1. التفسير الميسر
  2. تفسير الجلالين
  3. تفسير السعدي
  4. تفسير البغوي
  5. التفسير الوسيط
تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ النحل: 66] .

  
   

﴿ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً ۖ نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِّلشَّارِبِينَ﴾
[ سورة النحل: 66]

القول في تفسير قوله تعالى : وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ..


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

التفسير الميسر : وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في


وإن لكم -أيها الناس- في الأنعام -وهي الإبل والبقر والغنم- لَعظة، فقد شاهدتم أننا نسقيكم من ضروعها لبنًا خارجًا من بين فَرْث -وهو ما في الكَرِش- وبين دم خالصًا من كل الشوائب، لذيذًا لا يَغَصُّ به مَن شَرِبَه.

المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار


وإن لكم - أيها الناس - في الإبل والبقر والغنم لعظة تتعظون بها، حيث نسقيكم من ضروعها لبنًا خارجًا من بين ما يحتويه البطن من فضلات وما في الجسم من دم، ومع هذا يخرج لبنًا خالصًا نقيًّا لذيذًا يطيب للشاربين.

تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 66


«وإن لكم في الأنعام لعبرة» اعتبار «نسقيكم» بيان للعبرة «مما في بطونه» أي الأنعام «من» للابتداء متعلقة بنسقيكم «بين فرث» ثفل الكرش «ودمٍ لبناً خالصاً» لا يشوبه شيء من الفرث والدم من طعم أو ريح أو لون أو بينهما «سائغاًً للشاربين» سهل المرور في حلقهم لا يغص به.

تفسير السعدي : وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في


أي: { وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ } التي سخرها الله لمنافعكم { لَعِبْرَةً } تستدلون بها على كمال قدرة الله وسعة إحسانه حيث أسقاكم من بطونها المشتملة على الفرث والدم، فأخرج من بين ذلك لبنا خالصا من الكدر سائغا للشاربين للذته ولأنه يسقي ويغذي، فهل هذه إلا قدرة إلهية لا أمور طبيعية.فأي شيء في الطبيعة يقلب العلف الذي تأكله البهيمة والشراب الذي تشربه من الماء العذب والملح لبنا خالصا سائغا للشاربين؟

تفسير البغوي : مضمون الآية 66 من سورة النحل


( وإن لكم في الأنعام لعبرة ) لعظة ، ( نسقيكم ) بفتح النون هاهنا وفي المؤمنين ، قرأ نافع وابن عامر وأبو بكر ويعقوب والباقون بضمها وهما لغتان .
( مما في بطونه ) قال الفراء : رد الكناية إلى النعم ، والنعم والأنعام واحد .
ولفظ النعم مذكر ، قال أبو عبيدة ، والأخفش : النعم يذكر ويؤنث ، فمن أنث فلمعنى الجمع ، ومن ذكر فلحكم اللفظ .
قال الكسائي : رده إلى " ما " يعني في بطون ما ذكرنا .
وقال المؤرج : الكناية مردودة إلى البعض والجزء ، كأنه قال نسقيكم مما في بطونه اللبن ، إذ ليس لكلها لبن ، واللبن فيه مضمر .
( من بين فرث ) وهو ما في الكرش من الثقل ، فإذا خرج منه لا يسمى فرثا ، ( ودم لبنا خالصا ) من الدم والفرث ليس عليه لون دم ولا رائحة فرث .
( سائغا للشاربين ) هنيئا يجري على السهولة في الحلق .
وقيل: إنه لم يغص أحد باللبن قط .
قال ابن عباس : إذا أكلت الدابة العلف واستقر في كرشها وطحنته فكان أسفله فرثا ، وأوسطه اللبن ، وأعلاه الدم ، والكبد مسلطة عليها ، تقسمها بتقدير الله تعالى ، فيجري الدم في العروق ، واللبن في الضرع ، ويبقى الفرث كما هو .

التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية


ثم أرشد- سبحانه - إلى مظهر آخر من مظاهر وحدانيته، وعظيم قدرته وعجيب صنعه، وسعة رحمته، حيث خلق للناس الأنعام، وسقاهم من ألبانها، فقال-تبارك وتعالى-: وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً....والأنعام: تطلق على الإبل والبقر والغنم من الحيوان، ويدخل في الغنم المعز.
والعبرة: مصدر بمعنى العبور، أى: التجاوز من محل إلى آخر، والمراد بها هنا: العظة والاعتبار والانتقال من الجهل إلى العلم، ومن الغفلة إلى اليقظة.
أى: وإن لكم- أيها الناس- في خلق الأنعام، وفيما يخرج منها من ألبان لعبرة عظيمة، وعظة بليغة، ومنفعة جليلة توجب عليكم إخلاص العبادة لله-تبارك وتعالى- وحده، ومداومة الشكر له على نعمه.
فالتنكير في قوله لَعِبْرَةً للتفخيم والتهويل.
وقوله-تبارك وتعالى-: نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ استئناف بيانى، كأنه قيل: وما وجه العبرة في الأنعام؟ فكان الجواب: نسقيكم مما في بطونه.
قال الآلوسى: والضمير في «بطونه» يعود للأنعام، وهو اسم جمع، واسم الجمع يجوز تذكيره وإفراده باعتبار لفظه، ويجوز تأنيثه وجمعه باعتبار معناه ...
».
وقوله- سبحانه -: مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ بيان لموطن العبرة ومحل النعمة، ومظهر الدلالة على وحدانية الله-تبارك وتعالى- وقدرته ورحمته..والفرث: الطعام المتبقى في أمعاء الحيوان بعد هضمه.
وأصل الفرث: التفتيت.
يقال فرثت كبده.
أى: فتتتها.
قال الجمل ما ملخصه: والفرث: الأشياء المأكولة المنهضمة بعض الانهضام في الكرش- بفتح الكاف وكسر الراء- فإذا خرجت من الكرش لا تسمى فرثا بل تسمى روثا.
وقوله لَبَناً مفعول ثان لنسقيكم، والأول هو الكاف» .
والخالص: النقي الصافي الخالي من الشوائب والأكدار.
يقال خلص الشيء من التلف خلوصا- من باب قعد- إذا سلم منه.
والسائغ: اللذيذ الطعم، السهل المدخل الى الحلق.
يقال: ساغ الشراب يسوغ سوغا.
من باب قال- إذا سهل مدخله في الحلق.
أى: نسقيكم من بين الفرث والدم الذي اشتملت عليه بطون الأنعام، «لبنا» نافعا لأبدانكم «خالصا» من رائحة الفرث، ومن لون الدم، مع أنه موجود بينهما «سائغا للشاربين» بحيث يمر في الحلوق بسهولة ويسر، ويشعر شاربه بلذة وارتياح.
وقدم- سبحانه - قوله: مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ على قوله لَبَناً، لأن خروج اللبن من بينهما هو موطن العبرة، وموضع الدليل الأسمى على قدرة الله-تبارك وتعالى- ووحدانيته.
قال صاحب الكشاف: قوله-تبارك وتعالى-: مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ أى: يخلق الله اللبن وسيطا بين الفرث والدم يكتنفانه، وبينه وبينهما برزخ من قدرة الله-تبارك وتعالى-، بحيث لا يبغى أحدهما عليه بلون ولا طعم ولا رائحة، بل هو خالص من ذلك كله ...
فسبحان الله ما أعظم قدرته، وألطف حكمته، لمن تفكر وتأمل.
وسئل «شقيق» عن الإخلاص فقال: تمييز العمل من العيوب كتمييز اللبن من بين فرث ودم.
ثم قال- رحمه الله-: فإن قلت: أى فرق بين «من» الأولى والثانية؟.
قلت: الأولى للتبعيض، لأن اللبن بعض ما في بطونها ...
والثانية لابتداء الغاية، لأن بين الفرث والدم مكان الإسقاء الذي منه يبتدأ ...
وإنما قدم قوله: مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لأنه موضع العبرة، فهو قمن بالتقديم» .
وقال الآلوسى عند تفسيره لهذه الآية: «ومن تدبر في بدائع صنع الله-تبارك وتعالى- فيما ذكر من الأخلاط والألبان وإعداد مقارها ومجاريها، والأسباب المولدة لها، وتسخير القوى المتصرفة فيها ...
اضطر إلى الاعتراف بكمال علمه- سبحانه - وقدرته، وحكمته، وتناهى رأفته ورحمته:حكم حارت البرية فيها ...
وحقيق بأنها تحتاروالحق، أن هذه الآية الكريمة من أكبر الأدلة على وحدانية الله تعالى ونفاذ قدرته، وعجيب صنعته، حيث استخرج- سبحانه - من بين فرث ودم في بطون الأنعام، لبنا خالصا سائغا للشاربين.
وهذا الاستخراج قد تكلم العلماء المتخصصون عن كيفيته وعن مراحله.. كلاما يقوى إيمان المؤمنين، ويدفع باطل الملحدين.
هذا، وفي الآية الكريمة إشارة إلى أن اللبن نعمة جزيلة من نعم الله-تبارك وتعالى- على خلقه.
قال القرطبي ما ملخصه: «روى أبو داود وغيره عن ابن عباس قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بلبن فشرب، ثم قال: «إذا أكل أحدكم طعاما فليقل، اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه، وإذا سقى لبنا فليقل: اللهم بارك لنا فيه، وزدنا منه، فإنه ليس شيء يجزئ عن الطعام والشراب إلا اللبن» .
ثم قال الإمام القرطبي: قال علماؤنا: فكيف لا يكون كذلك، وهو أول ما يغتذى به الإنسان، وتنمو به الأبدان، فهو قوت به قوام الأجسام، وقد جعله الله-تبارك وتعالى- علامة لجبريل على هداية هذه الأمة، ففي الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فجاءني جبريل بإناء من خمر وإناء من لبن، فاخترت اللبن.
فقال لي جبريل: اخترت الفطرة ...
».

وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في: تفسير ابن كثير


يقول تعالى : { وإن لكم } أيها الناس { في الأنعام } وهي : الإبل والبقر والغنم ، { لعبرة } أي: لآية ودلالة على قدرة خالقها وحكمته ولطفه ورحمته ، { نسقيكم مما في بطونه } وأفرد هاهنا [ الضمير ] عودا على معنى النعم ، أو الضمير عائد على الحيوان ; فإن الأنعام حيوانات ، أي نسقيكم مما في بطن هذا الحيوان .
وفي الآية الأخرى : { مما في بطونها } [ المؤمنون : 21 ] ويجوز هذا وهذا ، كما في قوله تعالى : { كلا إنه تذكرة فمن شاء ذكره } [ المدثر : 54 ، 55 ] وفي قوله تعالى : { وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون فلما جاء سليمان } [ النمل : 35 ، 36 ] أي: المال .
وقوله : { من بين فرث ودم لبنا خالصا } أي: يتخلص الدم بياضه وطعمه وحلاوته من بين فرث ودم في باطن الحيوان ، فيسري كل إلى موطنه ، إذا نضج الغذاء في معدته تصرف منه دم إلى العروق ، ولبن إلى الضرع وبول إلى المثانة ، وروث إلى المخرج ، وكل منها لا يشوب الآخر ولا يمازجه بعد انفصاله عنه ، ولا يتغير به .
وقوله : { لبنا خالصا سائغا للشاربين } أي: لا يغص به أحد .

تفسير القرطبي : معنى الآية 66 من سورة النحل


قوله تعالى : وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين فيه عشر مسائل :الأولى : قوله تعالى : وإن لكم في الأنعام لعبرة قد تقدم القول في الأنعام ، وهي هنا الأصناف الأربعة : الإبل والبقر والضأن والمعز .
لعبرة أي دلالة على قدرة الله ووحدانيته وعظمته .
والعبرة أصلها تمثيل الشيء بالشيء لتعرف حقيقته من طريق المشاكلة ، ومنه فاعتبروا .
وقال أبو بكر الوراق : العبرة في الأنعام تسخيرها لأربابها وطاعتها لهم ، وتمردك على ربك وخلافك له في كل شيء .
ومن أعظم العبر بريء يحمل مذنبا .
الثانية : قوله تعالى : نسقيكم قراءة أهل المدينة وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر ( بفتح النون ) من سقى يسقي .
وقرأ الباقون وحفص عن عاصم بضم النون من أسقى يسقي ، وهي قراءة الكوفيين وأهل مكة .
قيل : هما لغتان .
وقال لبيد :سقى قومي بني مجد وأسقى نميرا والقبائل من هلالوقيل : يقال لما كان من يدك إلى فيه سقيته ، فإذا جعلت له شرابا أو عرضته لأن يشرب بفيه أو يزرعه قلت أسقيته ; قال ابن عزيز ، وقد تقدم .
وقرأت فرقة " تسقيكم " بالتاء ، وهي ضعيفة ، يعني الأنعام .
وقرئ بالياء ، أي يسقيكم الله - عز وجل - .
والقراء على القراءتين المتقدمتين ; ففتح النون لغة قريش وضمها لغة حمير .
الثالثة : قوله تعالى : مما في بطونه اختلف الناس في الضمير من قوله : مما في بطونه على ماذا يعود .
فقيل : هو عائد إلى ما قبله وهو جمع المؤنث .
قال سيبويه : العرب تخبر عن الأنعام بخبر الواحد .
قال ابن العربي : وما أراه عول عليه إلا من هذه الآية ، وهذا لا يشبه منصبه ولا يليق بإدراكه .
وقيل : لما كان لفظ الجمع وهو اسم الجنس يذكر ويؤنث فيقال : هو الأنعام وهي الأنعام ، جاز عود الضمير بالتذكير ; وقال الزجاج ، وقال الكسائي : معناه مما في بطون ما ذكرناه ، فهو عائد على المذكور ; وقد قال الله - تعالى - : إنها تذكرة .
فمن شاء ذكره وقال الشاعر :مثل الفراخ نتفت حواصلهومثله كثير .
وقال الكسائي : مما في بطونه أي مما في بطون بعضه ; إذ الذكور لا ألبان لها ، وهو الذي عول عليه أبو عبيدة .
وقال الفراء : الأنعام والنعم واحد ، والنعم يذكر ، ولهذا تقول العرب : هذا نعم وارد ، فرجع الضمير إلى لفظ النعم الذي هو بمعنى الأنعام .
قال ابن العربي : إنما رجع التذكير إلى معنى الجمع ، والتأنيث إلى معنى الجماعة ، فذكره هنا باعتبار لفظ الجمع ، وأنثه في سورة المؤمنين باعتبار لفظ الجماعة فقال : نسقيكم مما في بطونها وبهذا التأويل ينتظم المعنى انتظاما حسنا .
والتأنيث باعتبار لفظ الجماعة والتذكير باعتبار لفظ الجمع أكثر من رمل يبرين وتيهاء فلسطين .
الرابعة : استنبط بعض العلماء الجلة وهو القاضي إسماعيل من عود هذا الضمير ، أن لبن الفحل يفيد التحريم ، وقال : إنما جيء به مذكرا لأنه راجع إلى ذكر النعم ; لأن اللبن للذكر محسوب ، ولذلك قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن لبن الفحل يحرم حين أنكرته عائشة في حديث أفلح أخي أبي القعيس ( فللمرأة السقي وللرجل اللقاح ) فجرى الاشتراك فيه بينهما .
وقد مضى القول في تحريم لبن الفحل في " النساء " والحمد للهالخامسة : قوله تعالى : من بين فرث ودم لبنا خالصا نبه سبحانه على عظيم قدرته بخروج اللبن خالصا بين الفرث والدم .
والفرث : الزبل الذي ينزل إلى الكرش ، فإذا خرج لم يسم فرثا .
يقال : أفرثت الكرش إذا أخرجت ما فيها .
والمعنى : أن الطعام يكون فيه ما في الكرش ويكون منه الدم ، ثم يخلص اللبن من الدم ; فأعلم الله سبحانه أن هذا اللبن يخرج من بين ذلك وبين الدم في العروق .
وقال ابن عباس : إن الدابة تأكل العلف فإذا استقر في كرشها طبخته فكان أسفله فرثا وأوسطه لبنا وأعلاه دما ، والكبد مسلط على هذه الأصناف فتقسم الدم وتميزه وتجريه في العروق ، وتجري اللبن في الضرع ويبقى الفرث كما هو في الكرش ; حكمة بالغة فما تغن النذر .
خالصا يريد من حمرة الدم وقذارة الفرث وقد جمعهما وعاء واحد .
وقال ابن بحر : خالصا بياضه .
قال النابغة :بخالصة الأردان خضر المناكبأي بيض الأكمام .
وهذه قدرة لا تنبغي إلا للقائم على كل شيء بالمصلحة .
السادسة : قال النقاش : في هذا دليل على أن المني ليس بنجس .
وقاله أيضا غيره واحتج بأن قال : كما يخرج اللبن من بين الفرث والدم سائغا خالصا كذلك يجوز أن يخرج المني على مخرج البول طاهرا .
قال ابن العربي : إن هذا لجهل عظيم وأخذ شنيع .
اللبن جاء الخبر عنه مجيء النعمة والمنة الصادرة عن القدرة ليكون عبرة ، فاقتضى ذلك كله وصف الخلوص واللذة ; وليس المني من هذه الحالة حتى يكون ملحقا به أو مقيسا عليه .
قلت : قد يعارض هذا بأن يقال : وأي منة أعظم وأرفع من خروج المني الذي يكون عنه الإنسان المكرم ; وقد قال - تعالى - : يخرج من بين الصلب والترائب ، وقال : والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة وهذا غاية في الامتنان .
فإن قيل : إنه يتنجس بخروجه في مجرى البول ، قلنا : هو ما أردناه ، فالنجاسة عارضة وأصله طاهر ; وقد قيل : إن مخرجه غير مخرج البول وخاصة المرأة ; فإن مدخل الذكر منها ومخرج الولد غير مخرج البول على ما قاله العلماء .
وقد تقدم فإن قيل : أصله دم فهو نجس ، قلنا ينتقض بالمسك ، فإن أصله دم وهو طاهر .
وممن قال بطهارته الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وغيرهم ; لحديث عائشة - رضي الله عنها - قالت : كنت أفركه من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يابسا بظفري .
قال الشافعي : فإن لم يفرك فلا بأس به .
وكان سعد بن أبي وقاص يفرك المني من ثوبه .
وقال ابن عباس : هو كالنخامة أمطه عنك بإذخرة وامسحه بخرقة .
فإن قيل : فقد ثبت عن عائشة أنها قالت : كنت أغسل المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب وأنا أنظر إلى أثر الغسل فيه .
قلنا : يحتمل أن تكون غسلته استقذارا كالأشياء التي تزال من الثوب كالنجاسة ، ويكون هذا جمعا بين الأحاديث .
والله أعلم .
وقال مالك وأصحابه والأوزاعي : هو نجس .
قال مالك : غسل الاحتلام من الثوب أمر واجب مجتمع عليه عندنا ، وهو قول الكوفيين .
ويروى عن عمر بن الخطاب وابن مسعود وجابر بن سمرة أنهم غسلوه من ثيابهم .
واختلف فيه عن ابن عمر وعائشة .
وعلى هذين القولين في نجاسة المني وطهارته التابعون .
السابعة : في هذه الآية دليل على جواز الانتفاع بالألبان من الشرب وغيره ، فأما لبن الميتة فلا يجوز الانتفاع به ; لأنه مائع طاهر حصل في وعاء نجس ، وذلك أن ضرع الميتة نجس واللبن طاهر فإذا حلب صار مأخوذا من وعاء نجس .
فأما لبن المرأة الميتة فاختلف أصحابنا فيه ، فمن قال : إن الإنسان طاهر حيا وميتا فهو طاهر .
ومن قال : ينجس بالموت فهو نجس .
وعلى القولين جميعا تثبت الحرمة ; لأن الصبي قد يغتذي به كما يغتذي من الحية ، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : الرضاع ما أنبت اللحم وأنشز العظم .
ولم يخص .
وقد مضى في " النساء "الثامنة : قوله تعالى : سائغا للشاربين أي لذيذا هينا لا يغص به من شربه .
يقال : ساغ الشراب يسوغ سوغا أي سهل مدخله في الحلق ، وأساغه شاربه ، وسغته أنا أسيغه وأسوغه ، يتعدى ، والأجود أسغته إساغة .
يقال : أسغ لي غصتي أي أمهلني ولا تعجلني ; وقال - تعالى - : يتجرعه ولا يكاد يسيغه .
والسواغ - بكسر السين - ما أسغت به غصتك .
يقال : الماء سواغ الغصص ; ومنه قول الكميت :فكانت سواغا أن جئزت بغصةوروي أن اللبن لم يشرق به أحد قط ، وروي ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
التاسعة : في هذه الآية دليل على استعمال الحلاوة والأطعمة اللذيذة وتناولها ، ولا يقال : إن ذلك يناقض الزهد أو يباعده ، لكن إذا كان من وجهه ومن غير سرف ولا إكثار .
وقد تقدم هذا المعنى في " المائدة " وغيرها وفي الصحيح عن أنس قال : لقد سقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقدحي هذا الشراب كله : العسل والنبيذ واللبن والماء .
وقد كره بعض القراء أكل الفالوذج واللبن من الطعام ، وأباحه عامة العلماء .
وروي عن الحسن أنه كان على مائدة ومعه مالك بن دينار ، فأتي بفالوذج فامتنع عن أكله ، فقال له الحسن : كل فإن عليك في الماء البارد أكثر من هذا .
العاشرة : روى أبو داود وغيره عن ابن عباس قال : أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلبن فشرب ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا أكل أحدكم طعاما فليقل اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه .
وإذا سقي لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه فإنه ليس شيء يجزي عن الطعام والشراب إلا اللبن .
قال علماؤنا : فكيف لا يكون ذلك وهو أول ما يغتذي به الإنسان وتنمى به الجثث والأبدان ، فهو قوت خلي عن المفاسد به قوام الأجسام ، وقد جعله الله - تعالى - علامة لجبريل على هداية هذه الأمة التي هي خير الأمم أمة ; فقال في الصحيح : فجاءني جبريل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال لي جبريل اخترت الفطرة أما إنك لو اخترت الخمر غوت أمتك .
ثم إن في الدعاء بالزيادة منه علامة الخصب وظهور الخيرات والبركات ; فهو مبارك كله .

﴿ وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين ﴾ [ النحل: 66]

سورة : النحل - الأية : ( 66 )  - الجزء : ( 14 )  -  الصفحة: ( 274 )

English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين
  2. تفسير: ياأيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا
  3. تفسير: إن في السموات والأرض لآيات للمؤمنين
  4. تفسير: وإن جندنا لهم الغالبون
  5. تفسير: الم
  6. تفسير: إنما توعدون لصادق
  7. تفسير: ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا
  8. تفسير: ليسأل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين عذابا أليما
  9. تفسير: أفرأيتم اللات والعزى
  10. تفسير: وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من

تحميل سورة النحل mp3 :

سورة النحل mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة النحل

سورة النحل بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة النحل بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة النحل بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة النحل بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة النحل بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة النحل بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة النحل بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة النحل بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة النحل بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة النحل بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب