Allahumma inna najAAaluka fee nuhoorihim wanaAAoothu bika min shuroorihim. ‘O Allah, we place You before them and we take refuge in You from their evil.
(1) أبو داود، 2/ 89، برقم 1537، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، 2/142.
شرح معنى اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم
لفظ الحديث الذي ورد فيه:
429- عَنْ أَبِي موسى الأشعري رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا خَافَ قَوْمًا، قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ»(1) .
شرح مفردات الحديث:
1- قوله: «اللَّهم»: «اللَّهُمَّ بِمَعْنَى: يَا أَلله، ... الْمِيمَ فِي آخِرِ الْكَلِمَةِ بِمَنْزِلَةِ يَا فِي أَولها، وَالضَّمَّةُ الَّتِي هِيَ فِي الْهَاءِ هِيَ ضَمَّةُ الِاسْمِ الْمُنَادَى الْمُفْرَدِ »(2) . 2- قوله: «إنا نجعلك في نحورهم»: جمع نحر، وهي الحفرة التي تكون أسفل العنق، أي: أعلى الصدر، وخُصَّ النحر بالذكر؛ لأن العدو به يستقبل عند القتال، ومعنى: «اللهم إنا نجعلك في نحورهم» أي: في إزاء صدورهم؛ لتدفع عنا صدورهم، وتحول بيننا وبينهم، تقول: جعلت فلاناً في نحر العدو، إذا جعلته قبالته، وترساً يقاتل عنك، ويحول بينه وبينك... وخص النحر؛ لأنه أسرع، وأقوى، في الدفع. 3- والتمكن من المدفوع، والعدو إنما يستقبل بنحره عند المناهضة للقتال، أو للتفاؤل بنحرهم أو قتلهم(3) . 4- قوله: «ونعوذ بك» أي: نلجأ إليك ونحتمي بك يا من له القدرة البالغة والإرادة النافذة، قال الراغب الأصفهاني رحمه الله: « والعوذ: الالتجاء إلى الغير، والتعلق به، يقال: عاذ فلان بفلان، ... وأعذته باللَّه أعيذه، أي: ألتجئ إليه، وأستنصر به أن أفعل ذلك، فإن ذلك سوء أتحاشى من تعاطيه»(4) . 5- قوله: «من شرورهم»: أي: مما يمكرون لنا ليكيدونا به، وهذا شامل للشر الظاهر لنا، وغير الظاهر، أي: الذي في نياتهم، كما قال اللَّه عز وجل: ﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ﴾(5) . «ونعوذ بك من شرورهم»، والمراد نسألك أن تصد صدورهم وتدفع شرورهم وتكفينا أمورهم وتحول بيننا وبينهم»(6) فيض القدير شرح الجامع الصغير، 5/ 153 /55 .
ما يستفاد من الحديث:
1- الاعتصام بحبل اللَّه وحده، مع تمام التوكل، والأخذ بالأسباب المشروعة من أعظم عوامل النصر، والتمكين. 2- أهل الكفر والنفاق لا تهدأ نفوسهم إلا بالمكر بأهل التوحيد، ولكن هيهات لهم، فنصرة اللَّه لأهل الإيمان. 3- تقرير بشرية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لقول الراوي: «وكان إذا خاف» فهو يجري عليه ما يجري على البشر من الفرح، والحزن، والخوف، والاطمئنان، وغير ذلك: ﴿قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا﴾(7) ، والمراد بالخوف هنا هو الخوف الفطري، كما يخاف الإنسان من: الأسد، أو الثعبان، أو المَلِكِ الظالم، ولا يراد به الخوف التعبدي؛ لأنه صلى الله عليه وسلم ممتلئ قلبه خوفًا من ربه، ويشهد لهذا المعنى قول موسى وهارون: ﴿قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى﴾(8) ، يريدان: فرعون لعنه اللَّه، وهذا من الخوف الفطري. 4- قال الإمام الطيبي رحمه الله: «كيف يخاف النبي صلى الله عليه وسلم وهو محفوظ من شر الإنس والجن بحفظ اللَّه إياه ومؤيد بالملائكة؟ ثم قال: ويوجد لذلك ثلاثة أجوبة: أ – أن هذه طبيعة بشرية. ب – يجوز أن يكون الخوف على أصحابه. جـ - هذا تعليم للأمة من بعده(9) .
1
أبو داود، برقم 1537، والحاكم، 2/ 142، وصححه ووافقه الذهبي
تم تأسيس موقع سورة قرآن كبادرة متواضعة بهدف خدمة الكتاب العزيز و السنة المطهرة و الاهتمام بطلاب العلم و تيسير العلوم الشرعية على منهاج الكتاب و السنة , وإننا سعيدون بدعمكم لنا و نقدّر حرصكم على استمرارنا و نسأل الله تعالى أن يتقبل منا و يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم .