Allahumma innee aAAoothu bika minal-bukhl, wa-aAAoothu bika minal-jubn, wa-aAAoothu bika min an oradda ila arthalil- AAumur, wa-aAAoothu bika min fitnatid-dunya waAAathabil-qabr. ‘O Allah, I take refuge in You from miserliness and cowardice, I take refuge in You lest I be returned to the worst of lives “i.e. old age, being weak, incapable and in a state of fear”, and I take refuge in You from the trials and tribulations of this life and the punishment of the grave.
(1) البخاري مع الفتح، 6/ 35، برقم 2822، ورقم 6390.
شرح معنى اللهم إني أعوذ بك من البخل وأعوذ بك من الجبن وأعوذ بك
لفظ الحديث الذي ورد فيه:
222- لفظ البخاري: عن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا هَؤُلاَءِ الكَلِمَاتِ، كَمَا تُعَلَّمُ الكِتَابَةُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ البُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَعَذَابِ القَبْرِ» (1) . 223- وفي رواية للبخاري عن عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيَّ، قَالَ: كَانَ سَعْدٌ يُعَلِّمُ بَنِيهِ هَؤُلاَءِ الكَلِمَاتِ كَمَا يُعَلِّمُ المُعَلِّمُ الغِلْمَانَ الكِتَابَةَ وَيَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْهُنَّ دُبُرَ الصَّلاَةِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ»، فَحَدَّثْتُ بِهِ مُصْعَبًا فَصَدَّقَهُ» (2) .
شرح مفردات الحديث:
1- قوله: «اللَّهم إني أعوذ بك»: «اللَّهُمَّ بِمَعْنَى: يَا أَلله، ... » (3) ، والعوذ: الالتجاء إلى الغير، والتعلق به. يقال: عاذ فلان بفلان، ... وأعذته باللَّه أعيذه، أي: ألتجئ إليه، وأستنصر به أن أفعل ذلك، فإن ذلك سوء أتحاشى من تعاطيه (4) . 2- قوله: «من البخل»: هو منع بذل المال سواء: كان ذلك في الزكاة المفروضة، أو في عموم الإنفاق، وقال الحافظ العراقي : «الْبُخْلَ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ غَالِبًا فِي الْبُخْلِ بِالْمَالِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِذَلِكَ الْعِبَادَاتُ كُلُّهَا» (5) . 3- قوله: «من الجبن»: هو الخوف الذي هو ضد الشجاعة، فإذا كان البخل شح بالمال؛ فإن الجبن شح بالنفس عن بذلها في سبيل اللَّه، وشح بالنصيحة مخافة الضرر المتوهم، وقال الإمام الشوكاني : «الجُبْن: بِضَم الْجِيم وَسُكُون الْبَاء وتضم، وَهُوَ المهابة للأشياء، والتأخر عَن فعلهَا، وَإِنَّمَا تعوّذ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى عدم الْقيام بفريضة الْجِهَاد، والصدع بِالْحَقِّ، وإنكار الْمُنْكَرَات» (6) . 4- قوله: «من أن أرد إلى أرذل العمر»: أردؤه، وأخسه، وهو الهرم، قال ابن الأثير : «الهَرَم: الكِبَر، وقَد هَرِم يَهْرَم فهُو هَرِم، جَعَل الْهَرَمَ داءً تَشْبِيهاً به؛ لأنَّ المَوْتَ يَتَعَقَّبه كالأدْوَاء» (7) ، ويدخل فيه ما يأتي: أ – ضعف في القوة الحسية: كالبدن، والسمع، والبصر، ونحو ذلك. ب – ضعف في القوة العقلية، فيهذي ولا يدري ما يقول. وقال الشوكاني: «هُوَ الْبلُوغ إِلَى حد فِي الْهَرم يعود مَعَه كالطفل فِي ضعف الْعقل وَقلة الْفَهم وفتنة الدُّنْيَا الاغترار بشهواتها» (6) . 5- قوله: «من فتنة الدنيا»: الفتنة هي الاختبار، والتمحيص، قال القاضي عياض : «وأصل الفتنة الاختبار والامتحان، يقال: فتنت الفضة على النار: إذا خلّصتها، ثم استعمل فيما أخرجه الاختبار للمكروه، ثم كثر استعماله في أبواب المكروه، فجاء مرة بمعنى الكفر: كقوله ﴿وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ﴾سورة البقرة، الآية: 217 ، أي ردّكم الناس إلى الشرك أكبر من القتل، وتجيء للإثم، كقوله: ﴿أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا﴾سورة التوبة، الآية: 49 ، ومنه أصابتني في مالي فتنة، وهمّوا أن يفتتنوا في صلاتهم، أي يسهوا، ويخلطوا، وتكون على أصلها للاختبار، كقوله: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾سورة التغابن، الآية: 15 ، وتكون بمعنى الإحراق بالنار، كقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾سورة البروج، الآية: 10 ، أي: حرقوهم، ومنه أعوذ بك من فتنة النار، وقيل: إنها هنا على أصلها، من التصفية؛ لأن المعذبين بالنار من المؤمنين المذنبين إنما عُذِّبوا من أجل ذنوبهم، فكأنهم صفّوا منها، وخلصوا، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يكون من هؤلاء، وكذلك سؤاله لأمته ذلك؛ لكن بعفو اللَّه، ورحمته، وتفريقه في الدعاء بين فتنة النار، وعذاب النار حجة لهذا القائل، أي: ممن يعذب بالنار: عذاب الكفار، وهو حقيقة التعذيب، والخلود... وتكون بمعنى الإزالة والصرف عن الشيء كقوله: ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾سورة الإسراء، الآية: 73 » (8) . وقال الحافظ ابن حجر : «وأَصل الفِتنَة الاختِبار، ثُمَّ اُستُعمِلَت فِيما أَخرَجَهُ الاختِبار إِلَى المَكرُوه، ثُمَّ اُستُعمِلَت فِي المَكرُوه: فَتارَةً فِي الكُفر... وتارَةً فِي الإِثم....وتارَة فِي الإِحراق...وتارَة فِي الإِزالَة عَن الشَّيء، كَقَولِهِ: ﴿وإِن كادُوا لَيَفتِنُونَك﴾سورة الإسراء، الآية: 73 ، وتارَة فِي غَير ذَلِكَ ، والمُراد بِها فِي هَذا المَوضِع الاختِبار عَلَى بابها الأَصلِيّ، والله أَعلَم» (9) . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : «وَأما مضلات الْفِتَن: فَأن يفتن العَبْد فيَضلّ عَن سَبِيل اللَّه، وَهُوَ يحْسب أَنه مهتدٍ، كَمَا قَالَ: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَريْنٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ سُورَة الزخرف، الآيتان: 36 – 37 ، وَقَالَ: ﴿أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ سُورَة فاطر، الآية: 8 ، وَقَالَ: ﴿وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ﴾ سُورَة غَافِر، الآية: 37 ، وَقَالَ: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعَاً﴾ سُورَة الْكَهْف، الآيتان: 103 – 104 ؛ وَلِهَذَا تَأَول أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم هَذِه الْآيَة فِيمَن يتعبد بِغَيْر شَرِيعَة اللَّه الَّتِي بعث بهَا رَسُوله من الْمُشْركين، وَأهل الْكتاب: كالرهبان، وَفِي أهل الْأَهْوَاء من هَذِه الْأمة: كالخوارج الَّذين أَمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم بقتالهم: وَقَالَ فيهم: «يحقر أحدكُم صلَاته مَعَ صلَاتهم، وصيامه مَعَ صِيَامهمْ، وقراءته مَعَ قراءتهم، يقرؤون الْقُرْآن لَا يُجَاوز حَنَاجِرهمْ، يَمْرُقُونَ من الْإِسْلَام كَمَا يَمْرُق السهْم من الرَّمية، أَيْنَمَا لقيتموهم فاقتلوهم؛ فَإِن فِي قَتلهمْ أجراً عِنْد اللَّه لمن قَتلهمْ يَوْم الْقِيَامَة» (10) جامع الرسائل لابن تيمية، 1/ 231. (11) البخاري، كتاب المغازي، باب حدثني خليفة، برقم 4015، ومسلم، كتاب الزهد والرقائق، برقم 2961 (12) مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب في بقية من أحاديث الدجال، برقم 2946 (13) مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب عرض مَقْعَدِ الْمَيِّتِ مِنَ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ عَلَيْهِ، وَإِثْبَاتِ عَذَابِ الْقَبْرِ وَالتَّعَوُّذِ مِنْهُ، برقم 2867 (14) أخرجه البخاري، كتاب الوضوء، باب حدثنا محمد بن المثنى، برقم 218، ومسلم، كتاب الطهارة، باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه، برقم 292 (15) مجموع فتاوى ورسائل العثيمين، 2/ 27 (16) تفسير السعدي، ص 818 /55 .
ما يستفاد من الحديث:
1- الجبن والبخل من مساوئ الأخلاق وقد قرن النبي صلى الله عليه وسلم بينهما؛ لأنهما يمنعان عن صاحبهما الإحسان: بالمال، والبدن. 2- إذا بلغ العبد من العمر أرذله ولم يعد مميزًا ولا عاقلًا تداركته رحمة اللَّه بعدم المؤاخذة؛ فإذا سلب ما وهب سقط ما وجب. 3- جاءت السنة الصحيحة بتسمية ووصف الملكان اللذان يسألان العبد في قبره. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا قبر الميت أتاه ملكان أسودان أزرقان، يقال لأحدهما المنكر وللآخر النكير فيقولان ...» الحديث (17) . وقد ذكر ذلك أئمة السلف في بيان معتقدهم: كالإمام أحمد بن حنبل، والإمام علي بن المديني، وغيرهما: أن عذاب القبر ونعيمه من الأمور الثابتة. 4- قال عمرو بن ميمون الأودي (18) الراوي عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه هذا الحديث: «كان سعد يعلم بنيه هؤلاء الكلمات – أي لأهميتها – كما يعلم المعلم الغلمان الكتابة ويقول: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ منهن دبر الصلاة. قال الحافظ ابن حجر : «كانَ سَعد يُعَلِّم بَنِيهِ، لَم أَقِف عَلَى تَعيِينهم، وقَد ذَكَرَ مُحَمَّد بن سَعد فِي الطَّبَقات أَولاد سَعد، فَذَكَرَ مِنَ الذُّكُور أَربَعَة عَشَر نَفسًا، ومِن الإِناث سَبع عَشرَة، ورَوى عَنهُ الحَدِيث مِنهُم خَمسَة: عامِر، ومُحَمَّد، ومُصعَب، وعائِشَة، وعُمَر» (19) . 5- الفرق بين الشح والبخل (20) : الشح: هو شدة الحرص على الشيء، والإحفاء في طلبه، والاستقصاء في تحصيله، وجشع النفس عليه. وأما البخل: فمنع إنفاق الشيء بعد حصوله، وحبه، وإمساكه، فهو شحيح قبل حصوله، بخيل بعد حصوله، فالبخل ثمرة الشح، والشح يدعو إلى البخل، والشح كامن في النفس، فمن بخل فقد أطاع شحه، ومن لم يبخل فقد عصى شحه، ووقي شره، وذلك هو المفلح، قال اللَّه عز وجل: ﴿وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾سورة الحشر، الآية: 9 .
10
البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب إثم من راءى بقراءة القرآن، برقم 5058، ومسلم، كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم، برقم 147- (1064)، وانظر: صحيح البخاري، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، برقم 3611 /5 ؛ وَذَلِكَ لِأَن هَؤُلَاءِ خَرجُوا عَن سنة رَسُول صلى الله عليه وسلم
11
. وفتنة الدنيا مما يراد بها ما يأتي: أ – التنافس المفضي إلى الهلاك بعد أن تفتح الدنيا على العبد كما قال النبي صلى الله عليه وسلم حين: « ... قَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنَ البَحْرَيْنِ، فَسَمِعَتِ الأَنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ، فَوَافَوْا صَلاَةَ الفَجْرِ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا انْصَرَفَ تَعَرَّضُوا لَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَآهُمْ، ثُمَّ قَالَ: «أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدِمَ بِشَيْءٍ» قَالُوا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللَّهِ مَا الفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ»
12
. ب – فتنة الدجال: لقوله: «ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال»
13
. 6- قوله: «وعذاب القبر»: أي بكونه حفرة من حفر النار بعد عدم التوفيق للإجابة الصائبة عن سؤال الملكين، قال العلامة ابن عثيمين : «عذاب القبر ثابت بصريح السنة، وظاهر القرآن، وإجماع المسلمين، هذه ثلاثة أدلة: أما صريح السنة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تعوذوا باللَّه من عذاب القبر، تعوذوا باللَّه من عذاب القبر، تعوذوا بالله من عذاب القبر»
14
، وأما إجماع المسلمين؛ فلأن جميع المسلمين يقولون في صلاتهم: «أعوذ باللَّه من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر»، حتى العامة الذين ليسوا من أهل الإجماع، ولا من العلماء، وأما ظاهر القرآن، فمثل قوله تعالى في آل فرعون: ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾ سورة غافر، الآية: 46 ، ولا شك أن عرضهم على النار ليس من أجل أن يتفرجوا عليها، بل من أجل أن يصيبهم من عذابها، وقال تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ﴾ اللَّه أكبر، إنهم لشحيحون بأنفسهم، ما يريدون أن تخرج ﴿الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ﴾، فقال: «اليوم»، و(ال) هنا للعهد الحضوري، اليوم يعني: اليوم الحاضر، الذي هو يوم وفاتهم ﴿تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ﴾ سورة الأنعام، الآية: 93، إذن فعذاب القبر ثابت بصريح السنة، وظاهر القرآن، وإجماع المسلمين، وهذا الظاهر من القرآن يكاد يكون كالصريح؛ لأن الآيتين اللتين ذكرناهما كالصريح في ذلك... عذاب القبر المستمر يكون للمنافق والكافر، وأما المؤمن العاصي؛ فإنه قد يعذب في قبره؛ لأنه ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس بأن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين، فقال: «إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير؛ أما أحدهما، فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة»
16
، وقال العلامة السعدي : في تفسير قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ سورة الطور، الآية: 47 : «لما ذكر اللَّه عذاب الظالمين في القيامة، أخبر أن لهم عذابا دون عذاب يوم القيامة، وذلك شامل لعذاب الدنيا، بالقتل، والسبي، والإخراج من الديار، ولعذاب البرزخ والقبر»
17
الترمذي، كتاب الجنائز، باب ما جاء في عذاب القبر، برقم 1071، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم 724
18
عمرو بن ميمون الأودي: الإمام الحجة، أبو عبد اللَّه، أدرك الجاهلية، وأسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، على يد معاذ بن جبل رضي الله عنه، وصحبه، ثم قدم المدينة، وصحب ابن مسعود رضي الله عنه، وحدث عنهما، مات عام 74 هـ. انظر: أسد الغابة، 4/ 292، والإصابة في تمييز الصحابة، 5/ 154.
تم تأسيس موقع سورة قرآن كبادرة متواضعة بهدف خدمة الكتاب العزيز و السنة المطهرة و الاهتمام بطلاب العلم و تيسير العلوم الشرعية على منهاج الكتاب و السنة , وإننا سعيدون بدعمكم لنا و نقدّر حرصكم على استمرارنا و نسأل الله تعالى أن يتقبل منا و يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم .