قائمة السور | مواضيع القرآن الكريم مرتبة حسب الآيات :آيات القرآن الكريم مقسمة حسب كل موضوع و فئة | لقراءة سورة كاملة اختر من : فهرس القرآن | - للاستماع للقراء : القرآن الكريم mp3
آيات قرآنية عن العلاقة مع أهل الكتاب في القرآن الكريم
✅ مواضيع القرآن الكريم
﴿مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَلَا ٱلۡمُشۡرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيۡكُم مِّنۡ خَيۡرٖ مِّن رَّبِّكُمۡۚ وَٱللَّهُ يَخۡتَصُّ بِرَحۡمَتِهِۦ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ ﴾ [البقرة: 105]
لا تخدعَنَّك المظاهر وتغرَّك الكلمات، فتُحسنَ الظنَّ بمَن يحادُّ الله ورسوله، قد كشف الله لك ما في نفوسهم فاحذَرهم. ها قد علمنا ما يُكنُّه الكفَّار للمؤمنين من عداوة وبغضاء، ألا فلنجتهد في مخالفتهم، وترك التشبُّه بهم، فما أفلح مَن احتذى حذوَ أعدائه، ولو في أكله وشُربه. فيه تنبيهٌ على ما أنعم الله به على المؤمنين من الشرع التامِّ الذي شرَعه لهم، وتذكيرٌ للحاسدين بما ينبغي أن يكونَ زاجرًا لهم؛ لأنه سبحانه هو المتفضِّل على عباده، فلا ينبغي لأحدٍ أن يحسدَ أحدًا على خير أعطاه الله إيَّاه. |
﴿وَدَّ كَثِيرٞ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَوۡ يَرُدُّونَكُم مِّنۢ بَعۡدِ إِيمَٰنِكُمۡ كُفَّارًا حَسَدٗا مِّنۡ عِندِ أَنفُسِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡحَقُّۖ فَٱعۡفُواْ وَٱصۡفَحُواْ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦٓۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ ﴾ [البقرة: 109]
الحسد داءٌ يَفري قلوبَ أصحابه من اليهود والنصارى فَريًا؛ ليقينهم أن المسلمين على الحقِّ القويم، فتراهم لا يفتأون يعملون على صدِّهم عن الإيمان، وردِّهم إلى الفسوق والكفران. كلُّ ذي نعمةٍ محسود، وأعظم نعمةٍ هي الإسلام، فما الظنُّ بأعداء الإسلام أن يفعلوا بأهله؟! مع انكشاف غِلِّ اليهود وحسدهم، يدعو الله المؤمنين إلى العفو والصَّفح، ولكن إلى أجل؛ فإن بعض العفو عن الكفَّار لا يصلح أبدًا. في الأمر بالعفو دون الأمر بالصبر على الأذى إيذانٌ بأن الله سيمكِّن للمؤمنين، وترهيبٌ لأعدائهم إلى أن يأتيَ أمر الله. |
﴿قُلۡ يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ كَلِمَةٖ سَوَآءِۭ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمۡ أَلَّا نَعۡبُدَ إِلَّا ٱللَّهَ وَلَا نُشۡرِكَ بِهِۦ شَيۡـٔٗا وَلَا يَتَّخِذَ بَعۡضُنَا بَعۡضًا أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِۚ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقُولُواْ ٱشۡهَدُواْ بِأَنَّا مُسۡلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 64]
سبحانه ما أرحمَه بعباده؛ يجادل فريقٌ من أهل الكتاب في الحقِّ، ويَنكُلون عن المُباهلة، وهو يدعوهم إلى الهداية ويرغِّبهم في الإيمان! لا تكــترث بــأيِّ دعــوةٍ للمقاربة بين الإسلام ودين أهل الكتاب؛ ليست الغايةُ منها إقامةَ التوحيد، ونبذَ الشِّرك، واتِّباعَ الحق، وإن زخرفوها بالقول وجمَّلوها بالكلام. المسلمون حقًّا هم الذين يعبدون الله وحدَه، ولا يشركون به شيئًا، ولا يتَّخذ بعضهم بعضًا أربابًا من دونه، فلنحرِص على امتثال الإسلام اسمًا ومعنى. |
﴿يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَمَآ أُنزِلَتِ ٱلتَّوۡرَىٰةُ وَٱلۡإِنجِيلُ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِهِۦٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ ﴾ [آل عمران: 65]
التعصُّب بابٌ للكذب والضلال والمجادلة في الواضحات، فكيف يدَّعي أهل الكتاب أن إبراهيم كان يهوديًّا أو نصرانيًّا، ولم تكن هاتان الملَّتان إلا من بعده؟! مَن حاجَّ في شيءٍ خالٍ من الصدق والحق، فليس بعاقل، ولو صُدِّر في المجالس، وقُدِّم في المحافل. |
﴿وَدَّت طَّآئِفَةٞ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَوۡ يُضِلُّونَكُمۡ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ ﴾ [آل عمران: 69]
وراء كلِّ كيدٍ ودسٍّ، ومِراء وجدال، وتلبيس وتدليس، ورغبة قائمة على الهوى والحقد؛ نفسٌ خبيثة توَدُّه، وقلبٌ خبيث يرغب فيه. إن كان أهل الباطل بباطلهم يعتزُّون، وإليه يدعون، ولأجله يبذلون، فإن منهجَك الحقَّ أولى بولائك، وأحقُّ بعطائك. مهما اجتهد المُبطلون في غَيِّهم، فسيكون جُهدهم حسرةً عليهم، ووَبالًا في عاجلهم وآجلهم. يظنُّ الضالُّ حين يُضلُّ غيرَه أنه يمكر به، ولا يدري أنه إنما يمكر بنفسه، ويجني عليها بما يُشقيها ولا يُرضيها. |
﴿وَقَالَت طَّآئِفَةٞ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ ءَامِنُواْ بِٱلَّذِيٓ أُنزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَجۡهَ ٱلنَّهَارِ وَٱكۡفُرُوٓاْ ءَاخِرَهُۥ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ ﴾ [آل عمران: 72]
من طرائق الماكرين في تقويض المجتمع المسلم تشكيكُ المسلمين في دينهم بإظهار الإسلام ثم النُّكوص عنه، ومن هنا كان حكمُ الإسلام في المرتدِّ قاطعًا حاسمًا. اعرِف الحقَّ، ولا تلتفت إلى النَّاكل عنه، فقد يكون النُّكول عن الحقِّ من حِيَل الأعداء، لفتنة بعض ضِعاف النفوس. |
﴿۞ وَمِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ مَنۡ إِن تَأۡمَنۡهُ بِقِنطَارٖ يُؤَدِّهِۦٓ إِلَيۡكَ وَمِنۡهُم مَّنۡ إِن تَأۡمَنۡهُ بِدِينَارٖ لَّا يُؤَدِّهِۦٓ إِلَيۡكَ إِلَّا مَا دُمۡتَ عَلَيۡهِ قَآئِمٗاۗ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُواْ لَيۡسَ عَلَيۡنَا فِي ٱلۡأُمِّيِّـۧنَ سَبِيلٞ وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 75]
الناس مشاربُ مختلفة، فلئن اتَّفقوا في أصل الدين إنهم يتباينون في أخلاقهم وفي تطبيق دينهم، فاحذر التعميمَ في الأحكام على الأمم بدافعٍ من التعصُّب والهوى. مَن لم يؤدِّ الأمانةَ والحقوق إلى أهلها إلا بعد الإلحاح عليه، فقد ورث عن اليهود بعضَ أخلاقهم. من لم يعرف ربَّه قاده هواه إلى الاعتداء على حقوق الناس بتأويلاتٍ باطلة، ألا ترى كيف ظنَّ بعض أهل الكتاب أن الله أحلَّ لهم أموالَ العرب لأنهم مشركون؟! لا ترتَدِعُ النفوس اللئيمة عن أن تلهثَ وراء حظوظها، ولو كلَّفها ذلك أن تفتريَ الكذبَ على الله. |
﴿قُلۡ يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تَكۡفُرُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا تَعۡمَلُونَ ﴾ [آل عمران: 98]
كان الواجبَ عليهم وهم أهلُ الكتاب أن يؤمنوا به وبما يصدِّقه من القرآن، لا أن يُعرضوا عنه ويكفروا به، وكذلك كلُّ مَن أوتيَ العلم فإن الإثم منه أقبح وأشنع. مَن يعرف أن الله يشهَد عملَه، وأنه ليس بغافلٍ عنه، وأنه قادرٌ على إيقاع العقوبة به، كيف يكفر به ويعمل على الإفساد والتضليل؟! |
﴿قُلۡ يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ تَبۡغُونَهَا عِوَجٗا وَأَنتُمۡ شُهَدَآءُۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ ﴾ [آل عمران: 99]
حين يُصَدُّ الناسُ عن سبيل الله وهو الصِّراط المستقيم، ويُفتَنون عن منهج الله وهو الهديُ القويم، فلن يصحَّ في الأرض ميزان، ولن يستقيمَ سوى دين الله دين! قد أغنى الله المؤمنين عن التلقِّي عن أهل الكتاب والتعويل عليهم، والتبعيَّة لهم، ففي نظُم الإسلام وشرائعه كفايةٌ للصادقين، وأيُّ كفاية! |
﴿كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِۗ وَلَوۡ ءَامَنَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۚ مِّنۡهُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَأَكۡثَرُهُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ﴾ [آل عمران: 110]
فلتُدرك الأمَّة المسلمة هذه الحقيقةَ الناصعة، لتعرفَ قيمتها، وتعلمَ أنها أُخرجت لتكونَ طليعةً للناس، تقودهم للخير، وتنأى بهم عن الشرِّ. لا بدَّ من الإيمان بالله وحدَه؛ ليوضعَ الميزان الصحيح للقيم، ويظهرَ التعريف الصريح للمعروف والمنكر. شرط خيريَّة الأمَّة أن تقومَ بهذا الواجب العظيم، فاجتهد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واحذر أن تُؤتى الأمَّة من قِبَلك. حريٌّ بمَن تفضَّل الله عليه بنعمةٍ أن يرعاها، ويقومَ بواجب شُكرها، حتى لا يسلبَها منه، ويستبدلَ به غيرَه. |
﴿۞ لَيۡسُواْ سَوَآءٗۗ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ أُمَّةٞ قَآئِمَةٞ يَتۡلُونَ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ ءَانَآءَ ٱلَّيۡلِ وَهُمۡ يَسۡجُدُونَ ﴾ [آل عمران: 113]
العدل منهج شرعيٌّ في التعامل مع جميع الخلق، والعدل مع المخالفين أشقُّ وأَولى بمجاهدة النفس من العدل مع الموافقين. كما أن أهل الكتاب ليسوا سواءً، فكذلك علماء هذه الأمَّة؛ منهم من جعل العلمَ سبيلًا إلى الدنيا فكان كبَلْعام، ومنهم من أراد به وجهَ الله فكان كابن سَلَام. الأمَّة القائمة بالقرآن في ليلها، تقوم بأمر الله في جميع شؤونها، والأمَّة الساجدة القانتة لله، تخضع لأمره في جميع حياتها. |
﴿هَٰٓأَنتُمۡ أُوْلَآءِ تُحِبُّونَهُمۡ وَلَا يُحِبُّونَكُمۡ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱلۡكِتَٰبِ كُلِّهِۦ وَإِذَا لَقُوكُمۡ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡاْ عَضُّواْ عَلَيۡكُمُ ٱلۡأَنَامِلَ مِنَ ٱلۡغَيۡظِۚ قُلۡ مُوتُواْ بِغَيۡظِكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ ﴾ [آل عمران: 119]
إنما تجتمع القلوبُ إذا اتَّفقَت على منهجٍ واحد، أمَّا مَن توافقه في الحقِّ الذي معه ويخالفك في الحقِّ الذي معك، وتُظهر له الودَّ ويُبطن لك البغضاء، فكيف تَصلُح معه محبَّة؟! لا يَغيظُ قلوبَ أعداء المسلمين شيءٌ كأن يرَوهم متحابِّين متعاونين متراحمين، كالجسد الواحد، ولن يبلغوا منهم شيئًا ما داموا كذلك. المسلم العاقل لا يغترُّ بحلاوة منطق عدوِّه، كيف وقد أنبأه العليمُ بمكنون الصدور بما يعتملُ في صدره من الحقد علينا والغضب منَّا؟! |
﴿لَّيۡسَ بِأَمَانِيِّكُمۡ وَلَآ أَمَانِيِّ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِۗ مَن يَعۡمَلۡ سُوٓءٗا يُجۡزَ بِهِۦ وَلَا يَجِدۡ لَهُۥ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٗا وَلَا نَصِيرٗا ﴾ [النساء: 123]
الإيمان قولٌ وعمل، ولو كانت الأمانيُّ توصل أهلَها إلى غاياتهم لما عمل العاملون، وضحَّى لأهدافهم المضحُّون. الوعيد بجزاء السيِّئة يدعو العاقلَ إلى المبادرة بالتوبة قبل سَبقِ المؤاخذة، فهل من عاقلٍ يسمع الوعيدَ ويستمرُّ فيما يسوقه إليه؟ إن المؤمنَ لا تصيبُه مصيبةٌ إلا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر، فمَن تكاثرَت عليه المكدِّرات، فليُراجع سِجلَّ السيِّئات. إذا نزلت بك المصائبُ جزاءَ ذنوبك، فاصبر لها؛ فإنها نعمةٌ من الله تكفِّر سيِّئاتك، أو ترفع درجاتك و تزيد حسناتك. إذا تخلَّى اللهُ عن نصرة العبد وعونِه، وحمايته والدفاع عنه، فمَن يرجو بعد ذلك، ومَن ينجيه من المهالك؟! |
﴿يَسۡـَٔلُكَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيۡهِمۡ كِتَٰبٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِۚ فَقَدۡ سَأَلُواْ مُوسَىٰٓ أَكۡبَرَ مِن ذَٰلِكَ فَقَالُوٓاْ أَرِنَا ٱللَّهَ جَهۡرَةٗ فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ بِظُلۡمِهِمۡۚ ثُمَّ ٱتَّخَذُواْ ٱلۡعِجۡلَ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ فَعَفَوۡنَا عَن ذَٰلِكَۚ وَءَاتَيۡنَا مُوسَىٰ سُلۡطَٰنٗا مُّبِينٗا ﴾ [النساء: 153]
يُستدَلُّ بأخلاق سلف الأمم والقبائل على أحوال الخَلَف منهم، ألا تراه يذكِّر الأبناءَ تاريخَ الآباء، وما الذي صنعوه بالأنبياء؟ سؤال السائل قد يكون للاستعلام والاستفادة، وطلب المعرفة والدراية، وقد يكون للتعجيز والاختبار، وللسُّخريَّة والاستهزاء. أمَّا الأوَّل فهو ما ينبغي أن يسألَه طالبُ الحق، وأمَّا الثاني فليس من أدب التعلُّم ولا صدق الديانة. مَن لقيَ من الدعاة عِنادًا من مَدعُوِّيه، وإعراضًا عن الحقِّ الذي يدعوهم إليه، فليتأسَّ بالرسُل الكرام؛ كموسى عليه الصلاةُ والسلام؛ فقد لقيَ من تعنُّت بني إسرائيل ما لقي! ضلالُ الإنسان بعد حصول العلم لديه، ورؤيته بيِّناتِ الاهتداء إلى الحقِّ؛ يدلُّ على رسوخ الانحراف في نفسه، إذ لم تجد أنوارُ البراهين طريقًا إلى قلبه لتستقرَّ فيه. سلوك طريق الحقِّ على مركب الهوى لا يوصل إلى النجاة، فالعِنادُ والتعنُّت والاختيار في التكليف دون تسليم وانقياد من علامات الهوى، وهي عقَباتٌ تؤخِّر المسيرَ أو تنحرفُ به عن الصِّراط المستقيم. كلمَّا كانت الأدلة واضحة وبيِّنة كان تأثيرها على النفوس أكبر وسلطانها على المخالفين أقوى؛ ولذلك سمَّى الله الحجَّة البيِّنة سلطانًا. |
﴿وَإِن مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ إِلَّا لَيُؤۡمِنَنَّ بِهِۦ قَبۡلَ مَوۡتِهِۦۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَكُونُ عَلَيۡهِمۡ شَهِيدٗا ﴾ [النساء: 159]
الحقائق قد تنجلي للعيون في اللحظات الأخيرة بعد رحيل الظلمات المتكاثفة، وقد تنفع أحيانًا وقد لا تنفع. أيُّ موقفٍ أشقُّ على المرء من أن يشهدَ عليه رسولُه بالكذب يوم القيامة؟! |
﴿يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ وَلَا تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّۚ إِنَّمَا ٱلۡمَسِيحُ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُۥٓ أَلۡقَىٰهَآ إِلَىٰ مَرۡيَمَ وَرُوحٞ مِّنۡهُۖ فَـَٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۖ وَلَا تَقُولُواْ ثَلَٰثَةٌۚ ٱنتَهُواْ خَيۡرٗا لَّكُمۡۚ إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ سُبۡحَٰنَهُۥٓ أَن يَكُونَ لَهُۥ وَلَدٞۘ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلٗا ﴾ [النساء: 171]
داء الغلوِّ متأصِّلٌ في الأمم من قديم، واستئصالُه مؤكَّدٌ في قوانين الشريعة الحميدة. لا يجوز لأحدٍ أن يتقوَّلَ على الله بلا علم، أو يقولَ على الله غيرَ الحق، فمَن فعل فقد غَلا وجاوز ما حُدَّ له؛ فإنَّ التقوُّلَ والغلوَّ صِنوان. ليس عيسى عليه السلام سوى رسولٍ من الله، وكلمةٍ منه إلى مريمَ، وروحٍ منه سبحانه، فمَن رفعَه إلى رتبة الإلهيَّة فقد كذَب وافترى إثمًا عظيمًا. قد ذُمَّ الغلوُّ في عيسى رسولِ الله، وهو المخلوقُ بكلمةٍ من الله، فكيف الغلوُّ في شيخ أو زعيم أو وجيه؟! لا ترفعَنَّ عبدًا مخلوقًا فوق قدره، فتُبلِغَه منزلةً لا تليقُ إلا بالمعبودِ الخالق؛ فإن ذلك خروجٌ عن الإيمان، ومَظهرٌ من مظاهر الطغيان. سبحانه من إلهٍ حليم؛ يُشركون به غيرَه وهو القادرُ على عقابهم، فيدعوهم إلى الانتهاء عن شركهم؛ ليحوزوا الخيرَ عنده! هل يكون محتاجًا إلى الولد مَن يملكُ السماواتِ والأرضَ وما فيهنَّ ومَن فيهنَّ، مع غناه عنها وعنهُنَّ؟! لو صدَقنا في اعتمادنا على الله وحدَه لكان سبحانه حسيبَنا، ومَن كان اللهُ حسبَه كفاه. |
﴿يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ قَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمۡ كَثِيرٗا مِّمَّا كُنتُمۡ تُخۡفُونَ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَيَعۡفُواْ عَن كَثِيرٖۚ قَدۡ جَآءَكُم مِّنَ ٱللَّهِ نُورٞ وَكِتَٰبٞ مُّبِينٞ ﴾ [المائدة: 15]
تخلِّي الإنسان عمَّا يأمر به لقبُه الحسَن أو وصفُه الجميل وصمةٌ تَشِينُه؛ فأهل الكتاب ما كان أحراهم بالعمل به، ومراعاةِ أحكامه، والقيام بما فيه حقَّ القيام! لا ينقطع وهَجُ دين الله جلَّ جلاله، ولا أنوارُ بيانه، فإن أظلمَت غفلةُ العباد ومعاصيهم بعضَ آفاقه قيَّض اللهُ للناس مَن يعيد إلى تلك الآفاقِ ضياءها وسَناءها. كتمان الحقِّ صفةُ ذمٍّ في أهل الكتاب، فمَن كتم العلمَ من العلماء عمَّن يستحقُّه ففيه شَبهٌ باليهود والنصارى، وقد أُمرنا بمخالفتهما. إبداء ضلالاتِ الكافرين والمنافقين وإعلانُها ينبغي أن تُراعى فيه الحكمةُ والتبصُّر في المآلات، فإن أغنى القليلُ عن الكثير فقد تمَّ به البيان. نور الهداية بالقرآن وبإرسال خاتَم الرسُل فضلٌ من الله تعالى، فما أعظمَه من نورٍ عمَّ الثقَلَين، وملأ الخافقَين! نور القرآن نورٌ خالد لا يحتجب، وضياءٌ ساطع لا يأفُل، فكم أنار اللهُ به من بصائرَ فمازَت به طريقَ الحقِّ من طريق الباطل! |
﴿يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ قَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمۡ عَلَىٰ فَتۡرَةٖ مِّنَ ٱلرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَآءَنَا مِنۢ بَشِيرٖ وَلَا نَذِيرٖۖ فَقَدۡ جَآءَكُم بَشِيرٞ وَنَذِيرٞۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ ﴾ [المائدة: 19]
إن زمنًا طال على الناس فيه العهدُ بلا أنبياء لَزمنُ فُتور. ألا إن الدين يحتاج إلى ذوي هِمَم، ينفُضون الفتور، وينهَضون لمعالي الأمور. ماء الوحي العَذبُ ما زال يترقرقُ أمام الظامئين، غيرَ أن تقادُمَ عهد الرسالة، والبعدَ عن خير القرون، جعل بعضَ الناس يأوون إلى فيافي الفُتور القاحلة، فمَن يحملُ لأولئك العِطاش ماءَ الوحي النمير؟ قد زُرع النقصانُ في طبائع الإنسان، فهو بين رغبةٍ تَشوقُه، ورهبةٍ تَسوقُه، يبشَّر فيُهرَع، ويحذَّر فيَفزَع، فإن جاءه بشيرٌ نذيرٌ اعتدل حاله. من فقه الدعوة الجمع بين الترغيب والترهيب، وتقديم ما يقتضيه الحال منهما. |
﴿قُلۡ يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ هَلۡ تَنقِمُونَ مِنَّآ إِلَّآ أَنۡ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡنَا وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلُ وَأَنَّ أَكۡثَرَكُمۡ فَٰسِقُونَ ﴾ [المائدة: 59]
المؤمن المخلصُ يعمل ويَمضي غيرَ ملتفتٍ إلى ذمِّ الذامِّين، وتثبيطِ المثبِّطين، فأمامَه وِجهةٌ يسعى إليها، وربٌّ يطلب رضاه، فلا يبالي حينئذٍ بقطاع السبيل، فإن الله غايتُه. لا ينفكُّ الفاسق ينقِمُ على المستقيم استقامتَه؛ لأنه كلَّما رآه ذكر فسوقَه، فلم يَرُق له النظرُ إلى مَن أبان عن قصوره، وكشف للناس عن شروره. |
﴿وَلَوۡ أَنَّ أَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوۡاْ لَكَفَّرۡنَا عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡ وَلَأَدۡخَلۡنَٰهُمۡ جَنَّٰتِ ٱلنَّعِيمِ ﴾ [المائدة: 65]
لا أحدَ أكرمُ من الله عزَّ وجلَّ؛ فأيُّ عبدٍ تاب تاب الله عليه، وإن بلغت سيِّئاتُه ما بلغت، فإن الإسلام يجُبُّ ما قبله مهما جلَّ. مَن رامَ السعادةَ الكبرى فليأتِ بالإيمان مشفوعًا بالتقوى؛ فإن الخيمة لا تثبُت إلا بأطنابها. إنما تتِمُّ سعادةُ المرء برفع العقاب، ووصول الثواب، وتكفير السيِّئات، ودخول الجنات، فيا طيبَها من ثمراتٍ للإيمان والتقوى! |
﴿قُلۡ يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَسۡتُمۡ عَلَىٰ شَيۡءٍ حَتَّىٰ تُقِيمُواْ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡۗ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرٗا مِّنۡهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ طُغۡيَٰنٗا وَكُفۡرٗاۖ فَلَا تَأۡسَ عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ ﴾ [المائدة: 68]
التديُّن الصحيحُ هو القائم على الانقياد لنصوص الدين والعملِ بها، وبيانِها بلا مداهنةٍ ولا مصانعة، وإلا فهو دعوى بلا فحوى. التسليم الكاملُ لنصوص الحقِّ يقتضي الاستجابةَ لها وإن خالفتِ الآراء، ولم تحقِّق مطالبَ الأهواء، فالحسد والبغيُ إن وقفا عائقَين عن قَبول الحقيقةِ فقد دلَّا على أن تديُّن صاحبهما مَظهَر لا مَخبَر. مَن أعرضَ عن الهدى وقد جاءه، وحارب داعيَه وناوأه، فليس حقيقًا بالحزن عليه، والأسفِ على سوء المصير الذي يؤول إليه. |
﴿قُلۡ يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ غَيۡرَ ٱلۡحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوٓاْ أَهۡوَآءَ قَوۡمٖ قَدۡ ضَلُّواْ مِن قَبۡلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرٗا وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ ﴾ [المائدة: 77]
نهى القرآنُ عن الغلوِّ في الدين؛ لأنه الآفةُ التي رُفع بسببها نبيُّ الله عيسى وأمُّه الصدِّيقةُ إلى منزلة الربِّ العظيم، وابتُدِعَ من المحدثات ما لم يشرعه العليمُ الحكيم. |
﴿۞ وَلَا تُجَٰدِلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ إِلَّا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡهُمۡۖ وَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا بِٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡنَا وَأُنزِلَ إِلَيۡكُمۡ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمۡ وَٰحِدٞ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 46]
إذا كان المطلوب منك في مجادلة أهل الكتاب أن تقابلَ الخشونةَ باللِّين، والغضب بالكَظْم، والمشاغبةَ بالنصح، وتكونَ لطيفًا رفيقًا، فكيف يجب أن تكون مع أهل القرآن، وإخوانك في الإيمان؟ اخترِ الأحسنَ دومًا في حوارك ومجادلاتك، ومحاولاتك إقناعَ الناس بالمنهج الحق. إن قابل أهلُ الباطل الرفقَ واللِّين بفاحشٍ من الأقوال، وإقذاعٍ في الجدال، فقد دلَّلوا على أن التلطُّفَ معهم غيرُ مجد. المُناظر عن الحقِّ يحتاج في مجادلة خصمه إلى معرفة تحرير محلِّ النزاع، وإدراك طرق الإلزام في المناظرة، من أجل أن يظهرَ الحق، ويزهق الباطل. من الظلم أن يقدح المناظر بجميع ما عند خصمه، والعدل ردُّ باطل الخصم، وقبول ما معه من الحق، وهذا من أعظم آداب المناظرة. |
﴿وَأَنزَلَ ٱلَّذِينَ ظَٰهَرُوهُم مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ مِن صَيَاصِيهِمۡ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعۡبَ فَرِيقٗا تَقۡتُلُونَ وَتَأۡسِرُونَ فَرِيقٗا ﴾ [الأحزاب: 26]
رُعب الكافرين من المؤمنين جنديٌّ من جنود الله لا تستعصي عليه الحصونُ المنيعة، ينصر الله به أولياءه، ويهزِم به أعداءه. لمَّا أراد العدوُّ إخافةَ المؤمنين وإذلالهم واستئصالهم انتصر الله تعالى لأوليائه، فأخاف عدوَّهم وأذلَّهم، وردَّهم خائبين. |
﴿لِّئَلَّا يَعۡلَمَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ أَلَّا يَقۡدِرُونَ عَلَىٰ شَيۡءٖ مِّن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ ﴾ [الحديد: 29]
الفضل كلُّه بيد الله، ولو اجتمع الخلقُ جميعًا على أن يحرموك قليلًا ممَّا قدَّره لك لعجَزوا، فأخلص التوكُّلَ على ربِّك، ولا تخشَ فيه أحدًا. |
﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ أَخۡرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ مِن دِيَٰرِهِمۡ لِأَوَّلِ ٱلۡحَشۡرِۚ مَا ظَنَنتُمۡ أَن يَخۡرُجُواْۖ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمۡ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَأَتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِنۡ حَيۡثُ لَمۡ يَحۡتَسِبُواْۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعۡبَۚ يُخۡرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيۡدِيهِمۡ وَأَيۡدِي ٱلۡمُؤۡمِنِينَ فَٱعۡتَبِرُواْ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَبۡصَٰرِ ﴾ [الحشر: 2]
إنَّ الله معزٌّ وممكِّنٌ لأهل طاعته المسبِّحين بقلوبهم وألسنتهم لجلاله، ومذلٌّ وقاهرٌ للمستكبرين عن الخضوع لعزَّته وكبريائه. من أعظم أسباب الخِذلان التقوِّي بغير القويّ، والاعتماد على غير الكَفِيّ، ومَن اعتمد على غير الله فقد ضلَّ وقلَّ وذلَّ. لو توكَّل المسلم على الله حقَّ التوكُّل لأتاه نصرُه وتمكينُه من حيثُ لا يحتسب ولا يتوقَّع، ولكن أين صِدقُ اليقين؟ شتَّانَ بين مَن جعل توكُّلَه على الأسباب دون المسبِّب، ومَن جعل توكُّلَه على الله وحدَه مسبِّب الأسباب ومقدِّر الأقدار. مَن اعتمد على مخلوق مثله يعتزُّ به، أسلمه الله إلى صَغاره وهوانه. ومَن اعتمد على قوَّته وشوكته، أزال الله قوَّته وكسر شوكتَه. مَن وَثِقَ بغير الله فهو في خُسر وخِذلان، ومَن رَكَنَ إلى غير الله فهو في ضياع وحرمان. مهما عظُم تفاؤلُ المؤمنين وحسنُ ظنِّهم بتدبير ربِّهم لهم، فإن الله يمنحُهم فوق ظنونهم ما لا يخطِرُ لهم على بال. وَثِقَ القوم بقوَّة حصونهم وشدَّة بنيانهم فأُتوا من داخل نفوسهم، بما أصاب قلوبَهم من فزَع وذُعر. والخوفُ أوَّل الهزيمة. جُند الله تعالى لا حصرَ لهم، وقد يسلِّط الله العدوَّ على نفسِه، فيسعى برجليه إلى حَتفِه. |
﴿۞ أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ يَقُولُونَ لِإِخۡوَٰنِهِمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَئِنۡ أُخۡرِجۡتُمۡ لَنَخۡرُجَنَّ مَعَكُمۡ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمۡ أَحَدًا أَبَدٗا وَإِن قُوتِلۡتُمۡ لَنَنصُرَنَّكُمۡ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ ﴾ [الحشر: 11]
الكفَّار والمنافقون بعضُهم أولياء بعض، اجتمعَت قلوبُهم على الكفر، واختلفَت في التصريح به وإظهاره. من أبرز صفات المنافقين التغريرُ بأتباعهم بدعاويهم العريضة، حتى إذا حَصحَصَ الحقُّ وجدتَّهم أكذبَ مَن عليها، وأجبنَ خلق الله جميعًا. أحلافُ الباطل أحلافٌ هشَّة، لا تكاد تُعقَد حتى تمزِّقَها المصالحُ وتوديَ بها الأهواء. المنافقون على مدار العصور سواءٌ؛ في احتيالهم وخُبث طويَّتهم، وادعائهم غيرَ الحقِّ. |
﴿لَمۡ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأۡتِيَهُمُ ٱلۡبَيِّنَةُ ﴾ [البينة: 1]
قدَّم ذكرَ أهل الكتاب على ذكر المشركين؛ لأنهم أهلُ علم ومعرفة، والحُجَّة عليهم أشدُّ، والفتنة بكفرهم أعظم. خطأ العالم أولى بالمذمَّة من خطأ الجاهل؛ لأنه أقدرُ منه على تبيُّن الحقِّ ومَيْزِه من الباطل، وهو لغيره قدوةٌ وأسوة. |
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمۡ شَرُّ ٱلۡبَرِيَّةِ ﴾ [البينة: 6]
اعلم أن وعيدَ علماء السُّوء أعظمُ من وعيد كلِّ أحد؛ لأنَّ الجحود والكِبْر مع العلم يجعله كفرَ عناد، فيكون أقبحَ وأشنع، وكذلك الضَّلال على علم. |
مواضيع أخرى في القرآن الكريم
الجماعة الحذر من الآخرة ذي المعارج مكانة النبي حب المال الظلم لغة الحيوان التفقه في الدين ذو العرش اسم الله الخلاق
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 21, 2024
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب