الله الله ربي لا أشرك به شيئا

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

425- عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ رضي الله عنها ⁽¹⁾ ، قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَلَا أُعَلِّمُكِ كَلِمَاتٍ تَقُولِينَهُنَّ عِنْدَ الْكَرْبِ - أَوْ فِي الْكَرْبِ -؟ اللَّهُ اللَّهُ رَبِّي لَا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا»⁽²⁾ .
426- ولفظ ابن حبان: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ أَهْلَ بَيْتِهِ، فَقَالَ: «إِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ غَمٌّ أَوْ كَرْبٌ، فَلْيَقُلِ: اللَّهُ اللَّهُ رَبِّي، لاَ أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا»⁽³⁾ .
427- ولفظ الطبراني: عن عائشة لقالت قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لنفر من بني هاشم: «هل معكم أحد من غيركم؟» قالوا: لا، إلا ابن اختنا، أو مولانا، فقال: «إذا أصاب أحدكم هَمٌّ أو لأوَى، فليقلْ: اللَّه اللَّه ربي، لا أشرك به شيئاً»⁽⁴⁾ .
428- ولفظ النسائي في الكبرى: عَنْ عُمَرَ بن عبد العزيز⁽⁵⁾ ، قَالَ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ بَيْتِهِ، فَقَالَ: «إِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ غَمٌّ أَوْ هَمٌّ فَلْيَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ اللَّهُ رَبِّي لاَ أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا»⁽⁶⁾ .

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «اللَّه، اللَّه»: هو بالرفع فيهما، على أن الأول مبتدأ، والثاني تأكيد لفظي له، وهذا إشارة إلى عظم المقام وأهميته⁽⁷⁾ .
2- قوله: «ربي»: أي: الذي رباني، وأسبغ علي جميع أنواع النعم بعد أن أوجدني من العدم، قال العيني : «ومعنى الرب في اللغة يطلق على: المالك، والسيد، والمدبر، والمربي، والمتمم، والمنعم، ولا يطلق غير مضاف إلا على اللَّه تعالى»⁽⁸⁾ .
3- قوله: «لا أشرك به شيئًا»: «يعني: كبير الشرك، وصغيره، وخفيَّه؛ لأن كلمة ( شيئاً) نكرة جاءت في سياق النفي، فتعم كل ما كان في معناها»⁽⁹⁾ .
أي: لا أعبد معه أحداً، ولا يتعلق قلبي بغيره، فهو المتفرد والمستحق للعبادة.
4- قوله: «غم»: أي: حزن، وكآبة، قال الفيومي: «غَمَّهُ الشيء (غَمًّا) من باب قتل: غطَّاه، ومنه قيل للحزن: (غَمٌّ)؛ لأنه يغطي السرور، والحلم، وهو في غُمّة أي حيرة، ولَبْس، والجمع (غُمَمٌ)، مثل غُرْفة وغُرَف»⁽¹⁰⁾ .
5- قوله: «همٌّ»: «الهَمُّ: الحُزْن، وَجَمْعُهُ هُمُومٌ، وهَمَّه الأَمرُ هَمّاً ومَهَمَّةً، وأَهَمَّه فاهْتَمَّ، واهْتَمَّ بِهِ، وَلَا هَمَامِ لِي: مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْكَسْرِ مِثْلَ قَطامِ أَي: لَا أَهُمُّ... وَيُقَالُ: مَعْنَى مَا أَهَمَّكَ أَي: مَا أَحْزَنَك، وَقِيلَ: مَا أَقْلَقَك، وَقِيلَ: مَا أَذابَك، والهِمَّةُ: واحدةُ الهِمَمِ.
والمُهِمَّاتُ مِنَ الأُمور: الشدائِدُ المُحْرِقةُ، وهَمَّه السُّقْمُ يَهُمُّه هَمّاً أَذابَه، وأَذْهَبَ لَحمه، وهَمَّني المرضُ: أَذابَني»⁽¹¹⁾ .
6- قوله: «أو مولانا» أي خادمنا، أو تابع لنا، أو حليف، وقال في النهاية: «تكرر ذكر (المَوْلَى) في الحديث، وهو اسْمٌ يقَع على جَماعةٍ كَثيِرَة، فهو الرَّبُّ، والمَالكُ، والسَّيِّدُ، والمُنْعِمُ، والمُعْتِقُ، والنَّاصرُ، والمُحِبّ، والتَّابِع، والجارُ، وابنُ العَمّ، والحَلِيفُ، والعَقيدُ، والصِّهْرُ، والعبْدُ، والمُعْتَقُ، والمُنْعَمُ عَلَيه، وأكْثرها قد جاءت في الحديث، فَيُضاف كُلّ واحِدٍ إلى ما يَقْتَضيه الحديثُ الوَارِدُ فيه، وكُلُّ مَن وَلِيَ أمْراً، أو قام به، فَهُو مَوْلاهُ وَوَليُّه، وقد تَخْتَلِف مَصادرُ هذه الأسْمَاء، فالوَلايَةُ بالفَتْح في النَّسَب، والنُّصْرة، والمُعْتِق، والوِلاَية بالكسْر في الإمَارة، والوَلاءُ المُعْتَق، والمُوَالاةُ مِن وَالَى القَوْمَ، منه الحديث: «مَن كُنْتُ مَوْلاه فَعَليٌّ مَوْلاه»⁽¹²⁾ ، يُحْمَل ... أي: من أحبّني وتولاني فَليَتَولَّهْ، وقال ابن الأعرابي: الوَلِيّ: التابع المُحِبّ»⁽¹³⁾ .
7- قوله: «أهل بيته»: أقاربه الأدنون، وخصوصاً أزواجه، وتفسرها الرواية الأخرى: «لنفر من بني هاشم»، وكلمة أهل بشكل عام لها معانٍ عدة، إذا لم تكن مضافة إلى بيت الرجل، قال في النهاية: «فيه (الحديث النبوي): «أهل القرآن هم أهل اللَّه وخاصته»⁽¹⁴⁾ ، أي: حفظة القرآن العاملون به، هم أولياء اللَّه، والمختصون به اختصاص أهل الإنسان به»⁽¹⁵⁾ .

ما يستفاد من الحديث:

1- على المسلم الاهتمام بأهله، وأقاربه،، ومتبوعيه، كما اهتم النبي صلى الله عليه وسلم بأهل بيته (بني هاشم)، فجمعهم ليقدّم لهم هذا الدعاء.
2- حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لأسماء لحيث شوّقها بطرح هذا السؤال عليها، وهذا من أجمل أساليب التعليم.
3- بركة العلم في العمل به، والدعوة إليه، حيث أن أسماء علمت ابنها عبد اللَّه بن جعفر هذا الدعاء الذي رواه هو عنها.
4- تضمّن هذا الدعاء إثبات الألوهية للَّه وحده، ونفي الشريك عنه عز وجل، وهما ركنا التوحيد.