يهديكم الله ويصلح بالكم

حصن المسلم | ما يقالُ للكافر إذا عطس فحمد الله | يهديكم الله ويصلح بالكم

يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ (1).

Yahdeekum wayuslihu balakum.
‘May Allah guide you and rectify your condition.


(1) الترمذي، 5/ 82، برقم 2741، وأحمد، 4/ 400، برقم 19586، وأبو داود، 4/ 308، برقم 5040، وانظر: صحيح الترمذي، 2/354 .

شرح معنى يهديكم الله ويصلح بالكم

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

641- عَنْ أَبِي موسى الأشعري رضي الله عنه، قَالَ: كَانَتْ الْيَهُودُ يَتَعَاطَسُونَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجَاءَ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ: يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ، فَكَانَ يَقُولُ لَهُمْ: «يَهْدِيكُمُ اللَّهُ، وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ» (1).

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «يتعاطسون»: قال ابن منظور : «العُطاس إِنما يَكُونُ مَعَ خِفَّةِ الْبَدَنِ وَانْفِتَاحِ المسامِّ، وَتَيْسِيرِ الْحَرَكَاتِ، والمَعْطِس والمَعْطَس: الأَنف لأَن العُطاس مِنْهُ يَخْرُجُ» (2)، وقال الطيبي : «لعل هؤلاء هم الذين عرفوه حق معرفته، لكن منعهم عن الإسلام إما التقاليد وإما حب الرياسة، وعرفوا أن ذلك مذموم فتحروا أن يهديهم اللَّه تعالى، ويزيل عنهم ذلك ببركة دعائه صلوات اللَّه عليه» (3)، وقال ابن علان : «الظاهر أن التفاعل فيه للتكلف: أي يظهرون العطاس بالإتيان بصوت يشبهه أو يتسببون له بنحو كشف الرأس» (4)، وقال العلامة ابن عثيمين : «يتعاطسون يعني يتكلفون العطاس من أجل أن يقول لهم يرحكم الله لأنهم يعلمون أنه نبي وأن دعاءه بالرحمة قد ينفعهم ولكنه لا ينفعهم لأن الكفار لو دعوت لهم بالرحمة لا ينفعهم ذلك» (5).
2- قوله: «أن يقول لهم يرحمكم اللّه»: قال ابن علان : «لتعود عليهم بركة دعائه بها فإنهم كانوا يعلمون باطناً نبوته ورسالته، وإن أنكرو ظاهراً حسداً وعناداً» (4).
3- قوله: «فيقول لهم»: قال ابن علان : «من مزيد فضله ولا يحرمهم بركة حضرته وثمرة الجلوس بين يديه» (4).
4- قوله: «يهديكم اللّه»: قال ابن علان : «أي يدلكم على الهدى لتهتدوا، ولو أراد يوصلكم إلى الهدى لآمنوا واهتدوا»(4).
5- قوله: «يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ»: قال العظيم أبادي : «أَيْ وَلَا يَقُولُ لَهُمْ يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ لِأَنَّ الرَّحْمَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْمُؤْمِنِينَ بَلْ يَدْعُو لَهُمْ بِمَا يُصْلِحُ بَالَهُمْ مِنَ الْهِدَايَةِ وَالتَّوْفِيقِ لِلْإِيمَانِ» (6)، وقال المباركفوري: «قَوْلُهُ: (كَانَ الْيَهُودُ يَتَعَاطَسُونَ): أَيْ: يَطْلُبُونَ الْعَطْسَةَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ (يَرْجُونَ) أَيْ: يَتَمَنَّوْنَ بِهَذَا السَّبَبِ (فَيَقُولُ): أَيِ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ عُطَاسِهِمْ، وَحَمْدِهِمْ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ، وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ، وَلَا يَقُولُ: لَهُمْ يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ؛ لِأَنَّ الرَّحْمَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْمُؤْمِنِينَ، بَلْ يَدْعُو لَهُمْ بِمَا يُصْلِحُ بَالَهُمْ مِنَ الْهِدَايَةِ وَالتَّوْفِيقِ وَالْإِيمَانِ» (7)، وقال ابن علان : «(ويصلح بالكم) أي: ما يهتم به من أمر الدين، وذلك بأن يرشدهم إلى الإسلام، ويزينه لهم، ويوفقهم له» (4).

ما يستفاد من الحديث:

1- جواز الدعاء لغير المسلمين بأن يهديهم اللَّه إلى دين الفطرة التي فطر اللَّه الناس عليها.
2- قالَ الحافظ ابن حجر : «قال ابن دَقِيق العِيد : إِذا نَظَرنا إِلَى قَول مَن قالَ مِن أَهل اللُّغَة إِنَّ التَّشمِيت الدُّعاء بِالخَيرِ دَخَلَ الكُفّار فِي عُمُوم الأَمر بِالتَّشمِيتِ ، وإِذا نَظَرنا إِلَى مَن خَصَّ التَّشمِيت بِالرَّحمَةِ لَم يَدخُلُوا، قالَ: ولَعَلَّ مَن خَصَّ التَّشمِيت بِالدُّعاءِ بِالرَّحمَةِ بَناهُ عَلَى الغالِب لأَنَّهُ تَقيِيد لِوضعِ اللَّفظ فِي اللُّغَة قُلت [القائل ابن حجر]: وهَذا البَحث أَنشَأَهُ مِن حَيثُ اللُّغَة ، وأَمّا مِن حَيثُ الشَّرع فَحَدِيث أَبِي مُوسَى دالّ عَلَى أَنَّهُم يَدخُلُونَ فِي مُطلَق الأَمر بِالتَّشمِيتِ ، لَكِن لَهُم تَشمِيت مَخصُوص وهُو الدُّعاء لَهُم بِالهِدايَةِ وإِصلاح البال وهُو الشَّأن ولا مانِع مِن ذَلِكَ ، بِخِلافِ تَشمِيت المُسلِمِينَ فَإِنَّهُم أَهل الدُّعاء بِالرَّحمَةِ بِخِلافِ الكُفّار» (8).
3- رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بكل الخلق مصداقًا لقوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ (9).
4- مكر اليهود بتحايلهم بالتعاطس أمام النبي صلى الله عليه وسلم، كما جاء في أول الحديث، طمعًا منهم في دعوته لهم بالرحمة؛ لأنهم يعرفون صدقه وإنما امتنع النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛ لأن الرحمة خاصة بأتباع دينه وملته.
5- اليهود يتكلفون العطاس من أجل أن يقول لهم النبي صلى الله عليه وسلم: يرحمكم اللَّه؛ لأنهم يعلمون أنه نبي، وأن دعاءه بالرحمة قد ينفعهم، ولكنه لا ينفعهم؛ لأن الكفار لو دعوت لهم بالرحمة لا ينفعهم ذلك، ولا يحل لك أن تدعو لهم بالرحمة إذا ماتوا، ولا بالمغفرة لقول اللَّه تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ (10)، فإن قيل أليس إبراهيم استغفر لأبيه وإبراهيم على الحنيفية وعلى التوحيد، والجواب يتضح في قول الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ (11)» (12).

1 الترمذي، برقم 2741، وأبو داود، برقم 5040، وصححه الألباني في إرواء الغليل، برقم 1277، وصحيح الأدب المفرد، برقم 940.
2 لسان العرب، 6/ 142، وتقدم في شرح المفردة الأولى من شرح مفردات الحديث رقم 188 من أحاديث المتن.
3 شرح المشكاة للطيبي: الكاشف عن حقائق السنن، 10/ 3079.
4 دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين، 6/ 178.
5 شرح رياض الصالحين، شرح الحديث رقم 238.
6 عون المعبود، 13/ 257.
7 تحفة الأحوذي، 8/ 10.
8 فتح الباري، لابن حجر، 10/ 604.
9 سورة الأنبياء، الآية: 107.
10 سورة التوبة، الآية: 113.
11 سورة التوبة، الآية: 114.
12 شرح رياض الصالحين، لابن عثيمين شرح الحديث رقم 238.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, August 28, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب