اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي

حصن المسلم | الدعاء بعد التشهد الأخير قبل السلام | اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي

اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْرًا لِي، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ، وَأَسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَأَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ، وَأَسْأَلُكَ قُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَأَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ (1).

Allahumma biAAilmikal-ghayb, waqudratika AAalal-khalq, ahyinee ma AAalimtal-hayata khayran lee watawaffanee itha AAalimtal-wafata khayran lee, allahumma innee as-aluka khashyataka fil-ghaybi washshahadah, wa-as-aluka kalimatal-haqqi fir-rida walghadab, wa-as-alukal-qasda fil-ghina walfaqr, wa-as-aluka naAAeeman la yanfad, wa-as-aluka qurrata AAaynin la tanqatiAA, wa-as-alukar-rida baAAdal-qada/, wa-as-aluka bardal-AAayshi baAAdal-mawt, wa-as-aluka laththatan-nathari ila wajhik, washshawqa ila liqa-ik fee ghayri darraa mudirrah, wala fitnatin mudillah, allahumma zayyinna bizeenatil-eeman wajAAalna hudatan muhtadeen.
‘O Allah, by Your knowledge of the unseen and Your power over creation, keep me alive so long as You know such life to be good for me and take me if You know death to be better for me. O Allah, make me fearful of You whether in secret or in public and I ask You to make me true in speech, in times of pleasure and anger.I ask you to make me moderate in times of wealth and poverty and I ask You for everlasting bliss and joy which will never cease.I ask You to make me pleased with what You have decreed and for an easy life after death.I ask You for the sweetness of looking upon Your Face and a longing to encounter You in a manner which does not entail a calamity which will bring about harm nor a trial which will cause deviation. O Allah, beautify us with the adornment of faith and make us of those who guide and are rightly guided.


(1) النسائي، 3/ 54، 55، برقم 1304، وأحمد، 4/ 364، برقم، 21666، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 1/281 .

شرح معنى اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

227- عن عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ (1) ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: صَلَّى بِنَا عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ (2) صَلاةً فَأَوْجَزَ فِيهَا، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ: لَقَدْ خَفَّفْتَ، أَوْ أَوْجَزْتَ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ: أَمَّا عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ دَعَوْتُ فِيهَا بِدَعَوَاتٍ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا قَامَ تَبِعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ هُوَ أُبَيٌّ، غَيْرَ أَنَّهُ كَنَى عَنْ نَفْسِهِ، فَسَأَلَهُ عَنِ الدُّعَاءِ، ثُمَّ جَاءَ فَأَخْبَرَ بِهِ الْقَوْمَ: «اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ، وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ، أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْرًا لِي، اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ، وَأَسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَأَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ، وَأَسْأَلُكَ قُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَاءَ بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَأَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ» (3) .

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «اللَّهم بعلمك الغيب»: أي: أتوسل إليك بعلمك الأزلي الأبدي الذي لم يسبق بجهل، ولا يلحقه نسيان، فأنت المحيط بكل شيء علمًا، قال العلامة ابن عثيمين : «فهنا توسل للَّه - تعالى - بصفة (العلم) و(القدرة)، وهما مناسبتان للمطلوب.
ومن ذلك أن يتوسل... الإنسان إلى اللَّه عز وجل بالإيمان به وبرسوله صلى الله عليه وسلم ... فتوسلوا إلى الله - تعالى - بالإيمان به أن يغفر لهم الذنوب، ويكفر عنهم السيئات، ويتوفاهم مع الأبرار... وأن يتوسل إلى اللَّه سبحانه وتعالى بالعمل الصالح؛ ... وأن يتوسل إلى اللَّه -تعالى- بذكر حاله؛ يعني أن الداعي يتوسل إلى اللَّه تعالى بذكر حاله، وما هو عليه من الحاجة، ... فهذه أنواع من التوسل كلها جائزة؛ لأنها أسباب صالحة لحصول المقصود بالتوسل بها
» (4) .
2- قوله: «وقدرتك على الخلق»: أي: بإيجاد المعدوم، وإعدام الموجود، وأن أمر اللَّه نافذ في الأكوان، لا ينازعه منازع، ولا يخالفه مخالف، قال ابن عثيمين : «التوسل إلى اللَّه بصفاته، ومنه ما جاء في الحديث: «اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيرًا لي، وتوفني ما علمت الوفاة خيرًا لي» فإن علم اللَّه الغيب صفة، وقدرته على الخلق صفة، وهذا التوسل إلى اللَّه تعالى بعلمه، وقدرته... والتوسل إلى اللَّه تعالى بأفعاله: أن تدعو اللَّه بشيء، ثم تتوسل إليه في تحقيق هذا الشيء بفعل نظيره» (5) .
3- قوله: «أحيني ما علمت الحياة خيرًا لي»: أي: إذا كان في سابق علمك أن بقائي حيًّا خيرٌ لي لأستزيد في الطاعة، فأدم عليَّ نعمة الحياة، قال ابن عثيمين : «هذا الدعاء، وكل الإنسان فيه أمره إلى اللَّه؛ لأن الإنسان لا يعلم الغيب، فيكل الأمر إلى عالمه عز وجل» (6) .
4- قوله: «وتوفني إذا علمت الوفا خير لي»: أي: إذا ترتَّب على بقائي حيًّا نقصٌ في الدين، بتضييع ما خلقتني من أجله، وهو عبادتك وحدك، لا شريك لك، فتوفني إليك، واغفر لي، وقال ابن عثيميين : «نعم؛ لأن اللَّه سبحانه يعلم ما سيكون، أما الإنسان فلا يعلم... فأنت لا تدري قد تكون الحياة خيراً لك، وقد تكون الوفاة خيراً لك؛ ولهذا ينبغي للإنسان إذا دعا لشخص بطول العمر أن يقيد هذا فيقول: أطال اللَّه بقاءك على طاعته، حتى يكون في طول بقائه خير» (6) .
5- قوله: «اللَّهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة»: أي: في السر والعلن والظاهر والباطن، وقال الحافظ ابن رجب : «وَخَشْيَةُ اللَّهِ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هِيَ مِنَ الْمُنْجِيَاتِ، فَإِنَّ مَنْ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ يَرَاهُ حَيْثُ كَانَ، وَأَنَّهُ مُطَّلِعٌ عَلَى بَاطِنِهِ وَظَاهِرِهِ، وَسِرِّهِ وَعَلَانِيَتِهِ، وَاسْتَحْضَرَ ذَلِكَ فِي خَلَوَاتِهِ، أَوْجَبَ لَهُ ذَلِكَ تَرْكَ الْمَعَاصِيَ فِي السِّرِّ» (7) .
6- قوله: «وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب»: لأن من صفات المؤمن أن يملك نفسه عند الغضب، فلا يحيف بفعل، أو قول.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» (8) ، وقول الحق حال الغضب أمر قد ندر وعز، وخاصة في هذه الأزمنة، إلا من رحم اللَّه، قال الصنعاني : «وأسألك كلمة الإخلاص في رواية كلمة الحق في الرضا، حال كوني راضياً، والغضب مثله، والمراد في الحالين معاً، فمن الناس من يخرجه غضبه عن الحق، وهو يعم كونه هو الغاضب والراضي، أو كونه مغضوباً عليه، ومرضياً عنه» (9) .
7- قوله: «وأسألك القصد في الغنى والفقر»: القصد هو الاعتدال والتوسط من غير إفراط، ولا تفريط، فعند الفقر يرضى ويصبر، ولا يكون مقترًا لا على نفسه، ولا على من تلزمه نفقتهم، مخافة نفاد الرزق، وفي حال الغنى، لا يكون مسرفًا، ولا مضيعًا لحد الاعتدال، قال اللَّه تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ سورة الفرقان، الآية: 67 ، قال المناوي : «وأسألك القصد: أي: التوسط في الغنى والفقر، وهو الذي ليس معه إسراف، ولا تقصير؛ فإن الغنى يبسط اليد، ويطفىء النفس، والفقر يكاد أن يكون كفراً، فالتوسط هو المحبوب المطلوب» (10) .
8- قوله: «وأسألك نعيمًا لا ينفد»: أي: لا يزول، ولا يحول، وهو نعيم الجنة، قال القاري : «لا ينفدُ: بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ: لَا يَفْنَى وَلَا يَنْقُصُ، وَهُوَ نُعَيْمُ الْجَنَّةِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَكُلُّ نَعِيمٍ لَا مَحَالَةَ زَائِلُ» (11) .
9- قوله: «وأسألك قرة عين لا تنقطع»: قرة العين مأخوذ من القرّ، وهو البرد، إذ دموع الفرح باردة، ودموع الحزن حارة.
قال الشاعر: فكم تسخنت بالأمس عين قريرة وقرت عيون دمعها اليوم ساكب (12) وقرة العين المرادة هنا إنما تكون بالفوز المبين يوم القيامة، قال الطيبي : «قرة عين لا تنقطع»: يحتمل أنه طلب نسلاً لا ينقطع بعده، قال تعالى: ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾ سورة الفرقان، الآية: 74 ، أو طلب محافظة الصلوات، والإدامة عليها، كما ورد «وجعلت قرة عيني في الصلاة» (13) .
10- قوله: «وأسألك الرضا بعد القضاء»: لأن هذا هو المحك الحقيقي لصبر العبد، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى» (14) ، وإذا حقق العبد الرضا بعد وقوع ما يكره، ورضي به، فهذا دليل على إيمانه، أما الرضا قبل القضاء؛ فإنه مجرد عزم، وأما ما قدّره اللَّه على العبد من أمور الخير، فعليه أن يؤدّي شكر هذه النعم بمرضاة واهبها سبحانه وتعالى، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : «وَهَذَا يَقِينٌ يُعْطِي الِاسْتِعَانَةَ وَالتَّوَكُّلَ... وَهُوَ يَقِينٌ بِالْقَدَرِ الَّذِي لَمْ يَقَعْ؛ فَإِنَّ الِاسْتِعَانَةَ وَالتَّوَكُّلَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُسْتَقْبَلِ.
فَأَمَّا مَا وَقَعَ فَإِنَّمَا فِيهِ الصَّبْرُ وَالتَّسْلِيمُ وَالرِّضَى
» (15) .
11- قوله: «وأسألك برد العيش بعد الموت»: لأن هذا هو العيش الحقيقي الذي ليس فيه منغص؛ ولذلك فإن الكافر، والمفرط تقع منهما الحسرة، كما قال اللَّه عز وجل: ﴿يَقُولُ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾ لأن هذه هي الحياة التي لا يعقبها موت، قال العلامة ابن قيم الجوزية : «فى ذلك أعظم لذة العبد وسعادته ونعيمه، فليس فى الكائنات شىء غير الله سبحانه يسكن القلب إليه، ويطمئن به ويأنس به، ويتنعم بالتوجه إليه» (16) ، وقال المناوي : «برفع الروح إلى منازل السعداء ومقامات المقربين والعيش في هذه الدار لا يبرد لأحد بل محشو بالغصص والنكد والكدر ممحوق بالآلام الباطنة والأسقام الظاهرة» (10) .
12- قوله: «وأسألك لذة النظر إلى وجهك»: فيه طلب لأعظم نعيم في الآخرة، وهو النظر لوجه اللَّه الكريم، وإنما جاء التعبير باللذة لأن ذلك هو المقصود الأسمى، والمطلب الأعلى لأهل الجنان، قال العلامة ابن عثيمين : «لذة النظر؛ لأن لهذا النظر لذة عظيمة لا يدركها إلا من أدركها بنعمة من اللَّه، وفضل منه... أما من زعم أن اللَّه لا يرى بالعين، وأن الرؤية عبارة عن كمال اليقين؛ فإن قوله هذا باطل، مخالف للأدلة، ويكذبه الواقع؛ لأن كمال اليقين موجود في الدنيا أيضاً... وعبادتك للَّه كأنك تراه هذا هو كمال اليقين، فدعوى أن النصوص الواردة في الرؤية تعني كمال اليقين؛ لأن المتيقن يقيناً كاملاً كالذي يشاهد بالعين دعوى باطلة، وتحريف للنصوص، وليس بتأويل؛ بل هو تحريف باطل يجب رده على من قال به، واللَّه المستعان» (17) .
13- قوله: «والشوق إلى لقائك»: قال الطيبي : «سأل شوقاً إلى اللَّه تعالى في الدنيا، بحيث يكون ضراء غير مضرة، أي: شوقاً لا يؤثر في سيري وسلوكي» (18) .
14- قوله: «في غير ضراء مضرة»: الضراء هي الحالة التي تضرّ، وهي نقيض السراء، ويراد بذلك ما يزعج العبد يوم القيامة ويضره، قال العلامة ابن رجب الحنبلي : «لِأَن الشوق إِلَى لِقَاء الله يسْتَلْزم محبَّة الْمَوْت وَالْمَوْت يَقع تمنيه كثيرا من أهل الدُّنْيَا بِوُقُوع الضراء الْمضرَّة فِي الدُّنْيَا وَإِن كَانَ مَنْهِيّا عَنهُ فِي الشَّرْع، وَيَقَع من أهل الدّين تمنيه لخشية الْوُقُوع فِي الْفِتَن المضلة» (19) .
15- قوله: «ولا فتنة مضلة»: تأكيد لتمام الراحة، وتوكيد لطيب الحال، قال القاري : «لِأَنَّ الْفِتْنَةَ تَعُمُّ مَا يُؤَدِّي إِلَى الْهَلَاكِ الْحِسِّيِّ وَالْمَعْنَوِيِّ، وَالْمُضِلَّةُ مَا يُوجِبُ الِانْحِرَافَ عَنِ الطَّرِيقِ الْقَوِيمِ وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ» (20) .
16- قوله: «اللَّهم زينا بزينة الإيمان»: وهذا يشمل الأمور الآتية: أ – زينة القلب بالاعتقاد الصحيح، وأعمال القلب: كالخشية، واليقين، والتوكل، والإنابة لله عز وجل.
ب – زينة الجوارح بالعمل بمراضي رب العباد.
جـ - زينة اللسان بدوام الذكر، وتلاوة القرآن، مع التدبر، وبذل النصح، والنهي عن المنكر.
17- قوله: «واجعلنا هداة مهتدين»: أي هداة لغيرنا؛ بدلالتهم على تحقيق التوحيد، والعبودية لك سبحانك، مع كوننا مهديين في أنفسنا، فلا نأمر بمعروف ولا نأتيه، ولا ننهى عن منكر ونأتيه، قال ابن القيم : «ولما كان كمال العبد في أن يكون عالماً بالحق، متبعاً له، معلماً لغيره، مرشداً له، قال: واجعلنا هداة مهتدين» (21) .
18- قوله: «فأوجز... خففت، أو أوجزت»: أوجز أي: اقتصر فيها، أي: مع تمام أركانها وسننها، فقال له بعض القوم، أي: ممن حضرها: لقد خفَّفت – بالتشديد-: أي: الأركان، بأن فعلت ما يطلق عليها الركن، وأوجزت: أي اقتصرت بأن أتيت أقلَّ ما يؤدّى به السنن (22) .
19- قوله: «لقد دعوت فيها» أي في آخرها، أو سجودها (22) .
20- قوله: «بدعوات سمعتهن من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم»: أي: داخل الصلاة أو خارجها (22) .
21- قوله: «فلما قام» أي: عمار بن ياسر رضي الله عنه (22) .
22- قوله: «تبعه رجل من القوم هو أبي» هذا من كلام عطاء، أي: ذلك الرجل أبي (22) .
23- قوله: «غير أنه - أي أبي - كنى عن نفسه»، أي برجل ولم يقل تبعته، قال الطيبي : وتقدير الاستثناء أنه لم يصرح السائب إلا أنه كنى عن نفسه بالرجل.
ا.
هـ.
والمراد بعدم التصريح مبالغة الإخفاء، خوفاً من الرياء (22) .
24- قوله: «فسأله» أي: الرجل عماراً عن الدعاء أي: فأخبره (22) .
25- قوله: «ثم جاء فأخبر به القوم» قال القاري : «ثم جاء: أي: الرجل، فأخبر، وفي نسخة: وأخبر» به: أي: بالدعاء القوم» (22) ، والمعنى: أن الرجل أخبر القوم بالدعاء.

ما يستفاد من الحديث:

1- تقرير أن الغيب لا يعلمه إلا اللَّه ﴿وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ﴾ سورة الأنعام، الآية: 59 ، وإثبات صفة العلم له عز وجل.
قال ابن القيم : وهو العليم أحاط علمًا بالذي في الكــون من سر ومن إعلان وبكل شيء علمه ســــــــــــبحانه فهو المحيط وليس ذا نسيان (23) 2- تقرير أن من صفات اللَّه: «القدير» ومعناه: التام القدرة، لا يلابس قدرته عجز.
قال ابن القيم: وهو القدير وليس يعجزه إذا ما رام شيئًا قطُ ذو سلطان (24) وأنه كذلك القادر، أي: القوي الذي يفعل ما أراد وفق حكمته، وأنه المقتدر، وهي صفة مبالغة في الوصف بالقدرة.
3- العبد في حقيقة أمره عاجز عن تحصيل مصالحه، ودفع مضاره، ولا توفيق له في ذلك إلا باللَّه علام الغيوب.
4- الأصل هو النهي عن تمني الموت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ولا يتمنين أحدكم الموت إما محسنًا فلعله أن يزداد خيرًا، وإما مسيئًا فلعله أن يستعتب» (25) ، وفي لفظ: «فإن كان لابد متمنيًا للموت فليقل: اللَّهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي» (26) .
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يمر الرجل على القبر فيتمرغ عليه، ويقول: يا ليتني كنت مكان صاحب هذا القبر وليس به الدين إلا البلاء» (27) , قال الحافظ في الفتح: وليس فيه معارضة للنهي عن تمني الموت؛ لأن هذا يكون عند فساد الحال في الدين، أو ضعفه وغلبة أهل الباطل، وهذا مختص بأهل الخير، فيتمنى أهون المصيبتين (28) .
وأما دعاء عمر رضي الله عنه لما عاد من منى، حيث قال: «اللَّهم كبرت سني، وضعفت قوتي، وانتشرت رعيتي، فاقبضني إليك غير مضيِّـع، ولا مفرط» (29) .
فقال الإمام الباجي : «وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ: أَنْ يَهَبَهُ مِنَ الْعَوْنِ عَلَى مَا كَلَّفَهُ مَا يَعْصِمُهُ مِنْ التَّضْيِيعِ، وَالتَّفْرِيطِ إلَى أَنْ يَمُوتَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَدْعُوَ بِتَعْجِيلِ مَيْتَةٍ لَمَّا خَشِيَ أَنْ يَقَعَ مِنْهُ تَضْيِيعٌ، أَوْ تَفْرِيطٌ؛ لِضَعْفِ قُوَّتِهِ، وَانْتِشَارِ رَعِيَّتِهِ، وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا نَهَى عَنْهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَنْ يَدْعُوَ أَحَدٌ بِالْمَوْتِ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، وَإِنَّمَا دُعَاءُ عُمَرَ بِالْمَوْتِ خَوْفَ التَّفْرِيطِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ «دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «وَإِذَا أَرَدْت بِقَوْمٍ فِتْنَةً فَاقْبِضْنِي إلَيْك غَيْرَ مَفْتُونٍ» (30) ، وَهَذَا أَشْبَهُ بِمَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: فَمَا انْسَلَخَ ذُو الْحِجَّةِ حَتَّى قُتِلَ عُمَرُ رضي الله عنه» (31) .
وقال الإمام ابن باز : «طلب الموت يا أخي لا يجوز، ولا يجوز تمنيه أيضاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به؛ فإن كان لا بد متمنياً، فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي» متفق على صحته (32) .
وكان من دعائه عليه الصلاة والسلام: « اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي» (33) ، فنوصيك بهذا الدعاء , أصلح الله حالك وقدر لك ما فيه الخير والصلاح وحسن العاقبة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته» (34) .
5- خشية اللَّه بالغيب هي رجاء كل مؤمن؛ لأنها دليل على يقظة القلب، وتعظيم معرفة أن اللَّه مُطَّلِع على عبده في كل الأحوال.
فلا يجعل العاقل ربه أهونَ الناظرين إليه، قال اللَّه في صفات أهل الجنة: ﴿مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ﴾ سورة ق، الآية: 33 .
6- قرة العين في الدنيا تكون بالتوفيق للطاعة؛ ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وجعلت قرة عيني في الصلاة» (35) .
7- إثبات أن أهل الإيمان والجنان يرون ربهم يوم القيامة، وأن ذلك ثابت بالكتاب والسنة الصحيحة، فمن ذلك قول اللَّه عز وجل: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ سورة القيامة، الآيتان: 22-23 ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته» (36) ، وهذا هو معتقد الفرقة الناجية ومما تواترت به الأحاديث الصحيحة: مما تواتر حديث من كذب ومن بنى لله بيتًا واحتسب ورؤية شـــــــفاعة والحوض ومسح خفين وهذه بعض (37)

1 عَطاء بن السَّائِب الْكِنَانِي ثمَّ اللَّيْثِيّ، الثَّقَفِيُّ مَوْلاَهُم الكُوْفِيُّ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، مُحَدِّثُ الكُوْفَةِ، أَبُو السَّائِبِ، من أهل الْمَدِينَة، رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَطَاءٍ وَمُحَمَّدٌ، سَكَنَ مَرْوَ، مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. انظر: الثقات لابن حبان، 5/ 201، وسير أعلام النبلاء، 6/ 110.
2 عمار بن ياسر: يكنى بأبي اليقظان، أسلم بمكة قديمًا وشهد بدرًا والمشاهد كلها مع الرسول صلى الله عليه وسلم، أثنى عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بقوله: «مُلئ عمار إيمانًا إلى مشاشه»سنن ابن ماجه، برقم 148، انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 807، والمشاش هو رؤوس العظام كالمرفقين والكتفين والركبتين والمعنى أنه طيب بأصل الخلقة (شرح سنن ابن ماجه للسندي، برقم 147، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يُحيِّيه بقوله: «مرحبًا بالطيب المطيب»ابن ماجه، برقم 147، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم 466 وقال فيه أيضًا: «ما خير عمار بين أمرين إلا اختار أيسرهما» الترمذي، برقم 3799، وغيره، وحسّنه الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم 835، وقد أجاره اللَّه من الشيطان على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم. البخاري، برقم 3742، وقد أخبره النبي صلى الله عليه وسلم أنه تقتله الفئة الباغية البخاري، برقم 447، وقد تحقق ذلك فقتل بصفين سنة 37 وعمره 93 سنة. انظر: أسد الغابة، 4/3798، والإصابة، 4/5708.
3 النسائي،برقم 1304، وأحمد، برقم، 18325، وصححه الألباني في صحيح النسائي،1/281
4 مجموع فتاوى ورسائل العثيمين، 2/ 336
5 مجموع فتاوى ورسائل العثيمين، 2/ 353
6 شرح رياض الصالحين، شرح الحديث رقم 40
7 جامع العلوم والحكم، 1/ 407
8 البخاري، كتاب الأدب، باب الحذر من الغضب، برقم 6114
9 التنوير شرح الجامع الصغير، 3/ 166
10 فيض القدير، 2/ 146
11 مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، 5/ 1735
12 تفسير الجزائري مع نهر الخير، ص 1207
13 شرح المشكاة للطيبي: الكاشف عن حقائق السنن، 6/ 1933، والحديث أخرجه أحمد، 19/ 305، برقم 12293، والنسائي، 7/61-62، برقم 3939، والحاكم 2/160، وحسن إسناده محققو المسند، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير، برقم 3098
14 البخاري، كتاب الجنائز، باب زيارة القبور، برقم 1283
15 مجموع الفتاوى، 13/ 320
16 إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان، 1/ 30
17 مجموع فتاوى ورسائل العثيمين، 1/ 224
18 شرح المشكاة للطيبي: الكاشف عن حقائق السنن، 6/ 1933
19 شرح حديث لبيك اللهم لبيك، ص 95
20 مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، 5/ 1736
21 إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان، 1/ 28
22 مرقاة المفاتيح، شرح مشكاة المصابيح، 8/ 428
23 النونية، 2/218
24 النونية، 2/215
25 البخاري، كتاب المرضى، باب نهي تمني المريض الموت، برقم 5673
26 البخاري، كتاب المرضى، باب نهي تمني المريض الموت، برقم 5671، وبنحوه مسلم، برقم 2680
27 مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل، فيتمنى أن يكون مكان الميت من البلاء، برقم 2907
28 انظر: فتح الباري، 13/ 90
29 مالك في الموطأ، 2/ 824، برقم 1506، قال ابن عبد البر في الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار، 24/ 68: «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ». بلفظ: «وَإِذَا أَرَدْتَ فِي النَّاسِ فِتْنَةً فَاقْبِضْنِى إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونٍ»
30 مسند أحمد، 36/422، برقم 22109، ولفظه: «وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةً فِي قَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ»، ضعفه محققو المسند، 36/ 423، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، برقم 2582، ومالك في الموطأ، 1/ 218، برقم 508
31 المنتقى شرح الموطأ، 7/ 139
32 رواه البخاري في الدعوات، باب الدعاء بالموت، برقم 6351، ومسلم في الذكر والدعاء والاستغفار، باب كراهة تمني الموت لضر نزل به، برقم 2680
33 رواه الإمام أحمد، 30/ 164، برقم 18325، والنسائي في كتاب السهو، نوع آخر، برقم 1305، وصحيح ابن حبان، 5/ 304، برقم 1971، والحاكم وصححه، 1/ 524، وصححه محققو المسند، 30/ 165، والألباني في التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان، 3/ 401، برقم 1968، مشكاة المصابيح، 1/ 404، برقم 2974
34 مجموع فتاوى ابن باز، 13/ 92
35 مسند أحمد، 21/ 433، برقم 14037، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم 3198
36 البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل صلاة العصر، برقم 554
37 نظم المتناثر لمحمد بن جعفر الكتاني، ص 18، وقال فيه: وقال «الشيخ التاودي في حواشيه على الصحيح»، واستشهد به العلامة ابن عثيمين : في عدة كتب منها شرح رياض الصالحين في شرح الحديث رقم 1896

قم بقراءة المزيد من الأذكار والأدعية




قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Saturday, August 9, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب