ما من عبد يذنب ذنبا فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي ركعتين ثم

حصن المسلم | ما يقول ويفعل من أذنب ذنبًا | ما من عبد يذنب ذنبا فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي ركعتين ثم

مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ (1).

‘Any servant who commits a sin and as a result, performs ablution, prays two units of prayer (i.e. two rakAAas) and then seeks Allah’s forgiveness, Allah would forgive him.


(1) أبو داود، 2/ 86، برقم 1521، والترمذي، 2/ 257، برقم 406، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 1/283.

شرح معنى ما من عبد يذنب ذنبا فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي ركعتين ثم

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

467- عن عَلِيٍّ رضي الله عنه قالَ: كُنْتُ رَجُلاً إِذَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثًا نَفَعَنِي اللَّهُ مِنْهُ بِمَا شَاءَ أَنْ يَنْفَعَنِي، وَإِذَا حَدَّثَنِي أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ اسْتَحْلَفْتُهُ، فَإِذَا حَلَفَ لِي صَدَّقْتُهُ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَصَدَقَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلاَّ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ»، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ﴾ إِلَى آخِرِ الآيَةِ»(1) ، هذا لفظ أصحاب السنن.
468- ولفظ الطبراني: عن يوسف بن عبد اللَّه بن سلام( )، قال: أتيت أبا الدرداء، وهو بالشام، فقال: ما جاء بك يا بني إلى هذه البلدة، وما عنَّاك إليها؟ قلت: ما جاء بي إلا صلة ما كان بينك وبين أبي، فأخذ بيدي، فأجلسني، فساندته، ثم قال: بئس ساعة الكذب على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من مسلم يذنب ذنباً، فيتوضأ، ثم يصلي ركعتين، أو أربعاً مفروضة، أو غير مفروضة، ثم يستغفر اللَّه إلاَّ غفر اللَّه له»(2) .
469- وعند البيهقي: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا، فَيَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عز وجل إِنْ شَاءَ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ غَفَرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُعَذِّبَهُ عَلَيْهِ عَذَّبَهُ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ عز وجل أَنْ يَغْفِرَ لَهُ»(3) .

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «ما من عبد»: يدخل في ذلك الذكر والأنثى؛ لعموم الأدلة على ذلك.
2- قوله: «يذنب ذنباً»: أي: يقترف ذنباً من الذنوب، وهي المعاصي، قال ابن فارس : «الذّنب والجُرم، يقال: أَذْنَبَ يُذْنِبُ، والاسم الذّنْب، وهو مُذْنِبٌ...»( ).
وقال ابن منظور : «الذَّنْبُ: الإِثْمُ والجُرْمُ وَالْمَعْصِيَةُ»(4) .
3- قوله: «فيحسن الطُّهور»: بضم الطاء هو الوضوء، وبالفتح هو الماء المستخدم في الطهارة.
» أي: يتقن الوضوء بواجباته، ومستحباته، قال ابن الأثير : «الطُّهُور – بِالضَّمِّ -: التَّطَهُّر، - وبالفَتح-: الماءُ الَّذِي يُتَطَهَّرُ بِهِ، كالوَضُوء والوُضُوء، والسَّحُور والسُّحُور، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: الطَّهُور بِالْفَتْحِ يقَع عَلَى الْمَاءِ والمصْدَر مَعاً، فَعَلى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يكونَ الْحَدِيثُ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَضَمِّهَا، والمرادُ بِهِمَا التَّطَهُّر»(5) ، وقال القاري : «بضَمِّ الطَّاءِ، أَيْ: يَأْتِي بِوَاجِبَاتِهِ وَمُكَمِّلَاتِهِ»(6) .
4- قوله: « ثم يقوم فيصلي ركعتين» أي: بخشوع وخضوع وتذلل وندم على ما أذنب، قال الحجاوي : «وصلاة التوبة إذا أذنب ذنباً يتطهر، ثم يصلى ركعتين»(7) .
5- قوله: «ثم يستغفر اللَّه» أي: بالقلب واللسان مع العزم على عدم العودة إلى ذلك، قال الطيبي : «وإن كانت الصلاة أعلى رتبة من الاستغفار؛ لأن المطلوب بالذات في هذا المقام هو الاستغفار، وذكر الصلاة كالوسيلة إلى قبول التوبة، ومآل المعنيين إلى أمر واحد»(8) ، وقال المباركفوري : في الاستغفار: «أي: لذلك الذنب كما في رواية بن السني والمراد بالاستغفار التوبة بالندامة والإقلاع والعزم على أن لا يعود إليه أبداً، وأن يتدارك الحقوق إن كانت هناك وثم في الموضعين لمجرد العطف التعقيبي»(9) .
6- قوله: «إلا غفر اللَّه له»: فضلًا من اللَّه وكرمًا، قال القاري : «استثناء مفرغ مما هو جواب محذوف للشرط المذكور، أي: الذي قال فيه ذلك الذكر تقديره ما قال قائل هذا الدعاء إلا غفر اللَّه له ما أصابه في يومه ذلك، أو يقدّر نفي أي: من قال ذلك لم يحصل له شيء من الأحوال، إلا هذه الحالة العظيمة من المغفرة الجسيمة من ذنب»(10) .
7- قوله: «مفروضة أو غير مفروضة»: أي الصلاة إن كانت فرضاً أو غير فرض من اللَّه سبحانه وتعالى، أي من السنن، أو المستحبات، أو المندوبات، وفَرَضَ اللَّه الأحكام فرْضاً: أوجبها، فالَفْرُضُ: المَفْرُوضُ، وجمعه فُرُوضٌ، مثل فَلْسٍ و فُلُوسٍ»(11) .
8- قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أنْفُسَهُمْ﴾: قال العلامة السعدي : «أي: صدر منهم أعمال سيئة كبيرة، أو ما دون ذلك، فبادروا إلى التوبة والاستغفار»(12) .
9- قوله تعالى: ﴿ذَكَرُوا اللَّهَ﴾: قال العلامة السعدي : أ«ي: ذكروا ربهم، وما توعد به العاصين، ووعد به المتقين»(12) .
10- قوله تعالى: ﴿فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ فسألوه المغفرة لذنوبهم، والستر لعيوبهم، مع إقلاعهم عنها، وندمهم عليها»(13) .

ما يستفاد من الحديث:

1- بيان سعة رحمة اللَّه عز وجل فهو رحمان الدنيا والآخرة ورحيمهما وأن باب التوبة لا يغلق لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن اللَّه يقبل توبة العبد ما لم يغرغر»(14) ومعنى الغرغرة: هي وصول الروح إلى الحلقوم حال النزع.
2- ليس معنى هذا أن العبد يتجرأ بفعل المعاصي اعتمادًا على هذا الحديث وأمثاله؛ لأن هذا سوء أدب مع خالقه، وعاقبة ذلك خسرًا، قال رسول صلى الله عليه وسلم: «يا عائشة إياك ومحقرات الذنوب فإن لها من اللَّه طالبًا»(15) .
3- الحث على إسباغ الوضوء، والإقبال على الصلاة بخشوع القلب، مع سكينة الجوارح طامعًا في وعد اللَّه بالمغفرة، وقد جاء في نهاية الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾(16) .
4- ومعنى «ينفعني اللَّه به» أي: بالعمل بما في الحديث، وكانت هذه عادة الصحابة رضي الله عنه يتعلمون ويعملون.
5- قوله: «استحلفته» أي: لزيادة التوثيق، والاطمئنان، وإلا فإن خبر الواحد العدل مقبول، فكيف بالصحابة رضي الله عنهم.
6- قوله: «صدقته» أي: على وجه الكمال وإن كان القبول حاصلًا بدونه(17) .

1 أبو داود، برقم 1521، والترمذي، 2/ 257، برقم 406، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 1/283
2 المعجم الأوسط للطبراني، 5/ 186، برقم 5026، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، 14/ 10
3 شعب الإيمان، للبيهقي، 5/ 409، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/ 158
4 لسان العرب، 1/ 389، مادة (ذنب)
5 النهاية في غريب الحديث والأثر، 3/ 147، مادة (طهر)
6 مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، 3/ 842
7 الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل، 1/ 154
8 شرح المشكاة للطيبي: الكاشف عن حقائق السنن، 4/ 1247
9 تحفة الأحوذي، 2/ 368
10 مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، 8/ 270
11 انظر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، 2 / 469
12 تفسير السعدي، ص 148
13 انظر: تفسير السعدي، ص: 148
14 الترمذي، كتاب الدعوات، باب حدثنا إبراهيم بن يعقوب، برقم 3537، وحسنه الألباني في صحيح الجامع، رقم 1903
15 أخرجه أحمد، 6/151 ، رقم 25218) ، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب ذكر الذنوب، برقم 4243، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول، 2/355، وابن أبي شيبة، 7/80، برقم 34337، قال البوصيري في زوائد ابن ماجه، 4/245: «هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات»، وصحح إسناده الألباني في السلسلة الصحيحة، 2/ 26، 513
16 سورة آل عمران، الآيتان: 135- 136
17 انظر: شرح سنن ابن ماجه للسندي، 2/164


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, August 10, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب