذا قرأ الأعمش يومئذ .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، حدثنا أبي ، حدثنا الأعمش ، حدثني عمرو بن مرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لما نزلت ) ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) صعد النبي على الصفا فجعل ينادي : " يا بني فهر ، يا بني عدي - لبطون قريش - حتى اجتمعوا ، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو ، فجاء أبو لهب وقريش ، فقال : أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي ؟ قالوا : نعم ، ما جربنا عليك إلا صدقا ، قال : " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " ، فقال أبو لهب : تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا ؟ فنزلت : تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب

التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية


ثم أمر الله - تعالى - رسوله صلى الله عليه وسلم أن ينذر أقرب الناس إليه ، ليكونوا قدوة لغيرهم .
وليعلموا أن قرابتهم للرسول صلى الله عليه وسلم لن تنجيهم من عذاب الله ، ما استمروا على شركهم ، فقال - تعالى - : { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقربين } .
والعشيرة : أهل الرجل الذين يتكثر بهم ، و { الأقربين } هم أصحاب القرابة القريبة كالآباء والأبناء والإخوة والأخوات ، والأعمام والعمات وما يشبه ذلك .
وقد ذكر المفسرون أحاديث متعددة ، فيما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية ، منها : ما أخرجه الشيخان عن ابن عباس قال : لما أنزل الله - تعالى - هذه الآية : " أتى النبى صلى الله عليه وسلم الصفا فصعد عليه ثم نادى : يا صباحاه ، وهى كلمة يقوله المستغيث أو المنذر لقومه - فاجتمع الناس إليهن بين رجل يجئ إليه ، وبين رجل يبعث رسوله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا بنى عبد المطلب ، يا بنى فهر ، يا بنى لؤى ، أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بسفح الجبل تريد أن تغير عليكم ، أكنتم مصدقى؟ قالوا : نعم .
قال : " فإنى نذير لكم بين يدى عذاب شديد " .
فقال أبو لهب : تبا لك سائر اليوم ، أما دعوتنا إلا لهذا ، وأنزل الله : { تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ } " .
قال الآلوسى : ووجه تخصيص عشيرته الأقربين بالذكر مع عموم رسالته صلى الله عليه وسلم : دفع توهم المحاباة ، وأن الاهتمام بشأنهم أهم ، وأن البداءة تكون بمن يلى ثم من بعده ..أى : أن هذه الآية الكريمة ، لا تتعارض مع عموم رسالته صلى الله عليه وسلم للناس جميعا ، لأن المقصود بها : البدء بإنذار عشيرته الأقربين ، ليكونوا أسوة لغيرهم .

وأنذر عشيرتك الأقربين: تفسير ابن كثير


ثم قال تعالى آمرا لرسوله ، صلوات الله وسلامه عليه أن ينذر عشيرته الأقربين ، أي: الأدنين إليه ، وأنه لا يخلص أحدا منهم إلا إيمانه بربه عز وجل ، وأمره أن يلين جانبه لمن اتبعه من عباد الله المؤمنين . ومن عصاه من خلق الله كائنا من كان فليتبرأ منه ; ولهذا قال : { فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون } . وهذه النذارة الخاصة لا تنافي العامة ، بل هي فرد من أجزائها ، كما قال : { لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون } [ يس : 6 ] ، وقال : { لتنذر أم القرى ومن حولها } [ الشورى : 7 ] ، وقال : { وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم } [ الأنعام : 51 ] ، وقال : { لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا } [ مريم : 97 ] ، وقال : { لأنذركم به ومن بلغ } [ الأنعام : 19 ] ، كما قال : { ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده } [ هود : 17 ] .
وفي صحيح مسلم : " والذي نفسي بيده ، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ، يهودي ولا نصراني ، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار " .
وقد وردت أحاديث كثيرة في نزول هذه الآية الكريمة ، فلنذكرها :
الحديث الأول :
قال الإمام أحمد ، رحمه الله : حدثنا عبد الله بن نمير ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لما أنزل الله ، عز وجل : { وأنذر عشيرتك الأقربين } ، أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - الصفا فصعد عليه ، ثم نادى : " يا صباحاه " . فاجتمع الناس إليه بين رجل يجيء إليه ، وبين رجل يبعث رسوله ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا بني عبد المطلب ، يا بني فهر ، يا بني لؤي ، أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بسفح هذا الجبل ، تريد أن تغير عليكم ، صدقتموني ؟ " . قالوا : نعم . قال : " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " . فقال أبو لهب : تبا لك سائر اليوم ، أما دعوتنا إلا لهذا ؟ وأنزل الله : { تبت يدا أبي لهب وتب } [ المسد : 1 ] .
ورواه البخاري ومسلم والنسائي والترمذي ، من طرق ، عن الأعمش ، به .
الحديث الثاني :
قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا هشام ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : لما نزلت : { وأنذر عشيرتك الأقربين } ، قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " يا فاطمة ابنة محمد ، يا صفية ابنة عبد المطلب ، يا بني عبد المطلب ، لا أملك لكم من الله شيئا ، سلوني من مالي ما شئتم " . انفرد بإخراجه مسلم .
الحديث الثالث :
قال أحمد : حدثنا معاوية بن عمرو ، حدثنا زائدة ، حدثنا عبد الملك بن عمير ، عن موسى بن طلحة ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : لما نزلت هذه الآية : { وأنذر عشيرتك الأقربين } ، دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ قريشا ] ، فعم وخص ، فقال : " يا معشر قريش ، أنقذوا أنفسكم من النار . يا معشر بني كعب ، أنقذوا أنفسكم من النار . يا معشر بني عبد مناف ، أنقذوا أنفسكم من النار . يا معشر بني هاشم ، أنقذوا أنفسكم من النار . يا معشر بني عبد المطلب ، أنقذوا أنفسكم من النار . [ يا فاطمة بنت محمد ، أنقذي نفسك من النار ] ، فإني - والله - ما أملك لكم من الله شيئا ، إلا أن لكم رحما سأبلها ببلالها " .
ورواه مسلم والترمذي ، من حديث عبد الملك بن عمير ، به . وقال الترمذي : غريب من هذا الوجه . ورواه النسائي من حديث موسى بن طلحة مرسلا لم يذكر فيه أبا هريرة . والموصول هو الصحيح . وأخرجاه في الصحيحين من حديث الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، وأبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة .
وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد ، حدثنا محمد - يعني ابن إسحاق - عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا بني عبد المطلب ، اشتروا أنفسكم من الله . يا صفية عمة رسول الله ، ويا فاطمة بنت رسول الله ، اشتريا أنفسكما من الله ، لا أغني عنكما من الله شيئا ، سلاني من مالي ما شئتما " .
تفرد به من هذا الوجه . وتفرد به أيضا ، عن معاوية ، عن زائدة ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحوه . ورواه أيضا عن حسن ، ثنا ابن لهيعة ، عن الأعرج : سمعت أبا هريرة مرفوعا .
وقال أبو يعلى : حدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا ضمام بن إسماعيل ، عن موسى بن وردان ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " يا بني قصي ، يا بني هاشم ، يا بني عبد مناف . أنا النذير . والموت المغير . والساعة الموعد " .
الحديث الرابع :
قال أحمد : حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا التيمي ، عن أبي عثمان ، عن قبيصة بن مخارق وزهير بن عمرو قالا لما نزلت : { وأنذر عشيرتك الأقربين } صعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رضمة من جبل على أعلاها حجر ، فجعل ينادي : " يا بني عبد مناف ، إنما أنا نذير ، إنما مثلي ومثلكم كرجل رأى العدو ، فذهب يربأ أهله ، يخشى أن يسبقوه ، فجعل ينادي ويهتف : يا صباحاه " .
ورواه مسلم والنسائي ، من حديث سليمان بن طرخان التيمي ، عن أبي عثمان عبد الرحمن بن مل النهدي ، عن قبيصة وزهير بن عمرو الهلالي ، به .
الحديث الخامس :
قال الإمام أحمد : حدثنا أسود بن عامر ، حدثنا شريك عن الأعمش ، عن المنهال ، عن عباد بن عبد الله الأسدي ، عن علي ، رضي الله عنه ، قال : لما نزلت هذه الآية : { وأنذر عشيرتك الأقربين } جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل بيته ، فاجتمع ثلاثون ، فأكلوا وشربوا قال : وقال لهم : " من يضمن عني ديني ومواعيدي ، ويكون معي في الجنة ، ويكون خليفتي في أهلي ؟ " . فقال رجل - لم يسمه شريك - يا رسول الله ، أنت كنت بحرا من يقوم بهذا ؟ قال : ثم قال الآخر ، قال : فعرض ذلك على أهل بيته ، فقال علي : أنا .
طريق أخرى بأبسط من هذا السياق : قال أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا أبو عوانة ، عن عثمان بن المغيرة ، عن أبي صادق ، عن ربيعة بن ناجذ ، عن علي ، رضي الله عنه ، قال : جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بني عبد المطلب ، وهم رهط ، كلهم يأكل الجذعة ويشرب الفرق - قال : وصنع لهم مدا من طعام فأكلوا حتى شبعوا - قال : وبقي الطعام كما هو كأنه لم يمس . ثم دعا بغمر فشربوا حتى رووا ، وبقي الشراب كأنه لم يمس - أو لم يشرب - وقال : " يا بني عبد المطلب ، إني بعثت إليكم خاصة وإلى الناس عامة ، وقد رأيتم من هذه الآية ما رأيتم ، فأيكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ؟ " . قال : فلم يقم إليه أحد . قال : فقمت إليه - وكنت أصغر القوم - قال : فقال : " اجلس " . ثم قال ثلاث مرات ، كل ذلك أقوم إليه فيقول لي : " اجلس " . حتى كان في الثالثة ضرب بيده على يدي .
طريق أخرى أغرب وأبسط من هذا السياق بزيادات أخر : قال الحافظ أبو بكر البيهقي في " دلائل النبوة " : أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار ، حدثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق قال : فحدثني من سمع عبد الله بن الحارث بن نوفل - واستكتمني اسمه - عن ابن عباس ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، قال : لما نزلت هذه الآية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : { وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين } ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " عرفت أني إن بادأت بها قومي ، رأيت منهم ما أكره ، فصمت . فجاءني جبريل ، عليه السلام ، فقال : يا محمد ، إن لم تفعل ما أمرك به ربك عذبك ربك " . قال علي ، رضي الله عنه : فدعاني فقال : " يا علي ، إن الله قد أمرني [ أن ] أنذر عشيرتي الأقربين ، فعرفت أني إن بادأتهم بذلك رأيت منهم ما أكره ، فصمت عن ذلك ، ثم جاءني جبريل فقال : يا محمد ، إن لم تفعل ما أمرت به عذبك ربك . فاصنع لنا يا علي شاة على صاع من طعام ، وأعد لنا عس لبن ، ثم اجمع لي بني عبد المطلب " . ففعلت فاجتمعوا له ، وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا . فيهم أعمامه : أبو طالب ، وحمزة ، والعباس ، وأبو لهب الكافر الخبيث . فقدمت إليهم تلك الجفنة ، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها حذية فشقها بأسنانه ثم رمى بها في نواحيها ، وقال : " كلوا بسم الله " . فأكل القوم حتى نهلوا عنه ما يرى إلا آثار أصابعهم ، والله إن كان الرجل منهم ليأكل مثلها . ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اسقهم يا علي " . فجئت بذلك القعب فشربوا منه حتى نهلوا جميعا ، وايم الله إن كان الرجل منهم ليشرب مثله . فلما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكلمهم ، بدره أبو لهب إلى الكلام فقال : لهد ما سحركم صاحبكم . فتفرقوا ولم يكلمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فلما كان الغد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا علي ، عد لنا بمثل الذي كنت صنعت بالأمس من الطعام والشراب ; فإن هذا الرجل قد بدرني إلى ما سمعت قبل أن أكلم القوم " . ففعلت ، ثم جمعتهم له ، فصنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما صنع بالأمس ، فأكلوا حتى نهلوا عنه ، وايم الله إن كان الرجل منهم ليأكل مثلها . ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اسقهم يا علي " . فجئت بذلك القعب فشربوا منه حتى نهلوا جميعا . وايم الله إن كان الرجل منهم ليشرب مثله . فلما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكلمهم بدره أبو لهب بالكلام فقال : لهد ما سحركم صاحبكم . فتفرقوا ولم يكلمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فلما كان الغد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا علي ، عد لنا بمثل الذي كنت صنعت لنا بالأمس من الطعام والشراب ; فإن هذا الرجل قد بدرني إلى ما سمعت قبل أن أكلم القوم " . ففعلت ، ثم جمعتهم له فصنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ كما صنع ] بالأمس ، فأكلوا حتى نهلوا عنه ، ثم سقيتهم من ذلك القعب حتى نهلوا عنه ، وايم الله إن كان الرجل منهم ليأكل مثلها ويشرب مثلها ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا بني عبد المطلب ، إني - والله - ما أعلم شابا من العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به ، إني قد جئتكم بأمر الدنيا والآخرة " .
قال أحمد بن عبد الجبار : بلغني أن ابن إسحاق إنما سمعه من عبد الغفار بن القاسم أبي مريم ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله بن الحارث .
وقد رواه أبو جعفر بن جرير ، عن ابن حميد ، عن سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن عبد الغفار بن القاسم ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله بن الحارث ، عن ابن عباس ، عن علي بن أبي طالب ، فذكر مثله ، وزاد بعد قوله : " إني جئتكم بخير الدنيا والآخرة " . " وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه ، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ، وكذا وكذا " ؟ قال : فأحجم القوم عنها جميعا ، وقلت - وإني لأحدثهم سنا ، وأرمصهم عينا ، وأعظمهم بطنا ، وأحمشهم ساقا . أنا يا نبي الله ، أكون وزيرك عليه ، فأخذ يرقبني ثم قال : " إن هذا أخي ، وكذا وكذا ، فاسمعوا له وأطيعوا " . قال : فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع .
تفرد بهذا السياق عبد الغفار بن القاسم أبي مريم ، وهو متروك كذاب شيعي ، اتهمه علي بن المديني وغيره بوضع الحديث ، وضعفه الأئمة رحمهم الله .
طريق أخرى : قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا الحسين بن عيسى بن ميسرة الحارثي ، حدثنا عبد الله بن عبد القدوس ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله بن الحارث قال : قال علي رضي الله عنه : لما نزلت هذه الآية : { وأنذر عشيرتك الأقربين } ، قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اصنع لي رجل شاة بصاع من طعام وإناء لبنا " . قال : ففعلت ، ثم قال : " ادع بني هاشم " . قال : فدعوتهم وإنهم يومئذ لأربعون غير رجل - أو : أربعون ورجل - قال : وفيهم عشرة كلهم يأكل الجذعة بإدامها . قال : فلما أتوا بالقصعة أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذروتها ثم قال : " كلوا " ، فأكلوا حتى شبعوا ، وهي على هيئتها لم يرزءوا منها إلا يسيرا ، قال : ثم أتيتهم بالإناء فشربوا حتى رووا . قال : وفضل فضل ، فلما فرغوا أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتكلم ، فبدروه الكلام ، فقالوا : ما رأينا كاليوم في السحر . فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال : " اصنع [ لي ] رجل شاة بصاع من طعام " . فصنعت ، قال : فدعاهم ، فلما أكلوا وشربوا ، قال : فبدروه فقالوا مثل مقالتهم الأولى ، فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال لي : " اصنع [ لي ] رجل شاة بصاع من طعام . فصنعت ، قال : فجمعتهم ، فلما أكلوا وشربوا بدرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكلام فقال : " أيكم يقضي عني ديني ويكون خليفتي في أهلي ؟ " . قال : فسكتوا وسكت العباس خشية أن يحيط ذلك بماله ، قال : وسكت أنا لسن العباس . ثم قالها مرة أخرى فسكت العباس ، فلما رأيت ذلك قلت : أنا يا رسول الله . [ فقال : " أنت " ] قال : وإني يومئذ لأسوأهم هيئة ، وإني لأعمش العينين ، ضخم البطن ، حمش الساقين .
فهذه طرق متعددة لهذا الحديث عن علي ، رضي الله عنه . ومعنى سؤاله ، عليه الصلاة والسلام لأعمامه وأولادهم أن يقضوا عنه دينه ، ويخلفوه في أهله ، يعني إن قتل في سبيل الله ، كأنه خشي إذا قام بأعباء الإنذار أن يقتل ، ولما أنزل الله عز وجل : { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس } [ المائدة : 67 ] ، فعند ذلك أمن .
وكان أولا يحرس حتى نزلت هذه الآية : { والله يعصمك من الناس } . ولم يكن في بني هاشم إذ ذاك أشد إيمانا وإيقانا وتصديقا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من علي ، رضي الله عنه ; ولهذا بدرهم إلى التزام ما طلب منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم كان بعد هذا - والله أعلم - دعاؤه الناس جهرة على الصفا ، وإنذاره لبطون قريش عموما وخصوصا ، حتى سمى من سمى من أعمامه وعماته وبناته ، لينبه بالأدنى على الأعلى ، أي: إنما أنا نذير ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .
وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة عبد الواحد الدمشقي - غير منسوب - من طريق عمرو بن سمرة ، عن محمد بن سوقة ، عن عبد الواحد الدمشقي قال : رأيت أبا الدرداء ، رضي الله عنه ، يحدث الناس ويفتيهم ، وولده إلى جنبه ، وأهل بيته جلوس في جانب المسجد يتحدثون ، فقيل له : ما بال الناس يرغبون فيما عندك من العلم ، وأهل بيتك جلوس لاهين ؟ فقال : لأني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " أزهد الناس في الدنيا الأنبياء ، وأشدهم عليهم الأقربون " . وذلك فيما أنزل الله ، عز وجل : { وأنذر عشيرتك الأقربين } ، ثم قال : " إن أزهد الناس في العالم أهله حتى يفارقهم " . ولهذا قال [ الله تعالى ] : { وأنذر عشيرتك الأقربين }

تفسير القرطبي : معنى الآية 214 من سورة الشعراء


قوله تعالى : وأنذر عشيرتك الأقربين فيه مسألتان :الأولى : قوله تعالى : وأنذر عشيرتك الأقربين خص عشيرته الأقربين بالإنذار لتنحسم أطماع سائر عشيرته وأطماع الأجانب في مفارقته إياهم على الشرك .
وعشيرته الأقربون قريش .
وقيل : بنو عبد مناف .
ووقع في صحيح مسلم : وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطك منهم المخلصين .
وظاهر هذا أنه كان قرآنا يتلى وأنه نسخ ; إذ لم يثبت نقله في المصحف ولا تواتر .
ويلزم على ثبوته إشكال ; وهو أنه كان يلزم عليه ألا ينذر إلا من آمن من عشيرته ; فإن المؤمنين هم الذين يوصفون بالإخلاص في دين الإسلام وفي حب النبي صلى الله عليه وسلم لا المشركون ; لأنهم ليسوا على شيء من ذلك ، والنبي صلى الله عليه وسلم دعا عشيرته كلهم مؤمنهم وكافرهم ، وأنذر جميعهم ومن معهم ومن يأتي بعدهم صلى الله عليه وسلم ; فلم يثبت ذلك نقلا ولا معنى .
وروى مسلم من حديث أبي هريرة قال : لما نزلت هذه الآية وأنذر عشيرتك الأقربين دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فاجتمعوا فعم وخص فقال : يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني مرة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار ، يا فاطمة أنقذي نفسك من النار ، فإني لا أملك لكم من الله شيئا غير أن لكم رحما سأبلها ببلالها .
الثانية : في هذا الحديث والآية دليل على أن القرب في الأنساب لا ينفع مع البعد في الأسباب ، ودليل على جواز صلة المؤمن الكافر وإرشاده ونصيحته ; لقوله : إن لكم رحما سأبلها ببلالها وقوله عز وجل : لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين الآية ، على ما يأتي بيانه هناك إن شاء الله .

﴿ وأنذر عشيرتك الأقربين ﴾ [ الشعراء: 214]

سورة : الشعراء - الأية : ( 214 )  - الجزء : ( 19 )  -  الصفحة: ( 376 )

English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: وهم ينهون عنه وينأون عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون
  2. تفسير: يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا
  3. تفسير: ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا
  4. تفسير: إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا
  5. تفسير: إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون
  6. تفسير: وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من
  7. تفسير: وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن
  8. تفسير: وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون
  9. تفسير: واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا
  10. تفسير: واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من

تحميل سورة الشعراء mp3 :

سورة الشعراء mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الشعراء

سورة الشعراء بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الشعراء بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الشعراء بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الشعراء بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الشعراء بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الشعراء بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة الشعراء بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الشعراء بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة الشعراء بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الشعراء بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب