قائمة السور | مواضيع القرآن الكريم مرتبة حسب الآيات :آيات القرآن الكريم مقسمة حسب كل موضوع و فئة | لقراءة سورة كاملة اختر من : فهرس القرآن | - للاستماع للقراء : القرآن الكريم mp3
آيات قرآنية عن التقوى في القرآن الكريم
✅ مواضيع القرآن الكريم
﴿ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 2]
على خلاف كتُب البشر التي تُستفتَح بالاعتذار إلى القرَّاء والاعتراف بالتقصير، افتَتح الله السورةَ بإعلانٍ صريح أنَّ هذا الكتابَ العظيم حقٌّ كلُّه، لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفه. ما أرفعَ شأنَ القرآن، وما أبعدَه عن أن تنالَ منه شبُهات المشكِّكين! فيا أيها المؤمنُ انهض بقلبك وعقلك إليه، ويا أيها المرتابُ لن تَعدُوَ شبهاتُك القاعَ الذي أنت فيه! إنه الكتابُ الوحيد الذي تقرؤه وأنت مطمئنٌّ تمام الاطمئنان، وموقنٌ كمال اليقين، بصدق كلِّ حرفٍ فيه. فاجعله صاحبَك في ليلك ونهارك. كلَّما اتَّقى العبد ربَّه ارتقى في مدارج الهدى والصلاح، ولا يزال في مزيدِ هدايةٍ ما دام في مزيدٍ من الورع والتقوى، فاتَّقِ تَرتَقِ! التقوى تفتح مغاليقَ القلوب وتهيِّئها لتلقِّي أنوار الكتاب، فتحيا بالقرآن وتستجيبُ لأمره. فما أسعدَ المتَّقين! في تخصيص الهدى بالمتَّقين رفعٌ لقَدرهم، وتنويهٌ بفضلهم، فنالوا بتقواهم الجزاء مضاعفًا؛ اهتداءً بالقرآن، وثناءً من الجليل الديَّان. |
﴿ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ﴾ [البقرة: 3]
ليس الفضل والمزيَّة في الإيمان بما تشاهده بعينيك فحسبُ، ولكن في الإيمان بما لا تُدركه حواسُّك ممَّا أخبر به الوحيُ. ألا ترى أن المتَّقين قد مُدحوا بإقامة الصلاة لا بمجرَّد أدائها؟ إن في إقامتها معنى المحافظة عليها، والوفاء بحقوقها. فيا أيها المؤمنُ، صلاتُك صِلتُك بربِّك، فأحسن الصِّلة! لو استحضرنا فضلَ الله علينا وعظيمَ بِرِّه بنا وجميلَ إحسانه إلينا، لكان ذلك دافعًا لنا إلى البِرِّ بعباده الضعفاء، والإحسان إلى المحتاجين والفقراء. مَن أيقن بالخلَف من الله الرزَّاق جادت نفسُه بالبذل والعطاء، فلا تبخل بما آتاك، وأنفِق يُنفَق عليك. شيوع النفقة في المجتمع المسلم يجعل الحياةَ مجالَ تعاونٍ وتراحُم، لا مُعترَكَ تطاحُنٍ وتزاحُم، ويُشعر العاجزين والضعفاء أنهم يعيشون بين قلوبٍ ونفوس، لا بين أنيابٍ ومخالب! أيها المؤمن، لا يطلُب الله تعالى منك أن تتصدَّق بكلِّ ما رزقك، بل يدعوك إلى أن تنفقَ ممَّا وهبك، فلا تبخل بالإنفاق في مَحابِّ مَن أعطاك. |
﴿وَٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ وَبِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ ﴾ [البقرة: 4]
لا يكون متَّقيًا ولا مهتديًا مَن لم يكن منقادًا لكلام الله تعالى؛ مصدِّقًا موقنًا، فاللهم اجعلنا من أهل الإيمان والاتِّباع. أحقُّ ما تعتزُّ به أيها المسلمُ هدى الله تعالى، فإن الأزمانَ تتقلَّب والأيَّام، وهو ثابتٌ كالنجم الهادي في دَياجير الظلام. ما أنزل الله كتبَه من السماء على رسُله الكرام إلا للإيمان بها، والعمل بأحكامها، وقد نُسخَت جميعًا بالقرآن العظيم، المنزَل على رسولنا الكريم ﷺ، فما أحرانا أن نستمسكَ به؛ علمًا وعملًا، تلاوةً وتدبُّرًا! لم يخلقنا الله عبثًا ولن يتركَنا سدًى، فمَن آمن بيوم الجزاء الذي يتحقَّق فيه وعدُ الله ووعيده، اطمأنَّ قلبه، واجتهد في عبادته وطلبِ رضاه. حينما علم المتَّقون الخبرَ الصادق عن اليوم الآخر في القرآن أيقَنوا به يقينًا كاملًا تامًّا ليقينهم بالقرآن حقَّ اليقين. أرأيت إلى هؤلاء المتَّقين، إن يقينهم باليوم الآخر ليتجدَّد بتجدُّد الأيام، فيزداد رسوخًا في قلوبهم، وتشرق آثارُه في أعمالهم. ليستِ التقوى ادِّعاءً يُدَّعى، ولكنَّها إيمانٌ وعمل صالح في السرِّ والعلن، وإحسانٌ في عبادة الله، وإحسانٌ إلى عباد الله. |
﴿أُوْلَٰٓئِكَ عَلَىٰ هُدٗى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴾ [البقرة: 5]
أعظِم به من هدًى يناله المؤمنون المتَّقون! وكيف لا يكون كذلك وهو عطاءُ الجواد الكريم، وفضلُ المنَّان العظيم؟ وعدُ الله عبدَه المؤمنَ بالنجاح في الدنيا والفلاح في الآخرة يملأ قلبَه باليقين، ألا تشعرُ بالطُّمَأنينة تغشى روحَك وأنت تعلم عاقبةَ إيمانك؟ كيف لا يتمكَّن من الهدى ويثبُت عليه ويستعلي فيه مَن جمع صلاحَ الباطن بالإيمان، وصلاحَ الظاهر بلزوم الصالحات؟ لا يبلغ الإنسانُ رتبة الفلاح، حتى يعظُمَ حظُّه من الإيمان والصلاح. |
﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوۡاْ لَمَثُوبَةٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ خَيۡرٞۚ لَّوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ ﴾ [البقرة: 103]
مَن ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه وأثابه، وهذه المثوبة عامَّةٌ لخيرات الدنيا والآخرة. قليلٌ من ثواب الله تعالى في الآخرة الدائمة خيرٌ من ثوابٍ كثير في الدنيا الفانية، فكيف وثوابُ الله تعالى كثيرٌ دائم؟! |
﴿۞ لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ وَٱلۡكِتَٰبِ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلۡمُوفُونَ بِعَهۡدِهِمۡ إِذَا عَٰهَدُواْۖ وَٱلصَّٰبِرِينَ فِي ٱلۡبَأۡسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَحِينَ ٱلۡبَأۡسِۗ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177]
أوَّل خِصال البِرِّ ورأسها الإيمانُ بالله، ومَن فاته هذا البِرُّ فقد فاته أعظمُ مقصود. الإيمان باليوم الآخر يبعث في النفس الطُّمَأنينةَ بحصول العدل التامِّ، وبأن الحياة على هذه الأرض ليست سُدًى، ولا فوضى بغير حساب. عظَّم الله الإيمانَ بالملائكة فنظَمَه في سِلك المسائل الكبار، فلنؤمن بهم، ولنستحضِر عظمةَ الله في خلقهم. الإيمان بالكتاب والنبيِّين يعني الإيمانَ بالرسالات جميعًا، ويؤكِّد في يقين المؤمن أن للبشر كافَّةً إلهًا واحدًا، وغايةً واحدة. الإنفاق على ذوي القُربى من خِصال البِرِّ، وفيه تحقيقٌ لمروءة النفس، وصيانةٌ لكرامة الأسرة، وقيامٌ بصِلة الرَّحِم. الصدقة لليتامى تعويضٌ عن فِقدانهم الرعايةَ الأبويَّة، وحمايةٌ لهم وللأمَّة من الانحراف والضياع والنقمة على مجتمعٍ لم يرعَهُم. من رحمة الله بمَن أضعفَته الحاجة، وأذلَّته الفاقة، أنه أوجب في المال حقًّا له يحفظ كرامتَه، ويُقيل عَثرتَه. في إيجاب الصَّدقة للمنقطِع عن ماله وأهله إشعارٌ له أن كلَّ مسلم أخٌ له، وكلَّ بلاد المسلمين وطنُه، فيتسلَّى عن أهلٍ بأهل، وعن مالٍ بمال، وعن ديارٍ بديار. الصَّدقة للسَّائلين إسعافٌ لحاجتهم، وكفٌّ لهم عن المسألة، وذلك من إحسان الله إلى عباده. |
﴿ٱلۡحَجُّ أَشۡهُرٞ مَّعۡلُومَٰتٞۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلۡحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي ٱلۡحَجِّۗ وَمَا تَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡرٖ يَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيۡرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُونِ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ ﴾ [البقرة: 197]
ما الحجُّ إلا أشهرٌ قليلة، وأيَّامٌ معدودة معلومة، فهل يُعجزك أيها المسلمُ أن تلتزمَ فيها بما أمرك الله، وتنتهيَ عمَّا نهاك؟! إنما كانت مراعاةُ الآداب في الحجِّ لتعظيم شأن الحرَم والمناسك، وكذلك ينبغي أن نكونَ في الأزمنة الشريفة والمشاهد الفاضلة على أكمل الآداب. حسبُ المؤمن دافعًا له إلى فعل الخير استحضارُه أن الله مطَّلعٌ عليه، عالمٌ بما يفعله، فهذا وحدَه جزاءٌ قبل يوم الجزاء. لا بدَّ للمسافر من زاد؛ أمَّا سفر الدنيا فزادُه الطعام والشراب والمركب؛ لتلبية رغَبات النفس وحاجاتها، وأمَّا سفر الآخرة فزادُه تقوى الله؛ لتوصلَك إلى النعيم المقيم. اتَّقوا العذاب، يا أولي الألباب؛ فإن أكمل الناس لُبًّا أكملهم تقوى، ومَن لم يتَّقِ الله فهو كمَن لا لُبَّ له. |
﴿۞ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡدُودَٰتٖۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوۡمَيۡنِ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۖ لِمَنِ ٱتَّقَىٰۗ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ ﴾ [البقرة: 203]
أمر الله بذكرَه في أيَّام التشريق؛ لأنه مَقصِدها، فمَن أكرمه الله بالوفود عليه فليلهَج بذِكره وشُكره. ذكَّرهم ربُّهم بالتقوى لئلَّا يتَّكلوا على أعمالهم، ويغترُّوا بأدائهم لمناسكهم، فإنما يتقبَّل الله من المتَّقين. مَن علم أنه لا بدَّ من حشرٍ وحساب، كان ذلك من أقوى الدَّواعي له إلى ملازمة التقوى، وفي الحجِّ شَبهٌ بيوم الحشر، فليعتبِر الحاجُّ وليستعدَّ لذلك اليوم. |
﴿زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا وَيَسۡخَرُونَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۘ وَٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ فَوۡقَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ وَٱللَّهُ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٖ ﴾ [البقرة: 212]
المفتونُ مَن فتنَته الحياة الدنيا بزينتها، فغدَت ملذَّاتها كلُّها أثيرةً لديه، غيرَ عابئٍ بما كان منها حرامًا. مَن وجد في نفسه تعظيمًا لزخرُف الحياة الدنيا، وازدراءً لأهل التقوى الزاهدين فيها، فإنه على خطرٍ من الذلَّة والمهانة يوم القيامة. أيها المؤمن، اثبُت على إيمانك، ولا يُزعزِعكَ استهزاءُ الكافرين، ولا سخريَّةُ العاصين؛ فإنهم إن علَوكَ في متاع دنيا، فدرجتُك عند الله في الآخرة أعلى وأرقى. هو الوهَّاب سبحانه يرزق مَن يشاء من المؤمنين والكافرين في هذه الحياة الدنيا، له الحكمةُ البالغة والمشيئةُ النافذة، وما عنده لعباده المؤمنين في الآخرة خيرٌ وأبقى. |
﴿وَإِنۡ عَزَمُواْ ٱلطَّلَٰقَ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ ﴾ [البقرة: 227]
قد يقع بين الأزواج أمورٌ خفيَّةٌ لا يعلمها القضاة ولا غيرُهم، فجعلهم الله أمناء على أنفسهم فيما خفي وما ظهر، وهدَّدهم بأنه سميعٌ لأقوالهم، عليمٌ بأعمالهم ومقاصدهم، وسيُجازيهم عليها. |
﴿۞ قُلۡ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيۡرٖ مِّن ذَٰلِكُمۡۖ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَأَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞ وَرِضۡوَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِٱلۡعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 15]
قد عُرِضَت الدَّاران، ووُصِفَت السعادتان، فقِس هذه الدارَ الجليلة بتلك الدار الوضيعة، واختَر لنفسك. لا مقارنةَ بين نِعَم الدنيا ونِعَم الآخرة، فنِعَمُ الدنيا منقطعةٌ مَشوبةٌ بالمنغِّصات، ونِعَم الآخرة باقيةٌ خاليةٌ من كلِّ شائبة. بدأ سبحانه بذِكر المَقرِّ وهو الجنَّات، ثم ثنَّى بذِكر ما يحصُل به الأُنس وهو الأزواج المطهَّرات، ثم ثلَّث بذِكر أعظم النَّعيم، وهو الفوزُ برضا الجليل العظيم. احرِص على تحقيق التقوى؛ حتى تظفرَ بما وعد الله به عبادَه المتَّقين من الرضوان والجنَّات، والزوجات المطهَّرات. إذا علمتَ ما أعدَّ الله لك من نعيم، فاعلم أنه سبحانه بصيرٌ بك وعليم؛ فاجتهد في الخلاص ممَّا لا يليق أن يعلمَه منك، حتى لا يحولَ بينك وبين التكريم. |
﴿ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ إِنَّنَآ ءَامَنَّا فَٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ ﴾ [آل عمران: 16]
ليست التقوى خمولًا وذبولًا، بل هي دأبٌ وحُسن بلاء، واستغفارٌ ودعاء، وبذلٌ وعطاء. المغفرة والنجاة من النار أعظم مطالب الأنبياء والصالحين. |
﴿ٱلصَّٰبِرِينَ وَٱلصَّٰدِقِينَ وَٱلۡقَٰنِتِينَ وَٱلۡمُنفِقِينَ وَٱلۡمُسۡتَغۡفِرِينَ بِٱلۡأَسۡحَارِ ﴾ [آل عمران: 17]
المتَّقي حقًّا هو من يكمِّل نفسه بأنواع الطاعات، ويحلِّيها بأصناف الخيرات، ويكفُّها عن المعاصي والسيِّئات. في الصبر أداءٌ للواجب، وامتناعٌ عن المحرَّم، وثباتٌ على الحقِّ، وتسليمٌ لقدَر الله. في الصدق اعتزازٌ بالحقِّ وترفُّعٌ عن الضعف، وما الكذب إلا ضعفٌ عن كلمة الحقِّ؛ اتِّقاءً لضرر وغُرم، أو اجتلابًا لمنفعة وغُنم. في القُنوت لله أداءٌ لحقِّ الألوهيَّة، وقيامٌ بواجب العبوديَّة. في الإنفاق تحرُّرٌ من عبوديَّة المال، وإعلاءٌ لحقيقة الأخوَّة على الأنانيَّة والأثَرة، وتكافلٌ يليق بهذا الدِّين العظيم. السَّحَر من أشقِّ الأوقات استيقاظًا على الإنسان، وأحبِّها راحةً لديه، وأَولاها بصفاء القلب، وأقربها إلى إجابة الدعاء. |
﴿قُلِ ٱللَّهُمَّ مَٰلِكَ ٱلۡمُلۡكِ تُؤۡتِي ٱلۡمُلۡكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلۡمُلۡكَ مِمَّن تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُۖ بِيَدِكَ ٱلۡخَيۡرُۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ ﴾ [آل عمران: 26]
لا تغترَّ بعزِّ أحدٍ فتَذِلَّ له من دون الله، ولا بمُلك أحدٍ فتتعلَّقَ به من دون الله؛ فإنما هم جميعًا تحت مشيئة الله، وإن شاء سلبَهم ما أعطاهم في طَرفة عين. يملِّك الله تعالى مَن يشاء ما يشاء تمليكَ العاريَّة التي يستردُّها صاحبُها عندما يشاء، فطوبى لمَن لم ينخدع بمُلكٍ ولا سلطان! سلبُ الله الملكَ عمَّن يشاء وإذلاله لمَن يشاء أمرٌ دائرٌ بين العدل والفضل والحكمة، ولا تخرُج المصلحة عنه، وهو على كلِّ حال خيرٌ يُحمَد عليه الربُّ، ويُثنى به عليه. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]
تقوى الله حقُّ التقوى: أن يُطاعَ فلا يُعصى، ويُذكرَ فلا يُنسى، ويُشكرَ فلا يُكفر. على العبد أن يبقى في ارتقاءٍ دائم للمعالي، واجتهادٍ مستمرٍّ في تحقيق التقوى، حتى يأتيَه الموت، فإن العِبرةَ بالخواتيم. |
﴿إِن تَمۡسَسۡكُمۡ حَسَنَةٞ تَسُؤۡهُمۡ وَإِن تُصِبۡكُمۡ سَيِّئَةٞ يَفۡرَحُواْ بِهَاۖ وَإِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لَا يَضُرُّكُمۡ كَيۡدُهُمۡ شَيۡـًٔاۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيطٞ ﴾ [آل عمران: 120]
من الكفَّار مَن يُضمر للمؤمنين عداوةً خبيثة باطنة، فضلًا عن عداوتهم اللئيمة الظاهرة، فلا يفتؤون يتمنَّون زوالَ النعمة عنهم. ما أشدَّ بغضَ الكفَّار المحاربين للمؤمنين؛ إنه ليَسوءُهم أقلُّ ما يحصل لهم من خير، ولا يسرُّهم إلا تحقُّق إصابتهم بالشَّر! المؤمن حقًّا لا يتنازل عن عقيدته مهما كانت التكاليف، ويستعين على مواجهة قوَّة الأعداء ومكرهم بالعزيمة والصبر. إن الله ليحفــظ عبــدَه المتــوكِّلَ عليـه، المستعينَ به على بلائه، فلا يزال به حتى يظفَرَ بطَلِبَته ويغلبَ خصومه. طِيبوا نفسًا أيها المتَّقون؛ فإن أعداءكم لن يوقعَ ﴿كيدُهم﴾ مهما بلغ وعَظُم ﴿شيئًا﴾ من الضرر بكم مهما قلَّ وصغُر. اعلم أن الله تعــالى محيـطٌ بمـا تُخفيـه الخلائق، فمَن أضمر شرًّا انتقم منه، ومن صبر واتَّقى أظفره بحاجته، فليطمئنَّ المؤمن، وليحذر عدوَّه. |
﴿وَلَقَدۡ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدۡرٖ وَأَنتُمۡ أَذِلَّةٞۖ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ ﴾ [آل عمران: 123]
أيها المسلمون، لاحظوا الحِكمَ الإلهيَّة في أفعال الله تعالى بعباده، واعرفوا سننَ الله في النصر والهزيمة، واعلموا مواطنَ الضعف والقوَّة، واستلهموا من التاريخ العِبَر. إنما الشكرُ لواهب النصر، الذي جعـل التقـوى سلاحـــكَ الأقـوى، فأعانـك لمَّـا استعنت بقـوَّته وكفـاك، ووقـاك كِفـاءَ صدقك وتقواك. من أعظم ما يُرغِّب في التقوى ويُعين عليها تذكُّر ما أنعم الله به على أوليائه المتَّقين. |
﴿بَلَىٰٓۚ إِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأۡتُوكُم مِّن فَوۡرِهِمۡ هَٰذَا يُمۡدِدۡكُمۡ رَبُّكُم بِخَمۡسَةِ ءَالَٰفٖ مِّنَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ مُسَوِّمِينَ ﴾ [آل عمران: 125]
بالتقوى والصبر نزلت الملائكةُ من السماء في بدر، فدفعت أهلَ الفجور والكفران، ومكَّنت لأهل الإيمان والإحسان. بقَـدر التقـوى والصـبر يكـون الفـوز والظَّفَـر؛ صـبرًا علـى أقـدار الله، وامتثالًا لأوامره، واجتنابًا لنواهيه. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأۡكُلُواْ ٱلرِّبَوٰٓاْ أَضۡعَٰفٗا مُّضَٰعَفَةٗۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 130]
اجتناب الرِّبا من مقتضَيات الإيمان، والمؤمن الصادق في إيمانه يجتنبُ الرِّبا في كلِّ معاملاته. لا تزال تقوى الله تعالى تأخذُ بيد صاحبها إلى ما فيه صلاحُ حاله ونجاحُ أمره في الدنيا والآخرة، حتى يكونَ من المفلحين. |
﴿۞ وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133]
أرأيت كيف قدَّم المغفرةَ على الجنَّة؟ فما أحوجَنا إلى عفو ربِّنا ومغفرته، كيف لا، ولن يدخلَ الجنَّة أحدٌ بعمله؟! تأمَّل في عِظَم هذه الجنَّة التي أعدَّها الله للمتَّقين، فكن منهم لتظفرَ بها، وتنالَ خيرها. |
﴿أُوْلَٰٓئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغۡفِرَةٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَجَنَّٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ وَنِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ ﴾ [آل عمران: 136]
سبحانه من جوادٍ كريم، وغفَّارٍ رحيم، لا يمنع فضلَه عن عبده الذي عصاه متى رجعَ إليه بقلبٍ خاشع وتوبةٍ نصوح. |
﴿هَٰذَا بَيَانٞ لِّلنَّاسِ وَهُدٗى وَمَوۡعِظَةٞ لِّلۡمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 138]
عمَّ فضلُ الله بهذا البيان الناسَ أجمعين، واختصَّ بالاهتداء به عبادَه المتَّقين. الكلمة الهاديةُ لا يستقبلها إلا القلبُ المهيَّأ للهُدى، والعِظة البالغة لا ينتفع بها إلا القلبُ التقيُّ الذي يخفِق لها ويتحرَّك بها. |
﴿مَّا كَانَ ٱللَّهُ لِيَذَرَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ عَلَىٰ مَآ أَنتُمۡ عَلَيۡهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ ٱلۡخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِۗ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُطۡلِعَكُمۡ عَلَى ٱلۡغَيۡبِ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَجۡتَبِي مِن رُّسُلِهِۦ مَن يَشَآءُۖ فَـَٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۚ وَإِن تُؤۡمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمۡ أَجۡرٌ عَظِيمٞ ﴾ [آل عمران: 179]
أيام الصفاء قد تخلِط بين المؤمنين والمنافقين، ولكن عند هُبوب رياح البلاء تتمايز الصفوف، ويُعرَف صادقُ الإيمان من مدَّعيه. لا يطَّلع على ما في القلوب إلا علَّامُ الغيوب، ومَن تكلَّف الحُكمَ على الضمائر فقد ادَّعى شُعبةً من علم الغيب، زادَ ما زاد. أودعَ الله تعالى في الأحداث من الحِكَم والعِبَر ما لا يعلمه إلا مَن استضاء بأنوار الوحي واهتدى بهُداه، فمَن قلَّ نورُه من مِشكاة السماء، لم يرَ العِبَر في ظلمات البلاء. تقوى الله والإيمانُ به سُلَّم الأجر العظيم، فمَن زاد رصيدُه من الإيمان والتقوى زاد نصيبُه من الأجر العظيم. |
﴿۞ لَتُبۡلَوُنَّ فِيٓ أَمۡوَٰلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡ وَلَتَسۡمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُوٓاْ أَذٗى كَثِيرٗاۚ وَإِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ ﴾ [آل عمران: 186]
تتعدَّد صورُ ابتلاء المؤمنين؛ فمنه ما يكون في أنفسهم، ومنه ما يكون في أموالهم، ومنه ما يكون من أعدائهم. والعُدَّة الحصينة والدرعُ السابغة في هذه المعركة هما: الصبر والتقوى. إن أهل الباطل لن يدَعوا أهل الحقِّ في سلام، ولن يُخلوهم من أذيَّة الفِعال والكلام، فلا يَعجبَنَّ مؤمنٌ اليوم من شدَّة الحرب الإعلاميَّة على الإسلام وأهله. من لطف الله بعبده أنه أخبره بما سيُلاقيه من البلاء؛ لتتوطَّنَ نفسُه على وقوعه، والصبر عليه إذا وقع، فيهونَ عليه حملُه، ويلجأ إلى مُدافعته بالصبر والتقوى. العزمُ على الصبر والتقوى فيه كمالُ المزيَّةِ والشرف، أوَ ليس قد عزمَ الله تعالى عليهما، وأمرَ بهما على سبيل العزيمة؟ الدعاة الصادقون لا يفرِّطون في دعوتهم، ولكنَّهم يحرِصون عليها مهما أصابهم في سبيلها، بل إن شدائد الطريق تزيدهم ثباتًا. |
﴿لَٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ لَهُمۡ جَنَّٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا نُزُلٗا مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِۗ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيۡرٞ لِّلۡأَبۡرَارِ ﴾ [آل عمران: 198]
قارن كمالَ حُسن حال المؤمنين وتمامَ سرورهم، وما أعدَّ الله لهم من النُّزُل الكريم، مع سوء حالِ الكفرةِ، وما أعدُّوه لأنفسهم من مأوًى مَهين؛ تجِد أن طيب المآل بطيب الأعمال، وعكسُه بعكسه. إذا كانت الجنَّة كلُّها نُزُلًا مُعدًّا للمؤمنين، فليت شِعري ما النعيمُ الذي يدَّخره الغنيُّ الكريم لهم في ذلك النُّزُل؟! |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱصۡبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200]
على العبد أن يلازمَ الصبر، ولا ينقطعَ عن مجاهدة نفسه عليه في جميع حالاته؛ فإنَّ الصبر محتاجٌ إلى صبر. ما أفلحَ عبدٌ إلا بالصبر والمصابرة، والجهاد والمرابطة، ولا خابَ إلا وكان إخلالُه بها أو ببعضها سببَ خَيبته. إذا كان أهلُ الباطل يَمضون في باطلهم بصبرٍ وإصرار، فما أجدرَ أهلَ الحقِّ أن يكونوا أعظمَ منهم صبرًا وإصرارًا. لا ينفع المؤمنَ الصبرُ ولا المصابرة ولا المرابطة إلا بالتقوى، كما أن التقوى لا تقوم إلا على ساق الصبر، فهي صفاتٌ يقوم بعضُها ببعض. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالٗا كَثِيرٗا وَنِسَآءٗۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبٗا ﴾ [النساء: 1]
إنه لا أحقَّ بالاتِّقاء من الله المكرِم، الخالق المنعِم، الذي جعل من خَلقه للعباد آيةً دالَّةً على قدرته، وناطقةً بعظمته. خلق الله الناسَ من نفسٍ واحدة؛ ليعطِفَ بعضُهم على بعض، ويَرفُقَ بعضُهم ببعض، مهما تفرَّقوا في الأقطار، ونأت بهم الدِّيار. عَلاقة الزوجيَّة من أوثق العَلاقات، وبين الزوجين نسَبٌ واتِّصال ما أشدَّه! أوَ ليست حوَّاء خُلقت من ضِلَع آدم؟ والفرع يحنُّ إلى أصله، والأصلُ يحنو على فَرْعه. قبيحٌ بالمرء أن يُظهرَ التعظيم لله تعالى حتى يحصِّلَ مرادَه، فإذا أمره ونهاه كان غافلًا عن مراد الله منه، تلك عبادةُ تجَّار، لا عبادةُ أبرار. قرَنَ الله بين شريفِ حقِّه، وحقوقِ أرحامِ عباده وأقربيهم، فمَن ذا الذي يستهين بحقٍّ قرنَه الله بحقِّه، ويغفُل عن أمرٍ عظَّمه الله بجعله مع أمره؟ إن الرقيب عليك هو الله تعالى، الخالق الذي يعلم مَن خلق، العليم الخبير الذي لا تخفى عليه خافية، لا في ظواهر الأفعال ولا خفايا القلوب. |
﴿وَإِنِ ٱمۡرَأَةٌ خَافَتۡ مِنۢ بَعۡلِهَا نُشُوزًا أَوۡ إِعۡرَاضٗا فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِمَآ أَن يُصۡلِحَا بَيۡنَهُمَا صُلۡحٗاۚ وَٱلصُّلۡحُ خَيۡرٞۗ وَأُحۡضِرَتِ ٱلۡأَنفُسُ ٱلشُّحَّۚ وَإِن تُحۡسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٗا ﴾ [النساء: 128]
العاقلُ مَن يسعى إلى الإصلاح، مرتديًا لأجله أثوابَ المسامحة، خالعًا أرديةَ استقصاء الحقوق؛ لأنه لا يطلب مطلوبَه من العدالة بمقدار ما يبغي مطلوبَ ربِّه من الإحسان. في النفس طِباعٌ تبعد صاحبَها عن الحقِّ؛ كالبخل بما لها، والاستشرافِ لما لغيرها، ففي الأوَّل تَرومُ كاملَ حقِّها، وفي الثاني ترغب في التفضُّل عليها. الإبقاء على عِصمة الزوجيَّة مع التقوى وحُسن العِشرة، والإغضاء عن بعض جوانب القصور والعيوب، وهضم النفس عن بلوغ أهوائها المباحة؛ إحسانٌ نُدِبَ المرءُ إليه. لا يضيع إحسانُ محسنٍ مخلص أو تقوى متَّقٍ في عَلاقته الزوجيَّة، والله خبيرٌ بما تعمله كلُّ نفس، وخبيرٌ ببواعثه وكوامنه. |
﴿وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَلَقَدۡ وَصَّيۡنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَإِيَّاكُمۡ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ وَإِن تَكۡفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدٗا ﴾ [النساء: 131]
سبحان ربِّنا، ملَك كلَّ شيءٍ خَلقًا وتدبيرًا، أفلا يملكه أمرًا ونهيًا، وطاعةً وتسليمًا؟! أوصى اللهُ بالتقوى أهلَ الكتاب، وجعلها في شريعتنا في كلِّ باب، فهي وصيَّةٌ مستمرَّة، لم يلحَقها تبديلٌ ولا نسخ ولا تحويل. تعالى الله المجيد، هو الغنيُّ عن خلقه، ولا يخرج شيءٌ عن مُلكه، لا يزداد جلالُه بالطاعات، ولا تَنقُص عظمتُه بالسيِّئات؛ مَن عبدَه شكر له، ومَن كفر به لم يضرَّ إلا نفسَه. لئن كان الغنيُّ لا يُمدح إلا بمقدار ما يَمنح، فإن الله حميدٌ في ذاته وصفاته، حميدٌ إن أعطى وإن منع؛ لأن ذلك قائمٌ على علمه وحكمته. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُحِلُّواْ شَعَٰٓئِرَ ٱللَّهِ وَلَا ٱلشَّهۡرَ ٱلۡحَرَامَ وَلَا ٱلۡهَدۡيَ وَلَا ٱلۡقَلَٰٓئِدَ وَلَآ ءَآمِّينَ ٱلۡبَيۡتَ ٱلۡحَرَامَ يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّن رَّبِّهِمۡ وَرِضۡوَٰنٗاۚ وَإِذَا حَلَلۡتُمۡ فَٱصۡطَادُواْۚ وَلَا يَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنَـَٔانُ قَوۡمٍ أَن صَدُّوكُمۡ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ أَن تَعۡتَدُواْۘ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ ﴾ [المائدة: 2]
أوامر اللهِ ونواهيه تُشعِر العبدَ أنها حدودُه التي يُطيعه فيها، فلا يتجاوزُها، ولا يستهينُ بأمرها، ولا يُضِيعها، فمَن لزمَ حدودَه بقيَ على الجادة، ومَن تجاوزها تاهَ في أودية الهلَكة. داخلَ حدودِ الحَرم أيامَ النُّسُك تجتمع قداسةُ الزمان والمكان، وتُظلِّلُ البُقعةَ المباركة سحُبُ الأمان؛ كونًا وشرعًا. في رحاب الحرَم يذوق طعمَ الأمن البشرُ والشجر والطير وحيَوانُ البَرِّ، فما أعظمَ نعمةَ الأمان! يا قاصدَ البيت الحرام، اجعل ربَّك تعالى وِجهتَك، ورِضوانه قصدَك، وما ابتغيتَ من مصالح دينك ودنياك فاسعَ لها متوكِّلًا عليه، غيرَ معلِّق قلبَك بأحد من خلقه. إذا كان هذا الأمانُ لضيوف بيته من أهل طاعته في الدنيا، فكيف بضيوفه المتَّقين الذين يَنزِلون بجواره في الآخرة؟! لو تأمَّل الإنسانُ في شريعة الله لوجد أن المحظوراتِ قليلةُ العدد، قصيرةُ المُدَد، وأن المباحاتِ كثيرةٌ في عَددها ومُددها، فكيف يَرِدُ العاقلُ الآسنَ من الشهَوات، وعنده أنهارُ الطيِّبات؟! ثَمةَ قمةٌ لا بدَّ أن ترقى إليها نفوسُ الأمة، إنها ضبطُ النفس، وسماحةُ القلب في الحقِّ. الإسلام يربِّي أهلَه على الإنصاف مع الخصوم والأعداء، فكيف مع الإخوة والأولياء؟! قال بعضُ السلف: (ما عاملتَ مَن عصى اللهَ فيك بمثل أن تُطيعَ اللهَ فيه). |
﴿يَسۡـَٔلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمۡۖ قُلۡ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَٰتُ وَمَا عَلَّمۡتُم مِّنَ ٱلۡجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ ٱللَّهُۖ فَكُلُواْ مِمَّآ أَمۡسَكۡنَ عَلَيۡكُمۡ وَٱذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَيۡهِۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ ﴾ [المائدة: 4]
إذا حرَّم الله عليك أمرًا فثِق بأن الفِطرة السوية تستقذِرُه، والحسَّ السليم يستخبثه، والقلبَ المستقيم ينفِرُ منه. لولا شرفُ العلم والتعليم؛ لكان صيدُ الكلبِ المعلَّمِ والجاهلِ سواءً، ولكن شاء الله أن يجعلَ للعلم مرتبةً وشأنًا، ومزيةً وعَلاء. لا يغفُلنَّ المؤمن لحظةً عن رؤية فضل الله عليه في كلِّ شيء، فربُّه هو الذي خلق وعلَّم. على المرء أن يتقيَ الله في كلِّ أحواله، ويخشى يومَ الجزاء عقابَه، فإنه لا يدري إذا ما عصى ربَّه؛ أيؤخِّرُه ليتوب، أم يعاجلُه بالبلاء؟ |
مواضيع أخرى في القرآن الكريم
الغنى الحقيقي عداوة اليهود التفاضل بين الناس أحكام قانونية الأمر بالإنصات لدى تلاوته الهمز واللمز المطر والغيث حمل الأمانة الذين خرجوا حذر الموت الإسلام دين الحق
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 21, 2024
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب