سبحان الله والحمد لله والله أكبر

حصن المسلم | الأذكار بعد السلام من الصلاة | سبحان الله والحمد لله والله أكبر

سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ (1).

Subhanal-lah walhamdu lillah, wallahu akbar (thirty-three times). La ilaha illal-lahu wahdahu la shareeka lah, lahul-mulku walahul-hamd, wahuwa AAala kulli shayin qadeer.
‘How perfect Allah is, all praise is for Allah, and Allah is the greatest.’ (thirty-three times) ‘None has the right to be worshipped except Allah, alone, without partner, to Him belongs all sovereignty and praise and He is over all things omnipotent.


(1) مسلم، 1/ 418، برقم 597، وفيه: (من قال ذلك دبر كل صلاة غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر).

شرح معنى سبحان الله والحمد لله والله أكبر

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

241- لفظ مسلم: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَبَّحَ اللهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ: تَمَامَ الْمِائَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ» (1) .
242- لفظ البخاري: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: «جَاءَ الفُقَرَاءُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنَ الأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ العُلاَ، وَالنَّعِيمِ المُقِيمِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا، وَيَعْتَمِرُونَ، وَيُجَاهِدُونَ، وَيَتَصَدَّقُونَ، قَالَ: «أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ إِنْ أَخَذْتُمْ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ، إِلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُ: تُسَبِّحُونَ، وَتَحْمَدُونَ، وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ»، فَاخْتَلَفْنَا بَيْنَنَا، فَقَالَ بَعْضُنَا: نُسَبِّحُ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَنَحْمَدُ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَنُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: تَقُولُ: «سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، حَتَّى يَكُونَ مِنْهُنَّ كُلِّهِنَّ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ» (2) .
243- وعند مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه- وَهَذَا حَدِيثُ قُتَيْبَةَ - «أَنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا، وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ، فَقَالَ: «وَمَا ذَاكَ؟» قَالُوا: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ وَلَا نَتَصَدَّقُ، وَيُعْتِقُونَ وَلَا نُعْتِقُ، فَقَالَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَفَلَا أُعَلِّمُكُمْ شَيْئًا تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَتَسْبِقُونَ بِهِ مَنْ بَعْدَكُمْ؟ وَلَا يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُمْ، إِلَّا مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ» قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولُ اللهِ قَالَ: «تُسَبِّحُونَ، وَتُكَبِّرُونَ، وَتَحْمَدُونَ، دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةً» قَالَ أَبُو صَالِحٍ: فَرَجَعَ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: سَمِعَ إِخْوَانُنَا أَهْلُ الْأَمْوَالِ بِمَا فَعَلْنَا، فَفَعَلُوا مِثْلَهُ، فَقَالَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ» وَزَادَ غَيْرُ قُتَيْبَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ اللَّيْثِ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، قَالَ سُمَيٌّ: فَحَدَّثْتُ بَعْضَ أَهْلِي هَذَا الْحَدِيثَ، فَقَالَ: وَهِمْتَ، إِنَّمَا قَالَ: «تُسَبِّحُ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتَحْمَدُ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتُكَبِّرُ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ» فَرَجَعْتُ إِلَى أَبِي صَالِحٍ فَقُلْتُ لَهُ ذَلِكَ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَقَالَ: اللهُ أَكْبَرُ، وَسُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، اللهُ أَكْبَرُ، وَسُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، حَتَّى تَبْلُغَ مِنْ جَمِيعِهِنَّ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ» (3) .
244- وفي صحيح مسلم عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مُعَقِّبَاتٌ لاَ يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ، أَوْ فَاعِلُهُنَّ، دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ: ثَلاَثٌ وَثَلاَثُونَ تَسْبِيحَةً، وَثَلاَثٌ وَثَلاَثُونَ تَحْمِيدَةً، وَأَرْبَعٌ وَثَلاَثُونَ تَكْبِيرَةً» (4) .
245- وعند أبي داود عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه (5) : يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَهَبَ أَصْحَابُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فُضُولُ أَمْوَالٍ يَتَصَدَّقُونَ بِهَا، وَلَيْسَ لَنَا مَالٌ نَتَصَدَّقُ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا ذَرٍّ، أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ تُدْرِكُ بِهِنَّ مَنْ سَبَقَكَ، وَلَا يَلْحَقُكَ مَنْ خَلْفَكَ إِلَّا مَنْ أَخَذَ بِمِثْلِ عَمَلِكَ؟» قَالَ: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «تُكَبِّرُ اللَّهَ عز وجل دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ، ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتَحْمَدُهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتُسَبِّحُهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتَخْتِمُهَا بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ، وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ» (6) .
246- عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه, قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَا يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ أَنْ يُكَبِّرَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ عَشْرًا, وَيُسَبِّحُ عَشْرًا, وَيَحْمَدُ عَشْرًا, فَذَلِكَ فِي خَمْسِ صَلَوَاتٍ: خَمْسُونَ وَمِائَةٌ بِاللِّسَانِ، وَأَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ فِي الْمِيزَانِ, فَإِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ: كَبَّرَ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ، وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَسَبَّحَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ, فَذَلِكَ مِائَةٌ بِاللِّسَانِ، وَأَلْفٌ فِي الْمِيزَانِ» قَالَ: ثُمَّ قَالَ: «فَأَيُّكُمْ يَعْمَلُ فِي يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةِ سَيِّئَةٍ ؟» (7) .
247- وعند النسائي عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا رَأَى فِيمَا يَرَى النَّائِمُ، قِيلَ لَهُ: بِأَيِّ شَيْءٍ أَمَرَكُمْ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: «أَمَرَنَا أَنْ نُسَبِّحَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَنَحْمَدَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَنُكَبِّرَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، فَتِلْكَ مِائَةٌ، قَالَ: سَبِّحُوا خَمْسًا وَعِشْرِينَ، وَاحْمَدُوا خَمْسًا وَعِشْرِينَ، وَكَبِّرُوا خَمْسًا وَعِشْرِينَ، وَهَلِّلُوا خَمْسًا وَعِشْرِينَ، فَتِلْكَ مِائَةٌ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «افْعَلُوا كَمَا قَالَ الْأَنْصَارِيُّ» (8) ، وفي رواية: «اجعلوها كذلك» (9) .

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «سبحان اللَّه»: أي: أنزه اللَّه رب العالمين عن كل نقص، وهذا التسبيح الذي يسبق الحمد، هو من قبيل التخلية قبل التحلية، قال ابن الأثير : «التسبيح: التنزيه، والتقديس، والتبرئة من النقائص ... فمعنى سبحان اللَّه: تنزيه اللَّه... فكأنه قال: أبرئ اللَّه من السوء براءة» (10) .
2- قوله: «والحمد للَّه»: أي: له الحمد الكامل المطلق؛ لأن كل ما سوى اللَّه يحمد على قدر فعله، قال الإمام ابن القيم : «الحمد، هو: الإخبار بمحاسن المحمود على وجه المحبة له» (11) .
3- قوله: «واللَّه أكبر»: أي: أكبر من كل كبير، وأكبر من أن يعرف كنه (12) كبريائه وعظمته ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ سورة طه، الآية: 110 ؛ ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التفكر في اللَّه: «تفكروا في آلاء اللَّه، ولا تفكروا في اللَّه عز وجل» (13) ، وقال ابن الأثير : «معناه: اللّه الكْبير، وقال النحويون: معناه اللّه أكبر من كل شيء» (14) .
4- قوله:«لا إله إلا اللَّه»: أي: لا إله إلا اللَّه: من مات معتقداً لها، فهو الذي مات لا يشرك باللَّه شيئاً» (15) ، وقال العلامة ابن عثيمين : «يعني: لا معبود بحق إلا اللَّه سبحانه وتعالى، وألوهية اللَّه فرع عن ربوبيته؛ لأن من تأله للَّه فقد أقر بالربوبية؛ إذ إن المعبود لابد أن يكون رباً، ولا بد أن يكون كامل الصفات... أي: تعبّدوا له، وتوسّلوا بأسمائه إلى مطلوبكم» (16) .
5- قوله: «وحده لا شريك له»، قال المناوي: «لا إله منفرد إلا هو وحده، لا شريك له عقلاً ونقلاً، ... وهو تأكيد لقوله: «وحده»؛ لأن المتصف بالوحدانية لا شريك له» (17) .
6- قَوْلُهُ: «لَهُ الْمُلْكُ»: قال الباجي : «تَخْصِيصٌ لَهُ بِالْمُلْكِ، وَالْحَمْدِ، ... وَهُوَ جَمِيعُهُ لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ لَا مُلْكَ لِأَحَدٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ إِلَّا لَهُ» (18) .
7- قوله: «وله الحمد»: أي الحمد المطلق، فهو محمود في السراء حمد شكر، وفي الضراء حمد تفويض» .
8- قوله: «وهو على كل شيء قدير»: قال ابن جرير: «وهو على إحيائكم بعد مماتكم، وعقابكم على إشراككم به الأوثانَ وغير ذلك مما أراد بكم، وبغيركم قادرٌ» (19) ، وقال الإمام ابن القيم : «... فأزمّة الأمور كلها بيده، ومدار تدبير الممالك كلها عليه، وهذا مقصود الدعوة، وزبدة الرسالة» (20) .
9- قوله: «من قال ذلك دبر كل صلاة غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر»: المراد بذلك صغائر الذنوب أما الكبائر فلا تكفَّر إلا بالتوبة قال اللَّه عز وجل: ﴿إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّ‍آتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا﴾ سورة النساء، الآية: 31 ، أو إقامة الحدود لحديث عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ رضي الله عنه، وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا، وَهُوَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ، وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: «بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ، وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلَا تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا، فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ، فَهُوَ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ، فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِك» (21) ، والتعبير بـ«زبد البحر» خرج مخرج المبالغة؛ لأن هذا من قبيل التمثيل، ومعنى زبد البحر رغوته.
10- قوله: «أهل الدثور»: هم أهل الأموال، وقد سمى الحافظ (22) ابن حجر من فقراء المهاجرين جماعة، منهم: أبو هريرة، وأبو ذر الغفاري، وأبو الدرداء ش.
11- قوله: «الدرجات العلا»: الدرجات العلا هي المراتب العليا في الجنة، وقد جعلها اللَّه كما قال الألوسي : «لمن أتى بالإيمان، والأعمال الصالحة، فسائر الدرجات غير العالية، والجنات لا بد أن تكون لغيرهم، وما هم إلا العصاة من أهل الأيمان، ولقد أخرج أبو داود وابن مردويه عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «إن أهل الدرجات العلا ليراهم من تحتهم، كما ترون الكوكب الدري في أفق السماء، وإن أبا بكر وعمر منهم، وأنعما (23) » (24) ، وقال الحافظ ابن حجر : «بِضَمِّ العَين جَمع العَلياء وهِيَ تَأنِيث الأَعلَى ، ويَحتَمِل أَن تَكُون حِسِّيَّة ، والمُراد دَرَجات الجَنّات ، أَو مَعنَوِيَّة والمُراد عُلُوّ القَدر عِند الله» (25) .
12- قوله: «النعيم المقيم»: قال ابن كثير: «لهم النعيم المقيم، الذي لا يحول ولا يزول ولا يبيد» (26) ، وقال الحافظ ابن حجر : «وصَفَهُ بِالإِقامَةِ إِشارَة إِلَى ضِدّه وهُو النَّعِيم العاجِل ، فَإِنَّهُ قَلَّ ما يَصفُو ، وإِن صَفا فَهُو بِصَدَدِ الزَّوال» (25) .
13- قوله: «فضل من الأموال»: الفضل: هو الزيادة، قال العلامة ابن عثيمين : «يعني زيادة يتصدقون بها، ويحجون، ويعتمرون، ويجاهدون» (27) .
14- قولُهُ: «أَدرَكتُم مَن سَبَقَكُم»: أي: الذين أنفقوا قبلكم، قال الحافظ ابن حجر : «أَي: مِن أَهل الأَموال الَّذِينَ امتازُوا عَلَيكُم بِالصَّدَقَةِ، والسَّبقِيَّة هُنا يَحتَمِل أَن تَكُون مَعنَوِيَّة، وأَن تَكُون حِسِّيَّة» (25) .
15- قوله: «معَقِّباتٌ لا يَخيبُ قائِلُهن»: قال ابن الأثير : «سُمِّيت مُعَقِّباتٍ لأنَّها عادَتْ مرَّة بعد مرَّة أو لأنَّها تقال عَقِيب الصَّلاة، ... أراد تسبيحاتٍ تخلف بأعقاب الناس، والمُعقِّب من كلِّ شيء: ما جاءَ عَقِيبَ ما قبله» (28) .
وقال ابن الأثير : «والخيبة الحرمان والخسران، وقد خاب يخيب، ويخوب» (29) .

ما يستفاد من الحديث:

1- من فضل اللَّه على هذه الأمة أن العمل اليسير الخالص لوجه اللَّه تعالى مع متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم يدرك به صاحبه أجر العمل الكبير.
2- مسابقة الصحابة رضي الله عنهم الغني منهم والفقير، وحرصهم على التنافس فيما يرضي اللَّه تعالى.
3- قال النووي: وهذا الحديث دليل لمن فضل الغني الشاكر على الفقير الصابر، وفي المسألة خلاف مشهور بين السلف والخلف من الطوائف (30) .
4- ومعنى معقبات أنها تفعل مرة بعد أخرى، وقوله تعالى: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ...﴾ الآية سورة الرعد، الآية: 11 ، أي: الملائكة يعقب بعضهم بعضًا (30) .
5- سعة صدر النبي صلى الله عليه وسلم، وصبره على مناقشة أصحابه له، وتطييب خاطرهم بالإرشاد إلى الخير.
6- تقرير أن الفضل بيد اللَّه يؤتيه من يشاء، وأن العبد ما عليه إلا أن يبذل السبب الشرعي لنيل رضا اللَّه عز وجل.
7- الأذكار منها ما هو مطلق، أي: بغير عدد، ومنها ما حدده الشرع في موضعه، فلا يزاد على ذلك؛ لأن الأمر مبني على إحسان العمل، وليس على كثرته، قال اللَّه عز وجل: ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ سورة الملك، الآية: 2 ، أي: أخلصه وأصوبه (31) .
8- السنة في عقد التسبيح أن يكون على الأصابع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لإحدى المهاجرات، واسمها «يُسيرَة»: «عليكن بالتسبيح، والتهليل، والتقديس، واعقدن بالأنامل؛ فإنهن مسؤولات مستنطقات» (32) .
9- قال الحافظ ابن حجر: وقع في أكثر الأحاديث تقديم التسبيح على التحميد، وتأخير التكبير، وفي رواية ابن عجلان عند مسلم تقديم التكبير على التحميد خاصة، وعند أبي داود: «تكبر وتحمد وتسبح» (33) ، وهذا الاختلاف دال على أنه لا ترتيب فيها، ويستأنس لذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الباقيات الصالحات: «لا يضرك بأيهن بدأت» (34) ، لكن يمكن أن يقال: الأولى البداءة بالتسبيح؛ لأنه يتضمن نفي النقائص عن الباري، ثم التحميد؛ لأنه متضمن إثبات الكمال للَّه، ثم يختم بالتهليل الدال على انفراده سبحانه بجميع ذلك (35) .
10- جاء التسبيح والتحميد والتكبير أدبار الصلوات على أنواع ستة وهي: النوع الأول: سبحان اللَّه، والحمد للَّه، واللَّه أكبر (ثلاثاً وثلاثين مرة)، ويختم بلا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير (36) .
النوع الثاني: سبحان اللَّه (ثلاثاً وثلاثين)، الحمد للَّه (ثلاثاً وثلاثين)، اللَّه أكبر (أربعاً وثلاثين) (1) .
النوع الثالث: سبحان اللَّه، والحمد للَّه، واللَّه أكبر (ثلاثاً وثلاثين) (37) .
النوع الرابع: سبحان اللَّه (عشرًا)، الحمد للَّه (عشرًا)، اللَّه أكبر (عشرًا) (38) .
النوع الخامس: سبحان اللَّه (إحدى عشرة مرة)، الحمد للَّه (إحدى عشرة)، اللَّه أكبر (إحدى عشرة) (39) .
النوع السادس: سبحان اللَّه، والحمد للَّه، ولا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر (خمسًا وعشرين مرة) (40) .
11- قال ابن عمر ب: إن رجلًا رأى فيما يرى النائم أنه قيل له: بأي شيء أمركم نبيكم؟ قال: أمرنا أن نسبح ثلاثاً وثلاثين, ونحمد ثلاثاً وثلاثين، ونكبر أربعاً وثلاثين، فتلك مائة، قال: سبحوا خمسًا وعشرين، واحمدوا خمسًا وعشرين، وكبروا خمسًا وعشرين، وهللوا خمسًا وعشرين، فتلك مائة، فلما أصبح ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «افعلوا كما قال الأنصاري»، وفي رواية: «اجعلوها كذلك» (41) .
12- السنة التي صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم هي عقد التسبيح على اليد اليمنى فقط؛ لقول عبد اللَّه بن عمرو رضي الله عنه: «رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح – قال ابن فداء أحد رواة الحديث – بيمينه» (42) ؛ ولقول عائشة رضي الله عنها: «كان رسول اللَّه يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله في طهوره وترجُّلِهِ وتَنَعُّلِهِ» (43) .
قال الحافظ ابن حجر: ويحتمل قوله: «ما استطاع» احترازاً عما لا يستطاع فيه التيمن شرعًا، كدخول الخلاء، والخروج من المسجد، والاستنجاء، والتمخط، وكل شيء مستقذر (44) .

1 مسلم، برقم 597
2 البخاري، كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم 843
3 مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة، وبيان صفته، برقم 595
4 مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة، وبيان صفته، برقم 596
5 أبو ذر الغفاري رضي الله عنه الزاهد المشهور، الصادق اللهجة، مختلف في اسمه واسم أبيه، والمشهور أنه جندب بن جنادة بن سكن، وقيل بن عبد اللَّه، وقيل غير ذلك، وكان من السابقين إلى الإسلام، وقصة إسلامه في الصحيحين على صفتين بينهما اختلاف ظاهر، روى أبو ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم روى عنه أنس، وابن عباس، وأبو إدريس الخولاني، وغيرهم كثير، وله فضائل كثيرة، ولم يشهد بدراً، ولكن عمر ألحقه بهم، وكان يوازي ابن مسعود في العلم، وكانت وفاته بالربذة سنة إحدى وثلاثين، وقيل في التي بعدها، ويقال إنه صلى عليه عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه. انظر: الاستيعاب، 4/ 1256، والإصابة في تمييز الصحابة، 7/ 125
6 أبو داود، كتاب الوتر، باب التسبيح بالحصى، برقم 1504، وصحيح ابن حبان، 5/ 358، برقم 2015، بدون قوله: «غفرت له ذنوبه، ولو كانت مثل زبد البحر»، وصحح إسناده الشيخ الأرناؤوط محقق صحيح ابن حبان
7 الدعوات الكبير للبيهقي، 1/ 506، برقم 391، وابن عساكر، 52/ 107، وحسّنه الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار، 2/270، نقلآَ عن حديث التسبيح وفوائده النفيسة وعد التسبيح بالمسبحة، لفريح بن صالح البهلال، ص 8، وقال نبيل سعد الدين سَليم جَرَّار في: زوائد الأمالي والفوائد والمعاجم والمشيخات على الكتب الستة والموطأ ومسند الإمام أحمد، 2/ 474: «قال أبوالفتح الطائي: هذا حديث حسن عال صحيح من حديث موسى بن عبداللَّه الجهني، وقال ابن جماعة: هذا حديث حسن صحيح، وقال ابن حجر: «هذا حديث حسن غريب»
8 النسائي في سننه، كتاب السهو، نوع آخر من عدد التسبيح، برقم 1351، وله في السنن الكبرى أيضاً، كتاب صفة الصلاة، نوع آخر من عدد التسبيح، برقم 1274، ومسند البزار، 2/ 250، برقم 5915، وحلية الأولياء وطبقات الأصفياء، 8/ 300، وصححه الألباني في صحيح النسائي، برقم 1350
9 النسائي في سننه، كتاب السهو، نوع آخر من عدد التسبيح، برقم 1350، وصححه الألباني في صحيح النسائي، برقم 1350
10 النهاية في غريب الحديث والأثر، 2/ 330
11 بدائع الفوائد، 2/537
12 الكنه: الحقيقة، والأصل، قال ابن الأثير: «كنه الأمر: حقيقته، وقيل: وقته، وقدره، وقيل: غايته». النهاية في غريب الحديث والأثر، 4/ 206، مادة (كنه)
13 أخرجه أبو الشيخ في العظمة، 1/210 ، برقم 1، والطبراني في الأوسط، 6/250، برقم 6319، والبيهقي في شعب الإيمان، 1/136، برقم 120، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم 1788
14 النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير، 4/ 52، مادة (كبر)،
15 فيض القدير، للمناوي، 1/ 136
16 شرح رياض الصالحين، شرح الحديث رقم 60
17 فيض القدير، 5/ 200
18 المنتقى، شرح الموطأ للباجي، 3 / 77
19 تفسير الطبري، 15/ 232
20 مدارج السالكين، لابن قيم الجوزية، 3/ 349
21 صحيح البخاري، كتاب الإيمان، بابُ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، برقم 18
22 انظر: فتح الباري، 2/ 404
23 مسند أحمد، 18/ 422، برقم 11939
24 روح المعاني، للألوسي، 16/ 235
25 فتح الباري، لابن حجر، 2/ 327
26 تفسير ابن كثير، 5/ 447
27 شرح رياض الصالحين، شرح الحديث رقم 1418
28 النهاية في غريب الحديث والأثر، 3/ 526، مادة (عقب)
29 النهاية في غريب الحديث والأثر، 2/ 89، مادة (خيب)
30 شرح النووي على صحيح مسلم، 5/ 95
31 انظر: شرح حصن المسلم، لأسامة عبد الفتاح، ص 209
32 الترمذي، كتاب الدعوات، باب في فضل التسبيح والتهليل والتقديس، برقم 3583، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود، برقم 1501
33 أبو داود، برقم 1504، وصحيح ابن حبان، برقم 2015، وصحح إسناده الشيخ الأرناؤوط محقق صحيح ابن حبان
34 مسلم، كتاب الآداب، باب كراهة التسمية بالأسماء القبيحة، وبنافع ونحوه، برقم 2137
35 انظر: فتح الباري 2/ 405
36 مسلم، برقم 595
37 البخاري، برقم 843
38 البخاري، برقم 6329
39 مسلم، باب استحباب الذكر بعد الصلاة، وبيان صفته، برقم 596
40 النسائي، برقم 1351
41 النسائي، برقم 1350
42 سنن أبي داود، كتاب الصلاة، أبواب الوتر، باب التسبيح بالحصا، برقم 1502، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 1/ 411، برقم 1502، ويكون بطريقة العقد: أي شد الأصبع إلى باطن الكف
43 البخاري، كتاب الصلاة، باب التيمن في دخول المسجد وغيره، برقم 426
44 انظر: فتح الباري، 2/ 658

قم بقراءة المزيد من الأذكار والأدعية




قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Saturday, August 9, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب