1. التفسير الميسر
  2. تفسير الجلالين
  3. تفسير السعدي
  4. تفسير البغوي
  5. التفسير الوسيط
تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ الأنبياء: 83] .

  
   

﴿ ۞ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾
[ سورة الأنبياء: 83]

القول في تفسير قوله تعالى : وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ..


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

التفسير الميسر : وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت


واذكر -أيها الرسول- عبدنا أيوب، إذ ابتليناه بضر وسقم عظيم في جسده، وفقد أهله وماله وولده، فصبر واحتسب، ونادى ربه عز وجل أني قد أصابني الضر، وأنت أرحم الراحمين، فاكشفه عني.

المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار


واذكر - أيها الرسول - قصة أيوب عليه السلام، إذ دعا ربه سبحانه حين أصابه البلاء قائلًا: يا رب، إني أُصِبْت بالمرض وفَقْدِ الأهل، وأنت أرحم الراحمين جميعًا، فاصرف عنّي ما أصابني من ذلك.

تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 83


«و» اذكر «أيوب» ويبدل منه «إذ نادى ربه» لما ابتلي بفقد جميع ماله وولده وتمزيق جسده وهجر جميع الناس له إلا زوجته سنين ثلاثا أو سبعاً أو ثماني عشرة وضيق عيشه «أني» بفتح الهمزة بتقدير الياء «مسنيَ الضر» أي الشدة «وأنت أرحم الراحمين».

تفسير السعدي : وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت


أي: واذكر عبدنا ورسولنا، أيوب - مثنيا معظما له، رافعا لقدره - حين ابتلاه، ببلاء شديد، فوجده صابرا راضيا عنه، وذلك أن الشيطان سلط على جسده، ابتلاء من الله، وامتحانا فنفخ في جسده، فتقرح قروحا عظيمة ومكث مدة طويلة، واشتد به البلاء، ومات أهله، وذهب ماله، فنادى ربه: رب { أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } فتوسل إلى الله بالإخبار عن حال نفسه، وأنه بلغ الضر منه كل مبلغ

تفسير البغوي : مضمون الآية 83 من سورة الأنبياء


قوله عز وجل : ( وأيوب إذ نادى ربه ) أي دعا ربه ، قال وهب بن منبه : كان أيوب عليه السلام رجلا من الروم وهو أيوب بن أموص بن رازخ بن روم بن عيس بن إسحاق بن إبراهيم ، وكانت أمه من أولاد لوط بن هاران ، وكان الله قد اصطفاه ونبأه وبسط عليه الدنيا وكانت له البثنية من أرض الشام ، كلها سهلها وجبلها وكان له فيها من أصناف المال كله من البقر والإبل والغنم والخيل والحمر ما لا يكون لرجل أفضل منه من العدة والكثرة وكان له خمسمائة فدان يتبعها خمسمائة عبد لكل عبد امرأة وولد ومال ويحمل آلة كل فدان أتان لكل أتان ولد من اثنين وثلاثة وأربعة وخمسة وفوق ذلك وكان الله عز وجل أعطاه أهلا وولدا من رجال ونساء وكان برا تقيا رحيما بالمساكين يطعم المساكين ويكفل الأرامل والأيتام ويكرم الضيف ويبلغ ابن السبيل وكان شاكرا لأنعم الله مؤديا لحق الله قد امتنع من عدو الله إبليس أن يصيب منه ما يصيب من أهل الغنى من الغرة والغفلة والتشاغل عن أمر الله بما هو فيه من الدنيا وكان معه ثلاثة نفر قد آمنوا به وصدقوه رجل من أهل اليمن يقال له اليقن ، ورجلان من أهل بلدة يقال لأحدهما يلدد والآخر صافر وكانوا كهولا وكان إبليس لا يحجب عن شيء من السموات وكان يقف فيهن حيث ما أراد حتى رفع الله عيسى فحجب عن أربع سموات فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم حجب من الثلاث الباقية فسمع إبليس تجاوب الملائكة بالصلاة على أيوب ، وذلك حين ذكره الله وأثنى عليه فأدركه البغي والحسد فصعد سريعا حتى وقف من السماء موقفا كان يقفه فقال إلهي نظرت في أمر عبدك أيوب فوجدته عبدا أنعمت عليه فشكرك وعافيته فحمدك ولو ابتليته بنزع ما أعطيته لحال عما هو عليه من شكرك وعبادتك ولخرج من طاعتك قال الله تعالى انطلق فقد سلطتك على ماله فانقض عدو الله إبليس حتى وقع إلى الأرض ثم جمع عفاريت الجن ومردة الشياطين وقال لهم ماذا عندكم من القوة فإني قد سلطت على مال أيوب ، وهي المصيبة الفادحة والفتنة التي لا يصبر عليها الرجال فقال عفريت من الشياطين أعطيت من القوة ما إذا شئت تحولت إعصارا من نار وأحرقت كل شيء آتي عليه قال له إبليس فأت الإبل ورعاءها فأتى الإبل حين وضعت رءوسها وثبتت في مراعيها فلم يشعر الناس حتى ثار من تحت الأرض إعصار من نار لا يدنو منها أحد إلا احترق فأحرق الإبل ورعاءها حتى أتى على آخرها ثم جاء عدو الله إبليس في صورة قبيحة على قعود إلى أيوب فوجده قائما يصلي فقال يا أيوب أقبلت نار حتى غشيت إبلك فأحرقتها ومن فيها غيري فقال أيوب : الحمد لله الذي هو أعطاها وهو أخذها وقديما ما وطنت مالي ونفسي على الفناء فقال إبليس فإن ربك أرسل عليها نارا من السماء فاحترقت فتركت الناس مبهوتين يتعجبون منها منهم من يقول ما كان أيوب يعبد شيئا وما كان إلا في غرور ومنهم من يقول لو كان إله أيوب يقدر على أن يصنع شيئا لمنع [ وليه ] ومنهم من يقول بل هو الذي فعل ليشمت به عدوه ويفجع به صديقهقال أيوب : الحمد لله حين أعطاني وحين نزع مني عريانا خرجت من بطن أمي وعريانا أعود في التراب وعريانا أحشر إلى الله ليس لك أن تفرح حين أعارك وتجزع حين قبض عاريته منك الله أولى بك وبما أعطاك ولو علم الله فيك أيها العبد خيرا لنقل روحك مع تلك الأرواح وصرت شهيدا ولكنه علم منك شرا فأخرك فرجع إبليس إلى أصحابه [ خائبا ] خاسئا ذليلا فقال لهم ماذا عندكم من القوة؟ فإني لم أكلم قلبه؟ قال عفريت عندي من القوة ما شئت صحت صيحة لا يسمعها ذو روح إلا خرجت مهجة نفسه فقال إبليس فأت الغنم ورعاتها فانطلق حتى توسطها ثم صاح صيحة فتجثمت أمواتا عن آخرها ومات رعاؤها ثم جاء إبليس متمثلا بقهرمان الرعاة إلى أيوب وهو يصلي فقال له مثل القول الأول فرد عليه أيوب مثل الرد الأول ثم رجع إبليس إلى أصحابه فقال ماذا عندكم من القوة فإني لم أكلم قلب أيوب ، فقال عفريت عندي من القوة ما إذا شئت تحولت ريحا عاصفا تنسف كل شيء تأتي عليه قال فأت الفدادين والحرث فانطلق ولم يشعروا حتى هبت ريح عاصف فنسفت كل شيء من ذلك حتى كأنه لم يكن ثم جاء إبليس متمثلا بقهرمان الحرث إلى أيوب وهو قائم يصلي فقال له مثل القول الأول فرد عليه أيوب مثل رده الأول كلما انتهى إليه هلاك مال من أمواله حمد الله وأحسن الثناء عليه ورضي منه بالقضاء ووطن نفسه بالصبر على البلاء حتى لم يبق له مالفلما رأى إبليس أنه قد أفنى ماله صعد [ إلى السماء ] فقال إلهي إن أيوب يرى أنك ما متعته بولده فأنت معطيه المال فهل مسلطي على ولده فإنها المصيبة التي لا تقوم لها قلوب الرجال قال الله تعالى انطلق فقد سلطتك على ولده فانقض عدو الله حتى جاء بني أيوب وهم في قصرهم فلم يزل يزلزل بهم حتى تداعى من قواعده ثم جعل يناطح جدره بعضها ببعض ويرميهم بالخشب والجندل حتى إذا مثل بهم كل مثلة رفع القصر فقلبه فصاروا منكسين وانطلق إلى أيوب متمثلا بالمعلم الذي كان يعلمهم الحكمة وهو جريح مخدوش الوجه يسيل دمه ودماغه فأخبره ، وقال لو رأيت بنيك كيف عذبوا وقلبوا فكانوا منكسين على رءوسهم تسيل دماؤهم ودماغهم ولو رأيت كيف شقت بطونهم وتناثرت أمعاؤهم لقطع قلبك فلم يزل يقول هذا ونحوه حتى رق أيوب فبكى وقبض قبضة من التراب فوضعها على رأسه وقال ليت أمي لم تلدني فاغتنم إبليس ذلك فصعد سريعا بالذي كان من جزع أيوب مسرورا به ثم لم يلبث أيوب أن فاء وأبصر واستغفر وصعد قرناؤه من الملائكة بتوبته فسبقت توبته إلى الله وهو أعلم فوقف إبليس ذليلا فقال يا إلهي إنما هون على أيوب المال والولد أنه يرى منك أنك ما متعته بنفسه فأنت تعيد له المال والولد فهل أنت مسلطي على جسده؟ فقال الله عز وجل انطلق فقد سلطتك على جسده ولكن ليس لك سلطان على لسانه ولا على قلبه وكان الله عز وجل أعلم به لم يسلطه عليه إلا رحمة له ليعظم له الثواب ويجعله عبرة للصابرين وذكرى للعابدين في كل بلاء نزل بهم ليتأسوا به في الصبر ورجاء للثواب فانقض عدو الله سريعا فوجد أيوب ساجدا فعجل قبل أن يرفع رأسه فأتاه من قبل وجوهه فنفخ في منخره نفخة اشتعل منها [ جميع ] جسده فخرج من قرنه إلى قدمه تآليل مثل أليات الغنم فوقعت فيه حكة فحك بأظفاره حتى سقطت كلها ثم حكها بالمسوح الخشنة حتى قطعها ثم حكها بالفخار والحجارة الخشنة فلم يزل يحكها حتى نغل لحمه وتقطع وتغير وأنتن وأخرجه أهل القرية فجعلوه على كناسة وجعلوا له عريشا فرفضه خلق الله كلهم غير امرأته وهي رحمة بنت أفراثيم بن يوسف بن يعقوب كانت تختلف إليه بما يصلحه وتلزمه فلما رأى الثلاثة من أصحابه وهم يقن ويلدد وصافر ما ابتلاه الله به اتهموه ورفضوه من غير أن يتركوا دينه فلما طال به البلاء انطلقوا إليه فبكتوه ولاموه وقالوا له تب إلى الله من الذنب الذي عوقبت به ، قال وحضره معهم فتى حديث السن قد آمن به وصدقه فقال لهم إنكم تكلمتم أيها الكهول وكنتم أحق بالكلام مني لأسنانكم ولكن قد تركتم من القول أحسن من الذي قلتم ومن الرأي أصوب من الذي رأيتم ومن الأمر أجمل من الذي أتيتم وقد كان لأيوب عليكم من الحق والذمم أفضل من الذي وصفتم فهل تدرون أيها الكهول حق من انتقصتم وحرمة من انتهكتم ، ومن الرجل الذي عبتم واتهمتم؟ ألم تعلموا أن أيوب نبي الله وخيرته من خلقه وصفوته من أهل الأرض إلى يومكم هذا ثم لم تعلموا ولم يطلعكم الله من أمره على أنه قد سخط عليه شيئا من أمره منذ آتاه الله ما آتاه إلى يومكم هذا ولا على أنه نزع منه شيئا من الكرامة التي أكرمه بها ولا أن أيوب قال على الله غير الحق في طول ما صحبتموه إلى يومكم هذا فإن كان البلاء هو الذي أزرى به عندكم ووضعه في أنفسكم فقد علمتم أن الله يبتلي المؤمنين والصديقين والشهداء والصالحين وليس بلاؤه لأولئك بدليل على سخطه عليهم ولا لهوانه لهم ولكنه كرامة وخيرة لهم ولو كان أيوب ليس من الله بهذه المنزلة إلا أنه أخ أحببتموه على وجه الصحبة لكان لا يجمل بالحليم أن [ يعذل ] أخاه عند البلاء ولا يعيره بالمصيبة ولا يعيبه بما لا يعلم وهو مكروب حزين ولكنه يرحمه ويبكي معه ويستغفر له ويحزن لحزنه ويدله على مراشد أمره وليس بحليم ولا رشيد من جهل هذا فالله الله أيها الكهول وقد كان في عظمة الله وجلاله وذكر الموت ما يقطع ألسنتكم ويكسر قلوبكم ألم تعلموا أن لله عبادا أسكتتهم خشية من غير عي ولا بكم وأنهم لهم الفصحاء البلغاء النبلاء الألباء العالمون بالله ولكنهم إذا ذكروا عظمة الله انقطعت ألسنتهم واقشعرت جلودهم وانكسرت قلوبهم وطاشت عقولهم إعظاما وإجلالا لله عز وجل فإذا استفاقوا من ذلك استبقوا إلى الله عز وجل بالأعمال الزاكية يعدون أنفسهم مع الظالمين والخاطئين وإنهم لأبرار برءاء ومع المقصرين والمفرطين وإنهم لأكياس أقوياء فقال أيوب : إن الله عز وجل يزرع الحكمة بالرحمة في قلب الصغير والكبير فمتى نبتت في القلب يظهرها الله على اللسان وليست تكون الحكمة من قبل السن والشيبة ولا طول التجربة وإذا جعل الله العبد حكيما في الصبا لم تسقط منزلته عند الحكماء وهم يرون من الله سبحانه عليه نور الكرامة ثم أعرض عنهم أيوب وأقبل على ربه مستغيثا به متضرعا إليه فقال رب لأي شيء خلقتني ليتني إذ كرهتني لم تخلقني يا ليتني قد عرفت الذنب الذي أذنبت والعمل الذي عملت فصرفت وجهك الكريم عني لو كنت أمتني فألحقتني بآبائي الكرام فالموت كان أجمل بي ألم أكن للغريب دارا وللمسكين قرارا ولليتيم وليا وللأرملة قيما إلهي أنا عبدك إن أحسنت فالمن لك وإن أسأت فبيدك عقوبتي جعلتني عرضا وللفتنة نصبا وقد وقع علي بلاء لو سلطته على جبل ضعف عن حمله فكيف يحمله ضعفي وإن قضاءك هو الذي أذلني وإن سلطانك هو الذي أسقمني وأنحل جسمي ولو أن ربي نزع الهيبة التي في صدري وأطلق لساني حتى أتكلم بملء فمي بما كان ينبغي للعبد أن يحاج عن نفسه لرجوت أن يعافيني عند ذلك مما بي ولكنه ألقاني وتعالى عني فهو يراني ولا أراه ويسمعني ولا أسمعه لا نظر إلي فيرحمني ولا دنا مني ولا أدناني فأدلي بعذري وأتكلم ببراءتي وأخاصم عن نفسي فلما قال ذلك أيوب وأصحابه عنده أظله غمام حتى ظن أصحابه أنه عذاب أليم ثم نودي يا أيوب إن الله عز وجل يقول ها أنا قد دنوت منك ولم أزل منك قريبا قم فأدل بعذرك وتكلم ببراءتك وخاصم عن نفسك واشدد إزرك وقم مقام جبار يخاصم جبارا إن استطعت فإنه لا ينبغي أن يخاصمني إلا جبار مثلي لقد منتك نفسك يا أيوب أمرا ما تبلغ بمثل قوتك أين أنت مني يوم خلقت الأرض فوضعتها على أساسها هل كنت معي تمد بأطرافها؟ وهل علمت بأي مقدار قدرتها أم على أي شيء وضعت أكنافها؟ أبطاعتك حمل الماء الأرض أم بحكمتك كانت الأرض للماء غطاء؟ أين كنت مني يوم رفعت السماء سقفا في الهواء لا تعلق بسبب من فوقها ولا يقلها دعم من تحتها حتى تبلغ من حكمتك أن تجري نورها أو تسير نجومها أو يختلف بأمرك ليلها ونهارها؟ أين أنت مني يوم نبعت الأنهار وسكرت البحار أسلطانك حبس أمواج البحار على حدودها؟ أم قدرتك فتحت الأرحام حين بلغت مدتها أين أنت مني يوم صببت الماء على التراب ونصبت شوامخ الجبال؟ هل تدري على أي شيء أرسيتها؟ وبأي مثقال وزنتها أم هل لك من ذراع تطيق حملها؟ أم هل تدري من أين الماء الذي أنزلت من السماء؟ أم هل تدري من أي شيء أنشيء السحاب؟ أم هل تدري أين خزائن الثلج؟ أم أين جبال البرد أم أين خزانة الليل بالنهار [ وخزانة النهار بالليل ] ؟ وأين خزانة الريح؟ وبأي لغة تتكلم الأشجار؟ ومن جعل العقول في أجواف الرجال؟ ومن شق الأسماع والأبصار؟ ومن ذلت الملائكة لملكه وقهر الجبارين بجبروته؟ وقسم الأرزاق بحكمته؟ في كلام كثير من آثار قدرته ذكرها لأيوب ، فقال أيوب : صغر شأني وكل لساني وعقلي ورائي وضعفت قوتي عن هذا الأمر الذي تعرض لي يا إلهي قد علمت أن كل الذي ذكرت صنع يديك وتدبير حكمتك وأعظم من ذلك وأعجب لو شئت عملت لا يعجزك شيء ولا يخفى عليك خافية إذ لقيني البلاء ، يا إلهي فتكلمت ولم أملك لساني وكان البلاء هو الذي أنطقني فليت الأرض انشقت لي فذهبت فيها ولم أتكلم بشيء يسخط ربي وليتني مت بغمي في أشد بلائي قبل ذلك إنما تكلمت حين تكلمت لتعذرني وسكت حين سكت لترحمني كلمة زلت مني فلن أعود وقد وضعت يدي على فمي وعضضت على لساني وألصقت بالتراب خدي أعوذ بك اليوم منك وأستجيرك من جهد البلاء فأجرني وأستغيث بك من عقابك فأغثني وأستعين بك على أمري فأعني وأتوكل عليك فاكفني وأعتصم بك فاعصمني وأستغفرك فاغفر لي فلن أعود لشيء تكرهه مني قال الله تعالى يا أيوب نفذ فيك علمي وسبقت رحمتي غضبي فقد غفرت لك ورددت عليك أهلك ومالك ومثلهم معهم لتكون لمن خلقت آية وتكون عبرة لأهل البلاء وعزاء للصابرين فاركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب فيه شفاؤك وقرب عن أصحابك قربانا فاستغفر لهم فإنهم قد عصوني فيك فركض برجله فانفجرت له عين فدخل فيها فاغتسل فأذهب الله عنه كل ما كان به من البلاء ثم خرج فجلس فأقبلت امرأته تلتمسه في مضجعه فلم تجده فقامت كالوالهة مترددة ثم قالت يا عبد الله هل لك علم بالرجل المبتلى الذي كان هاهنا؟ قال لها هل تعرفينه إذا رأيتيه؟ قالت نعم وما لي لا أعرفه فتبسم وقال أنا هو فعرفته بضحكه فاعتنقته .
قال ابن عباس : فوالذي نفس عبد الله بيده ما فارقته من عناقه حتى مر بهما كل مال لهما وولد .
فذلك قوله تعالى ( وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر ) واختلفوا في وقت ندائه والسبب الذي قال لأجله إني مسني الضر وفي مدة بلائهروى ابن شهاب عن أنس يرفعه أن أيوب لبث في بلائه ثماني عشرة سنة .
وقال وهب : لبث أيوب في البلاء ثلاث سنين لم يزد يوما .
وقال كعب : كان أيوب في بلائه سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام .
وقال الحسن : مكث أيوب مطروحا على كناسة في مزبلة لبني إسرائيل سبع سنين وأشهرا تختلف فيه الدواب لا يقربه أحد غير رحمة صبرت معه بصدق وتأتيه بطعام وتحمد الله معه إذا حمد وأيوب على ذلك لا يفتر عن ذكر الله والصبر على ابتلائه فصرخ إبليس صرخة جمع بها جنوده من أقطار الأرض فلما اجتمعوا إليه قالوا له حزنك؟ قال أعياني هذا العبد الذي لم أدع له مالا ولا ولدا فلم يزد إلا صبرا ثم سلطت على جسده فتركته قرحة ملقاة على كناسة لا يقربه إلا امرأته فاستعنت بكم لتعينوني عليه فقالوا له أين مكرك الذي أهلكت به من مضى؟ قال : بطل ذلك كله في أيوب فأشيروا علي قالوا نشير عليك من أين أتيت آدم حين أخرجته من الجنة؟ قال من قبل امرأته قالوا فشأنك بأيوب من قبل امرأته فإنه لا يستطيع أن يعصيها وليس أحد يقربه غيرها قال : أصبتم فانطلق حتى أتى امرأته وهي تصدق فتمثل لها في صورة رجل فقال أين بعلك يا أمة الله؟ قالت هو ذاك يحك قروحه وتتردد الدواب في جسده فلما سمعها طمع أن تكون كلمة جزع فوسوس إليها وذكرها ما كانت فيه من النعم والمال وذكرها جمال أيوب وشبابه وما هو فيه من الضر وأن ذلك لا ينقطع عنهم أبدا ، قال الحسن فصرخت فلما صرخت علم أن قد جزعت فأتاها بسخلة وقال ليذبح هذه لي أيوب ويبرأ فجاءت تصرخ يا أيوب حتى متى يعذبك ربك أين المال أين الولد أين الصديق أين لونك الحسن أين جسمك [ الحسن ] اذبح هذه السخلة واسترح قال أيوب أتاك عدو الله فنفخ فيك ويلك أرأيت ما تبكين عليه من المال والولد والصحة من أعطانيه؟ قالت الله قال فكم متعنا به؟ قالت ثمانين سنة ، قال فمنذ كم ابتلانا؟ قالت منذ سبع سنين وأشهر قال ويلك ما أنصفت ألا صبرت في البلاء ثمانين سنة كما كنا في الرخاء ثمانين سنة والله لئن شفاني الله لأجلدنك مائة جلدة أمرتيني أن أذبح لغير الله طعامك وشرابك الذي أتيتني به علي حرام [ أو حرام علي ] أن أذوق شيئا مما تأتيني به بعد إذ قلت لي هذا ، فاغربي عني فلا أراك فطردها فذهبت فلما نظر أيوب وليس عنده طعام ولا شراب ولا صديق خر ساجدا وقال رب ( إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ) فقيل له ارفع رأسك فقد استجيب لك اركض برجلك فركض برجله فنبعت عين فاغتسل منها فلم يبق عليه من دائه شيء ظاهر إلا سقط وعاد إليه شبابه وجماله أحسن ما كان ثم ضرب برجله فنبعت عين أخرى فشرب منها فلم يبق في جوفه داء إلا خرج فقام صحيحا وكسي حلة ، قال فجعل يلتفت فلا يرى شيئا مما كان له من أهل ومال إلا وقد أضعفه الله حتى والله ذكر لنا أن الماء الذي اغتسل منه تطاير على صدره جرادا من ذهب فجعل يضمه بيده فأوحى الله إليه يا أيوب ألم أغنك؟ قال بلى ولكنها بركتك فمن يشبع منها قال فخرج حتى جلس على مكان مشرف ثم إن امرأته قالت أرأيتك إن كان طردني إلى من أكله؟ أدعه يموت جوعا ويضيع فتأكله السباع لأرجعن إليه فلا كناسة ترى ولا تلك الحالة التي كانت وإذا الأمور قد تغيرت فجعلت تطوف حيث كانت الكناسة وتبكي وذلك بعين أيوب ، وهابت صاحب الحلة أن تأتيه فتسأله عنه فدعاها أيوب فقال ما تريدين يا أمة الله فبكت وقالت أردت ذلك المبتلى الذي كان منبوذا على الكناسة لا أدري أضاع أم ما فعل فقال أيوب : ما كان منك فبكت وقالت بعلي ، قال فهل تعرفينه إذا رأيتيه؟ فقالت وهل يخفى على أحد رآه؟ ثم جعلت تنظر إليه وهي تهابه ثم قالت أما أنه أشبه خلق الله بك إذ كان صحيحا قال فإني أنا أيوب الذي أمرتني أن أذبح لإبليس وإني أطعت الله وعصيت الشيطان ودعوت الله سبحانه فرد علي ما ترين .
وقال وهب : لبث أيوب في البلاء ثلاث سنين فلما غلب أيوب إبليس ولم يستطع منه شيئا اعترض امرأته في هيئة ليست كهيئة بني آدم في العظم والجسم والجمال على مركب ليس [ من ] مراكب الناس له عظم وبهاء وكمال فقال لها أنت صاحبة أيوب هذا الرجل المبتلى؟ قالت نعم قال فهل تعرفيني؟ قالت لا قال أنا إله الأرض وأنا الذي صنعت بصاحبك ما صنعت لأنه عبد إله السماء وتركني فأغضبني ولو سجد لي سجدة واحدة رددت عليه وعليك كل ما كان لكما من مال وولد فإنه عندي ثم أراها إياهم ببطن الوادي الذي لقيها فيه قال وهب : وقد سمعت أنه إنما قال لها لو أن صاحبك أكل طعاما ولم يسم الله عليه لعوفي مما به من البلاء والله أعلم وفي بعض الكتب إن إبليس قال لها اسجدي لي سجدة حتى أرد عليك المال والأولاد وأعافي زوجك فرجعت إلى أيوب فأخبرته بما قال لها [ وما أراها ] قال لقد أتاك عدو الله ليفتنك عن دينك ثم أقسم [ إن عافاه الله ] ليضربنها مائة جلدة وقال عند ذلك مسني الضر من طمع إبليس في سجود حرمتي له ودعائه إياها وإياي إلى الكفر ثم إن الله عز وجل رحم [ رحمة ] امرأة أيوب بصبرها معه على البلاء وخفف عليها وأراد أن يبر يمين أيوب ، فأمره أن يأخذ ضغثا يشتمل على مائة عود صغار فيضربها به ضربة واحدة كما قال تعالى وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث ( ص : 44 ) ، وروي أن إبليس اتخذ تابوتا وجعل فيه أدوية وقعد على طريق امرأته يداوي الناس فمرت به امرأة أيوب فقالت [ يا شيخ ] إن لي مريضا أفتداويه؟ قال نعم [ والله ] لا أريد شيئا إلا أن يقول إذا شفيته أنت شفيتني فذكرت ذلك لأيوب فقال هو إبليس قد خدعك وحلف إن شفاه الله أن يضربها مائة جلدة .
وقال وهب وغيره كانت امرأة أيوب تعمل للناس وتجيئه بقوته فلما طال عليه البلاء وسئمها الناس فلم يستعملها أحد التمست له يوما من الأيام ما تطعمه فما وجدت شيئا فجزت قرنا من رأسها فباعته برغيف فأتته به فقال لها أين قرنك؟ فأخبرته فحينئذ قال ( مسني الضر )وقال قوم إنما قال ذلك حين قصدت الدود إلى قلبه ولسانه فخشي أن يفتر عن الذكر والفكروقال حبيب بن أبي ثابت : لم يدع الله بالكشف عنه حتى ظهرت له ثلاثة أشياء أحدها قدم عليه صديقان حين بلغهما خبره فجاءا إليه ولم يبق له إلا عيناه ورأيا أمرا عظيما فقالا لو كان لك عند الله منزلة ما أصابك هذا والثاني أن امرأته طلبت طعاما فلم تجد ما تطعمه فباعت ذؤابتها وحملت إليه طعاما والثالث قول إبليس إني أداويه على أن يقول أنت شفيتنيوقيل إن إبليس وسوس إليه أن امرأتك زنت فقطعت ذؤابتها فحينئذ عيل صبره فدعا وحلف ليضربنها مائة جلدة .
وقيل معناه مسني الضر من شماتة الأعداء حتى روي أنه قيل له [ بعدما عوفي ] ما كان أشد عليك في بلائك قال شماتة الأعداء .
وقيل قال ذلك حين وقعت دودة من فخذه فردها إلى موضعهاوقال كلي : فقد جعلني الله طعامك فعضته عضة زاد ألمها على جميع ما قاسى من عض الديدان فإن قيل إن الله سماه صابرا وقد أظهر الشكوى والجزع بقوله : ( إني مسني الضر ) و ( مسني الشيطان بنصب ) ( ص 41 ) ، قيل ليس هذا شكاية إنما هو دعاء بدليل قوله تعالى ( فاستجبنا له ) على أن الجزع إنما هو في الشكوى إلى الخلق فأما الشكوى إلى الله عز وجل فلا يكون جزعا ولا ترك صبر كما قال يعقوب : ( إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ) ( يوسف 86 ) .
قال سفيان بن عيينة : وكذلك من أظهر الشكوى إلى الناس وهو راض بقضاء الله لا يكون ذلك جزعا كما روي أن جبريل دخل على النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه فقال كيف تجدك؟ قال " أجدني مغموما وأجدني مكروبا " .
وقال لعائشة حين قالت وارأساه ، " بل أنا وارأساه " .

التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية


قال ابن كثير: «يذكر الله-تبارك وتعالى- عن أيوب- عليه السلام- ما كان قد أصابه من البلاء في ماله وولده وجسده، وذلك أنه كان له من الدواب والأنعام والحرث شيء كثير، وأولاد كثيرون، ومنازل مرضية.
فابتلى في ذلك كله، وذهب عن آخره، ثم ابتلى في جسده..ولم يبق من الناس أحد يحنو عليه سوى زوجته.. وقد كان نبي الله أيوب غاية في الصبر، وبه يضرب المثل في ذلك.
.
وقال الآلوسى: وهو ابن أموص بن رزاح بن عيص بن إسحاق.
وحكى ابن عساكر أن أمه بنت لوط، وأن أباه ممن آمن بإبراهيم فعلى هذا كانت بعثته قبل موسى وهارون.
وقيل:بعد شعيب، وقيل: بعد سليمان..» .
والضر- بالفتح - يطلق على كل ضرر- وبالضم- خاص بما يصيب الإنسان في نفسه من مرض وأذى وما يشبههما.
والمعنى: واذكر- أيها الرسول الكريم أو أيها المخاطب- عبدنا أيوب- عليه السلام- وقت أن نادى ربه، وتضرع إليه بقوله: يا رب أنى أصابنى ما أصابنى من الضر والتعب، وأنت أجل وأعظم رحمة من كل من يتصف بها.
فأنت ترى أن أيوب- عليه السلام- لم يزد في تضرعه عن وصف حاله أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ ووصف خالقه-تبارك وتعالى- بأعظم صفات الرحمة دون أن يقترح شيئا أو يطلب شيئا، وهذا من الأدب السامي الذي سلكه الأنبياء مع خالقهم- عز وجل -.
قال صاحب الكشاف: «ألطف- أيوب- في السؤال، حيث ذكر نفسه بما يوجب الرحمة، وذكر ربه بغاية الرحمة، ولم يصرح بالمطلوب.
ويحكى أن عجوزا تعرضت لسليمان بن عبد الملك فقالت: يا أمير المؤمنين، مشت جرذان- أى فئران- بيتي على العصى!! فقال لها: ألطفت في السؤال، لا جرم لأجعلنها تثب وثب الفهود، وملأ بيتها حبا..» .

وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت: تفسير ابن كثير


يذكر تعالى عن أيوب ، عليه السلام ، ما كان أصابه من البلاء ، في ماله وولده وجسده ، وذلك أنه كان له من الدواب والأنعام والحرث شيء كثير ، وأولاد كثيرة ، ومنازل مرضية . فابتلي في ذلك كله ، وذهب عن آخره ، ثم ابتلي في جسده - يقال : بالجذام في سائر بدنه ، ولم يبق منه سليم سوى قلبه ولسانه ، يذكر بهما الله عز وجل ، حتى عافه الجليس ، وأفرد في ناحية من البلد ، ولم يبق من الناس أحد يحنو عليه سوى زوجته ، كانت تقوم بأمره ، ويقال : إنها احتاجت فصارت تخدم الناس من أجله ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أشد الناس بلاء الأنبياء ، ثم الصالحون ، ثم الأمثل فالأمثل " وفي الحديث الآخر : " يبتلى الرجل على قدر دينه ، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه " .
وقد كان نبي الله أيوب ، عليه السلام ، غاية في الصبر ، وبه يضرب المثل في ذلك .
وقال يزيد بن ميسرة : لما ابتلى الله أيوب ، عليه السلام ، بذهاب الأهل والمال والولد ، ولم يبق له شيء ، أحسن الذكر ، ثم قال : أحمدك رب الأرباب ، الذي أحسنت إلي ، أعطيتني المال والولد ، فلم يبق من قلبي شعبة ، إلا قد دخله ذلك ، فأخذت ذلك كله مني ، وفرغت قلبي ، ليس يحول بيني وبينك شيء ، لو يعلم عدوي إبليس بالذي صنعت ، حسدني . قال : فلقي إبليس من ذلك منكرا .
قال : وقال أيوب ، عليه السلام : يا رب ، إنك أعطيتني المال والولد ، فلم يقم على بابي أحد يشكوني لظلم ظلمته ، وأنت تعلم ذلك . وأنه كان يوطأ لي الفراش فأتركها وأقول لنفسي : يا نفس ، إنك لم تخلقي لوطء الفرش ، ما تركت ذلك إلا ابتغاء وجهك . رواه ابن أبي حاتم .
وقد ذكر عن وهب بن منبه في خبره قصة طويلة ، ساقها ابن جرير وابن أبي حاتم بالسند عنه ، وذكرها غير واحد من متأخري المفسرين ، وفيها غرابة تركناها لحال الطول .
وقد روي أنه مكث في البلاء مدة طويلة ، ثم اختلفوا في السبب المهيج له على هذا الدعاء ، فقال الحسن وقتادة ، ابتلي أيوب ، عليه السلام ، سبع سنين وأشهرا ، ملقى على كناسة بني إسرائيل ، تختلف الدواب في جسده ففرج الله عنه ، وعظم له الأجر ، وأحسن عليه الثناء .
وقال وهب بن منبه : مكث في البلاء ثلاث سنين ، لا يزيد ولا ينقص .
وقال السدي : تساقط لحم أيوب حتى لم يبق إلا العصب والعظام ، فكانت امرأته تقوم عليه وتأتيه بالزاد يكون فيه ، فقالت له امرأته لما طال وجعه : يا أيوب ، لو دعوت ربك يفرج عنك؟ فقال : قد عشت سبعين سنة صحيحا ، فهل قليل لله أن أصبر له سبعين سنة؟ فجزعت من ذلك فخرجت ، فكانت تعمل للناس بأجر وتأتيه بما تصيب فتطعمه ، وإن إبليس انطلق إلى رجلين من فلسطين كانا صديقين له وأخوين ، فأتاهما فقال : أخوكما أيوب أصابه من البلاء كذا وكذا ، فأتياه وزوراه واحملا معكما من خمر أرضكما ، فإنه إن شرب منه برأ . فأتياه ، فلما نظرا إليه بكيا ، فقال : من أنتما؟ فقالا : نحن فلان وفلان! فرحب بهما وقال : مرحبا بمن لا يجفوني عند البلاء ، فقالا : يا أيوب ، لعلك كنت تسر شيئا وتظهر غيره ، فلذلك ابتلاك الله؟ فرفع رأسه إلى السماء ثم قال : هو يعلم ، ما أسررت شيئا أظهرت غيره . ولكن ربي ابتلاني لينظر أأصبر أم أجزع ، فقالا له : يا أيوب ، اشرب من خمرنا فإنك إن شربت منه برأت . قال : فغضب وقال : جاءكما الخبيث فأمركما بهذا؟ كلامكما وطعامكما وشرابكما علي حرام . فقاما من عنده ، وخرجت امرأته تعمل للناس فخبزت لأهل بيت لهم صبي ، فجعلت لهم قرصا ، وكان ابنهم نائما ، فكرهوا أن يوقظوه ، فوهبوه لها .
فأتت به إلى أيوب ، فأنكره وقال : ما كنت تأتيني بهذا ، فما بالك اليوم؟ فأخبرته الخبر . قال : فلعل الصبي قد استيقظ ، فطلب القرص فلم يجده فهو يبكي على أهله . [ فانطلقي به إليه . فأقبلت حتى بلغت درجة القوم ، فنطحتها شاة لهم ، فقالت : تعس أيوب الخطاء! فلما صعدت وجدت الصبي قد استيقظ وهو يطلب القرص ، ويبكي على أهله ] ، لا يقبل منهم شيئا غيره ، فقالت : رحم الله أيوب فدفعت القرص إليه ورجعت . ثم إن إبليس أتاها في صورة طبيب ، فقال لها : إن زوجك قد طال سقمه ، فإن أراد أن يبرأ فليأخذ ذبابا فليذبحه باسم صنم بني فلان فإنه يبرأ ويتوب بعد ذلك . فقالت ذلك لأيوب ، فقال : قد أتاك الخبيث . لله علي إن برأت أن أجلدك مائة جلدة . فخرجت تسعى عليه ، فحظر عنها الرزق ، فجعلت لا تأتي أهل بيت فيريدونها ، فلما اشتد عليها ذلك وخافت على أيوب الجوع حلقت من شعرها قرنا فباعته من صبية من بنات الأشراف ، فأعطوها طعاما طيبا كثيرا فأتت به أيوب ، فلما رآه أنكره وقال : من أين لك هذا؟ قالت : عملت لأناس فأطعموني . فأكل منه ، فلما كان الغد خرجت فطلبت أن تعمل فلم تجد فحلقت أيضا قرنا فباعته من تلك الجارية ، فأعطوها من ذلك الطعام ، فأتت به أيوب ، فقال : والله لا أطعمه حتى أعلم من أين هو؟ فوضعت خمارها ، فلما رأى رأسها محلوقا جزع جزعا شديدا ، فعند ذلك دعا ربه عز وجل : { أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين } .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد ، حدثنا أبو عمران الجوني ، عن نوف البكالي; أن الشيطان الذي عرج في أيوب كان يقال له : " سوط " ، قال : وكانت امرأة أيوب تقول : " ادع الله فيشفيك " ، فجعل لا يدعو ، حتى مر به نفر من بني إسرائيل ، فقال بعضهم لبعض : ما أصابه ما أصابه إلا بذنب عظيم أصابه ، فعند ذلك قال : " رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين " .
وحدثنا أبي ، حدثنا أبو سلمة ، حدثنا جرير بن حازم ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال : كان لأيوب ، عليه السلام ، أخوان فجاءا يوما ، فلم يستطيعا أن يدنوا منه ، من ريحه ، فقاما من بعيد ، فقال أحدهما للآخر : لو كان الله علم من أيوب خيرا ما ابتلاه بهذا؟ فجزع أيوب من قولهما جزعا لم يجزع من شيء قط ، فقال : اللهم ، إن كنت تعلم أني لم أبت ليلة قط شبعان وأنا أعلم مكان جائع ، فصدقني . فصدق من السماء وهما يسمعان . ثم قال : اللهم ، إن كنت تعلم أني لم يكن لي قميصان قط ، وأنا أعلم مكان عار ، فصدقني ، فصدق من السماء وهما يسمعان . اللهم بعزتك ثم خر ساجدا ، ثم قال اللهم بعزتك لا أرفع رأسي أبدا حتى تكشف عني . فما رفع رأسه حتى كشف عنه .
وقد رواه ابن أبي حاتم من وجه آخر مرفوعا بنحو هذا فقال : أخبرنا يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب أخبرني نافع بن يزيد ، عن عقيل ، عن الزهري ، عن أنس بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن نبي الله أيوب لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة ، فرفضه القريب والبعيد ، إلا رجلين من إخوانه ، كانا من أخص إخوانه ، كانا يغدوان إليه ويروحان ، فقال أحدهما لصاحبه : تعلم - والله - لقد أذنب أيوب ذنبا ما أذنبه أحد من العالمين . فقال له صاحبه : وما ذاك؟ قال : منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمه الله فيكشف ما به . فلما راحا إليه لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له ، فقال أيوب ، عليه السلام : ما أدري ما تقول ، غير أن الله عز وجل يعلم أني كنت أمر على الرجلين يتنازعان فيذكران الله ، فأرجع إلى بيتي فأكفر عنهما ، كراهة أن يذكرا الله إلا في حق . قال : وكان يخرج في حاجته ، فإذا قضاها أمسكت امرأته بيده حتى يبلغ ، فلما كان ذات يوم أبطأت عليه ، فأوحي إلى أيوب في مكانه : أن اركض برجلك ، هذا مغتسل بارد وشراب " .
رفع هذا الحديث غريب جدا .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد ، أخبرنا علي بن زيد ، عن يوسف بن مهران ، عن ابن عباس ، قال : وألبسه الله حلة من الجنة ، فتنحى أيوب فجلس في ناحية ، وجاءت امرأته ، فلم تعرفه ، فقالت : يا عبد الله ، أين ذهب المبتلى الذي كان هاهنا؟ لعل الكلاب ذهبت به أو الذئاب ، فجعلت تكلمه ساعة ، فقال : ويحك! أنا أيوب ! قالت : أتسخر مني يا عبد الله؟ فقال : ويحك! أنا أيوب ، قد رد الله علي جسدي .
وبه قال ابن عباس : ورد عليه ماله وولده عيانا ، ومثلهم معهم .
وقال وهب بن منبه : أوحى الله إلى أيوب : قد رددت عليك أهلك ومالك ومثلهم معهم ، فاغتسل بهذا الماء ، فإن فيه شفاءك ، وقرب عن صاحبتك قربانا ، واستغفر لهم ، فإنهم قد عصوني فيك . رواه ابن أبي حاتم .
[ وقال ] أيضا : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا عمرو بن مرزوق ، حدثنا همام ، عن قتادة ، عن النضر بن أنس ، عن بشير بن نهيك ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لما عافى الله أيوب ، أمطر عليه جرادا من ذهب ، فجعل يأخذ بيده ويجعله في ثوبه " . قال : " فقيل له : يا أيوب ، أما تشبع؟ قال : يا رب ، ومن يشبع من رحمتك " .
أصله في الصحيحين ، وسيأتي في موضع آخر .

تفسير القرطبي : معنى الآية 83 من سورة الأنبياء


قوله تعالى : وأيوب إذ نادى ربه أي واذكر أيوب إذ نادى ربه .
أني مسني الضر أي نالني في بدني ضر وفي مالي وأهلي .
قال ابن عباس : سمي أيوب لأنه آب إلى الله تعالى في كل حال .
وروي أن أيوب - عليه السلام - كان رجلا من الروم ذا مال عظيم ، وكان برا تقيا رحيما بالمساكين ، يكفل الأيتام والأرامل ، ويكرم الضيف ، ويبلغ ابن السبيل ، شاكرا لأنعم الله تعالى ، وأنه دخل مع قومه على جبار عظيم فخاطبوه في أمر ، فجعل أيوب يلين له في القول من أجل زرع كان له فامتحنه الله بذهاب ماله وأهله ، وبالضر في جسمه حتى تناثر لحمه وتدود جسمه ، حتى أخرجه أهل قريته إلى خارج القرية ، وكانت امرأته تخدمه .
قال الحسن : مكث بذلك تسع سنين وستة أشهر .
فلما أراد الله أن يفرج عنه قال الله تعالى له : اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب فيه شفاؤك ، وقد وهبت لك أهلك ومالك وولدك ومثلهم معهم .
وسيأتي في ( ص ) ما للمفسرين في قصة أيوب من تسليط الشيطان عليه ، والرد عليهم إن شاء الله تعالى .
واختلف في قول أيوب : مسني الضر على خمسة عشر قولا : الأول : أنه وثب ليصلي فلم يقدر على النهوض فقال : مسني الضر إخبارا عن حاله ، لا شكوى لبلائه ؛ رواه أنس مرفوعا .
الثاني : أنه إقرار بالعجز فلم يكن منافيا للصبر .
الثالث : أنه سبحانه أجراه على لسانه ليكون حجة لأهل البلاء بعده في الإفصاح بما ينزل بهم .
الرابع : أنه أجراه على لسانه إلزاما له في صفة الآدمي في الضعف عن تحمل البلاء .
الخامس : أنه انقطع الوحي عنه أربعين يوما فخاف هجران ربه فقال : مسني الضر .
وهذا قول جعفر بن محمد .
السادس : أن تلامذته الذين كانوا يكتبون عنه لما أفضت حاله إلى ما انتهت إليه محوا ما كتبوا عنه ، وقالوا : ما لهذا عند الله قدر ؛ فاشتكى الضر في ذهاب الوحي والدين من أيدي الناس .
وهذا مما لم يصح سنده .
والله أعلم ؛ قاله ابن العربي .
السابع : أن دودة سقطت من لحمه فأخذها وردها في موضعها فعقرته فصاح مسني الضر فقيل : أعلينا تتصبر .
قال ابن العربي : وهذا بعيد جدا مع أنه يفتقر إلى نقل صحيح ، ولا سبيل إلى وجوده .
الثامن : أن الدود كان يتناول بدنه فصبر حتى تناولت دودة قلبه وأخرى لسانه ، فقال : مسني الضر لاشتغاله عن ذكر الله ، قال ابن العربي : وما أحسن هذا لو كان له سند ولم تكن دعوى عريضة .
التاسع : أنه أبهم عليه جهة أخذ البلاء له هل هو تأديب ، أو تعذيب ، أو تخصيص ، أو تمحيص ، أو ذخر أو طهر ، فقال : مسني الضر أي ضر الإشكال في جهة أخذ البلاء .
قال ابن العربي : وهذا غلو لا يحتاج إليه .
العاشر : أنه قيل له سل الله العافية فقال : أقمت في النعيم سبعين سنة وأقيم في البلاء سبع سنين وحينئذ أسأله فقال : مسني الضر .
قال ابن العربي : وهذا ممكن ولكنه لم يصح في إقامته مدة خبر ولا في هذه القصة .
الحادي عشر : أن ضره قول إبليس لزوجه اسجدي لي فخاف ذهاب الإيمان عنها فتهلك ويبقى بغير كافل .
الثاني عشر : لما ظهر به البلاء قال قومه : قد أضر بنا كونه معنا وقذره فليخرج عنا ، فأخرجته امرأته إلى ظاهر البلد ؛ فكانوا إذا خرجوا رأوه وتطيروا به وتشاءموا برؤيته ، فقالوا : ليبعد بحيث لا نراه .
فخرج إلى بعد من القرية ، فكانت امرأته تقوم عليه وتحمل قوته إليه .
فقالوا : إنها تتناوله وتخالطنا فيعود بسببه ضره إلينا .
فأرادوا قطعها عنه ؛ فقال : مسني الضر .
الثالث عشر : قال عبد الله بن عبيد بن عمير : كان لأيوب أخوان فأتياه فقاما بعيدا لا يقدران أن يدنوا منه من نتن ريحه ، فقال أحدهما : لو علم الله في أيوب خيرا ما ابتلاه بهذا البلاء ؛ فلم يسمع شيئا أشد عليه من هذه الكلمة ؛ فعند ذلك قال : مسني الضر ثم قال : ( اللهم إن كنت تعلم أني لم أبت شبعان قط وأنا أعلم مكان جائع فصدقني ) فنادى مناد من السماء ( أن صدق عبدي ) وهما يسمعان فخرا ساجدين .
الرابع عشر : أن معنى مسني الضر من شماتة الأعداء ؛ ولهذا قيل له : ما كان أشد عليك في بلائك ؟ قال شماتة الأعداء .
قال ابن العربي : وهذا ممكن فإن الكليم قد سأله أخوه العافية من ذلك فقال : إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء .
الخامس عشر : أن امرأته كانت ذات ذوائب فعرفت حين منعت أن تتصرف لأحد بسببه ما تعود به عليه ، فقطعت ذوائبها واشترت بها ممن يصلها قوتا وجاءت به إليه ، وكان يستعين بذوائبها في تصرفه وتنقله ، فلما عدمها وأراد الحركة في تنقله لم يقدر قال : مسني الضر .
وقيل : إنها لما اشترت القوت بذوائبها جاءه إبليس في صفة رجل وقال له : إن أهلك بغت فأخذت وحلق شعرها .
فحلف أيوب أن يجلدها ؛ فكانت المحنة على قلب المرأة أشد من المحنة على قلب أيوب .
قلت : وقول سادس عشر : ذكره ابن المبارك : أخبرنا يونس بن يزيد عن عقيل عن ابن شهاب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر يوما أيوب النبي - صلى الله عليه وسلم - وما أصابه من البلاء ؛ الحديث .
وفيه أن بعض إخوانه ممن صابره ولازمه قال : يا نبي الله لقد أعجبني أمرك وذكرته إلى أخيك وصاحبك ، أنه قد ابتلاك بذهاب الأهل والمال وفي جسدك ، منذ ثمان عشرة سنة حتى بلغت ما ترى ؛ ألا يرحمك فيكشف عنك ! لقد أذنبت ذنبا ما أظن أحدا بلغه ! فقال أيوب - عليه السلام - : ( ما أدري ما يقولان غير أن ربي - عز وجل - يعلم أني كنت أمر على الرجلين يتزاعمان وكل يحلف بالله - أو على النفر يتزاعمون - فأنقلب إلى أهلي فأكفر عن أيمانهم إرادة ألا يأثم أحد ذكره ، ولا يذكره أحد إلا بالحق ) فنادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين إنما كان دعاؤه عرضا عرضه على الله تبارك وتعالى يخبره بالذي بلغه ، صابرا لما يكون من الله تبارك وتعالى فيه .
وذكر الحديث .
وقول سابع عشر : سمعته ولم أقف عليه أن دودة سقطت من جسده فطلبها ليردها إلى موضعها فلم يجدها فقال : مسني الضر لما فقد من أجر ألم تلك الدودة ، وكان أراد أن يبقى له الأجر موفرا إلى وقت العافية ، وهذا حسن إلا أنه يحتاج إلى سند .
قال العلماء : ولم يكن قوله مسني الضر جزعا ؛ لأن الله تعالى قال : إنا وجدناه صابرا بل كان ذلك دعاء منه ، والجزع في الشكوى إلى الخلق لا إلى الله تعالى ، والدعاء لا ينافي الرضا .
قال الثعلبي سمعت أستاذنا أبا القاسم بن حبيب يقول : حضرت مجلسا غاصا بالفقهاء والأدباء في دار السلطان ، فسألت عن هذه الآية بعد إجماعهم على أن قول أيوب كان شكاية قد قال الله تعالى : إنا وجدناه صابرا فقلت : ليس هذا شكاية وإنما كان دعاء ؛ بيانه فاستجبنا له ، والإجابة تتعقب الدعاء لا الاشتكاء .
فاستحسنوه وارتضوه .
وسئل الجنيد عن هذه الآية فقال : عرفه فاقة السؤال ليمن عليه بكرم النوال .

﴿ وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ﴾ [ الأنبياء: 83]

سورة : الأنبياء - الأية : ( 83 )  - الجزء : ( 17 )  -  الصفحة: ( 329 )

English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السموات والأرض وهو يطعم ولا يطعم قل إني أمرت
  2. تفسير: فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا
  3. تفسير: إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين
  4. تفسير: وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون
  5. تفسير: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك قال عذابي أصيب به
  6. تفسير: فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا
  7. تفسير: وقال الذي آمن ياقوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب
  8. تفسير: ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون
  9. تفسير: قال أتعبدون ما تنحتون
  10. تفسير: عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون

تحميل سورة الأنبياء mp3 :

سورة الأنبياء mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الأنبياء

سورة الأنبياء بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الأنبياء بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الأنبياء بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الأنبياء بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الأنبياء بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الأنبياء بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة الأنبياء بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الأنبياء بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة الأنبياء بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الأنبياء بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب